منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  Empty
مُساهمةموضوع: الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍    الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  Emptyالثلاثاء 05 أبريل 2016, 6:42 pm

الفصل السادس
الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍
التاريخ السياسي لهذا العصر:
---------------------------
ينقسم هذا العصر إلى عهدين:
1 - عهد دولة المماليك البحرية وينتهي عام 784هـ ‍- 1382م.
2 - وعهد دولة المماليك الشراكسة - أو المماليك البرجية (784 - 923ه‍ : 1382 - 1517م).

أما دولة المماليك البحرية فتبدأ شكلا من عام 657ه‍ وإن كان بدؤها الحقيقي هو عام 648ه‍ : 1250م، حينما قتل توران شاه ودخلت مصر بعدها في نفوذ مماليك هذه الدولة، الذي كان الصالح أيوب يكثر من شرائهم وينزلهم في قلعة الروضة التي شيدها بجزيرة الروضة، حتى سموا لذلك بالمماليك البحرية، وقد بقي الملك في أيديهم إلى عام 784ه‍، وكان عدد ملوكهم أربعة وعشرين سلطانا.

أولهم السلطان:
عز الدين أيبك التركماني الذي ولي الحكم عام 648ه‍، وتزوج شجرة الدر، وقتل عام 655ه‍، فخلفه ابنه المنصور، الذي تولى الوصاية عليه «سيف الدين قطز»، ثم أعلن قطز توليه الملك وخلع المنصور عام 657هـ ‍- 1259م وبذلك تبدأ دولة المماليك البحرية في تاريخ مصر.

كان «قطز» هو المؤسس الحقيقي لهذه الدولة، تولى الملك عام 657ه‍.

ولما سقطت بغداد عام 656ه ‍- 1258م في أيدي التتار، وزحفوا نحو مصر، التقى بهم «قطز» في «عين جالوت» بفلسطين ثم في «بيسان» وهزمهم هزيمة ساحقة، وكان الفضل في ذلك لقائده «الأمير ركن الدين بيبرس»، وفي عودتهم إلى مصر قتل «بيبرس» السلطان «قطز» 1وتولى مكانه حكم البلاد.

تقلد السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري حكم مصر (658 - 676ه‍ : 1260 - 1277م) وكان أشهر سلاطين المماليك البحرية، وقد نظم أمور الدولة والجيش، وأنشأ الأساطيل، وعني بتحصين الشام..

ولكي يعزز زعامته للإسلام دعا إلى مصر أحد أولاد الخلفاء العباسيين الذين فروا من وجه التتار من بغداد، وبايعه بالخلافة ولقبه بالمستنصر، واستمد سلطة الملك منه نائبا عنه عام 659هـ ‍- 1261م 2، وكان أول من بايع الخليفة العباسي شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام 3، وقد ذهب الخليفة لمحاربة التتار على رأس جيش مصري فقتل قرب دمشق عام 660ه‍ فتولى بعده لقب الخلافة العباسية في مصر الخليفة العباسي أبو العباس أحمد ولقب الحاكم بأمر اللّه 4.

وكان للسلطان «الظاهر بيبرس» أعمال حربية، وإصلاحات داخلية، محمودة وفي أيامه طيف بالمحمل وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة عام 675ه‍، وهو أول من فعل ذلك بالديار المصرية.
__________
1) كان قطز في أول ولايته قد عزم على فرض ضرائب جديدة على المصريين لينفقها على الجيش الذي سيوجهه إلى حرب التتار، فجمع العلماء لذلك، فحضر الشيخ عز الدين بن عبد السلام وصاح: لا يجوز أن يؤخذ شيء من الرعية حتى لا يبقى في بيت المال شيء وتبيعون مالكم من الحوائص في الآلات ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه ويتساووا في ذلك هم والعامة، وأما أموال العامة مع بقاء ما في أيدي الجندي من الأموال والآلات الفاخرة فلا (36 ج 2 حسن المحاضرة)

2) راجع صفحة 40 وما بعدها ج 2 من كتاب «حسن المحاضرة» للسيوطي
3) 44 ج 2 حسن المحاضرة.
4) 47 ج 2 حسن المحاضرة.

وبعد وفاة بيبرس خلفه ولدان له أحدهما بعد الآخر ولم تطل مدتهما، وانتهى الأمر بتولي السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي (678 - 689ه‍ : 1279 - 1290م)، فبقي الملك في بيته أكثر من مائة سنة، وساد في عهده العدل والسكينة.

وخلفه ابنه الأشرف خليل وكان شجاعاً مقداماً مظفراً عادلاً، فقتل بعد ثلاث سنوات، ومما يذكر أنه هو الذي قضى على إمارات الصليبيين بالشام.

وخلفه أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون (693 - 741هـ ‍:
1293 - 1341م)، وقد هزم التتار قرب دمشق عام 702هـ ‍- 1303ه‍ هزيمة ساحقة اثناء محاولتهم التقدم لفتح مصر، وعني الناصر بشؤون بلاده الداخلية ونشر العلوم والمعارف، وشيد المباني الفخمة، وتوفي الخليفة العباسي الحاكم بأمر اللّه في عهده عام 701ه‍، ودفن بجوار السيدة نفيسة في قبة بنيت له، وهو أول خليفة مات بمصر من بني العباس، وولي الخلافة بعده ابنه أبو الربيع سليمان ولقب المستكفي باللّه وخطب له على المنابر في مصر والشام 1، ولم يكن السلطان قد أمضى عهد والده له بالخلافة حتى سأل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد قاضي القضاة بمصر يومئذ: هل يصلح للخلافة أو لا؟ فقال الشيخ: نعم يصلح، فلما أشار الشيخ باستخلافه أمضى عهد والده له 1 ومات، في شعبان سنة 740ه‍ في قوص ودفن بها، وتولى بعده الخلافة الواثق باللّه رغم معارضة قاضي القضاة عز الدين بن جماعة، ومات الناصر عام 741ه‍ (1341م)، ولم يترك خلفاً يقدر على القيام بعبء الملك بعده، ومن أبنائه السلطان حسن الذي بنى المدرسة العظيمة التي لم يخلف السلطان أعظم منها بناء ولا أتقن صناعة، وهي المشهورة الآن بجامع السلطان حسن بجوار قلعة القاهرة، وانتهى الامر بانقراض هذه الدولة واستيلاء المماليك الشراكسة على الملك.
__________
1) 49 ج 2 حسن المحاضرة


وقد عزل الخليفة الواثق وبويع لأحمد بن المستكفي ولقب المستنصر ثم لقب بعد ذلك الحاكم بأمر اللّه -لقب جده- وذلك بحضور ابن جماعة وكتب له ابن فضل اللّه صورة المبايعة وذلك عام 742ه‍ ومات الخليفة عام 753ه‍، وبويع بعده لأخيه المعتضد باللّه وظل خليفة حتى مات عام 763ه‍، وظل بنو العباس في مصر يتوارثون الخلافة إلى أمد بعيد.

وأما دولة المماليك الشراكسة فقد حكمت مصر من عام 784 - 923ه‍، ومعظمهم من الشراكسة، بعكس المماليك البحريين فكانوا من الترك..

ولم يكن الملك في دولة المماليك الشراكسة وراثيا كما كان في بيت قلاوون، وعدد ملوك هذه الدولة ثلاثة وعشرون، حكم تسعة منهم مدة 125 سنة، وحكم في التسع السنوات الأخرى أربعة عشر، وقد كان لملوك هذه الدولة ولع بالعلوم والآداب والفنون، وان كانوا لم يحرصوا على العدل في حكمهم.

وأشهر ملوكهم وأولهم:
«الملك الظاهر سيف الدين برقوق» وقد مات عام 801ه‍ - 1399م، وخلف مدرسته العظيمة بين القصرين بالنحاسين الشهيرة بجامع برقوق.

وخلفه ابنه فرج الذي حارب تيمورلنك، وعقد معه صلحاً.

ومن ملوك هذه الدولة «المؤيد شيخ» باني الجامع المعروف بجامع المؤيد بجوار «باب زويلة».

ومنهم:
الأشرف برسباي 825 - 841 ه‍: 1422 - 1438 م، وقايتباي 873 - 902 ه‍: 1468 - 1496 م، والغوري 906 - 922 ه‍: 1501 - 1516 م، وقد انتهى أمره بأن قتله السلطان سليم العثماني فاتح مصر عام 923 ه‍، وضم مصر إلى الدولة العثمانية.

الأزهر في هذا العصر
1 - في عهد السلطان بيبرس والسلاطين بعده:
في سنة 665 جدده الأمير عز الدين ايدمر الحلي بسبب أنه كان مجاورا له بالسكنى، وكانت داره مكان الأقبغاوية المجعولة مكتبة الأزهر الآن، فراعى حرمة الجوار وانتزع له أشياء كانت مغصوبة وأحاط أموره حتى جمع له شيئا صالحا مع ما تبرع به له من المال الجزيل، وأطلق له من السلطان جملة من المال وشرع في عمارته، فعمر الواهي من أركانه وجدرانه وأصلح سقوفه وبلطه وفرشه وكساه، حتى عاد حرما بعد أن كان باليا، واستجد به مقصورة حسنة وترك آثارا صالحة..

وكذا عمل فيه الأمير بيلبك الخازندار مقصورة كبيرة رتب فيها جماعة من الفقهاء لقراءة الفقه على مذهب الشافعي ومحدثا يسمع الحديث النبوي، ووقف على ذلك الأوقاف الدرارة ورتب به سبعة لقراءة القرآن ومدرسا، وأقيمت فيه الجمعة يومئذ، وحضر فيه الأمراء والكبراء والعلماء، وكان يوما مشهودا، وبعد الفراغ من الجمعة قام الأمير عز الدين إلى داره ومعه الأمراء فقدم لهم موائد الطعام، وكان قد أخذ فتاوى من العلماء بجواز الجمعة فيه.

وهذا أول افتتاح الأزهر لصلاة الجمعة بعد انقطاعه منه في عصر الدولة الأيوبية.

وفي شهر الحجة سنة 702 ه‍ حدثت زلزلة شديدة بديار مصر فسقط الجامع الأزهر والجامع الحاكمي وجامع عمرو، وغيرها، فتقاسم أمراء الدولة عمارة الجوامع، فتولى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير عمارة الجامع الحاكمي، وتولى الأمير سيف الدين بكشمر الجوكندار عمارة جامع الصالح، وتولى الأمير سلار عمارة الجامع الأزهر، فجددوا مبانيها وأعادوا ما تهدم منها.. وفي 709 بنيت فيه مدرسة الطيبرسية.

والأمير سلار كان من من مماليك الصالح علاء الدين بن المنصور قلاوون، واتصل بخدمة الأشرف وتوفي عام 710 ه‍.

وفي سنة 725 ه‍ جددت عمارة الجامع الأزهر على يد القاضي نجم الدين محمد بن حسين بن علي الاسعردي محتسب القاهرة.. ثم في سنة 740 أنشئت الأقبغاوية التي هي محل المكتبة الأزهرية الآن، وفي سنة 744 تممت الجوهرية.

وفي سنة 761 جددت عمارة الأزهر عندما سكن الأمير الطواشي سعد الدين بشير الجمدار الناصري في دار الأمير فخر الدين ابان الزاهري الصالحي النجمي بخط الأبارين بجوار الجامع الأزهر بعدما هدمها وعمر داره التي تعرف في ذاك الوقت بدار بشير الجمدار، وأحب لقربه من الجامع الأزهر أن يؤثر فيه أثرا صالحا، فاستأذن السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون في عمارته وكان خصيصا به، فأذن له في ذلك وكان قد استجد بالجامع عدة مقاصير ووضعت فيه صناديق وخزائن حتى ضيقته، فأخرج الخزائن والصناديق ونزع تلك المقاصير وتتبع جدرانه وسقوفه بالإصلاح، حتى عادت كأنها جديدة، وبيض الجامع كله وبلطه، ومنع الناس من المرور فيه ورتب فيه مصحفا وجعل له قارئا، وأنشأ على باب الجامع القبلي حانوتا لسبيل الماء العذب في كل يوم وعمل فوقه مدرسة لإقراء أيتام المسلمين كتاب اللّه العزيز ورتب للفقراء المجاورين طعاما يطبخ كل يوم.

وأنزل إليه قدورا من نحاس جعلها فيه ورتب فيه دروسا للفقهاء من الحنفية يجلس مدرسهم لإلقاء الفقه في المحراب ووقف على ذلك أوقافا جليلة.

وفي سنة 784 ه‍ ولي الأمير بهادر المقدم على المماليك السلطانية نظر الجامع الأزهر، ونجز مرسوم السلطان برقوق بأن من مات من مجاوري الجامع الأزهر من غير وارث شرعي وترك شيئا فإنه يأخذه المجاورون بالجامع، ونقش بذلك على حجر عند الباب الكبير وهو غير موجود الآن.

وكان عدد طلبة الأزهر في أوائل القرن الثامن 570 طالباً كما يقول المقريزي.

وفي سنة 800 هدمت منارة الأزهر وكانت قصيرة وعمرت بأطول منها وبلغت النفقة عليها من مال السلطان خمسة عشر ألف درهم، وكملت في ربيع الآخر من السنة المذكورة فعلقت القناديل فيها ليلة الجمعة من هذا الشهر وأوقدت حتى اشتعل الضوء من أعلاها إلى أسفلها، واجتمع القراء والوعاظ به وتلوا ختمة شريفة ودعوا للسلطان، ولم تزل هذه المنارة إلى شوال سنة 818 فهدمت لميل ظهر فيها وعمل بدلها منارة من حجر على باب الجامع البحري بعدما هدم الباب وأعيد بناؤه بالحجر وركبت المنارة فوق عقده، وأخذ الحجر لها من مدرسة الملك الأشرف خليل التي كانت تجاه قلعة الجبل ثم هدمها الملك الناصر فرج بن برقوق، وقام بعمارة ذلك الأمير تاج الدين الشوبكي والى القاهرة ومحتسبها، وتمت سنة 818 فلم تقم غير قليل ومالت حتى كادت تسقط، فهدمت سنة 827، وأعيدت وفي هذه السنة ابتدىء بعمل الصهريج الذي بوسط الجامع فوجد هناك آثار فسقية ماء ووجد أيضا جثث أموات.

وتم بناؤه في ربيع الأول سنة 727 ه‍ وعمل بأعلاه مكان مرتفع له قبة يسيل فيه الماء وغرس بصحن الجامع أربع شجرات ولم تفلح وماتت، ولم يكن للجامع الأزهر ميضأة عندما بني، ثم عملت ميضأته.

وفي سنة 818 ه‍ تولى نظارة الجامع الأزهر الأمير سودوب حاجب الحجاب، فأهان طلبة الأزهر وأخرجهم منه وكان عددهم يومئذ 750 طالبا من شتى البلاد الإسلامية وأنحاء مصر، وكان الأزهر يومئذ عامرا بتلاوة القرآن ودراسته وأنواع العلوم والفقه والحديث والتفسير والنحو ومجالس الوعظ.

وكان الإنسان إذا دخله يجد من الانس باللّه والارتياح ما لا يجده في غيره وصار يقصده أرباب الأموال للتبرك ويصلون أهله بأنواع الذهب والفضة إعانة للمجاورين فيه على عبادة اللّه تعالى، فرأى سودوب المذكور ان يأمر بإخراجهم ومنعهم من المبيت به فأخرجهم وما كان لهم فيه من صناديق وخزائن وكراسي المصاحف، وقد حل بفقراء المجاورين بلاء شديد بعدما هجم عليهم مرة بعد العشاء الأخيرة، هو ومن كان معه من الغلمان والأعوان وغوغاء العامة ومن يريد النهب، فضربهم ونهبت فرشهم وعمائمهم وسلبت نقودهم فتشتت شملهم وساروا في القرى وتبذلوا بعد الصيانة وفقد الجامع كثيرا مما كان فيه، فعاجل اللّه الأمير سودوب بالانتقام وقبض عليه السلطان وسجنه.

وفي سنة 900 أجرى مصطفى بن محمود بن رستم الرومي عمارة الجامع الأزهر وصرف عليه من ماله نحو خمسة عشر ألف دينار وجاء في غاية الحسن.

وأنشأ الملك الأشرف أبو النصر قايتباي ميضأة بالجامع الأزهر وفسقية معتبرة من داخلها، وقد أبدلت بحنفيات سنة 1317، وأنشأ أيضاً سبيلاً ومكتباً على باب الجامع وقد أزيل المكتب أيضاً، وهو الذي أنشأ رواق الشوام ورواق المغاربة، وأنشأ المنارة العظيمة على يمين الداخل فيه.

وقد رتب الملك قانصوه الأشرف خال الناصر الخزيرة بالجامع الأزهر في شهر رمضان، والخزيرة عصيدة بلحم.. ثم لما جاء الملك قنصوه الغوري ضاعف ذلك في أيامه فرتب في شهر رمضان في مطبخ الجامع الأزهر كل سنة ستمائة وسبعين دينارا ومائة قنطار من العسل وخمسمائة أردب قمح، وبنى المنارة العظيمة ذات الرأسين به سنة 902 ه‍.
يتبع إن شاء الله...



الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 02 مايو 2021, 11:36 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍    الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  Emptyالأربعاء 06 أبريل 2016, 2:18 am

وكان بجوار الأزهر كذلك مدارس مشهورة منها:

المدرسة الظاهرية القديمة التي بناها بيبرس عام 661ه‍، ورتب بها لتدريس الشافعية تقي الدين بن رزين، ولتدريس الحنفية محيي الدين بن عبد الرحمن بن الكحال بن العديم، ولتدريس الحديث الحافظ شرف الدين الدمياطي، ولتدريس القراءات كمال الدين القرشي.


ومنها المدرسة المنصورية التي بناها الملك المنصور قلاوون عام 679 ه‍ ورتب فيها دروساً للفقه على المذاهب الأربعة والحديث والتفسير ودورساً كذلك للطب.


ومنها المدرسة الناصرية التي بناها الناصر محمد بن قلاوون عام 703 وعين بها المدرسين للمذاهب الأربعة.


ومدرسة السلطان حسن التي بناها السلطان حسن بن الناصر محمد ابن قلاوون عام 758 ه‍.


والمدرسة الظاهرية الجديدة التي فرغ من بنائها عام 788 ه‍ وعين السلطان فيها مدرسين للفقه على المذاهب الأربعة وللحديث والقراءات، وكان الشيخ سراج الدين البلقيني مدرساً فيها للتفسير.


ولكن هذه المدارس كلها كانت عالة على الأزهر، تأخذ منه، وتستمد علماءها من خريجيه وأساتذته، ويوجهها الأزهر توجيهاً علمياً.


ومن أشهر من نبغوا في هذا العهد من العلماء والأدباء والشعراء:

الفيروزبادي صاحب القاموس المحيط المتوفى عام 817 ه‍، والقلقشندي صاحب صبح الأعشي المتوفى عام 821 ه‍، والنويري صاحب نهاية الأرب المتوفى عام 732 ه‍، وابن فضل اللّه العمري المتوفي عام 748 ه‍ صاحب ممالك الأبصار، وتقي الدين ابن حجة الحموي (767 - 837 ه‍) صاحب خزانة الأدب، وصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (696 - 824)، وصفي الدين الحلى عبد العزيز بن علي (677 - 750 ه‍)، والشاب الظريف (621 - 688 ه‍) وجمال الدين محمد بن نباتة المصري (686 - 768 ه‍)، وابن الوردي (689 - 749 ه‍)، والبوصيري (608 - 695 ه‍)، وابن دقماق المتوفى عام 809 ه‍ مؤرخ الديار المصرية، والمقريزي (766 - 845 ه‍) ومحمد جمال الدين الوطواط المتوفى عام 718 ه‍ والدميري صاحب حياة الحيوان المتوفى عام 808 ه‍، وهم كلهم إوجلهم أثر من آثار الأزهر العلمية.

__________

1) 225 ج 1 حسن المحاضرة.


وقد حضر ابن خلدون إلى مصر واشترك في الحياة العلمية فيها، وزار حلقات الأزهر العلمية، وتصدر للتدريس فيه.


كما هاجر إلى مصر في هذا العهد كثير من العلماء الذين جددوا شباب النهضة العلمية في العالم الإسلامي.


وقد كان من العلماء من يعرف كثيراً من العلوم العقلية والطبية وغيرها زيادة على العلوم الدينية والعربية، وهؤلاء لا يحصون، نذكر منهم على سبيل المثال: الشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري المتوفى سنة 1192 هجرية.


فقد جاء في سند إجازته ما ملخصه: 

أنه تلقى في الأزهر العلوم الآتية، وله تآليف في كثير منها، وهي: الحساب والميقات، والجبر والمقابلة، والمنحرفات وأسباب الأمراض وعلاماتها، وعلم الأسطرلاب، والزيج والهندسة، والهيئة، وعلم الأرتماطيقي، وعلم المزاول، وعلم الأعمال الرصيدية، وعلم المواليد الثلاثة وهى الحيوان والنبات والمعادن، وعلم استنباط المياه، وعلاج البواسير، وعلم التشريح، وعلاج لسع العقرب، وتاريخ العرب والعجم.


وممن تولى التدريس فيه الفخر البلبيسي الضرير أستاذ القراءات وإمام الأزهر، وتولى ابن حجر خطابة الأزهر حينا آخر.


على أنه يوجد مع ذلك في أنباء العصر ما يدل على أن الأزهر كان خلال هذه الحقبة يحتفظ بمكانته الخاصة؛ يعاونه في ذلك اتساع حلقاته وأروقته، وتنوع دراساته، وهيبته القديمة، وما يلاقيه الطلاب فيه من أسباب التيسير في الدراسة وأحيانا في الإقامة.


وقد غدا الأزهر منذ أواخر القرن السابع أي مذ عفت معاهد بغداد وقرطبة، كعبة الأساتذة والطلاب من سائر انحاء العالم الاسلامي، وغدا أعظم مركز للدراسات الإسلامية العامة.


ومنذ القرن الثامن الهجري أخذ يتبوأ الأزهر في مصر وفي العالم الإسلامي نوعا من الزعامة الفكرية والثقافية. 


وفي أنباء هذا القرن ما يدل على أن الأزهر كان يتمتع في ظل دولة السلاطين برعاية خاصة، وكان الأكابر من علمائه يتمتعون بالجاه والنفوذ، ويشغلون وظائف القضاء العليا، ويستأثرون بمراكز التوجيه والإرشاد. 


وكان هذا النفوذ يصل أحيانا إلى التأثير في سياسة الدولة العليا، وأحيانا في مصاير العرش والسلطان.


وربما كانت هذه الفترة في الواقع هي عصر الأزهر الذهبي من حيث الإنتاج العلمي الممتاز، ومن حيث تبوؤه لمركز الزعامة والنفوذ.


وفي أواخر القرن التاسع أخذت الحركة الأدبية في مصر الإسلامية في الاضمحلال وذلك تبعاً لاضمحلال الدولة المصرية والمجتمع المصري.


وكانت دولة السلاطين قد شاخت وأخذت تسير نحو الانهيار بخطى سريعة، وتصدع بناء المجتمع المصري وأخذ في الانحلال والتفكك؛ واضطربت أحوال المعاهد والمدارس المصرية وتضاءلت مواردها، وفقدت كثيرا مما كانت تتمتع به من رعاية السلاطين والأمراء؛ وأصاب الأزهر ما أصاب المعاهد الأخرى من الذبول والركود.


ولم يمض قليل على ذلك حتى وقعت المأساة المروعة فانهارت الدولة المصرية، وفقدت مصر استقلالها التالد وسقطت صريعة الغزو العثماني سنة 922 ه‍ (1517 م).


جلال الدين السيوطي

ترجم الشيخ لنفسه ترجمة وجيزة في كتابه (حسن المحاضرة) قال عن والده: هو الشيخ كمال الدين أبو المناقب السيوطي، الذي توفي وسن ولده جلال الدين ستة أعوام. 


وقد تأثر الولد بسيرة أبيه ميتاً أكثر مما كان يتأثر بها حياً.


اشتغل ببلده أسيوط وتولى القضاء قبل قدومه إلى القاهرة، وهذا يدلنا على أن مدرسة العلم في هذه الحقبة لم تكن قاصرة على الأزهر وإنما كانت في كثير من عواصم البلاد، كما هو الحال الآن، ثم ذكر لنا كيف كانت أحوال أبيه بعد قدومه إلى القاهرة، حيث درس على كبار الشيوخ علوم الفقه والأصول والكلام والنحو والإعراب والمعاني والمنطق والحديث، ثم يقول (و أتقن علوما جمة)، وبرع في كل فنونه.


وأقر له كل من رآه في صناعة الإنشاء وأذعن له فيه أهل عصره كافة. 


بل كان شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوى في أوقات الحوادث يسأله في إنشاء خطبة تليق بذلك ليخطب بها في القلعة..


ثم يقول عن والده من الناحية الخلقية:

وكان على جانب عظيم من الدين والتحري في الأحكام وعزة النفس والصيانة، يغلب عليه حب الانفراد وعدم الاجتماع بالناس.


ثم عدد تآليفه فقال: 

«و له من التصانيف حاشية على شرح الألفية لابن المصنف.


وحاشية على شرح العضد كتب منها يسيراً، ورسالة في الإعراب وأجوبة على اعتراضات ابن المقري علي الحاوي وله كتاب في التصريف، وآخر في التوقيع».


هذه خلاصة وافية لما كتبه الشيخ جلال في ترجمة والده، وقد أسلفت أنه تركه بالموت وهو في سن السادسة.


فكيف -وهذه هي الحال- كتب ترجمة أبيه المتوفى، وكيف تأثر بحياته؟


إنه لم يشاهد من حالات والده إلا حالة واحدة ساعده على مشاهدتها أنه كان يقوم بها في منزله، أما غيرها فلم يشاهده فيها.


هذه الحالة هي التي حدثنا عنها بقوله:

«... مواظباً على قراءة القرآن، يختم كل جمعة ختمة، ولم أعرف من أحواله شيئاً بالمشاهدة إلا هذا».


وقد وجد عند والده كل آثاره العلمية والأدبية فحببه ذلك في الانقطاع لطلب العلم والأدب.


بيئة جلال الدين العلمية هي بيئة الأزهر الشريف بكل خصائصها الحقبة التي انتسب فيها جلال الدين إلى الأزهر هي منتصف القرن التاسع الهجري. 


وكان في الأزهر في ذلك الوقت قد قطع في بعثه الجديد أشواطا فإنه بعد أن عطله عن الحياة حساً ومعنىً - السلطان صلاح الدين الأيوبي، ليزيل بذلك كل أثر للفاطميين.


واستبدل به مدارس تدرس فيها المذاهب الأربعة - بعد هذا جاء عهد السلطان الظاهر بيبرس من ملوك الجراكسة، فقد ولي هذا السلطان ملك مصر عام 658 هجرية وكان -أول ما عني به من الشؤون- بعث الأزهر بعثا جديدا بترميمه بعد التهدمة، وبإعداده ليكون معهدا علميا تدرس فيه العلوم الدينية، كما تدرس فيه العلوم العقلية مثل (المنطق - آداب البحث والمناظرة) أما علوم التاريخ والجبر والمقابلة والإنشاء والأدب، فلم يكن لها نظام معين تدرس به، فقد تدرس وقد لا تدرس، وإذا رغبها طالب لم يرغب فيها طلبة.


لم يكن هناك مناهج ولا أوقات تضبط الدروس وتحدد أوقاتها. 

كما أن الطلبة كانوا أحراراً في كل شيء: 

في العلم الذي يختارونه، وفي الشيخ الذي يحضرون عليه، هذه الحرية في التحصيل هي التي مكنت الرعيل الذي كان فيه السيوطي من الإجادة والإتقان والتبحر في مختلف أنواع العلوم والفنون فكانوا أعلاماً نابهين.


أمثال السيوطي، والعز بن عبد السلام، والقرافي، وابن هشام والسبكي وأبناؤه، وزكريا الأنصاري وغيرهم.


كما كان الزهد في المال، طابعاً للطلبة يقول العلامة ابن دقيق العيد:

لعمري لقد قاسيت بالفقر شدة

وقعت بها في حيرة وشتات

فإن بحت بالشكوى هتكت مروءتي

وإن لم أبح بالصبر خفت مماتي

وأعظم به من نازل بملمة

يزيل حيائي أو يزيل حياتي


وتحدث السيوطي عن قوة حافظته فقال:

فحفظت القرآن ولى دون ثمان سنين، ثم حفظت العمدة ومنهاج الفقه والأصول وألفية ابن مالك» حفظ كل هذه المحفوظات قبل أن ينقطع إلى طلب العلم بالأزهر كما حدثنا.


وتحدث عن تبحره في العلوم وتعمقه في فهمها.


ورزقت التبحر في سبعة علوم: 

التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع... والذي اعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة -سوى الفقه- والنقول التي اطلعت عليها فيها لم يصل إليه، ولا وقف عليه أحد من أشياخي، فضلا عمن هو دونهم... ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل اللّه..


ويقول أيضاً: 

«و قد كملت عندي آلات الاجتهاد بحمد اللّه تعالى».


ثم يقول في مقدمة كتابه (المزهر في علوم اللغة):

«هذا علم شريف ابتكرت ترتيبه، واخترعت تنويعه وتبويبه، وذلك في علوم اللغة وشروط أدائها وسماعها، حاكيت به علوم الأحاديث في التقاسيم والأنواع، وأثبت فيه بعجائب وغرائب حسنة الإبداع، وقد كان كثير ممن تقدم يلم بأشياء من ذلك، ويعتني في تمهيدها ببيان المسالك، غير أن المجموع لم يسبقني إليه سابق، ولا طرق سبيله قبلي طارق».


هذا ما كتبه الشيخ متفرقاً في ترجمته لنفسه، وفي مقدمات بعض كتبه.


ويقول السيوطي:

«و قد بلغت مؤلفاتي للآن ثلثمائة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه».


ومن هذا العدد الكبير نعرف أنه كان سريع الكتابة إلى حد كبير، وهو في ذلك يشبه إمامنا الجاحظ في السرعة لا في إشراق الأسلوب، ولا في متانة التعبير، ولا في إجادة الإنشاء.


إن الثلثمائة كتاب التي ألفها السيوطي تدور في مدار العلوم الآتية كما ذكرها هو بتعبيراته:

1 - فن التفسير وتعلقاته والقراءات.

2 - فن الحديث وتعلقاته.

3 - فن الفقه وتعلقاته.

4 - الأجزاء المفردة (وهي المؤلفات التي يتناول كل منها مسألة واحدة).

5 - فن العربية وتعلقاته.

6 - فن الأصول والبيان والتصوف.

7 - فن التاريخ والأدب.


هل درس السيوطي كل هذه العلوم في الأزهر؟

اذا صح أنه درس التفسير والحديث والأصول واللغة العربية وبقية ما عرف من العلوم الأزهرية في وقته، فهل درس أيضاً التاريخ والأدب على الصورة التي رسمها لنا في تعداد الكتب التي ألفها، أنه لم يترك طبقة من الطبقات إلا ألف فيها كتاباً: (الصحابة - الحفاظ - النحاة كبرى ووسطى وصغرى – المفسرين - الأصوليين – الكتاب - الشعراء - الخلفاء).


كما أنه الف في التاريخ العام والخاص والرحلات كتباً كثيرة مثل (حسن المحاضرة - رفع الباس عن بني العباس - ياقوت الشماريخ في علم التاريخ - رفع شأن الحبشان - الرحلة الدمياطية).


فهل درس الطبقات والتاريخ وكتب اللغة والأدب في الأزهر فأهلته المدارسة ليؤلف فيها بهذه الغزارة كما ألف في العلوم الأزهرية؟


إن السيوطي كانت له صوفية علمية تجعله يدرس التاريخ والسير والمغازي على نفسه، ولم يكن في الأزهر حلقات لمثل هذه العلوم.


لقد شبهت جلال الدين السيوطي بالجاحظ في سرعة الأداء والكتابة، ولكنني فرقت بينهما من حيث طلاوة الأسلوب، وإشراق الديباجة.


والآن أشبه مرة أخرى السيوطي بالجاحظ في كثرة الاطلاع ومتنوع الدراسات، فلقد كان الجاحظ يستأجر دكاكين الوراقين ليطلع على ما فيها من كتب وربما كان يقضي فيها الليالي بأكملها لنهمه في القراءة والاطلاع. 


وكذلك الشيخ السيوطي فإنه لم يترك كتاباً في زمانه إلا قرأه واستفاد به.


وقد كانت له رحلات، ولكنه لم يكشف لنا عن الدافع إليها، فقد قال في ترجمته: «و سافرت بحمد اللّه تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور» وهي رحلات بعضها شاق طويل، وأي رحلة أبعد من الهند؟ وأي متاعب أقسى في زمنه من الجمع بين الرحيل إلى الشام والحجاز واليمن والهند والغرب والتكرور؟ إنه طوَّف في ذلك بأكثر اجزاء نصف الكرة الشرقي.


وقد ولد السيوطي عام 849 وانتقل الى رحمة اللّه عام 911 هجرية.



الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل السادس: الأزهر في ظلال دولتي المماليك 657 - 923ه‍
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الرابع: الأزهر في ظلال الفاطميين
» الباب الثاني: تاريخ الأزهر الحديث الفصل الأول: القوّة الشعبيّة بعد الحملة الفرنسيّة ممثلة في الأزهر
» الفصل السابع: الأزهر في عهد الدولة العثمانيّة 923 - 1220 ه‍
» الفصل الثاني: مصر في ظلال الدولة الفاطميّة
» الباب السادس: صورة عن النشاط العلمي في الأزهر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: الأزهــــــر في ألف عام-
انتقل الى: