منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه Empty
مُساهمةموضوع: البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه   البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه Emptyالسبت 16 يناير 2016, 12:11 am

البـــــاب الأول
ابـــن الجزري: دراسة حياته
-------------------------
تمهيد:
لا شك أن ظروف العصر السياسية والاجتماعية والثقافية.. التي ينشأ فيها الفرد ذات أثر كبير في تكوين شخصيته، وفي منطق تفكيره وفي منهج تعامله، وهذا ما يدعونا إلى معرفة تلك الظروف والأحوال التي شهدتها البيـئة التي عاش فيها ابن الجزري، لا من حيث التأريخ لتلك الفترة الزمنية وإنما من حيث التعريف بها لكونها البيئة التي أثرت في حياته وشكلت شخصيته كما كان لها الأثر الواضح في كتاباته وطبيعة مادتها العلمية سواء كان هذا الأثر إيجابياً أم سلبياً.

ولمعرفة هذه البيئة وما يمكن أن يكون من آثارها على من عاش فيها نعرض الأحوال التالية:
أولاً: الحالة السياسية:
لقد عاش ابن الجزري في الفترة الممتدة بين سنة: إحدى وخمسين وسبعمائة وسنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وهـي الفترة التي خضعت فيها دمشق -مسقط رأس ابن الجزري- لسلطان الدولة المملوكية حتى سنة ثلاث وثمانمائة حيث دخلها تيمورلنك التتري وسحق الجيش المملوكي بها، ودانت دمشق بدين تيمورلنك، وهي أيضاً الفترة التي كانت فيها بلاد الروم (تركيا حالياً) حيث قضى ابن الجزري أزيد من ثلاثين سنة من عمره خاضعة لسلطان آل عثمان ثم انتزعها منهم التتار.

وكان الحكم آنذاك في يد المماليك البحرية الذين حكموا مصر والشام أزيد من أربع وأربعين ومائة سنة بدءاً مــن سنة ثمـان وأربعين وستمائة حتى سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة حيث استولى على عرش الدولة المماليك الجراكسة (البرجية) الذين حكموا أزيد من ثلاثين ومائة سنة بدءاً من سنة اثتنين وتسعين وسبعمائة حتى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة.

وكان قد اعتلى العرش خلال الفترة التي عاشها ابن الجزري جملة من حكام الممالك وهم:
1-الناصر حسن بن الناصر محمد حكم أربع سنوات من 748 حتى 752هـ وخلع.
2-الصالح صالح بن الناصر محمد حكم ثلاث سنوات من 752 حتى 755هـ وخلع.
3-ثم أعيد الناصر حسن بن الناصر محمد فحكم سبع سنوات من 755 حتى 762هـ فقتل.
4- المنصور محمد بن المظفر أمير حاج حكم سنتين من 762 حتى 764 هـ ثم خلع.
5- الأشرف شعبان بن حسين حكم أربع عشرة سنة من 764 حتى 778هـ ثم قتل.
6- المنصور بن علي بن الأشرف شعبان حكم خمس سنوات من 778 حتى 783 وتوفي.
7- الصالح حاجي بن الأشرف شعبان وحكم سنة فقط منن 783 حتى784 هـ ثم خلع.
8- وتسلطن الأمير برقوق الجركسي وحكم سبع سنوات من 784 حتى 791هـ ثم خلع وسجن.
9- ثم أعيد الصالح حاجي بن الأشرف شعبان وحكم أقل من سنة 791حتى792 هـ ثم خلع..

وتولى بعده مباشرة المماليك الجراكسة وهم:
1- الظاهر برقوق للمرة الثانية وحكم تسع سنوات من  792 حتى 801هـ وتوفي.
2- الناصر فرج بن برقوق وحكم سبع سنوات من 801 حتى 808 هـ ثم خلع.
3- المنصور عبد العزيز بن برقوق وحكم ثلاثة أشهر فقط من سنة 808 هـ ثم خلع.
4- ثم أعيد الناصر فرج بن برقوق وحكم سبع سنوات أخرى من سنة 808 حتى 815 ثم قتل.
5- المؤيد شيخ الإسطبل حكم تسع سنوات من سنة 815 حتى 824هـ وتوفي.
6- المظفر أحمد بن المؤيد حكم عدة أشهر فقط من سنة 824 ثم خلع.
7- الظاهر ططر حكم عدة أشهر فقط من 825 هـ ثم توفي.
8- الصالح محمد بن الظاهر ططر حكم عدة أشهر فقط من سنة 825 هـ ثم خلع.
9- الأشرف برمباي وحكم ست عشرة سنة من سنة 825 حتى 841 هـ وتوفي ليخلفه ابنه.
وكان هؤلاء بمصر وظلت مصر تحت سلطانهم حتى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، أما دمشق فقد افتكها منهم التتار سنة ثلاث وثمانمائة بعد حرب ضروس انتهت بسقوط دمشق كما سقطت بغداد من قبل سنة خمس وتسعين وسبعمائة.

واتسمت هذه الفترة من حكم المماليك بما يلي:
1- ضعف الحكام الذين كانوا يقودون البلاد، فكثير منهم كان يتولى العرش وهو لا يزال صغيراً لا يفقه في شؤون السياسة شيئا فيبقى الأمر بيد الوصي أو النائب أو مدبر أمور المملكة، ثم لا يلبث أن يقوم أحد هؤلاء بالاستبداد بالسلطة وخلع السلطان المعهود إليه بالأمر أو قتله.

حيث نلاحظ أنه في خلال هذه الفترة الوجيزة الممتدة من سنة 748هـ حتى سنة 841 هـ التي لا تزيد عن ثلاث وتسعين سنة قد حكمها ثمانية عشر حاكماً خلع منهم عشرة سلاطين وقتل منهم ثلاثة وبعضهم لم يحكم سوى أشهر ثم عزل أو قتل والقليل منهم مَنْ توفي من غير مكيدة، وكل هذا يدل على مدى الفوضى التي سادت نظام الحكم في البلاد، ومدى الضعف الذي دب في الحكام حتى غدا كل قريب من الملك طامعا في الحكم، وصارت الدولة تدار بأحكام وأوامر غير السلطان.

2- اعتماد النظام الوراثي في الحكم حيث كان كل سلطان يتسلم الأمر يحكم البلاد مدة ثم يعهد إلى ابنه من بعده، وغالباً ما يكون صغيراً غير كفء لسياسة البلاد ومن هنا دَبَّ الضعف في الحياة السياسية وآل الحكم لغير السلاطين.

3- على إثر ضعف الحكام والسلاطين وانشغالهم بأنفسهم وصل المسلمون إلى مرحلة من الضعف ما بعدها مرحلة، فلم يعد بعضهم يهمه أمر الآخرين، ولم يعد بعضهم يعرف أخبار غيره، بسبب التشتت الذي أصابهم والضياع الذي آل إليه أمراؤهم، والبعد عن الإسلام الذي جزأ أمصارهم وفصل بعضها عن بعض.

4- تعرض البلاد الإسلامية لحملات الغزو التتري؛ حيث دخل تيمورلنك دمشق سنة ثلاث وثمانمائة بعد سحقه الجيش المملوكي وكان من قبل قد دخل بغداد سنة خمس وتسعين وسبعمائة وهدد المنطقة بأسرها.

وفي سنة خمس وثمانمائة اتجه إلى آل عثمان ببلاد الروم وانتصر عليهم وأسر السلطان بايزيد العثماني، وكان من ضحايا هذه الحرب ابن الجزري الذي خرج مناصراً السلطان بايزيد، وبعد الهزيمة النكراء قاده تيمورلنك وألزمه بالبقاء في مدينة كش، ولم يستطع الخروج منها حتى توفي تيمورلنك سنة سبع وثمانمائة.

5- تخاذل الحكام وتقاعسهم على نجدة غيرهم من المسلمين، وإعطاؤهم الولاء إلى غيرهم من الحكام، حتى وصل بهم الأمر إلى حد الشماتة في بعضهم، فهذا السلطان فرج يبتهج ويسر لهزيمة السلطان بايزيد العثماني على يد التتار؛ إذ زال خطر العثمانيين الذي كان يتهدده، وفي الوقت نفسه راح يخضع لشروط تيمورلنك ويضرب النقود باسمه ويعلن عن ولائه التام له.

6- تعتبر هذه الفترة امتداداً لحكم التتار الذي تميز بالعنف والقسوة والقهر تجاه الشعوب المحكومة، والتتار قوم انتزعت من قلوبهم الرحمة يطبقون أقصى العقوبات على أعمال لا ترقى إلى كونها مخالفات، ومن ذلك ما جاء في كتاب العقوبات الذي وضعه زعيمهم "جنكيز خان": ".. فَمَنْ بال في الماء قتلناه، ومَنْ أعان أحد خصميه قُتل، ومَنْ تعمَّد الكذب قُتل ومَنْ أطعم أسيراً أو سقاه أو كساه بغير إذن أهله قُتل..".

ويعترف أحد قادتهم هولاكو بهذه الفظاظة والقسوة والقلوب المتحجرة فيقول: "إنا نحن جُند الله في أرضه، خَلقَنَا من سَخطه وسلّطنا على مَنْ حلَّ به غضبُه، فنحن ما نرحم مَنْ بكى ولا نرق بمَنْ شكا، وقد سمعتم أننا فتحنا البلاد وطهَّرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد".

وهذا ما جعل الضعف والخور يدب في قلوب الشعوب المسلمة وصارت تعيش هاجس الموت في كل لحظة فروعوا وهجروا المدن ونزلوا الأرياف وانعزلوا وفضَّلوا الانزواء هروباً من كيد التتار ومن بطش السلاطين.

ثانياً: الحالة الاجتماعية
ليس يخفى ما للوضع السياسي من أثر بليغ على الحالة الاجتماعية وغيرها من الحالات: الثقافية والدينية والاقتصادية..، ولمَّا كانت الحالة السياسية في حال من الضعف الشديد انعكس ذلك على الحالة الاجتماعية التي شهدت انحطاطاً كبيراً وانحلالاً غريباً وانسلاخاً عجيباً من المبادئ والقيم الإسلامية الأصيلة.

ومن سِمَاتِ ذلك التَّقهقُر والانحلال ما يلي:
1-جنوح المرأة
تعتبر المرأة نواة المجتمع وعليها مدار صلاحه أو فساده، وفي تلك الفترة أطلق لها العنان وأعطيت حرية فاقت الحدود، وحقوقاً أثقلت كاهل الرجال، وخرجت بها على المعهود فتسلط النساء على الرجال، ومن ذلك مثلاً نجد المرأة إذا ما أحست من زوجها بصيانتها وغيرته عليها ومنعها من الخروج حيث تشاء تدعى عليه بقية صداقها، وتحبس زوجها من أجل ذلك قضاء، فيبيت هو في حبسه ويخلو لها الجو فتبيت فيما كانت تبيت فيه.

والغريب في هذا الأمر هو أساس هذا الحكم القضائي الذي يُعاقب الزوج بالحبس إذا ما طالبته زوجته بصداقها، والمعروف أن الصداق لا يطالب به إلا عند الطلاق أو الموت.

ومن الأمثلة أيضاً على خراب هذا المجتمع أن المرأة صارت تهدد زوجها برفع دعوى التقصير في حق النفقة فيحكم عليه بها سنوات طويلة وهي في بيت الزوجية.

وراحت المرأة تخرج من بيتها في زيٍّ غريبٍ، ترتدي طرازاً من القمصان كبيرة الأكمام محلاةً بالأزرار والحرير والمزركشات والقمصان القصار والأثواب الثمينة ممَّا يُثير فتنة بهذه المرأة.

وشاع هذا الأمر وذاع في كل الأوساط وعمَّت به البلوى وانتشرت به الفتنة وما ارتدعت المرأة إلا في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة حين جاء أمر السلطان بوجوب إبطال ذلك وعقاب كل امرأة لم تأتمر بأمره.

2- انتشار المظاهر المخزية
غزت ذلك المجتمع مظاهر فاسدة وأعمال مخزية نتيجة لذهاب غيرة الرجال وفشو الدياثة فيهم، ومن تلك المظاهر التي عمَّت وطمَّت في أوساطهم ظاهرة المُحلل والمُحلل له حيث صار تحليل المرأة لزوجها مهنة يُمارسها بعض الأنجاس من الرجال في مقابل ثمن يقبضونه، فصارت المرأة تنظر إلى التيس نظرة الشاة إلى الجزار، والتيس ينظر إلى المرأة على أنها مصدر رزق وشهوة في آن واحد، والذي يثير العجب في هذا أن الزوج يدفع المهر والتيس لا يطأ إلا بأجر، وكثيراً ما يجمع هذا التيس بين الأم وابنتها، ويجمع في العهدة الواحدة أكثر من أربعة ولا يهمه في ذلك سوى الاستمتاع والأجور التي يدفعها الأزواج، فهذه هي مهنة التيسة من البشر.

وأيضاً من تلك المظاهر تفشي البغاء وشيوعه في الأوساط، وصارت له أسماء غير تلك التي يُعرف بها، ولم يعد من القبائح بل صار تمدناً وتحضراً، واتخذت له أشكالاً تحفظ استمراريته وتؤمن ممارسيه، وتمنع دعاة الفضيلة من إيقافه، بل هناك من زنادقة العلم من راح يُدلل لمشروعية الزنا بالمعشوق واتخاذ الأخدان ومعاشرة الأسياد لعبيدهم وغير ذلك من المظاهر المخزية المحرمة شرعاً.

3- تفشي البطالة
نظراً للحروب التي ما كانت نيرانها لتخمد إلا لتشتعل في مكان آخر، ونظراً للظلم والاستبداد السياسي على الشعوب فشت البطالة وعمت في الأوساط، حيث ترك المزارعون أراضيهم وهجروها إلى حيث يأمنون على أنفسهم من كيد الحروب وويلاتها، وترك الصناع صناعاتهم؛ لأن الصناعة لا تقوم ولا تزدهر إلا حيث الأمن والاستقرار، وتخلى  التجار عن تجاراتهم لما كثر من القراصنة البحرية وقطاع الطرق البرية، ولما وضعه عليهم الحكام والولاة من ضرائب باهضة تفوق أرباحهم وتثقل كاهلهم.

4- استغلال النفوذ
في زمن ضعف فيه الحكام والسلاطين وصار الأمر بيد الحاشية الذين أعماهم الطمع والجشع فقادهم إلى استغلال نفوذهم عند السلطان وإلى تلقي الرشوة من غيرهم في مقابل شفاعة عند السلطان أو الظفر بمنصب عال أو السكوت على بعض مناكرهم، وبهذه الأموال التي كانوا يتلقونها صاروا من أهل الغنى والترف وبهذا تعزز الظلم واستتب الأمر على الاستبداد.

قال د.محمود شاكر: "..وإذا كان السلطان يستطيع الحصول على إرضاء أمراء المماليك، بما تحته من مال ومن تصرف بفرض الضرائب وإقطاع الأرض إلا أنهم هم أنفسهم كانوا يحرصون على تحصيل مبالغ من المال كبيرة لشراء المماليك لهم، وليقوموا بما قام به من سبقهم ومن هو أعلى منهم رتبة، وتدور بعد ذلك الدائرة على الشعب وهذا ما اضر البلاد وزاد من معاناتها".

5- انتشار الجوع والفقر والمرض
شهدت تلك البيئة انتشار الأمراض وكثرة الأوبئة الفاتكة بالإنسان والحيوان معا، وفشو الجوع والفقر في أوساط العامة وكثرة الحروب والقتل سواء بيد الأعداء المحاربين أو بيد البغاة الخارجين أو بيد السلطان وأعوانه، وكانت الحروب لا تخلف إلا الجثث  الهائلة والجماجم المتناثرة والأعضاء المبثوثة وهذا ما يساعد على نشاط الجراثيم واستفحال المرض وتعرض الناس للموت بأعداد يعسر حصرها.

فقد شهدت مصر سنة أربع وستين وسبعمائة وباءً شديداً وطاعوناً موجعاً كان يأخذ من أهلها نحو الألف كل يوم، ومات وقتها ممَّنْ يعرفون والد قاضي القضاة تاج الدين بن المناوي وكاتب الحكم ابن الفرات وأهل بيته أجمعين".

وأصاب دمشق المرض نفسه سنة أربع عشرة وثمانمائة وراح ضحيته خلق كثير منهم ابن ابن الجزري أبو الفتح.

ومن شدة ما أصاب القوم من فقر وفاقة صاروا تنالهم فرحة عجيبة وسرور بهيج ويدعون بالخير إذا ما علموا بوضع جزء من ضريبة ما كانت مفروضة.

فقد حكى ابن كثير في بدايته البشارة العظيمة بوضع شطر مكس الغنم الذي صار درهمين وربع بعدما كان أربعة دراهم ونصف، ووصف ذلك كأن القوم حلَّ عليهم غنى من السماء.

ولعل من أسباب هذا الانحلال الخلقي والتفسخ الاجتماعي والتردي لهذه الأوضاع الاجتماعية ما يعود إلى اندماج عناصر غريبة عن المجتمع الإسلامي في أوساط أبنائه وأهله حيث عشَّشَ الفرنجة النصارى واليهود والتتار في المجتمع الإسلامي وسكنوا دياره حتى صاروا جزءاً من أهله، ولا يخفى ما لهؤلاء من أثر على الحياة الاجتماعية الإسلامية.

ثالثاً: الحالـة الثقافيـة
بالرغم من الضعف السياسي الذي ساد البلاد والفساد الاجتماعي الذي أهلك العباد إلا أن الحالة الثقافية لم تكن بذلك التدني، ولم تشهد ذلك التقهقر، بل ظلت منتعشة بفضل الجهابذة العلماء الذين نذروا أنفسهم لخدمة العلم ونشر الدين تأليفاً وتدريساً وتعليماً، وبفضل العاملين المخلصين الذين سخروا أموالهم وأوقافهم في بناء المساجد والمدارس والزوايا ودور القرآن والحديث، وأنفقوا منها على القائمين على هذه المؤسسات العلمية وطلبة العلم بها.

ولعل مرجع هذا النشاط العلمي والحركة الثقافية يعود إلى ارتفاع الروح الدينية التي كانت عند السلاطين والمماليك والشعب عامة، حيث كانوا يشعرون أن حروب التتار والصليبين كانت تستهدف عقيدتهم ودينهم بالدرجة الأولى فحاولوا ألا يُمكنوهم من تحقيق هدفهم ودفعهم ذلك إلى الاهتمام بالناحية العلمية والعُكوف على التأليف والتدريس والعناية على تصحيح العقائد وإيقاظ الهمم.

وربما يعود السبب في ذلك إلى تلك العزلة التي عاشتها الشعوب، وذلك التقوقع الذي ألفوه وذلك الفراغ الذي ملأ عليهم أوقاتهم فانصرفوا إلى التعليم والتأليف وملء المدارس ودور العلم، خاصة وأن الحياة خلت من كل الأنشطة التي تنعشها بالحركة، فلا تجارة رابحة ولا زراعة منعشة ولا صناعة رائجة.

قال د. محمود شاكر: "..وربما كانت هذه المرحلة أغنى أوقات التدوين فظهر مشاهير العلماء أمثال: النووي والعز بن عبد السلام، وابن قيم الجوزية وابن حجر العسقلاني والذهبي وابن جماعة وابن كثير والمقريزي وابن تغري، وأعداد كبيرة من العلماء يصعب حصرهم".

وربما تظهر صورة المرأة مشرقة مشرفة في هذا المجال العلمي؛ حيث كانت لها مشاركة فاعلة في الحياة العلمية، فقد وجد من النساء عالمات جلسن للتعليم والإقراء والحديث كأمثال ست العرب بنت محمد بن علي المقدسية وزينب بنت القاسم الدماميسية اللائي اشتهرت بعلم الحديث، وسلمى بنت محمد بن الجزري التي اشتهرت بالقراءة والإقراء، ومنهم عائشة بنت إبراهيم بن خليل البعلبكية التي اسمع عليها ابن حجر العسقلاني حين قدم دمشق، وفاطمة بنت النويني التي أسمعت الشاطبية بإجازتها وخديجة بنت إبراهيم بن إسحاق الدمشقية وغيرهن كثيرات.

ومن جهة أخرى كانت المرأة -أيضاً- تسهم في إنشاء المؤسسات العلمية من مساجد وربط ومدارس قال الرحالة ابن جبير: "ومن النساء الخواتين ذوات الأقدار مَنْ تأمر ببناء مسجد أو رباط أو مدرسة، وتنفق في ذلك الأموال الواسعة وتعين لها من مالها الأوقاف".

ولم يكن السلاطين والأمراء يبخلون بالإنفاق على المؤسسات العلمية، فكانوا كلما استحدث بناء مسجد أو مدرسة إلا وجعلوا له أوقافاً تقوم به وبساكنيه الملتزمين به، ومن أجل هذا كثرت المنشآت والمؤسسات العلمية فكان منها العامة ومنها المتخصصة، 



وكان العلامة عبد القادر بن محمد النعيمي قد صنف كتاباً في تاريخ مدارس دمشق جمع فيه ما يلي:
- ستاً وعشرين دار للقرآن والحديث أو لأحدهما.
- اثنتين وستين مدرسة للشافعية.
- اثنتين وخمسين مدرسة للحنفية.
- أربع مدارس للمالكية.
- إحدى عشرة مدرسة للحنابلة.
- ثلاث مدارس خاصة بالطب.
- إحدى وعشرين رباطاً.
- ستاً وعشرين زاوية.
- وزاد عدد المساجد على الثلاثمائة مسجد.

ويظهر أن هذه المؤسسات لم تكن بالأهمية نفسها، وإنما كان فيها صغير الشأن وفيها ما كان عظيماً، فأعظم المساجد الجامع الأموي وأعظم مدارس الشافعية المدرسة العادلية التي تأسست في عهد الملك العادل سيف الدين أبي بكر سنة خمس عشر وستمائة، وبها يحكم قاضي القضاة، وتقابلها المدرسة الظاهرية التي أقامها الملك الظاهر سنة سبعين وستمائة.

وأعظم مدارس الحنفية وأكبرها مدرسة السلطان نور الدين التي أنشأها سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وبها يحكم قاضي قضاة الحنفية.

وللمالكية زاوية وثلاث مدارس، فأما الزاوية فهي التي أوقفها السلطان الملك الناصر صلاح الدين بجامع دمشق، وهي إحدى زوايا الجامع، وأما المدارس فهي: المدرسة الصمصامية الواقعة بحجر الذهب وهي التي كان يسكنها قاضي قضاة المالكية، والمدرسة النورية التي عمرها السلطان نور الدين محمود بن زنكي، والمدرسة الشرابسية الواقعة بدرب الشعارين داخل باب الجابية وهي المعروفة بمدرسة نور الدولة علي الشرابيسي.

وللحنابلة أيضاً مدارس كثيرة أعظمها المدرسة النجمية التي أقامها الملك الصالح نجم الدين أيوب، ومدرسة ابن عمر التي أوقفها على مَنْ أراد تعلم القرآن من الكُهول، وتجري لهم ولِمَنْ يُعلمهم حاجاتهم من المآكل والملبس.

من خلال هذا الاهتمام البليغ بشأن المدارس العلمية وبشأن المقيمين عليها من شيوخ وتلاميذ ظل العلم ذا شأن عند السلاطين والعامة من الناس وهو ما عزَّز ازدهار الحركة العلمية في ذلك الزمان، وهو ما خوَّل ظهور عباقرة أفذاذ كتبوا وألفوا وأبدعوا في أصعب الفنون فهذا ابن الجزري آلت إليه رئاسة علم القراءات وهذا ابن كثير شيخ التفسير والحديث والتاريخ وذلك ابن حجر العسقلاني إمام الحديث بلا منازع وغيرهم.

رابعاً: الحالة الدينية
لقد كان المجتمع الإسلامي في مصر والشام يضم نسيجاً غير متماسك ولا متجانس من أصحاب الديانات وأهل الملل والنحل ودعاة الطوائف والفرق، ولم يكن بين كل هؤلاء سوى التطاحن والتناحر، والكل يتحيَّن الفرصة من أجل الإيقاع بالآخرين.

وكانت تشكيلة المجتمع آنذاك من المسلمين وهم منقسمون إلى سنة وشيعة ورافضة وخوارج، وأيضاً من النصارى واليهود وهم ما كانوا يعرفون بأهل الذمة، هذا بالإضافة إلى طوائف المغول وفرق الفرنجة الذين دخلوا الشام واستوطنوها وعملوا على نشر عاداتهم وتقاليدهم ومعتقدات وطرائقهم.

وما كانت هذه التشكيلات الدينية والمتفرقات العقدية ليسودها الانسجام والوئام لما تكنه كل فرقة للآخرين من مكر وعداء، فهذا التتار حين دخل البلاد عمل على فتح مدارس للفلاسفة والملاحدة، ونقل إليها أوقاف المدارس والمساجد والربط في الوقت الذي كان فيه يُعمِل في العلماء والفقهاء والقضاة والمحدثين تقتيلاً وتشريداً فشاع الإلحاد وانتشرت البدع وفشا الفجور ونسب ذلك إلى الشرع الحنيف.

وخرجت الرافضة بفرقها العشرين عن صمتها وأخرجت ما كان مضمراً في صدور أصحابها وراحت ترد السُّنن المتواترة كما ردت أحاديث فضل الخلفاء الراشدين من الصحابة وتأليه علي بن أبي طالب وغير ذلك.
يتبع إن شاء الله...



البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 10 يونيو 2021, 5:20 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه Empty
مُساهمةموضوع: رد: البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه   البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه Emptyالسبت 16 يناير 2016, 12:18 am

قال ابن جبير:
"وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وقد عموا البلاد بمذهبهم وهي فرق شتى: الرافضة وهم السبابون والإمامية والزيدية وهم يقولون بالتفصيل خاصة والإسماعيلية والنصيرية وهم كفرة فإنهم يزعمون الإلهية لعلي رضي الله عنه".

ومن عجيب أمرهم أنهم عمَّروا المشاهد وخرَّبوا المساجد فجعلوا قبور أوليائهم في مقام المساجد التي يشد لها الرحال بل جعلوا الرحلة إلى قبور الأولياء حجاً أكبر والحج إلى البيت الحرام حجاً أصغر.

ونشطت أيضاً القدرية وراحت تروِّج معتقدها فردَّت أحاديث القدر الثابتة كما قامت الخوارج برد أحاديث الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار بما فهموه من ظاهر النصوص القرآنية.

وأما أهل الذمة فهم على دينهم إلا أنهم لا يسمح لهم بممارسة بعض الأعمال لعدم ائتمانهم؛ إذ كثيراً ما تقع منهم الخيانة، وكانوا يلزمون بالتمايز حتى يعرفون فيتقى شرهم، فقد ذكر المؤرخ ابن كثير في أحداث سنة خمس وخمسين وسبعمائة أنه نودي في الجامع الأموي بألا يستخدموا في الدواوين السلطانية والأمراء ولا في شيء من الأشياء، وألا تزيد عمامة أحدهم عن عشرة أذرع.. ولا تدخل نساؤهم مع المسلمات الحمامات وليكن لهن حمامات تختص بهن وأن يكون إزار النصرانية من كتان أزرق واليهودية من كتان أصفر.

وهكذا نخلص إلى أن التشكيلة الدينية لتلك الفترة كانت خليطاً من الديانات والفرق غير متماسك ويسوده العداء والمكر بين جماعاته، وما هذا إلا انعكاس للحالة السياسية التي ضعفت فيها سلطة الحاكم وانشغل الناس بالحروب والفتن وتفرق شمل العلماء وتشتت.

الفصل الأول
نشأة ابن الجزري وتكوينه
تمهيد:
في هذه البيئة المتقلبة الأهواء التي اعتراها نظام سياسي في غاية الضعف وسادها فساد اجتماع كبير، ونشطت فيها جماعات دينية كثيرة تناقضت فيها العقائد واختلفت فيها الشرائع ونشطت فيه الحركة العلمية أيما نشاط وازدهرت الناحية الثقافية أيما ازدهار نشأ العلامة الإمام ابن الجزري وتكونت شخصيته  العلمية وظهر كعلم من أعلام هذه الفترة التاريخية بل صار من الأعلام المبرزين فيها بما قدمه من خدمة للعلم من تأليف وإقراء وتحديث وتدريس..

وما عنيناه خلال هذا الفصل هو دراسة نشأته وكيفية تكوينه معرجين على كل جوانب حياته الاجتماعية والعلمية بحسب ما توفر في المصادر التي بين أيدينا.

وذلك من خلال المباحث التالية:
المبحث الأول: ابن الجزري: اسمه ومولده وأسرته.
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: اسمه ومولده ووفاته.
اسمه:
هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف العمري الدمشقي ثم الشيرازي.

وذكر ابن عماد الحنبلي أنه: محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي.. والأول أظهر لأنه ما أجمع عليه الآخرون وهو ما ذكره ابنه وهو أقرب الناس إليه.

نسبته:
عرف شيخنا واشتهر بالجزري بفتح الجيم والزاي وكسر الراء، وهي نسبة إلى جزيرة ابن عمر وهي بلدة على الحدود السورية التركية فوق الموصل بينهما مسيرة ثلاثة أيام وهي على شكل هلال يحيط بها نهر دجلة إلا من جهة واحدة ، فشق لها خندق، فأحاط بها الماء من جهاتها الأربع ، وهذه الجزيرة تنسب إلى بانيها عبد العزيز بن عمر.

قال السيوطي: "الجَزَري: بفتحتين إلى عدة بلاد: الموصل وسنجار وحران والرها والرقة.. وديار بكر وجزيرة ابن عمر".

وقال أبو سعيد الخراساني: "الجزري بفتح الجيم والزاي وكسر الراء هذه نسبة إلى الجزيرة، وهي إلى عدة بلاد من ديار بكر واسم خاص لبلدة واحدة يقال لها جزيرة ابن عمر".

وربما ينسب إلى دمشق مسقط رأسه وربما ينسب إلى شيراز  حيث أقام أزيد من ثلاثين سنة من حياته، ونشر علمه هناك وعمل قاضيا لمدة طويلة.

لقبه، وكنيته:
يلقب ابن الجزري بشمس الدين، وعرف بمقرئ المماليك لضلوعه في القراءة وكثرة إقرائه ببلاد المماليك، ولقب في شيراز بالإمام الأعظم ويكنى بأبي الخير، وأبو الخير أحد أبنائه.

مولده:
ولد ابن الجزري فيما أجمعت عليه كتب التراجم ليلة السبت بعد صلاة التراويح في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، داخل خط القصاعين بين السوريين بدمشق.

قصة ميلاده:
ذكر الإمام الشوكاني أن أبا شيخنا ابن الجزري كان تاجراً، مكث أربعين سنة ولم ينجب ولداً، وكان في لهف على أن يُرزق ولداً، فلما حجَّ شرب من ماء زمزم بنية أن يوهب ولداً ودعا اللهَ أن يكون الولد عالماً، فولِد له بعدها صاحب هذه الترجمة وأسماه محمداً وكان كما طلب من علماء زمانه.

وفاته:
أجمعت المصادر التي ترجمت لابن الجزري على أن وفاته كانت ضحوة الجمعة الخامس من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بمدينة شيراز، ودفن بدار القرآن التي أنشأها هناك.

وخالف في تاريخ وفاته ابن حجر العسقلاني حيث ترجم له في وفيات سنة أربع وثلاثين وثمانمائة والمعول عليه ما صرح به نفسه حيث قال: "وكانت وفاته في أوائل سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة".

وكانت جنازته جنازة مشهورة تبادر الأشراف والخواص والعوام إلى حملها وتقبيلها والتبرك بمسها، وقد اقفل باب من أبواب العلم بموته.

قال ابن ابن الجزري: "وقد اندرس بموته كثير من مهام الإسلام".

المطلب الثاني: أسرتــه
لم تطلعنا المصادر عن تفاصيل أسرة ابن الجزري إلا قليلاً، حيث لم تورد إلا حديثاً هيناً عن أبيه لدى ذكرهم قصة ميلاده وعن بعض أولاده، وأغفلت ذكر أمه وزوجته وأعمامه وأجداده.. ويعتبر ما أورده ابن الجزري عن نفسه وعن أولاده هو غاية ما ذكر عن حياته الاجتماعية.

كان لابن الجزري تسعة من الأبناء، ستة من الذكور وثلاث من الإناث.
فأما ستة الذكور فهم:
1- أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري:
ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة وهو أكبر إخوته حظي باهتمام والده فحفظ القرآن ولم يتجاوز عمره الثماني سنوات، وحفظ بعد ذلك الشاطبية والرائية، وجمع القراءات العشر على أبيه ثم رحل إلى مصر حيث قرأ على بعض قراء القاهرة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ولم يكن اهتمامه بالقراءات فحسب بل كانت عنايته أيضا بالحديث والفقه والعربية والأصول.

ولما غادر والده إلى شيراز تولى وظائفه بدمشق فدرس وأقرأ حتى أخذه طاعون سنة أربع عشرة وثمانمائة فمات بسببه.

2- أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري:
ولد سنة تسع وسبعين وسبعمائة بعد عودة أبيه من مصر، وهو ثاني أولاد ابن الجزري، تتلمذ على والده فسمع عليه كثيراً من كتب القراءات وحفظ عليه المقدمة والجوهرة وجمع عليه القراءات العشر سنة ثلاث وثمانمائة وسمع الحديث على بعض علماء دمشق، ولحق أخيراً بوالده إلى مدينة شيراز.

ويظهر أنه توفي بعد والده، إذ لم يذكر والده في ترجمته سنة وفاته، ولم تلحق بكتابه طبقات القراء كما ألحقت بعض التراجم الأخرى.

3- أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري:
ولد سنة ثمانين وسبعمائة وختم القرآن سنة تسعين وسبعمائة، أي لم يتجاوز عمره العشر سنين، وصلى به سنة إحدى وتسعين، وسمع الحديث عن شيوخ دمشق مبكراً وحفظ الشاطبية والرائية والطيبة وقرأ على أبيه القراءات العشر وكثيراً من كتبه كما قرأ على أبي الفتح العسقلاني بالديار المصرية وأيضاً قرأ بها على إبراهيم بن أحمد الشامي.

ولما دخل أبوه بلاد الروم لحق به، ودرس بها وأقرأ وعلم أولاد السلطان وبعد وقعة تيمورلنك فارقه نحو عشرين سنة لم يره فيها، ثم التقيا سنة ثمان وعشرين في الحج، ثم سافرا معاً إلى دمشق سنة تسع وعشرين حيث افترقا ثانية، فظل أبو بكر بدمشق وتولى وظائف والده التي كانت لأخيه، وشرح العديد من كتبه كالطيبة.

4- علي بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري:
ذكره والده مرتين في طبقاته، ولم يذكر فيهما سنة ميلاده ولا سنة وفاته غير أنه ذكر أنه سمع من محمد بن سلامة المصري  وأحمد السويداوي ويظهر أنه لم يكن من حذاق القراء حيث لم يورد له ترجمة مستقلة في كتابه طبقات القراء على غرار ما فعله مع بعض أبنائه الآخرين كأبي بكر وأبي الخير.

5- سلمى بنت محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري:
شرعت في حفظ القرآن سنة ثلاث عشرة، وعرضته حفظاً بالقراءات العشر في الثاني من ربيع الأول من سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، قراءة صحيحة مجودة مشتملة على جميع أوجه القراءات، وكانت قد وصلت في الاستحضار درجة لا يشاركها فيها أحد في وقتها، وتعلمت العروض والعربية والخط ونظمت الشعر عربياً وفارسياً، وقرأت الحديث بنفسها.

وتعتبر سلمى من النساء القلائل اللائي ترجم لهن ابن الجزري في طبقاته، إذ لم يترجم إلا لثلاث نسوة فقط، وما ذاك إلا لنبوغها في القراءات وقوة استحضارها فيها وتبوئها مقاماً سامياً يرقى إلى مقام القراء من الرجال.

6- أبو البقاء إسماعيل بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري.

7- أبو الفضل إسحاق بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري.
8- فاطمة بنت محمد بن محمد بن محمد بن الجزري.
9- عائشة بنت محمد بن محمد بن محمد بن الجزري.

وهؤلاء الأربعة لم ترد لهم ترجمة في كتب التراجم غير أن ابن الجزري كان قد أشار إليهم في نهاية طبقاته، ولولا تلك الإشارة منه إليهم لما عرفوا ولم يعثر لهم على أثر، وكانت تلك الإشارة على إثر إجازته التي منحها إياهم ولجميع المسلمين برواية كتابه عنه، وكان قد سماهم واحداً واحداً.

وذكر طاش كبرى زاده أن هؤلاء الأبناء كانوا جميعاً من القراء المجودين فقال: "جميع هؤلاء من القراء المجودين المرتلين، ومن الحفاظ المحدثين رضي الله عنهم وأرضاهم".

وفي مقام إجازته لأبنائه رواية كتاب الطبقات عنه يطلعنا أيضاً عن حفيداته الثلاث: فاطمة بنت ابنه أبي الفتح وأختها زينب، وأيضا فاطمة بنت أبي بكر وكل هؤلاء حظين بشرف هذه الإجازة.

المبحث الثاني: ابن الجزري: حياته العلمية
لقد كان ابن الجزري شخصية علمية فذة، ندر وجود مثله في زمانه، فهو الحافظ المحدث المقرئ المؤرخ النحوي المفسر.. ومن خلال هذا المبحث سنبين كيف كانت نشأته العلمية ومقومات شخصيته والمكانة التي حظي بها بين علماء عصره ومن جاء بعدهم.

المطلب الأول: نشأته وتكوينه
وفيه بيان النقاط التالية:
أولاً: تكوينه
نشأ ابن الجزري -رحمه الله تعالى- بدمشق في كنف أبيه محمد الجزري الذي كان تاجراً صالحاً محباً للعلم حريصاً عليه، معظماً لكتاب الله ويدارسه على الشيوخ الأجلاء ولم يكن غريباً عليه أن يصطحب ابنه معه ويحضره إلى مجالس العلماء في سن مبكرة وأن يكون الشيخ شيخا لهما معاً، فقد صرح ابن الجزري بذلك في ترجمة شيخه الحسن السروجي فقال: "..شيخي وشيخ والدي -رحمه الله تعالى- لقن والدي القرآن.. "وكيف لا يصطحبه إلى هذه المجالس وهو الذي دعا أن يكون له ولد عالماً.

وبإرشاد من هذا الوالد الصالح وحرصه على تعليم ابنه تعلم الولد القرآن، وحفظه وجوده سنة أربع وستين وسبعمائة وكان عمره آنذاك ثلاث عشرة سنة، وصلى به إماماً في السنة الموالية، وهذا يدل على نبوغ هذا الولد واستعداده المبكر.

ولم يقف ابن الجزري عند مجرد حفظه للقرآن بل راج يجمع القراءات على قراء دمشق بعدما أفردها قراءة قراءة ورواية رواية، وذلك سنة ست وستين وأتم جمع القراءات السبع سنة ثمان وستين.

وبالإضافة إلى حرصه على تعلم القراءات وتجويدها جد في طلب الحديث ودراسة الفقه والأصول وتحصيل المعاني والبيان، غير أن شغفه بالقراءات جعلـه لا يترك شيئاً منها بالشام إلا وأخذه، ولا يسمع بشيخ إلا سمع عليه ما عنده من قراءات، كما جعله يجول ويصول بلاداً كثيرة -زيادة في الإتقان والإحكام- طالباً ما افتقده عند شيوخ الشام من عوال الأسانيد ومن دقائق الفنون، فوصل إلى اليمن جنوباً والى القاهرة والإسكندرية غرباً.

وكان قد رغب في الرحلة إلى الأندلس -الغرب الإسلامي- للتلقي على شيوخها فمنعه والده خشية عليه من بُعد البلاد ومشقَّة السفر إليها.

ثانيـا: مقومات شخصيته
لقد أوردت بعض كتب التراجم لابن الجزري -على قلة ما ذكر فيها عن صفاته- جملة من الخصال والصفات الحميدة التي كان يتمتع بها والتي كانت سبباً في رفعه إلى مصاف العلماء والأولياء، فقد وصفه ابن حجر العسقلاني بالبلاغة والفصاحة وحسن الشكل فقال: "..وكان مثرياً وشكلاً حسناً وفصيحاً بليغاً".

وكان من خصاله ومقومات شخصيته أيضاً حبه للعلم وحرصه على اقتناء كتبه والاحتفاظ بها مهما كلفه ذلك، ومن غريب ما ذكره عن نفسه أنه كان عنده نسخة باللامية والرائية بخط الحجيج مُجلدة فأعطيَ بوزنها فضة فلم يقبل.

وقد كان -رحمه الله- مشهوراً بحدة الذاكرة وقوة الاستحضار وهذا ممَّا مَنَّ اللهُ به عليه وهو ما أدركه فيه بعض شيوخه فأجازوه وهو لا يزال مراهقاً لم يبلغ الحلم بعد، فقد ذكر في ترجمة شيخه أبي محمد عبد الوهاب بن السلار: "هو أول شيخ انتفعت به ولازمته وصحَّحت عليه الشاطبية دروساً وعرضاً، وقرأت عليه ختمة بقراءة أبي عمرو فأجازني وأنا مراهق دون سن البلوغ بكثير".

ثالثاً: مذهبه وسيرته
كانت بلاد الشام -دمشق خاصة- تستوعب المذاهب الفقهية الأربعة غير أن ابن الجزري كان على مذهب الإمام الشافعي تأثراً بشيخه عبد الرحيم الاسنوي الذي كان يعقد حلقته في مذهب الشافعية، كما تأثر أيضاً بالإمام البلقيني والبهاء السبكي وغيرهم من فقهاء الشافعية.

وكان ابن الجزري أحد شيوخهم المبرزين المناظرين، وقد أذن له بعضهم بالإفتاء على المذهب الشافعي كالعماد أبي الفداء إسماعيل بن كثير في سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وشيخ الإسلام البلقيني في سنة خمس وسبعين، والشيخ ضياء الدين في سنة ثمان وسبعين.

وكان قد ولي المشيخة الكبرى بتربة أم الصالح وبدار الحديث الأشرفية الكبرى وبالمدرسة العادلية وهي أعظم مدارس الشافعية بالشام وما كان ليتولى مشيختها مَنْ لم يكن من كبار علماء الشافعية.

وكان -رحمه الله- من أهل الدين والصلاح والورع والزهد في الحياة ومتعها وزخارفها، كان يعمل تاجراً وما كانت تجارته لتشغله عن قراءة القرآن وإقرائه، فكلما دخل مصراً هب إليه من يطلب القراءة عليه، وكان قد قسَّم وقته بين قراءة وإقراء وسماع حديث وتدريس فقه وتأليف وتصنيف.

وكان أيضاً مُستمسكاً بسنة النبي -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- في النوافل فلا تجده يدع قيام الليل في حضر ولا سفر، ولا يترك صوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر.

المطلب الثاني: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه
عاصر الإمام ابن الجزري الكثيرين من علماء عصره، وتقدم عليهم في كثير من المجالات العلمية خاصة القراءات منها، واعترف له المؤرخون المعاصرون واللاحقون بالتفوق والنبوغ العلمي ووصف بأنه كان جامعاً لعلوم شتى فقد كان مقرئاً مجوداً محدثاً مفسراً مؤرخاً فقيهاً أصولياً لغوياً وشاعراً، وقد عُدَّ في حياته من أجل العلماء قدراً وأكثرهم إجلالاً وأعظمهم احتراماً بين العامة والعلماء والحكام الأمراء.

وعد بعد وفاته بأنه خاتمة الأئمة الحُفَّاظ المُحققين لما توصل إليه من تحقيق في مسائل علم القراءات، ولما وضعه من قواعد وأسس يرجع إليها عند كل خلاف في هذا الفن.

وجملة آراء العلماء فيه نوجزها فيما يلي:
أولاً: ذكر ابن حجر العسقلاني في ترجمته لابن الجزري أنه كان يلقب في بلاده شيراز بالإمام الأعظم، ولا دلالة لهذا اللقب إلا على علو مكانته وسمو قدره وسعة علمه، وعلّق ابن حجر بعد ذلك بقوله: "وقد انتهت إليه رئاسة القراءات في المماليك".

ثانياً: ولقد اعتبره الإمام الطاووسي بأنه متفرد بعلو الرواية ومتقن لفن الدراية قال الإمام السخاوي: "وقد ذكره الطاووسي في مشيخته وقال: "إنه تفرد بعلو الرواية وحفظ الأحاديث والجرح والتعديل ومعرفة الرواة المتقدمين والمتأخرين".

ثالثاً: وكان الإمام السيوطي قد اعتبره بلا نظير ولا ند في عصره في الدنيا فقال: ".. وكان إماماً في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا حافظاً للحديث.. ألف النشر في القراءات العشر لم يصنف مثله، وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل جيد، وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة".

رابعاً: وقد وصفه ابن عماد الحنبلي بأنه عديم النظير فقال: ".. وبالجملة فإنه كان عديم النظير طائر الصيت، انتفع الناس بكتبه، وسارت في الآفاق مسيرة الشمس".

خامسا: ومدحه النواجي واعتبره شمساً أشرقت على مصر فقال:
أيا شمس علم القراءات أشرقت     ***  وحقك قد مَنَّ الإلهُ على مصـر
وها هي بالتَّقريب منك تضوَّعت   ***  عبيراً وأضحت هي طيبة النشر


سادساً: وقد وصفه عادل نويهض في معجمه بالحجة فقال: "..حجة في القراءات محدث حافظ مفسر ناظم له اشتغال بالتاريخ، مشارك في بعض العلوم".

سابعاً:
وكان الإمام طاش كبرى زاده قد ذكر في شقائقه واقعة فيها دلالة واضحة على مكانة ابن الجزري عند بعض الحكام والأمراء، فجاء فيما ذكره أن ابن الجزري حين وصل إلى سمرقند مع تيمورلنك أقام هذا الأخير وليمة عظيمة وجعل أكابر الأمراء على يساره، والعلماء على يمينه، وقدم ابن الجزري على السيد شريف المقدم ذكره فعوتب في ذلك فقال تيمور: "كيف لا أقدم رجلاً عارفاً بالكتاب والسنة".

ثامناً:
وكان العلامة الشيخ علي بن محمد الضباع  قد وصفه في تقديمه لكتاب النشر في القراءات العشر بأنه سند المقرئين وخاتمة الحفاظ المحققين، فقال: "إن في كتاب النشر في القراءات العشر لأصدق التباشير وأوضح الأدلة على نباهة مؤلفه وعلو شانه وسمو مرتبته في هذا الفن الجليل حتى لقب بحق إمام المقرئين وخاتمة الحفاظ المحققين، فهو الإمام الحجة الثبت المحقق المدقق شيخ الإسلام سند مقرئي الأنام أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري".


البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثالث: ابن الجزري: وظائفه وآثاره العلمية
» الفصل الثاني: القراءات المتواترة وطرقها عند ابن الجزري
» المبحث الأول: نشأة حزب الله وعقيدته
» الفصل الثاني: ابن الجزري بين الشيوخ والتلاميذ
» الفصل الرابع: ابن الجزري بين التأثر والتأثير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: رســـالة دكـتـــوراه-
انتقل الى: