منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 تذكير العباد بحقوق الأولاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

تذكير العباد بحقوق الأولاد Empty
مُساهمةموضوع: تذكير العباد بحقوق الأولاد   تذكير العباد بحقوق الأولاد Emptyالجمعة 04 ديسمبر 2015, 6:36 am

تذكير العباد بحقوق الأولاد
تأليف: عبد الله بن جار الله آل جار الله (رحمه الله)
-------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:
فإن الأولاد من أعظم نعم الله على عباده، كما قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].

وهم أمانة عند الإنسان كلفهم الله بحفظها ورعايتها. وأولى الناس ببرك وأحقهم بمعروفك أولادك فإنهم أمانات جعلهم الله عندك وأوصاك بتربيتهم تربية صالحة لأبدانهم وقلوبهم وعقولهم ودينهم ودنياهم وآخرتهم، وكلما فعلته معهم من هذه الأمور فإنه من أداء الواجب عليك ومن أفضل ما يقربك إلى الله تعالى فاجتهد في ذلك واحتسبه عند الله، فكما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم فأنت قائم بالحق مأجور عليه.

فكذلك بل أعظم منه إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة والمعارف الصادقة والتوجيه للأخلاق الحميدة والتحذير من ضدها. لأن بالآداب الحسنة والأخلاق الحميدة يرتفعون وبها يسعدون، وبها يؤدون ما عليهم من حقوق الله وحقوق العباد، وبها يجتنبون أنواع المضار، وبها يتم برهم بوالديهم في الحياة بالطاعة والخدمة وأنواع الإحسان، وبعد الموت بالدعاء والصدقة والحج كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".رواه مسلم.

ومن هنا ورد الترغيب في تربية الأولاد تربية صالحة إسلامية صحيحة بالقدوة الحسنة والتعليم النافع ليكونوا صالحين في أنفسهم بارين بوالديهم في الحياة وبعد الموت فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة بقوله: "رب اغفر لي ولوالدي.. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.. اللهم اغفر لهما وارحمهما إنك أنت الغفور الرحيم".

والولد الصالح القائم بحقوق الله وحقوق عباده دعاؤه مستجاب لأن الله أمر بالدعاء وتكفل بالإجابة، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ويدخل في ذلك الأولاد وأولادهم من ذكور وإناث ينتفع والدهم بصلاحهم ودعائهم، ومن هنا وردت السنة باستحباب طلب الأولاد وتزوج المرأة الولود واستحباب بشارة من ولد له ولد وتهنئته، وكراهة تسخط البنات فقال صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين -بنتين- حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه.." رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار.." متفق عليه.

فهنيئا لمن رزقه الله بنات صالحات فأحسن إليهن وصبر عليهن بهذا الفضل العظيم والثواب الجسيم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

وكما أن للوالدين على أولادهما حقوق كثيرة قولية وفعلية فإن للأولاد على والديهم حقوق كثيرة قولية وفعلية.

وبناء على وجوب التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه فقد جمعت في هذه الرسالة ما أمكن جمعه من حقوق الأولاد المطلوبة لهم من والديهم وأقاربهم من وجوب تربيتهم تربية صحيحة بالقدوة الحسنة والتعليم النافع والأمر والنهي والترغيب والترهيب، ووجوب تأديب الأولاد وتعليمهم والعدل! بينهم في العطاء والمنع، والاعتناء بأمر أخلاقهم وتحسين أسمائهم وحملهم على القيام بحقوق الله وحقوق عباده وخصوصا حقوق الوالدين والأقارب والجيران وصلة الأرحام.

إلى غير ذلك مما هو مشروع لهم من الولادة حتى البلوغ وما بعده، وبذلك يكونوا سعداء مع الدعاء لهم بالتوفيق والصلاح وفعل الأشياء المشروعة في حقهم.

وينصح الآباء والأمهات بمطالعة كتاب (تحفة الودود بأحكام المولود).

لابن القيم، وكتاب (تربية الأولاد في الإسلام) للشيخ عبد الله ناصح علوان فإنهما كتابان مفيدان في هذا الموضوع.

وكذلك كتاب (الطفل في الشريعة الإسلامية) للدكتور محمد بن أحمد الصالح.

وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام العلماء المحققين، وقد سميتها "تذكير العباد بحقوق الأولاد".

وأسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها فعمل بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف: في 17 /4 / 1411هـ
----------------------------
تربية الأولاد
الحمد لله الذي يمن على من يشاء بالأولاد، ويجعلهم فتنة يتبين بها الشاكر الذي يقوم بحقهم ويصونهم عن الفساد، والمهمل الذي يضيعهم ويتهاون بمسؤوليتهم فيكونوا عليه نقمة وحسرة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحكمة البالغة والحجة القائمة على العباد.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، حمل الآباء مسؤولية أولادهم، فقال: مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود بإسناد حسن.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
أيها المسلمون اتقوا الله تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: 6] روى ابن جرير عن ابن عباس قوله في معنى الآية: اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلكم وقايتهم من النار، وعن علي قوله في معناها: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.

فالآية تدل على أنه مطلوب من الإنسان أن يعم بما يبعده ويبعد أهله من النار.

عباد الله:
إن مهمة الأولاد مهمة عظيمة يجب على الآباء أن يحسبوا لها حسابها ويعدوا العدة لمواجهتها، خصوصا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين وكثرت فيه دواعي الفساد حتى صار الأب مع أولاده بمثابة راعي الغنم في أرض السباع الضارية إن غفل عنها أكلتها الذئاب..

إن عناية الإسلام بتربية الأولاد واستصلاحهم تبدو واضحة في وقت مبكر؛ حيث يشرع للرجل أن يختار الزوجة الصالحة ذات الدين والأخلاق الفاضلة لأنها بمنزلة التربة التي تلقى فيها البذور، ولأنها إذا كانت صالحة صارت عونا للأب على تربية الأولاد، كما أنه يشرع للزوج عند اتصاله بزوجته أن يدعو فيقول: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإذا رزق مولودا استحب له أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة في أذنه اليسرى، كما وردت بذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما.

والحكمة في ذلك- والله أعلم- ليكون أول ما يسمع المولود كلمات الأذان المتضمنة لكبرياء الله وعظمته والشهادة له بالوحدانية، وليهرب الشيطان من كلمات الأذان.

وتكون دعوة المولود إلى دين الإسلام سابقة على دعوة الشيطان.

ويختار الأب لولده الاسم الحسن، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء، ثم يختنه بإزالة القلفة، لما في إزالتها من التحسين والتنظيف.

والختان من أظهر الشعائر التي يفرق بها بين المسلم والنصراني، وهو من خصال الفطرة، ويعق عنه بأن يذبح عن الذكر شاتين وعن الجارية شاة، والحكمة في ذلك أنها قربان يتقرب بها إلى الله عن المولود في أول خروجه إلى الدنيا، وهي أيضا فدية يفدى بها المولود كما فدى الله إسماعيل بالكبش كل ذلك مما يدل على الاعتناء بالمولود.

عباد الله:
كما أن للأب حقا على ولده فللولد حق على أبيه، قال بعض العلماء: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده.

وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] وقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعد لوا بين أولادكم " رواه البخاري ومسلم.

فوصية الله للآباء بالأولاد سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاءهم الفساد بسبب إهمال الآباء.

وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم يشفعوا أنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً، عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً.

فالطفل ينشأ على ما عوده المربي، فيجب على وليه أن يجنبه مجالس اللهو والباطل والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء، ويجنبه الخيانة والكذب والكسل والبطالة والدعة والراحة؛ فإن الكسل والبطالة لهما عواقب سوء ومغبة وندم، وللتعب والجد عواقب حميدة، ويجنبه الشهوات الضارة فإن تمكينه منها يفسده فسادا يصعب إصلاحه.

بعض الآباء يغدق على ولده العطاء ويمده بالمال الذي يتمكن به من شهواته، وبزعم أنه يكرمه بذلك وهو قد أهانه، ويزعم أنه قد رحمه، وهو قد ظلمه.

وكذلك يجب على الوالد أن يمنع ولده من قرناء السوء ومخالطة أهل الفساد، وبعض الآباء يشتري لولده سيارة أو دراجة يستخدمها الولد لأغراض سيئة ويتمكن بها من الوصول إلى المجامع الفاسدة وإن كانت بعيدة.

وعلاوة على ذلك يؤذي بها الجيران وقد تكون سببا لوقوع الحوادث التي تذهب بحياته أو حياة غيره، وبعض الناس لا يربي ولده إلا التربية الحيوانية فيأتي له بالطعام والشراب والكسوة وبترك تربيته على الدين والأخلاق الفاضلة فلا يعلمه ما ينفعه ولا يهتم بأمر دينه فلا ينفذ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، حيث يقول: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود بإسناد حسن جيد.

أيها الآباء:
إن الرسول صلى الله عليه وسلم حملكم بهذا الحديث مسؤولية أولادكم وأمركم بتربيتهم على أداء الصلوات؛ علموهم كيف يتطهرون وكيف يصلون واسلكوا معهم مسلك التدرج بهم حسب أسنانهم وتحملهم أولا بالأمر في سن السابعة ثم بالضرب في سن العاشرة.

كما أمركم أن تباعدوهم عن أسباب الفساد الخلقي فتفرقوا بينهم في مراقدهم فلا ينام بعضهم إلى جانب بعض خشية الوقوع في المحذور، فصرتم مسئولين عنهم حتى في مراقدهم.

كما أنكم مسئولون عنهم في حال يقظتهم، كذلكم أيها الآباء أنتم مسئولون عن توجيه أولادكم الوجهة الصالحة لا تتركوهم يقرؤون من الكتب والجرائد والمجلات ما هب ودب فإن في كثير منها السم القاتل فأرشدوهم إلى قراءة الكتب النافعة والمجلات المفيدة ووفروها لهم، وإذا كنتم لا تعرفون المفيد منها فاسألوا أهل العلم واطلبوا منهم أن يختاروا لكم المفيد النافع ووفروه لأولادكم.

أيها الآباء:
ادعوا الله أن يصلح أولادكم، كما دعا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام؛ حيث قال: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] وقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]، وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]، وقال: وهو وإسماعيل {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]، وكما دعا زكريا عليها السلام حيث قال{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، هذه دعوات الأنبياء لأولادهم فاقتدوا بهم في ذلك.

أيها الآباء:
إن الولد الصالح ينفع والده حيا وميتا، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.

إن الأولاد إما أن يكونوا نعمة على والديهم أو نقمة، ولذلك أسباب أهمها التربية، كما أن الوالد قد يكون سبباً لسعادة الولد أو شقاوته.

قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82] وقال صلى الله عليه وسلم:" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فليكن ذلك منكم على بال.

أيها الآباء:
إنكم تحرصون أشد الحرص على ذهاب أولادكم للمدارس بدافع الطمع الدنيوي ولا ترضون بتخلفهم عنها يوماً واحداً، فما بالكم لا تهتمون بحضورهم في المساجد وهو خير وأبقى، إن حضورهم في المساجد يفيدهم آداباً حسنة وأخلاقاً فاضلة ومحبة للخير وبعداً عن الشر.

حضورهم في المساجد ينشئهم على الطاعة ومخالطة الصالحين وفيه مصالح كثيرة فلم لا تهتمون به؟ لماذا تتركون أولادكم في أوقات الصلوات يجوبون الشوارع أو يختفون في البيوت ولا يقيمون للصلاة وزنا؟ هل كانت المدرسة أهم عندكم من المسجد؟ هل كانت الدراسة أعظم من الصلاة؟ هل الدنيا أحب إليكم من الآخرة: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] فاتقوا الله أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

واجب الآباء نحو الأبناء
إخواني الكرام أولادكم وفلذات أكبادكم شباب اليوم ورجال المستقبل أمانة في أعناقكم سوف تسألون عنها أمام الله يوم القيامة.

قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع ومسئول عن رعيته" متفق عليه، ألستم تقونهم برد الشتاء وحر الصيف فنار جهنم أشد حراً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] وقد قمتم بتغذية أجسامهم منذ الصغر بالطعام والشراب وستر عوراتهم باللباس وإذا مرض أحدهم أسرعتم به إلى الطبيب المعالج وبذلتم في سبيل ذلك أغلى ما تملكون محافظة على صحتهم، وبذلك تستحقون الشكر والثناء والبر والدعاء إلا أن هناك ما هو أهم من ذلك كله وأعظم وهو تغذية أرواحهم وإيمانهم والعمل على إصلاح قلوبهم التي بصلاحها صلاح الأجساد وبفسادها فساد الأجساد، كما قال الهادي البشير: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم.

لذا نلفت أنظاركم إلى ضرورة استعمال ما يلي في حقهم:
1- القدوة الحسنة في القول والعمل:
قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

وقال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا   على ما كان عوده أبوه

2- حملهم على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها:
في المساجد مع الجماعة عموما وخصوصا صلاة العشاء وصلاة الفجر، قال: "ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا" متفق عليه، وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] فيجب علينا أن نمتثل أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم حيث قال: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" رواه أحمد وأبو داود، وغير خاف عليكم منزلة الصلاة من الدين الإسلامي وأهميتها وعظيم شأنها وما أعد لمن حافظ عليها من الثواب ولمن تهاون بها من العقاب وأنها شعار المسلم وعماد الدين والفارقة بين الإسلام والكفر.

3- العناية بالقرآن الكريم:
تلاوةً وحفظاً وتفسيراً وعملاً، وإن مما يحز في النفس ويؤلم القلب أن أكثر الطلبة لا يحسنون قراءة القرآن الكريم من المصحف نتيجة التساهل والإهمال من الآباء والمدرسين ومن الطلبة أنفسهم لهذا الكتاب العزيز الذي تضمن السعادة والنور والهدى والشفاء لمن تمسك به، وقد تكفل الله لمَنْ قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تعلموا عشر آيات من القرآن لم يتجاوزوها حتى يتعلموا معانيها ويعملوا بها.

لذا ننصح أبناءنا الطلبة أن يلتحقوا بالمدارس الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الموجودة في كثير من المساجد بعد صلاة العصر، وخصوصا في الإجازة الصيفية" حيث تفتح هذه المدارس أبوابها للطلبة صباحا ومساء والتدريس فيها بالمجان فليحفظوا أوقاتهم فيها حتى يكونوا من خير الناس قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري.

وليتوجوا آباءهم بذلك ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجاً يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا" رواه أحمد وأبو داود.

4- حملهم على صحبة الأخيار الصالحين الذين عرفوا الحق واتبعوه، وتحذيرهم من صحبة الأشرار والمنحرفين في دينهم وأخلاقهم فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل، فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم.

قال حكيم:
"نبئني عمَّنْ تصاحب أنبئك مَنْ أنت".

وقال الشاعر:
واختر من الأصحاب كل مرشد   إن القرين بالقرين يقتد

5- حفظ الأوقات فيما ينفع الدين والدنيا:
في مذاكرة الدروس وفي تلاوة القرآن الكريم وفي القراءة بالكتب النافعة فإن الأوقات محدودة والأنفاس معدودة، وسوف يسأل الإنسان عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن علمه ماذا عمل به" فالعلم شجرة لابد لها من زكاة وثمرة وزكاة العمل وثمرته العمل به وتعليمه من لا يعلمه.

أيها الآباء الكرام:
اعتنوا بأولادكم وربوهم بتربية الإسلام الصحيحة على وفق ما جاء في الكتاب العزيز والسنة المطهرة والسيرة النبوية.

أيها الآباء الكرام:
اعدلوا بين أولادكم في العطية ولا تفضلوا بعضهم على بعض فإن ذلك من أسباب الحقد والعقوق.

أيها الأخوة الكرام:
إن مسؤوليتنا كبيرة أمام الله في أولادنا وأهلينا ذكورا وإناثا لنغرس في قلوبهم محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وعباده الصالحين فإن المرء مع من أحب يوم القيامة، علموهم الصدق في القول والعمل والوفاء بالوعد وأداء الأمانة وكونوا قدوة لهم في ذلك.

أيها الأبناء الكرام:
انتهزوا فرصة الشباب والصحة والفراغ فيما يسعدكم في الدين والدنيا والآخرة وذلك بالتمسك بتعاليم الإسلام الحنيف قولاً واعتقاداً وعملاً وصدق الله العظيم إذ يقول: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: 162- 163]، وليكن همكم طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 71].

ثم طاعة الوالدين في غير معصية الله قال صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين" رواه الترمذي وصححه وابن حبان والحاكم.

وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.

دور الشباب في الإسلام ووجوب العناية بهم
ديننا الإسلامي اهتم بتنشئة الشباب اهتماما بالغا لأنهم هم الرجال في المستقبل، وهم الذين سيخلفون آباءهم ويرثونهم ويقومون بدورهم في الحياة.

فمن توجيهات الإسلام إلى العناية بالشباب:
أولاً:
اختيار الزوجة الصالحة التي هي موضع الحرث الذي ينبت فيه الأولاد، فالنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اختيار الزوجة الصالحة، وقال صلى الله عليه وسلم: "اظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم.

لأن الزوجة الصالحة إذا رزق الله الزوج منها أولادا فإنها توجههم وتقوم بدورها نحوهم من طفولتهم، هذا من توجيهات الإسلام نحو الشباب.

ثانياً:
ومن توجيهات الإسلام نحو المولود أولى ما يولد أن يختار والده الاسم الحسن؛ لأن الاسم الحسن له معنى وله مدلول؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على أن يختار الأب لولده اسماً حسناً وأن يبتعد عن الأسماء المكروهة أو الأسماء التي تدل أو تشتمل على معان غير لائقة.

ثالثاً:
ومن توجيهات الإسلام نحو الشباب أن وجه آباءهم إلى أن يعقوا عنهم أي يذبحوا عنهم العقيقة، لأنها سنة مؤكدة ولها تأثير طيب على الطفل، وهي ليست لمجرد تحصيل اللحم والفرح، وهذا مما يدل على عناية الإسلام بالشباب أول نشأتهم.

رابعاً:
ومن عناية الإسلام بالشباب الاهتمام بتربيتهم إذا بلغوا سن التمييز وصار عندهم الإدراك فحينئذ يبدأ بتوجيههم إلى الدين.

يقول صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع" وهذا مما يدل على أن الإسلام يهتم بالشباب ويتطور معهم في التوجيه من سن إلى أخرى حسب استطاعتهم ومداركهم كذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

فالمولود يولد على الفطرة وهذه الفطرة إذا ما حافظ عليها أبواه ووجهاها إلى الخير اتجهت نحو الخير لأنها تربية صالحة، أما إذا انحرف الأبوان في تربية الطفل فإن فطرته تفسد وتنحرف بحسب تربية الوالد: فإن كان الوالد، يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا نشأ الطفل على هذه الديانة الخبيثة وفسدت فطرته.

أما إذا كان أبوه مسلماً صالحاً فإنه يحافظ على هذه الفطرة التي أودعها الله في هذا الطفل وينميها ويزكيها ويتعاهدها.

خامساً:
ومما يدل على الاهتمام بأمر الشباب من سن مبكرة أن الله تعالى أمر الولد حينما يدرك الكبر والداه أو أحدهما أن يحسن إليهما أو إلى الموجود منهما، وأن يتذكر تربيتهما له يوم أن كان صغيراً: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء: 23-24].

الحث على القيام بحق الأولاد والوالدين
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6]، وذلك بالقيام التام بتربيتهم في دينهم وأخلاقهم ودنياهم، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، الأولاد أمانات عند الوالدين، عليهم القيام بحفظ هذه الأمانات وكفهم عن جميع المضار والمفاسد، وتعليمهم العلوم النافعة وأخذهم بالأخلاق الفاضلة.

بشر الذين يربون أولادهم تربية صالحة بالخير والثواب والانتفاع، وحذر الذين يهملونهم بالضرر العاجل والآجل والضياع، لو كان لك بستان فيه غراس وأشجار فلاحظته وحفظته ونميته لجاء منه ما تؤمله وترجوه، ولو أهملته وضيعته فلا تلومن إلا نفسك يوم يحصد الزارعون ما زرعوا" كذلك الأولاد وهم غراسك الذي تؤمل نفعه، فقم عليهم بما تستطيعه من التربية الصالحة والملاحظة، وإياك أن تهملهم وتضيعهم فتبوء بسوء العاقبة، كم اغتبط الوالدون بصلاح الأولاد، وكم ندم المفرطون حين تعذر الإصلاح وحاق الفساد، ذلك بما قدمت أيديهم وما الله يريد ظلما للعباد.

أيها الأولاد:
احمدوا ربكم الذي قيض لكم الوالدين فحنوا عليكم حنوا عظيما، أسهروا في مصالحكم ليلهم، وأتعبوا نهارهم، وكنتم همهم الأكبر في سرهم وجهارهم، غذوكم بأطيب الطعام وأهنأ الشراب، ووالوا عليكم الكسوة وتوابعها في جميع الأوقات، وعلموكم الكتابة والقرآن، ولاحظوكم بالعناية التامة والشفقة والبر والإحسان، فقوموا ببرهم أحياء وأمواتا وتضرعوا إلى الله أن يغدق عليهم الرحمة والكرم- رحم الله الآباء المشفقين، وأحسن الله جزاء الأولاد البارين- وقد أمر الله بالتعاون على البر والتقوى.

فعلى الوالدين أن يعينوا أولادهم على برهم بأن يوطنوا أنفسهم على شكر ما جاء منهم من البر اليسير، ويغضوا النظر عن التقصير والتفريط الكثير، فما استجلب البر والصلاح بمثل هذه الحال، ولا صفت حياة عن الخلل الواقع من أولادهم والإخلاص، إلا بالتساهل معهم وتمشية الأحوال، وعلى الأولاد أن يتحملوا من والديهم ما قصروا به من حقوقهم وأن يحتسبوا ببرهم وجه الله وثوابه ليهون عليهم ما يلقونه من شراسة أخلاقهم" فهذه الطريقة أقوم الحالات لصلاح الأمور؟ فمن لم يقنع إلا بحقه كله فاته كله، ومن اكتسب البر القليل وغض النظر عن النقص الكثير فقد أراح واستراح، واغتبط في كل أحواله.

حقوق الأولاد
الأولاد تشمل البنين والبنات، وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها التربية وهي تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتى يكونوا على جانب كبير من ذلك.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم.

فالأولاد أمانة في عنق الوالدين، وهما مسؤولان عنهم يوم القيامة وبتربيتهم التربية الدينية والأخلاقية يخرج الوالدان من تبعة هذه الرعية ويصلح الأولاد فيكونون قرة عين الأبوين في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له" رواه البخاري ومسلم.

فهذا من ثمرة تأديب الولد إذا تربى تربية صالحة أن يكون نافعاً لوالديه حتى بعد الممات.

ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق فأضاعوا أولادهم ونسوهم كأن لا مسؤولية لهم عليهم لا يسألون أين ذهبوا ولا متى جاؤوا ولا من أصدقاؤهم وأصحابهم ولا يوجهونهم إلى خير ولا ينهونهم عن شر.

ومن العجب أن هؤلاء حريصون كل الحرص على أموالهم بحفظها وتنميتها والسهر على ما يصلحها مع أنهم ينمون هذا المال ويصلحونه لغيرهم غالبا، أما الأولاد فليسوا منهم في شيء مع أن المحافظة عليهم أولى وأنفع في الدنيا والآخرة.

وكما أن الوالد يجب عليه تغذية جسم الولد بالطعام والشراب وكسوة بدنه باللباس، كذلك يجب عليه أن يغذي قلب ولده بالعلم والإيمان ويكسو روحه بلباس التقوى فذلك خير.

ومن حقوق الأولاد:
أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه من المال، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهرا بعد مماته؟ حتى لو بخل عليهم بما يجب لهم أن يأخذوا من ماله ما يكفيهم بالمعروف كما أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هند بنت عتبة، في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم.

ومن حقوق الأولاد:
أن لا يفضل أحدا منهم على أحد في العطايا والهبات، فلا يعطي بعض أولاده شيئا ويحرم الآخرين فإن ذلك من الجور والظلم والله لا يحب الظالمين؛ ولأن ذلك يؤدي إلى تنفير المحرومين وحدوث العداوة بينهم وبين الموهوبين بل ربما تكون العداوة بين المحرومين وبين آبائهم.

وبعض الناس يمتاز أحد من أولاده على الآخرين بالبر والعطف على والديه فيخصه والده بالهبة والعطية من أجل ما امتاز به من البر، ولكن هذا غير مبرر للتخصيص فالمتميز بالبر لا يجوز أن يعطى عوضا عن بره لأن أجر بره على الله، ولأن تمييز البار بالعطية يوجب أن يعجب ببره ويرى له فضلا وأن ينفر الآخر ويستمر في عقوقه، ثم إننا لا ندري فقد تتغير الأحوال فينقلب البار عاقاً والعاق باراً لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.

وفي الصحيحين -صحيح البخاري ومسلم- عن النعمان بن بشير أن أباه بشير بن سعد وهبه غلاما فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟" قال: لا. قال: "فأرجعه"، وفي رواية قال:"اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".

وفي لفظ: "أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور".

فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيل بعض الأولاد على بعض جوراً، والجور ظلم وحرام، لكن لو أعطى بعضهم شيئا يحتاجه والثاني لا يحتاجه مثل أن يحتاج أحد الأولاد إلى أدوات مكتبية أو علاج أو زواج فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه لأن هذا تخصيص من أجل الحاجة فيكون كالنفقة.

ومتى قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فإنه حري أن يوفق الولد للقيام ببر والده ومراعاة حقوقه، ومتى فرط الوالد بما يجب عليه من ذلك كان جديراً بالعقوبة بأن ينكر الولد حقه ويبتلي بعقوقه جزاءً وفاقاً.. وكما تدين تدان.
يتبع إن شاء الله...


تذكير العباد بحقوق الأولاد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49233
العمر : 72

تذكير العباد بحقوق الأولاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: تذكير العباد بحقوق الأولاد   تذكير العباد بحقوق الأولاد Emptyالجمعة 04 ديسمبر 2015, 6:58 am

وجوب تأديب الأولاد وتعليمهم والعدل بينهم:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].

قال علي رضي الله عنه: علموهم وأدبوهم، وقال الحسن: مروهم بطاعة الله وعلموهم الخير.

وفي "المسند" و "سنن أبي داود" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود بإسناد حسن.

ففي هذا الحديث ثلاثة آداب:
أمرهم بالصلاة، وضربهم عليها، والتفريق بينهم في المضاجع.

وقال سعيد بن منصور:
حدثنا حزم، قال: سمعت الحسن - وسأله كثير بن زياد عن قوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]، فقال: يا أبا سعيد: ما هذه القرة الأعين، أفي الدنيا أم في الآخرة؟ قال: لا، بل والله في الدنيا، قال: وما هي؟ قال: والله أن يري الله العبد من زوجته، من أخيه، من حميمه طاعة الله، لا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولداً، أو والداً، أو حميماً، أو أخاً مطيعاً الله عز وجل.

وقد روى البخاري في "صحيحه" من حديث نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالأمير راع على الناس فهو راع عليهم وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، وامرأة الرجل راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

فصل
ومن حقوق الأولاد العدل بينهم في العطاء والمنع:
ففي "السنن"، و "مسند أحمد"، و "صحيح ابن حبان"، من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم".

وفي "صحيح مسلم" :أن امرأة بشير قالت له: انحل ابني غلاماً وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنة فلان - سألتني أن أنحل ابنها غلامي، قال: "له أخوة؟" قال: نعم، قال: "أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟" قال: لا. قال: "فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق"، ورواه الإمام أحمد، وقال فيه: "لا تشهدني على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم".

وفي "الصحيحين":عن النعمان بن بشير، أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلت مثل هذا؟" فقال: لا، فقال:"أرجعه".

وفي رواية لمسلم، فقال: "أفعلت هذا بولدك كلهم؟" قال: لا، قال: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"، فرجع أبي في تلك الصدقة، وفي الصحيح:"أشهد على هذا غيري".

وهذا أمر تهديد، لا إباحة، فإن تلك العطية كانت جوراً بنص الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن لأحد أن يشهد على صحة الجور، ومَنْ ذا الذي كان يشهد على تلك العطية، وقد أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشهد عليها، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها جور، وأنها خلاف العدل.

ومن العجب أن يحمل قوله: "اعدلوا بين أولادكم" على غير الوجوب، وهو أمر مطلق مؤكد ثلاث مرات، وقد أخبر الآمر به أن خلافه جور، وأنه لا يصلح، وأنه ليس بحق، وما بعد الحق إلا الباطل، هذا والعدل واجب في كل حال، فلو كان الأمر به مطلقا لوجب حمله على الوجوب، فكيف وقد اقترن به عشرة أشياء تؤكد وجوبه، فتأملها في ألفاظ القصة، انظر: الفتح 500/ 214-216.

وقد ذكر البيهقي من حديث أبي أحمد بن عدي، حدثنا القاسم ابن مهدي، حدثنا يعقوب بن كاسب، حدثنا عبد الله بن معاذ، عن معمر، عن الزهري، عن أنس: أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بني له، فقبله، وأجلسه في حجره، ثم جاءت بنية، فأخذها فأجلسها إلى جنبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما عدلت بينهما؟" وكان السلف يستحبون أن يعدلوا بين الأولاد في القبلة.

وقال بعض أهل العلم:
إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقا، فللابن على أبيه حق، فكما قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8]، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].

قال علي بن أبي طالب: علموهم وأدبوهم، وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أولادكم" فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31] فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما (جاء فسادهم) من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً، فأضعتك شيخاً.

فصول نافعة في تربية الأطفال تحمد عواقبها عند الكبر:
فصل
ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة، وهو الأجود، لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ والأخلاط، بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع، وكل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي، كما استرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد.

فصل
وينبغي أن يمنع حملهم، والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعدا لقرب عهدهم ببطون الأمهات، وضعف أبدانهم.

فصل
وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام، فإذا نبتت أسنانه قويت معدته، وتغذى بالطعام، فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه، ورحمة منه بالأم وحلمة ثديها، فلا يعضه الولد بأسنانه.

فصل
وينبغي تدريجهم في الغذاء، فأول ما يطعمونهم: الغذاء اللين، فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار، واللبن والحليب، ثم بعد ذلك الطبيخ، والأمراق الخالية من اللحم، ثم بعد ذلك ما لطف جدا من اللحم بعد إحكام مضغه، أو رضه رضا ناعما.

فصل
فإذا قربوا من وقت التكلم، وأريد تسهيل الكلام عليهم، فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الأندارني لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام، فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه، وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم، ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا، وكان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم ب "عمانويل" ومعنى هذه الكلمة: إلهنا معنا، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعقل، علم أنه: عبد الله، وأن الله هو سيده ومولاه.

فصل
فإذا حضر وقت نبات الأسنان، فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن، ويمرخ خرز العنق تمريخا كثيرا، ويحذر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها وقوتها من الأشياء الصلبة، ويمنعون منها كل المنع، لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها وتعويجها وخللها.

فصل
ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه، ولاسيما لشربه اللبن إذا جاع، فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعا عظيما، فإنه يروض أعضاءه ويوسع أمعاءه، ويفسح صدره، ويسخن دماغه، ويحمي مزاجه، ويثير حرارته الغريزية، ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول، ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره.

فصل
وينبغي أن لا يهمل أمر قماطه ورباطه، ولو شق عليه، إلى أن يصلب بدنه، وتقوى أعضاؤه، ويجلس على الأرض، فحينئذ يمرن، ويدرب على الحركة والقيام قليلا.. إلى أن يصير له ملكة وقوة يفعل ذلك بنفسه.

فصل
وينبغي أن يوقي الطفل كل أمر يفزعه: من الأصوات الشديدة الشنيعة، والمناظر الفظيعة.

فصل
ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره: من حرد وغضب، ولجاج، وعجلة، وخفة مع هواه، وطيش، وحدة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز، فضحته ولابد يوماً ما، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها، وكذلك يجب أن يجنب الصبي إذا عقل: مجالس اللهو، والباطل، والغناء، وسماع الفحش، والبدع، ومنطق السوء، فإنه إذا علق بسمعه، عسر عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنقاذه منه، فتغيير العوائد من أصعب الأمور، يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية، والخروج عن حكم الطبيعة عسر جداً.

وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب، فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة، ونشأ بأن يأخذ، لا بأن يعطي، ويعوده البذل والإعطاء، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئاً أعطاه إياه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء، ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمه كل خير.

ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة، والراحة، بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل، فإن للكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة، إما في الدنيا، وإما في العقبى، وإما فيهما، فأروح الناس أتعب الناس، وأتعب الناس أروح الناس، فالسيادة في الدنيا، والسعادة في العقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب، قال يحيى بن أبي كثير: لا ينال العلم براحة الجسم.

ويعوده الانتباه آخر الليل، فإنه وقت قسم الغنائم، وتفريق الجوائز، فمستقل، ومستكثر، ومحروم، فمتى اعتاد ذلك صغيراً سهل عليه كبيراً.

فصل
ويجنبه فضول الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام، فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته، ويجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب، فإنه تمكينه من أسبابها والفسح له فيها يفسده فسادا يعز عليه بعده صلاحه، وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته له على شهواته ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء.

فصل
والحذر كل الحذر من تمكينه من تناول ما يزيل عقله من مسكر وغيره، أو عشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، أو الأخذ من يده، فإن ذلك الهلاك كله، ومتى سفل عليه ذلك فقد استسهل الدياثة، "ولا يدخل الجنة ديوث".

فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء وإهمالهم، واستسهالهم شرر النار بين الثياب، فأكثر الآباء يعتمدون مع أولادهم أعظم ما يعتمد العدو الشديد العداوة مع عدوه، وهم لا يشعرون، فكم من والد حرم ولده خير الدنيا والآخرة، وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة.

وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله، وإضاعتهم لها، وإعراضهم عما أوجب الله عليهم من العلم النافع، والعمل الصالح، حرمهم الانتفاع بأولادهم، وحرم الأولاد خيرهم ونفعهم لهم، وهو من عقوبة الآباء.

فصل
ويجنبه لبس الحرير، فإنه مفسد له، ومخنث لطبيعته، كما يخنثه اللواط، وشرب الخمر، والسرقة، والكذب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حرم الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم"، والصبي وإن لم يكن مكلفا فوليه مكلف لا يحل له تمكينه من المحرم، فإنه يعتاده، ويعسر فطامه عنه، وهذا أصح قولي العلماء، واحتج من لم يره حراما عليه بأنه غير مكلف، فلم يحرم لبسه للحرير كالدابة، وهذا من أفسد القياس، فإن الصبي وإن لم يكن مكلفا، فإنه مستعد للتكليف؟ ولهذا لا يمكن من الصلاة بغير وضوء؟ ولا من الصلاة عريانا ونجسا؟ ولا من شرب الخمر والقمار واللواط.

فصل
ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي، وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها؛ فيعلم أنه مخلوق له؛ فلا يحمله على غير ما كان مأذوناً فيه شرعاً؛ فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه؛ وفاته ما هو مهيئا له؛ فإذا رآه حسن الفهم؛ صحيح الإدارك، جيد الحفظ واعيا، فهذه من علامات قبوله، وتهيئه للعلم، لينقشه في لوح قلبه ما دام خاليا، فإنه يتمكن فيه، ويستقر، ويزكو معه، وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه، وهو مستعد للفروسية، وأسبابها من الركوب والرمي، واللعب بالرمح، وأنه لا نفاذ له في العلم، ولم يخلق له، مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك، وأنه لم يخلق لذلك، رأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع، مستعدا لها، قابلا لها، وهي صناعة مباحة نافعة للناس، فليمكنه منها، هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه، فإن ذلك ميسر على كل أحد لتقوم حجة الله على العبد، فإن له على عباده الحجة البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم.


تذكير العباد بحقوق الأولاد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تذكير العباد بحقوق الأولاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثامن: ذكر تلبيس إبليس على العباد في العبادات
» تذكير الناسك بأسرار المناسك
» تذكير عباد الرحمن بفقه شهر شعبان
» تذكير المؤمن الأبي بتأريخه الهجري
»  الوسيلة التاسعة والثلاثون: تذكير الغافلين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الثقــافـــة الإسلاميــــة للأطفـــــال :: السلوك والتربية-
انتقل الى: