أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الْطَـاقَــاتُ المُهْــدَرَةُ الإثنين 11 ديسمبر 2017, 4:47 pm | |
| سابعًا: الاعتمادُ على الذَّاتِ: وهذا عكسُ ما سَبَق؛ فإنَّ الغرورَ بالقدراتِ، والاعتمادَ على الذَّاتِ، وتركَ الاعتمادِ على المُنعِمِ سبحانه = هو أوَّلُ طريقِ الهلاكِ، وهدرِ الطَّاقاتِ.
وصدق مَنْ قال: إِذَا لم يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللهِ لِلْفَتَى ... فَـأَوَّلُ مَا يَجنِي عَلَيْهِ اجْتِهادُهُ
ولذلك فمتى اعتمد الفردُ على ذاتِه؛ خانته ذاتُه وهو في أحوجِ الأوقاتِ لها، ومَن اعتمد على اللهِ؛ يسَّر اللهُ أمرَه، وأعانه في أحرجِ الأوقاتِ.
فعلى كُلِّ فردٍ مُسلمٍ أن يُكثِرَ مِن دعاءِ اللهِ بالتَّوفيقِ والتَّسديدِ، والعونِ والتَّأييدِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى إذا رأى مِن عبدِه التَّذلُّلَ له، والاعترافَ بالعجزِ والتَّقصيرِ، والرَّغبةَ فيما عندَه؛ أعطاه فوقَ سُؤلِه، وبلَّغه غايةَ مُناه.
إنَّ تلك الأعمالَ، والبرامجَ، والمشاريعَ الَّتي يقومُ به الأفرادُ، ما هي إلَّا فتحٌ من اللهِ تعالى للعبدِ، فمتى ظنَّ العبدُ أنَّها من جهدِه وتخطيطِه؛ أمسَك اللهُ نِعمَه، وحرَم العبدَ البركةَ والتَّوفيقَ، ولذلك يقولُ اللهُ تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2].
ثامنًا: التَّخطيطُ السَّيِّئُ: إنَّ التَّخطيطَ السَّيِّئَ هو التَّخطيطُ الَّذي يقومُ على عدمِ وجودِ رُؤيةٍ واضحةٍ، ولا أهدافٍ مُحدَّدةٍ، فيكونُ مخبطًا مُتخبِّطًا بينَ المناهجِ والأعمالِ، فيضيعُ عمرُه، وتذهبُ طاقتُه هدرًا!
إنَّ الرُّؤيةَ هي أوَّلُ شيءٍ يجبُ على الفردِ تحديدُه، أي: ماذا أريدُ في النِّهايةِ؟ وما الغايةُ الَّتي أريدُ أن أَصِلَ إليها؟
فالرُّؤيةُ تجعلُ الفردَ يرى غايتَه، ثُمَّ يصيغُ بعدَ ذلك أهدافَه للوصولِ إلى غايتِه.
إنَّ عدمَ وجودِ الرُّؤيةِ الواضحةِ للفردِ العاملِ لا يُمكِنُ بحالٍ أن يصلَ إلى ما يريدُ، ولذلك ينبغي أن يُركِّزَ كثيرًا على الرُّؤيةِ الواضحةِ، فإذا حدَّد رؤيتَه؛ فإنَّه بعدَ ذلك يُحدِّدُ أهدافَه الَّتي ستُوصِلُه إلى غايتِه الَّتي حدَّدها في رؤيتِه، فيكونُ بذلك مُنتِجًا إيجابيًّا في حياتِه.
تاسعًا: التَّخذيلُ المَقِيتُ، والتَّحطيمُ المذمومُ: كم أُهدِرت من طاقةٍ؟ وكم صُدَّ كثيرٌ عن كثيرٍ من البرامجِ الفاعلةِ بسببِ مُمارَسةِ بعضِ النَّاسِ لهذا الأسلوبِ الرَّديءِ؛ أَلَا وهو أسلوبُ تحطيمِ الغَيرِ، والنَّقدِ المُحطِّمِ!!
يقولُ أحدُهم، وهو ممَّن آتاه اللهُ معرفةَ علمٍ من العلومِ: (عندَما وفَّقَني اللهُ لهذا العلمِ، وأخذتُ أُعلِّمُ النَّاسَ، كان بعضُهم -وهو ممَّن يكبرُني سِنًّا- يقولُ: "فلانٌ أصبَح من أهلِ هذا العلمِ؟! الأفضلُ له أن يستريحَ ويُرِيحَ؛ فهو لا يَصلُحُ لشيءٍ").
يقولُ صاحبُنا: (فوَقَعت في نفسِي موقعًا عظيمًا، لكنْ مِن رحمةِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- أنَّني لم أَلتفِتْ لهذا التَّحطيمِ المُباشِرِ، وهذا النَّقدِ المُثبِّطِ، فاستعنتُ باللهِ وواصلتُ فيما بدأتُ به، وكان كلامُه ذلك دافعًا لي للثَّباتِ والازديادِ من هذا العلمِ، حتَّى وفَّقَني اللهُ لبلوغِ ما بلغتُ فيه، وبعدَ مُدَّةٍ يسيرةٍ إذ بصاحبي الَّذي كانَ ينالُ من قدراتي، ويقول: إنَّني لا أصلحُ لشيءٍ، يتَّصلُ بي، ويريدُ أن يستفيدَ ممَّا أعطاني اللهُ من هذا العلمِ، فأجبتُه، ثُمَّ قلتُ في نفسي: سبحانَ اللهِ! لو أنَّني سمعتُ كلامَه وانجرفتُ وراءَ قولِه؛ لَفاتَنِي خيرٌ كثيرٌ).
فهذه الصُّورةُ أُنموذَجٌ واضحٌ لكثيرٍ من المُخذِّلِينَ.
إنَّ بعضَ النَّاسِ لا يُجِيدُ إلَّا فنَّ التَّحطيمِ، والاستخفافَ بالآخرينَ! وهنا يجبُ على المسلمِ أن لا يسخرَ من أحدٍ بقولٍ أو فعلٍ أو غمزٍ أو لمزٍ، بل يقفُ دائمًا عندَ قولِ الحقِّ تبارَك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].
أخي المُبارَكَ..
لِتَعلمْ أنَّ التَّخذيلَ من أعظمِ صفاتِ المُنافِقينَ، فهم يُخذِّلون ويُحطِّمون أهلَ الإسلامِ، فهم أكثرُ النَّاسِ شكايةً، وأكثرُهم خورًا وتخذيلًا لغيرِهم، ولذلك هم أفشلُ النَّاسِ، وأكذبُ النَّاسِ!! ويريدون من جميعِ النَّاسِ أن يكونوا مِثلَهم.
وهنا أُوجِّهُ رسالةً لكُلِّ فردٍ: إذا سَمِعتَ مِثلَ هذه العباراتِ المُحطِّمةِ، ولاحظتَ التَّحطيمَ المقيتَ؛ فلا تَلتفِتْ لمثلِ هذه الأقاويلِ المُثبِّطةِ، وهذه الأساليبِ المُحطِّمةِ، بل عليكَ أن تمشيَ واثقَ الخُطى، مُستعِينًا بربِّكَ جَلَّ وعلا، مُتوكِّلًا عليه؛ فإنَّكَ ستصلُ إلى غايتِك، وستبلغُ مُناك. فبشيءٍ من الصَّبرِ واليقينِ، والبذلِ والتَّضحيةِ، يُدرِكُ المرءُ مُرادَه، ويُحقِّقُ مُبتغاه.
وهناك تَذكَّرْ عبارتينِ واجعَلْهُما أمامَ عينيكَ: الأولى: (رِضَا النَّاسِ غايةٌ لا تُدرَكُ)؛ فلا تَحرِصْ عليه.
الثَّانيةُ: (مَن راقَب النَّاسَ؛ ماتَ هَمًّا)، فراقِبِ اللهَ تعالى.
عاشرًا: استعجالُ النَّتائجِ: إنَّ ممَّا يهدرُ كثيرًا من الطَّاقاتِ، ويفسدُ كثيرًا من البرامجِ، ويُعطِّلُ كثيرًا من الأعمالِ: استعجالُ النَّتائجِ. إنَّ النَّتائجَ السَّريعةَ والعاجلةَ في تحقيقِ الأمورِ بأنواعِها لا يكونُ في غالبِ التَّقديرِ الإلهيِّ؛ بل التَّقديرُ الكونيُّ يدلُّ على أنَّ الحياةَ الدُّنيا مرحلةٌ تحتاجُ إلى تَدرُّجٍ، ولهذا كان الشَّارعُ الحكيمُ لا ينظرُ فقطْ إلى ما يمكنُ أن يعملَه الإنسانُ الآنَ، وإنَّما ما يستقيمُ عليه ويعملُه باستمرارٍ.
وحينَ ننظرُ في جوانبِ التَّشريعِ والطَّلبِ، نرى التَّوازنَ بينَ العملِ الحاضرِ والاستمراريَّةِ عليه، ويدلُّ لذلك ما جاء من حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- دخل عليها وعندَها امرأةٌ، فقال: «مَنْ هَذِهِ؟» قالتْ: فُلانَةُ. تَذكُرُ مِن صَلاتِها. قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:«مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ؛ فَوَاللَّهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا»، وكان أَحَبَّ الدِّينِ إليهِ ما داوَمَ عليهِ صَاحِبُهُ) [أخرجه البخاريُّ (43)].
فنجدُ في هذا الحديثِ وغيرِه أنَّه حتَّى في أمورِ العبادةِ لا بدَّ من الاقتصادِ في فعلِها وعدمِ الاستعجالِ، حتَّى لا يحدثَ الانقطاعُ، وتركُ الاستمراريَّةِ مصيرُها، فعلى الفردِ عدمُ استعجالِ النَّتائجِ وإن طال الزَّمنُ، فعليه بالمثابرةِ على العملِ، والاستعانةِ على وعثاءِ الطَّريقِ بطولِ الصَّبرِ، وحسنِ التَّأسِّي برسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وصدقِ الاعتمادِ على اللهِ -سبحانه-؛ فإنَّه طريقُ النَّجاحِ، يقولُ اللهُ تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].
حَادِيَ عَشَرَ: الفوضويَّةُ في الوقتِ: إنَّ الَّذي لا يُرتِّبُ وقتَه حسبَ الأولويَّاتِ؛ فإنَّه سيضيعُ بينَ كثرةِ المشاغلِ، وتداخلِ المواعيدِ، ولن يُنجِزَ شيئًا. فالفوضويَّةُ في الوقتِ تَتسبَّبُ في تراكمِ الأعمالِ والواجباتِ والمهمَّاتِ دونَ القدرةِ على إنجازِها في الزَّمنِ المُفترَضِ، وهذا يُشكِّلُ عبئًا نفسيًّا يُؤدِّي إلى تأثُّرِ نشاطِ الفردِ، ويحملُه بعدَ ذلك على تركِ العملِ، ولذلك فإنَّ ترتيبَ الوقتِ وتنظيمَه حسبَ الأولويَّاتِ الهامَّةِ، ثُمَّ المُهِمَّةِ ثُمَّ ما بعدَها، وإعطاءَ كُلِّ ذي حَقٍّ حقَّه = ممَّا يساعدُ على الإنتاجيَّةِ، ونجاحِ العملِ.
ثانيَ عشرَ: عدمُ الإفادةِ من الأخطاءِ السَّابقةِ: إنَّ كثيرًا من المواقفِ الَّتي تُهدَرُ فيها الطَّاقاتُ هي أخطاءٌ مُتكرِّرةٌ، ولو تأمَّلَ العاملُ في أخطاءِ مَن سَبَقه، أو في أخطائِه هو، ثُمَّ لا ينتفعُ من أخطائِه، فإنَّ ذلك مدعاةٌ لتكرُّرِ الخطأِ، وهدرِ الطَّاقةِ، وضياعِ الوقتِ، فعلى الفردِ أن يُفيدَ من أخطائِه، وأن لا يُكرِّرَها، ولذلك فإنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: «لا يُلدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» [أخرجه البخاريُّ (5782)، ومسلمٌ (2998) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه].
ثالثَ عشرَ: العجزُ والكسلُ: إنَّ كثيرًا من النَّاسِ قد تتوفَّرُ لهم جميعُ الوسائلِ المُعِينةِ لأن يستثمروا طاقاتِهم، ويُحقِّقوا رغباتِهم، لكن يَحجُزُهم عن استثمارِ طاقاتِهم وقدراتِهم العجزُ والكسلُ، ولذلك استعاذ منه النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لخطورته فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ» [أخرجه البخاريُّ (2668)، ومسلمٌ (2706) عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه].
إنَّ العجزَ والكسلَ قد صَدَّا كثيرًا من النَّاسِ عن معالي الأمورِ، ولذلك يقولُ الإمامُ ابنُ القيِّمِ -رحمه اللهُ تَعَالى-: (مَن نام على فراشِ الكسلِ؛ أصبَح مُلقًى بوادي الأسفِ) [«بدائع الفوائد» 2/234].
رابعَ عشرَ: ضَعْفُ الهَمِّ والهِمّةِ: إنَّ ضعفَ الهمّةِ ودُنُوَّها وسُفْلَها يُفوِّتُ على الفردِ مصالحَ عُليا، ويُضيِّعُ طاقتَه، ويُفسِدُ عليه حياتَه، ولذلك يقولُ أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطَّابِ -رضي اللهُ عنه-: (لا تَصْغُرَنَّ هِمَّتُكَ؛ فإنِّي لم أَرَ أَقعَدَ بالرَّجلِ من سقوطِ هِمَّتِه) [«مُحاضَرات الأدباء» للأصفهانيِّ (ص108)].
ويقولُ المُتنبِّي: وَلَمْ أَرَ فِي عِيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا ... كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمامِ
إنَّ النُّفوسَ الشَّريفةَ لا ترضى من الأشياءِ إلَّا بأعلاها، وأفضلِها، وأحمدِها عاقبةً، والنُّفوسُ الدَّنيئةُ ترضى من الأشياءِ بالدَّنِيِّ، فتكونُ كالذُّبابِ الَّذي لا يقعُ إلَّا على القذرِ!
خامسَ عشرَ: تضييعُ الفُرَصِ: إنَّ تضييعَ الفرصِ وعدمَ انتهازِها يُؤخِّرُ الفردَ تأخيرًا عظيمًا، بل قد يحرمُه من خيرٍ عظيمٍ، ويكونُ سببًا لهدرِ طاقتِه.
وتضييعُ الفرصِ هذا يعودُ إلى أمرينِ: الأوَّلُ: عدمُ التَّصوُّرِ الواضحِ لما يريدُ الفردُ أن يقومَ به ويعملَه، فلذلك تمرُّ عليه الفرصةُ فلا ينتبهُ لها، ولا يشعرُ بأنَّها فرصةٌ ثمينةٌ إلَّا بعدَ ذهابِها!
الثَّاني: الكسلُ؛ فكم ضيَّع الكسلُ على كثيرٍ من الأفرادِ الفرصَ الثَّمينةَ، فيحملُه كسلُه على تركِ العملِ، وعدمِ الاستفادةِ ممَّا يعرضُ له، ولذلك يقولُ ابنُ الجوزيِّ -رحمه اللهُ تعالى-: (إيَّاكَ والتَّسويفَ؛ فإنَّه أكبرُ جنودِ إبليسَ) [«صيد الخاطر» (ص193)].
وهنا أذكرُ مثالًا فيه انتهازٌ للفرصِ، فكانت نتيجةُ ذلك التَّصرُّفِ هو الفوزَ لهذا المُستغِلِّ لهذه الفرصةِ فوزًا عظيمًا، إنَّ الفرصةَ كانت من النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، والمُنتهِزُ لها هو ربيعةُ بنُ كعبٍ الأسلميُّ -رضي اللهُ عنه-.
يقولُ ربيعةُ -رضي اللهُ عنه-: كُنتُ أَبِيتُ معَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ، فقالَ لي: «سَلْ». فقُلتُ: أَسأَلُكَ مُرافَقتَكَ في الجَنَّةِ. قال: «أَوَغَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلتُ: هُوَ ذَاكَ. قال: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» [أخرجه البخاريُّ (4418)، ومسلمٌ (489)].
فهذا ربيعةُ -رضي اللهُ عنه- استغلَّ واستثمر هذه الفرصةَ، فكانت ثمرةُ استثمارِ هذه الفرصةِ الفوزَ بالجنَّةِ، وليس الجنَّةُ فقط بل مُرافَقةُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فيها!
وبـعـــــــــــدُ؛ فإنَّ هذا الموضوعَ مُهِمٌّ للغايةِ كما أسلفتُ في أوَّلِه، وإنَّ ذكرَ الأسبابِ والعلاجِ كان على عجلٍ، وإلَّا فكُلُّ واحدٍ من هذه الأسبابِ يحتاجُ إلى طرحٍ مُستقِلٍّ وبحثٍ مُطوَّلٍ، لكن كان المقصودُ الإشارةَ لا الإطالةَ، ويكفي من القلادةِ ما أحاط بالعنقِ.
وختـامًـــــــــا.. ما أجملَ أن نَقِفَ معَ هذه الآيةِ وقفةَ تَدبُّرٍ وتأمُّلٍ، وعظةٍ وتَفكُّرٍ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النِّساء: 66-69].
أسألُ اللهَ أن يُوفِّقَنا لطاعتِه، وأن يُعِينَنا على مرضاتِه، وأن يُعلِّقَ قلوبَنا به، وأن لا يَكِلَنا إلى أنفسِنا طرفةَ عينٍ ولا أقلَّ من ذلك؛ إنَّ ربِّي سميعٌ مُجِيبٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ. |
|