أشراط الساعة وعلاماتها:
قال تعالى: "فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ" محمد: 18.

علامات في كتاب الله:
ذكر القرآن الكريم بعض العلامات الكبرى للساعة، كيأجوج ومأجوج، والدابة، وظهور عيسى عليه السلام مرة ثانية على قول بعض المفسرين: وذلك في قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)" الأنبياء: 97-96.

"وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأرضِ تُكَلِّمُهُمْ أَن َّالنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ" النمل: 82.

"وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُن َّبِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" الزخرف: 61.

وفي قراءة "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ" وجاء أيضاً عن نزول عيسى عليه السلام قوله تعالى: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَن َّبِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ" ومن المعلوم أن عيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله إليه حياً، وقد فسر المفسرون هاتين الآيتين بنزول عيسى مرة ثانية كما تواترت بذلك الأحاديث ولم يشذ عن هذا التفسير إلا القليل.

وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد ذكر بعض هذه العلامات قبل قيام الساعة فإن السنة النبوية تفيض بذكر العلامات المختلفة الصغرى والكبرى.

موقف رفض العلماء:
ولقد وقف بعض العلماء موقف الرفض للعلامات، والأمارات التي جاء بها الحديث، أما لتشككهم في صحة الأحاديث، أو لأن هذه الأحاديث لا يتصورها الناس ويصعب على الناس الإيمان بها، فاستبعدوا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال مثل هذه الأحاديث، لكن هذه الأحاديث كثيرة جداً قد رويت في كل كتب الحديث: (الأمهات الست وغيرها) ثم جاءت أحداث الزمن مؤكدة لكثير منها.

أمثلة من الحديث:
-1 أمور عظيمة لا تخطر على البال:
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تروا أموراً عظاماً لم تكونوا ترونها، ولا تحدثون بها أنفسكم) رواه نعيم بن حماد في كتابه المشهور بكتاب الفتن من حديث سمرة بن جندب ورواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير.

وقال عليه الصلاة والسلام: (سترون قبل أن تقوم الساعة أشياء ستنكرونها عظاماً تقولون: هل كنا حدثنا فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى واعلموا أنها أوائل الساعة) رواه البزار والطبراني من حديث سمرة.

-2 استخراج للكفار للمعادن:
قال عليه الصلاة والسلام: (ستكون معادن يحضرها شرار الناس)[1] رواه أحمد في مسنده من حديث رجل من بني سليم.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تظهر معادن كثيرة لا يسكنها إلا أراذل الناس) رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة.

-3 تزيين المساكن وإطالة البناء:
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيت الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان فانتظر الساعة) رواه البخاري ومسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن وحتى يتطاول الناس في البنيان) رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أنتم إذا مرج الدين، وسفك الدماء، وظهرت الزينة وشرف البنيان) رواه الطبراني في الكبير عن ميمونة أم المؤمنين.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشونها وشي المراجيل) والمراجيل: هي الثياب المخططة، رواه البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة.

وقال عليه الصلاة والسلام: (من أعلام الساعة وأشراطها أن يعمر خراب الدنيا ويخرب عمرانها) رواه الطبراني عن أبي مسعود وابن عساكر عن محمد بن عطية.

وإذا كان هناك صعوبة على السابقين في فهم حدوث التخريب للعمران وعمران الخراب، فإنا نجد اليوم المدن الجديدة تنشأ في الأماكن الخربة غير المعمورة والمدن المعمورة تهدم لإعادة تخطيطها، ولا يعني الحديث أن ذلك حرام إنما يعني أن حدوث هذا علامة على قرب الساعة.

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من أعلام الساعة وأشراطها، أن تزخرف المحاريب وتخرب القلوب).

-4 ارتباط أجزاء الأرض وتقاربها:
قال عليه الصلاة والسلام: (لاتقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتزوى الأرض زياً) أي: تطوى ويضم بعضها إلى بعض، رواه الطبراني في الكبير من حديث أبي موسى الأشعري.

-5 في المواصلات:
-1 أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن زمناً سيأتي لا تستخدم فيه الإبل للتنقل وحمل الأمتعة، ومعلوم أن عدم استخدام الجمال مع وجودها إنما يكون بسبب وجود وسيلة أحسن، وليس هناك من الحيوانات ما هو أقدر من الجمال على السفر في الصحراء.

ولقد رأينا في هذا الزمان تعطل الجمال عن حمل الأمتعة وهذه الظاهرة هي في ازدياد كل يوم. قال عليه الصلاة والسلام: (ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها) رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة.

-2 قال عليه الصلاة والسلام:
يكون في آخر الزمان رجال يركبون على المياثر حتى يأتون أبواب المساجد) رواه أحمد والحاكم عن ابن عمر، والمياثر: كما فسرها عمر بن الخطاب هي السروج العظام، وقال عليه الصلاة والسلام: (سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المساجد) رواه أحمد في مسنده والحاكم في صحيحه عن ابن عمر، فما هي السروج العظام التي ليست رجالاً وإنما كأشباه الرجال؟ والتي يركب عليها الناس إلى أبواب المساجد، لم يعرف من المسلمين أنهم شدوا البغال والجمال أو الخيول ووضعوا عليها السروج العظيمة، ليذهبوا بها إلى المساجد.

فلا شك أن هذه الوسيلة للمواصلات غير هذه، والحديث يصف أن الركوب على السروج لا على الخيول أن الجمال أو غيرها من الحيوان.

إنا نجد الوصف ينطبق اليوم على السيارات ذات المقاعد التي تشبه السروج العظيمة والتي يركب الناس عليها إلى أبواب المساجد.

-3 ولقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن سرعة سير الدجال في الأرض؟
قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟: (كالغيث استدبره الريح) أي كسرعة سير السحب، الحديث رواه مسلم في صحيحه وغيره من حديث النواس من سمعان.

-6 حديث السباع ونطق الجماد:
قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده).

قال عليه الصلاة والسلام: (إنها أمارات من أمارات بين يدي الساعة أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله من بعده) [3].

أما حديث السباع فإن حيوانات السيرك تأتي بالغرائب، والكلاب (البوليسية) تدل الشرط على معلومات، فقد تكون هذه طرفاً من تفسير الحديث، والمستقبل متسع لما هو أكبر من هذا والله أعلم.

أما حديث السوط والنعلين عما أحدث الأهل في البيت ففيه إنباء بنطق الجماد وقد نطق، وفيه إنباء بأجهزة الاستقبال التي تمكن صاحب البيت من الاطلاع على معلومات من داخل بيته بواسطة مراسلات معينة تستقبلها أجهزة استقبال توضع في النعلين، أو في سوط يحمل باليد، وقد نطق الجماد اليوم، والمستقبل يتسع لتفسير باقي الحديث والله أعلم.

-7 نهضة علمية من جهل الدين:
قال عليه الصلاة والسلام: (من اقتراب الساعة كثرة القراء، وقلة الفقهاء وكثرة الأمراء وقلة الأمناء) [4].

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة أن يظهر القلم) [5].

وقال عليه الصلاة والسلام: (سيأتي على أمتي زمان يكثر فيه القراء ويقل فيه الفقهاء، ويقبض العلم ويكثر الهرج) وقبض العلم الديني يكون بموت العلماء، وعدم وجود من يخلفهم كما صرحت بذلك الأحاديث، والهرج: القتل والكذب [6].

وقال عليه الصلاة والسلام: (من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماماً يصلي بهم) [7].

وقال عليه الصلاة والسلام: (يكون في آخر الزمان عباد جهال وقراء فسقة) [8].

-8 اتساع في الحركة التجارية وزيادة الدخل:
قال عليه الصلاة والسلام: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وفشو القلم وظهور الشهادة بالزور، وكتمان شهادة الحق) [9].

قال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة أن يفشو المال، وتفشو التجارة، ويظهر القلم) [10].

وقال عليه الصلاة والسلام: (بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة) [11].

-9 تبرج النساء:
قال عليه الصلاة والسلام: (يكون في آخر الزمان رجال، يركبون المياثر حتى يأتون أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات، على رؤوسهن بأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات) [12] على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف: أي يضعف على رؤوسهن ما يشبه سنام الجمل الضعيف وربما كان ذلك إشارة إلى تجعيد شعورهن وتسنيمها أو وضع البرانيط التي تلبسها بعض النساء والله أعلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهم: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [13].

وأسنمة البخت: أسنمة الإبل، ونحمد الله فلا يوجد لدينا إلى الآن هذا الصنف من النساء في اليمن، وربما كان المسلمون السابقون يجدون إشكالاً في فهم التناقض الظاهري في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كاسيات عاريات) غير أن تقدم الزمان قد جعلنا نرى في البلدان الإسلامية التي أصيبت بالاستعمار، وجود النساء اللاتي يملكن الكاسيات بالكساء الضيق، الذي يجعل تفاصيل جسم المرأة ظاهرة وكأنها عارية، ووجدنا النساء يلبسن الثياب في المنازل ويتحللن منها في شواطئ البحر، إلا من قطع صغيرة على الفرج والثديين وبهذا يرتفع الإشكال حول الحديث والله أعلم.

-10 تشبه النساء بالرجاء وتشبه الرجال بالنساء:
قال عليه الصلاة والسلام: (من اقتراب الساعة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال) [14].

-11 شرب الخمور وكثرة الزنا:
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تذهب الأيام حتى تشرب طائفة من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها) [15].

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن ناساً من أمتي يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها) [16] وقد وجد من يشرب الخمر ويقول هذه بيرة والبيرة ليست خمراً.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق) [17].

ونسمع من هذا أشياء، قد وجدت في بعض البلاد الأوروبية أعاذنا الله منها.

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر) [18].

-12 تربية الكلاب وكراهة الأولاد:
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا اقترب الزمان يربي الرجل جرواً خير له من أن يربي ولداً له، ولا يوقر كبير ولا يرحم صغير، ويكثر أولاد الزنا حتى أن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أمثلهم في ذلك المراهن) [19].

وقال عليه الصلاة والسلام: (يأتي على الناس زمان ليربي أحدهم جرواً خير له من أن يربي ولداً لصلبه) [20].

-13 التعامل بالربا وشيوعه:
قال عليه الصلاة والسلام: (ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره) [21].

-14 التحية بالتلاعن:
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال الأمة على شريعة حسنة ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخبث [22]، ويظهر فيهم السقارون قالوا: وما السقارون؟ قال: نشء يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا تلاعنوا) [23].

-15 الشياطين وكتب سماوية:
قال عليه الصلاة والسلام: (إن في البحر شياطين مسجونة، أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآناً) [24].

وإن جمعيات تحضير الأرواح في هذا الزمان قد أخذت تبشر بدين جديد، وزعمت أنه قد أوحت الملائكة إليها بكتب من السماء والكتاب المعتمد من الجمعية لتحضير الأرواح والذي أوحى به (سلقر بوش) و (هوايت هوك) مندوبا الملائكة بزعمهم هو كتاب: (الحكمة البالغة).

-16 اختلاف الأخوة في الدين:
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تتباكى القلوب، وتختلف الأقاويل، ويختلف الأخوان من الأب والأم في الدين) أعاذنا الله من ذلك [25].

-17 السكتة القلبية:
قال عليه الصلاة والسلام: (من اقتراب الساعة موت الفجأة) [26] ويقول الأطباء: إن السكتة القلبية مرض من أمراض المدنية لم يكن شائعاً في المجتمعات القبلية، ويندر أن يموت الفلاحون والقبائل عن طريق السكتة القلبية.

-18 كثرة القتل:
قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قلت: وما الهرج؟ قال القتل) [27].

قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يقتل الرجل أخاه، لا يدري فيم قتله) [28].

وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أنتم إذا مرج الدين، وسفك الدماء، وظهرت الزينة، وشرف البنيان) [29].

-19 حسن القول وسوء العمل:
قال عليه الصلاة والسلام: (إنه يكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القول ويسيئون العمل) [30].

وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا ظهر القول وخزن العمل، واختلفت الألسن، وتباغضت القلوب وقطع كل ذي رحم رحمه، فعند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) [31].

-20 تعطيل السيف:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أشراط الساعة سوء الجوار، وقطيعة الأرحام، وأن يعطل السيف في الجهاد) [32].

-21 كثرة الفتن:
روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، فتن كقطع الدخان، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع أقوام أخلاقهم ودينهم بعرض من الدنيا) أعاذنا الله من ذلك [33].

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستكون فتن يفارق الرجل فيها أخاه وأباه تطير الفتنة في قلوب الرجال منهم إلى يوم القيامة، حتى يعير الرجل فيها بصلاته كما تعير الزانية بزناها) [34].

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً) [35].

-22 طائفة على الحق ظاهرين:
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله) [36].

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد) [37].

-23 نحن واليهود والدجال وعيسى ابن مريم:
روي عن رسول الله صلى اله عليه وسلم أنه قال: (تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) [38].

وقال عليه الصلاة والسلام: (تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول: يا عبدالله هذا يهودي ورائي فاقتله) [39].

ويؤخذ من هذه الأحاديث أن اليهود ستكون لهم دولة ، وذلك ما كان يعتبر مستحيلاً إلى أوائل هذا القرن فجاءت الأيام مصدقة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الدولة ما وجدت لتبقى، بل لقد جاءت البشارة في الحديث بنصر المسلمين على اليهود نصراً تشارك فيه الأحجار.

وإذا كان عصيان المسلمين هو الذي مكن لأعدائهم اليهود أن تكون لهم دولة لتفوقهم واختلافهم، وكثرة المعاصي كما جاء في الحديث الذي رواه ابن إسحاق بن بشر وابن عساكر كما في (كنزل العمال) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن الدجال اليهودي: (وتكون آية خروجه تركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهاونهم بالدماء، إذا ضيعوا الحكم، وأكلوا الربا، وشيدوا البناء وشربوا الخمر، واتخذوا القيان، ولبسوا الحرير، وأظهروا بزة آل فرعون، ونقضوا العهد وتفقهوا لغير الدين، وزينوا المساجد، وخربوا القلوب، وقطعوا الأرحام، وكثرت القراء، وقلت الفقهاء، وعطلت الحدود، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وتكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء، بعث الله الدجال فسلط عليهم).

قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فعند ذلك ينزل أخي عيسى ابن مريم، وينزل عيسى عليه السلام – في وصف المسلمين المجاهدين الذين يجاهدون الدجال واليهود ويقاتلونهم، فيقتل الدجال ويدخل الناس جميعاً في دين الله ولا يبقى على وجه الأرض أحد إلا دخل الإسلام).

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لتقاتلن المشركين، حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه) قال راوي الحديث ولا أدري أين الأردن يومئذ من الأرض[40].

وأما اليهود وأحبارهم فهم يرددون منذ عشر سنوات مضت: بأن زمن المسيح قد قرب، وأنه سينزل في إسرائيل ، ناسين أن المسيح الحقيقي عيسى عليه السلام قد جاء وله من يوم مولده 1988 عاماً فإن جاءهم أحد فليس إلا دجالاً يدعي أنه المسيح، وسينتصر المسلمون على اليهود -إن شاء الله- ولا بد أن نقاتل اليهود فنفوز بالشهادة أو يأتي نصر الله الذي وعدنا به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

-24 العلامات الكبرى:
إن ما فصل قد سمي بالعلامات الصغرى، وهناك علامات كبرى ذكر بعضها في القرآن والأحاديث النبوية، وذكر البعض الآخر في الأحاديث النبوية:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم عليه السلام، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن [41] تسوق أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا) روى الحديث أحمد وهكذا رواه مسلم وأهل السنن عن حذيفة.

الحكمة من ذكر علامات الساعة:
-1 إذا شاهد المسلم علامات قرب الساعة ألقى ذلك في نفسه الخوف من الله فأخذ نفسه بالاستعداد بالأعمال الصالحة، والمبادرة إلى كل ما أمر الله به واجتنابه ما نهى الله عنه، قبل فوات الأوان.

كما قال تعالى: "هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ" الأنعام: 158.

ومعنى قوله تعالى: "أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ" أي علامات الساعة.
-2 تأكيد الإيمان بأن وعد الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما هو كائن الآن لا يكون إلا من رسول علَّمه الله فتولد في النفس يقيناً، بأن ما وعدنا الله ورسوله بأنه ملاقينا ونازل بنا بعد موتنا، فيبعث في النفس حوافز العمل الصالح، الذي ينجينا من عذاب النار ويجعلنا نفوز بالجنة.

فذكر هذه الإمارات حافز للعمل وليس بحافز للتواكل واليأس لأنه لا ينجينا من عذاب الله، ويوصلنا إلى الجنة إلا العمل الصالح.

-3 إن هذه العلامات تعطينا ثباتاً في إيماننا لا يؤثر فيه ضغط الأحداث ولا تزلزله جهود الضلال، وتأثير الفتن الهوجاء وتجعل المؤمن يقول: ذلك ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله.

-4 لقد وردت هذه العلامات في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فداريتها جزء من الدين ولقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد تحدثه بعلامات خروج الدجال: (.. إنما أحدثكم هذا لتعقلوه وتفهموه وتفقهوه فاعلموا عليه وحدثوا به من خلفكم، وليحدث الآخر الآخر، فإن فتنته أشد الفتن)  روى الحديث نعيم ورواه الحاكم في المستدرك.

زمن حياة بعض العلماء الذين دونوا الأحاديث ورويناها عنهم:
اسم العالم عام مولده         عام وفاته
أحمد بن حنبل 241     164
نعيم بن حماد    ...     238
ابن أبي شيبة    ...     235
البخاري 241     194
أبو داود 275     202
مسلم 261         206
ابن ماجه 273     209
الترمذي 279     209
البزار ...         293
الديلمي 307         210
النسائي 303         215
الطحاوي 321     237
الطبراني 360     260
ابن منده 395     310
الحاكم 405         321
أبو نعيم 430     336
ابن عساكر 571     499

الخلاصة:
*ذكر القرآن بعض أمارات الساعة الكبرى: كيأجوج ومأجوج وظهور عيسى مرة ثانية، والدابة وذكرت الأحاديث النبوية الكثير من العلامات الصغرى والكبرى.

*وقف بعض العلماء من العلامات التي جاءت في الأحاديث موقف الرفض إما لتضعيفهم للأحاديث، أو استبعادهم أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال مثل هذه الأخبار التي لم يكونوا يتصورون وقوعها.

*من العلامات الصغرى التي أخبر بها الحديث:
-1 أنه ستحدث أمور عظيمة لم تكن تخطر على البال.


-2 أنه ستستخرج معادن كثيرة على غير أيدي المسلمين.

-3 أن المساكن ستتزين وتتطاول.

-4 وأن أجزاء الأرض ستتقارب.

-5 وأن الإبل لن تستخدم للسفر، وسيركب الناس على مياثر ينزلون بها على أبواب المساجد، وأن سرعة سير الدجال في الأرض ستكون كسرعة سير السحب.

-6 وأن السباع ستكلم الإنس وأن الجماد سينطق.

-7 وأنه ستكون نهضة علمية مع جهل بالدين.

-8 وأن الحركة التجارية ستتسع ويزيد دخل الفرد.

-9 وأن النساء ستتبرج.

-10 وأن النساء ستتشبه بالرجال وأن الرجال سيتشبهون بالنساء.

-11 وأنه سيكثر شرب الخمر كما سيكثر الزنا.

-12 وأن الناس سيكرهون تربية أولادهم ويحبون تربية الكلاب.

-13 وأن الناس سيأكلون الربا ويصيبهم من غباره.

-14 وأنه سيأتي جيل يحيي بعضه بعضاً بالتلاعن.

-15 وأنه سيظهر شياطين تقرأ على الناس كتاباً بالقرآن.

-16 وأنه سيختلف الأخوان في الدين.

-17 وأنه سيكثر الموت بالسكتة القلبية.

-18 وأنه سيكثر القتل.

-19 وأن الناس سيحسنون القول ويسيئون العمل.

-20 وأن السيف سيعطل من الجهاد.

-21 وأن الفتن ستكثر.

-22 ولا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق ظاهرين وأجر المتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كأجر شهيد عند بدء الفساد، وكأجر مائة شهيد عندما يبلغ أقصاه.

-23 وأن اليهود سيقاتلون المسلمين وسينصر الله المسلمين عليهم، وأن الدجال سيظهر في اليهود، وأن عيسى عليه السلام سينزل في المسلمين، وسيقتل المسيح الحق المسيح الدجال وأن معارك ستدور بين المسلمين والدجال على نهر الأردن، المسلمون شرقيه واليهود غربيه.

*هناك حكمة من ذكر علامات الساعة:
-1 تقوية استعداد المسلم للقاء ربه.

-2 تأكيد الإيمان بأن الله حق وأن الساعة لا ريب فيها، ودليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

-3 يعطى المؤمن ثباتاً أمام الفتن الهوجاء.

-4 دراستها جزء من الدين، لأنها آيات قرآنية، وأحاديث نبوية.

*لقد ظهر العلماء الذين دونوا الأحاديث الواردة هنا بين عام 64 وعام 571، ولا يعقل أن يعلموا الغيب بما هو كائن هذا الزمان، إلى جانب أنهم أكثر الناس خوفاً من الله إن هم افتروا على رسوله صلى الله عليه وسلم الكذب، وما اشتهروا إلا بحرصهم على جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يتبع إن شاء الله...