منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1) Empty
مُساهمةموضوع: صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1)   صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1) Emptyالأحد 31 أكتوبر 2010, 7:46 am

صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه

تأليف
فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الوهاب بن ناصرالطريري

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
جاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسربت قبائل العرب من أنحاء الجزيرة تؤم طيبة الطيبة، فإذا هم من كل حدب ينسلون، يفدون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيسعهم خلقه وبره، ويغشاهم نوره وهداه، فانشغل النبي – صلى الله عليه وسلم- بهم، وحبس نفسه لهم، وتقصفت سنة تسع ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- يتلقى هذه الوفود تباعاً حتى سميت سنة تسع عام الوفود.
فلما دخلت سنة عشر آذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الناس بالحج، وأعلمهم أنه حاج سنته هذه، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يريد أن يأتم برسول الله – صلى الله عليه وسلم- ويصحبه في حجته تلك.
فياكل مؤمن برسالة رسول الله، وياكل محب لمحمد بن عبد الله، أحضر قلبك وشعورك ومشاعرك لتصحب بوجدانك ركبه – صلى الله عليه وسلم- دعونا نمد أبصار بصائرنا إلى هذا الموكب العظيم، يقوده إمام البشرية وسيد الخلق وخيرة الله من خلقه، لنرى مشاهد تأخذ بمجامع القلوب، وسيرة عطرة تستجيش المشاعر والشعور، إنه الحديث الحبيب عن الحبيب، وهو يقود المسلمين ليريهم مناسكهم ويعلمهم كيف يحجون بيت ربهم.
خرج النبي – صلى الله عليه وسلم- من المدينة يوم السبت بعد صلاة الظهر، ثم نزل بذي الحليفة فأقام بها يومه ذلك وبات ليلته تلك؛ حتى يتتابع إليه الناس ويدركه من بعد عنه.
سار – صلى الله عليه وسلم- تكلؤه رعاية الله، وتتنزل عليه ملائكته، ويتتابع عليه الوحي من ربه، فلما أصبح قال: (أتاني الليلة آت من ربي فقال: "صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة). تهيأ - صلى الله عليه وسلم- لإحرامه غاية التهيؤ، حتى لتستشعر من تهيوئه عظيم العبادة التي سيدخلها، فيحتفل لها هذا الاحتفال ويستقبلها هذا الاستقبال، أشعر هديه وقلده، واغتسل صلى الله عليه وسلم لإحرامه، ثم لبد رأسه وتطيب من كفي عائشة – رضي الله عنها- بأطيب الطيب عندها، وتضمخ بالطيب فكان- صلى الله عليه وسلم- وهو الطيب المطيب ينفح طيباً، ويرى وبيص الطيب في مفارقة بعد ذلك.
لبس – صلى الله عليه وسلم- إحرامه وصلى الظهر ثم استقل راحلته على غاية من الخشوع والخضوع والتعظيم لرب العالمين، متواضعاً لله معظماً لشعائره.
انظر إلى راحلته ورحله، وإلى وطائه ومتاعه، لقد ركب راحلته وعليها رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم، فلما انبعثت به راحلته استقبل القبلة، وحمد الله وسبح وكبر وقال: لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك إله الحق.
أما متاعه وزاده فكان ما تحمله زاملة أبي بكر- رضي الله عنه- فكانت زاملته- وزاملة أبي بكر واحدة، ولك أن تتفكر ما الذي صحبه – صلى الله عليه وسلم- من بهجة الدنيا وزينتها، إذا كان كل ما حمله هو ما قاسمه ظهر زاملة أبي بكر رضي الله عنه سار -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في مسيره من المدينة إلى مكة هو صاحبه من مكة إلى المدينة يوم أن هاجر إليها قبل عشر سنين، حينما خرج – صلى الله عليه وسلم- وقد نذرت به القبائل وتطلبته وهو "يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"، وهاهو اليوم يسير مسيراً آخر هو وصاحبه من المدينة إلى مكة والأرض قد وطئت له، والقبائل التي كانت تطلبه قد آمنت كلها به، وهذه جموعها تزحف معه في هذا المسير.
سار – صلى الله عليه وسلم- تحيط به القلوب وترمقه المقل، وتفديه المهج،فهو معهم كواحد منهم، لم توطأ له المراكب، ولم تتقدمه المواكب ولم تشق له الطرقات، ولم تنصب له السرادقات، وإنما سار بين الناس، ليس له شارة تميزه عنهم إلا بهاء النبوة وجلال الرسالة، يسير معهم وفي غمارهم، يقول أنس كنت ردف أبي طلحة على راحلته وإن ركبته لتكاد تمس ركبة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: لبيك حجة وعمرة، لقد كان الناس حوله كما قال جابر رضي الله عنه: نظرت مد بصري بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ما بين راكب وماشٍ، ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل من شيء عملناه.
سار – صلى الله عليه وسلم- بهذه الجموع الزاحفة حوله ما بين راكب وماشٍ تحيط به كما تحيط الهالة بالقمر،فتنزل عليه جبريل فقال: "يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها شعار الحج، فاهتزت الصحراء وتجاوبت الجبال بضجيج الملبين، وهتافهم بتوحيد رب العالمين. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك إله الحق، لبيك ذا المعارج، لبيك وسعديك، والخير في يديك والرغباء والعمل، زحفت تلك الجموع على هذه الحال هتاف بالتلبية، وعجيج بالذكر، وإعلان بشعار الحج.
أما رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فهو يقطع هذه الفيافي الفساح، وكأنما جبالها ووهادها وآكامها وأوديتها تروي له خبرها، وتحدثه بمن مر بها، فتراءت للرسول – صلى الله عليه وسلم- أطياف الأنبياء الذين ساروا يؤمون هذا البيت قبله، كأنما يراهم أمامه ويرافقهم في مسيره.
فلما مر بوادي عسفان قال: (يا أبا بكر أي واد هذا؟) قال: (وادي عسفان) قال:(لقد مر به هود وصالح على بكرات خطمها الليف، أُزُرُهُم العباء، وأرديتهم النمار، يحجون البيت العتيق).
ولما مر بوادي الأزرق قال: (أي وادٍ هذا؟) قالوا: وادي الأزرق، قال: (كأني أنظر إلى موسى بن عمران منصباً من هذا الوادي واضعاً أصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية ماراً بهذا الوادي).
ولما مر بثنية قال: (أي ثنية هذه؟) قالوا: هرشى قال: (كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة، خطامها ليف، وهو يلبي وعليه جبة صوف).
ويقول عن فج الروحاء: (لقد مر بالروحاء سبعون نبياً، فيهم نبي الله موسى حفاة عليهم العباء، يؤمون بيت الله العتيق).
إنها شعيرة ضاربة في عمق الزمن، تتابع فيها أنبياء الله ورسله، فهل تتذكر أيها المؤمن وأنت تحج بيت الله أنك تسير في إثر هذه القافلة العظيمة من أنبياء الله ورسله، في طريق سار فيه إبراهيم وهود وصالح وموسى ويونس ومحمد – صلى الله عليهم وسلم-، وسيتبعك ويتبعهم فيه عيسى بن مريم كما قال – صلى الله عليه وسلم- "ليهلن ابن مريم بالروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما"، إنك وأنت تسير هذا المسير تستشعر أنك ذو نسب في الهداية عريق.
إنه مسير سار فيه أنبياء الله ورسله، فادع ربك الذي سيرك في طريقهم الذي سلكوه أن يجمعك بهم في نزلهم غداً في الآخرة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
سار- صلى الله عليه وسلم- في الطريق بين المدينة ومكة، مسافراً يتلقى ما يتلقاه المسافر من وعثاء السفر ونصب الطريق، فقد مرض -صلى الله عليه وسلم- في مسيره هذا واشتد به صداع الشقيقة فاحتجم في وسط رأسه.
وانقطع أثناء المسير بعير صفية بنت حُيي أم المؤمنين فتجاوزها الركب فرجع إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإذا هي تبكي فجعل يمسح دموعها بيده، وجعلت تزداد بكاء وهو يسكنها وينهاها، فلما أكثرت انتهرها وأمر الناس بالنزول ولم يكن يريد أن ينزل حتى أصلح شأن صفية.
وفي أحد منازله -صلى الله عليه وسلم- في الطريق في مكان يسمى العرج جلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم –وبجانبه زوجه عائشة، وجلس صاحبه أبو بكر وبجانبه ابنته أسماء ، وكان أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه غلامه بزاملته التي كانت تحمل متاعه ومتاع النبي – صلى الله عليه وسلم- فطلع الغلام وليس معه بعيره فقال أبو بكر: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة، فطفق أبو بكر يضربه ويقول: بعير واحد وتضله، وجعل النبي – صلى الله عليه وسلم- ينظر إليه ويبتسم ويقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع! وجعل أبو بكر يتغيظ على غلامه، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "هون عليك يا أبا بكر فإن الأمر ليس إليك ولا إلينا معك" ولم يلبثوا طويلاً حتى وجدت الزاملة وجاء الله بها.
ولما قرب النبي – صلى الله عليه وسلم- من مكة نزل مكاناً يقال له "سرف" وعرض على أصحابه من لم يكن ساق الهدي أن يجعلها عمرة، ولم يعزم عليهم، ثم دخل على عائشة – رضي الله عنها فإذا هي تبكي ، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: والله لوددت أن لم أكن خرجت العام، قال: فمالك؟ قالت: سمعت قولك لأصحابك ومنعت العمرة، فقال: (لعلك نفست)؟- أي حضت – قالت: نعم. فجعل -صلى الله عليه وسلم- يسري عنها ويواسيها ويتلطف بمشاعرها ويقول: (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وإنما أنت امرأة من بنات آدم كتب عليك ما كتب عليهن فلا يضرك، افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري، وكوني في حجك فعسى الله أن يرزقكيها)، أي: العمرة.
وهكذا كان – صلى الله عليه وسلم – خير الناس لأهله براً بهم ورعاية لمشاعرهم، واحتفالا واهتماماً بما يهمهم، وهكذا كانت أمنا عائشة – رضي الله عنها- مباركة في شأنها كله، فكان ما أصابها في هذا المكان تشريعاً ظاهراً لنساء المسلمات إذا أصابهن ما أصابها.فصلوات الله وبركاته عليهم أهل البيت.
لقد سار – صلى الله عليه وسلم – فكان مسيره هداية وتشريعا،ً وتعلماً للمناسك، ودلالة على الخير.

الرسول  في مكة
قطع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الطريق بين مكة والمدينة في ثمانية أيام تعرض فيها لنصب الطريق ووعثاء السفر، ولذلك لما قرب من مكة بات قريباً منها يستريح هناك، ويتهيأ لدخولها نهاراً، فبات عندبئر "ذي طوى" في المكان المعروف اليوم بجرول أو آبار الزاهر، فلما أصبح – صلى الله عليه وسلم- اغتسل ثم دخل مكة من ثنية كداء، وهي التي تنزل اليوم على جسر الحجون، وذلك ضحوة يوم الأحد جهاراً نهارا؛ً ليراه الناس فيقتدوا به، فأناخ راحلته – صلى الله عليه وسلم- عند المسجد، ثم دخل من الباب الذي كان يدخل منه يوم كان بمكة، باب بني شيبة، دخل -صلى الله عليه وسلم- الحرم فإذا هو على ملة أبيه إبراهيم ليس حول الكعبة صنم ولا يطوف بها عريان ولم يحج إليها مشرك، دخل النبي الحرم فيا لله ما الذي كان يتداعى في خاطره تلك الساعة، وساحة الحرم تتفسح أمام عينيه.
هذه الساحة التي شهدت دعوته وبلاغه وبلاءه، وصبره على أذى قومه وجراءتهم عليه.. أما دخل الحرم ليصلي فيه قبل نحو عشر سنين فألقوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، أما دخل الحرم فقام إليه ملأ من قريش فأخذوا مجامع ردائه فخنقوه به حتى جاء أبو بكر فخلصه منهم وهو يقول: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله"..؟!
هل تذّكّر – صلى الله عليه وسلم- في تلك الساعة أحواله تلك في مكة، وهو يدخل الحرم وليس فيه ولا معه إلا مؤمن به متبع لدينه، وقد صدقه ربه وعده، وأظهره على الدين كله.
إننا لا نستطع الجزم بالذي كان يتداعى في خاطره ويجول في خلده، ولكننا نستشعر من حاله أن تلك الذكريات كانت تتراءى له، وأنه كان على حال من التأثر وهو يَدِفُّ إلى الكعبة المشرفة، فإنه لما وصل الحجر استلمه وكبر ثم فاضت عيناه بالبكاء، ثم وضع شفتيه عليه فقبله وسجد عليه، وكان به حفيا، وكان موقفاً تسكب فيه العبرات.
طاف -صلى الله عليه وسلم- بالبيت سبعة أشواط، مضطبعاً بردائه، رمل في الأشواط الثلاثة الأولى، وحُفظ من دعائه بين الركنين" ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار".
فلما فرغ من طوافه مشى إلى مقام أبيه إبراهيم وهو يقرأ "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" ثم صلى ركعتين قرأ في الأولى: "قل يا أيها الكافرون" وفي الثانية: "قل هو الله أحد".ثم عاد – صلى الله عليه وسلم- إلى الحجر فقبله، ومسحه بيديه ثم مسح بهما وجهه، ثم توجه إلى الصفا فصعده وهو يقرأ "إن الصفا والمروة من شعائر الله"، أبدأ بما بدأ الله به، حتى نظر إلى البيت فاستقبله ورفع يديه الشريفتين وهو يهتف: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، وصدق عبده،وهزم الأحزاب وحده، ودعا في مقامه ذلك ما شاء الله أن يدعو، ثم نزل فلما انصبت قدماه في بطن الوادي أسرع – صلى الله عليه وسلم- واشتد في السعي وهو يقول:لا يقطع الأبطح إلا شداً، اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي،واشتد – صلى الله عليه وسلم – في السعي وهو الأيد القوي، حتى إن إزاره ليدور على ركبتيه من شدة السعي، وكان في الثالثة والستين من عمره المبارك.
فلما وصل إلى المروة رقيها واستقبل البيت وكبر وهلل ورفع يديه ودعا وصنع كما صنع على الصفا.
وفي هذه الأثناء فشا الخبر في مكة وتنادى الناس: رسول الله في المسجد...، رسول الله على الصفا.. رسول الله على المروة... ولفظت البيوت من فيها، جاءت القلوب المشوقة، والعيون الظامئة، تريد أن ترى محيا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حتى خرج العواتق والإماء يقلن: هذا رسول الله، هذا رسول الله! وازدحم الناس عليه ينظرون إلى وجهه المنور، فلما كثروا حوله وكان – صلى الله عليه وسلم- كريماً سهلاً لا يضرب الناس بين يديه، ولا يقال: إليك إليك، ولا عنك عنك، أمر براحلته فركبها ليشرف للناس، ويروه كلهم شفقة عليهم ورأفة ورحمة بهم،، فأتم سعيه راكباً ، فلما قضى سعيه أمر من لم يسق الهدي من أصحابه أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، فتعاظم الصحابة - رضي الله عنهم- ذلك، وشق عليهم، حتى قال جابر: كبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا، تعاظموه لأنهم خرجوا من المدينة لا يذكرون إلا الحج وقد لبوا به فكيف يفسخونه إلى عمرة؟ ثم كيف يؤدون العمرة في أشهر الحج وأيامه، وكانوا يرون في الجاهلية العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور؟ ثم كيف يحلون ويتمتعون بما يتمتع به المحل وليس بينهم وبين يوم عرفة إلا أربعة أيام؟ حتى قالوا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- أيُّ الحل؟ قال: الحل كله، قالوا: أيذهب أحدنا إلى منى وذكره يقطر منياً؟!.
وأما أنه شق عليهم؛ فإنهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامهم لم يحل وإنما لزم إحرامه، وهم الذين أشربت قلوبهم حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحب متابعته فيما يأتي ويذر، ولذا تباطؤوا في إجابته طمعاً أن يشركوه في حاله التي هو عليها من عدم الحل، ورأى النبي – صلى الله عليه وسلم- تباطؤهم وترددهم، فغضب من ذلك ودخل على عائشة تعرف من حاله الغضب حتى ظنت أن أحداً آذاه وأغضبه فقالت: من أغضبك أدخله الله النار؟!. قال: (أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذ هم يترددون)، ثم قام -صلى الله عليه وسلم- فيهم فقال: (قد علمتم أني أتقاكم لله عز وجل، وأصدقكم وأبركم ، ولولا هدي لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استبدرت لم أسق الهدى فحُلّوا).
فطابت قلوبهم وقرت أعينهم بمقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك وحَلّوا وسمعوا وأطاعوا كما هو شأنهم أبداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرضي الله عنهم وأرضاهم.
ثم سار – صلى الله عليه وسلم – بمن معه حتى نزل بالأبطح شرق مكة وهو مكان فسيح واسع يشمل اليوم ما يسمى العدل والمعابده إلى الحجون، فنزل بالناس وأقام بهم أربعة أيام، يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، وكان رفيقاً بالناس، ومن رفقه بهم أنه لم يذهب إلى المسجد الحرام والكعبة المشرفة خلال تلك المدة؛ لأنه لو ذهب لسارت معه هذه الجموع العظيمة، ولشق ذلك عليهم ولكن صلى بهم هناك في الأبطح، ، وكان – صلى الله عليه وسلم- قريباً من الناس والناس قريبون منه، يهابه كل أحد ويدنو منه كل أحد؛ يسعهم بالخلق العظيم الذي جبله عليه ربه، فكان - صلى الله عليه وسلم- في قبة حمراء في الأبطح، فإذا توضأ لصلاته خرج بلال ببقية وضوئه فيفيضها على الناس، فمن أصاب منها شيئاً تمسح به، ومن لم يصب منها أصاب من بلل صاحبه، يبغون بركة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ثم يخرج فيصلي بهم فحدث أبو جحيفة – رضي الله عنه- عن مشهد من مشاهده مع النبي – صلى الله عليه وسلم- أيامه تلك فقال: خرج الرسول – صلى الله عليه وسلم- بالهاجرة وعليه حلة حمراء مشمراً كأني أنظر إلى بريق ساقيه، فصلى بالناس ركعتين، فلما قضى صلاته قام الناس إليه فجعلوا يأخذون بيديه فيمسحون بها وجوههم، فأخذت بيده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحةً من المسك.
وتتابع إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في الأبطح من لم يدركه في الطريق ، وكان ممن أتاه هناك عليّ بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري – رضي الله عنهما- قادمين من اليمن، محرمين بإحرامٍ كإحرام رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، فلما دخل علي – رضي الله عنه- على زوجه فاطمة بنت رسول الله وكانت قد حلت من عمرتها، وجدها قد لبست ثياباً مصبوغة، واكتحلت، وطيبت بيتها، فعجب من حالها، وحلِّها من إحرامها، وسألها عن ذلك، فقالت: أبي أمرني بذلك، فذهب عليّ محرشاً أباها عليها كما يصنع الشببة من الأزواج، فأخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- أن فاطمة قد حلت واكتحلت ولبست ثياباً صبيغاً وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله، فقال – صلى الله عليه وسلم-: "صدقت، صدقت، صدقت، أنا أمرتها به" ثم قال لعلي - رضي الله عنه-: "بما أهللت؟" قال قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، وكان معه الهدي فقال له: "فلا تحل".
وجاء أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه- إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقال له: "بما أهللت؟" قال: بإهلالٍ كإهلال النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "هل سقت الهدي؟" قال: لا، قال: "فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حل".
وهكذا بقي -صلى الله عليه وسلم- في الأبطح قريباً من الناس، دانياً إليهم، معلماً ومبيناً ما يعرض لهم، فروي عنه أنه خطب الناس في اليوم السابع فأخبرهم بمناسكهم، وعلمهم أحكام حجهم، حتى إذا كان يوم التروية ركب – صلى الله عليه وسلم- إلى منى ضحى وأحرم الذين كانوا قد حلوا معه من الأبطح مهلين بالحج حين توجهوا إلى منى وانبعثت رواحلهم نحوها، فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر يقصر الرباعية ركعتين، ويصلي كل صلاة في وقتها، وكأنما كان هذا النفير إلى منى يوم التروية تهيئة وإعداداً للنفير إلى عرفات.

على صعيد عرفات

أشرقت الشمس على خير يوم طلعت فيه الشمس، يوم الجمعة يوم عرفة، وسار الركاب الشريف من منى إلى عرفات، وجموع الحجيج تسير معه، سار – صلى الله عليه وسلم- ولا يظن قومه إلا أنه سيقف معهم في مزدلفة كما كان شأنهم في الجاهلية، حيث جعلوا لأنفسهم موقفاً خاصاً يقفون فيه، ولا يقفون مع الناس في عرفة؛ إذ يرون لأنفسهم مكانة وتميزاً لجوارهم بيت الله، وأنهم بذلك لا يشاركون الناس في الوقوف في عرفات، ولكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الذي جاء بدينه للعالمين، لم يجئ به لفئة من الناس يميزهم، ولو كانوا قومه وعشيرته، تجاوزهم وسار ليقف مع الناس عملاً بقول ربه: "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس".
سار – صلى الله عليه وسلم- بالناس ومع الناس قريباً منهم، يدنو منه من شاء، ويكلمه من شاء، فهذا أعرابي يعرض له بين عرفات ومزدلفة يمسك بخطام ناقته وهي سائرة، ويوقفه والناس حوله يتساءلون: ماله؟ ماله؟ ولكن النبي – صلى الله عليه وسلم- يقطع عليهم تساؤلهم قائلاً: أرب ماله، -أي له شأن وله حاجة- وسأل الأعرابي: (يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال –صلى الله عليه وسلم-: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، دع الناقة). ويسير – صلى الله عليه وسلم- على حاله هذه "رخاء حيث أصاب" حتى وصل إلى نمرة فإذا قبة قد ضربت له هناك، فجلس فيها حتى زالت الشمس فركب راحلته القصواء، ثم نزل بها إلى بطن وادي عُرَنَة -وهو أرض دمثة فسيحة يسهل اجتماع الناس عليها وجلوسهم فيها- فاجتمع الناس حوله في بطن الوادي، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- على راحلته مشرف عليهم، أطاف به الناس فعرفته العيون، وأصاخت له المسامع، واشْرَأبَّت له الأعناق، وخفقت بحبه القلوب، تتعلق بمحياه، وتتلقف قوله، فتطاول – صلى الله عليه وسلم- للناس قد أمكن قدميه في الغرز، واعتمد على مقدم الرحل، وأشرف للناس ليخطبهم خطبة عظيمة، جمع فيها معاقد الدين، وعصم الملة، وتعظيم الحرمات، فدوى صوته بين أهل الموقف، حامداً الله مثنياً عليه، ثم قال: أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة ابن الحارث ابن عبد المطلب، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، واتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يواطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله".


صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفة حجة النبي- صلى الله عليه وسلم- كأنك معه (2)
» صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم كأنك تراها
» محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه
» محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه..
» محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: منتدى الحج والعمرة :: كتـــابـــات فـي الـحــــج والـعـمـــــرة-
انتقل الى: