قضية سمرقند
أبو يوسف السلفي
---------------------------
كانت ليلة ميتة لا يتردد في صدرها نفس من نسيم ، ولا تبدو فيها حركة حياة ، عمياء لا تبصر فيها عين من نجم يسطع في السماء ، أو مصباح يزهر على الأرض ، وقد آوى كل حي في ( سمرقند ) إلى مضجعه ، ونامت المدينة تحت أثقال من الصمت والظلام ، ولم يبق متيقظاً فيها إلا هذا الرجل الذي خرج من داره ، يخوض لجة الليل ماراً إلى غايته ، ولا يقف ولا يلتفت حتى بلغ قصر الإمارة فألقى عليه نظرة ، لو كانت نظرة تحرق ، لأحرقه الشرر المتطاير منها ، ثم أوسع الخطو ، وأسرع كأنه يريد أن يجنب نفسه مرأى هذا القصر ، وأن يسابق الزمن إلى هدفه الذي يرمي إليه ...
وفارق المدينة واحتواه الغاب ، وطنت في أذنيه أصوات هوامه وحشراته ، وكان الغاب موحشاً غارقاً في ظلمتين : ظلمته وظلمة الليل ... ولكن الرجل لم ينتبه إلى وحشته وظلامه ، وقد كان له من ضخامة المطلب الذي يسعى إليه ، وعظم الخطر الذي يقدم عليه ، شاغل عن التفكير في ثقل هذه الليلة ، وانفراده في الغاب ، والخوف من أن تنشق هذه الظلمة المتراكبة حوله عما يؤذي ويروع ...
حتى إذا بلغ الصخرة التي تقوم عند باب المعبد وقف وأحجم ، وخالطته هيبة شديدة ، ووقر على صدره شيء لم يجد مثله في الغاب الموحش ، ولم يكن غلاماً تفزعه الأشباح ، ولا كان الجبان الرعديد ، ولكن ما وضعوه في نفسه وهو صغير ، من أسرار المعبد وعجائبه ، جعله يشب ويكتهل ولا يزال أمامه مثل الطفل الصغير . وكان فارس البلد غير مدافع ، وبطل المعارك المكفهرة ، ولكن المعبد غير الميدان ، ولئن واجه في الميدان رجالاً مثله ، ففي المعبد قوى لا يراها ، وخفايا لا تصنع معها شجاعة شيئاً ...
ولم يدخله قط ، إنما يدخل المعبد هؤلاء النفر من الشيوخ الذين مارسوا من أنواع العبادة والرياضات ما جعلهم أهلاً لدخوله ، ثم لا يخرجون منه أبداً . ولا يجوز لهم أن يعودوا فيروا نور الشمس ولا زهو الروض ، وكان يشعر بأن لهؤلاء الكهنة مهابة في قلبه ومحبة ، ويحس بالخوف منهم وهو الذي يواجه الأبطال الصناديد ، ويقدم على الموت الأكيد غير خائف ولا وجل ، وطال وقوفه عند الصخرة وهو يتهيب أن يقرعها بيده على نحو ما أمروه أن يفعل إذا هو وصل ... وجعل يحدق في الظلام ، فرأى كأن شخصاً عظيم الهامة ، له لحية بيضاء عريضة قد نبع من الأرض ، ففزع وارتاع
ولكنه سمع صوتاً إنسانياً يناديه باسمه ويدعوه إلى أن يتبعه ، فعلم أنه الحارس الموكل بباب المعبد ، فلحق به وقلبه يخفق تطلعاً إلى ما وراءه من خفايا وأسرار ، فاجتاز به سرداباً طويلاً ملتوياً تضيئه مصابيح نحاسية منقوشة ، يخرج منها لهيب أزرق ، يتراقص فيلقي على الجدران الصخرية ظلالاً عجيبة ، وفي السرداب تماثيل ( آلهة (1) ... ) ذات صور بشعة مرعبة ، يومض من عينيها ضوء أحمر فيكون لها منظر يخلع قلوب الجبابرة ... وفي السرداب شقوق يدخل منها الهواء فيصفر صفيراً مخيفاً ، كأنه صوت سرب من البوم ...
ثم دخل به غرفاً منقورة في الصخر ، حتى انتهى به إلى قاعة الكهنة ، الذين لا يراهم أحد ، لأنهم لا يخرجون من المعبد ، وقل أن يُدخلوا أحداً عليهم ، والذين كانوا هم حكام البلد وملوكه ، وأصحاب الكلمة فيه ، لا يجرؤ على مخالفة أمرهم أحد ، إلا حقت عليه لعنة ( آلهة ... ) المعبد ، ذات الوجه البشع المرعب ...
لم يستطع الرجل من دهشته أن يدير نظره فيما حوله ، أو أن يملأ عينيه من الكهنة ومن كان معهم ، وسمع كلاماً ينصب في أذنيه بصوت خافت رهيب كأنما هو يسمعه حالماً ... وفهم أن المتكلم يذكر ماضي سمرقند وسالف مجدها ، وكيف هبط عليها المسلمون ، هبوط البلاء ، فأزاحوا عرشها ، وحطموا جيشها ، وحكموا وملكوا أمرها ، ثم أفاض في الكلام على الخطة التي اختطها لإفساد أخلاقهم ودينهم ، وإضعافهم وإلقاء الخلف بينهم ، وكانت خطة شيطانية
ارتجف لسماعها ، ثم عاد المتكلم فقال :
غير أنّا رأينا أن نرجئ خطتنا ، ونرمي آخر سهم في جعبتنا ، وذلك أنّا سمعنا أن لهؤلاء القوم ملكاً عادلاً ، يقيم في دمشق ، فأزمعنا أن نرسل إليه رسولاً ، يرفع إليه شكايتنا ، ويشرح له مظلمتنا ، ثم نرى ما هو فاعل ، وقد اخترناك لمعرفتك العربية وجراءة جنانك لتكون أنت الرسول ؟ فهل أنت راضٍ ؟ قال : نعم .
قال : امض بتوفيق ( الآلهة ( 1 ) ... ) !
وخرج وما تسعه من فرط الزهو الأرض ، وأحس من الخفة والنشاط أنه سيطير ، ورأى ظلام الليل أبيض مضيئاَ ، ولقد اعتدّها نعمة كبرى أن دخل المعبد ، وكلم الكهنة ، وكان موضع ثقتهم ونجواهم ، وأن أولوه شرف القيام بأضخم مهمة عهدوا بها إلى أحد ، وشعر أن حرية قطر سمرقند وشرفه في يمينه ، وأنه هو المحامي عنه والمنافح دونه ، وكان لفرط شجاعته ، يتمنى لو كلفوه حرب المسلمين ، وإخراجهم من بلده ، ولم يكن يعرف مبلغ قوتهم ، وجلال ملكهم ، وأن هذا القطر كله في جنب دولتهم كالساقية التي جاءت تغالب البحر ...
ولو مد البحر وأزبد وهاج ، لاقتلع الساقية من منبعها فشربها ، فضاعت فيه ، فلم يبق لها أثر ... فلما شد رحاله وسافر ، ومضى يقطع الليالي الطوال ، والأسابيع والشهور ، وهو لا يفتأ يمشي في ظلال الراية الإسلامية المظفرة ، لم يلق عصا التسيار ولم يبلغ العاصمة ... من سمرقند ، إلى بخارى ، إلى بلخ ، إلى هرات ، إلى قزوين ، إلى الموصل ، إلى حلب ، إلى دمشق ..
دنيا من الخصب والحضارة والمجد ، وبلاد كانت ممالك كثيرة ، ما مملكة منها إلا وهي أعظم وأضخم من سمرقند ...وما سمرقند في جانب ملك كسرى وخاقان ؟ فأين ملك خاقان وكسرى ! لقد ابتلعته المدينة المتوارية بين الحرتين ، وراء رمال الجزيرة ، تلك القرية التي هزها محمد [صلى الله عليه وسلم ] ( 2 ) بيمينه ، فولدت الأبطال الذين انتشروا في آفاق الأرض وملكوها ... وأنبتت رمالها جنات الشام والعراق وفارس وخراسان ... وهذه البلاد الخصبة الممرعة التي ليس لها آخر ... وكان كلما تقدم ورأى جديداً من دنيا الإسلام ، تمتلئ نفسه من لقاء الخليفة ...
وأفاق يوماً من ذهوله ، بعدما صرم في هذه الرحلة أشهراً ، على صوت الدليل وهو يهتف باسم ( دمشق ) .
( 1 ) ولا إله إلا الله
( 2 ) الكلام بين القوسين [ ] زيادة من عندي
هذه دمشق ، سرة الأرض : هذه سدة الدنيا .. هنا التقى والعلى والمجد والغنى والحلال والجمال . من هنا تخرج الكلمة التي تمضي مطاعة ، حتى تنتهي إلى بلده سمرقند ، وتمضي من هناك حتى تبلغ أرضاً أبعد وأنأى ، حتى تجوز إسبانيا . هنا يقيم الرجل الذي ملك ما لم يملكه في سالف الدهر قيصر ولا كسرى ولا الاسكندر ولا خاقان ... والذي لا يجد من جبال الصين إلى بحر الظلمات من يخالف عن أمره ، أو يرد قوله . ولكن كيف الوصول إليه ؟ وأنّى لغريب منكر مثله بالدخول عليه ؟ وخالط قلبه اليأس ...
فسأل عن خان ينزل فيه ، فأرشد إلى خان أمضى فيه ليلته ، فلما أصبح أخرج ثيابه فلبس أحسنها ، وخرج ليلقى الخليفة ... وأقبل على أول إنسان لقيه يريد أن يسأله عن ( القصر ) ، فاعترته هيبة شديدة ، وخاف من مواجهة الرجل الذي يحكم نصف الأرض ، والذي لا يبلغ ملك شاهنشاه العظيم ولاية واحدة من ولاياته ، يحكمها أمير من أمرائه ... وذكر كيف كانت تتصدع الأفئدة خوفاً من لقاء كسرى ، وتقف الملوك على بابه ، وكيف كان يقتل على الظنة ، ويأمر بضرب عنق الرجل يقول كلمة لا تعجبه ، أو ياتيه في ساعة يكون فيها لَقِسَ النفس ضيق الصدر ، وتلمّس عنقه وتخيله من الفزع مضروباً .
وغرق في مخاوفه وأفكاره ، وجعل يسير على غير هدى ، وكلما مرَّ على قصر من قصور دمشق ، ورأى بهاءه وعظمته ظنه قصر الخليفة ، فخفق قلبه واضطرب ... حتى رأى قصراً ماله في جماله نظير ، له باب هائل ، عرضه مثل الشارع العظيم ، له قوس مشمخرة عالية ، ذات مقرنصات ونقوش ، قائمة على اسطوانتين من المرمر الصافي ، ورأى الناس يدخلون لا يسأل أحدٌ أحداً ولا يمنعه حاجب ولا بواب ، فأيقن انه قصر الخليفة . وتشجع وشدّ من عزمه ودخل يقدّم رجلاً ويؤخر أخرى ..
فلما لم ير أحداً قد منعه سكنت نفسه ، ونظر فإذا هو في صحن واسع ، إذا كنت في طرفه لا تستطيع أن تتبين من هو في الطرف الآخر ، قد فرشت أرضه بناصع الرخام فهو يلمع كالمرايا ، والناس يجلسون عليه ، وحوله جدران عالية ، ما رأى قط بناء أرفع منها ، وهي مزخرفة بأعجب الزخارف والنقوش ، وفي وسط الصحن بركة واسعة يتفجر منها الماء ، فيضربه شعاع الشمس فيكون له منظر عجيب ... ونفذ من الصحن إلى قاعة لا تقل عنه سعة ، ولا يدانيها بهاءً وجمالاً ، قد قام سقفها على أساطين الرخام ، تحمل أقواساً فوقها أعمدة أصغر منها ، فوقها أحناء وطاقات معقودة ، تتدلى من السقف سلاسل الفضة تحمل المصابيح والثريات . وجعل يمشي خلال الناس ذاهلاً ، لا يدري ماذا يصنع ، فاصطدم برجل كان يقوم ويقعد ويذكر الله ...
وتلفت الرجل إلى اليمين وإلى الشمال ، ونظر إليه فرآه غريباً ، فسأله عن حاله ، فسبق لسانه إلى الحقيقة فأخبره أنه جاء من بلده يريد لقاء الخليفة ، ثم تنبه وقدر أن الرجل سيرتاع لذكر الخليفة بلا تعظيم ولا تبجيل ، وأنه سيدفعه إلى الشرطي فيستاقه إلى السجن ... فرأى الرجل ساكناً هادئاً كأنه لم يسمع نكراً وسمعه يقول له :
أتحب أن أدلك على داره ؟
قال : أوليست هذه داره ؟!
قال الرجل مبتسماً: لا هذا بيت الله، هذا المسجد.. أصليت؟
صلىّ ؟! وكيف يصلي وهو على دين سمرقند ، ذلك الدين الذي لا يعرف منه إلا هذا المعبد المملوء بالأسرار ، وتلك الآلهة المخيفة ذات الوجه البشع المرعب ... وجعل يفكر : أين هذا المعبد من معبده المختبيء في بطن الصخر ، وأين هذا النور وهذا الجمال ، من تلك الظلمة وذلك القبح ، وشك لأول مرة في عمره في دينه الذي نشأ عليه !
وأعاد الرجل سؤاله . فقال له : لا لم أصل ، ولا أعرف الصلاة ...
قال : وما دينك ؟
قال : أنا على دين كهنة سمرقند ؟
قال : وما دينهم ؟
قال : لا أدري !
قال : من ربك ؟
قال : آلهة المعبد المرعبة ...
قال الرجل : وهل تعطيك إن سألتها ؟
وهل تشفيك إن مرضت ؟!
قال : لا أدري ...
ورآه الرجل ضالاً جاهلاً ، فألقى في هذا القلب الخالي أصول الدين الحق بوضوحها واختصارها وجمالها ، فلم تكن إلا ساعة حتى صار رسول كهنة سمرقند مؤمناً بالله ورسوله محمد ، الذي جعل الله به العرب سادة الدنيا ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ...
ثم قال الرجل قم الآن أدلك على دار الخليفة ، وإن كانت هذه هي الساعة التي يعالج شأنه فيها وشأن عياله ، وينفرد بنفسه .
وتبعه وهو يفكر في جمال هذا الدين وسموه ، وقد زالت الغشاوة عن عينيه فأدرك الآن سر هذه الفتوح ، وهذه القوة التي لم يقم لها شيء ، أين هذه الديانة السافرة الواضحة التي تجعل كل واحد من أتباعها كاهناً لها ورجل دين ... من تلك الديانة المجهولة الخفية ... أين ؟! ...
وخرج من المسجد ، من باب غير الذي دخل منه ، فما راعه إلا الرجل يقول له : مشيراً إلى باب من ألواح الخشب ، غير مصبوغة ولا منقوشة : هذه داره !
هذه ؟! أيمكن أن تكون دار الخليفة دون دور السوقة من رعيته ، وقد مرّ عليها فرأى فيها بهاءً وجلالاً ؟
ونظر إلى الرجل يحسبه يسخر منه فرآه جاداً ، فتركه وتقدم من الباب وهو شاك فيما قال الرجل ، ونظر فرأى كهلاً يصلح بالطين جدار المنزل وامرأة تعجن ...
فترك الباب ولحق بالرجل مغيظاً مخنقاً فقال له :
ما كان لك أن تكذب عليّ وتسخر مني ، أسألك عن دار الخليفة فترشدني إلى دار طيان ؟
قال : ومن الطيان ؟
قال : صاحب الدار !
ووصف له ما رأى ...
قال الرجل : ويحك هذا والله أمير المؤمنين الذي ليس فوقه إلا الله ، وهذه المرأة ... ألا تدري من هذه المرأة ؟ هذه زوجة الخليفة عمر وبنت الخليفة عبد الملك ، وأخت الخليفتين وليد وسليمان ، وأخت هشام ويزيد وسيكونان خليفتين ، هذه أمجد امرأة في العرب ، ولقد كان أمير المؤمنين أرفه الناس عيشاً ، وأكثرهم طيباً، ولكنه كان فيه عرق من عمر بن الخطاب فنزع به عرقه من عمر إلى ما ترى ، فعُد إليه فاقرع بابه وانفض إليه شكاتك ، ولا تخف فوالله ما هو المتكبر ، ولا الحاكم الجبار ولكنه عبد الله متواضع هين لين ، فإذا رأى الحق أمضاه فلم يقف دونه شيء ، وإذا غضب لله كانت العواصف الصواعق دون غضبه قوة ونفاذاً ... فاذهب موفقاً .
مضى السمرقندي نحو دار الخليفة يتعثر في مشيته ، يقدم رجلاً ويؤخر أخرى ، تتقد نار الحماسة في نفسه فيخطو ، ثم تعصف بها رياح الشك فيقف ، وكان يطير به الخيال إلى ملوك بلده ، فيتصور تلك الحجب على القصور ، وأؤلئك الحجّاب على الأبواب ، والسيوف المصلتة ، والرماح المشرعة ، ثم يبصر هذه الدار ...
وهذا الذي قالوا إنه أمير المؤمنين ، فيزداد به الشك ... إنه يعرف السلطان الذي يحكم بالبطش ، والرعية التي تطيع بالخوف ، أما السلطان العدل ، وطاعة الحب ، فشيء لم يعرفه في بلده!
واستقر في نفسه أن الرجل يسخر به ، فعدا وراءه حتى لحقه وقال له : ناشدتك الله أيها الرجل ، هل هذه الدار هي دار أمير المؤمنين ؟
قال : نعم والله إنها لهي داره ! ...
هذه دار الرجل الذي أورثته شريعة القرآن تيجان الملوك الأربعة : كسرى وقيصر وفرعون وخاقان ، فكانت هامته أرفع من أن يبلغها تاج منها ، فما سمت إليها إلا ( العمامة ) تاج العرب ... هذه دار الرجل الذي جبيت إليه ثمرات الأرض ، فكال الذهب كيلاً ، وأعطاه لمستحقه باليدين ، ومنح الفقراء الجوهر ، وقسم في المحتاجين الدرر ، وبقى هو وأسرته بغير شيء ... لأن نفسه أكبر من أن يملأها كل ما في الدنيا من ذهب وجوهر ، إنها أكبر من الدنيا ، فلذلك حقرتها وطمحت إلى ما هو أعظم منها : إلى الجنة !!
وما هجر الحياة ومناعمها ليأوى إلى غار في جبل فيعتزل الناس ، أو إلى مسجد فيناجي الله ، إذن لزاد العبّاد واحداً ، ولما كان في ذلك حديث يروى ، ولا عجب يؤثر ، ولكنه زهد في الدنيا وهو رجل الدنيا وواحدها ، وإليه أمرها [ والأمر أولاً وآخراً لله ] ( 1 )، وبيده بعد القدر صلاحها وفسادها ، فهو في اللجة لا يبتل ، وهو ( في اللهب ولا يحترق ) وهو زاهد ولكن في رأسه عقل حكيم ، وفي صدره قلب بطل ، وفي فيه لسان أديب ، فهو يدير بعقله هذا الملك الواسع ، بقضائه وماليته وداخليته وخارجيته ، وسلمه وحربه ، وهو القائد وهو المفتي وهو المعلم ...
أداره أحسن إدارة وأقومها ، فاستقر الأمن ، ونامت الثورات ، وقعد القائمون بالمعارضة ، وسكت الناقمون على بني أمية ، وتصافى الشيعي والخارجي(2) ، والمصري واليماني ، والأسود والأحمر ، واصطحب في البرية الذئب والحمل ... وهو يواجه بقلبه أحداث الدهر ، فترتد عنه الأحداث ارتداد الموج عن صخر الشاطيء ، وهو يصوغ ببيانه الحكمة العليا أدباً خالداً ...
سمع غداة بويع بالخلافة مكرهاً ، هزة ارتجت منها الأرض ، وكان منصرفاً من دفن أمير المؤمنين سليمان فقال : ما هذا ؟ قالوا : مراكب الخلافة قربت إليك لتركبها ، بالسروج المحلاة بالذهب ، المرصعة بالجوهر ، فقال : مالي ومالها ؟ نحّوها عني وقربوا لي بغلتي ، وأمر بها أن تباع ويدخل ثمنها بيت مال المسلمين ، فقربت إليه بغلته فركبها ، وجاءه صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة ، فقال له : تنح عني ، مالي ومالك ؟ إنما أنا رجل من المسلمين .
ومشي بين الناس ، راكباً على بغلته ( بلا موكب ولا حربة ولا راية ولا طبل ) الرجل الذي يحكم الأندلس ومراكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر والحجاز ونجداً واليمن وسورية وفلسطين والأردن ولبنان والعراق والعجم وأرمينية والأفغان وبخارى والسند وسمرقند ... مشى ومشى الناس بين يديه حتى دخل المسجد ، فقام على المنبر ، فقال :
أيها الناس : إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه ، ولا طلب له ، ولا مشورة من المسلمين ، وإني قد خلعت بيعتي من أعناقكم ، فاختاروا لأنفسكم . فصاح الناس صيحة واحدة : إننا اخترناك ورضينا بك .
ومشى إلى الخضراء ، وما الخضراء ؟ جنة الأرض التي حشر إليها كل ما في الأرض من كنوز وطرف ، القصر الذي أزرت عظمته بالخورنق والسدير وغمدان والإيوان ، فأمر بستورها فأنزلت ، وببسطها ونمارقها فطويت ، وبطرفها وكنوزها فحملت ، وأمر ببيع ذلك كله ووضع ثمنه في بيت المال ، وأَمّ داره هذه .
فقال الناس : إنه رجل صالح ، ولكن المُلك له أهل ، إن المُلك لا يقيمه إلا قوي أمين ابن دنيا ...
ظنوه أمّ داره يقبع فيها يسبح ويهلل ، فإذا به يحد قلمه ، ويعد قراطيسه ، ويكتب من فوره بيده ، إلى أقاليم الأرض ، منشوراً فيه الدستور الذي لا يقوم الملك إلا به ، وينفذ الكتب من ساعته .
فعلموا أن خليفتهم زاهد في الدنيا ، ولكنه ابنها وأبوها ...
فعل ذلك كله من الصباح إلى الضحى ، ثم ذهب يقيل ، فأتاه ابنه عبد الملك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ماذا تريد أن تصنع ؟ قال : أي بني أقيل . قال : تقيل ولا ترد المظالم ؟ قال : أي بني إني قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان ، وإني إذا صليت الظهر رددت المظالم . قال : يا أمير المؤمنين ، من لك أن تعيش إلى الظهر ؟ فترك مقيله ، وخرج فبعث مناديه ينادي : ألا من كانت له مظلمة فليرفعها ، فإني منصفه من نفسي ومن آل بيتي ومن الناس أجمعين
ولقد والله فعل أكثر مما قال!
( 1 ) الكلام بين القوسين [ ] زيادة من عندي
( 2 ) مع التحفظ على هذه العبارة
نعم يا أيها الغريب ، هذه دار أمير المؤمنين ، فلا يغررك صغرها وضيقها ، وعطل أبوابها من الزخرف وجدرانها ، وإنه لا حاجب عليها ولا جند ببابها ، فإن هذه الدار أكرم من كل قصر حملته على ظهرها هذه الأرض ، فامش إليها ولا تخف !
فعاد السمرقندي ، فلما دنا من الدار سمع ضجة ورأى ولدين قد شج أحدهما الآخر شجة منكرة ، ورأى الخليفة يخرج بنفسه فيأخذ الولدين ، فيراه ، فيسأله ، فيقول : إني متظلم يا أمير المؤمنين ، فيقول له : مكانك حتى أعود إليك.
ويدخل بالغلامين ويسمع السمرقندي صوت امرأة تصرخ : ( ابني )، فيعلم أنها أم الولد المشجوج ، وتدخل الدار مُرَيْئة ، فترى الولد الآخر ، فتقول : ابني .
ويسمع القصة فيعلم أن ابن أمير المؤمنين قد خرج يلعب مع الغلمان فشجه ابن هذه المرأة ، وتقول المرأة : ارحموه ، إنه يتيم فقير .
ويرق قلب السمرقندي ويشفق على هذه المراة أن تُضرب عنق ابنها أمامها . وهو طفل لا ذنب له ولا يُسأل عن فعلته ، وإذا بأمير المؤمنين يقول لها : أما له من عطاء ؟ فتقول : لا ، فيقول : سنكتبه في الذرية .
وتخرج المرأة شاكرة داعية ، ويسمع السمرقندي فاطمة بنت عبد الملك تقول مغضبة : فعل الله به وفعل إن لم يشجه مرة أخرى . فيقول الخليفة : إنكم أفزعتموه ، وخرج الخليفة فدعاه ، فسأله عن حاله ، فشكا إليه قتيبة ، وأنه دخل سمرقند غدراً من غير دعوة إلى الإسلام ولا منابذة ولا إعلان .
فقال الخليفة : والله ما أمرنا نبينا بالظلم ولا أجازه لنا . وإن الله أوجب علينا العدل في المسلمين وغير المسلمين ، يا غلام ... قلماً وقرطاساً !
فجاءه الغلام بورقة قدر اصبعين ، فكتب عليها أسطراً وختمها وقال له : خذها إلى عامل البلد !
ورجع يطوي هذه الشقة مرة ثانية ، وكلما وصل إلى بلد دخل المسجد فوقف في الصف ، كتفه إلى كتف أخ له في الإسلام ، ووجهته وجهته ، وفي قلبه إيمانه ، وعلى لسانه تسبيحاته وتكبيراته ...
أحس أنه عضو في هذه الجمعية الكبرى ، وأدرك عظمة هذا الدين وحلاوته ، إذ يؤم المصلين واحد منهم ، فلا قساوسة ولا كهان ، ويصلون في كل أرض فلا معابد ولا تماثيل ، ويقفون جميعاً صفاً واحداً ، فلا كبير ولا صغير ، ولا مأمور ولا أمير ، وشعر بعظم هذه الدائرة التي تطيف من حول الكعبة تمر على السهل والحَزَن ، والعامر والغامر ، والمدينة والقرية ، يقوم فيها عباد لله ، هم رهبان في الليل وجن في النهار ، خاشعة قلوبهم ، وأبصارهم ، وجوارحهم ، يقفون أمام رب العالمين ، فلا يبالون الدنيا كلها ، بلذائذها وآلامها ، وخيرها وشرها !
ولم تثقل عليه هذه المرة سعة دنيا الإسلام لأنها صارت دنياه . ولم يجد لهذه السفرة مشقة ولا تعباً ، لأنه كان كلما انقضت الصلاة وجد في المسجد ( في كل بلد يمر عليه ) من يسأله عن حاله ، فإذا علم أنه غريب أنزله داره ، وقدّم له قراه ، ومنحه عونه ، فكان يُقَابل بين مجيئه كافراً وبين عودته مسلماً ، وكيف كان يشعر بطول الشقة ، وبعد الطريق ، وألم الغربة ، فصار يتقلب في النعيم ، ويُحمل على أكف الإخوان ، فيدرك سر المسجد وجمال هذا الدين !
ووصل إلى المعبد ، ولكنها لم ترعه هذه المرة تماثيله ولا مصابيحه ، ولم يمتلئ قلبه فرقاً من أسراره وخفاياه ، فقد أضاء له الإسلام ظلمة الحياة ، فرأى حقائقها من أوهامها ، وعلم أن هذه الأصنام التي نحتوها بأيديهم وسموها آلهة ، لا تنفع ولا تضر ، ولا تمنع عن نفسها ضربة الفأس ، ولا لهب النار ، ولكنه كتم إسلامه ، وقرع الباب قرعة السر ، ففُتِح له ، ورآه الكهنة بعد أن حسبوا أنهم لن يروه أبداً ، ووصف لهم ما رأى ، فكادت أعينهم تخرج من حناجرهم دهشة ... وأيقنوا أن قد جاءهم الفرج ، وأمروه فحمل الكتاب مختوماً إلى العامل ، فإذا فيه أمر الخليفة بأن ينصب قاض يحتكم إليه كهنة سمرقند وقتيبة ، فما قضى به نفذ قضاؤه !
وأطاع العامل ونصب لهم قاضياً ، جميعَ بنَ حاضر الباجي ، وعين موعد المحاكمة ولما عاد فأخبر الكاهن الأكبر ، أظلم وجهه بعد إشراقه ، كما تربد في سماء النهار الصحو السُحُب السود ، وخبا ضياء الأمل الذي بدا له فحسبه فجراً صادقاً ، فإذا هو برق خلب ... وأيقن أن هذه المحاكمة فصل جديد من كتاب غدر المسلمين ...
وجاء اليوم الموعود ، واحتشد أهل سمرقند من كل قاص منها ودان ، وجاء الكهنة الذين كانوا محتجبين لا يراهم من أحد ، وجاء القائد الفاتح الذي خلف قتيبة ، وكانت المحكمة في المسجد ، فقعدوا ينتظرون القاضي .
ولم يكن الكهنة يأملون في شيء ... وفيم يأملون ؟ في أن يحكم لهم القاضي المسلم بطرد المسلمين من سمرقند ؟ يحكم لهم هم المغلوبين على أمرهم ، المخالفين للقاضي في دينه ، الذين لم يبق لهم حول ولا طول ؟
وعلى من يحكم ؟ على خلفاء القائد المظفر الفاتح الذي لم يطأ أرض المشرق قائد أعظم منه ، ولا أكثر ظفراً ، ولا أعظم فتحاً ، اسكندر العرب : قتيبة ؟
كانت القلوب تخفق ارتقاباً لأعجب محاكمة سمعت بها أذنا التاريخ ، وكانت الأبصار شاخصة إلى باب المسجد الذي يدخل منه القاضي الفرد ، الذي وضعت في عنقه أعظم أمانة وضعت في عنق قاض ، والذي أُلقى بين حجري الرحى ، فها هنا مصلحة أمته ، وسيادة دولته ، والبلد العظيم الذي خفقت فوقه راية الإسلام ، وامتلكه أهله ، وهناك الحق والشرف ، وإنها لمزلة أقدام القضاة ، وإنها لمحنة الضمائر ...
وكان صاحبنا السمرقندي يقرأ الشك والارتياب ، في وجوه أهل بلده ، وفي أوجه الكهنة ، كما يقرأ المرء في صحيفة منشورة أمامه ، أما هو ، وأما المسلمون فلم يكونوا يشكون ، ولم تكن تداخلهم ريبة في أن الحق والشرف ، فوق مصلحة الوطن ، وما الوطن ؟ إن وطن المسلم دينه فحيثما صاح المؤذن : ( الله أكبر ) فثمة وطنه ...
وإن جهاده للحق ، فإن جاء الحق زهق معه كل باطل ، ولو كان فيه نفع الأمة ، وكان فيه الغنم الأكبر .
ونظروا فإذا رجل له هيئة الأعراب ، هزيل ، ضئيل الجسم ، شاحب اللون ، قد لاث على رأسه عمامة له ، ووراءه غلام ، فجاء حتى قعد على الأرض محتبياً ، وقام غلامه على رأسه .
أهذا هو الرجل الذي أتى ليحكم على خليفة قتيبة العظيم ، وعلى أميره ، وعلى مصلحة دولته ؟ أهذا هو قاضي المسلمين ؟
وانطفأت آخر شعاعة من الأمل في نفوس الكهنة ، ونادى الغلام باسم الأمير وهكذا بلا إمارة ولا لقب ، فجاء حتى جلس بين يديه ، ونادى باسم كبير الكهنة فأجلسه إلى جانبه .
وابتدأت المحاكمة ...
وتكلم القاضي فإذا صوته يخرج خافتاً ضعيفاً فقال للكاهن :
ما تقول ؟
قال : إن القائد المبجل قتيبة بن مسلم ، قد دخل بلدنا غدراً من غير منابذة ولا دعوة إلى الإسلام .
قال القاضي للأمير : ما تقول ؟
قال : أصلح الله القاضي ، إن للحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم قد أنقذه الله بنا من الكفر ، وأورثه المسلمين .
قال : أدعوتم أهله إلى الإسلام ، ثم إلى الجزية ، ثم إلى القتال ؟
قال : لا .
قال : إنك قد أقررت ، وإن الله ما نصر هذه الأمة إلا باتباع الدين واجتناب الغدر ، وإنا والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهاداً في سبيل الله ، ما خرجنا لنملك الارض ولا لنعلو فيها بغير حق . حكمت بأن يخرج المسلمون من البلد ، ويردوه إلى أهله ، ثم يدعوهم وينابذوهم ويعلنوا الحرب عليهم .
ورأى الكهنة وأهل سمرقند وسمعوا ، ولكنهم كذبوا عيونهم وآذانهم ، وظنوا أنهم في حلم ، ولبثوا شاخصين ، حتى أن أكثرهم لم يلحظ أن المحاكمة قد انتهت ، وأن القاضي والأمير قد انصرفا ، وجعل صاحبنا السمرقندي المسلم ينظر في وجه الكاهن الأكبر ، فيحس أن نور الحق قد أشرق على قلبه الذي رققته العزلة والتأمل ، وكان الكاهن ينظر إلى عَالَمِه الذي طالما أحبه وآثره ، فيراه عالماً ضيقاً مقفراً ، وينظر إلى دنيا الإسلام ، فإذا هي خصبة واسعة ، مزهرة بالخير والعدل والجمال .
وما عالمه ؟ فجوة معتمة وسط الصخر الأصم لا يبلغها شعاش الشمس ، ولا ضياء القمر ، ولا زهر الربيع ، ولا جمال المجد ، ولا جلال الإيمان ...
وسطع النور في قلبه فرأى أن ديانته كهذا المعبد ، فأين هذا المعبد من معبد الإسلام ، وهو الأرض الطهور التي تمتد حتى تصل إلى بلاد ما سمع بها ؟ ... أين ضيقه من سعتها ؟ أين ظلمته من نورها ؟ أين سقفه الواطي من سمائها العالية ؟
إنه ألحد في دينه وخرج من معبده ، وقد حرم عليه الخروج منه ، فلن يعود إليه أبداً ، أيعود الجنين إلى بطن أمه بعدما رأى بياض النهار ، ورحب الكون ؟
أيعبد مرة ثانية تلك الآلهة ذوات الوجه البشع المخيف ، بعد ما عرف رب الأرباب وخالق كل شيء ...
لا ، لقد ماتت ديانة المعبد ومرّت أيامها ، فهل لِما مرّ مآب ، هل يعود أمس الغابر ؟
ومرّت الساعات ، وإذا الجو يموج بصليل الأبواق ، ويرتجف من إرعاد الطبول ، ونظر فإذا الرايات تلوح على حواشي الأفق القريب فسأل : ما هذا ؟
قالوا : لقد نفذ الحكم وانسحب الجيش .
هذا الجيش الذي لم يقف في وجهه شيء من مدينة يثرب إلى سمرقند ، والذي اكتسح جيوش كسرى وقيصر وخاقان ، ردته كلمة من شيخ هزيل خافت الصوت ، ليس معه إلا غلام ، بعد محاكمة لم تستمر إلا دقائق ، ولكنه سينذر وسيعود إلى القتال ، أفتقوى سمرقند على ما عجزت عنه الممالك كلها ؟
أترد صخور هذا المعبد سيل الحق الدافق ، وتأكل ظلمته نور الإسلام ؟
لا ، لقد قضى الله أن يمحو الفجر سلفة الليل ، لقد أطل على العالم يوم جديد ، فلن نتوارى من نور هذا اليوم في ظلمة المعبد .
وأقبل يسأل أصحابه : ما تقولون ؟
فيقول السمرقندي المسلم : أما أنا فلقد شهدت أنه لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .
فيقول الكاهن : وأنا أشهد .
وتتزلزل سمرقند بالتكبير ... ويعود الجيش المسلم إلى البلد المسلم ، لم يبق حاكم ولا محكوم ، ولا غالب ولا مغلوب ، صار الجميع إخواناً في الله ، لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لقوي على ضعيف ، إلا بالتقوى والصلاح وخلال الخير .
ودخلت سمرقند كلها في الإسلام ، فلن تخرج منه أبداً .
وكتبه :
علي الطنطاوي
- من كتاب
( قصص من التاريخ )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
فقد نقلت لكم هذه الصفحة العطرة من تاريخنا المجيد حتى نعلم كم كنا أمة عظيمة ، لم تطأ هذه الأرض أمة أعظم منا ، نعم كنا ، ولكن أين نحن الآن ؟ ماذا قدمنا لديننا ؟ ماذا قدمنا لأنفسنا ؟
إن الخليفة الكبير عمر بن عبد العزيز لم يفعل ذلك كله بمفرده ، بل كانت الأمة كلها كذلك ، أمة خير وطاعة ، فأين الأمة اليوم ؟ أنتم أعلم بحالها مني
فهلا قمنا دفاعاً عن أمتنا ؟ هلا نفضنا عن أنفسنا هذا الكسل الطويل ؟ هلا عملنا لدنيانا وأخرانا
أسأل الله تعالى أن نعود لسالف عصرنا ، كما أسأله سبحانه ألا يجعل حظنا من ديننا كلامنا
وأن يتوفنا وهو راضٍ عنا
وجزاكم الله خيراً
التوقيع
أحمد محمد لبن