كيفية كفالة اليتيم
==========
ينبغي على كل مسلم ان يعرف كيفية كفالة اليتيم لما لهذا الفعل من فضل كبير، وذلك لأن جزاء كافل اليتيم لن يكون أقل من الجنة كما أن منزلة صاحب هذا الفعل هي القرب من النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة”، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّق بينهما قليلاً.

فماذا نعني بلفظ كفالة اليتيم؟
وماهي شروطها؟
وما فضل كفالة اليتيم؟
وما الفرق بين الكفالة والتبني؟

يُقصد باليتيم كل مَنْ فقد أبوه في الصِّغر قبل أن يبلغ سِنَّ الرُّشد وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يُتْمَ بعد احتلام”، فيما يُسَمَّى مَنْ فقد والديه باللطيم.

أمَّا مَنْ فقد أمَّهُ دون أبيه فيُسمَّى العجي.

ورغم اختلاف المسميات فإن من فقد أمه أو أباه أو هما معاً في صغره فهو بحاجة ماسة إلى الرعاية والعطف والحنان.

أما كفالة اليتيم فتعني أن يقوم الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة بأخذ طفل يتيم والاعتناء به وكذا التكفل به من جميع النواحي، وذلك باعتباره جزء من أسرته.

وأن يقوم بتربيته وتعليمه مثلما يفعل مع أبنائه ويستمر هذا الفعل إلى أن يبلغ اليتيم سِنَّ الرُّشد إن كان ذكراً، أما إن كان أنثى فيتكفَّل بها حتى زواجها.

وتُعد كفالة اليتيم إحدى طرق فعل الخير، وحكمها في الشريعة الإسلامية فرض كفاية بمعنى أنه إذا قام بها بعض المسلمين سقطت عن البقية.

وقد كان هذا الفعل منتشراً كثيراً بين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

أما الفرق بين التبني وكفالة اليتيم فهـو:
========================
– أن تبني اليتيم يكون بأخذ الإنسان لطفل يتيم واعتباره كإبنه من صُلبه وينسبه إلى اسمه، كما يصبح له حق الميراث كأحد أبنائه الحقيقيين وهذا أمر لا يجوز في الدين الإسلامي.
– في حين أن كفالة اليتيم هي الاعتناء بطفل يتيم ومعاملته كفرد من الأسرة، دون أن ينسب لاسم مَنْ يعتني به وليس له حق في الإرث إلا في حالة وجود وصية.

كيفية كفالة اليتيم وما شروطها؟
===================
لقد أوصى الدين الإسلامي برعاية اليتيم والاهتمام به وبحقوقه، حيث ذكر اليتيم اثنتين وعشرون مرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى في سورة البقرة: “وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنًا وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة”، وقوله تعالى: “…. ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح ولو شاء اللّه لأعنتكم إن اللّه عزيز حكيم”.

فما هي طريقة وكيفية كفالة اليتيم وما هي شروطها؟
===============================
نظرا للأهمية التي ولاها الإسلام لليتيم فإن لكفالة اليتيم شروط لا بد من توافرها في الإنسان الذي يريد التكفل بأحد الأيتام وهي عبارة عن ثلاث شروط رئيسية:
– الإحسان:
=======
ويكون الإحسان إلى اليتيم بعدة أشياء منها على سبيل المثال وليس الحصر: أن تقوم بإطعامه، وكسوته، والقيام على حاجاته الضرورية، وكذا الإخلاص في تربيته بالإضافة إلى مسح رأسه، وإشعاره بالرحمة والحنان، وفي ذلك أثر كبير على نفس اليتيم.

فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى يتيماً مسح برأسه وأعطاه شيئاً، كما يجب على كافل اليتيم تقدير اليتيم وإشعاره بالأهمية والحفاظ على حقوقه مع الرفق به في تربيته، وهذه بعض مظاهر الإحسان إلى اليتيم والتي يجب على كل مسلم بدون استثناء أن يتحلّى بها كونه مُخاطب بفعل المعروف وصالح الأعمال لعله يكون مِمَنْ قال الله تعالى فيهم: “ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، إنما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا، إنا نخاف من ربنا يومًا عبوسًا قمطريرًا، فوقاهم اللَّه شرَّ ذلك اليوم ولقَّاهم نضرةً وسرورًا، وجزاهم بما صبروا جنةً وحريرًا”.

– العـدل:
=====
ويعني إعطاء اليتامى حقوقهم كاملة العد والقيمة دون نقصان، فقد قال الله تعالى: “وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبًا كبيرًا”.

– تجنُّب ظلم اليتيم:
===========
وظلم اليتيم يكون إما معنوياً أو مادياً، فالأول يتم بعدم الإحسان إليه وعدم الاهتمام به وتركه بلا رعاية، فيما يتمثّل الظلم المادي في أكل أمواله والتعدِّي على حقوقه المادية بدون حق.

وقد حذَّر اللهُ تعالى من أخذ مال اليتيم بغير حق، كما لا يجوز لكافل اليتيم الإسراف في الإنفاق من مال اليتيم، وقد قال الله تعالى: “وابْتلُوا اليتامى حتى إذا بلغُوا النِّكَاح فإن آنستُم منْهم رُشدًا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومَن كان غنيًا فليستعفف ومَن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللَّه حسيبًا”.

كيفيّة كفالة اليتيم وطرقهـا:
================
لقد حثَّنا الإسلام على التخلّق بالخُلُق الرَّفيع الحسن، ومن أهم هذه الأخلاق الحسنة كفالة اليتيم لما فيه من الفائدة الكبيرة، فما أعظم مَنْ عامل اليتيم معاملة حسنة، وهو الذي فقد أعزَّ الناس عليه وقد حذَّر اللهُ عزَّ وجلَّ الناس من الإساءة إلى اليتيم في قوله تعالى: “فأمَّا اليتيم فلا تقهر”.

واليتيم بحاجة ماسَّة إلى مَنْ يعتني به وإلى مَنْ يُؤَّمِنُ احتياجاته وخصوصاً إذا كان طفلاً صغيراً، لذلك خصَّصْنا هذه الفقرة لإبراز كيفيّة كفالة اليتيم وطُرقها المختلفة من أجل تجديد الصِّلة بهذه الفئة التي وصَّانا اللهُ تعالى بالاهتمام بها ورعايتها.

ولا تعني كفالة اليتيم أن ينسب الشخص اليتيم لنفسه لأن الدين الإسلامي حرَّم ذلك لما فيه من اختلاط للنَّسب، ولكن لكفالة اليتيم طرق عدَّة يمكن من خلالها للإنسان أن يقوم بواجبه تجاه هذه الفئة المجتمعية وذلك عبر الآتي:

– التعاون مع إحدى الجمعيات الخيرية التي تحتضن الأيتام، عن طريق دفع مبلغ مالي للمساعدة في سد حاجيات اليتيم، كما يمكن كفالة أكثر من يتيم وذلك حسب قدرة الكفيل.

– التَّكَفُّل باليتيم عن طريق ضَمِّهِ للأسرة واعتباره كفردٍ من أفراد العائلة والتَّعامل معه بالإحسان والتكفُّل بكل حاجياته حتى يبلغ سن الرُّشد للذَّكر وحتى الزَّواج للأنثى، وذلك بدون تغيير اسمه الحقيقي.

– التَّكَفُّل بتعليم اليتيم وتحمُّل كافَّة مصاريفه التعليميَّة.

– كما يمكن للشخص الذي يريد كفالة اليتيم أن يُخصِّص له مبلغاً شهرياً ويدفعه لأمه أو الوصي عليه دون أخذه إلى البيت.

كيفية كفالة اليتيم وفضـلها:
================
تُعَدُّ كفالة اليتيم من أفضل الأعمال عند الله تعالى، كما أنها تعُودُ على صاحبها بفوائد كثيرة وعظيمة.

فما هي كيفية كفالة اليتيم وفضلها؟
=====================
ومِمَّا يدل على المكانة العظيمة لكفيل اليتيم عند الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قول نبينا عليه الصلاة و السلام: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين”، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.

ولكفيل اليتيم الكثير من الأجر والفضائل نذكر منها ما يلي:
==================================
– مصاحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومرافقته في الجنة.
– تليين القلب وإزالة القسوة عنه، فقد روي أنه قد جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلّم رجلٌ يشكو قسوة قلبه فدلَّه على أمر يلين به قلبه وهو أن يمسح على رأس اليتيم ويطعمه من طعامه.
– كفالة اليتيم تعمل على تزكية نفس ومال المسلم.
– كفالة اليتيم تدل على طبع سليم وقلب رحوم وكذا فطرة نقية.
– كفالة اليتيم حفظ للذريَّة من بعدك، وقيام الآخرين بالإحسان إلى أيتامك، لقوله تعالى: “وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا اللَّه وليقولوا قولًا سديدًا”.
– في كفالة اليتيم الخير الكثير والبركة، إذ تحُلُّ البركة على كافل اليتيم وماله وأهله.
– من خير البيوت البيت الذي فيه يتيم، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “خيرُ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحْسَنُ إليه……..”.
– تحافظ كفالة اليتيم على هذا اليتيم من الانحراف وسلوك طريق الباطل.
– كفالة اليتيم هي كأي عبادة تؤدَّى لوجه الله تعالى، فهي ترفع الدرجات وتمحو السيئات وتزيد الحسنات.


كيفية كفالة اليتيم وآثارها على المجتمع
=======================
تُعَدُّ العناية بالأيتام من الأولويات التي يجب على الدول الاهتمام بها وكذا المؤسسات الاجتماعية في المجتمع، وذلك من أجل حمايتهم من الذئاب البشرية التي تتصيَّد الفُرص لاستغلالهم في أعمال غير شرعية مثل بيع المخدرات أو الأعمال القذرة التي قد تعرضهم إلى العنف الجسدي والعنف اللفظي وقد تعرضهم للاعتداءات الجنسية أيضاً، الأمر الذي يساهم في تنشأة أفرادا سلبيين يشكلون مصدر إزعاج وتهديد دائمين للمجتمعات.

فما هي طريقة وكيفية كفالة اليتيم وما هي آثارها على المجتمع؟
=====================================
تتجلَّى الفائدة الكبرى لكفالة ورعاية الأيتام في التقليل من الجرائم في المجتمع، فالناس في مجتمعاتنا بقلة وعيهم وجهلهم وبعدهم عن الشريعة الإسلامية هم مَنْ يصنعون المجرمين، لأننا إن تركنا الأيتام بدون رعاية ولا عناية فسيُصبحون مصدر قلق على المجتمع، فاليتيم عبارة عن طاقة كامنة تحتاج إلى عناية واهتمام لكي تستغل هذه الطاقة فيما يفيده ويفيد المجتمع ككل، بدلاً من ضياعها وهدرها في الأمور التافهة التي لا جدوى ولا فائدة منها.

ونجد أن من أهم الفوائد التي يجنيها المجتمع من رعاية الأيتام هي توفير الدَّعم النفسي لهم ما سيقيهم من الانحراف وارتكاب الجرائم، وليس هذا فقط بل حتى حمايتهم من الانحرافات النفسية التي قد تسبب لهم الأمراض النفسية، ولأن الإنسان أمانة مهما كان وأينما كان وجب على المجتمع الاهتمام به ورعايته فلا تزر وازرة وزر أخرى.

وخلاصةً لِمَا سبق فإن كفالة اليتيم تساهم وبشكل كبير في حماية المجتمع والحفاظ عليه، كما أنها تساهم في نشر الود والمحبة والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد.

لقد أوصانا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بحُسْن التَّعامل مع الأيتام باعتباره من الأمور التي تُورث الرِّقة في القلب واللين وحب المساكين.

وقد نهانا الله تعالى عن إذلال اليتيم وقهره والإساءة إليه في قوله تعالى: “فأما اليتيم فلا تقهر”.

كما أن الدين الإسلامي حرص على اليتيم وجعل جزاء كافله قُربه من الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة.

وقد كان خاتم الأنبياء وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يتيماً أيضاً، لكن الله سبحانه وتعالى تكفَّله من عنده ومَنَّ عليه بالرِّسالة وعوَّضه عن فقده، فاللهُ رحيمٌ بعباده ولا ينسى أحداً.

إلى هنا نصل إلى نهاية مقالنا الذي تطرَّقنا فيه لموضوع كيفيَّة كفالة اليتيم متمنييِّن أن ينال إعجابكم وأن تشاركوه مع أحبائكم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وللمزيد من المواضيع والمقالات المفيدة والقيمة اطلعوا على موقعنا "كيفية".
=============================================
المصدر:
https://kaifia.com/