أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: ثابت بن قيس - خطيب رســول الله الأحد 17 سبتمبر 2017, 1:42 pm | |
|
ثابت بن قيس - خطيب رســول الله =================== كان حسّان بن ثابت شاعر رسول الله والاسلام.. وكان ثابت خطيب خطيب رسول الله والاسلام.. وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية، صادعة، جامعة رائعة..
وفي عام الوفود، وفد على المدينة وفد بني تميم..
وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "جئنا نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا"..
فابتسم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لهم: "قد أذنت لخطيبكم، فليقل"..
وقام خطيبهم عطارد بن حاجب ووقف يزهو بمفاخر قومه..
ولما آذن بانتهاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: قم فأجبه.. ونهض ثابت فقال: "الحمد لله، الذي في السموات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره، ووسع كرسيّه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله.. ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة.
واصطفى من خير خلقه رسولاً.. أكرمهم نسباً. وأصدقهم حديثاً. وأفضلهم حسباً، فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين..
ثم دعا الناس الى الايمان به، فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه.. أكرم الناس أحساباً، وخيرهم فعالاً..
ثم كنا نحن الأنصار أول الخلق اجابة.. فنحن أنصار الله، ووزراء رسوله".. ** شهد ثابت بن قيس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة أحد، والمشاهد بعدها.
وكانت فدائيته من طراز عجيب.. جد عجيب..!!
في حروب الردّة، كان في الطليعة دائما، يحمل راية الأنصار، ويضرب بسيف لا يكبو، ولا ينبو..
وفي موقعة اليمامة، التي سبق الحديث عنها أكثر من مرة، رأى ثابت وقع الهجوم الخاطف لذي شنّه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة..
فصاح بصوته النذير الجهير: "والله، ما هذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"..
ثم ذهب غير بعيد، وعاد وقد تحنّط، ولبس أكفانه..
وصاح مرة أخرى: "اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء.. يعني جيش مسيلمة.. وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء.. يعني تراخي المسلمين في القتال"..
وانضم اليه سالم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحمل راية المهاجرين..
وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين، وأهالا الرمال عليهما حتى غطت وسط كل منهما..
وهكذا وقفا.. طودين شامخين، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة.. في حين نصفهما الأعلى، صدرهما وجبهتهما وذراعهما يستقبلان جيوش الوثنية والكذب..
وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما، ومالت شمس كل منهما للغروب..!!
وكان مشهدهما رضي الله عنهما هذا أعظم صيحة أسهمت في ردّ المسلمين الى مواقعهم، حيث جعلوا من جيش مسيلمة الكذاب تراباً تطؤه الأقدام..!! ** وثابت بن قيس.. هذا الذي تفوّق خطيباً، وتفوّق محارباً كان يحمل نفساً أوابةً، وقلبا خاشعاً مخبتاً، وكان من أكثر المسلمين وجلاً من الله، وحياءً منه.. ** لَمَّا نزلت الآية الكريمة: (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).. أغلق ثابت باب داره، وجلس يبكي.. وطال مُكثه على هذه الحال، حتى نمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، فدعاه وسأله.
فقال ثابت: "يا رسول الله، اني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل، وقد خشيت أن أكون بهذا من المختالين"..
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك راضياً: "إنك لست منهم.. بل تعيش بخير.. وتموت بخير.. وتدخل الجنة".
ولمَّا نزل قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي.. ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)..
أغلق ثابت عليه داره، وطفق يبكي..
وافتقده الرسول فسأل عنه، ثم أرسل من يدعوه.. وجاءه ثابت.. وسأله الرسول عن سببب غيابه؟..
فأجابه ثابت: "اني امرؤ جهير الصوت.. وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله.. وإذن فقد حبط عملي، وأنا من أهل النار"..!!
وأجابه الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنك لست منهم.. بل تعيش حميداً.. وتقتل شهيداً.. ويُدخلُكَ اللهُ الجنة". ** بقي في قصة ثابت واقعة، قد لا يستريح اليها أولئك الذين حصروا تفكيرهم وشعورهم ورؤاهم داخل عالمهم الماديّ الضيّق الذي يلمسونه، أو يبصرونه، أو يشمّونه..!
ومع هذا، فالواقعة صحيحة، وتفسيرها مبين وميّسر لكل من يستخدم مع البصر، البصيرة..
بعد أن استشهد ثابت في المعركة، مرّ به واحد من المسلمين الذين كانوا حديثي عهد بالإسلام ورأى على جثمان ثابت درعه الثمينة، فظن أن من حقه أن يأخذها لنفسه، فأخذها..
ولندع راوي الواقعة يرويها بنفسه: "..وبينما رجل من المسلمين نائم أتاه ثابت في منامه..
فقال له: اني أوصيك بوصية، فاياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه.
اني لما استشهدت بالأمس، مرّ بي رجل من المسلمين.
فأخذ درعي.. وإن منزله في أقصى الناس، وفرسه يستنّ في طوله، أي في لجامه وشكيمته.
وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق الابرمة رحل..
فأت خالداً، فمره أن يبعث فيأخذها.. فاذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله أبي بكر، فقل له: ان عليَّ من الدَّين كذا.. وكذا.. فليقم بسداده..
فلما استيقظ الرجل من نومه، أتى خالد بن الوليد، فقصّ عليه رؤياه..
فأرسل خالد من يأتي بالدرع، فوجدها كما وصف ثابت تماماً..
ولما رجع المسلمون الى المدينة، قصّ المسلم على الخليفة الرؤيا، فأنجز وصيّة ثابت..
وليس في الاسلام وصيّة ميّت أنجزت بعد موته على هذا النحو، سوى وصيّة ثابت بن قيس..
حقاً إن الإنسان لسرٌّ كبير.. (ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون). |
|