80 تنبيها لكل حاج ومعتمر
أعده : د. يوسف بن عبدالله الأحمد
الأستاذ المساعد في كلية الشريعة بجامعة الإمام / قسم الفقه .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . أما بعــد.
فقد لحظت ولحظ غيري من طلاب العلم كثرة أسئلة الناس وإشكالتهم في الحج والعمرة ، وتكثر كذلك المخالفات الشرعية في أدائهم للنسك أو أثناء بقائهم في مكة ، فرأيت من المناسب إعداد هذا الموضوع ليتضمن الإجابة على ما أمكن من أسئلة الحجاج والمعتمرين المتكررة ، وكذلك التنبيه على كثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعضهم ، مع ذكر بعض الطرق والوسائل للدعاة وأهل الخير في كيفية الاحتساب عليها ، ويمكن أن آتي عليها في النقاط الآتية :
1. قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ( البقرة 197 ) .(الرفث: هو الجماع ودواعيه. والفسوق:هو المعصيـة . والجدال: هو الجدال بالباطـل، أو الجدال الـذي لا فائدة فيه، أو الـذي ضرره أكثر من نفعه).
وعن أبي هريرة _ أن رسول الله ‘ قال : "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" متفق عليه من حديث . وعنه أن رسول الله ‘ قال :" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .متفق عليه.
فاحذر أخي الحاج والمعتمر أن تقع في المعصية كبيرةً كانت أو صغيرة؛ كتأخير الصلاة عن وقتها، والغيبة،والنميمة، والسب والشتم، وسماع الغناء، وحلق اللحية، والإسبال، والتدخين، والنظر إلى الحرام في الشارع والتلفاز ، وعلى المرأة تغطية جميع بدنها بالحجاب الشرعي والبعد عن التبرج.
ومع كثرة الناس وشدة الزحام والتعب قد يبتلى الإنسان بالجدال المنهي عنه في الحج؛ مع رجل المرور أو سائق الحافلة،أوفي زحام الطواف والجمرات. فاحذر من استدراج الشيطان وحبائله، وكن حليماً، صابرا، معرضاً عن الجاهلين، لا يخرج من لسانك إلا الكلمة الطيبة.
2. يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض ؛ وهذا غير صحيح ؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء .
3. يجوز للمرأة لبس شراب القدم ؛ لأنه ليس من محظورات الإحرام ، بل يجب عليها إذا كانت تنكشف قدمها بدونه أمام الرجال الأجانب .
4. التلفظ بالنية كأن يقول : ( اللهم إني أريد ، أو نويت نسك كذا فيسره لي ) غير مشروع ، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول : لبيك عمرة أو لبيك حجاً .
5. يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون ، ووسائل النظافة الأخرى ، والمرهم ؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام ، بشرط : ألا تكون معطرة .
6. يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السواك و فرشاة و معجون الأسنان . أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضر ؛ لأنها ليست طيباً .
7. محظورات الإحرام . 1- إزالـة الشعـر. 2- تقليم الأظافر. 3- استعمال الطيب. 4- قتل الصيد (البري أما البحري فجائز). 5- لبس المخيط (على الرجال دون النساء). والمخيط هو المفصَّل على البدن كالثوب والفانيلة والسراويل والقميص والبنطلون والقفاز والجوارب.أما ما فية خياطة ولم يكن مفصلاً فلا يضر المحرم؛ كالحزام أو الساعة أو الحذاء الذي فيه خيوط. 6- تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية والغترة والعمامة والقبعة وما شابه ذلك، ويجوز الاستظلال بالشمسية والخيمة والسيارة، ويجوز حمل المتاع على الرأس إذا لم يقصد به التغطية. 7- لبس النقاب والقفازين (على المرأة)،فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز، كسدل الخمار على الوجه وإدخال اليدين في العباءة. 8 - عقد النكاح . 9 - الجمــاع . 10 - المباشرة لشهوة. 11-إنزال المني باستمناء أو مباشرة.
8. فاعل المحظور له ثلاث حالات:
أ- أن يفعل المحظور بلا عذر؛ فهو آثم وعليه الفدية.
ب- أن يفعل المحظور لحاجة، كحلق الرأس لمرض؛ ففعل المحظور جائز وعليه الفدية.
ج- أن يفعل المحظور وهو معذور بنوم أو نسيان أو جهل أو إكراه؛ فلا إثم عليه ولا فدية.
والمحظور إذا كان إزالة شعر، أو تقليم أظافر، أو استعمال طيب، أو مباشرة لشهوة، أو لبس الرجل للمخيط أو تغطية رأسه، أو لبس المرأة للنقاب أو القفاز؛ ففديته بين ثلاثة أشياء، يختار فاعل المحظور واحداً منها. وهي:
1 - ذبح شاة (يوزعها على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً).
2- إطعام ستـة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام ( ونصف الصاع كيلو ونصف من الأرز تقريباً ).
3- صيام ثلاثة أيام.
ويستثنى مما تقدم: المحظورات الآتية:
1- عقد النكاح؛ فإنه محرم ولا فدية فيه.
2- قتـل الصيد؛ فهو محرم و فيه الجزاء إذا قتله متعمداً .
3- الجماع (وهو أعظم المحظورات) فإن جامع متعمداً قبل التحلل الأول ترتب عليه خمسة أمور:
( 1- الإثم . 2- فساد الحج. 3- وجوب إكمال الحج. 4- وجوب قضاء الحج من العام القادم. 5 - وجوب الفدية ؛ وهي: بدنة تذبح في القضاء ) .
9. أنواع نسك الحج ثلاثة : تمتع، وقران، وإفراد. وأفضلها التمتع لأمر النبي ‘ به. وهو أن يحرم بالعمـرة وحدهـا في أشهر الحج( )، وبعد الانتهاء منها يحرم بالحج يوم التروية.
والإفراد: أن يحرم بالحج فقط؛ فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، ويشرع له أن يسعى سعي الحج بعد طواف القدوم.
والقران : أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، وعمل القارن كالمفرد إلا في أمرين:
1- النية؛ فالمفرد ينوي الحج فقط، والقارن ينوي العمرة والحج.
2- الهدي؛ فالقارن يلزمه هدي والمفرد لا يلزمه.
10. التلبية الجماعية بصوت واحد - التي يفعلها بعض الحجاج - بدعة، لم تثبت عن النبي ، ولا عن أحد من أصحابه. والصواب أن يلبي كل معتمر بصوت منفرد .
11. لا يلـزم أن يستمر المحرم ( رجـلاً كـان أو امـرأة ) في الثوب الذي أحرم فيـه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره مـتى شـاء ، ويجوز له أن يغتسل للتنظف ؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام .
12. يجوز للمرأة أن تمشط شعرها ، وأن تحك بدنها ؛ بشرط أن لاتتعمد إزالة الشعر . لقول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - : " كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
13. القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدة : الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات . وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة ، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدة ، فإن لم يفعل مكث في جدة بإحرامه فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته ، أو أنه لا يحرم أصلا فإذا انتهى من عمله في جدة رجع إلى الميقات فأحرم منه .
14. من سافر إلى جدة وهو لم يرد العمرة ، أو كان متردداً في العمرة ، ثم عزم على العمرة وهو في جدة : أحرم من جدة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها ، فأصبح حكمه حكم أهل جدة ، وأهل جدة يحرمون منها لأنهم دون المواقيت كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " وقت رسول الله ‘ لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشأم الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها " أخرجه البخاري ومسلم .
15. من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" قال ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت" أخرجه مسلم .
16. على المعتمر أن يحرص على ستر عورته ؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر. وأشد من ذلك تساهل بعض النساء بالنوم في الأماكن العامة فيراهن الرجال .
17. الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم . بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة ، فمن سعى على غير طهارة ، فسعيه صحيح ، ولا شيء عليه .
18. إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة ؛ فصلِّ معهم ثم أكمل الطواف من حيث توقفـت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة ؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
19. إذا احتجت للجلوس قليلاً ، أو لشرب ماء ، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
20. إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب ؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به ، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين : وهو الأقل ؛ فإذا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة .
21. بعض المعتمرين يضطبع من أول لبس الإحرام ، ويبقى مضطبعاً حتى ينتهي من العمرة أو من الحج ، وهذا خطأ ، والمشروع أن يغطي كتفيه ، ولا يضطبع إلا في الطواف الأول .
22. ركعتا الطواف يسن فعلهما خلف المقام . ومن الخطأ ما يفعله بعض الحجاج والمعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام فيؤذون بذلك الطائفين، والصواب : أن يرجع إلى الخلف حتى يبتعد عن الطائفين فيجعل المقام بينه وبين الكعبة . وإن صلاها في أي موضع من الحرم أجزأت.
23. ينتشر بين بعض الناس في الطواف و السعي بدعتان :
الأولى : التزام دعاءٍ معين لكل شوط، كما هو موجود في بعض الكتيبات.
الثانية : دعاء مجموعة من الحجاج خلف قائد لهم بصوت واحد مرتفع . فعلى الحاج أن يحذر من هاتين البدعتين ؛ لأنه لم يثبت فيهما شيء عن النبي ‘ أو أحد من أصحابه è . وفيه أيضاً إيذاء وتشويش شديد على الطائفين .
24. يسـن للمتمتع أن يحرم بالحج في يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ، من مكانـه الذي هو نازل فيه ، فيغتسـل ويتطيـب في بدنه، ويتجرد من المخيط، فيحـرم في رداء وإزار ونعلين. أما المرأة فتغتسل، وتلبس ما شاءت غير متبرجة بزينة، ولا تنتقب، ولا تلبس القفازين. وتستمر مشروعية التلبية ورفع الصوت بها إلى رمي جمرة العقبة من يوم النحر. و يسن المبيت هذه الليلة بمنى . وأن يصلي بها الظهر والعصـر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة، قصراً بلا جمع.
25. إذا طلعت الشمس من يوم عرفة ( وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ) سار الحاج من منى إلى عرفة، وهو يلبي أو يكبر، كما ثبت من فعل الصحابة è وهم مع النبي ‘ : يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه. فـإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصـر جمعاً وقصراً بأذان وإقامتين، ويخطـب الإمـام قبل الصلاة خطبةً تناسب المقـام . ثم يتفرغ الحاج بعد الصلاة للذكر والدعـاء والتضرع إلى الله - عز وجل - فيدعـو الله رافعاً يديه مستقبلاً القبلة إلى غروب الشمس؛ كمـا فعل النبي ‘ .
26. وينبغي على الحاج ألا يفرط في هذا الموقف العظيم ، فعليه أن يلح في الدعاء ، وأن يكثر من الدعاء ، وأن يتوب إلى الله توبة صادقة.
وإليك أخي الحاج بعض النصوص الدالة على فضل يوم عرفة :
1. حديث عبد الرحمن بن يَعمر الدِّيلي _ قال : شهدت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة ، وأتاه ناسٌ من أهل نجد فقالوا : يا رسول الله كيف الحج ؟ قال : " الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه .. الحديث " أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح .
2. وعن عائشة ~ إن رسول الله ‘ قال : " ما من يوم أكثرَ من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ؟" أخرجه مسلم.
27. إذا كان الحاج في عرفة فعليه أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وتعرف الحدود باللافتات الكبيرة حول عرفة .
28. مسجد نمرة ليس كله في عرفة؛ بل بعضه في عرفة (وهو الجزء الخلفي)،وبعضه خارج عرفة (وهو الجزء الأمامي).
29. من المخالفات الشرعية ما يعتقده بعض الناس أن لجبل عرفة فضيلة ؛ فتجدهم يصعدونه ويتزاحمون على صعوده ، بل بعضهم يستقبل الجبل بالدعاء ولا يستقبل القبلة .
30. يتعجل بعض الحجاج فيخرج من عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس ؛ وهذا خطأ. والواجب أن يبقى في عرفة حتى تغرب الشمس.
31. يعتقـد بعض الناس أن حصى الجمار يؤخذ من حين وصولهم مزدلفـة ؛ وهـذا اعتقاد غير صحيح ؛ لم يفعله النبي ‘ . والتقاطها جائز من أي موضع.
32. يحرم تأخـير العشاء عن وقتها، وهو نصف الليل ؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص _ عن النبي ‘ أنه قال : " ووقت العشـاء إلى نصف الليل " أخرجه مسلم . فإذا خشي خروج الوقت صلى المغـرب والعشـاء في أي مكان ولو في عرفـة.
33. يظن بعض الناس أن نصف الليل هو الساعة الثانية عشرة، وهذا خطأ، والصواب أنه نصف مجموع ساعات الليل، ويمكن التوصل إليه بالعملية الحسابية الآتية: (مجموع ساعات الليل ÷ 2 + وقت الغروب = منتصف الليل) ؛ فإذا كانت الشمس تغرب الساعة السادسة مثلاً، والفجر يطلع الساعة الخامسة، فنصف الليل يكون: الساعة الحادية عشرة والنصف. (مجموع ساعات الليل 11 ÷ 2 +وقت الغروب 6 = الحادية عشرة والنصف).
34. من المخالفات المؤلمة في هذه الليلة : أن كثيراً من الحجاج يصلّون الفجر قبل دخول الوقت ، والصلاة لا تصح إذا فعلت قبل دخول الوقت .
35. على الحاج أن يتأكد أنه داخل حدود مزدلفة، ويعرف ذلك باللافتات الكبيرة حول مزدلفة.
36. الضعفة والنسـاء يجوز لهم الدفع إلى منى في آخر الليل لحديث ابن عباس قال: "بعث بي رسول الله ‘ بسَحَر من جَمع (مزدلفة) في ثَقَل نبي الله ‘ " أخرجه مسلم . والسَّحر : آخر الليل . وقد كانت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ترتحل من مزدلفه بعد مغيب القمر ـ كما في الصحيحين وسيأتي ـ ومغيب القمر يكون بعد مضي ثلثي الليل تقريباً.
37. أعمال يوم النحر: 1- رمي جمرة العقبة . 2- ذبح الهدي (على المتمتع والقارن). 3- الحلق أو التقصير والحلق أفضل. 4- طواف الإفاضة 5- سعي الحج ( للمتمتع ، أما القارن والمفرد فيسعيان أيضاً إذا لم يسعيا مع طواف القدوم ) .
38. هذا الترتيب هو السنة، فلو لم يرتب فلا حرج عليه ؛ كمن قدم الطواف على الحلق ، أو قدم الحلق على الرمي ، أو قدم السعي على الطواف ، أو غير ذلك .
فعن عبدالله بن عمرو ù قال : " رأيت النبي ‘ عند الجمرة وهو يُسأل فقال رجل : يا رسول الله نحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج . قال آخر : يا رسول الله حلقت قبل أن أنحر ؟ قال : انحر ولا حرج . فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج " متفق عليه . وفي رواية عند مسلم : " وأتاه آخر فقال : إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج .. " . وعن أسامة بن شريك _ قال : خرجت مع النبي ‘ حاجاً فكان الناس يأتونه ؛ فمن قال : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً أو أخرت شيئاً فكان يقول : لا حرج لا حرج .. الحديث " أخرجه أبوداود بسند صحيح.
39. رمي جمرة العقبة يكون بسبع حصيـات متعاقبات، يرفع يده ويكبر عنـد رمي كل حصاة، والسنة أن يستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه.
40. يبدأ وقت رمي جمرة العقبة في حق الأقوياء بعد طلوع الشمس. لحديث ابن عباس قال: قدَّمنا رسول الله ليلة المزدلفة أُغيلمةَ بني عبد المطلب على حُمُرات، فجعل يَلْطخُ أفخاذنا، ويقول: "أُبَيْني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس". صحيح سنن أبي داود ح1940.
أمـا النساء والضعفاء فيجوز لهم الرمي مـن حين وصولهم إلى منى من آخر الليل لحـديث أسماء رضي الله عنها؛ فعن عبـد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلـت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلـّت ساعة ثم قالت: يا بُنَي هل غاب القمـر؟ قلت: لا. فصلت ساعةً ثم قالت: هـل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هَنَتاه، ماأُرانا إلا قد غلسنا. قالت: يا بُني، إن رسول الله أذن للظُّعْن متفق عليه. ( ومعنى قوله : يا هنتاه ..الخ أي يا هذه ما أظننا إلا قد رمينا بليل . والمراد بالظعن : النساء ).
41. ويمتد وقت رمي جمرة العقبة إلى الزوال( ). وله أن يرميها بعد الزوال ولو في الليل إذا وجد إذا لم يتيسر رميها قبل الزوال ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل يوم النحر بمنى ، فيقول : لا حرج . فسأله رجل فقال : حلقتُ قبل أن أذبح ؟ قال : اذبح ولا حرج . وقال : رميت بعد ما أمسيت فقال : لا حرج " أخرجه البخاري .
42. جمرة العقبة حوضها نصف دائرة -في الدور السفلي-، فلا بد من التأكد من وقوعها في الحوض، ولو تدحرجت بعد ذلك فلا حرج.
43. السنة أن يبادر بذبح الهدي والحلق والطواف والسعي، وإن أخرها عن يوم النحر فلا حرج.
44. ذبح الهدي واجب على المتمتع والقارن، أما المفرد فلا يجب عليه هدي. ومن لم يجد الهدي فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. قال الله تعالى { فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (البقرة 196) .
ولا يلزم أن يكون الذبح في منى بل يجوز في مكة وبقية الحرم، ويجوز أن يشترك سبعة في البعير أو البقرة، والسنة أن يذبح بيده وإن وكّل غيره جاز.
والسنة أن يضجع الهدي (البقرة أو الشاة) على جانبها الأيسر، ويستقبل بها القبلة، وأن يضع قدمه على صفحة العنق. أما الإبل فالسنة نحرها قائمةً معقولة اليد اليسرى، ووجهها إلى القبلة.
ويشترط ذكر اسم الله عند الذبح، ويسن أن يزيد فيقول: بسم الله، والله أكبر، اللهم إن هذا منك ولك، اللهم تقبل مني.
ويستمر وقت الذبح إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر.
45. الطواف بالبيت سبعة أشواط، كما سبق في طواف العمرة، ولكن دون رمل أو اضطباع، ثم يسن أن يصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر ذلك ـ وقد سبق التنبيه إلى خطأ ما يفعله بعض الحجاج والمعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام وإيذاء الطائفين بذلك ، وأن الصواب : أن يرجع إلى الخلف حتى يبتعد عن الطائفين فيجعل المقام بينه وبين الكعبة . وإن صلاها في أي موضع من الحرم أجزأت .
46. السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وصفته كما سبق في سعي العمـرة. و القارن والمفرد يكفيهما السعـي الأول إن كانا قد سعيا مع طواف القدوم.
47. التقصير لابد أن يعم جميع الرأس، والمرأة تجمع شعرها فتقص منه قدر أنملة، وإن كان شعرها متفاوت الطول أخذت من كل أطواله حتى تعم جميع الرأس أو أكثره .
48. إذا رمى الحاج جمرة العقبة وحلق أو قصر حلّ التحلل الأول (أي جاز له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء).ويسن له أن يتنظف ويتطيب قبل الطواف.
49. وإذا رمى ، وحلق أو قصر ، وطاف طواف الإفاضة ، حل التحلل الثاني (أي جاز له كل شيء حتى النساء).
50. يجب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق وهي: ليلة الحادي عشر،والثاني عشر (للمتعجل)، والثالث عشر (للمتأخر). و يجب رمي الجمار أيام التشريق، وصفتها كالآتي: يرمـي الحاج الجمرات الثلاث في كل يوم مـن أيام التشريق بعد الزوال، بسبع حصيـات متعاقبات لكل جمرة، ويكبر مع كل حصاة؛ فيكون مجموع الحصى الواجب رميه في كل يوم إحدى وعشرين حصاة. (وحجم الحصا أكبر من الحمص قليلاً). فيبدأ برمي الجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد الخيف، ثم يتقدم عن يمينه فيقوم مستقبلاً القبلة، فيقوم قياماً طويلاً، ويدعو، ويرفع يديه. ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيقوم مستقبلاً القبلة، فيقوم قياماً طويلاً، ويدعو، ويرفع يديه. ثم يرمي جمرة العقبة، فيستقبلها ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه، ولا يقف عندها.ثم يرمي في اليوم الثاني عشر والثالث عشر كذلك.
51. من الخطأ غسل حصا الجمار؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي ولا أصحابه.
52. العـبرة بسقوط الحصى في الحوض لا برمي الشاخص (والشاخص هو العمود الذي في وسط الحوض).
53. وقت الرمي يبدأ من زوال الشمس إلى غروبها، ولا بأس برميها ليلاً عند الحاجة؛ لقول النبي : " الراعي يرمي بالليل ويرعى في النهار " حديث حسن ( السلسلة الصحيحة ح 2477).
54. لا يجـوز التـوكيل في الرمي إلا عند العجز، أو خوف الضرر لكبر أو مرض أو صغر ونحو ذلك، فيرمي عن نفسه أولاً الجمرة الأولى سبعاً ثم يرمي عن موكله ثم الجمرة الوسطى والعقبة كذلك.
55. أمـا توسع بعض الناس اليوم في التوكيل فهو خطأ، ومن خشي الزحام من الرجال أو النساء فعليه أن يذهب في الأوقات التي ليس فيها زحام؛ كالليل.
56. لابد من الترتيب في رمي الجمار الثلاث؛ الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة.
57. من الخطأ ما يفعله بعض الناس: من السـب والشتم عند الجمرات، والرمي بالحذاء والشمسية والحجارة الكبيرة، واعتقاد أن الشيطان مربوط في الشاخص (العمود الذي في منتصف الحوض) .
58. يتحقق المبيت الواجب في منى بالمكث بها أكثر الليل؛ فإذا كان مجموع ساعات الليل (إحدى عشرة ساعة) مثلاً، فالواجب أن يمكث بها أكثر من خمس ساعات ونصف.
59. يجوز (للمتعجل) أن ينصرف من منى في اليـوم الثاني عشر، بعد رمي الجمار ويخـرج قبل غروب الشمس؛ فإن غربت وهـو بمنى لزمه المبيت والرمي من الغـد؛ إلا أن يكون قد استعد للانصراف وغربت عليه الشمس بمنى بسبب الزحام ونحوه؛ فيجوز له أن ينفر منها ولا شيء عليه.
60. إذا انتهيت من رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر، فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منى قبل الغروب، وإن شئت أن تتأخر وهو الأفضل، فبت في منى ليلة الثالث عشر، وارم الجمرات الثلاث بعد الزوال وقبل غروب الشمس لأن أيام التشريق تنتهي بغروب الشمس.
61. يحصل الزحام الشديد وتضرر أعداد كبيرة من الناس عند الجمرات في كل عام في ظهر اليوم الثاني عشر ؛ ولذلك فإنه من المهم التنبه إلى أن المتعجل لا يلزمه الرمي ظهراً بل يجوز له الرمي عصراً بعد أن يخف الزحام .
62. إن غربت الشمس من اليوم الثاني عشر (اليوم الثاني من أيام التشريق) وأنت بمنى لزمك المبيت تلك الليلة بمنى والرمي من الغد، إلا أن تكون مستعداً للخروج ولكن غربت عليك الشمس وأنت بمنى بسبب الزحام مثلاً : جاز لك الخروج ولا شيء عليك.
63. يجب عند سفرك من مكة أن تطوف طواف الوداع، سبعة أشواط، ويسن أن تصلي بعده ركعتين خلف المقام.
64. الحائض والنفساء ليس عليهما طواف وداع ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " أخرجه البخاري ومسلم .
65. ملخص أركان وواجبات العــمــرة والحــج :
أركان العمرة: 1 - الإحرام (وهو نية الدخول في النسك). 2 - الطواف. 3 - السعي.
واجبات العمرة: 1 - الإحرام من الميقات. 2 - الحلق أو التقصير.
أركان الحج: 1- الإحـرام. 2-الوقوف بعرفة. 3- طواف الإفاضة. 4- السـعــي.
واجبات الحج: 1 - الإحرام من الميقات. 2 - الوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهاراً .
3 - المبيت بمزدلفة. 4 - المبيت ليالي التشريق بمنى. 5 - رمي الجمار (جمرة العقبة يوم النحر، والجمار الثلاث أيام التشريق بالترتيب). 6 - الحلق أو التقصير. 7 - نحر الهدي (للمتمتع والقارن، دون المفـرد). 8 - طواف الوداع.
66. المحظور في حق المرأة مخيط الوجه واليدين ؛ فلا يجوز أن تغطي وجهها بالنقاب ، أو البرقع ، أو اللثام ، ويجوز لها أن تغطي وجهها بغير ذلك كالغطاء العادي . ولا يجوز أن تلبس القفازين ، ولكن يجب أن تغطيهما أمام الرجال الأجانب بإدخال اليدين في العباءة ؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : أن النبي ‘ قال : " .. ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " أخرجه البخاري .
و يعتقد بعض النساء جواز كشف الوجه أمام الرجال ما دامت محرمة وهذا خطأ ، والواجب تغطيته ؛ ومن الأدلة على ذلك:
1) عن فاطمة بنت المنذر رحمها الله أنها قالت : " كنا نخمر وجوهنا ، ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق " أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح .
2) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ~ قالت : " كنا نغطي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام " أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي وصححه الألباني في الإرواء .
3) وعن عائشة ~ قالت : " المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران ، ولا تتبرقع ، ولا تتلثم ، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت " أخرجه البيهقي بسند صحيح. ( انظر الإرواء 4/212). وهذا الأثر يؤكد أن المحظور على المرأة مخيط الوجه وليس التغطية كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
أما حديث " إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها " فإنه لايصح عن النبي ‘ ، وقال عنه ابن القيم رحمه الله : "لا أصل له ".
وكثير من النساء القادمات للعمرة يكشفن وجوههن أثناء الإحرام وبعده ، حتى أصبح كشف الوجه ظاهرة في الحرم ، فلابد أن تعلم المرأة أن كشفها للوجه أمام الرجال الأجانب محرم شرعاً لما سبق من الأدلة وغيرها ، والواجب عليها التوبة إلى الله وستره أمام الرجال الأجانب .
67. كثير من النساء لايلبسن الجلباب ، وتكتفي بلبس الثوب أو البنطال وتظن أن الحجاب وضع الخمار على الرأس فقط وهذا مفهوم فاسد للحجاب . والواجب على المؤمنة أن تلبس الجلباب (العباءة) إذا خرجت أمام الرجال ، والدليل على ذلك قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً } ( الأحزاب 59). وعن أم سلمة ~ قالت : " لما نزلت ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ) خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ " أخرجه أبوداود بسند صحيح .
والدليل الثاني على وجوب لبس الجلباب : حديث أم عطية ~ قالت : " أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور ( وهي المرأة التي لم تتزوج ) فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهن قالت امرأة : يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب ، قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها " أخرجه البخاري ومسلم .
68. تزينُ بعض النساء يوم العيد ـ وخصوصاً من بعض الجاليات ـ فتمر أمام الرجال بلبس جميل الثياب ووضع (المكياج)، وتظن أن هذا من الفرح بالعيد، وما علمت أنه من أعظم الفسوق في الحج، وقد قال النبي ‘ : "ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء " . متفق عليه من حديث أبي هريرة _ .
69. بعض الناس يكتفي بتقصير جزء من شعر الرأس من الأمام والخلف ، وهذا التقصير لا يكفي، والواجب أن يعمّ جميع الرأس بالحلق أو التقصير، لقوله تعالى :{محلقين رؤوسكم ومقصرين}.
70. المرأة الحائض يجوز لها أن تحرم بالعمرة ولكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر . وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها من مكة وهي لم تطهر وهي مضطرة للرجوع معهم ، فالحل هنا : ألا تحرم وتدخل مكة بدون إحرام ، فإن رجع أهلها وهي لم تطهر رجعت معهم ولا حرج عليها لأنها لم تحرم ، وإن طهرت وهي في مكة أحرمت بالعمرة كأهل مكة من أدنى الحل كالتنعيم وطافت وسعت وقصرت ؛ لأنها تجاوزت الميقات وهي غير جازمة بالعمرة .
أما إذا تجاوزت الميقات وهي عازمة على العمرة لكنها لا تريد أن تبقى محرمة عدة أيام قبل الطهر ، فالواجب عليها أن ترجع إلى الميقات وتحرم منه ؛ لأنه وجب في حقها الإحرام من الميقات .
وإذا أحرمت بالحج تعمل ما يعمل الحاج إلا الطواف بالبيت ، فإذا طهرت طافت بالبيت طواف الإفاضة ؛ فعن عائشة ~ زوج النبي صلى الله عليه وسلم : " أن صفية بنت حيي ~ زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت في حجة الوداع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أحابستنا هي ؟ فقلت : إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم فلتنفر " أخرجه البخاري ومسلم .
71. لا يجوز المرور أمام المصلي إذا كان إماماً أو منفرداً . أما المأمومون فيجوز المرور أمامهم وبين الصفوف. وينبغي على المصلي أن يبتعد عن مكان مرور الناس في الحرم . وعليه أن يتخذ سترة يصلي إليها ويقرب منها كالجدار والعامود ورف المصاحف ونحو ذلك ولا يضره من مرّ وراء السترة ، وألا يقل طولها عن ذراع . فعن أبي سعيد _ قال : سمعت النبي ‘ يقول : " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان " أخرجه البخاري ومسلم.
72. لا فرق في أحكام السترة بين الحرم المكي وغيره على القول الراجح من قولي العلماء ، فإذا كان المرور بين يدي المصلي في غير الحرم محرماً ففي الحرم من باب أولى ، بل قد ثبت اتخاذ السترة في الحرم من فعل الصحابة ؛ فعن يحي بن كثير قال : "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئاً أو هيأ شيئاً يصلي إليه".رواه ابن سعد .
وعن صالح بن كيسان قال : " رأيت ابن عمر _ يصلي في الكعبة ولا يدع أحداً يمرّ بين يديه ". رواه أبو زرعة في تاريخ دمشق وابن عساكر في تاريخ دمشق . ( وإسناد الأثرين صحيح كما قال الألباني في كتابه حجة الرسول ‘ ص22 ).
أما حديث المطلب بن أبي وِداعة قال : " رأيت رسول الله ‘ يصلي والناس يمرون بين يديه ، ليس بينه وبين الكعبة سترة " فإن إسناده ضعيف أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة ، وقال ابن حجر :"رجاله موثوقون إلا أنه معلول " الفتح (1/687) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفةح 928.
73. من الخطأ ما يفعله بعض الناس من تكرار العمـرة إذا وصـل إلى مكة ؛ فإن ذلك ليس مـن هـدي النبي ‘ ولا أصحابه è ولو كان فيه فضل لسبقونا إليه.
74. من بدع بعض الحجاج والمعتمرين ذهابهم إلى غار حراء والتبرك به والدعاء أو الصلاة عنده.
ومن البدع أيضاً التبرك بالمكتبة الموجودة أمام ساحة المسعى أو الصلاة أو الدعاء عندها بل بعضهم يستقبلها ويستدبر الكعبة ، كل هذا ظناً منهم أن النبي ‘ ولد فيها ، ولو فرضنا جدلاً صحة مولد الرسول ‘ فيها ، فإن هذا لا يعني تخصيص هذا المكان بأي نوع من العبادة ، فقد اعتمر النبي ‘ واعتمر أصحابه ولم يذهبوا إلى غار حراء ولا إلى مكان مولد النبي ‘ ، ولو كان في الذهاب إليهما فضل لسبقونا إليه ، وقد ثبت عن النبي ‘ أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد" أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة ، وفي رواية لمسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ". ومن أحب النبي ‘ اتبعه ولم يبتدع في دينه.
75. المسافر القادم للحج أو العمرة يسن له في الطريق القصر والجمع ، أما أثناء بقائه في مكة فيسن له أن يقصر فقط، أما الجمع فجائز له وتركه أفضل . والمشروع في حقه أن يصلي الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، وإذا صلى في المسجد فيجب عليه أن يتم الرباعية متابعة للإمام حتى لولم يدرك منها إلا ركعة واحدة ، والدليل عليه حديث ابن عباس _ أن موسى بن سلمة رحمه الله قال : كنا مع ابن عباس بمكة فقلت : " إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين . قال : تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم " أخرجه أحمد بسند جيد . و أصرح منه أثر ابن عمر رضي الله عنهما أن أبا مجلز قال : قلت لابن عمر : أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر ؟ فقال : صل بصلاتهم " أخرجه عبدالرزاق بسند صحيح .
76. من المخالفات المؤلمة ظاهرة المعاكسات من قبل بعض الشباب ، وظاهرة التبرج وكثرة التسوق ومزاحمة الرجال من بعض النساء الذين قدموا للحج والعمرة ، وكذلك تساهل الآباء والأمهات مع بناتهم في لبس العباءة المتبرجة والذهاب إلى الأسواق بدون محرم ، وقد حصل بسبب هذا التساهل مفاسد عظيمة ، وقد قال النبي ‘ : "ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء" .متفق عليه. والواجب على المرأة المسلمة أن تقر في بيتها أولاً ، فإذا احتاجت للخروج فلابد أن تحتجب عن الرجال الأجانب بلبس الجلباب الواسع (عباءة الرأس الواسعة ) ولا يبدو منها شيء ؛ لا وجهها ولا يداها ولا قدماها ؛ لقول النبي : " المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان" .أخرجه الترمذي بإسناد صحيح. (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).
77. نشاهد أحياناً مع الأسف الشديد أن يصلي الرجل بجانب المرأة ، أو خلفها في ساحات الحرم ، وهذا خطأ فاحش . والواجب أن يصلي الرجل مع الرجال ، وأن تصلي المرأة مع النساء. فإذا أقيمت الصلاة والمرأة بين الرجال ولم تجد طريقاً إلى مكان النساء ، فإنها لا تصلي معهم ، بل تنتظر حتى تنتهي الصلاة ، ثم تذهب إلى مكان النساء .
78. من المخالفات التي نشاهدها في الحرم أيضاً : مسك الحذاء باليد اليمنى ، ثم يصافح بها ، ويأكل بها . والصواب أن يكون مسك الحذاء باليد اليسرى ، فعن عائشة قالت : " كانت يد رسول الله اليمنى لطهوره وطعامه ، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى". أخرجه أبو داود بسند صحيح .
79. يكثر في المسجد الحرام الصلاة على الجنائز ، وصفتها بإيجاز أن يكبر أربع تكبيرات وهو قائم ثم يسلم. ففي التكبيرة الأولى يرفع يديه ثم يقرأ الفاتحة ، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي ‘، وأفضل صيغ الصلاة على النبي ‘ هي التي علمها النبي ‘ لأصحابه ، ومنها : " اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلىآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ". ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بالمغفرة والرحمة ويخلص له في الدعاء ، وإن دعا بما ورد عن النبي ‘ فهو أفضل، ومما ثبت عن النبي من الأدعية : ( اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ،وذكرنا وأنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ،اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده ) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح . ومما ثبت أيضاً ( اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسِّع ُمدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، وزوجاً خيراً من زوجه ، وأدخله الجنة ،وأعذه من عذاب القبر ، ومن عذاب النار ) أخرجه مسلم من حديث عوف بن مالك . ثم يكبر الرابعة ويسلم عن يمينه.
80. أوصي طلاب العلم في ذهابهم إلى الحج والعمرة أن ينشطوا في الأعمال الدعوية والاحتسابية ؛ ومن الوسائل المقترحة :
أ.الإكثار من توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات ، فلايذهب أحد إلى مكة إلا وقد حمل معه قدراً كبيراً من ذلك .
ب.الانفتاح مع الآخرين والتعرف عليهم ، والحديث معهم بالدعوة إلى الخير والتنبيه على ما وقع فيه من مخالفة شرعية كلبس الدبلة وحلق اللحية والإسبال وغير ذلك .. ، وأخذ عناوينهم من أجل مراسلتهم بعد ذلك ، وتهديه خلال جلوسك معه كتيباً أو مطوية نافعة ، وكذلك ينبغي أن يفعل الأخوات مع النساء فلا تذهب إلى المسجد الحرام إلا ومعها عدد من المطويات أوالكتيبات أو الأشرطة ، وبعد انتهائها من الصلاة تتحدث مع هذه وتعطيها شريطاً ، وتتحدث مع تلك وتعطيها مطوية وهكذا.
ج.وضع مظروف يشتمل على العباءة الإسلامية وغطاء الوجه والقفاز والشراب الأسود ومعها نشرة عن الحجاب بلغات مختلفة ، ويتم توزيعه بأعداد كبيرة على النساء ، وأوصي الجمعيات الخيرية بهذه الفكرة .
د.ممارسة المناصحة والإنكار الميداني من قبل طلاب العلم على المظاهر البدعية والمخالفات الشرعية ، وعلى المتبرجات ، وكاشفات الوجة ، وعلى من يعاكس النساء ، ويشرب الدخان ، وغير ذلك في الحرم والطرقات والأسواق بالرفق والكلمة الطيبة .
وهذا آخر الموضوع والحمد لله رب العالمين
29/11/1425هـ
يوسف بن عبد الله الأحمد
جامعة الإمام / كلية الشريعة بالرياض / قسم الفقه
العنوان
ص. ب:156616 - الرمز البريدي : 11778
ناسوخ / 014307275 هاتف 0505920634
http://saaid.net/Doat/yusuf/index.htm
http://alahmad.islamlight.net