منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Empty
مُساهمةموضوع: خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Emptyالإثنين 11 أكتوبر 2010, 11:49 am


خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ

مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نُبْذَةً:

الْنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ، مِنْ بَنِيَّ هَاشِمٍ، وُلِدَ فِيْ مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيْهِ عَبْدِ الْلَّهِ بِأَشْهُرٍ قَلِيْلَةٍ، تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آَمِنَةُ وَهُوَ لَا يَزَالُ طِفْلَا، كَفَلِهِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ عَمِّهِ أَبُوْ طَالِبَ، وَرَعَى الْغَنَمَ لِزَمَنٍ، تَزَوَّجَ مِنْ الْسَّيِّدَةِ خَدِيْجَةِ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَهُوَ فِيْ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِيْنَ مِنْ عُمْرِهِ، دَعَا الْنَّاسَ إِلَىَ الْإِسْلَامِ أَيْ إِلَىَ الإِيْمَانِ بِالْلَّهِ الْوَاحِدِ وَرَسُوْلِهِ، بَدَأَ دَعْوَتَهُ فِيْ مَكَّةَ فَاضَطَهَدَهُ أَهْلُهَا فَهَاجَرَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ حَيْثُ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ عَدَدٌ مِنْ الْأَنْصَارِ عَامَ 622 مْ فَأَصْبَحَتْ هَذِهِ الْسَّنَةُ بَدَءَ الْتَّارِيْخِ الْهِجْرِيِّ، تُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ.

سِيْرَتِهِ:

بِهَذَا الْنَّبِيّ الْكَرِيمْ خَتَمَ الْلَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ سِلْسِلَةُ هِدَايَةِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ.

صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْكَ يَا حَبِيْبِىْ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ

مُحَمَّدٍ (صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

فِيْ غَرْبِ الْجَزِيْرَةَ الْعَرَبِيَّةِ، وَفِيْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، وُلِدْتُ (آَمِنَةً بِنْتِ وَهْبٍ) ابْنَهَا
مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيْ الْلَّيْلَةِ الْثَّانِيَةِ عَشَرَةَ مِنْ رَبِيْعٍ الْأَوَّلِ
سُنَّةَ 571 مِيْلَّادِيَّةُ وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِعَامٍ الْفِيِلِ.

وَقَدْ وُلِدَ مُحَمَّدْ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتِيْما، فَقَدْ مَاتَ أَبُوْهُ، وَهُوَ`لَمْ يَزَلْ جِنِّيَّنا فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ، فَقَدْ خَرَجَ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ إِلَىَ تِجَارَةٍ فِيْ الْمَدِيْنَةِ فَمَاتَ هُنَاكَ، وَاعْتَنَى بِهِ جَدُّهُ عَبْدُالْمُطَّلِبِ، وَسَمَّاهُ مُحَمَّدا، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْمَ مَشْهُوْرا وَلَا مُنْتَشِرا بَيْنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ أَخَذَتْهُ الْسَّيِّدَةُ حُلَيْمَةٌ الْسَّعْدِيَّةِ لِتُرْضِعَهُ فِيْ بَنِيَّ سَعْدٍ بَعِيْدا عَنْ مَكَّةَ؛ فَنَشَأَ قَوِىَّ الْبُنْيَانِ، فَصِيْحٌ الْلِّسَانِ، وَرَأَوُا الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ مِنْ يَوْمِ وُجُوْدِهِ بَيْنَهُمْ.

وَفِيْ الْبَادِيَةِ، وَبَيْنَمَا مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، إِذْ جَاءَ إِلَيْهِ جِبْرِيْلُ -عَلَيْهِ الْسَّلَامُ- فَأَخَذَهُ، وَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً هِيَ حَظِّ الْشَّيْطَانَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِيْ طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَعَادَ الْقَلْبُ إِلَىَ مَكَانِهِ، فَأَسْرَعَ الْغِلْمَانَ إِلَىَ حَلِيْمَةَ فَقَالُوَا: إِنَّ مُحَمَّدا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوُهُ وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ الْلَّوْنِ، قَالَ أَنَسٌ بْنِ مَالِكٍ: كُنْتُ أَرَىَ أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِيْ صَدْرَهُ.[مُسْلِمٌ وَالْحَاكِمُ] وَلَمَّا رَأَتْ حُلَيْمَةٌ الْسَّعْدِيَّةِ ذَلِكَ، أُرْجِعَتْ مُحَمَدا صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ أُمِّهِ آَمِنَةَ، فَكَانَ مَعَهَا تَعْتَنِيْ بِهَ حَتَّىَ بَلَغَ الْسَّادِسَةْ مِنْ عُمُرِهِ، وَبَعْدَهَا تُوُفِّيَتْ، فَأَخَذَهُ جَدِّهِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ الَّذِيْ لَمْ يَزَلْ يَعْتَنِيَ بِهِ مُنْذُ وِلَادَتِهِ، وَلَمَّا مَاتَ جَدُّهُ وَهُوَ فِيْ الْثَّامِنَةِ مِنْ عُمْرِهِ، عَهْدِ بِكَفَالَتِهِ إِلَىَ عَمِّهِ أَبِىْ طَالِبٍ..

وَقَدْ شَهِدَ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْبٍ الْفُجَّارَ مَعَ أَعْمَامَهُ، وَهَذِهِ حَرْبٍ خَاضَتْهَا قُرَيْشٍ مَعَ كِنَانَةَ ضِدَّ قَيْسٍ عَيْلَانَ مِنْ هَوَازِنَ دَفَاعا عَنْ قَدْاسةُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وَمَكَانَةٌ بَيْتِ الْلَّهِ الْحَرَامِ، كَمَا شَهِدَ حَلَفَ الْفُضُولِ الَّذِيْ رُدَّتْ فِيْهَا قُرَيْشٌ لِرَجُلٍ مِنْ زُبَيْدٍ حَقُّهُ الَّذِيْ سَلَبَهُ مِنْهُ الْعَاصِ بْنْ وَائِلٍ الْسَّهْمِىِّ، وَكَانَ هَذَا الْحِلْفِ فِيْ دَارِ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ فِيْهِ قُرَيْشٌ عَلَىَ أَنْ تَرُدَّ لِلْمَظْلُوْمِ حَقَّهُ، وَكَانَ لِهَذَيْنِ الْحَدَثَيْنِ أَثَرَهُمَا فِيْ حَيَاةِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَكَانَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ قُرَيْشٍ امْرَأَةً شَرِيْفَةٌ تُسَمَّىَ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، كَانَتْ تَسْتَأْجِرُ الْرِّجَالَ فِيْ تِجَارَتِهَا، وَقَدْ سَمِعْتُ بِأَمَانَةٍ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تَعَرَّضَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ بِتِجَارَتِهَا إِلَىَ الْشَّامِ، وَتُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مَا تُعْطِىَ غَيْرِهِ، فَوَافَقَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ مَعَ غُلَامِهَا مَيْسَرَةٍ، وَتَاجِرا وَرِبْحَا، وَلَمَّا عَادا مِنْ الْتِّجَارَةِ، أَخْبَرَ مَيْسَرَةٍ سَيِّدَتِهِ خَدِيْجَةَ بِمَا لِمُحَمَّدِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَصَائِصِ، وَكَانَتْ امْرَأَةٌ ذَكِيَّةٍ، فَأَرْسَلَتْ تُخْطَبُ مُحَمَدا صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ جَاءَ عَمُّهُ أَبُوْ طَالِبٍ وَعَمَّهُ حَمْزَةَ وخَطَبَاهَا لِمُحَمَّدِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَزَوّجَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَدِيْجَةَ، وَكَانَتْ نَعَمْ الْزَّوْجَةُ الْصَّالِحَةُ، فَقَدْ نَاصَرْتُهُ فِيْ حَيَاتِهَا، وَبَذَلْتُ كُلِّ مَا تَمْلِكُ فِيْ سَبِيِلِ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْلَّهِ، وَقَدْ عَرَفَ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُسْنِ تَدْبِيْرِهِ وَحَكَّمَتْهُ وَرَجَاحَةِ عَقْلِهِ فِيْ حِلٍّ الْمُشْكِلَاتِ، فَقَدْ أَعَادَتْ قُرَيْشٍ بِنَاءً الْكَعْبَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوَا فِيْمَنْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مَكَانَهُ، حَتَّىَ كَادَتْ أَنْ تَقُوْمَ حَرْبٍ بَيْنَهُمْ، وَظَلُّوا عَلَىَ ذَلِكَ أَيَّاما، وَاقْتَرَحَ أَبُوْ أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيْرَةِ تَحْكِيْمِ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ ثَوْبَ، ثُمَّ أَمَرَ بِوَضْعِ الْحِجْرُ فِيْ الْثَّوْبِ، وَأَنْ تَأْخُذَ كُلَّ قَبِيْلَةِ طَرَفا مِنَ الْثَّوْبِ، فَرَفَعُوهُ جَمِيْعا، حَتَّىَ إِذَا بَلَغَ الْمَوْضِعَ، وَضَعَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْشَّرِيِفَةِ مَكَانَهُ، ثُمَّ بَنَىْ عَلَيْهِ، وَكَانَ آَنَذَاكَ فِيْ الْخَامِسَةِ وَالْثَّلاثِيْنَ مِنْ عُمْرِهِ.

وَلَمَّا قَرُبَتْ سَنَّ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْأَرْبَعِيْنَ، حُبِّبَتْ إِلَيْهِ الْعُزْلَةِ، فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِيْ غَارِ حِرَاءٍ، يُتَعَبَّدُ فِيْهِ، وَيَتَأَمَّلُ هَذَا الْكَوْنِ الْفَسِيحِ، وَفِيْ يَوْمِ مِنْ الْأَيَّامِ كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَبَّدُ فِيْ غَارٍ حِرَاءٍ، فَجَاءَ جِبْرِيْلُ، وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ.. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَهُ جِبْرِيْلُ فَضَمَّهُ ضَما شَدِيْدا ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ. قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَهُ جِبْرِيْلُ ثَانِيَةً وَضَمَّهُ إِلَيْهِ ضَما شَدِيْدا، وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ. قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. قَالَ لَهُ جِبْرِيْلُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيْ خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِيْ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عِلْمٍ الْإِنْسَانُ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [الْعَلَقَ:1-5] _[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

فَكَانَ هَذَا الْحَادِثِ هُوَ بِدَايَةٍ الْوَحْيِ، وَلَكِنَّ رَّسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَافَ مِمَّا حَدَثَ لَهُ، فَذَهَبَ إِلَىَ خَدِيْجَةَ وَطُلِبَ مِنْهَا أَنْ تُغَطِّيَهُ، ثُمَّ حَكَىَ لَهَا مَا حَدَثَ، فَطْمْأَنَتِهُ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْلَّهِ لَنْ يُضَيِّعَهُ أَبَدا، ثُمَّ ذَهْبَتِ بِهِ إِلَىَ ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَحَكَى لَهُ مَا رَأَىَ، فَبَشِّرْهُ وَرَقَةٍ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَتَمَنَّىْ أَنْ لَّوْ يَعِيْشُ حَتَّىَ يَنْصُرُهُ، لَكِنْ وَرَقَةٍ مَاتَ قَبْلَ الْرِّسَالَةِ، وَانْقَطَعَ الْوَحْىِ مُدَّةَ، فَحَزِنَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَزَلَ الْوَحْىُ مَرَّةً ثَانِيَةً، فَقَدْ رَأَىَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيْلَ قَاعِدا عَلَىَ كُرّسِىٍ بَيْنَ الْسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَرَجَعَ مُسَرَّعا إِلَىَ أَهْلِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: زَمِّلُونِى، زَمِّلُونِى (أَىُّ غَطُوَنّىْ) فَأَنْزَلَ الْلَّهُ تَعَالَىْ قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبُّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالْرُّجْزَ فَاهْجُرْ} _[الْمُدَّثِّرُ: 1-5] ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْىِ بَعْدَ ذَلِكَ [الْبُخَارِىُّ].

وَبَعْدَ هَذِهِ الْآَيَاتِ الَّتِىْ نَزَلَتْ كَانَتْ بِدَايَةَ الْرِّسَالَةِ، فَبَدَأَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوَ الْأَقْرَبِيْنَ إِلَىَ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ آَمَنَ خَدِيْجَةَ زَوْجَتِهِ، وَأَبُوْ بَكْرٍ صَدِيْقَهُ، وَعَلِيٌّ بِنُ أَبِىْ طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثُهُ مَوْلَاهُ، ثُمَّ تَتَابَعَ الْنَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيْ دُخُوْلِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْزَلَ الْلَّهُ -سُبْحَانَهُ- عَلَىَ رَسُوْلِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيْرَتَكَ الْأَقْرَبِيْنَ}_[الْشُّعَرَاءُ: 214]

فَكَانَ الْأَمْرُ مِنْ الْلَّهِ أَنْ يَجْهَرَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْدَّعْوَةِ، فَجَمَعَ أَقَارِبِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَأَعْلَمُهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مِنَ عِنْدَ الْلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-. وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُ الْلَّهِ تَعَالَىْ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِيْنَ} [الْحَجَرَ: 94]

قَامَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنْكِرُ عُبَادَةَ الْأَصْنَامَ، وَمَا عَلَيْهِ الْنَّاسُ مِنْ الضَّلَالَةِ، وَسَمِعْتُ قُرَيْشٍ بِمَا قَالَهُ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْهُمْ الْحَمِيَّةَ لِأَصْنَامِهِمْ الَّتِىْ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَحَاوَلُوْا أَنْ يَقِفُوْا ضِدَّ هَذِهِ الْدَّعْوَةِ الْجَدِيْدَةٍ بِكُلِّ وَسِيْلَةٍ، فَذَهَبُوا إِلَىَ أَبِىْ طَالِبٍ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمُ الْرَّسُوُلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَضَ، وَكَانُوْا يُشَوِّهُوْنَ صَوَّرْتُهُ لِلْحُجّاجِ مَخَافَةَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ، وَكَانُوْا يَسْخَرُوْنَ مِنَ الَّرَّسُولِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ الْقُرْآَنَ، وَّيَتَّهِمُونَهُ بِالْجُنُوْنِ وَالْكَذِبَ، لَكِنْ بِاءَتْ مُحَاوَلَاتِهِمْ بِالْفَشَلِ، فَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ تَأْلِيْفُ شَىْءٍ كَالْقُرْآَنِ فَلَمْ يَسْتَطِيْعُوْا، وَكَانُوْا يُؤْذُوْنَ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَشَدُّ الْإِيْذَاءِ كَىَ يَرُدُّوهُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَكَانَتْ الْنَّتِيجَةُ أَنْ تُمْسِكَ الْمُسْلِمُوْنَ بِدِيْنِهِمْ أَكْثَرَ.

وَكَانَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَمِعُ بِالْمُسْلِمِيْنَ سِرا فِيْ دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِىْ الْأَرْقَمِ يَعْلَمُهُمْ أُمُوْرِ الْدِّيْنِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بَعْدَ فَتْرَةٍ أَنْ يُهَاجِرُوْا إِلَىَ الْحَبَشَةِ، فَهَاجَرَ عَدَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ إِلَىَ الْحَبَشَةِ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَىَ الْنَّجَاشِىِّ يَرُدُّهُمْ، لَكِنَّ الْلَّهَ نَصَرَ الْمُسْلِمِيْنَ عَلَىَ الْكُفَّارِ؛ فَرَفَضَ الْنَّجَاشِىِّ أَنَّ يُسَلِّمُ الْمُسْلِمِيْنَ وَظَلُّوا عِنْدَهُ فِيْ أَمَانِ يَعْبُدُوْنَ الْلَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَاوَلَ الْمُشْرِكُوْنَ مُسَاوَمَةِ أَبِىْ طَالِبٍ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِأَنَّ يُسَلِّمُ لَهُمْ مُحَمَّدا إِلَّا أَنَّهُ أَبِىْ إِلَا أَنْ يَقِفَ مَعَهُ، فَحَاوَلُوْا قُتِلَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ الْلَّهَ مَنَعَهُ وَحِفْظِهِ.

وَفِيْ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْعَصِيبَةٌ أَسْلَمَ حَمْزَةُ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَكَانَا مَنَعَةٌ وَحِصْنا لِلْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِيْنَ لَمْ يَكُفُّوا عَنْ الْتَفْكِيْرِ فِيْ الْقَضَاءِ عَلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَّا عَلِمَ أَبُوْ طَالِبٍ بِذَلِكَ جَمَعَ بَنِيَّ هَاشِمٍ وَبَنِيَّ عَبْدِالْمُطَّلِبِ وَاتَّفَقُوْا عَلَىَ أَنَّ يَمْنَعُوْا الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يُصِيْبُهُ أَذَىً، فَوَافَقَ بَنُوْ هَاشِمٍ وَبَنُوْ عَبْدِالْمُطَّلِبِ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ إِلَّا أَبَا لَهَبٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ قُرَيْشٍ، فَاتَّفَقَتْ قُرَيْشٍ عَلَىَ مُقَاطَعَةِ الْمُسْلِمِيْنَ وَمَعَهُمْ بَنُوْ هَاشِمٍ وَبَنُوْ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَكَانَ الْحِصَارِ فِيْ شِعْبٍ أَبِىْ طَالِبٍ ثَلَاثٍ سَنَوَاتٍ، لَا يُتَاجِرُوْنَ مَعَهُمْ، وَلَا يَتَزَوَّجُونَ مِنْهُمْ، وَلَا يُجَالِسُّونَهُمْ وَلَا يُّكَلِّمُوْنَهُمْ، حَتَّىَ قَامَ بَعْضُ الْعُقَلَاءِ، وَنَادَوْا فِيْ قُرَيْشٍ أَنَّ يَنْقُضُوا الْصَّحِيْفَةِ الَّتِىْ كَتَبُوْهَا، وَأَنْ يُعِيْدُوْا الْعَلَاقَةٌ مَعَ بَنِيَّ هَاشِمٍ وَبَنِيَّ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَوَجَدُوْا الْأَرَضَةُ أَكَلَتْهَا إِلَا مَا فِيْهَا مِنْ اسْمٍ الْلَّهِ.

وَتَرَاكَمَتْ الْأَحْزَانُ فِيْمَا بَعْدُ لِوَفَاةِ أَبِىْ طَالِبٍ عَمِّ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجِهِ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَقَدْ ازْدَادَ اضْطِهَادٌ وَتَعْذِيْبُ الْمُشْرِكِيْنَ، وَفَكَّرَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ مَكَّةَ إِلَىَ الْطَّائِفِ يَدْعُوَ أَهْلُهَا إِلَىَ الْإِسْلَامِ، إِلَا أَنَّهُمْ كَانُوْا أَشْرَارا، فَأَهَانُوا الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ ابْنِ حَارِثَةَ الَّذِيْ كَانَ مَعَهُ، وَأَثْنَاءَ عَوْدَتِهِ بَعَثَ الْلَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِ نَفَرا مِنَ الْجِنِّ اسْتَمِعُوَا إِلَىَ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ، فَآَمِنُوا.

وَأَرَادَ الْلَّهُ -سُبْحَانَهُ- أَنَّ يُخَفَّفُ عَنْ الْرَّسُولَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ رِحْلَةٌ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَالَّتِى فُرِضَتْ فِيْهَا الْصَّلَاةُ، خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِيْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَاطْمَأَنَّتْ نَفْسٍ الْنَّبِيّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الرِّحْلَةِ، لِيَبْدَأَ مِنْ جَدِيْدٍ الْدَّعْوَةِ إِلَىَ الْلَّهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْلَّهَ مَعَهُ لَنْ يَتْرُكَهُ وَلَا يَنْسَاهُ، فَكَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِيْ مَوْسِمِ الْحَجِّ يَدْعُوَ الْنَّاسَ إِلَىَ الْإِيْمَانِ بِاللَّهِ وَأَنَّهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ، فَآَمَنَ لَهُ فِيْ الْسُّنَّةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ النُّبُوَّةِ عَدَدَ قَلِيْلٌ، وَلَمَّا كَانَتْ الْسُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ الْنُّبُوَّةِ أَسْلَمَ سِتَّةِ أَشْخَاصٍ مِنْ يَثْرِبَ كُلُّهُمْ مِنْ الْخَزْرَجِ، وَهُمْ حُلَفَاءَ الْيَهُوْدُ، وَقَدْ كَانُوْا سَمِعُوْا مِنَ الْيَهُوْدِ بِخُرُوْجِ نَبِيَّ فِيْ هَذَا الْزَّمَانِ، فَرَجَعُوَا إِلَىَ أَهْلِيْهِمْ، وَأَذَاعُوْا الْخَبَرَ بَيْنَهُمْ.

وَعَادُوْا الْعَامِّ الْقَادِمْ وَهْمٌ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، فِيْهِمْ خَمْسَةُ مِمَّنْ حَضَرَ الْعَامَ الْمَاضِىْ وَبِايِّعُوْا رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَفْتُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ بِبَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الْأُوْلَىْ فَرَجَعُوَا وَأَرْسَلَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ لِيُعَلِّمَهُمْ أُمُوْرٍ دِيْنَهُمْ، وَقَدْ نَجَحَ مُصْعَبٍ بْنِ عُمَيْرٍ نَجَاحا بَاهِرا، فَقَدِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَدْعُوَا كِبَارِ الْمَدِيْنَةِ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، حَتَّىَ آَمَنَ عَدَدُ كَبِيْرٌ مِنْهُمْ، وَفِيْ الْسَّنَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْنُّبُوَّةِ، جَاءَ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ نَفْسا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ فِيْ مَوْسِمِ الْحَجِّ، وَالْتَقَوْا بِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعُوْهُ بَيْعَةً الْعَقَبَةِ الْثَّانِيَةِ، وَتَمَّ الِاتِّفَاقُ عَلَىَ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ.

وَأْمُرْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهَا الْصَّحَابَةِ أَنْ يُهَاجِرُوْا إِلَىَ يَثْرِبَ، فَهَاجَرَ مَنْ قَدَّرَ مَنْ الْمُسْلِمِيْنَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ، وَبَقَى رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُوْ بَكْرٍ وَعَلَىَ وَبَعْضُ الضُّعَفَاءِ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيْعُوْنَ الْهِجْرَةِ، وَسَمِعْتُ قُرَيْشٍ بِهِجْرَةِ الْمُسْلِمِيْنَ إِلَىَ يَثْرِبَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّ مُحَمَّدا صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَابُدَّ أَنْ يُهَاجِرَ، فَاجْتَمَعُوْا فِيْ دَارِ الْنَّدْوَةِ لُمُحَاوَلَةُ الْقَضَاءِ عَلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ الْلَّهُ -سُبْحَانَهُ- نَجَّاهُ مِنْ مَكْرِهِمْ، وَهَاجَرَ هُوَ وَأَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ عَلِيا مَكَانَهُ لِيَرُدَّ الْأَمَانَاتِ إِلَىَ أَهْلِهَا.

وَهَاجَرَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَبُوْ بَكْرٍ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ، وَاسْتَقْبَلَهُمَا أَهْلِ الْمَدِيْنَةِ بِالْتِرْحَابِ وَالْإِنْشَادِ، لِتَبْدَأَ مَرْحَلَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ مَرَاحِلُ الْدَّعْوَةِ، وَهِيَ الْمَرْحَلَةِ الْمَدِنِيَّةِ، بَعْدَ أَنْ انْتَهَتْ الْمَرْحَلَةِ الْمَكِّيَّةِ، وَقَدْ وَصَلْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِيْنَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (12 رَبِيْعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ 1هِـ/ الْمُوَافِقُ 27 سَبْتَمْبَرْ سُنَّةَ 622مْ)

وَنَزَلَ فِيْ بَنِيَّ النَّجَّارِ، وَعَمِلَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ تَأْسِيْسْ دَوْلَةً الْإِسْلامُ فِيْ الْمَدِيْنَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا صَنَعَهُ أَنْ بَنَىْ الْمِسْجِدْ الْنَّبَوِىِّ، لِيَكُوْنَ دَارِ الْعِبَادَةِ لِلْمُسْلِمِيْنَ، ثُمَّ آَخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِيْنَ وَالْأَنْصَارِ، كَمَا كُتِبَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاهَدَةً مَعَ الْيَهُوْدِ الَّذِيْنَ كَانُوْا يَسْكُنُوْنَ الْمَدِيْنَةِ.

وَبَدَأَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتَنَى بِبِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ دَاخِلِيا، كَىْ يَكُوْنْ صَفا وَاحِدا يُدَافِعُ عَنِ الْدَّوْلَةِ الْنَّاشِئَةِ، وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِيْنَ بِمَكَّةَ لَمْ تَهْدَأْ ثَوْرَتَهُمْ، فَقَدْ أَرْسَلُوْا إِلَىَ الْمُهَاجِرِيْنَ أَنَّهُمْ سَيَأْتُونَهُمْ كَىَ يَقْتُلُوَهُمْ، فَكَانَ لَابُدَّ مِنْ الْدِّفَاعِ، فَأَرْسَلَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَدا مِنْ الَسَّرَايَا، كَانَ الْغَرَضِ مِنْهَا التَّعَرُّفِ عَلَىَ الْطُّرُقِ الْمُحِيْطَةِ بِالْمَدِيْنَةِ، وَالْمَسَالِكِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَىَ مَكَّةَ، وَعَقَدَ الْمُعَاهَدَاتِ مَعَ القَبَائِلِ الْمُجَاوِرَةِ وَإِشْعَارِ كُلِّ مَنْ مُشْرِكِى يَثْرِبَ وَالْيَهُوْدِ وَعَرَّبَ الْبَادِيَةِ وَالْقُرَشِيِّينَ أَنْ الْإِسْلَامِ قَدْ أَصْبَحَ قَوِيا.

وَكَانَتْ مِنَ أَهُمْ الْسَّرَايَا الَّتِىْ بَعَثَهَا رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ سَرَّيَّةِ سَيْفٌ الْبَحْرِ، وَسَرِّيَّةِ رَابِغَ، وَسَرِّيَّةِ الْخَرَّارِ، وَسَرِّيَّةِ الْأَبْوَاءِ، وَسَرِّيَّةِ نَخْلَةٌ، وَفِيْ شَهْرِ شَعْبَانُ مِنْ الْسَنَةِ الْثَّانِيَةُ الْهِجْرِيَّةُ فَرَضَ الْلَّهُ الْقِتَالَ عَلَىَ الْمُسْلِمِيْنَ، فَنَزَلَتْ آَيَاتِ تُوَضِّحُ لَهُمْ أَهَمِّيَّةِ الْجِهَادِ ضِدَّ أَعْدَاءِ الْإِسْلامِ، وَفِيْ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَمْرٍ الْلَّهِ -سُبْحَانَهُ- رَسُوُلِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْوِيْلِ الْقِبْلَةِ مِنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَىَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَكَانَ هَذَا إِيْذَانا بِبَدْءِ مَرْحَلَةٍ جَدِيدَةٍ فِيْ حَيَاةِ الْمُسْلِمِيْنَ خَاصَّةً، وَالْبَشَرْيَّةِ عَامَّةً.

بَعْدَ فَرْضِ الْجِهَادِ عَلَىَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَتَحَرُّشٍ الْمُشْرِكِيْنَ بِهِمْ، كَانَ لَابُدَّ مِنْ الْقِتَالِ فَكَانَتْ عِدَّةَ لِقَاءَاتْ عَسْكَرِيَّةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، أَهَمِّهَا: غَزْوَةٍ بَدْرٍ الْكُبْرَىَ فِيْ الْعَامِ الْثَّانِىَ الْهَجَرِىِّ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ خَرَجَتْ بِقَافِلَةٍ تِجَارِيَّةٌ كَبِيْرَةً عَلَىَ رَأْسِهَا أَبُوْ سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَقَدْ خَرَجَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ ثَلَاثِمِائَةِ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا لِقَصْدِ هَذِهِ الْقَافِلَةُ، لَكِنْ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ يَتَحَسَّسُ الْخَبَرَ فَأَرْسَلَ رَجُلا إِلَىَ قُرَيْشٍ يَعْلَمُهُمْ بِمَا حَدَثَ، ثُمَّ نَجَحَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيْ الْإِفْلَاتَ بِالْعَيْرِ وَالْتِّجَارَةِ، وَاسْتَعَدْتُ قُرَيْشٍ لِلْخُرُوْجِ، فَخَرَجَ أَلْفِ وَثَلَاثِمِائَةٍ رَجُلٌ، وَأَرْسَلَ أَبُوْ سُفْيَانَ إِلَىَ قُرَيْشٍ أَنَّهُ قَدْ أَفْلَتَ بِالْعَيْرِ، إِلَا أَنْ أَبَا جَهْلٍ أَصَرَّ عَلَىَ الْقِتَالِ، فَرَجَعَ بِنُوُ زَهْرَةَ وَكَانُوْا ثَلَاثَمِائَةٍ رَجُلٌ، وَاتَّجَهَ الْمُشْرِكُوْنَ نَاحِيَةٍ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُوْنَ قَدْ سَبَقُوْهُمْ إِلَيْهَا بَعْدَ اسْتِطِّلاعَاتِ وَاسْتِكِشَافَّاتِ.

وَبَدَأَتْ الْحَرْبِ بِالْمُبَارَزَةِ بَيْنَ رِجَالِ مَنْ الْمُشْرِكِيْنَ وَرِجَالٌ مَنْ الْمُهَاجِرِيْنَ، قُتِلَ فِيْهَا الْمُشْرِكُوْنَ، وَبَدَأَتْ الْمَعْرَكَةِ، وَكَتَبَ الْلَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِلْمُسْلِمِيْنَ فِيْهَا الْنَّصْرُ وَلِلْكُفّارِ الْهَزِيْمَةِ، وَقَدْ قُتِلَ الْمُسْلِمُوْنَ فِيْهَا عَدَدا كَبِيْرا، كَمَا أَسَرُّوْا آُخَرِيْنَ، وَبَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ عِلْمٍ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِيَّ سُلَيْمٍ مِنْ قَبَائِلِ غَطَفَانَ تَحْشُدُ قُوَّاتِهَا لِغَزْوِ الْمَدِيْنَةِ، فَأَسْرَعَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ مِائَتَىْ رَجُلٍ وَهَاجَمَهُمْ فِيْ عُقْرِ دَارِهِمْ، فَفِرُّو?ا بَعْدَ أَنْ تَرَكُوْا خَمْسَمِائَةِ بَعِيْرٍ اسْتَوْلَىَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُوْنَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ فِيْ شَوَّالٍ (2هِـ) بَعْدَ بَدْرٍ بَسَبْعَةِ أَيَّامِ، وَعَرَفْتُ بِغَزْوَةٍ بَنِيَّ سُلَيْمٍ.

وَرَأَتْ الْيَهُوْدِ فِيْ الْمَدِيْنَةِ نَصْرُ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَاظُوا لِذَلِكَ، فَكَانُوْا يُثِيْرُونَ القَلَاقِلِ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ عَدَاوَةً بَنُوْ قَيْنُقَاعَ، فَجَمَعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُوْدَ بِالْمَدِيْنَةِ وَنُصْحِهِمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، إِلَا أَنَّهُمْ أَبْدَوْا اسْتِعْدَادِهِمْ لِّقِتَالٍ الْمُسْلِمِيْنَ، فَكَظّمْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْظَهُ، حَتَّىَ تُسَبِّبُ رَجُلٌ مِنْ بَنِيَّ قَيْنُقَاعَ فِيْ كَشْفِ عَوْرَةَ امْرَأَةِ، فَقَتَلَهُ أَحَدُ الْمُسْلِمِيْنَ، فَقُتِلَ الْيَهُوْدُ الْمُسْلِمِ فَحَاصَرَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ قَيْنُقَاعَ، ثُمَّ أَجْلَاهُمْ عَنْ الْمَدِيْنَةِ بِسَبَبِ إِلْحَاحُ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ أَبِىْ بْنِ سَلُوْلٍ.

وَفِيْ ذِيْ الْحِجَّةِ سَنَةَ (2هِـ) خَرَجَ أَبُوْ سُفْيَانَ فِيْ نَفَرٍ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ، فَأُحَرِّقَ بَعْضٍ أَسْوَارِ مَنْ الْنَّخِيلِ، وَقُتِّلُوْا رَجُلَيْنِ، وَفِّرُوْا هَارِبِيْنَ، فَخَرَجَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ أَثَرِهِمْ، إِلَا أَنَّهُمْ أَلْقَوْا مَا مَعَهُمْ مِنَ مَتَاعُ حَتَّىَ اسْتَطَاعُوْا الْإِسْرَاعُ بِالْفِرَارِ وَعَرَفْتُ هَذِهِ الْغَزْوَةِ بِغَزْوَةٍ الْسَّوِيُّقَ، كَمَا عَلَّمَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَفَرا مِنْ بَنِيَّ ثَعْلَبَةَ وَمُحَارِبٌ تَجْمَعُوْا يُرِيْدُوْنَ الْإِغَارَةِ عَلَىَ الْمَدِيْنَةِ، فَخَرَجَ لَهُمْ الْرَسَوُلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّىَ وَصَلَ إِلَىَ الْمَكَانِ الَّذِيْ تَجْمَعُوْا فِيْهِ، وَكَانَ يُسَمَّىْ بِـ(ذِيْ أَمْرِ) فَفِرُّو?ا هَارِبِيْنَ إِلَىَ رُءُوْسِ الْجِبَالِ، وَأَقَامَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرا لِيُرْهِبُ الْأَعْرَابِ بِقُوَّةٍ الْمُسْلِمِيْنَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ فِيْ أَوَائِلِ صَفَرَ سُنَّةَ (3هِـ).

وَفِيْ جُمَادَىْ الْآَخِرَةِ سَنَةً (3هِـ) خَرَجَتْ قَافِلَةِ لِقُرَيْشٍ بِقِيَادَةِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَمَعَ أَنَّ الْقَافِلَةِ اتَّخَذْتُ طَرِيْقا صَعْبا لَا يَعْرِفُ، إِلَا أَنْ الْنَّبَأِ قَدْ وَصَلَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ وَخَرَجْتُ سَرَّيَّةِ بِقِيَادَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، اسْتَوْلَتْ عَلَىَ الْقَافِلَةِ وَمَا فِيْهَا مِنْ مَتَاعٍ، وَفِّرْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَمَنْ مَّعَهُ، اغْتَاظَ كُفَّارٌ مَكَّةَ مِمَّا حَدَثَ لَهُمْ فِيْ غَزْوَةٍ بَدْرٍ، فَاجْتَمَعُوْا عَلَىَ الاسْتِعْدَادِ لِّقِتَالٍ الْمُسْلِمِيْنَ، وَقَدْ جَعَلُو?ا الْقَافِلَةِ الَّتِىْ نَجَا بِهَا أَبُوَسُفْيَانَ لِتَمْوِيلِ الْجَيْشِ وَاسْتَعَدْتُ الْنِّسَاءِ الْمُشْرِكَاتِ لِلْخُرُوْجِ مَعَ الْجَيْشِ لتَحُمِيْسَ الْرِّجَالِ، وَقَدْ طَارَتْ الْأَخْبَارِ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ بِاسْتِعْدَادِ الْمُشْرِكِيْنَ لِلْقِتَالِ، فَاسْتَشَارَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْصَّحَابَةِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِمْ -بَدْءا- أَنَّ يَبْقُوْا فِيْ الْمَدِيْنَةِ، فَإِنَّ عَسْكَرِ الْمُشْرِكُوْنَ خَارِجَهَا، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَنَالُوْا مِنْهُمْ شَيْئا، وَإِنْ غَزَوَا الْمَدِيْنَةِ، قَاتِلُوْهُمْ قِتَالِا شَدِيْدا.

إِلَا أَنَّ بَعْضَ الْصَّحَابَةِ مِمَّنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقِتَالِ فِيْ بَدْرٍ، أَشَارُوْا عَلَىَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوْجَ مِنَ الْمَدِيْنَةِ، وَكَانَ عَلَىَ رَأْسِ الْمُتَحَمِّسِيْنَ لِلْخُرُوْجِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، وَلَبِسَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ الْحَرْبِ، وَخَرَجَ الْجَيْشِ وَفِيْهِ أَلْفَ مُقَاتِلُ، وَاتَّخَذَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانا قَرِيْبا مِنْ الْعَدُوّ عِنْدَ جَبَلِ أُحُدٍ، وَمَا كَادَ وَقْتِ الْمَعْرَكَةِ أَنَّ يَبْدَأُ حَتَّىَ تَرَاجَعَ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ أَبِىْ سَلُوْلَ بِثُلُثِ الْجَيْشِ، بِزَعْمٍ أَنْ الْرَّسُوْلَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَكْرَهَ عَلَىَ الْخُرُوْجِ، وَمَا أَرَادَ بِفِعْلَتِهِ إِلَا بَثَّ الْزَّعْزَعَةُ فِيْ صُفُوْفِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَبَقِىَ مِنْ الْجَيْشِ سَبْعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ عَدَدُ الْمُشْرِكِيْنَ ثَلَاثَةِ
آَلَافِ مُقَاتِلُ.

وَاتَّخَذَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانا مُتَمَيِّزا فِيْ الْمَعْرَكَةِ، وَجَعَلَ بَعْضٍ الْمُقَاتِلِيْنَ فِيْ الْجَبَلِ، وَهُوَ مَا عُرِفَ فِيْمَا بَعْدُ بِجَبَلِ الْرُّمَاةُ، وَأُمِّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَالَلَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمُوْا ظُهُوْرِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَأَلَا يَنْزِلُوْا مُهِمَّا كَانَ الْأَمْرُ، سَوَاءُ انْتَصَرَ الْمُسْلِمُوْنَ أَمْ انْهَزَمُوَا، إِلَا إِذَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَدَأَتْ الْمُبَارَزَةِ بَيْنَ الْفَرِيْقَيْنِ، وَقَتْلُ فِيْهَا الْمُسْلِمُوْنَ عَدَدا مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ، وَكَانَ مُعْظَمُهُمْ مِمَّنْ كَانُوْا يَحْمِلُوْنَ لِوَاءَ الْمُشْرِكِيْنَ، حَتَّىَ أَلْقَىَ الْلِّوَاءِ عَلَىَ الْأَرْضِ، وَاسْتَبْسَلَ الْمُسْلِمُوْنَ وَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيْدا، وَاسْتَبْسَلَ مِنْ كَانُوْا عَلَىَ الْجَبَلِ.

إِلَا أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا الْمُسْلِمِيْنَ يَجْمَعُوْنَ الْغَنَائِمِ نَزَلُوْا، فَذَكَّرَهُمْ قَائِدَهُمْ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوْا لَهُ، وَلَاحَظَ خَالِدٍ بْنِ الْوَلِيّدِ، فَرَجَعَ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَطُوِّقَ جَيْشٍ الْمُسْلِمِيْنَ، وَاضْطَرَبَتْ الْصُّفُوفَ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكُوْنَ مِنْ الْمُسْلِمِيْنَ سَبْعِيْنَ رَجُلا وَاقْتَرَبَوْا مِنْ رَّسُوْلٍ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِيْ أُصِيْبَ بِبَعْضٍ الْإِصَابَاتُ، وَالَّذِي حَاوَلَ الْمُشْرِكُوْنَ قَتَلَهُ لَوْلَا بَسَالَةٌ بَعْضٌ الْصَّحَابَةِ مِمَّنْ دَافِعٍ عَنْهُ، وَقَدْ أَشَيِّعُ قُتِلَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ انْتَشَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ كَذَّبَ الْخَبَرْ، فَتَجَمَّعُوْا حَوْلَهُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَطَاعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَرِقَ طَرِيْقا وَيَنْجُوَ بِمَنْ مَعَهُ، وَصَعِدُوا الْجَبَلِ، وَحَاوَلَ الْمُشْرِكُوْنَ قِتَالِهِمْ، إِلَا أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيْعُوْا، فَرَجَعُوَا وَخَشِىَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْرِكُوْنَ، فَخَرَجَ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فَحَسْبُ، وَلَمْ يَقْبَلْ غَيْرِهِمْ إِلَا عَبْدِالْلَّهِ بْنِ جَابِرٍ فَقَدْ قَبِلَ عُذْرُهُ.

وَخَرَجَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْصَّحَابَةِ حَتَّىَ وَصَلُوْا إِلَىَ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَقَدْ أَقْبَلَ مَعْبَدِ بْنِ أَبِىْ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ وَأَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَخَادَعَةً أَبِىْ سُفْيَانَ إِنْ كَانَ قَدْ أَرَادَ الْرُّجُوْعَ لِحَرْبِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَفِيْ طَرِيْقِ الْعَوْدَةِ اتَّفَقَ الْمُشْرِكُوْنَ عَلَىَ الْرُّجُوْعِ، فَقَابِلْهُمْ مَعْبَدِ بْنِ أَبِىْ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُوْ سُفْيَانَ قَدْ عَلِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ مُحَمَّدا صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ جَيْشا كَبِيْرا لِقِتَالِكُمْ، كَىَ يَسْتَأْصِلُكُمْ، فَارْجِعُوَا، وَأَحْدَثَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ زَعْزَعَةُ فِيْ صُفُوْفِ الْمُشْرِكِيْنَ.

وَبَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ، بَعَثَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الْسَّرَايَا لِتَّأْدِيبَ مِنَ يُرِيْدُ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَىَ الْمُسْلِمِيْنَ، كَسَرِيِّةٍ أَبِىْ سَلَمَةَ فِيْ هِلَالِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ (4هِـ) إِلَىَ بَنِيَّ أَسَدٍ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَبَعَثَ عَبْدِاللّهِ بْنِ أُنَيْسٍ لِخَالِدٍ بْنِ سُفْيَانَ الَّذِيْ أَرَادَ حَرْبٍ الْمُسْلِمِيْنَ، فَأَتَىَ عَبْدِاللّهِ بْنِ أُنَيْسٍ بِرَأْسِهِ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيْ بَعَثَ الْرَّجِيْعِ قُتِلَ بَعْضُ الْصَّحَابَةِ، وَفِيْ الْسَّنَةِ نَفْسِهِا، بَعَثَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الْصَّحَابَةِ لِأَهْلِ نَجْدٍ، لِيَدْعُوَهُمْ إِلَىَ الْإِسْلَامِ، وَفِيْ الْطَّرِيْقِ عِنْدَ بِئْرِ مَعُوْنَةَ أَحَاطَ كَثِيْرٍ مِنْ الْمُشْرِكِيْنَ بِالْمُسْلِمِيْنَ، وَقتلُوْا سَبْعِيْنَ مِنْ الْصَّحَابَةِ، وَلَمَّا بَلَغَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْخَبَرِ، حُزْنٍ حَزَنا شَدِيْدا، وَدَعَا عَلَىَ الْمُشْرِكِيْنَ.

وَكَانَتْ يُهَوَّدُ بَنِيَّ الْنَّضِيْرِ يُرَاقِبُوْنَ الْمَوْقِفِ، وَيَسْتَغِلُّونَ أَىُّ فُرْصَةً لِإِشْعَالِ الْفِتْنَةِ وَكَانَ بَعْضُ الْصَّحَابَةِ قَدْ قَتَلُوَا اثْنَيْنِ خَطَأً مَعَهُمَا عَهْدٌ مِنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنْ بُنَوْدِ الْمِيْثَاقَ بَيْنَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْيَهُوْدِ، أَنَّ يُسَاعِدُ كُلَّ مَنْ الْطَّرَفَيْنِ الْآَخِرَ فِيْ دَفْعِ الْدِّيَةُ، فَلَمَّا ذَهَبَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ حَاوَلُوا قَتَلَهُ، إِلَّا أَنَّ الْلَّهَ سُبْحَانَهُ حَفِظَهُ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جِبْرِيْلُ، يُخْبِرُهُ بِمَا يُرِيْدُوْنَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوْا، وَلَكِنَّ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ أَبِىْ وَعِدْهُمْ بِالْمُسَاعَدَةِ، فَرَفَضُوا الْخُرُوْجَ، وَحَاصَرَهُمْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَةً أَيَّامٍ، وَبَعْدَهَا قَرَّرُوْا الْخُرُوجِ عَلَىَ أَنْ يَأْخُذُوَا مَتَاعَهُمْ، وَاسْتَثْنَىً رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلَاحَهُمْ، فَأَخَذَهُ، وَأَخَذَ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ، فَتَفَرَّقَ يُهَوَّدُ بَنِيَّ الْنَّضِيْرِ فِيْ الْجَزِيْرَةِ.

وَفِيْ شَعْبَانَ مِنْ الْعَامِ الْرَّابِعُ الْهِجْرِيّ خَرَجَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ أَلْفَ وَخَمْسِمِائَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ، لِمُلْاقَاةِ أَبِىْ سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، كَمَا اتَّفَقُوْا فِيْ غَزْوَةِ أُحُدٍ إِلَا أَنْ أَبَا سُفْيَانَ خَافَ، فَتَرَاجَعَ هُوَ وَجَيْشُهُ خَوْفا مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَيُسَمَّى هَذَا الْحَادِثِ بِغَزْوَةٍ بَدْرٍ الْصُّغْرَىْ أَوْ بَدْرَ الْآَخِرَةِ، وَطَارَتْ الْأَنْبَاءِ إِلَىَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْقَبَائِلَ حَوْلَ دُوْمَةَ الْجَنْدَلِ تَحْشُدُ جَيْشا لِّقِتَالٍ الْمُسْلِمِيْنَ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ جَيْشٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وفَاجَأَهُمْ، فَفِرُّو?ا هَارِبِيْنَ وَكَانَ ذَلِكَ فِيْ أَوَاخِرِ رَبِيْعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ (5هِـ) وَبِذَا فَقَدْ اسْتَطَاعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُدّ كُلِّ عُدْوَانَ، حَتَّىَ يَتَسَنَّى لَهُ الْأَمْرَ لِتَبْلِيْغِ دَعْوَةَ الْلَّهِ.

وَلَمْ تَنْسَ الْيَهُوْدُ تِلْكَ الْهَزَائِمَ الَّتِىْ لَحِقَتْ بِهَا، لَكِنَّهَا لَا تَسْتَطِيْعُ مُوَاجَهَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ يُهَوَّدُ بَنِيَّ الْنَّضِيْرِ يَأَلِبُونَ الْمُشْرِكِيْنَ فِيْ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا عَلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّىَ اجْتَمَعَ عَشْرَةَ آَلَافِ مُقَاتِلُ، وَقَدْ عُلِمَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَاسْتَشَارَ الْصَّحَابَةَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ بِحَفْرِ خَنْدَقٍ، فَحُفِرَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْصَّحَابَةِ الْخَنْدَقِ شَمَالِ الْمَدِيْنَةِ، لِأَنَّهُ الْجِهَةِ الْوَحِيدَةْ الَّتِىْ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِىَ الْأَعْدَاءِ مِنْهَا.

وَذَهَبَ زَعِيْمٌ بَنِيَّ الْنَّضِيْرِ حُيَىٍّ بْنِ أَخْطَبَ إِلَىَ زَعِيْمٌ بَنِيَّ قَيْنُقَاعَ الْمُتَحَالِفَةِ مَعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُ يَنْقُضُ الْعَهْدَ، إِلَا أَنْ الْلَّهُ حُمَّىْ الْمُسْلِمِيْنَ وَحَفِظَهُمْ فَقَدْ أَسْلَمَ نُعَيْمٌ بْنِ مَسْعُوْدٍ الَّذِيْ أَوْقَعَ الْدُسّيْسَة بَيْنَ الْيَهُوْدِ وَقُرَيْشٌ، وَجَعَلَ كُلَّا مِنْهُمُ يَتَشَكَّكُ فِيْ الْآَخَرِ، وَأَرْسَلَ الْلَّهُ عَلَيْهِمْ رِيْحا شَدِيْدَةً دُمِّرَتْ خِيَامِهِمْ، وَأَطْفَأْتَ نِيْرَانِهِمْ؛ فَاضْطِرُوا إِلَىَ الْرَّحِيْلِ وَالْفِرَارُ، وَقَالَ بَعْدَهَا الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْآَنَ نَغْزُوَهُمْ وَلَا يَغْزُوْنَنَا) وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ بِغَزْوَةٍ الْخَنْدَقِ أَوْ الْأَحْزَابُ، وَكَانَتْ فِيْ الْعَامِ الْخَامِسْ الْهَجَرِىِّ.

وَقَبْلَ أَنْ يَخْلَعَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مَلَابِسِ الْحَرْبِ، جَاءَهُ جِبْرِيْلُ، وَأَمْرُهُ بِأَنْ يَذْهَبْ لِغَزْوِ بَنِيَّ قُرَيْظَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَتَحَرَّكَ الْجَيْشِ الْإِسْلَامِىُّ وَكَانَ عَدَدُهُ ثَلَاثَةٌ آَلَافِ مُقَاتِلُ وَحَاصَرَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ قُرَيْظَةَ فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَئِيْسُهُمْ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ ثَلَاثَ اقْتِرَاحَاتٍ؛ إِمَّا أَنْ يُسَلِّمُوْا فَيَأَمَنُوا عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوَا ذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، ثُمَّ يَخْرُجُوْا لِقِتَالِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَإِمَّا أَنْ يَهْجُمُوْا عَلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ يَوْمَ الْسَّبْتِ؛ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُجِيْبُوهُ إِلَىَ شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ بَعْدَ الْرَّفْضِ إِلَا أَنْ يَنْزِلُوْا عَلَىَ حُكْمِ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثُوا إِلَىَ أَبِىْ لُبَابَةَ بْنُ الْمُنْذِرِ-وَكَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ- لِيُخْبِرَهُمْ عَنْ حُكْمِ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَىَ أَبُوْ لُبَابَةَ بَنِيَّ قُرَيْظَةَ رَقَّ قَلْبُهُ إِلَيْهِمْ، وَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ إِلَىَ حَلْقِهِ كِنَايَةٌ عَنْ الْقَتْلِ، وَعَلَّمَ أَبُوْ لُبَابَةَ أَنَّهُ خَانَ الْلَّهَ وَرَسُوْلَهُ، فَذَهَبَ إِلَىَ مَسْجِدِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبَطَ نَفْسَهُ، وَأَقْسَمَ أَلَا يَفُكُّهُ أَحَدٌ إِلَّا الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَنَزَلَتْ الْيَهُوْدُ عَلَىَ حُكْمِ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّفَقَ أَنْ يَحْكُمَ فِيْهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ سَعْدٌ بِأَنْ يُقْتَلَ الْرِّجَالُ، وَتُسْبَى الْنِّسَاءُ وَالذَّرَارِيِّ، وَكَانَ هَذَا حُكْمَ الْلَّهِ فِيْهِمْ، وَكَانَتْ الْغَزْوَةِ فِيْ ذِيْ الْقَعْدَةِ مِنْ الْعَامِ الْخَامِسُ الْهَجَرِىِّ، وَبَعْدَ غَزْوَةِ بَنِيَّ قُرَيْظَةَ بَعَثَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قُتِلُوَا سَلَامٌ بْنِ أَبِىْ الْحُقَيْقِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْيَهُوْدِ الَّذِيْنَ أَثَارُوْا الْأَحْزَابُ ضِدَّ الْمُسْلِمِيْنَ.

وَفِيْ شَعْبَانَ مِنْ الْعَامِ الْسَّادِسُ الْهَجَرِيِّ عِلْمٍ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ زَعِيْمٌ بَنِيَّ الْمُصْطَلِقِ جَمَعَ قَوْمَهُ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَرَبِ لِّقِتَالٍ الْمُسْلِمِيْنَ، فَتَأَكَّدْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَبَرِ، وَخَرَجَ فِيْ عَدَدِ مِنْ الْصَّحَابَةِ، حَتَّىَ وَصَلَ مَاءً الْمُرَيْسِيْعَ، فَفَرَّ الْمُشْرِكُوْنَ، وَاسْتَوْلَىَ الْمُسْلِمُوْنَ عَلَىَ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَفِيْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَانَتْ حَادِثَةً الْإِفْكِ الَّتِىْ افْتُرِىٍ فِيْهَا عَلَىَ الْسَيِّدَةُ عَائِشَةَ، وَاتُهِمَتْ بِالْخِيَانَةِ، فَأَنْزَلَ الْلَّهُ -سُبْحَانَهُ- بَرَاءَتَهَا فِيْ قُرْآَنٍ يُتْلَىَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَقَدْ أَرَادَ الْمُنَافِقُوْنَ أَنْ يَدسّوا الْفِتْنَةِ ب


خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmed_laban في الإثنين 11 أكتوبر 2010, 2:08 pm عدل 4 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Emptyالإثنين 11 أكتوبر 2010, 2:18 pm



وَقَدْ أَرَادَ الْمُنَافِقُوْنَ أَنْ يَدسّوا الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ بَعْدَ الْانْتِهَاءِ مِنَ الْحَرْبِ، فَقَالَ عَبْدُالْلَّهِ بْنُ أَبِيْ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ (يَعْنِىَ الْأَعَزُّ هُوَ، وَالْأَذَلّ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَامَ ابْنُهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِاللّهِ بْنِ أَبِىْ بِالاعْتِذَارِ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَ أَبَاهُ مِنْ دُخُوْلِ الْمَدِيْنَةِ، وَقَالَ لَهُ: رَسُوْلَ الْلَّهِ هُوَ الْأَعَزُّ وَأَنْتَ الْأَذَلَّ.

وَفِيْ هَذَا الْعَامِ الْسَّادِسُ مِنْ الْهِجْرَةِ رَأَىَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ الْمَنَامْ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَخَذَ مِفْتَاحُ الْكَعْبَةِ، وَطَافُوا وَاعْتَمِرُوْا فَكَانَتْ بُشْرَىَ مِنَ الْلَّهِ، بِفَتْحِ مَكَّةَ فِيْمَا بَعْدُ، وَاسْتَعَدَّ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعُمْرَةِ وَخَرَجَ مَعَهُ عَدَدٌ كَبِيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ قُرَيْشٍ، اسْتَعْدَتْ لِلْحَرْبِ وَسَاقَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ؛ دَلَالَةَ عَلَىَ عَدَمِ نِيَّةٍ الْحَرْبِ، وَبَعَثَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، لِيَرَىْ رَأْيَ قُرَيْشٍ.

وَاحْتَجَزَتِ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ فَتْرَةٍ، وَأُشَيَّعَ نَبَأَ قَتَلَهُ، وَبَايَعَ الْصَّحَابَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَظَلَّتْ الْمُرَاسَلَاتِ بَيْنَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، انْتَهَتْ بِأَنْ أَرْسَلْتَ قُرَيْشٍ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِوٍ لِيُعْقَدَ صَلَحَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنْ ضِمْنِ بِنَوْدِهِ وَقَفَ الْحَرْبِ بَيْنَ الْفَرِيْقَيْنِ عَشْرٍ سِنِيْنَ، وَلِلْقَبَائِلَ أَنَّ تَدَخُّلَ فِيْ حِلْفِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِيْ حِلْفِ قُرَيْشٍ، وَأَنَّهُ مِنَ فَرَّ مَنْ الْمُسْلِمِيْنَ إِلَىَ قُرَيْشٍ لَا تَرُدُّهُ قُرَيْشٍ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَىَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّهُ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمَعَ أَنَّ الْظَّاهِرَ فِيْ بَعْضِ بُنْوَدَ هَذِهِ الْمُعَاهَدَةُ الْظُّلْمِ، إِلَّا أَنَّهَا أَتَاحَتْ الْفُرْصَةَ لِانْتِشَارِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتِرَافِ قُرَيْشٍ بِالْمُسْلِمِيْنَ كَقُوَّةٍ، فَدَخَلَ عَدَدُ كَبِيْرٌ الْإِسْلَامِ.. بَعْدَ هَذِهِ الْهُدْنَةِ، أَسْلَمَ بَعْضُ أَبْطَالِ قُرَيْشٍ؛ كَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيّدِ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَأَرْسَلَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوْكِ يَدْعُوَهُمْ إِلَىَ الْإِسْلَامِ، لِيُعْلِنَ أَنَّ الْإِسْلَامَ جَاءَ لِلْنَّاسِ جَمِيْعا، وَلَيْسَ مَقْصُوْرا عَلَىَ شَبَّةَ الْجَزِيْرَةَ الْعَرَبِيَّةِ.

وَبَعْدَ صَلَحَ الْحُدَيْبِيَةِ قَامَتْ بَعْضُ الْغَزَوَاتِ؛ كَغَزْوَةٍ ذِيْ قَرَدٍ، وَكَانَتْ رُدا عَلَىَ بَعْضٍ بَنِيَّ فَزَارَةَ الَّذِيْنَ أَرَادُوْا الْقِيَامُ بِعَمَلٍ الْقَرْصَنَةٌ ضِدَّ الْمُسْلِمِيْنَ، وَقَدْ أَبْلَى فِيْهَا سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ بَلَاءً حَسَنا، وَبَعْدَ تِلْكَ الِانْتِصَارَاتِ الَّتِىْ قَامَ بِهَا الْمُسْلِمُوْنَ كَانَ لَابُدَّ مِنْ تَأْدِيْبِ مَنْ كَانَ الْسَّبَبُ فِيْ كَثِيْرٍ مِنَ الْحُرُوْبِ، وَهُمْ يَهُوْدٌ خَيْبَرَ، أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ جَمَعُوْا الْأَحْزَابُ ضِدَّ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقِتَالِ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ بَايَعَ مَعَهُ تَحْتَ الْشَّجَرَةِ، وَكَانُوْا أَلْفا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، حَتَّىَ وَصَلُوْا قُرْبَ خَيْبَرَ، وَقَدْ كَانَتْ كُلُّهَا حُصُوْنا، فَفِيْهَا ثَمَانِيَةَ حُصُوْنٍ كَبِيْرَةً مَنْيُعَةً وَاسْتَبْسَلَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُوْنَ حَتَّىَ مَنَّ الْلَّهُ عَلَيْهِمْ بِفَتْحِ هَذِهِ الْحُصُوْنُ، وَأَصْبَحَ الْيَهُوْدُ صَاغِرِيْنَ، وَصَالِحُهُمْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ أَنْ يَبْقَىْ لَهُمْ الْأَرْضُ لِيَزْرَعُوْهَا عَلَىَ أَنْ يَكُوْنَ لَهُمُ نِصْفُ الْثِّمَارِ، وَلِلْمُسْلِمِيْنَ نِصْفُهَا، وَكَانَتْ غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِيْ الْعَامِ الْسَّابِعِ الْهَجَرِىِّ.

وَبَعْدَ هَذِهِ الْغَزْوَةِ جَاءَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِىْ طَالِبٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْحَبَشَةِ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ، وَفَرِحَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَوْدَتِهِمْ، كَمَا تَزَوَّجَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ بْنِ أَخْطَبَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ، وَقَدْ كَانَتْ مِنْ الْسَّبْىِ، وَبَعْدَ خَيْبَرَ صَالَحَ يُهَوَّدُ فَدَكَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَالَحَهُ أَهْلُ خَيْبَرَ، كَمَا حَارَبَ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الْيَهُوْدِ وَمَنْ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ الْعَرَبِ عِنْدَ وَادِيْ الْقُرَىَ، وَفَتْحِهَا رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَسَمْ الْغَنَائِمِ عَلَىَ أَصْحَابِهِ، أَمَّا الْنَّخْلِ وَالْأَرْضِ فَقَدْ عَامَلَهُمْ كَمَا عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ، وَلَمَّا عَلِمَ يُهَوَّدُ تَيْمَاءَ بِذَلِكَ بُعِثُوْا إِلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابا، يَدْفَعُوْنَ بِمُقْتَضَاهُ الْجِزْيَةَ لِلْمُسْلِمِيْنَ وَبَعْدَ هَذِهِ الْحُرُوْبِ وَالَانْتِصَارَاتِ رَجَعَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ.

وَبَعْدَ أَنْ أَدَّبَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنَافِقِيْنَ وَالْيَهُوْدِ، خَرَجَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ غَزْوَةِ ذَاتِ الْرِّقَاعِ حَتَّىَ اسْتَطَاعَ تَأْدِيْبُ الْأَعْرَابِ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْغَزْوَةِ أَثَرُهَا فِيْ قَذْفِ الْرُّعْبَ فِيْ قُلُوْبِ الْأَعْرَابِ، وَبِذَا اسْتَطَاعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْضَىَ عَلَىَ الْأَحْزَابِ، لِيَتَفَرَّغَ لِنَشْرِ الْدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ فِيْ الْعَامِ الْسَّابِعِ الْهَجَرِىِّ..

وَفِيْ ذِيْ الْقَعْدَةِ مِنْ الْسَّنَةِ الْسَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، خَرَجَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُوْنَ إِلَىَ مَكَّةَ لِأَدَاءِ عَمْرَةَ الْقَضَاءِ، وَكَانَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَزْدِيُّ إِلَىَ عَظِيْمِ بُصْرَى، فَعَرَضَ لَهُ
شُرَحْبِيْلَ بِنُ عَمْرِوٍ الْغَسَّانِىُّ عَامِلٍ الْبَلْقَاءِ مِنْ أَرْضِ الْشَّامِ، مِنْ قَبْلُ قَيْصَرَ، فَأَمْسَكَ الْحَارِثِ، وَأَوْثَقَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَأَمْرٌ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْصَّحَابَةِ بِالْخُرُوْجِ لِتَّأْدِيبَ هَؤُلَاءِ، فَخَرَجَ ثَلَاثَةٌ آَلَافِ مُقَاتِلُ، وَقَدْ جَعَلَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْرَّايَةَ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِجَعْفَرٍ إِنْ قَتَلَ، ثُمَّ لِعَبْدِ الْلَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَاتَّجَهَ الْجَيْشِ نَاحِيَةٍ
الْعَدْوِ حَتَّىَ وَصَلَ إِلَىَ مَكَانِ يُقَالُ لَهُ (مُؤْتَةَ) وَفُوْجِئَ الْجَيْشِ بِأَنْ جَيْشَ الْعَدُوِّ عَدَدُهُ مِائَتَا أَلْفٍ مُقَاتِلُ مُقَابِلَ ثَلَاثَةٌ آَلِافٍ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرِ عَلَىَ الْجِهَادِ.

وَقَاتَلَ الْمُسْلِمُوْنَ وَاسْتَبْسِلُوا، فَقُتِلَ الْقَائِدُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، ثُمَّ قُتِلَ جَعْفَرٌ ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ رَوَاحَةَ بَعْدَ قِتَالٍ عَنِيْفٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَنْ تَكُوْنَ الْرَّايَةَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيّدِ الَّذِيْ اسْتَطَاعَ إِنْقَاذِ الْجَيْشِ، وَإِرْهَابٌ الْأَعْدَاءِ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدُهُمْ، فَفِيْ الْيَوْمِ الْثَّانِىَ لِلْقِتَالِ غَيْرَ تَنْظِيْمِ الْجَيْشِ، حَتَّىَ ظَنَّ الْرُّوْمِ أَنْ الْمُسْلِمِيْنَ جَاءَهُمْ مَدَدٌ، فَلَمْ يُلَاحِقُوَهُمْ، بَيْنَمَا انْسَحَبَ خَالِدٍ بِالْجَيْشِ بِمَهَارَةٍ كَبِيْرَةً، وَلَمْ يُقْتَلْ فِيْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ إِلَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلا مِنْ الْمُسْلِمِيْنَ، وَكَانَتْ فِيْ الْعَامِ الْثَّامِنِ الْهَجَرِىِّ.

وَقَدْ عَلِمَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ قَدْ انْضَمَّتْ إِلَىَ الْرُّوْمَانِ، فَبَعَثَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمُ عَمْرِوٍ بْنِ الْعَاصِ فِيْ جَيْشِ لِتَّأْدِيْبِهِمْ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَمْرُوْ وَرَأَى كَثْرَةِ عَدَدَ الْمُشْرِكِيْنَ أَرْسَلَ إِلَىَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُ مَدَدا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَبِيْ عُبَيْدَةَ فِيْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، وَاسْتَطَاعَ الْمُسْلِمُوْنَ هَزِيْمَةٌ تِلْكَ الْقَبَائِلُ، وَعَرَفْتُ هَذِهِ الْحَرْبِ بِسِرِّيَّةٍ ذَاتِ الْسَّلاسِلِ، وَكَانَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ فِيْ جُمَادَىْ الْآَخِرَةِ فِيْ الْعَامِ الْثَّامِنِ الْهَجَرِىِّ.

وَحَدَثَ أَنَّ اعْتَدْتُ بَنُوْ بَكْرٍ -وَكَانَتْ قَدْ دَخَلَتِ فِيْ حِلْفِ قُرَيْشٍ حَسَبَ اتِّفَاقٍ الْحُدَيْبِيَةِ- عَلَىَ خُزَاعَةَ الَّتِىْ دَخَلْتَ فِيْ حِلْفِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَ عَمْرِوٍ بْنِ سَالِمٍ الْخُزَاعِيّ إِلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنْصِرُهُ، فَقَالَ لَهُ الْنَّبِىُّ: (نُصِرْتَ يَا عَمْرَوَ بْنُ سَالِمٍ) وَعَلِمْتُ قُرَيْشٍ أَنَّهَا نَقَضَتْ الْعَهْدِ، فَذَهَبَ
أَبُوْ سُفْيَانَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ لِيَسْتَرْضِيَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ رَجَعَ دُوْنَ فَائِدَةٍ، وَتَجَهَّزَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ عَشَرَةٍ آَلَافِ مُقَاتِلُ مِنْ الْصَّحَابَةِ لِغَزْوِ مَكَّةَ دُوْنَ أَنْ تَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِذَلِكَ، وَفِيْ هَذِهِ الْأَثْنَاءِ أَسْلَمَ أَبُوْ سُفْيَانَ، وَلَمَّا قَرُبَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَكَّةَ كَانَ أَبُوْ سُفْيَانَ قَدْ رَجَعَ
لِيُخْبِرَ الْقَوْمِ.

وَدَخَلَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ مُنْتَصِرِيْنَ فَاتْحِيْنْ، وَاتَّجَهَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْصَّحَابَةِ خَلْفِهِ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَاسْتَلَمَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَهَدَمَ الْأَصْنَامَ الَّتِىْ كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ نَادَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ وَأَخَذَ مِنْهُ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ فِيْهَا صُوَرا فَمَحَاهَا، وَخَطَبَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: مَا تَرَوْنَ أَنِّى? فَاعِلٌ بِكُمْ؟ قَالُوْا: خَيْرا، أَخٌ كَرِيْمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيْمٍ.. فَقَالَ: فَإِنِّى? أَقُوْلُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوْسُفُ لِإِخْوَتِهِ {لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} اذْهَبُوْا فَأَنْتُمُ الْطُّلَقَاءُ.

ثُمَّ رَدَّ الْمِفْتَاحُ إِلَىَ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَكَانَ قَدْ حَانَ وَقْتُ الْصَّلاةِ، فَأَمَرَ بِلَالَ أَنْ يَصْعَدَ الْكَعْبَةِ، فَصَعِدَهَا وَأَذِّنْ، وَأُهْدِر الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمُ بَعْضٍ مِنْ أَكَابِرِ الْمُجْرِمِيْنَ الَّذِيْنَ عُذِّبُوا الْمُسْلِمِيْنَ وَآذَوْهُمْ، فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ أَخَذَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ الْرِّجَالِ، ثُمَّ أَخَذَ الْبَيْعَةَ مِنَ الْنِّسَاءِ، وَأَقَامَ الْرَّسُوْلُ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْما فِيْ مَكَّةَ يُجَدِّدُ مَعَالِمِ الْإِسْلامُ فِيْهَا، وَبَعَثَ نَفَرا مِنْ أَصْحَابِهِ لِهَدْمِ الْأَصْنَامَ الَّتِىْ كَانَ مُنْتَشِرَةِ فِيْ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فِيْ الْعَامِ الْثَّامِنِ مِنْ الْهِجْرَةِ.

وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ مَرْحَلَةِ فَاصِلَة فِيْ تَارِيْخِ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ كَانَ لِقُرَيْشٍ مَكَانَةً عَظِيْمَةً بَيْنَ القَبَائِلَ الْعَرَبِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَتْ الْقَبَائِلِ قُرَيْشا دَخَلْتُ الْإِسْلَامِ، أَسْرَعَتْ الْقَبَائِلِ تُدْخِلِ فِيْ دِيَنِ الْلَّهِ أَفْوَاجا، وَلَكِنَّ مَسِيْرَةُ الْجِهَادَ لَمْ تَقِفْ، فَلَقَدْ أَبَتِ بَعْضٍ الْقَبَائِلُ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ تَدْخُلَ الْدِّيْنِ الْجَدِيْدِ، وَأَلَا تَسْتَسْلِمْ كَمَا اسْتَسْلَمَتْ الْقَبَائِلِ الْأُخْرَى، وَكَانَ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْقَبَائِلُ هَوَازِنَ وَثَقِيْف، وَانْضَمَّتْ بَعْضٍ الْقَبَائِلُ الْأُخْرَى تَحْتَ قِيَادَةِ مَالِكٌ بْنِ عَوْفٍ، وَخَرَجَ الْجَيْشِ الْإِسْلَامِىُّ نَاحِيَةٍ (حُنَيْنٍ) وَكَانَ مَالِكٌ بْنِ عَوْفٍ قَدِ سَبَقَهُمْ إِلَيْهَا، وَوَزَّعَ الْجَيْشِ فِيْ الْوَادِيْ، وَلَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُوْنَ الْوَادِيْ رَشْقُهُمْ الْعَدُوُّ بِالْنِّبَالِ، حَتَّىَ تَقَهْقَرْتُ كَتَائِبَ الْمُسْلِمِيْنَ، لَكِنَّ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ شَمْلَ الْمُسْلِمِيْنَ الْفَارِّيْنَ وَأَعَادَ لِلْجَيْشِ انْتِظَامُهُ، وَحَارَبُوْا الْعَدُوُّ، وَنَصَرَهُمْ الْلَّهُ عَلَيْهِمْ وَّغَنِمُوْا غَنَائِمَ كَثِيْرَةً، وَتَفَرَّقَ الْعَدُوِّ إِلَىَ الْطَّائِفِ وَنَخْلَةٌ وَأَوْطَاسُ.. وَغَيَّرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمَاكِنِ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ فِيْ شَوَّالٍ مِنْ الْعَامِ الْثَّامِنِ الْهِجْرِيِّ.
وَعَلِمَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مُعْظَمَ جَيْشِ هَوَازِنَ وَثَقِيْف دَخَلُوْا الْطَّائِفِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ آَخِرِ شَوَّالَ وَحَاصَرَهُمْ حِصَارا شَدِيْدا عِدَّةٌ أَيَّامٍ، وَبَعْدَهَا رُفِعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِصَارِ عَنْهُمْ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْصَّحَابَةِ: يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ، ادْعُ عَلَىَ ثَقِيْفٍ، فَقَالَ: الْلَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفا وَائْتِ بِهِمْ، وَقَسَمْ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَنَائِمِ، وَبَعْدَ تَقْسِيْمِ الْغَنَائِمِ جَاءَ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِيْنَ، وَطَلَبُوا مِنَ الَّرَّسُولِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ غَنَائِمِهِمْ، فَطَلَبَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْصَّحَابَةِ رَدَّ الْغَنَائِمِ لِوَفْدِ هَوَازِنَ، فَاسْتَجَابُوْا لِأَمْرِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَهَا اعْتَمَرَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ.
وَفِيْ الْعَامِ الْتَّاسِعُ مِنْ الْهِجْرَةِ، سُمِعَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْرُّوْمَانَ تَسْتَعِدُّ لِلِقَاءِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَقَدْ تَجَمَّعَ مَعَهَا بَعْضٍ الْقَبَائِلُ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ الْنَّصَارَىَ، فَأَعْلَنَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَارِجٌ لِّقِتَالٍ الْرُّوْمُ، وَدَعَا إِلَىَ الْجِهَادِ وَالْإِنْفَاقِ، وَأَنْفَقَ الْصَّحَابَةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ الْكَثِيْرِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ إِلَا الْمُنَافِقُوْنَ وَثَلَاثَةَ مَنْ الْمُؤْمِنِيْنَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْوَقْتِ شَدِيْدُ الْحَرِّ، إِلَا أَنْ الْمُسْلِمِيْنَ جَاهَدُوْا أَنْفُسَهُمْ فِيْ الْخُرُوْجِ لِلْجِهَادِ، وَلَمْ يَكْفِ الْزَّادِ، وَسُمِّيَ هَذَا الْجَيْشِ بِجَيْشٍ الْعُسْرَةِ، وَخَرَجَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ رَجَبٍ مِنْ الْعَامِ الْتَّاسِعِ الْهِجْرِيِّ تُجَاهَ تَبُوْكَ، حَتَّىَ وَصَلَ إِلَيْهَا وَعَسْكَرَ فِيْهَا خَمْسِيْنَ يَوْما.

وَلَمَّا سَمِعَ الْرُّوْمُ بِهِ خَافُوَا، فَلَمْ يَخْرُجُوْا لِقِتَالِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَجَاءَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْرُّوْمَانِ وَاصْطَلَحُوْا مَعَهُ عَلَىَ دَفْعِ الْجِزْيَّة، وَانْتَشَرَ الْخَبَرُ فِيْ الْجَزِيْرَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَازْدَادَ الْإِسْلَامِ قُوَّةَ إِلَىَ قُوَّتِهِ، وَرَجَعْتُ إِلَيْهِ الْقَبَائِلِ الَّتِىْ كَانَتْ تَنْوِى الاحْتِمَاءُ بِالرُّوْمَانَ، وَعَادٍ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ الْسَّنَةِ مُظَفَّرا مُنْتَصِرا، وَفِيْ هَذِهِ الْسَّنَةِ تُوُفّيَ الْنَّجَاشِىِّ مُلْكُ الْحَبَشَةِ، وَصَلَّىَ عَلَيْهِ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْغَائِبِ، كَمَا تُوُفِّيَتْ أَمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاتَ رَأْسٍ الْمُنَافِقِيْنَ عَبْدِالْلَّهِ بْنِ أَبِىْ بْنِ سَلُوْلٍ.

وَفِيْ ذِيْ الْحِجَّةِ مِنْ الْعَامِ الْتَّاسِعِ الْهِجْرِيِّ بَعَثَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيْرا عَلَىَ الْحَجِّ، فَحُجَّ بِالْمُسْلِمِيْنَ، وَدَخَلَ الْنَّاسُ فِيْ الْإِسْلَامِ أَفْوَاجا، فَأَتَتْ الْقَبَائِلِ إِلَىَ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَتَالِيَةً مُتَتَابِعَةً مُعْلِنَةً إِسْلَامَهَا لِلَّهِ، وَفِيْ
ذِيْ الْحِجَّةِ مِنْ الْعَامِ الْعَاشِرِ الْهِجْرِيِّ خَرَجَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ مَكَّةَ وَحَجَّ بِالْنَّاسِ حُجَّةٌ الْوَدَاعِ، بَعْدَ أَنْ أَعْلَمُهُمْ أُمُوْرِ الْدِّيْنِ، وَخَطَبَ فِيْهِمْ خِطْبَةِ وَضْعِ فِيْهَا الْأُسُسِ الَّتِىْ يَسِيْرُوْنَ عَلَيْهَا فِيْ حَيَاتِهِمْ اسْتِكْمَالا لِلْرِّسَالَةِ الَّتِىْ جَاءَ بِهَا إِلَىَ الْنَّاسِ.

وَفِيْ أَوَائِلِ صَفَرَ مِنْ الْعَامِ الْحَادِيْ عَشَرَ الْهْجْرِيِّ خَرَجَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ أُحُدٍ، وَصَلَّىَ عَلَىَ الْشُّهَدَاءِ كَأَنَّهُ يُوَدِّعُهُمْ، وَفِيْ لَيْلَةٍ مِنْ الْلَّيَالِىَ خَرَجَ إِلَىَ الْبَقِيعِ فَاسْتَغْفَرَ لِلْمَوْتَىَ، وَمَرِضَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَرَضُ أَمْرِ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالْنَّاسِ، وَفِيْ هَذِهِ الْأَيَّامِ كَانَ الْرَّسُوْلُ يَخْرُجُ لِلْنَّاسِ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً فِيْ نَفْسِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ذَاتَ مَرَّةٍ، فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ، وَأَلْمَحُ بِأَنَّ أَجْلِهِ قَدْ اقْتَرَبَ، وَلَمْ يَفْهَمِ ذَلِكَ مِنْ الْصَّحَابَةِ إِلَّا أَبُوْ بَكْرٍ، وَقَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَوْمِ أَعْتَقَ غِلْمَانَهُ، وَتَصَدَّقْ بِسَبْعَةِ دَنَانِيِرَ كَانَتْ عِنْدَهُ.

وَفِيْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ مَرَضِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيْ فَجْرِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيْعِ الْأَوّلِ مِنْ الْعَامِ الْحَادِيْ عَشَرَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَرَفَعَ الْسِّتَارِ وَرَأَى الْمُسْلِمِيْنَ يُصَلُّوْنَ الْفَجْرَ، فَتَبَسَّمَ وَفِيْ وَقْتِ الْضُّحَىْ صَعِدَتْ الْرُّوْحِ الْطَّاهِرَةِ الْزَّكِيَّةِ إِلَىَ رَبِّهَا بَعْدَمَا أَدَّتْ مَا عَلَيْهَا فَحَزِنَ الْصَّحَابَةِ -رِضْوَانَ الّلَهِ عَلَيْهِمْ- حَزَنا شَدِيْدا لِوَفَاةِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَسَلُوا الْجَسَدِ الْشَّرِيفِ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَرِّدُوا الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الثِّيَابِ، وَحُفِرَ قَبْرِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حُجْرَتِهِ، وَدَخَلَ الْنَّاسُ جَمَاعَاتٍ يُصَلُّوْنَ عَلَىَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدِ مَا أَدَّىَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَمَانَةٍ الْلَّهِ، فَصَلَوَاتُ الْلَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ




خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Emptyالإثنين 11 أكتوبر 2010, 5:11 pm


تُعْرَفُ عَلَىَ حَبِيْبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1. اسْمُهُ

مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ وَأُمُّهُ آَمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ ابْنُ مُرَّةَ.

2. حَمَلَهُ

كَانَتْ آَمِنَةً تَقُوْلُ مَا شَعَرْتُ أَنَّيَ حَمَلَتْ وَلَا وَجَدُّتُ لَهُ ثِقَلَا كَمَا يَجِدُ الْنِّسَاءِ، إِلَا أَنِّيْ قَدْ أَنْكَرْتُ رَفْعَ حِيَضَتِيّ.

3. مَوْلِدُهُ

وَلَدٌ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ الْمُوَافِقِ 10 مِنْ رَبِيْعٍ الْأَوّلِ وَكَانَ قُدُوَمْ أَصْحَابِ الْفِيِلِ.

4. أَسْمَاؤُهُ

مُحَمَّدٍ وَاحْمَدِ وَالْمَاحِيَ (يَمْحُوَ بِهِ الْكُفْرَ) وَالْحَاشِرُ (يَقْدُمُ الْنَّاسَ بِالْحَشْرِ) وَالْعَاقِبُ (آَخَرَ الْأَنْبِيَاءِ)، وَنَبِيُّ الْرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْتَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلَاحِمِ (الْحُرُوْبِ)، وَالْمُقَفِّيَ (بِمَعْنَىً الْعَاقِبَ) وَالْشَّاهِدُ، وَالْمُبَشَّرُ، وَالْنَذِيْرٌ، وَالضَّحُوْكُ وَالْقَتّالُ، وَالْمُتَوَكِّلُ، وَالْفَاتِحِ، وَالْأَمِينُ، وَالْخَاتَمُ، وَالْمُصْطَفَىَ، وَالْرَّسُوْلِ، وَالْنَّبِيِّ، وَالْأُمِّيُّ، وَالْقُثَّمُ (الْمِعْطَاءِ لِلْخَيْرِ).

5. مِرْضِعَاتِهْ

أَوَّلَ مَنْ أَرْضَعَهُ "ثَوبِيّةً" بِلَبَنِ ابْنٍ لَهَا "مَسْرُوْح" أَيَّامِا قَبْلَ أَنْ تُقْدِمَ حُلَيْمَةٌ .. وَكَانَتْ قَدْ أَرْضَعْتُ قَبْلِهِ حَمْزَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَتْ حُلَيْمَةٌ الْسَّعْدِيَّةِ وَأَخَذَتْهُ عِنْدَهَا لرَضَاعَتِهُ.

6. وَفَاةِ وَالِدِهِ

خَرَجَ وَالِدٌ عَبْدِ الْلَّهِ إِلَىَ الْشَّامِ فِيْ تِجَارَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَجَعُوَا مَرُّوْا بِالْمَدِيْنَةِ وَعَبْدُ الْلَّهِ مَرِيْضٌ، فَقَالَ أَتَخَلَّفْ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِيَّ عَدِيّ بْنِ النَّجَّارِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيِضَا شُهْرَا ثُمَّ تُوَفَّى بِالْمَدِيْنَةِ وَعُمْرُهُ 25 سُنَّةَ، وَكَانَ مِيْرَاثُهُ خَمْسَةٌ أَجْمَالٍ وَقِطْعَةً غُنْمٌ فَوَرِثَ ذَلِكَ رَسُوْلَ الْلَّهِ وَكَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ.

7. وَفَاةِ وَالِدَتِهِ

ذَهَبَتْ أُمِّهِ بِهِ إِلَىَ الْمَدِيْنَةِ وَعُمُرُهُ سِتُّ سِنِيْنَ إِلَىَ أَخْوَالِهِ بَنِيَّ النَّجَّارِ تَزُوْرُهُمْ وَمَعَهَا أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُمْ شُهْرَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَتُوُفِّيَتْ "بِالْأَبْوَاءِ"
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ فِيْ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ "إِنَّ الْلَّهَ قَدْ أَذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِيْ زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ"
فَأَتَاهُ فَأَصْلِحْهُ وَبَكَىْ عِنْدَهُ، وَبَكَىْ الْمُسْلِمُوْنَ لِبُكَائِهِ، فَقِيْلَ لَهُ فِيْ ذَلِكَ فَقَالَ أَدْرَكَتْنِيَ رَحِمْتَهَا فَبَكَيْتُ.

8. صِفَاتِهِ

كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ رَبْعَةً لَيْسَ بِالْطَّوِيْلِ وَلَا الْقَصِيْرِ وَلَيْسَ بِالَآمَ وَلَا شَدِيْدُ الْبَيَاضِ، رَجُلٌ الْشِعَرَ لَيْسَ بِالْسَّبِطِ وَلَا الْجَعْدِ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ أُنَيْسٌ مَا مَسِسْتُ حَرِيْرَا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُوْلِ الْلَّهِ، عَظِيْمٌ الْفَمِ طَوِيْلٌ شَقَّ الْعَيْنِ، مُدَوَّرَ الْوَجْهِ أَبْيَضُ يَمِيْلُ إِلَىَ الاحْمِرَارِ، شَدِيْدُ سَوَادِ الْعَيْنِ، غَلِيْظَ الْأَصَابِعِ وَاسِعٌ الْجَبِيْنِ، خَشِنٌ الْلِّحْيَةِ، سَهْلِ الْخَدَّيْنِ، عَرِيْضُ الْصَّدْرِ، أَشْعُرُ الْذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ، طَوِيْلٌ الزَّنْدَيْنِ.

أَوَّلَ مَنْ وُلِدَ لَهُ الْقَاسِمُ ثُمّ زَيْنَبُ ثُمّ رُقَيَّةَ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَمَّ كُلْثُوْمٍ ثُمَّ وُلْدِ لَهُ فِيْ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْلَّهِ وَأُمُّهُمْ جَمِيْعَا خَدِيْجَةَ وَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ الْقَاسِمِ ثُمَّ عَبْدُ الْلَّهِ. كَمَا وَرِزْقٌ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ إِلَا أَنَّهُ تُوَفَّى وَعُمْرُهُ سِتَّةِ عَشْرَةَ شَهْرَا.

10. مِنْ مُعْجِزَاتِهِ

ـ الْقُرْآَنَ.

ـ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ.

ـ حُنَيْنٍ جِذْعِ الْنَّخْلَةِ.

ـ تَفْجِيْرِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ.

ـ الْإِخْبَارِ بِالْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ.

ـ تَسْلِيْمِ الْحَجَرِ وَالْشَّجَرِ عَلَيْهِ.

ـ الْأَخْبَارِ بِالْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلِيَّةٍ.

ـ انْشِقَاقَ الْقَمَرَ.

ـ تَكْثِيْرُ الْطَّعَامِ وَالْشَّرَابِ بِبَرَكَتِهِ.

ـ عِلَاجِهِ لِأَمْرَاضِ الْصَّحَابَةِ بِدُعَائِهِ وَمَسَحَهُ بِيَدِهِ.

ـ الاسْتِجَابَةَ لِدُعَائِهِ.

ـ قِتَالٍ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ.

ـ وَقَدْ ذَكَرَ الْشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيْزِ الْسَّلْمَانُ فِيْ كِتَابِهِ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْرَّسُوْلِ 194 مُعْجِزَةٌ يُمْكِنُهُمْ الَرْجُوَعَ إِلَيْهَا.

11. زَوْجَاتِهِ

خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ

كَانَتْ مُتَزَوِّجَةِ مِنْ اثْنَيْنِ قَبْلَ الْنَّبِيِّ ـ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهِيَ أَوَّلُ مِنْ أَسْلَمَ، وَلَقَدْ سَلِمَ الْلَّهِ عَلَيْهَا عَنْ طَرِيْقِ جِبْرِيْلُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجَ الْنَّبِيِّ عَلَيْهَا حَتَّىَ مَاتَتْ، وَمَكَثَ مَعَهَا 24 سَنَةً وَأَشْهُرٍ، وَكَانَ وَفِيّا لَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَبَرُّ أَصْدِقَاءَهَا وَيُكْثِرُ مِنْ الْدُّعَاءِ لَهَا وَالِاسْتِغْفَارِ لَهَا كُلَّمَا ذَكَرَهَا.

عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِيْ بَكْرٍ الْصِّدِّيقِ

رَآَهَا الْنَّبِيُّ فِيْ الْمَنَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ، وَتَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِيْنَ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِيْنَ وَتُوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِيَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ يَلّعْبّ مَعَهَا وَيُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَدْعُوَ لَهَا، وَقَالَتْ أَنَهَا فُضِّلَتْ عَلَىَ نِسَاءِ الْنَّبِيِّ بِعَشْرِ: أَنَّهُ لَمْ يُنْكَحْ بِكَرَا غَيْرَهَا وَلَمْ يَنْكِحْ امْرَأَةً أَبَوَاهَا مُؤْمِنِيْنَ مُهَاجِرَيْنِ غَيْرَهَا، وَأَنْزَلَ الْلَّهُ بَرَاءَتُهَا مِنَ الْسَّمَاءِ، وَجَاءَ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِهَا فِيْ حَرِيْرَهُ، وَكَانَتْ تَغْتَسِلُ مَعَ الْنَّبِيِّ فِيْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ مَعَهَا، وَقَبْضُ وَهُوَ بَيْنَ سِحْرِهَا وَمَاتَ فِيْ الْلَّيْلَةِ الَّتِيْ كَانَ الْدَّوْرُ عَلَيْهَا فِيْهَا وَدُفِنَ فِيْ بَيْتِهَا.

حَفَظَةً بَنِتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

وَقَدْ عَرْضُهَا وَالِدُهَا عَلَىَ أَبِيْ بَكْرٍ حَتَّىَ يَتَزَوَّجَهَا فَلَمْ يُحِبُّهُ وَكَذَلِكَ عَلَىَ عُثْمَانَ فَلَمْ يُحِبُّهُ فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا الْنَّبِيُّ ـ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ أَبُوْ بَكْرٍ لِعُمَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِيْ مِنْ خِطْبَتِهَا إِلَا أَنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ يَذْكُرْهَا وَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُوْلِ الْلَّهِ، وَقَدْ طَلَّقَهَا الْنَّبِيِّ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَقَدْ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ 41 هِـ وَقَدْ بَلَغْتُ 60 سُنَّةَ.

زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ

تَزَوَّجَهَا الْنَّبِيُّ وَعَمَرَهَا 35 سُنَّةَ، سُنَّةَ 3 هِجْرِيَّةُ وَكَانَ قَدْ اسْتَخَارَ بِهَا رَبَّهُ فَقَالَ تَعَالَىْ: (وَتُخْفِيَ فِيْ نَفْسِكَ مَا الْلَّهُ مُبْدِيْهِ) فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَىَ أَزْوَاجِ الْنَّبِيِّ وَتَقُوْلُ زَوَّجَكُنَّ أَهْلُوكُنَّ وَزَوَّجَنِيَ الْلَّهُ تَعَالَىْ وَكَانَتْ تَقِيَّةً وَصَادِقَةٌ الْحَدِيْثِ وَتَكْثُرَ مِنْ صِلَةِ الْرَّحِمِ وَتَكْثُرَ مِنْ الْصَّدَقَةِ، وَتُوُفِّيَتْ سُنَّةَ 20 هِـ وَصَلَّىَ عَلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

"أَمْ حَبِيْبَةَ" صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِيْ الْعَاصِ

هَاجَرَتْ إِلَىَ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا فَتَنَصَّرَ زَوْجَهَا وَمَاتَ، فَتَزَوَّجَهَا الْنَّبِيُّ وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَرْسَلَ لِلْنَّجَاشِيِّ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَأَصْدَقَهَا الْنَّجَاشِيِّ 400 دِيْنَارٍ عَنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ وَأَرْسَلَهَا الْنَّجَاشِيِّ مَعَ شُرَحْبِيْلَ فِيْ سَنَةِ 9 هِـ. وَتُوُفِّيَتْ سُنَّةَ 44 هِـ.

زَيْنَبْ بِنْتُ خُزَيْمَةَ

وَتُسَمَّى أُمُّ الْمَسَاكِيْنِ لِأَنَّهَا كَثِيْرَا مَا تُطْعِمُ الْمَسَاكِيْنِ. وَتُوُفِّيَتْ وَرَسُوْلُ الْلَّهِ ـ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ وَقَدْ مَكَثَتْ عِنْدَ رَسُوْلِ الْلَّهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.

مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ

وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلْنَّبِيِّ، قَالَ تَعَالَىْ: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِنَّ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلْنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ الْنَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِيْنَ) وَتَزَوَّجَهَا حِيْنَ اعْتَمَرَ بِمَكَّةَ وَتُوُفِّيَتْ سُنَّةَ 61 هِـ.

جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ

تَزَوَّجَهَا الْنَّبِيُّ بَعْدَ مَا اعَتِّقُها حَيْثُ كَانَتْ مِنْ سَبَايَا بَنِيَّ الْمُصْطَلِقِ، وَلَقَدْ اعْتِقْ الْلَّهُ لَهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِيَّ الْمُصْطَلِقِ فَكَانَتْ أَعْظَمُ بَرَكَةِ عَلَىَ قَوْمِهَا وَتُوُفِّيَتْ سُنَّةَ 50 هِـ.

صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ

وَكَانَ أَبُوْهَا سَيِّدَ بَنِيَّ الْنَّضِيْرِ وَجَعَلَ رَسُوْلُ الْلَّهِ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُوْلُ الْلَّهِ وَهِيَ تَبْكِيْ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ يَنَالَانِ مِنِّيْ، يَقُوْلانِ نَحْنُ خَيْرُ مِنْكَ نَحْنُ بَنَاتُ عَمٍّ رَسُوْلُ الْلَّهِ، فَقَالَ لَهَا الْنَّبِيُّ أَلَا قُلْتُ لَهُنَّ كَيْفَ تَكُنْ خَيْرَا مِنِّيْ وَأَبِيَّ هَارُوْنُ، وَعِمِّي مُوْسَىْ وَزَوْجِيَّ مُحَمَّدٌ، وَتُوُفِّيَتْ سُنَّةَ 50 هِـ.

سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ

تَزَوَّجَهَا الْنَّبِيُّ فِيْ الْسَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَلَمَّا أَسَنَّتْ هُمْ بِطَلَاقِهَا فَقَالَتْ لَهُ لَا تُطَلِّقْنِيْ وَأَنْتَ فِيْ حِلٍّ مِنِّيْ، فَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُحْشَرَ فِيْ أَزْوَاجِكَ وَإِنِّيَ قَدْ وَهَبَتْ يَوْمِيَ لِعَائِشَةَ فَأَمْسَكَهَا رَسُوْلٌ الْلَّهِ حَتَّىَ تُوَفِّىَ عَنْهَا وَتُوُفِّيَتْ فِيْ آَخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ.

أَخَذَ الْعَهْدَ لَهُ

قَالَ تَعَالَىْ:
{ وَإِذْ أَخَذَ الْلَّهُ مِيْثَاقَ الْنَّبِيِّيْنَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِّنَ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىَ ذَلِكُمْ إِصْرِيْ قَالُوْا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِّنَ الْشَّاهِدِيْنَ "81" } (سُوْرَةُ آَلِ عِمْرَانَ )

كَانَ نَبِيُّنَا عِنَدَمّا كَانَ آَدَمُ فِيْ طِيْنَتِهِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ "إِنِّيَ عِنْدَ الْلَّهِ لَخَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ وَأَنَّ آَدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِيْ طِيْنَتِهِ"
هُوَ أَوَّلٌ الْمُسْلِمِيْنَ

قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ:

{ أُمِرْتُ لِأَكُوْنَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } (سُوْرَةُ الْأَنْعَامِ)

خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ "مِثْلِيّ وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِيَ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَىْ بُنْيَانَا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ الْنَّاسُ يَطُوْفُوْنَ بِهِ وَيَعْجَبُوُنَ لَهُ وَيَقُوْلُوْنَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ الْلَّبِنَةُ؟ فَقَالَ: فَأَنَا الْلَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ الْنَّبِيِّيْنَ"

هُوَ أَوْلَىٍ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُمَمِهِمْ

"إِنَّ أَوْلَىٍ الْنَّاسِ بِّإِبْرَاهِيْمَ لَلَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُ وَهَذَا الْنَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوُا". وَقِصَّةُ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ.
أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِيْنَ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ الْنَّبِيُّ أَوْلَىٍ بِالْمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ "6" } (سُوْرَةُ الْأَحْزَابِ)

إِنَّهُ مِنَةً عَلَىَ الْمُؤْمِنِيْنَ

"لَقَدْ مَنَّ الْلَّهُ عَلَىَ الْمُؤْمِنِيِنَ إِذْ بَعَثَ فِيْهِمْ رَسُوْلِا مِّنْ أَنْفُسِهِمْ..".

إِنَّهُ خَيْرٌ الْخَلْقِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "أَنَّ الْلَّهَ اصْطَفَىَ كِنَانَهْ مِنْ وَلَدٍ إِسْمَاعِيْلَ، وَاصْطَفَىَ قُرَيْشا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَىَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِيَّ هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِيُّ مِنْ بَنِيَّ هَاشِمٍ" وَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آَدَمَ وَلَا فَخْرَ"

رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِيْنَ "107" } (سُوْرَةُ الْأَنْبِيَاءِ)

أَمَانٌ لِأُمَّتِهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ وَمَا كَانَ الْلَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيْهِمْ "33" } (سُوْرَةُ الْأَنْفَالِ)
وَقَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "الْنُّجُوْمِ أَمَنَةً الْسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ الْنُّجُوْمُ أَتَىَ الْسَّمَاءَ مَا تُوْعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِيْ"

عُمُوْمَ رِسَالَتَهُ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلْنَّاسِ بَشِيْرا وَنَذِيْرا "28" } (سُوْرَةُ سَبَأٍ)

تَكَفَّلَ الْلَّهُ بِحِفْظِهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ وَالْلَّهِ يَعْصِمُكَ مِنَ الْنَّاسِ "67" } (سُوْرَةُ الْمَائِدَةِ)

وَقَالَ تَعَالَىْ:

{ أَنَا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِيْنَ "95" } (سُوْرَةُ الْحِجْرِ)

الْتَّكَفُّلُ بِحِفْظِ دِيْنِهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُوْنَ "9" } (سُوْرَةُ الْحِجْرِ)

قَالَ تَعَالَىْ:

{ يَا أَيُّهَا الْرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ "67" } (سُوْرَةُ الْمَائِدَةِ)

قَالَ تَعَالَىْ:

{ يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ حَسْبُكَ الْلَّهُ "64" } (سُوْرَةُ الْأَنْفَالِ)

الْنَّهْيُ عَنْ مُنَادَاتِهُ بِاسْمِهِ وَرَفَعَ الْصَّوْتِ فَوْقَهُ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ لَا تَجْعَلُوْا دُعَاءَ الْرَّسُوْلِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَا "63" } (سُوْرَةُ الْنُّوْرِ)

قَالَ تَعَالَىْ:

{ لَا تَرْفَعُوَا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ الْنَّبِيِّ "2" } (سُوْرَةُ الْحُجُرَاتِ)

فَرَضَ بَعْضِ شَرْعِهِ فِيْ الْسَّمَاءِ

عَنْ ابْنٍ مَسْعُوْدٍ قَالَ: "أَعْطَىَ رَسُوْلُ الْلَّهِ ثَلَاثا (يَعْنِيْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) أَعْطَىَ الْصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَأَعْطَىَ خَوَاتِيْمَ سُوْرَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِالْلَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئا الْمُقْحِمَاتُ (الْذُّنُوبَ الْمُهْلِكَاتُ)".

اسْتِمْرَارِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ إِنَّ الْلَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَىَ الْنَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْما "56" } (سُوْرَةُ الْأَحْزَابِ)
كَلِمَةُ يُصَلُّوْنَ تَقْتَضِيْ الْتَّجْدِيْدُ وَالاسْتِمْرَارِ.

الْقَسَمِ بِهِ

ـ الْقَسَمِ بِحَيَاتِهِ قَالَ تَعَالَىْ:

{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِيْ سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُوْنَ "72" } (سُوْرَةُ الْحِجْرِ)

ـ الْقَسَمِ بِبَلَدِهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ "1" وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ "2" } (سُوْرَةُ الْبَلَدِ)

ـ الْقَسَمِ لَهُ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ وَالْنَّجْمِ إِذَا هَوَىً "1" مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىَ "2" } (سُوْرَةُ الْنَّجْمِ)

الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ

وَنَالَ فِيْهَا شَرَفٍ تَكْلِيمِ الْلَّهِ تَعَالَىْ لَهُ وَرُؤْيَةِ الْجَنَّةِ وَالْنَّارِ وَسَمَاعِ صَرِيْفَ الْأَقْلَامِ. وَإِمَامَتُهُ بِالْأَنْبِيَاءِ بِالْمُقَدَّسِ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ:
"وَقَدْ رَأَيْتُنِيْ فِيْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ .. فَكَانَتْ الْصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ.."

غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ .. إِلَىَ أَنْ قَالَ: "لِيَغْفِرَ لَكَ الْلَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }

تَأْخِيْرِ دَعْوَتِهِ الْمُسْتَجَابَةِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: ".. وَإِنِّيَ اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
إِسْلَامِ قَرِيْنُهُ لَهُ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِيْنُهُ مِنَ الْجِنِّ، قَالُوْا: وَإِيّاكَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ؟ قَالَ: وَإِيَّايَ إِلَّا إِنَّ الْلَّهَ أَعَانَنِيِ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَمْ يَأْمُرُنِيْ إِلَّا بِخَيْرٍ"

قَرَنَهُ خَيْرُ الْقُرُوْنِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُوْنِ بَنِيَّ آَدَمَ قَرْنَا فَقَرْنا.."
قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "مَا بَيْنَ بَيْتِيَ وَمِنْبَرِيَّ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِيَّ عَلَىَ حَوْضِيَ"

رُؤْيَتُهُ فِيْ الْمَنَامِ حَقَّ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "مِنْ رَآَنِي فِيْ الْمَنَامِ فَقَدْ رَآَنِي حَقَا.."

يَرَىَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَي عَلَيْ خُشُوْعُكُمْ وَلَا رُكُوْعُكُمْ إِنِّيَ لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِيْ"

خَاتَمَّ الْنُّبُوَّةِ

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ خَاتَمَّا فِيْ ظَهْرِ رَسُوْلِ الْلَّهِ كَأَنَّهُ بَيْضَةً حَمَامٍ" وَهُوَ خَاتَمُ الْنُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفِهِ.

فَضَائِلِ جَمَّةٌ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: ".. أُعْطِيَتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالْرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدَا وَطَهُورَا وَأُعْطِيَتُ مَفَاتِيْحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيْتُ بِمَفَاتِيْحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْ قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ: "فَذَهَبَ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَأَنْتُمْ تِنْتَشُلُوْهَا"

اطِّلَاعِهِ عَلَىَ الْمُغِيبَاتِ

قَالَ عُمَرُ: "قَامَ فِيْنَا الْنَّبِيُّ مَقَامَا فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّىَ دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ الْنَّارِ مَنَازِلَهُمْ وَحِفْظُ ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ".

مَا أَكْرَمَ الْلَّهُ بِهِ مُحَمَّدا صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ الْآَخِرَةِ

وَصَفَ بِالْشَّهَادَةِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةِ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىَ هَؤُلَاءِ شَهِيْدا "41" } (سُوْرَةُ الْنِّسَاءِ)

أَوَّلَ مَنْ يُبْعَثُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: ".. وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ .. وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ"

الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِهِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: ".. مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَا وَهُوَ تَحْتَ لِوَائِيّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْتَظِرُ الْفَرَجَ، وَإِنْ مَعِيَ لِوَاءَ الْحَمْدِ، أَنَا أَمْشِيَ وَيَمْشِيْ الْنَّاسِ مَعِيَ حَتَّىَ آَتِىَ بَابِ الْجَنَّةِ"

أَوَّلَ مَنْ يُجِيْزُ الْصِّرَاطَ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "فَأَكُوْنُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيْزُ مَنْ الْرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ"

أُوُلّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ"، وَقَالَ: "آَتِيَ بَابٌ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُوْلُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ؟!
فَأَقُوْلُ: مُحَمَّدٍ، فَيَقُوْلُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا افْتَحْ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ"

لَهُ كُرْسِيٌّ عَنْ يَمِيْنِ الْعَرْشِ

عَنْ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ سَلَامٍ: إِنَّ أَكْرَمَ خَلِيْفَةً الْلَّهِ أَبُوْ الْقَاسِمِ ثُمّ قَالَ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ الْلَّهُ الْخَلِيْقَةَ أُمَّةٍ أُمَّةٍ وَنَبِيّا نَبِيّا حَتَّىَ يَكُوْنَ احْمَدُ وَأُمَّتُهُ آَخِرَ الْأُمَمِ مُرَكَّزا قَالَ: فَيَقُوْمُ فَيَتْبَعُهُ أُمَّتِهِ بَرِّهَا وَفَاجِرَهَا ثُمَّ يُوْضَعُ جِسْرٌ جَهَنَّمَ فَيَأْخُذُوْنَ الْجِسْرَ فَيَطْمِسُ الْلَّهُ أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ فَيَتَهَافَتُونَ فِيْهَا مِنْ شِمَالِ وَيَمِيْنُ وَيَنْجُوَ الْنَّبِيُّ وَالْصَّالِحُوْنَ مَعَهُ، فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فْتَرِيْهُمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ عَلَىَ يَمِيْنِكَ، عَلَىَ يَسَارِكَ حَتَّىَ يَنْتَهِيَ إِلَىَ رَبِّهِ فَيُلْقِيَ لَهُ كُرْسِيٌّ عَنْ يَمِيْنِ الْلَّهِ ثُمَّ يُنَادِيْ مُنَادٍ أَيْنَ عِيْسَىْ وَأُمَّتُهُ".

أَكْثَرَ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعَا

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

أَعْطَىَ الْكَوْثَرَ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "بَيْنَمَا أَنَا أَسِيْرُ فِيْ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الْدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيْلُ؟! قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِيْ أَعْطَاكَ رَبُّكَ"
إِعْطَاؤُهُ الْوَسِيْلَةَ وَالْفَضِيْلَةَ وَالْمَقَامَ الْمَحْمُوْدَ
وَذَلِكَ ثَابِتٌ فِيْ الْحَدِيْثِ الْمَشْهُوْرِ بِالْدُّعَاءِ بَعْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ.

الْشَّفَاعَةُ

لِأَهْلِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرَ وَلِّدُخُوْلِ الْجَنَّةِ وَلِأَهْلِ الْمَوْقِفِ لِتَعْجِيَلِ الْحِسَابِ.

طَهَارَةٍ الْنَّبِيِّ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيْكُمْ رَسُوْلِا مِّنْكُمْ "151" } (سُوْرَةُ الْبَقَرَةِ)
قَالَ عَلَيَّ بْنِ أَبِيْ طَالِبٍ أَيْ "نَسَبَا وَطُهْرَا وَحَسَبَا لَيْسَ فِيْ آَبَائِي مِنْ لَّدُنْ آَدَمَ سِفَاحٍ وَعَنْ ابْنٍ عَبَّاسٍ قَالَ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَىْ:
{ وَتَقَلُّبَكَ فِيْ الْسَّاجِدِيْنَ "219" } (سُوْرَةُ الْشُّعَرَاءِ)
أَيُّ مِنْ نَبِيٍّ إِلَىَ نَبِيٍّ.

الْرَّحْمَةِ

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِيْنَ "107" } (سُوْرَةُ الْأَنْبِيَاءِ)

.. زُيِّنَ الْلَّهُ مُحَمَّدا بِزِيْنَةٍ الْرَّحْمَةِ فَكَانَ رَحْمَةً، وَجَمِيْعُ صِفَاتِهِ رَحْمَةً عَلَىَ الْخَلْقِ، فَمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ رَحْمَتِهِ فَهُوَ الْنَّاجِيِّ، فَكَانَتْ حَيَاتِهِ رَحْمَةً وَمَمَاتِهِ رَحْمَةً يَعْنِيْ لِلْجِنِّ وَالْأِنْسَ وَلِجَمِيْعِ الْخَلْقِ فَلِلْمُؤْمِنَ رَحْمَةً بِالْهِدَايَةِ وَرَحْمَةً لِلْمُنَافِقِ بِالْأَمَانِ مِنْ الْقَتْلِ، وَرَحْمَةً لِلْكَافِرِ بِتَأْخِيْرِ الْعَذَابِ.

الْشَّاهِدُ وَالْبَشِيْرُ الْنَّذِيْرُ

{ يَا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدَا وَمُبَشِّرَا وَنَذِيْرا "45" } (سُوْرَةُ الْأَحْزَابِ)
فَهُوَ شَاهِدٌ عَلَىَ الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشَاهِدٍ بِوَحْدَانِيَّةِ الْلَّهُ وَلَمْ يَجْعَلُهُ الْلَّهُ مُدَّعِيَا، كَمَا أَنَّهُ مُبَشِّرٌ إِلَىَ الْلَّهِ وَمَا عِنْدَهُ فَمَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ كَانَ مُنْذِرِا لَهُمْ، ثُمَّ لَا يَكْتَفِيَ بِالتَّبْشِيْرِ وَالْنَذِيْرٌ وَإِنَّمَا يَدْعُوَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ "وَدَاعِيا إِلَىَ الْلَّهِ".

الْسَّرَّاجِ الْمُنِيْرِ

{ وَدَاعَيا إِلَىَ الْلَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَا مُّنِيْرا "46" } (سُوْرَةُ الْأَحْزَابِ)
وَالسِّرَاجُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْوَارٌ كَثِيْرَةٍ فَإِذَا انْطَفَأْتْ يَبْقَىْ الْأَوَّلِ. وَكُلُّ صَحَابِيٌّ أَخَذَ مِنْ نُوُرٍ الْهِدَايَةِ، وَلِهَذَا قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ "أَصْحَابِيْ كَالْنُّجُوْمِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ" فَلَمْ يَجْعَلْ أَصْحَابِهِ سَرْجٌ وَإِنَّمَا نُجُوْمُ، وَالْنَّجْمِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نُوَرُ، وَلِهَذَا إِذَا مَاتَ الْصَّحَابِيِّ فَالتَّابِعيِ يَسْتَنِيْرُ بِنُوْرِ الْنَّبِيِّ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ إِلَّا قَوْلَهُ وَفِعْلَهُ.

رَفَعَ الْذِّكْرِ

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ "4" } (سُوْرَةُ الْشَّرْحِ)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَذَّكَّرُ مَعَ الْلَّهِ فِيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْتَّشَهُّدِ وَيَوْمَ الْجُمْعَةِ عَلَىَ الْمَنَابِرِ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَىْ وَأَيَّامِ الْتَّشْرِيقِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَعِنْدَ الْجِمَارِ، وَعَلَىَ الْصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِيْ خُطْبَةِ الْنِّكَاحِ، وَفِيْ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلا عَبْدَ الْلَّهِ وَلِمَ يَشْهَدُ أَنْ مُحَمّدَا رَسُوْلُ الْلَّهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ وَكَانَ كَافِرْا، وَقِيْلَ رَفَعْنَا ذِكْرِكَ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ فِيْ الْسَّمَاءِ وَفِيْ الْأَرْضِ عِنْدَ الْمُؤْمِنِيْنَ وَنَرْفَعُ فِيْ الْآَخِرَةِ ذِكْرِكَ بِمَا نُعْطِيَكَ مِنَ الْمُقَامِ الْمَحْمُوْدَ وَكَرَائِمَ الْدَّرَجَاتِ.

مِنْ صِفَاتِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حِلْمِهِ

رُوِيَ أَنَّ الْنَّبِيَّ لَمَّا كُسِرَتْ رَبِّاعِيَّتُهُ وَشُجَّ وَجْهُهُ يَوْمَ أُحُدٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَىَ أَصْحَابِهِ وَقَالُوْا لَوْ دَعَوْتَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "إِنِّيَ لَمْ ابْعَثْ لَعَّانَا وَلَكِنِّيْ بَعَثْتُ دَاعِيَا وَرَحْمَةً، الْلَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِيَّ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُوْنَ"

كَرَمِهِ

وَحُمِلَتِ إِلَيْهِ تِسْعُوْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوُضِعَتْ عَلَىَ حَصِيْرٍ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ الْلَّهِ فَقَسَمَهَا فَمَا رَدَّ سَائِلَا حَتَّىَ فَرَغَ مِنْهَا وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَا عِنْدِيْ شَيْءٌ وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ فَإِذَا جَاءَنَا شَيْءٌ قَضَيْنَاهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا كَلَّفَكَ الْلَّهُ مَالا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَكَرِهَ الْنَّبِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ أَنْفَقَ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِيْ الْعَرْشِ إِقْلَالَا فَتَبَسَّمَ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَعَرَفَ الْبِشْرِ فِيْ وَجْهِهِ وَقَالَ بِهَذَا أُمِرْتُ.

رَحْمَتِهِ وَشَفَقَتِهِ

إِنَّ إِعْرَابيّا جَاءَ لِلْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ قَالَ آِحَسَّنْتَ إِلَيْكَ، قَالَ الْإِعْرَابِيّ: لَا، وَلَا أَجْمَلْتَ فَغَضِبَ الْمُسْلِمُوْنَ وَقَامُوا إِلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ كُفُّو?ا ثُمَّ قَامَ وَدَخَلَ مَنْزِلِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَزَادَهُ شَيِئَا ثُمَّ قَالَ: آِحَسَّنْتَ إِلَيْكَ قَالَ: نَعَمْ فَجَزَاكَ الْلَّهُ مِنْ أَهْلِ وَعَشِيْرَةُ، فَقَالَ لَهُ الْنَّبِيُّ إِنَّكَ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِيْ نَفْسِ أَصْحَابِيْ شَيْءٍ فَإِنَّ أَحْبَبْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيْهِمْ مَا قُلْتَ بِيْنَ يَدَيَّ .. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَوْ الْعَشِيِّ جَاءَ فَقَالَ الْنَّبِيُّ أَنْ هَذَا مَا قَالَ فَزِدْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَضِيَ أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَجَزَاكَ الْلَّهُ مِنْ أَهْلِ وَعَشِيْرَةُ خَيْرَا

وَفَاؤُهُ

كَانَ الْنَّبِيُّ إِذَا أَتَىَ بِهَدِيَّةٍ قَالَ اذْهَبُوْا بِهَا إِلَىَ بَيْتِ فُلَانَةٍ فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيْقَةَ لِخَدِيْجَةَ وَإِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خَدِيْجَةَ.

وَدَخَلَتِ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فِهَشِ لَهَا وَاحْسِنْ الْسُّؤَالِ عَنْهَا فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالَ: "أَنَّهَا كَانَتْ تَأْتِيَنَا أَيَّامٍ خَدِيْجَةَ وَأَنْ حَسَنٌ الْعَهْدَ مِنْ الْإِيْمَانِ"

تَوَاضُعِهِ

لَقَدْ كَانَ فِيْ بَيْتِهِ فِيْ مِهْنَةِ أَهْلِهِ يَغْلِيَ ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيُرَقِّعُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ وَيُصِمُّ (يَكْنِسُ) الْبَيْتِ وَيَعْقِلُ (يُرْبَطُ) الْبَعِيْرِ وَيُعْلَفُ نَاضِحَهُ (الْجُمَّلِ) وَيَأْكُلُ مَعَ الْخَادِمِ وَيَعْجِنُ مَعَهَا وَيَحْمِلُ بِضَاعَتَهُ مِنْ الْسُّوْقِ.

وَخَيْرٌ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ نَبِيّا مَلِكَا أَوْ نَبِيّا عَبْدَا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُوْنَ نَبِيّا عَبْدَا.

مَعَ الْجَارِيَةِ

قَالَتْ أُمُّ نُبَيْطٍ: أَهْدَيْنَا جَارِيَةٌ وَكُنْتُ مَعَ نِسْوَةٍ وَمَعِيَ دَفْ أَضْرِبُ بِهِ وَأَقُوْلُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ، فَحَيُّونَا نُحَيِّيْكُمْ، وَلَوْلَا الْذَّهَبُ الْأَحْمَرُ مَا حَلَتْ بَوَّادِيَكُمْ فَقَالَتْ: فَوَقَفَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ الْلَّهِ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ نُبَيْطٍ؟ فَقُلْتُ بِأَبِيْ وَأُمِّيَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ جَارِيَهْ نَهْدَيْهَا إِلَىَ زَوْجِهَا، قَالَ: فَتَقُوْلِيْنَ مَاذَا؟ "قُلْتُ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ" فَقَالَ: "وَلَوْلَا الْحِنْطَةِ الْسَّمْرَاءُ مَا سَمِنَتْ ذَرَارِيَكُمْ"

مَعَ زَوْجَاتِهِ

قَالَتْ عَائِشَةُ أَتَيْتُ بِجَرِيْرَةِ (شَوْرَبَةْ) قَدْ طَبَخْتُهَا فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ وَالْنَّبِيُّ بَيْنِيْ وَبَيْنَهَا. كُلِّيَّ فَأَبَتْ أَنْ تَأْكُلَ فَقُلْتُ لَتَأْكُلِيْنَ وَإِلَا لَطَّخْتُهُ وَجْهَكَ، فَأَبَتْ فَأَخَذْتُ مِنَ الْقَصْعَةِ شَيْئا فَلَطَخْتُ بِهِ وَجْهَهَا فَضَحِكَ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَرَفَعَ رِجْلَهُ مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ الَطَّخِي وَجْهَهَا فَأَخَذْتُ شَيْئا مِنْ الْصَّعْقَةُ فَلَطَخْتُ بِهِ وَجْهِيَ وَرَسُوْلُ الْلَّهِ يَضْحَكُ ..

مَعَ إِحْدَىَ الْنِّسَاءَ

جَاءَتْ امْرَأَةُ يُقَالُ لَهَا أُمُّ أَيْمَنَ إِلَىَ رَسُوْلِ الْلَّهِ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِيٌّ يَدْعُوَكَ، قَالَ: "مَنْ هُوَ؟ أَهُوَ الَّذِيْ بِعَيْنَيْهِ بَيَاضٌ؟" فَقَالَتْ: أَيُّ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ؟ وَالْلَّهِ مَا بِعَيْنَيْهِ بَيَاضٌ؟ وَكَانَ يَمْزَحُ مَعَهَا

مَعَ الْأَطْفَالِ

كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ يَأْخُذُ بِيَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ فَيَرْفَعُهُ عَلَىَ بَاطِنِ قَدَمَيْهِ وَيَقُوْلُ "حُزُقَّةٌ حُزُقَّةٌ تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّهْ .."

وَكَانَ يَدْلَعْ لِسَانُهُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَيَرَىْ الْصَّبِيِّ لِسَانِهِ فَيَهُشُّ إِلَيْهِ.

مَعَ أَحَدٍ أَصْحَابِهِ

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ: "فَاتَنِيَ أَزَيْهَرَ أَزَيْهَرَ" وَهُوَ يُقَوِّمُ يَبِيْعُ مَتَاعَهُ فِيْ الْسُّوْقِ، وَكَانَ رَجُلا دَمِيْمَا فَاحْتْقِنّهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَلَا يُبْصِرُهُ الْرَّجُلُ، فَقَالَ: أَرْسَلَنِيَ: مِنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ رَسُوْلُ الْلَّهِ فَجَعَلَ لَا يَأْلُوَ مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ لِصَدْرِ رَسُوْلٌ الْلَّهِ حِيْنَ عَرَفَهُ. وَجَعَلَ رَسُوْلُ الْلَّهِ يَقُوْلُ: "مَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ؟ فَقَالَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ إِذَنْ وَاللَّهِ تَجِدُنِيَ كَاسِدا، فَقَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَلَكِنْ عِنْدَ الْلَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ

الْإِيْمَانِ بِهِ وَثَوَابَ مَحَبَّتَهُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْإِيْمَانِ بِهِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الْنَّاسَ حَتَّىَ يَشْهَدُوَا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ وَيُؤْمِنُوَا بِيَ وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ عَّصَمُوْا مِنِّيْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَىَ الْلَّهِ"

وُجُوْبِ طَاعَتِهِ

قَالَ تَعَالَىْ:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا أَطِيْعُوْا الْلَّهَ وَرَسُوْلَهُ "20" } (سُوْرَةُ الْأَنْفَالِ)

وَقَالَ تَعَالَىْ عَنْ الْكُفَّارِ:

{ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوْهُهُمْ فِيْ الْنَّارِ يَقُوْلُوْنَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا الْلَّهَ وَأَطَعْنَا الْرَّسُوْلَ "66" } (سُوْرَةُ الْأَحْزَابِ)

لُزُوْمِ مَحَبَّتِهِ

قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّىَ أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالْنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ"
وَقَالَ "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيْمَانِ: ـ وَذَكَرَ فِيْ الْأُوْلَىْ ـ أَنْ يَكُوْنَ الْلَّهُ وَرَسُوْلُهُ احَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا .."

ثَوَابَ مَحَبَّتِهِ

كَانَ رَجُلٌ عِنْدَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لَا يَطْرِفُ فَقَالَ: "مَا بَالُكَ؟" قَالَ: بِأَبِيْ أَنْتَ وَأُمِّيَ أَتَمَتَّعُ مِنْ الْنَظَرِ إِلَيْكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رَفَعَكَ الْلَّهُ بِتَّفْضِيْلِهِ فَأَنْزَلَ الْلَّهُ:
{ وَمَنْ يُطِعِ الْلَّهَ وَرَسُوْلَهُ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ الْلَّهُ عَلَيْهِمْ مِّنَ الْنَّبِيِّيْنَ وَالْصِّدِّيقِيَنَّ وَالْشُّهَدَاءِ وَالْصَّالِحِيْنَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيْقَا "69" } (سُوْرَةُ الْنِّسَاءِ)

حَبَّ امْرَأَةُ مِنْ الْأَنْصَارِ

أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَتَلَ أَبُوْهَا وَأَخُوْهَا وَزَوْجُهَا يَوْمٌ أَحَدٌ فَقَالَتْ وَمَا حَالُ رَسُوْلُ الْلَّهِ؟ قَالُوْا خَيْرَا هُوَ بِحَمْدِ الْلَّهِ كَمَا تُحِبّيْ قَالَتْ: أَرِنِيهِ حَتَّىَ انْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلِّ مُصِيْبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ.

حَبَّ الْصَّحَابَةِ لَهُ

سُئِلَ عَلِيٌّ بْنِ أَبِيْ طَالِبٍ عَنْ حُبْ الْصَّحَابَةِ لِلْنَّبِيِّ فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ أُحِبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَأَوْلادَنَا وَآَبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَمَنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَىَ الْظَمَأِ.

الْإِمَامِ الْتُّجِيْبِيُّ رَحِمَهُ الْلَّهُ

قَالَ أَبُوْ إِبْرَاهِيْمَ الْتُّجِيْبِيُّ: "وَاجِبٌ عَلَىَ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَتَىَ ذَكَرَهُ أَوْ ذِكْرُ عِنْدَهُ أَنْ يُخْضِعَ وَيَخْشَعُ وَيُتُوَقرّ وَيَسْكُنُ مِنْ حَرَكَتِهِ وَيَأْخُذُ فِيْ هَيْبَتِهِ وَإِجْلَالَهُ بِمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ نَفْسُهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِمَا أَدَّبَنَا الَلّهَ بِهِ.

الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ الْلَّهُ

كَانَ مَالِكُ إِذَا ذُكِرَ الْنَّبِيّ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهَ فَقِيْلَ لَهُ يُوْمَا فِيْ ذَلِكَ فَقَالَ لَقَدْ كُنْتُ أَرَىَ جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ وَكَانَ كَثِيْرَ الْدُّعَابَةُ وَالْتَّبَسُّمُ فَإِذَا ذَكَرَ الْنَّبِيَّ عِنْدَهُ أَصْفَرُ، وَمَا رَأَيْتُهُ يَحْدُثُ عَنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ إِلَّا عَلَىَ طَهَارَةٍ .. وَكَانَ بُكَاؤُهُمْ وَاصْفِرَارِهُمْ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمْ هَيْبَةً لَهُ وَشَوْقَا لِلِقَائِهِ.

الْإِمَامُ ابْنُ مَهْدِيٍّ

وَكَانَ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ إِذَا قَرَأَ حَدِيْثٌ الْنَّبِيّ أَمَرَهُمْ بِالْسُّكُوْتِ وَقَالَ: "لَا تَرْفَعُوَا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ الْنَّبِيِّ". وَيَتَأَوَّلُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ مِنْ الْإِنْصَاتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ حَدِيْثِهِ مَا يَجِبُ لَهُ عِنْدَ سَمَاعِ قَوْلِهِ.

الْإِمَامِ مَالِكُ

قَالَ إِنِّيَ احَبَّ أَنَّ أَعْظَمَ حَدِيْثٍ رَسُوْلُ الْلَّهِ وَلَا أُحَدِّثُ بِهِ إِلَا عَلَىَ طَهَارَةَ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُحَدِّثَ فِيْ الْطَّرِيْقِ أَوْ وَأَنَا قَائِمٌ أَوْ مُسْتَعْجَلٌ وَأَحَبُّ أَنَّ أُفُّهُمْ حَدِيْثٍ رَسُوْلُ الْلَّهِ.

مِنْ عَلَامَاتِ الْأَدَبِ وَالْمَحَبَّةِ

1. الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَاتِّبَاعَ سُنَّتِهِ وَالْعَمَلُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ فِيْ الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ.

2. كَثْرَةِ ذِكْرِهِ وَالْشَّوْقُ لِلِقَائِهِ.

3. تَعْظِيْمِهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَتَوْقِيْرَهُ وَإِظْهَارِ الْخُشُوْعِ وَالانْكِسَارِ عِنْدَ اسْمُهُ.

4. مَحَبَّةٌ مِنَ يُحِبُّ مَنْ آَلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَدَاوَةِ مِنْ عَادَاهُمْ.

5. مَحَبَّةً الْقُرْآَنَ الَّذِيْ أَتَىَ بِهِ وَالِاهْتِدَاءِ بِهِ وَالْتَّخَلُّقِ بِهِ

6. الْشَّفَقَةُ عَلَىَ أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ وَالْسَّعْيَ فِيْ مَصَالِحِهِمْ وَرَفَعَ الْمَضَارِّ عَنْهُمْ.

الصَّلَاةَ عَلَىَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْمَعْنَىْ

الْمَقْصُوْدِ بِالْصَّلاةِ عَلَىَ الْنَّبِيِّ مِنْ الْلَّهِ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الْدُّعَاءُ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ وَمَنْ الْأُمَّةِ الْدُّعَاءِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالتَّعْظِيْمِ لَهُ.

الْصِّيْغَةِ

أَفْضَلُ الْصِّيَغِ الْلَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَهُنَاكَ صِيَغِ أُخْرَىَ، وَأَقُلْ مَا يُجْزِئُ هُوَ: الْلَّهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ.

أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا، وَعِنْدَ الْصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَعِنْدَ دُخُوْلِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوْجِ مِنْهُ وَعِنْدَ قَبْرِهِ، وَعِنْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَعِنْدَ الْدُّعَاءِ وَبَعْدَهُ، وَعِنْدَ الْسَّعْيَ، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَتُفَرِّقُهُمْ، وَعِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْتَّلْبِيَةِ، وَعِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ، وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْنَّوْمِ وَخَتَمَ الْقُرْآَنَ، وَعِنْدَ الْهَمُّ وَالْشَّدَائِدَ وَطَلَبَ الْمَغْفِرَةِ، وَعِنْدَ تَبْلِيْغِ الْعِلْمِ لِلْنَّاسِ، وَعِنْدَ الْوَعْظِ وَإِلْقَاءُ الْدُّرُوسِ وَعِنْدَ خُطْبَةِ الْرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِيْ الْنِّكَاحِ وَفِيْ كُلِّ مَوْطِنٍ يَجْتَمِعُ فِيْهِ عَلَىَ ذِكْرِ الْلَّهِ.

ثَوَابَ الْمُصَلِّيَ

ـ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "مَنْ صَلَّىَ عَلَيّ وَاحِدَةً صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيْئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ"

ـ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "مَنْ صَلَّىَ عَلَيَّ حِيْنَ يُصْبِحُ عَشْرَا وَحِيْنَ يُمْسِيَ عَشْرَا أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِيِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

ـ عَنْ ابْنٍ مَسْعُوْدٍ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ: "أَوْلَىٍ الْنَّاسِ بِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً" وَفِيْ بَعْضِ الْآَثَارِ "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ مَا أَعْرِفُهُمْ إِلَا بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِمْ عَلَيَّ"

ـ قَالَ أَبِيْ بْنِ كَعْبِ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ إِنِّيَ أُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْكَ فَكَمْ اجْعَلْ لَكَ مِنَ صَلَاتِي؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ" قَالَ الْرُّبْعَ قَالَ: "مَا شِئْتَ"، وَأَنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ قَالَ الثُّلُثُ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ" قَالَ الْنِّصْفُ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ" قَالَ: "يَا رَسُوْلَ فَاجْعَلْ صَلَاتِي كُلَّهَا لَكَ: "إِذَا تَكْفِيْ وَيَغْفِرْ ذَنْبِكَ




خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
خَاتَمُ الْنَّبِيِّيْنَ مُحَمَّدُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظلمت المدينة
» مُحَمَّدُ ابنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ
» نُوَحُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ
» قِصَّةِ صَالِحٍ نَبِيٍّ ثَمُوْدُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ
» هجرة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إلا رســـول الله صلى الله عليه وسلم :: قـصــص الأنـبـيـــــاء-
انتقل الى: