أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: 50- اسم الله: "الواحد" الإثنين 20 نوفمبر 2017, 8:27 pm | |
| لذلك كنت أردد لكم دائماً: أنّ الحسَن البصري رضي الله تعالى عنه، حينما سأله والي البصرة عن توجيهٍ أتاه من يزيد، وكان تنفيذ هذا التوجيه يغضب الله عز وجل فقال ماذا أفعل؟ فقال له الحسن: إن الله يمنعك من يزيد ولكن يزيد لا يمنعك من الله، فَمهما اِحْتميْت بِقويٍّ فهذا القوي لا يمنعك من الله لكنك إذا احْتَمَيْت بالله يمنعك من أقوى الأقوِياء وهذا هو التوحيد.
وقيل: "التوحيد، أيْ: أن الله الأحَد المنفرد بإيجاد المعدومات والمُتَوَحِّد بِإظهار الخَفِيات".
فالإنسان يصنع شيئاً من شيءٍ؛ طاولة من خشب ومركبَةً من حديد لكن الله تعالى يُوجِد كل شيء من لا شيءٍ، وهذا الفعل لا يستطيعه إلا الله.
وقيل: "التوحيد أن ترى أن الله واحداً في ملكه لا يُنازِعه أحد وفي صِفاته ولا يشبهه أحد".
وقيل: "التوحيد الذي لا ثاني له في الوجود فهو المنفرد ذاتاً وصِفاتٍ وأفعالاً بِالألوهية والربوبية والأزلية والأبدية".
وبعد فهل ورد ذكرُ هذا الاسم العظيم الذي قيل عنه أحياناً إنه اسم الله الأعظم هل ورد في كتاب الله عز وجل؟
إليكم أيها القراء الكرام هذه الآيات الكريمة قال تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) (سورة البقرة).
يجب أن نشعر أن إله إبراهيم هو إلهنا، وأن إله نبيِّنا هو إلهنا وأن إله الصحابة الذين نصرهم على أعدائهم هو إلهنا، وأن الله تعالى الذي وعدنا بِالتمكين بالأرض وبالاستِخلاف وبِالأمن هو إلهنا، وهو في السماء إله وفي الأرض إله، وفي الأزل وفي الأبد، كيف أن الله سبحانه نصر المؤمنين وجعل رايَتيهم تُرفْرَف في مشارق الأرض ومغارِبها ؟ هو الله.
وهذه آية أخرى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) (سورة البقرة).
وهذه آية ثالثة: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) (سورة النساء).
وفي الأنعام يقول الله تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) (سورة الأنعام).
يعني فعَّال واحد، وإرادة واحدة، ومعطٍ واحد، ومانع واحد ومعز واحد، ومذل واحد، ديننا كله توحيد، والأجانب فيما سمعته من الذين ذهبوا إلى بِلادهم وجالسوهم، واستمتعوا إليهم، يدَّعون أن الله تعالى خلاق وليس فعّالاً فقد خلق وأعطى قِوى للبشر، لكنه لم يُعْطِها بالتساوي فهناك القوي والضعيف ولكن المسلم يعتقد أن الله خلاق وفعّال. وفي سورة يوسف: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الواحد الْقَهَّارُ (39) (سورة يوسف).
قد يموت الأب وهو يملك معملاً ويخلِّف خمسة أولاد وهؤلاء الأولاد يتسلَّمون هذا المعمل فالموظف الذي عندهم يتلقى الأمر من فلان وفلان أما إن كان للمعمل مدير واحد فالآمر واحد وتحدّدت المسؤوليّة، ومشكلة المشاكل أن يكون لك عدة رؤساء تتلقى منهم الأمر فتقع في حيرة؛ تُرضي من؟ وتُغضِب من؟ وتهتم بأمر من؟ وتُهمِل أمر من؟ وعمَّنْ تقترب؟ وعمَّنْ تبتعد؟.
فكلهم أقوياء وكلهم يأمرونك هذا مثَل تقريبي، ولو تعامل الإنسان في الحياة الدنيا مع جِهاتٍ عديدة لتمزّقت نفسه؛ إن أرضى فلاناً غضِب فلان وإن أعرض عن فلان استشاط الآخر غيْظاً فيبقى في حَيْرة من أمره لكنه لو كان الأمر بِيَد واحد لصار التعامل سهلاً جداً، لذلك أحد أسباب نجاح المؤمن بِحياته عدم التشتّت والتَّمَزّق والتَّبعْثر فكل قِواه مُجمَّعة لإرضاء إله واحد.
قال الشاعر: فَلَيْتك تحلو والحياة مريـــــــرة وليتك ترضى والأنام غِضاب وليت الذي بيني وبينك عامــــــر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الوصل فالكل هَيِّن وكل الذي فوق التراب تراب *** تجد بعض الأحيان إنساناً شديد الحِرص على سُمعته وكرامته؛ لكنه قد يواجه مواقف مؤذية ففلان لابد أن يعتذِر منه والآخر لابد أن يَدْعُوَه وثالث ورابع الخ، فهذا ذل وتمزّق، إنما الإرضاء هو إرضاء الرب والباقون يحاول أن يرضِيَ من رضيَ تحت مظلة الشرع لذلك قال سيدنا علي: من عرف نفسه ما ضره ما قاله الناس به، هو يحرص على سمعته لكنه لا يتمزق حينما يُتَّهم ظلماً، فأمُّنا عائشة رضي الله عنها اتهمت ظلماً والله برَّأها، والنبي الكريم اتّهم أنه ساحر وشاعر وكاهن ولكن الله نصره وأعلى مقامه.
قال تعالى: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الواحد الْقَهَّارُ﴾. قال تعالى: ﴿مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلَا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الواحد الْقَهَّارُ (16) (سورة الرعد).
وفي سورة إبراهيم قال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الواحد الْقَهَّارِ (48) (سورة إبراهيم).
قد يجد المرء في نفسه أنه أقوى الأقوِياء وينسى أنّ الله فوقه والله سبحانه وتعالى يقهره فالله عز وجل قهار، كيف هو قهار ؟ قال العلماء: سبحان من قهر عِباده بِالموت، تجد شخصًا مِلء السمع والبصر وفي ثانية يصير في خبر كان، فالله قهَّار.
قال تعالى: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52) (سورة إبراهيم).
المشكلة؛ التَّبَعْثُر بين أقوِياء، المؤمن لا يرى أن مع الله أحداً وعليه أن يُرضيه وكفى وقال تعالى: ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) (سورة النحل).
ورحمةً بعباده وإرشاداً لهم قال تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) (سورة النحل).
تقول له: هذا حرام فعله وذاك حرام بيعه فيقول: أبي يَوَدّ هكذا، فهذا قد اتّخذ أباه إلهاً، وذكر لي أخ أنهم في محلهم يزن العامل بدل الأوقية مئة وخمسين غرامًا ويتقاضون ثمن مئتي غرام وإذا تكلّمت طردني أبي!!
فهذا هو الغش وأحياناً يجعل المرء زوجته إلهاً وهو لا يدري يخاف أن تغضب فلا يُعارِضها!
قال تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾.
وأحياناً يرضي الإنسان من هو أقوى منه ويعصي الله فهذا يعني أنه اتخذ إلهين اثنين، حينما ترضي مخلوقاً وتعصي الله فقد اتّخذت إلهين أنا لا أقول أنك قلت هذا المرء هو إله ولكنك عاملت هذا المخلوق كما عاملت الإله فإن تُقِر أو لا تقِر، وإن ترضى أو لا ترضى، فقد اتخذت إلهين من دون أن تشعر لكن أتسحلفك بالله أيها القارىء الكريم وهذا مثل منتزع من واقِعِنا لو كنت بِخِدمة إلزامية وأمرك العريف بِأمر ثم أمرك اللِّواء بِأمر ونفَّذت أمر العريف فماذا تكون النتيجة؟ أليس حُمقاً؟
فما بالك بِمَنْ يُطيع المخلوق ويعصي الخالق فهذا المخلوق لا يملك لِنَفسه نفعاً ولا ضرَّاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، نبينا سيِّد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم والله يعلمه، ومن خلال تعليمه تتعلم الأمة، أمره الله تعالى أن يقول: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) (سورة الأعراف).
ولو انتزعت حكماً من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن محِقاً ماذا يكون مصيرك يوم القيامة قال: ((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فلا يَأْخُذْهَا)) (رواه البخاري ومسلم).
هذا هو الحق، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾.
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
فإذا كان طبيب عليه إقبال شديد يقول لك ليس لك عندي موعد إلا بعد ثلاثة أشهر وهناك أشخاص أقوِياء لا أمل لك بِمُقابَلَتِهم أما ربنا تعالى فيقول: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
الآية واضِحة في معناها ودلالتها، ولا يشرك بِعِبادة ربه أحداً فأنت بِحاجة إلى توحيد واستِقامة وعملٍ صالحٍ كي تجد نفسك مع الله، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) (سورة الأنبياء).
أي ماذا تنتظرون؟ أنت بِحاجة لِمعاملة ولابد لك من سفرٍ والسفر ضروري جداً ومعروض عليك صفقة بالملايين صعدت الطابق ووقفت على باب مدير الهجرة ثم انصرفت تتذلل لغيره، أليس هذا هو الحمق؟ فليس لك أن تذهب إلى من هو دون المدير وتريق ماء الوجه أمامه؟ فكيف بالله تعالى؟
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
أي ماذا تنتظرون؟ أنى تصرفون وأنى تؤفكون ومالكم كيف تحكمون؟
قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) (سورة الحج).
وقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) (سورة العنكبوت).
ديننا دين توحيد وفي سورة الزمر قال تعالى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الواحد الْقَهَّارُ (4) (سورة الزمر). وفي سورة غافر قال تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الواحد الْقَهَّارِ (16) (سورة غافر).
هذا اسم الواحد أما أحد فلم يرد إلا مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) (سورة الإخلاص).
والواحد ورد في القرآن أكثر من عشرين مرة، هناك رأي لِبعض العلماء في التفريق بين واحد وأحد، لقد ذكرت في مطلع البحث أن الواحد لا شريك له وأحد لا مثيل له، والأحد له إشارة نوعية أما الواحد كميّة؛ هناك تفريق آخر فإذا قلت: ما في الدار أحد يعني ليس فيها لا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة فإذا نفيت الواحد نفيت العدد الذي بعده، أما إذا قلت ما في الدار واحد فقد يكون هناك أربعة هذا فرق في استِخدام كلمة واحد وأحد، ثَمّ شيء آخر ذو بعد واضح وهو أنك لا تقول رجل أحد، فكلمة أحد اختصَّ الله بِها فالأحد مما اختص الله به.
هناك فروقات أخرى بين الواحد والأحد ولكن المهم أن الله تعالى هو واحد وأحد في وقت واحد.
بعد كل هذا الشرح والإيضاح فكيف نتأدب بهذا الاسم؟: النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْهم أَلا إِنَّ الْوَتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاتِكُمُ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ ثُمَّ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ)) (رواه مسلم والترمذي).
أي يحب القلب المنفرد بِمحبته تعالى فالله لا يقبل العمل المشترك ولا القلب المشترك فالعمل المشترك لا يقبله والقلب المشترك لا يُقْبِل عليه.
والدعاء: اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي بِحُبِّك حتى لا يكون لي هم ولا شغل سِواك، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، أنا أغنى الأغنياء عن الشرك: ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ قَالَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى قَالَ زَيْدٌ فَذَكَرْتُهُ لِزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ)) (رواه الترمذي وغيره).
والحقيقة أن هذا البحث في التوحيد بحث ثمين، والتوحيد عِلمٍ جليل مُقتَبَسٌ من اسم الله الواحد ونحن ديننا دين توحيد، ونبينا واحد، وإلهنا واحد، والحق واحد، وهناك نقطة دقيقة المعنى والدلالة وهي أنَّ الله عز وجل ذكر النور مفرداً وذكر الظلمات جمعاً قال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) (سورة البقرة).
والله تبارك وتعالى ذكر الصراط واحداً وذكر الانحراف متعدداً قال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) (سورة الأنعام).
فالمنهج واحد، والطريق إلى الله واحد، فالوحدانية مقتبسة من أن الله واحد، ومنهجه واحد، والطريق إليه واحد، ومهما تباعد المسلمون في أقطارهم فَقِبْلَتُهم واحدة، قال تعالى في وصْفِه بعض المنحرفين: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (115) (سورة النساء).
ولتعلم أيها المؤمن أن سبيل المؤمنين سبيل واحد، فالمسلم يُحب الله ورسوله ولا يكذب ويغض بصره ويحب الخلق جميعاً يرحم الخلق ووقاف عند كتاب الله ورحيم بِأهله ولا يأكل مالاً حراماً وهذا حال المؤمنين حيثما وجدوا، لقد صار واضحاً ومعلوماً أنّ ربنا واحد، وإلهنا واحد وكتابنا واحد، والطريق المستقيم واحد، والنور واحد، والقِيَم واحدة والمبادىء واحدة، والأهداف واحدة، ومما يجمعنا كأُمة واحدة أنّ القِبلة واحدة، ألا تعجب أن كل مسلم في الأرض يتجِه إلى مكانٍ واحد ألا ترى الكعبة وأنت في الحج؟ وأن كل أقطار الأرض تتجِه إليها؟ فينبغي علينا أن نتوحَّد في تآخينا ولا نتدابر فإذا تفرَّقنا فنحن أشقى الناس وأهونهم.
وبعدُ فإنّ موضوع التوحيد هو الدين كله وأختِم البحث بهذه المقولة: ما تعلَّمت العبيد أفضل من التوحيد والتوحيد نهاية العلم والتقوى نهاية العمل. والحمد لله رب العالمين. |
|