• بدع ومحدثات بداية السنة الهجرية:
1- أذكار بداية السنة، قال الشيخ بكر أبو زيد:
دعاء أول السنة لا يثبت في الشرع شيء من ذكر أو من دعاء لأول العام، وهو أول يوم أو ليلة من شهر محرم، وقد أحدث الناس فيه من الدعاء والذكر والذكريات وتبادل التهاني وصوم أول يوم من السنة وإحياء ليلة أول يوم من محرم بالصلاة والذكر والدعاء، وصوم آخر يوم من السنة إلى غير ذلك مما لا دليل عليه.
2- التهنئة في بداية السنة، والاحتفال بذلك:
في إجابة الفتوى رقم ( 1002 ) للجنة الدائمة:
( الأعياد في الإسلام ثلاثة: يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، ويوم الجمعة، أما أعياد الميلاد الفردية وغيرها مما يجتمع فيه من المناسبات السارة كأول يوم من السنة الهجرية والميلادية، ويوم نصف شعبان، أو ليلة النصف منه، ويوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ويوم تولى زعيم الملك أو لرئاسة جمهورية مثلاً، فهذه وأمثالها لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي بالخير، فهي من البدع المُحدثة، التي سرت إلى المسلمين من غيرهم، وفتنوا بها.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ).
وقال -صلى الله عليه وسلم-:
( مَنْ أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ).
وهذا ظاهر فيما إذا كان الاحتفال لتعظيم من احتفل من أجله، أو لرجاء بركته أو المثوبة من القيام به كمولد النبي صلى الله عليه وسلم، أما مالم يقصد التبرك ولا المثوبة، كالاحتفال بميلاد الأولاد، وأول السنة الهجرية أو الميلادية، وبيوم تولي الزعماء لمناصبهم، فهو وإن كان من بدع العادات، إلا أن فيه مضاهاة للكفار في أعيادهم، وذريعة إلى أنواع أخرى من الاحتفالات المحرمة، التي ظهر فيها معنى التعظيم والتقرب لغير الله، فكانت ممنوعة، سداً للذريعة، وبعداً عن مشابهة الكفار في أعيادهم، واحتفالاتهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( مَنْ تشبَّه بقوم فهو منهم ).
وسُئِلَ فضيلة الشيخ ابن عثيمين:
شاع في بعض البلاد الإسلامية الاحتفال بأول يوم من شهر محرم من كل عام، باعتباره أول أيام العام الهجري، ويجعله بعضهم إجازة له عن العمل، كما يتبادلون فيه الهدايا المكلفة مادياً؟
فأجاب فضيلته بقوله:
تخصيص الأيام أو الشهور أو السنوات بعيد، مرجعه إلى الشرع وليس إلى العادة، ولهذا لما قدم النبي المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذا اليومان؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر ))، ولو أن الأعياد في الإسلام كانت تابعة للعادات لأحدث الناس لكل حدث عيداً، ولم يكن للأعياد الشرعية كبير فائدة )).
ثم إنه يُخشى أن هؤلاء اتخذوا رأس السنة أو أولها عيداً متابعة للنصارى ومضاهاة لهم يتخذون عيداً عند رأس السنة الميلادية، فيكون في اتخاذ شهر المحرم عيداً محذورٌ آخر.
3- ما ينتشر عند بعض الناس من تخصيص أول يوم من محرم بلبس الثياب البيض وشرب الحليب تفاؤلاً باللون الأبيض أن تكون سنتهم الهجرية الجديدة سالمة من كل سوء ومصيبة، فأما لبس الثياب البيض فحث عليه الشارع بقوله صلى الله عليه وسلم: (( البسوا من ثيابكم البيض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم )) أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وصحَّحه ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
لكنه لم يقيد لبسها بأول يوم من المحرم، وتقييد اللبس به من البدع، وأما شرب الحليب في أول يوم من المحرم فلم يثبت به دليل فهو من البدع المحدثة.
وختاماً:
فإن من الواجب على كل مسلم أن يتمسَّك بتأريخه الهجري ويعتز به ويحافظ عليه، وأن يحرص على إخلاص العبادة لله وحده، والتمسُّك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يحذر من البدع والمحدثات في الدين.
واللهَ أسأل أن يُفقِّهنا وإخواننا المسلمين في دينه، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه، ويعصمنا مما يغضبه ويأباه.
وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
======================
كتبه إمام وخطيب جامع الربع بالريــاض
وليد بن علي المديفر.