منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  Empty
مُساهمةموضوع: الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت    الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  Emptyالأحد 09 مارس 2014, 12:13 am

الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت 
موقف الدولـة السوفيتية من هجرة أعضاء الجماعات اليهودية 
Attitude of the Soviet State to the Immigration of Members of Jewish Communities
يمكننا بشيء من التبسيط القول بأن سياسة السوفييت تجاه الهجرة كانت تحكمها ثلاثة اعتبارات أساسية: 
1 - الاعتبارات العقائدية والتي يشكل صالح الدولة السوفيتية جزءاً أساسياً منها، وغني عن القول أن رأي البلاشفة في المسألة اليهودية بُعد أساسي في الاعتبارات العقائدية. 
2 - اعتبارات السياسة الداخلية خارج الإطار العقائدي. 
أ ) فعلى سبيل المثال، يُقال إن بعض العناصر الروسية القومية داخل الحزب كانت تهدف (في السبعينيات) إلى "تنظيف" المجتمع من اليهود باعتبارهم عناصر أممية، وكان هذا يعني في الوقت نفسه إخلاء عدد لا بأس به من الشقق. 
ب) كما كانت توجد عناصر في المخابرات السوفيتية ترى أن اليهود عنصر مسبب للقلق وأنه لو سُمح بهجرة بعض العناصر من اليهود الرافضين الذين كانوا قد بدأوا يتصلون بعناصر الرفض في ليتوانيا ولاتفيا وأوكرانيا لقُضي على عنصر أساسي من عناصر الرفض. 
جـ) يذهب البعض إلى أن أعضاء القوميات الأخرى غير الروسية يعتبرون اليهود من دعاة الترويس (أي صبغ الأقليات بالصبغة الروسية) ورحيلهم يعني إخلاء بعض الوظائف التي يشغلها الروس لأبناء جلدتهم. 
3 - اعتبارات السياسة الخارجية مثل العلاقة مع العرب والرغبة في التقارب مع الغرب، أو التصدي له. 
وفي الغالب كانت العناصر الثلاث تلتقي حتى بداية السبعينيات حين بدأت العقيدة الماركسية في التآكل وبدأت الاتجاهات الذرائعية في الظهور. وقد صاحبت ذلك رغبة في الوفاق مع الغرب والتقرب منه والتخلي عن المبادئ الماركسية. هذه هي بعض المحدِّدات العامة للسياسة السوفيتية تجاه هجرة اليهود السـوفييت. ويمكنــنا الآن أن نتـناول التطـور التــاريخي نفسه. 
حينما قامت الثورة البلشفية تناقص عدد المهاجرين إلى فلسطين بحيث بلغ عددهم في الفترة من عام 1919 إلى تاريخ إعلان الدولة الصهيونية 52.350 ، أي أقل من ألفي مهاجر كل عام (من مجموع اليهود السوفييت الذين كان يصل عددهم إلى حوالي 2.5 مليون). وظل موقف السوفييت من الهجرة لا يتغيَّر في أساسياته بعد إعلان الدولة إذ يبدو أن عدد اليهود الذين هاجروا في الفترة من 15 مايو 1948 حتى نهاية 1969 حوالي عشرة آلاف - أي أقـل من خمسـمائة مهاجر كل عام. وفي الفترة من 1954 حتى 1964، بلغ عدد المهاجرين 1452 (بمعدل 140 كل عام). وفي الفترة من 1957 إلى 1960، بلغ عدد المهاجرين 224 (أي حوالي 80 مهاجراً كل عام). ومع هذا، لابد أن نشير إلى أن 20 ألف يهودي روسي تمت إعادة توطينهم في بولندا في الفترة 1956 - 1959 مع علم الاتحاد السوفيتي بأنهم كانوا سيهاجرون في نهاية الأمر إلى إسرائيل. ولعل المحرك الأساسي للسياسة السوفيتية تجاه الهجرة بعد إعلان الدولة وحتى السبعينيات هو مركب من الاعتبارات العقائدية واعتبارات المواجهة مع الإمبريالية والرغبة في الوقوف ضد إسرائيل، قاعدة الاستعمار الغربي في الشرق الأوسط. كما أن الاعتبارات الداخلية لعبت دوراً ولا شك، إذ أن الاتحاد السوفيتي كان يحتاج إلى المادة البشرية اليهودية في فترة بنائه بعد الحرب. كما أنه كان يرفض التعاون مع أية اتجاهات قومية تهدد وحدته. 
وقد تغيَّر موقف السوفييت، ومن ثم زاد عدد المهاجرين، ابتداءً من عام 1971، ولا يمكن تفسير هذا التغير على أساس الضغوط الصهيونية أو تصاعُد الروح القومية اليهودية، وإنما هو أمر مرتبط تماماً بحركيات المجتمع السوفيتي (والمجتمع الأمريكي) إذ يبدو أن الاتحاد السوفيتي بدأ يصبح أكثر انفتاحاً واستجابة للضغوط الدولية وضغوط الأحزاب الشيوعية الأوربية التي كانت قد بدأت في تحسين صورتها أمام الغرب (وهي العملية التي انتهت في نهاية الأمر بأن فَقَد الجميع توجهاتهم الماركسية ثم سقط الاتحاد السوفيتي). كما أن الاتحاد السوفييتي كان يفكر في تحسين علاقاته الاقتصادية مع الغرب، بل يُقال إنه كان يود أيضاً التخلص من العناصر المقلقة والمشاغبة داخله. ولذا، هاجر عام 1970 نحو 1.027 يهودياً وحسب من الاتحاد السوفيتي، على حين أن عـام 1971 شـهد هجرة 13.022 زادت إلى 3.681 في العام التالي، ووصلت إلى 34.733 عام 1973 (وقد شهدت هذه الفترة أيضاً فتح أبواب الهجرة أمام أعضاء الأقليات الأخرى فهاجر 9.064 ألمانياً و4.000 أرمنياً). وقد تراجع عدد المهاجرين اليهود إلى 20.628 عام 1974 ثم إلى 13.222 عام 1975. ويبدو أن التراجع يعود إلى حرب 1973، وتوتُّر العلاقة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وفشل المحادثات الأمريكية السوفيتية الخاصة بإعطاء الاتحاد السوفيتي معاملة الدولة الأكثر تفضيلاً. ويُقال إن الاتحاد السوفيتي بدأ يفكر في الخسارة الناجمة عن هجرة العقول منه. وكان بين المهاجرين عدد ضخم من اليهود الذين تلقوا تعليماً عالياً. كما كان هناك بعض الاعتبارات الأمنية إذ كان بين المهاجرين عدد كبير من المطلعين على الأسرار العسكرية وأسرار الدولة. 
وقد زاد عدد المهاجرين في الفترة من 1976إلى 1979، فكان عدد المهاجرين اليهود 111.195 والألمان 36.659. ويبدو أن هذا يعود إلى مؤتمر هلسنكي لحقوق الإنسان ومحاولة الاتحاد السوفيتي تحسين علاقاته الاقتصادية. ولكن السياسة السوفيتية تغيَّرت عام 1980 (وخصوصاً في عام 1981) بالنسبة لليهود وغير اليهود. ويبدو أن السبب هو تدهور العلاقات مع الغرب. وقد ازداد التدهور مع انتخاب ريجان. ويُقال إن الاتحاد السوفيتي ترك أعداداً اسمية من المهاجرين تستمر في الخروج ليؤكد للعالم أن عنده سلعة ثمينة يمكنه التفاوض بشأنها ليحصل على الثمن.
ويبدو أن عام 1989 كان عاماً حاسماً إذ قفز عدد المهاجرين إلى 31.297، ولكن هذا الأمر لم يحدث بشكل تلقائي إذ يبدو أنه حدثت اتصالات بين الجانبين الإسرائيلي والسوفييتي، وتوصل البلدان إلى توقيع أول اتفاق تجاري علمي منذ سنة 1967. إلا أن كلاًّ منهما كان يلتمس من وراء ذلك صيداً ثميناً مختلفاً. فقد كان الإسرائيليون يودون رفع القيود عن خروج اليهود السوفييت الراغبين في الذهاب إلى إسرائيل. أما السوفييت، الذين كانوا مقتنعين بأن «اللوبي اليهودي» يتحكم في صنع قرارات الولايات المتحدة، فكانوا يريدون سياسة أمريكية أكثر ليناً في مجالي التسليف والتجارة معهم، بحيث يتمكَّنون من تحقيق الإصلاحات التي جاء جورباتشوف بها. ثم نُشرت أخبار في جيروساليم بوست (إبريل 1989) عن أن "موجة مهاجرين تتكون من مئات الألوف من اليهود الروس قد باتت وشيكة، وأنها تفوق قدرة الولايات المتحدة على الاسـتيعاب". والعبارة الأخـيرة لها دلالتها. 
أما بالنسـبة للولايـات المتحدة، التي ضغطت على الاتحاد السوفيتي لإخراج اليهود وهيجت من أجل حقوق الإنسان، فقد اكتشفت أنها كانت قد منحت اليهود السوفييت وضع لاجئ سياسي وهو ما أعطاهم الحق في الهجرة إليها دون التقيد بأيِّ نصاب، وقد أدَّى ذلك إلى هجرة الغالبية الساحقة من اليهود السوفييت إلى الولايات المتحدة، ولذا كان على الولايات المتحدة أن تغيِّر سياستها حتى يمكن توجيه المادة البشرية اليهودية السوفيتية إلى إسرائيل. وبدأت وزارة الخارجية الأمريكية تناقش علانية فرض القيود على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وسرعان ما اكتشفت بسرور بالغ أن المنظمات اليهودية الأمريكية التي سعت فيما مضى بقوة لفتح المجال أمام هجرة اليهود القادمين، كانت الآن (نزولاً عند طلب إسرائيل) مستعدة لقبول هذه القيود. وعندما بدأ اليهود السوفييت فعلاً يغادرون بأعداد كبيرة، شعرت إدارة بوش بأنها حرة التصرف. وقد أنهت الولايات المتحدة حق اليهود السوفييت شبه التلقائي في الدخول كلاجـئين في سـبتمبر 1989، وأعـادت تصـنيفهم كلاجئين عاديين، ووضعت سقفاً لا يتجاوز 50.000 لطلبات تأشيرة الدخول من الاتحاد السوفيتي تتوزع بين اليهود وبين غيرهم من الجماعات الأخرى. 
وأكد الجهاز المركزي للإحصاء في إسرائيل في يونيه 1997 أن 40 ألف مهاجر يهودي من بين 656 ألف يهودي من أصل روسي ممن هاجروا من الاتحاد السوفيتي السابق في الفترة بين 1990 و1996 إلى إسرائيل قد غادروا البلاد في إطار الهجرة المعاكسة من إسرائيل. ويُلاحَظ أنه ابتداءً من عام 1990 ترتفع نسبة المهاجرين اليهود السوفييت الذين يتوجهون إلى إسرائيل بشكل ملحوظ، فهي تقفز من 15.5% عام 1989 إلى 90.5% عام 1990. ويعود هذا بطبيعة الحال إلى السياسة الأمريكية التي أوصدت دونهم أبواب الهجرة إلى الولايات المتحدة. ولكن النسبة تعود للهبوط. 
وفيما يلي جدول بأعداد المهاجرين السوفييت في الفترة من 1993 - 1997: 
الســـــــنـة / عدد المهاجرين 
1993 / 64.652 
1994 / 67.956 
1995 / 64.771 
1996 / 59.049 
1997 / 51.745 
هجـرة اليـهـود السـوفييت في التسعينيات 
Soviet Jewish Immigration in the Nineties 
ذهب كثير من الدوائر العربية للتعامل مع ظاهرة هجرة اليهود السوفييت بموضوعية متلقية مباشرة وتوثيقية لا أثر فيها للاجتهاد، الأمر الذي دفعها إلى الوصول إلى استنتاجات تتسم بقدر كبير من التهويل. فالهجرة - حسب هذه الرؤية - هي «جريمة العصر» لأنها ستكون بمنزلة الحل السحري لجميع مشاكل إسرائيل الاقتصادية والسكانية والاستيطانية. وهي ستعزز قوى اليمين الإسرائيلي وستضرب كل القوى التي تطالب بالسلام مقابل الأرض. كما ستعمل على تقوية تلك القوى المطالبة بالتهجير الجماعي للفلسطينيين (الترانسفير). وقد ظهرت التقديرات المختلفة حول حجم الهجرة اليهودية المتوقعة إلى إسرائيل حيث تراوحت ما بين 400 ألف و70 ألفاً ثم صعدت إلى مليون وسبعة ملايين واثنى عشر مليوناً. وتناقلت الصحف العربية هذه الأرقام بموضوعية متلقية وحياد شديد. 
ولا شك في أنه لا يصح التهوين من خطورة هذه الظاهرة، فهجرة اليهود السوفييت تشكل لحظة بالغة الأهمية - قد تصبح نهائية وحاسمة - في الصراع العربي الصهيوني. فهذه المجموعة البشرية كانت ولا تزال آخر مستودع من مستودعات المادة البشرية لدعم طاقة الكيان الصهيوني الاستيطانية والقتالية في ظل نضوب المصادر الأخرى للمهاجرين (فيهود الولايات المتحدة لا يهاجرون، ويهود العالم الغربي وأمريكا اللاتينية يتجهون إلى الولايات المتحدة). 
وقد بلغ عدد المهاجرين من اليهود السوفييت إلى إسرائيل 185.227 مهاجر عام 1990 من مجموع المهاجرين في ذلك العام والبالغ عددهم 204.700 ، أي بنسبة 90.5% من إجمالي المهاجرين، وزاد إلى 147.839 مهاجر عام 1991 من مجموع عدد المهاجرين البالغ عددهم 189.800، وفي عام 1992 هاجر من الاتحاد السوفيتي 118.600 مهاجر لم يذهب منهم إلى إسرائيل سوى 65.093، ويمثلون نسبة 83% من جملة الهجرة إلى إسرائيل في ذلك العام والبالغ قدرها 77.057 مهاجر. وذهبت النسبة الباقية إلى دول غير إسرائيل حيث هاجر 41.3% إلى الولايات المتحدة والبقية الباقية هاجرت إلى دول أخرى (ألمانيا بالأساس). وقد هبطت نسبة المهاجرين حتى وصلت إلى51.745 عام 1997. 
ولكن بدلاً من رصد الحقيقة بشكل مباشر وبدلاً من تناقل الأخبار التي تذيعها وكالات الأنباء كما لو كانت حقائق، قمنا في كتاب هجرة اليهود السوفييت برصد الظاهرة من خلال صياغة نموذج تفسيري مركب ومتتاليات افتراضية احتمالية ومن خلال استخدامهما، بدلاً من الرصد الموضوعي المتلقي المباشر، أصبحنا - في تصوُّرنا - أكثر إلماماً بالواقع مهما بلغ من تركيبية، فوضعنا نصب أعيننا كل الاحتمالات القريبة والبعيدة التي قد تتحقق في إطار معطيات معيَّنة وقد لا تتحقق في إطار معطيات أخرى. ومن خلال هذا المنهج بيَّنا أن هجرة اليهود السوفييت ظاهرة تخضع لمركب من العوامل والاعتبارات المختلفة مثل عدد يهود الجمهوريات السوفيتية السابقة وفقاً للإحصاءات الرسمية وغير الرسمية، وعوامل الطرد والجذب في هذه الجمهوريات وفي مراكز التجمع اليهودي في العالم، وهوياتهم الإثنية والعقائدية والدينية، وتركيبتهم الوظيفية والمهنية، ودوافعهم ومطامعهم في الهجرة. ومن خلال التوصل إلى هذه الحقائق، أمكننا أن نقرر الحجم الحقيقي لهذه الهجرة المتوقعة (وكان مغايراً للتوقعات السائدة) واحتمالات استمرار تدفقها أو انعدام ذلك، ومدى أثرها في التجمع الصهيوني ثم كيفية التصدي لها. 
وقد استند توقُّعنا إلى رصد عناصر الطرد والجذب في كلٍ من المجتمعين السوفيتي والصهيوني، وإلى دراسة أعداد يهود الاتحاد السوفيتي عند صدور الكتاب (عام 1990):
1 - عناصر الطرد والجذب. 
أ) عناصر الطرد والجذب في المجتمع السوفيتي: 
وبدايةً، وجدت الدراسة أن اليهود السوفييت حققوا نجاحاً وحراكاً اجتمـاعياً كبيراً في ظل الدولة السـوفيتية، وتمتعـوا بأعلى مستوى تعليمي، وتركزوا في المهن العلمية والأدبية والصحافة والمهن الحرة (مثل الطب والهندسة والعلوم)، وتميَّزوا في مجالاتهم بحيث وُصفوا بأنهم نخبة علمية ومتخصصة وصلت إلى قمة الهرم المهني والوظيفي. وقد ساعد ذلك على تزايد الاندماج، خصوصاً مع تزايد معدلات العلمنة والزواج المُختلَط. وهذا الوضع عادةً ما يُعَدُّ من عناصر الجذب فقد حقَّق لليهود السوفيت الاستقرار الذي ينشده معظم البشر والانتماء الذي يحتاجونه. ولكنه، مع هذا، شكَّل، في حـالة اليهود السـوفييت، عنـصر طرد أيضاً، وذلك لأن من يصل إلى قمة الهرم لا يمكنه الصعود أو الحراك أكثر من هذا. ولذا تحوَّل النجاح الاجتماعي من عنصر جذب إلى عنصر طرد، وبدأ الكثيرون يفكرون في الهجرة بحثاً عن مزيد من الحراك الاجتماعي الذي تقلصت فرصه داخل المجتمع السوفيتي، وخصوصاً بعد وصول كثير من أعضاء الجماعات اليهودية إلى أقصى ما يمكن تحقيقه داخل المجتمع السوفيتي، وهو ما لا يتفق بالضرورة مع أقصى طموحاتهم. ولكن، من ناحية أخرى، ومع تفكُّك الاتحاد السوفيتي، وتحوُّل أغلب جمهورياته السابقة عن الاشتراكية وانفتاحها أمام الشركات متعددة الجنسيات، قد انفتح مجالات عديدة لا بأس بها أمام المهنيين اليهود للحراك. وبالإضافة إلى ذلك، كان أحد أهم عوامل الطرد ارتباط عدد كبير من اليهود بالسوق السوداء واشتغالهم بالأعمال التجارية والمالية المشبوهة والممنوعة، الأمر الذي جعلهم يضيقون بالنظام الاشتراكي. ومع عملية التحول آنفة الذكر، أصبح كثير من الأنشطة التي كانت تُعَدُّ مشبوهة أنشطة شرعية، وزاد نشاط ودور القطاع التجاري الحر. وقد أدَّى هذا إلى فتح مجال العمل والحراك أمام هذه العناصر اليهودية، وخصوصاً أنها تمتلك الخبرات التجارية التي اكتسبتها في الخفاء وهو ما يؤهلها أكثر من غيرها للحركة داخل المجتمع الجديد. 
ومن عناصر الطرد الأخرى، ظهور معاداة اليهود بين صفوف العناصر القومية الروسية في كلٍّ من روسيا وأوكرانيا، وعودة الاتهامات العنصرية القديمة التي تجعل اليهود مسئولين عن كل الشرور وتجعل الوضع المتردي في الاتحاد السوفيتي نتيجة مباشرة للتآمر اليهودي الذي أخذ شكل النظام الشيوعي. ولكن الدلائل وأقوال المختصين في شئون يهود روسيا وأوكرانيا كانت تشير إلى أن الأشكال الفظة والعنيفة القديمة لمعاداة اليهود لم يَعُد لها وجود، وإلى أن كثيراً من اليهود الذين لديهم وعي ضئيل بيهوديتهم كان بوسعهم التكيف مع هذه الأشكال الطفيفة من معاداة اليهود، وذلك بالإضافة إلى وجود منظمات وصحف روسية تهاجم معاداة اليهود وتناهض الجماعات التي تروج له. وتختلف عوامل الطرد والجذب والقابلية للهجرة باختلاف الهويات الإثنية والعقائدية والدينية لليهود السوفييت. ومن المعروف أن يهود الاتحاد السوفيتي (سابقاً) لم يشكلوا أبداً مجموعة حضارية أو دينية أو اجتماعية واحدة، بل شكلوا جماعات غير متجانسة تتحدث عدة لغات وتعيش في مناطق مختلفة. وبالتالي، فإن القابلية للهجرة تختلف من جماعة إلى أخرى. 
فهناك اليهود الإشكناز (يهود اليدشية) البالغ عددهم 1.376.910 والموزعون على النحو التالي في أواخر الثمانينيات: روسيا 551 ألفاً حسب إحصاء 1989 -أوكرانيا 488 ألفاً- روسيا البيضاء 112 ألفاً. وهم من أكثر العناصر اليهودية اندماجاً وعلمنة، حيث بدأت عملية دمجهم منذ عهد القياصرة ثم تصاعدت مع الثورة البلشفية. ولم يبق عند هذه العناصر ما يمكن تسميته "حس أو وعي يهودي"، وخصوصاً أن العناصر اليهودية ذات الحس القومي بينهم هاجرت في فترة الهجرة اليهودية في السبعينيات ثم الثمانينيات، وبالتالي فهم لا يفكرون إطلاقاً في إطار صهيوني ولا يرغبون في الذهاب إلى إسرائيل، فهم يتمتعون بمستوى عال من التأهيل العلمي والمهني، وبالتالي لا يمكنهم تحقيق أيَّ حراك داخل المجتمع الصهيوني. ولذلك، فإن نسبة التساقط بينهم (حيث يزعم اليهودي أنه ذاهب إلى إسرائيل ثم يتجه إلى الولايات المتحدة حيث يمكنه تحقيق معدلات عالية من الحراك الاجتماعي) تصـل أحياناً إلى ما يزيد على 90%. 
أما يهود البلطيق، وهم أيضاً من الإشكناز، فعددهم هو 39.500 موزعين كالتالي: أستونيا 4500 -لاتفيا 23 ألفاً- ليتوانيا 12 ألفاً - مولدافيا 66 ألفاً. وهؤلاء من أكثر العناصر التي يمكن اعتبارها عناصر صهيونية ومن أكثرها رغبة في الهجرة إلى إسرائيل، فلم تُضَم هذه المناطق إلى الاتحاد السوفيتي إلا خلال الحرب العالمية الثانية. ولذلك، فلا يزال عندهم بقايا حس أو وعي يهودي ولا يزالون محتفظين بهويتهم اليهودية، كما أن بعضهم لا يزال يتحدث اليديشية. وقد كانت ليتوانيا، على سبيل المثال، من أهم المراكز التقليدية للدراسات التلمودية في العالم. ولكن من ناحية أخرى، فإن من الأرجح أن أكثر العناصر الصهيونية الراغبة والقادرة على الهجرة كانت قد أقدمت على ذلك بالفعـل كما أن نسـبة المسـنين بينهم مرتفعة جداً. أما يهود مولدافيا، فهم من أهم الجماعات من منظور القابلية للهجرة حيث يعيشون في منطقة حدودية مع رومانيا تطالب بالانضمام إلى رومانيا. وقد اندلعت في هذه المنطقة، بالفعل، مواجهات شديدة بين المولدافيين وأعضاء الجماعة اليهودية (الذين يُصنَّفون أيضاً على أنهم روس)، وبالتالي فهي منطقة طرد، وقد قدَّم 70% من أعضاء الجماعة بها طلبات هجرة إلى إسرائيل وإن كان من غير المؤكد إن كانوا سيتجهون جميعاً إلى إسرائيل. وتشير الإحصاءات السابقة إلى أن نسب التساقط بينهم ضئيلة. 
وبالنسبة ليهود جورجيا ويهود الجمهوريات الإسلامية، فإن عددهم 667.37، وهم موزعون على النحو التالي: يهود الجبال 19.516 - يهود جورجيا 16.23 - يهود بخارى 36.568 - الكرمشاكي 1.559 ، وقد احتفظ أعضاء هذه الجماعات أيضاً بوعي وحس يهودي نظراً لأنهم ينتمون إلى مجتمعـات تقليدية مبنيـة على الفصـل بين الجمـاعات والطبقات. ومن ثم، فهم من العناصر المرشحة للهجرة إلى إسرائيل، وخصوصاً أن هذه الجمهوريات تشبه الدول النامية اجتماعياً واقتصادياً إلى حدٍّ كبير وتضم جماعات عرْقية وإثنية مختلفة تزيد احتمالات الاحتكاك والصراع فيما بينها. كما تمثل إسرائيل بالنسبة لهم فرصة أكبر للحراك الاجتماعي عن الولايات المتحدة نظراً لأن مستواهم التعليمي منخفض نوعاً. ولكن، من جهة أخرى، نجد أن 25% من الجماعات اليهودية في جورجيا والجمهوريات الإسلامية من اليهود الإشكناز قد يجدون فرصاً جديدة تتفتح أمامهم في ظل التحولات الجديدة وتبنِّي سياسات السوق. كما أن كثيراً من العناصر الشرقية بدأت تفقد هويتها التقليدية وتقبلت عملية الترويس أو الروسنة وقد تفضل الهجرة إلى المدن الروسية الكبرى لتحقيق ما تطمح إليه من حراك. كما تجب الإشارة إلى أن كثيراً من العناصر القادرة، أو الراغبة، على الهجرة قد هاجرت في الفترة ما بين عام 1970 و1990 ، الأمر الذي يعني أن نسبة القادرين أو الراغبين بين العناصر المتبقية صغيرة.
أما على الصعيد الديني، فإننا نجد أن 3% فقط من يهود اتحاد دول الكومنولث المستقلة متدينون، وقد اتجهت حركة الإحياء اليهودي اتجاهاً دينياً روحياً وهو صدى لحركة الإحياء الديني في الاتحاد السوفيتي والعالم بأسره. وهم في الأغلب من العناصر غير الصهيونية وأحياناً المعادية للصهيونية، وبالتالي فهذا التيار يشكل حركة جذب للاتحاد السوفيتي، وخصوصاً أن أغلب سكان إسرائيل علمانيون. 
ولنا أن نلاحظ أن أغلب اليهود في اتحاد دول الكومنولث المستقلة علمانيون تماماً أو تآكلت هويتهم الدينية بل والإثنية تماماً. لكن ذلك لا يعني اختفاء هذه الهوية إذ أنهم يعرِّفون هويتهم اليهودية على أساس عرْقي/إثني إلحادي. وأحياناً تكون هذه الهوية العرْقية الإلحادية بالغة الضئالة، فهم من "يهود الصدفة"؛ يهود بالمولد دون أن يكون لديهم أي انتماء يهودي ديني أو إثني حقيقي. ويمكن الإشارة إليهم بوصفهم "يهود غير يهود" بمعنى أنهم يهود فقدوا كل مكونات يهوديتهم، ومع هذا يصنفهم المجتمع ويصنفون أنفسهم على أنهم كذلك. ومع ذلك، هناك حركة بَعْث ثقافي يهودي هي جزء من حركة بَعْث إثنية عامة في روسيا وأوكرانيا. وهذا البَعْث يتخذ شكلين: أولهما حركة بَعْث ثقافي يديشي ينظر أنصارها إلى يهود شرق أوربا أو يهود اليديشية باعتبارهم قومية أو أقلية قومية شرق أوربية لها تجربتها التاريخية المحددة وتراثها الثقافي ولغتها اليديشية. ولذا، فقد اصطدم هؤلاء منذ البداية مع التيار الصهيوني، وهم يضمون في صفوفهم عناصر معادية للصهيونية والعبرية. وإلى جانب هذه الحركة اليديشية، يوجد بعث ثقافي روسي يهودي وهو بَعْث مرتبط بالثقافة واللغة الروسيتين، مع اهتمامه بحياة وقضايا الروس اليهود. وفي كلتا الحالتين، فإن المضمون اليهودي للهوية مرتبط تماماً بالمضمون الروسي أو اليديشي وهو ما يعني أن الحركة الناتجة من هذا التعريف ليست طاردة وإنما جاذبة. 
ب) عناصر الطرد والجذب في المُستوطَن الصهيوني: 
لعل أهم عناصر الجذب في المُستوطَن الصهيوني هو أنه يتيح فرصة الحراك الاقتصادي للمهاجرين المرتزقة. ولكن هذا العنصر تم تحييده إلى حدٍّ ما بسبب مشاكل الاستيعاب الحادة داخل إسرائيل. ومن أهم هذه المشاكل، مشكلة الإسكان حيث خلقت الهجرة أزمة إسكان حادة وهي مشكلة آخذة في التفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية. ونظراً لأن هؤلاء المرتزقة يتحركون في إطار ما نسميه «الصهيونية النفعية» ويسعون إلى الحياة المترفة، فقد تمركزوا في الأحياء السكنية المترفة واشتد ضيقهم عندما وضعتهم السلطات الإسرائيلية في مراكز سكنية فقيرة أو في أحياء لا تتوفر فيها البنية التحتية الجيدة، وقد رفضت غالبيتهم الساحقة الاستيطان في الضفة الغربية. 
ولكن لأزمة الإسكان جانبها السلبي -من منظور عربي- وهو أنها قد تدفع المهاجرين للاستيطان في الضفة الغربية حيث يوجد سكن مدعوم. كما يبدو أن بعض المهاجرين اختاروا السكن في الكيبوتسات برغم طابعها التنظيمي الجماعي بعد أن تبيَّن لهم أنها ليست مؤسسات اشتراكية وأنها تحوَّلت إلى مؤسسات إشكنازية أرستقراطية تتمتع بأعلى مستوى معيشي في إسرائيل. وقد نجحت الكيبوتسات التي تعاني منذ عدة سنوات من أزمة مالية وبشرية حادة في تبديد شكوك ومخاوف المهاجرين الذين بدأوا في التدفق عليها حتى أن طلبات السكن بها فاقت حجم المساكن المتوفرة. 
ولكن المشكلة الحقيقية كانت متمثلة في البطالة. إذ كانت إسرائيل تعاني من معدلات بطالة مرتفعة تصل إلى 10%، لكن هذه النسبة كانت ترتفع بين العلماء وذوي المؤهلات العالية ممن تكتظ بهم إسرائيل. ويتمتع كثير من المهاجرين اليهود السوفييت بمؤهلات تفوق المستوى المطلوب في سوق العمل الإسرائيلي الذي يحتاج إلى العمال الفنيين والعمال المهرة. وقد اضطر كثير من العلماء والأطباء والمهندسين اليهود إلى العمل كعمال نظافة وعمال بناء وفي غير ذلك من المهن المماثلة، الأمر الذي يعني هبوطاً في السلم الاجتماعي لجماعة بشرية جاءت لتحقيق حراك اجتماعي. 
كما تمثل المؤسسة الدينية لهؤلاء المهاجرين اللادينيين مصدر أرق وضيق، فكثير من اليهود السوفييت لا يكترثون بالمسائل الدينية والشرعية في الزواج والطلاق، وبالتالي يجدون عند قدومهم إلى إسرائيل أن أبناءهم غير شرعيين، وتجد كثير من المهاجرات المطلقات أن طلاقهن غير شرعي وبالتالي لا يحق لهن الزواج من رجل آخر. كما تتمسك الحاخامية بالتحقق من الأصول اليهودية قبل إبرام عقد الزواج، وعلى كل من يريد أن يحصل على زواج أو طلاق شرعي (حتى لا يوسم أولاده بأنهم غير شرعيين) أن يخضع لمراسم التهود وهي طويلة ومعقدة. 
2 - تعداد اليهود بين الزيادة والنقصان: 
أما بالنسبة لتعداد الجماعات في الجمهوريات السوفيتية السابقة، فإن التقديرات تذهب إلى أن عددهم حوالي مليون ونصف. وإذا أجرينا مقارنة بالهجرات السابقة، فإننا سنجد أن نسبة المهاجرين خلال الهجرة اليهودية الكبرى (1882 - 1914) لم تزد عن 25%، وهي فترة كانت الولايات المتحدة مستعدة فيها لتوطين كل من يشاء. كما يجب أن تتوافر في المهاجر مواصفات جسدية ونفسية ووظيفية معيَّنة تمكِّنه من بداية حياته من جديد. وعادةً ما يكون سن المهاجر بين العشرين والأربعين، ولكننا نجد أن نسبة المسنين بين اليهود السوفييت مرتفعة حيث إن 50% منهم فوق الخمسين، وإذا استبعدنا المعوقين والمرضى فإن نسبة القادرين على الهجرة ستكون أقل من النصف. وفي ضوء المعطيات السابق ذكرها، فإن حجم الهجرة اليهودية التي قدَّرنا أنها ستخرج من الاتحاد السوفيتي كان حوالي 25% من تعداد الجماعات أي حوالي 400 ألف. وإذا قدَّرنا أن الولايات المتحدة ستستوعب حوالي 50 ألفاً والدول الأخرى 15 ألفاً كل عام، فإن 65 ألف مهاجر لن يدخلوا إسرائيل سنوياً. 
وإذا امتدت الهجرة إلى حوالي خمسة أعوام، فإن هذا يعني أن جزءاً كبيراً منها سيتسرب إلى خارج إسرائيل. ولكن هناك احتمالات مهمة يجب أخذها في الاعتبار (وهذه من المتتاليات الافتراضية الاحتمالية) مثل حدوث تدهور اجتماعي واقتصادي كامل في الجمهوريات السوفيتية السابقة الأمر الذي قد يدفع الملايين من اليهود وغير اليهود إلى النزوح إلى خارج البلاد. وبالفعل صاحب عملية تفكُّك الاتحاد السوفيتي عام 1991، ثم انتقال جمهورياته إلى اقتصاد السوق، أزمة اقتصادية طاحنة وارتفاع في معدلات البطالة وتزايد النزاعات العرْقية والمواجهات المسلحة، ولا يزال الوضع غير مستقر ويحمل كثيراً من الاحتمالات المفتوحة. 
وهناك أيضاً ظاهرة بالغة الأهمية وهي ظاهرة اليهود المتخفين، وهم اليهود الذين ينكرون هويتهم لأسباب عملية مختلفة ويذوبون وينصهرون في مجتمعاتهم عدة أجيال ثم يُظهرون هويتهم اليهودية تحت ظروف معيَّنة. ويقدِّر البعض عددهم بحوالي 1.3 - 1.5 مليون. كما أن هناك قضية العناصر شبه اليهودية أو غير اليهودية التي قد تنضم إلى الهجرة للاستفادة من الفرص المتاحة أمام اليهود في إسرائيل والولايات المتحدة. وقد أعلنت الحاخامية في إسرائيل بالفعل أن ما بين 30% و40% من المهاجرين السوفييت ليسوا يهوداً وفقاً للشريعة اليهودية للأسباب التالية: الزوجة ليست يهودية - الزوج لم يُختن - الأبناء ليسوا يهوداً لأن الأم ليست يهودية - أحد الزوجين لا تربطه أية صلة بالديانة اليهودية. ونظراً لأن قانون العودة الإسرائيلي يسمح لأي شخص له جد يهودي، سواء من ناحية الأم أو من ناحية الأب، بالهجرة إلى إسرائيل، فقد بدأ الكثيرون في اكتشاف أن لهم جدوداً يهوداً برغم عدم ارتباطهم بالديانة اليهودية. بل إن هناك عناصر من مدَّعي اليهودية تحاول أيضاً الانضمام إلى الهجرة. وتشير الإحصاءات بالفعل إلى أن أكثر من 30% من المهاجرين السوفييت سجلوا أنفسهم على أنهم غير يهود. وقد تكون هذه النسبة أكبر، فمن المعروف أن كثيراً ممن سجلوا أنفسهم يهوداً، رغم أنهم ليسوا يهوداً، فعلوا ذلك خوفاً من الحرمان من المزايا الممنوحة للمهاجرين اليهود. 
ويقودنا ذلك إلى نقطة مهمة وهي مدى استعداد الكيان الصهيوني لأن يضم إلى الدولة اليهودية عناصر شبه يهودية أو غير يهودية. ونحن نذهب إلى أنه قد يقدم على ذلك بالفعل حتى تتوفر له المادة البشرية الاستيطانية والقتالية اللازمة لتحل المشكلة السكانية الحادة في إسرائيل وتخلق تعادلاً مع العرب بغض النظر عن مدى يهوديتها (وهو الأمر الذي حدث بالفعل). ونحن نستند في ذلك إلى تجربة إسرائيل مع يهود الفلاشاه حيث تم تهجيرهم إلى إسرائيل رغم عدم نقاء عقيدتهم وهويتهم الدينية ورغم اعتراضات المؤسسة الحاخامية الدينية ثم أخيراً ترحيبه بيهود الموراه فلاشاه. 
وهذه العوامل السابقة الذكر تفسر لنا حجم الهجرة الفعلي الذي وصل إلى إسرائيل وهو 400 ألف مهاجر. وقد توقَّف سيل الهجرة عند هذا الرقم حتى أواخر عام 1992 انضم لهم حوالي 280 ألف بعد ذلك. وأعداد المهاجرين التي تصل إلى إسرائيل في الوقت الحاضر لا تزيد عن معدلات الهجرة العادية، وهذا الرقم أقل كثيراً من الأرقام المتضخمة التي أُذيعت عند بدء الهجرة ويتطابق مع الرقم الذي قدرناه للهجرة التي ستخرج من الجمهوريات السوفيتية السابقة. 
وهذا يقودنا إلى نقطة مهمة وهي ما ستنتج عنه هذه الهجرة من احتكاكات عديدة على المستويات الاقتصادية والطبقية والاجتماعية بين المهاجرين الجدد والأعضاء القدامى في التجمُّع الصهيوني، وخصوصاً مع اليهود الشرقيين الذين يشعرون بتهديد هذه الهجرة لأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وطموحاتهم السياسية، ذلك أن هؤلاء المرتزقة سينقضون على الكثير من الفرص والامتيازات التي كان يمكن توجيهها إلى اليهود الشرقيين، كما أنهم سيساعدون على عودة التحيز الإشكنازي ضد الشرقيين، هذا بالإضافة إلى أن قدوم المهاجرين الجدد سيكثف استهلاك البنية التحتية والموارد المائية والرقعة الزراعية. كما أن تزايد معدلات الجريمة (بسبب الهجرة السوفيتية) وعدم قبول الكتلة الروسية (من قبل المستوطنين الصهاينة) لابد وأنه سيزيد حجم التوتر الاجتماعى. 
ومن المتوقع أن تزيد المشكلات الناجمة عن وصول اليهود السوفييت (ازدحام المساكن - زيادة التوتر الاجتماعي - نقصان الفرص) من عدد النازحين من إسرائيل، بل سينضم إلى هؤلاء بعض المهاجرين المرتزقة. ومن الطبيعي أن تكون أرقام النازحين من المهاجرين الجدد أمراً خاضعاً للرقابة، ولذلك فإن من الصعب معرفة حجمهم على وجه الدقة. ولكن من المعروف أن 18 ألف قادم جديد طلبوا العودة إلى موطنهم عام 1990. وهؤلاء النازحون أو المطالبون بالنزوح يُشكِّلون نزيفاً من التجمُّع الصهيوني، كما يُشكِّلون عنصر خلخلة وقلق. 
ومن ناحية أخرى، بدأت إسرائيل في وضع خطة كبرى وشاملة بعيدة المدى تهدف إلى استغلال القدرات العلمية للمهاجرين الجدد بغرض تحويل إسرائيل في القرن الحادي والعشرين إلى قوة تكنولوجية عظمى تحـل من خـلال صـادراتها من السـلع التكنولوجية مشـكلة ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للمهاجرين. وتهدف الخطة إلى إقامة عدد من الشبكات بتمويل خاص تقوم بتطوير إنتاج وتصدير السلع التكنولوجية باستخدام التكنولوجيات التي تم تطويرها في الاتحاد السوفيتي. وتضم الخطة أيضاً بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية الخاصة في هذا القطاع. وهذه خطة طموحة ستواجه كثيراً من الصعوبات في التنفيذ، إلا أن احتمال تحققها يُشكِّل خطورة حقيقية بالفعل.
يتبع إن شاء الله...


الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  Empty
مُساهمةموضوع: الصهيونية النفعية (أو صهيونية المرتزقة): المهاجرون السوفييت في إسرائيل    الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  Emptyالأحد 09 مارس 2014, 12:22 am

الصهيونية النفعية (أو صهيونية المرتزقة): المهاجرون السوفييت في إسرائيل 
Utilitarian (or Mercenary) Zionism: Soviet Immignats in Israel 
«الصهيونية النفعية (أو صهيونية المرتزقة)» مصطلح قمنا بسكه لوصف اتجاه عام وشائع بين يهود العالم الذين يدَّعون أنهم صهاينة. والصهيونية عقيدة علمانية مادية، ولذا فهي تحتوي على توجُّه نفعي قوي، شأنها في هذا شأن العقائد العلمانية كافة، ولكن معدل النفعية في الصهيونية أعلى كثيراً من العقائد العلمانية الشاملة الأخرى لأن الصهيونية برنامج إصلاحي واع يطرح نفسه باعتباره الإطار الذي يستطيع يهود العالم أن يحققوا من خلاله لأنفسهم مستوى معيشياً أعلى وأمناً أقوى مما حققوه لأنفسهم في أوطانهم. 
ولكن الدافع المادي وحده ليس كافياً لأن تقتلع الإنسان نفسه اقتلاعاً من مجتمعه وماضيه وهويته، ولذا طورت الصهيونية الصيغة الصهيونية الشاملة المهوَّدة التي أسقطت على المشروع الصهيوني بُعداً مثالياً. ولكن المثاليات الصهيونية كانت ديباجات سطحية ولذا اتضح التوجه النفعي من البداية، فكان المستوطنون التسلليون (قبل ظهور هرتزل) يبذلون جهدهم في ابتزاز أموال روتشيلد وغيره من أثرياء الغرب، واستمر هذا الوضع قبل إعلان الدولة إذ كان المُستوطَن الصهيوني يحاول الحصول على أقصى قدر من الأموال من يهود العالم عن طريق الدعاية أو الابتزاز بتوليد إحساس عميق بالذنب لديهم باعتبار أنهم لم يهاجروا إلى إسرائيل. وبعد إعلان الدولة، تحوَّلت الدولة بالتدريج إلى دولة تعيش على المعونات الأجنبية، وهي معونات تحصل عليها باعتبارها دولة وظيفية تؤدي دوراً فهي دولة مرتزقة. لكل هذا، نجد أن كثيراً من اليهود الذين يستوطنون إسرائيل (فلسطين) يفعلون ذلك لأسباب نفعية لا علاقة لها بمثاليات دينية أو أيديولوجية. ويمكن رؤية هجرة يهود البلاد العربية بعد عام 1948 في هذا الإطار، فهم لم يكونوا قط جزءاً من الحركة الصهيونية، سواء في شكلها الاستيطاني أم في شكلها التوطيني. وقد استوطنوا فلسطين لتحقيق الحراك الاجتماعي. 
وقد تصاعدت معدلات هذا الاتجاه بعد عام 1967 داخل وخارج المستوطن الصهيوني مع انتقال المستوطن الصهيوني من المرحلة التقشفية التراكمية إلى المرحلة الفردوسية الاستهلاكية، ففي الداخل ظهر ما يُسمَّى عقلية «روش قطان»، أي «الرأس الصغير» التي تُتوج جسماً كبيراً لا يكف عن الالتهام والاستهلاك. كما تصاعدت خارجه، وخصوصاً بين أعضاء المستودع البشري اليهودي الوحيد القابل للهجرة، يهود الاتحاد السوفيتي. 
والجزء الأكبر من اليهود السوفييت علمانيون شاملون ولا يؤمنون بالصهيونية أو بأية عقيدة أخرى، كما لا توجد عندهم هوية يهودية واضحة فهم جماعة بشرية لا تكترث كثيراً بأية قيم دينية أو ثقافية أو خصوصية حضارية وهدفها الأساسي هو البحث عن المنفعة واللذة. ولكنهم مع هذا يتسمون بسمة جوهرية واضحة مركزية وهي أنهم ينتمون إلى ما يُسمَّى في علم الاجتماع الغربي «عصر ما بعد الأيديولوجيا»، أي أن يعيش المرء في الحياة الدنيا بشكل إجرائي كفء، لا يفكر إلا في يومه، وإن فكَّر في مستقبله فهو يفعل ذلك بنفس المعايير الكمية الإجرائية، وهو عادةً لا يفكر في الماضي. وعملية التفكير لديه عادةً ما تكون بريئة من أية أثقال أيديولوجية أو أعباء نظرية أو أخلاقية، فالمعايير المستخدمة علمية مادية دقيقة تهدف إلى تعظيم المنفعة واللذة. فهم يؤمنون بقيم المنفعة (عادةً الكمية) واللذة (عادةً المباشرة)، وتطلعاتهم الاستهلاكية شرهة لا تخفف حدتها أية قيم، وهي تطلعات لا تقبل أي إرجاء، وذلك بسـبب غيـاب أية مُثُل عليا أو نظـريات دينية أو عقائدية (ولهذا السبب، نجد أن الوعي السياسي لليهود السوفييت ضعيف جداً وإن كانوا يتسمون بعداء حقيقي للاشتراكية. ولكن عداءهم هنا لا يعني موقفاً نظرياً وإنما هو عداء ذرائعي لكل النظريات والمطلقات، فالاشتراكية في نهاية الأمر تحوي داخلها قدراً من المثاليات ينبع من إيمانها بالإنسان كمطلق).
مثل هؤلاء البشر يتسمون بحركية غير عادية ورغبة عارمة في تحقيق الحراك الاجتماعي وتحسين المستوى المعيشي دون اكتراث بأية قيم ثقافية أو دينية أو خصوصية حضارية أو أيٍّ من هذه المطلقات التي تسبب الصداع للرؤوس الاستهلاكية، أي أن قابليتهم للهجرة بحثاً عن الفرص الاقتصادية والحراك الاجتماعي مرتفعة إلى أقصى حد. فإن من المنطقى أن يتجهوا إلى الولايات المتحدة، ولذا يُلاحَظ أن أعداداً كبيرة منهم تجيد الإنجليزية إذ كانوا يُعدِّون أنفسهم للهجرة إليها. 
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي حاول الكثير من اليهود (وغير اليهود) السوفييت الهجرة إلى الولايات المتحزة، ولكن إسرائيل أوصدت الأبواب دونهم. ومن ثم أصبحت إسرائيل بالنسبة لهم هي السبيل الوحيد للخروج من الاتحاد السوفيتي. ولذا، فإن كثيراً من المهاجرين يأتون صاغرين لا يحملون في قلوبهم أيَّ تطلُّع لصهيون أو أيَّ حب لها "فهم لا يريدون سماع أي شيء عنها" (على حد قول يوري جوردون رئيس قسم الاستيعاب في الوكالة اليهودية المسئول عن توطين اليهود السوفييت)، كما أنهم لم يُبدوا موافقة أو ترحيباً باستئناف العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل لأن هذا الأمر سيؤدي إلى نَقْل المهاجرين مباشرةً إلى إسرائيل، وهو ما يفوِّت فرصة الهجرة إلى الولايات المتحدة. بل إن بعضهم يدَّعي اليهودية، بل لم يمانعوا في أن يُختنوا في سبيل الحصول على الدعم المالي على أمل أن تُتاح له فرصة الفرار من أرض الميعاد الصهيونية في فلسطين المحتلة إلى أرض الميعاد الحقيقية في الولايات المتحدة. وتحاول الدولة الصهيونية من جانبها أن تكبلهم بالمساعدات المالية التي يصعب عليهم سدادها حينما تحين لحظة الفرار.
وقد لخص أحد المهاجرين المرتزقة الموقف بقوله: "لم يكن أمامي خيار سـوى أن أذهـب إلى إسـرائيل بعد أن قضينا سـبعة شـهور في روما". ولكنه أعلن عن تصميمه على عدم البقاء. وقد بدأت الصحف الصادرة بالروسية في إسرائيل بتخصيص مساحة كبيرة يحتلها معلنون يعرضون تزويد القراء بالسلعة التي تطمح لها غالبية المهاجرون الجدد: تأشيرات دخول إلى كندا (أرض ميعاد أخرى مجاورة للولايات المتحدة). وقد وصف أرييه ديري، وزير الداخلية، المهاجرين المرتزقة وصفاً دقيقاً حين قال: إنهم بعد وصولهم ستجدهم جالسين على حقائب السفر. وقال أوبليون: "بعض ممن لا يمكنهم الذهاب إلى الولايات المتحدة سيأتون إلى إسرائيل بهدف استخدامها كمحطة على الطريق، وسيقومون باستغلالنا أيضاً، وسيأخذون أية خبرات قد نقدمها لهم، وقد ينتهي بنا الأمر إلى أن يتجمع عندنا عدد كبير من الناس الذين يشعرون بالبؤس والذين ينتظرون أول فرصة لينزحوا عن إسرائيل"، فهم يعرفون تماماً "أن إسرائيل بلد صعب وأن الولايات المتحدة بلد سهل بالمقارنة". والسهولة قيمة أساسية بالنسـبة لهؤلاء البـاحثين عن "الراحة والترف" (كما وصفهم يوري جوردون). 
وقد وصفت إحدى المؤسسات اليهودية المهاجر اليهودي السوفيتي النماذجي (في السبعينيات) بأنه شخص لم يهرب من الاضطهاد وإنما هاجر بإرادته ولدوافع غير عقائدية أصلاً. وقد أيَّد نتائج هذا التقرير تقرير آخر نشره مجلس المعابد اليهودية في نوفمبر 1974 جاء فيه: بينما ينظر الأمريكيون إلى الحملة من أجل الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي على أنها محاولة لإنقاذ بقايا الشعب اليهودي هناك، فإن المهاجرين السوفييت لا يشاركون في مثل هذه الأوهام الرومانتيكية أو الديباجات الصهيونية. وفي جيروساليم بوست 30 أبريل 1987، صرح إسرائيل فاينبلـوم (المهاجر السـوفيتي المقـيم في إسرائيل)، وهو صهيوني حقيقي، أن من بين الـ 163 ألف مهاجر سوفيتي الذين استقروا بالفعل في إسرائيل حضر 20% منهم فقط بسبب الدوافع الدينية أو النفسية (أي العقائدية)، أما الآخرون فقد وجدوا أنفسهم في إسرائيل (على حد قوله). 
وقد وصف بعض المهاجرين الأسباب التي دعتهم إلى ترك الاتحاد السوفيتي، فقال أحدهم: إن الحياة هناك أصبحت مملة. فالهجرة إلى إسرائيل هي مجرد بحث عن الإثارة. وقال أحد أساتذة علم الجبر إنه ترك الاتحاد السوفيتي لأنه أدرك أن الوقت قد حان لأن يفعل ذلك، وأشار مهاجر ثالث إلى أنه ترك الاتحاد السوفيتي لأنه يريد أن يعيش حياة أفضل. وحتى يؤكد مدى عمق التزامه بهذه الفلسفة، ذكر أنه جاء لا ليشتري سيارة ولكن ليكون لديه سيارة بمحرك أكبر. ومن المستحيل أن نعرف كم مهاجراً (سوفيتياً) يشبه إيفان الذي ترك إسرائيل بعد أن عمل سنة في الكيبوتس، لأنه يكره التعصب الديني والطقس الحار، وكأنه كان يتوقع أن تكون أرض الميعاد في القطب الشمالي أو على مسافة صغيرة من روسيا، أو أن الحركة الصهيونية قد وعدته بأرض ميعاد مكيفة الهواء. 
والوكالة اليهودية تسبح مع التيار ولذا فهي تقوم بمحاولة جذب أعضاء الجماعات اليهودية للاستيطان في إسرائيل على أسس نفعية محضة فلا تهيب الإعلانات بحسهم الديني أو بارتباطهم بالأسلاف، وإنما تتحدث بشكل صريح عن البيت المريح، أو الإمكانيات الاستثمارية للمستثمرين وإمكانيات البحث العلمي للعلماء، وكأن فندق صهيون تحوَّل هنا إما إلى شركة صهيون الاستثمارية أو إلى معمل صهيون للبحوث العلمية. وقد وصل هذا الاتجاه إلى الذروة مع هجرة اليهود السوفييت الأخيرة التي بدأت بعد عام 1990. 
ويبلغ عدد الإسرائيليين من منشأ روسي (من الصهاينة المرتزقة) حوالي 800 ألف (أي حوالي خُمس سكان إسرائيل) يشكلون كتلة "قومية" مستقلة، لها تميزها وحضورها الخاص، فهم كيان مستقل داخل الكيان الإسرائيلي، فلهم محطة، إذاعة وتليفزيون خاصة بهم، وصحافة باللغة الروسية وأندية ومدارس. فهم -كما قال أحدهم-: "يفكرون بالروسية ويتواصلون فيما بينهم". وتنبع قوة الثقافة الروسية المحلية (المنقطعة الصلة بالثقافة الإسرائيلية والمرتبطة بثقافة الوطن القديم) من حجمها الكبير ومن المؤهلات البشرية التي في حيازتها. ولذا فهي تحافظ بشراسة على استقلالها، بل إن أحدهم أشار إلى تكوين حزب إسرائيل بعالياه على أنه بداية حرب الاستقلال الخاصة بالروس. ولذا لا يُصنِّف سوى 16% من المهاجرين السوفييت نفسه على أنه "إسرائيلي" مقابل 26% اعتبر نفسه "من رابطة الدول المستقلة" و32% اعتبر نفسه "يهودياً" بشكل عام، واكتفى 12% بأن يسمي نفسه تسمية محايدة «مهاجر جديد». ولم يتم قبول هذه الكتلة الروسية من قبل المجتمع الإسرائيلي، ولذا يشعر 59% من المهاجرين السوفييت أن المجتمع الإسرائيلي يستوعب الهجرة إما بلا مبالاة أو بعدائية. وفي المقابل حين سُئل الإسرائيليون عن وصفهم للمهاجرين السوفييت قال حوالي 36% إنهم بروفسير كناس وسمسار وعاهرات (واتهام المهاجرين السوفييت باحتراف البغاء والجريمة المنظمة، اتهامات لها أساس في الواقع). 
ولم يستخدم أحد لفظ «مرتزقة» ومع هذا يمكن القول بأنه مصطلح كامن في خطاب كثير من الكُتَّاب الذين تَعرَّضوا للمهاجرين السوفييت بالوصف. فقد وصفهم أحد الكُتَّاب بأنهم «مهاجرون اقتصاديون»، كما وصفهم آخر بأنهم «هاربون من الاتحاد السوفيتي وليسوا مهاجرين إلى إسرائيل». أما جوليا ميرسكي (عالمة نفس في الجامعة العبرية)، فقد وصفتهم بأنهم «لاجئون وليسوا مهاجرين». ووصفهم كارل شراج (في جيروساليم بوست) بأنهم «مستوطنون بالإكراه أو رغم أنفهم». ولكنني أفضل وصفهم بلفظ «المرتزقة»، والاصطلاح الذي أقترحه أكثر دقة فالمرتزق هو الذي لا يقوم بعمل إلا نظير مقابل، والتزامه بالعمل هو التزام خارجي تعاقدي أي أنه لا يشعر نحوه بأي ولاء حقيقي. ويتميَّز مصطلحنا بأنه مصطلح مُتداوَل في علم الاجتماع، وهو ما يعني أنه يحوي قدراً من العمومية ولا يَسقُط في التخصيص الكامل. 
وهناك نوع آخر من الصهاينة النفعيين، وهم اليهود المسنون الذين يتقاعدون في إسرائيل حيث يمكنهم أن يعيشوا حياة مترفة على معاشاتهم الصغيرة (فكأن إسرائيل هي بيت المسنين أو فلوريدا الصهيونية). وهنـاك، أخيراً، اليهود الذين يرسلون جسمانهم ليُدفَن في إسـرائيل: فهم يرفضون العيش في إسرائيل، ولكنهم لا يرفضون الموت فيها. وعلى حد قول أحد الكُتَّاب الإسرائيليين، فإنهم يعهدون بالجانب التاريخي في حياتهم إلى أوطانهم، أما الجانب الكوني الذي يتعلق بالموت فهم يعهدون به لإسرائيل!
صهيونيــة المرتزقــة Mercenary Zionism 
انظر: «الصهيونية النفعية (أو صهيونية المرتزقة): المهاجرون السوفييت في إسرائيل». 
إسرائيل بعالياه Israel Bealaya 
«إسرائيل بعالياه» عبارة عبرية تعني «إسرائيل مع الهجرة» وهو حزب سياسي جديد يتزعمه ناتان شارانسكي، وهو تعبير عما يُسمَّى «اليمين الرخو» المؤيد لنتنياهو، وهو يمين لا يهتم كثيراً بالأيديولوجيا وإنما بمصلحته المباشرة (فهو يمين عصر ما بعد الحداثة)، كما أنه تعبير عن عودة ما يمكن تسميته «السياسة الإثنية»، أي أن تكون دوافع الأحزاب والجماعات السياسية ليست الأيديولوجية الصهيونية وإنما انتماءهم الإثني، بحيث يكوِّنون جماعة مصالح لا تكترث بالمسلمات الصهيونية. والسياسة الإثنية عرفها النظام السياسي الإسرائيلي في بداياته، ثم اختفت مما أعطى الانطباع العام بأن المستوطن الصهيوني قام بتجميع عدد كبير من المنفيين ونجح في مزجهم من خلال أتون الصهر الإسرائيلي/الصهيوني. وعودة السياسة الإثنية (متمثلة في جزب جيشر وشاس وإسرائيل بعالياه) يدل على سقوط الادعاء بأن اليهود شعب واحد ويشير إلى إخفاق الصهاينة في عملية "مزج المنفيين". 
ولفهم الخلفية الأساسية التي أدَّت إلى ظهور إسرائيل بعالياه لابد أن ندرك أن المهاجرين اليهود السوفييت قد حضروا لإسرائيل لتحقيق الحراك الاجتماعي، فهم صهاينة مرتزقة، غير ملتزمين بأية أيديولوجية. وقد شكَّلوا أكبر كتلة انتخابية في إسرائيل، ومع هذا يصعب التنبؤ بسلوكها الانتخابي، فكل ما يبغونه هو الحصول على جزء من الدخل القومي أو "الفطيرة القومية". ولذا صوَّت هؤلاء لحزب العمل، حينما وجدوا أن هذا في صالحهم، في الوقت الذي تنبأ فيه كثير من المحللين أنهم سيعززون قوى اليمين ومن يصوتوا لحزب ذي طابع اشتراكي. 
وقد حَمَّل هؤلاء المهاجرون حزب الليكود مسئولية التقصير في عملية استيعابهم ومسئولية وَقْف ضمانات القروض الأمريكية البالغ حجمها 10 مليارات دولار بسبب إصراره العقائدي (الذي لا ضرورة له من وجهة نظرهم) على مواصلة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تبديد الموارد التي يمكن أن تُوجَّه لخلق فرص عمل جديدة لهم. كما أكدت الاستطلاعات التي جرت بين الناخبين من اليهود السوفييت أن لديهم ارتياباً ورفضاً عميقين للأحزاب الدينية، ولذلك فقد رفضوا التصويت لها. كما وجدوا في جماهير حزب العمل فئة اجتماعية مماثلة لهم، فهم من الفئات المثقفة ذات الأصول الأوربية، على عكس جماهير حزب الليكود التي تضم أغلبية سفاردية وشرقية. ولكن حينما عرض عليهم الليكود الاشتراك في عملية إدارة المستوطن الصهيوني وإعطائهم جزء أكبر من الفطيرة القومية مقابل الاشتراك في حكومة ائتلافية تضم عناصر دينية كثيرة لم يترددوا في تغيير مواقفهم ونمط تصويتهم. 
ولعل من الأمثلة الطريفة على مدى "واقعية" و"عملية" الكتلة الانتخابية الروسية هو استطلاع في الرأي كانت نتيجته أن شارانسكي لم يحصل على أصوات كافية (بسبب أنه ملوث بالأيديولوجيا إلى حدٍّ ما) فلم يأتهم، على سبيل المثال، بالوظائف التي وعدهم بها، بينما حصل لابيرمان (مستشار نتنياهو المشهور بلقب «راسبوتين») بعدد كبير من الأصوات، كما حصل تسفي بن آرى (مليونير روسي مهاجر كان يُسمَّى جريجوري ليرنر) على عدد كبير آخر من الأصوات رغم أنه على علاقة بالجريمة المنظمة، كما اتُهم بتقديم الرشاوي وتُجرى معه التحقيقات بهذا الشأن ، ولكن هذا شأن سياسي لا يهم الصهاينة المرتزقة كثيراً. 
ومما يُلاحَظ أن 1% فقط من هؤلاء المرتزقة يعيش في الأرض المحتلة بعد عام 1967، ومع هذا فهم لهم ماضي إمبريالي ولذا فهم لا يمانعون في ضم الأراضي ولا يرون ضرورة للتنازل عنها (كما يقول إدوارد كوزينتسوف محرر جريدة يومية تصدر بالروسية في إسرائيل تُسمَّى فستي). كما أنهم يكرهون العرب بشكل غريزي، ربما بسبب عنصرية المجتمع الصهيوني المتأصلة، وما حملوه من "عداء للعرب"، الأمر الذي كان متفشياً بين العناصر الرجعية في المجتمع السوفيتي. 
وحتى مطلع عام 1996 لم يكن للمهاجرين الروسو حزب سياسي، ولكن المنبر الصهيوني كان ممثلهم الرئيسي. وكان رئيسه شارانسكي يعارض بشدة تأليف حزب للمهاجرين خشية الانعكاسات السلبية التي قد تعني تحويل المهاجرين إلى مجموعة عرْقية. ولكن الانقسامات الحزبية داخل النظام السياسي الإسرائيلي، علاوة على القوة الانتخابية الضخمة التي يشكلها المهاجرون الروس، دفعت شارانسكي إلى تحويل حركته السياسية إسرائيل بعالياه إلى حزب يحمل الاسم نفسه في 11 فبراير 1996. ويزعم شارانسكي أن حزب إسرائيل بعالياه حزب إسرائيلي بمعنى الكلمة، إذ يطالب بحل المشاكل التي تعاني منها غالبية الإسرائيليين ويطرح نفسه على أنه حزب وسط بين طرفي القوس السياسي (العمل والليكود) يبرز المسـائل غــير المختلفة بشــأنها، والتـي يمكنها توحيد الشعب، ومن ضمن هذه المسائل تحويل إسرائيل إلى مجمع للشتــات (بما في ذلك قيام اقتصاد ليبرالي قائم على التنافس يقوم باجتــذاب أعضــاء الجماعــات اليهــودية إلى الدولة الصهيونية). 
ويطالب الحزب بتعزيز شئون الهجرة والاستيعاب، ولذا يطالب بإصدار قانون يحدد حقوق المهاجر وواجباته ووضع الخطط اللازمة لذلك. ويرى الحزب أن استمرار الهجرة يشكل عاملاً سكانياً حاسماً في التخطيط الإستراتيجي الطويل الأمد. لكل هذا يؤكد الحزب كثيراً من المسلمات الصهيونية (إلغاء قانون العودة - حق الشعب اليهودي في كامل أرض إسرائيل - القدس الموحدة غير قابلة للتفاوض فهي عاصمة الدولة اليهودية - رفض قيام دولة فلسطينية). علاوة على هذا يرى الحزب ضرورة توسيع صلاحيات المجالس المحلية فيما يتعلق بإنفاق الأموال المخصصة للاستيعاب واستعمال ضمانات القروض التي قدمتها الولايات المتحدة في خدمة غرضها الأصلي المتمثلة في استيعاب المهاجرين. ويرى الحزب ضرورة إيجاد حل للمشكلات الصعبة المتعلقة بزيجات غير اليهود ودفنهم. 
ورغم كل الادعاءات الصهيونية الأولية فإن صهيونية المرتزقة تطل برأسها بكل صراحة وعنف في الجزء الثاني من برنامج الحزب، فحزب إسرائيل بعالياه حزب إثني في نهاية الأمر له مصالحه الروسية الخاصة. وكما قال شارانسكي نفسه: "قررنا إقامة حزب عندما اتضح أن الفصل بين المهاجرين والمجتمع يشتد. فحتى الناجحون بين المهاجرين يشعرون بأنهم ينتمون إلى أقلية مشبوهة وغير موالية، والنظرة إليهم سلبية. إن المهاجرين من روسيا تركوا دولة كانوا يشعرون فيها دائماً بأنهم ليسوا جزءاً من المجتمع. جاؤوا إلى هنا معتقدين أن هذا هو البيت. وفجأة أخذوا يشعرون بأنهم عبء. يُقال إنهم يجلبون الجريمة والدعارة، وعندما يديرون أعمالاً يكونون مرتبطين بالمافيا... المعادون للسامية في روسيا كانوا على الأقل يحترمون اليهود؛ إذ كانوا يقولون إن اليهود أذكياء. هنا تحوَّل مهاجرو روسيا إلى طفيليات». 
وبسبب اثنيـة الحـزب وروســيته نجد أن قائمــة مرشحــيه كادت تقتصر على ممثلي المهاجرين الروس، وكانت الدعاية الانتخابية في معظمها باللغة الروسية. وحصلت قائمة إسرائيل بعالياه على 174.928 صوت أتت لها بسبعة مقاعد في الكنيست. ولذا تُعَد سادس أكبر كتلة في الكنيست (بعد العمل والليكود وشاس والمفدال وميرتس، على الترتيب). ولابد أن يؤخذ في الاعتبارأن المهاجرين الروس لم يستنفذوا كامل طاقتهم في الانتخابات الأخيرة. 
فاعـد Vaad 
«فاعد» كلمة عبرية تعني «لجنة» وهي المنظمة المظلة التي تضم كل التنظيمات اليهودية في كومنولث الدول المستقلة (الاتحاد السوفيتي سابقاً) وقد تأسَّست عام 1989. وتضم المنظمة ما يزيد عن مائتي جماعة ثقافية. وفاعد عضو في المؤتمر اليهودي العالمي. وقد استمرت في الوجود بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. ومن أهم الشخصيات فيها وأحد مؤسسيها ميخائيل تشيلينوف. وتتعرض منظمة فاعد الآن للهجوم من فروعها في الجمهوريات السوفيتية السابقة إذ يطالبون بأن تكون فاعد أقل مركزية وأن تصبح تنظيماً كونفدرالياً. وهذا الانقسام داخل فاعد إن هو إلا صدى للانقسام الأكبر بين أعضاء كومنولث الدول المستقلة التي تتنازعها الرغبة في التحالف مع روسيا والاستقلال عنها. 
ميخائــيل تشــيلنوف (1938) – Mikhail Tschelenov 
عالم لغة سوفيتي يهودي، ومؤسِّس الحركة الثقافية اليهودية في موسكو في السبعينيات، والرئيس المناوب لمنظمة فاعد (المنظمة المظلة للمنظمات اليهودية في اتحاد دول الكومنولث المستقلة). ويمكن القول بأن تشيلينوف نموذج متبلور للمواطن الروسي اليهودي إذ يتبدَّى من خلاله كثير من خصائص هذا المواطن. 
يعمل تشيلينوف عالم لغة متخصص في الإثنوغرافيا، ولعله عَالم فيما يُسمَّى «اللغويات الإثنية»، وهو متخصص أساساً في قبائل الإسكيمو وشعوب المحيط الهادي في جزر إندونيسيا، كما أنه يجيد العبرية بل يُعَدُّ من أهم معلمي العبرية في روسيا. وهو حفيد واحد من أهم القادة الصهاينة الذين هاجروا إلى فلسطين واستوطنوا فيها، وهو يحيل تشيلينوف. وأم تشيلينوف ليست يهودية، وكذلك زوجته وابنه، والمؤسسة الدينية الأرثوذكسية داخل وخارج إسرائيل لا تعتبره يهودياً. ويبدو أن اهتمامه بالعبرية ليس له أي مضمون صهيوني وإنما هو اهتمام بالجذور الإثنية لشخصيته الروسية الثقافية (وهذه سمة مشتركة بين يهود الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فيهود أمريكا مولعون بشكلٍّ يكاد يكون مرضياً بالبحث عن جذورهم). 
ويعمل تشيلينوف رئيساً للجماعة اليهودية الثقافية في موسكو، أي أنه يسعى إلى بَعْث ثقافي لهويته الروسية اليهودية. وجماعته أول جماعة يهودية منظَّمة منذ الثورة وتضم آلاف الأتباع. ومجموعة اهتماماته هذه تضعه في مجابهة الصهيونية التي تهدف إلى تصفية الجماعات اليهودية في العالم وإلى تحويلها إلى وقود لآلة الاستيطان والحرب الصهيونية. ولذا، فليس من الغريب أن يصرح تشيلينوف أنه لا ينوي الهجرة إلى إسرائيل لأنه يعلم جيداً الجو السيئ في إسرائيل بشأن الزوجات غير اليهوديات، وأنه غير مستعد لإخضاع زوجته لهذه المعاملة. ثم أضاف أنه يرى أن الهجرة ليست سوى عنصر واحد للتعبير عن الهوية اليهودية (الروسية). ويمكن أن نضيف أن تخصُّص تشيلينوف في قبائل الإسكيمو يجعل هجرته مستحيلة، إذ أنه سيجد نفسه في إسرائيل بعيداً عن المادة التي يعمل عليها (وكم عدد علمـاء اللغـويات والإثنوغرافيـا الذين يستطيع المجتمع الإسرائيلي استيعابهم؟). ويمكن القول بأن تشيلينوف نموذج جيد لكثير من اليهود السوفييت. ومما يجدر ذكره أنه رغم أنه قد قرَّر عدم الهجرة إلا أنه يؤيد هجرة اليهود السوفييت بل ويشجعها، أي أنه صهيوني توطيني. وقد تعرَّض تشيلينوف لهجوم في الفترة الأخيرة إذ وُجِّه إليه الاتهام بأنه حوَّل فاعد إلى منظمة مركزية تتركز قيادتها في يده. 
نـاتـان شـارانسكي (1948) - Natan Sharansky 
رئيس حزب إسرائيل بعالياه ووزير الصناعة والتجارة في وزارة نتنياهو. اسمه الأصلي أناتولي ثم قام بعبرنته. وُلد في أوكرانيا ودرس الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في معهد الفيزياء التكنولوجية في موسكو. تقدَّم بطلب للحصول على تأشيرة هجرة إلى إسرائيل عام 1973. وقد قام شارانسكي بحملة إعلامية ضخمة للمطالبة بحق اليهود السوفييت في الهجرة إلى إسرائيل وكان يُشكِّل حلقة اتصال بين يهود الاتحاد السوفيتي الممنوعين من الهجرة والصحافة الغربية. وفي عام 1976 اتهمته جريدة أزفستيا بالتعاون مع المخابرات الأمريكية ثم قُبض عليه بتهمة الخيانة والجاسوسية وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة عشر عاماً. وأُفرج عنه في 11 فبراير عام 1986 وترك بلده في اليوم نفسه وهاجر إلى إسرائيل حيث أعلن أنه سيستمر في الكفاح من أجل حق يهود الاتحاد السوفيتي في الهجرة. 
ويذهب شارانسكي إلى أن يهود الاتحاد السوفيتي مندمجون تماماً في مجتمعهم وأنهم في طريقهم للاختفاء، ومن ثم فدعوته لمنح اليهود حق الهجرة ليس من أجل إنقاذهم وإنما من أجل خدمة مصلحة الدولة الصهيونية. ومع هذا، فمع الهجرة السوفيتية الجديدة في التسعينيات بدأ شارانسكي يوظف اندماجية هؤلاء المهاجرين وأنهم كتلة بشرية مستقلة لها مصالح مستقلة، ولذا انتهى به الأمر أن كوَّن حزباً سياسياً من المهاجرين الروس (وهو الأمر الذي تزامن مع تكوين حزب مغربي وآخر من الفلاشاه) يتجاوز المُثُل الصهيونية تماماً ليعبِّر عن مصالح المهاجرين الروس الذين لا يدينون بالولاء إلا لمصالحهم الخاصة.


الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الرابع: هجرة اليهود السوفييت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الرابع: اليهود والجـماعات اليهودية
» الباب الرابع: صهيونية غير اليهود العلمانية
» الجزء الرابع: عداء الأغيار الأزلي لليهود واليهودية الباب الأول: إشكالية معاداة اليهود
» الباب الثامن عشر: اليهود الجدد أو الأمريكيون اليهود في الوقت الحاضر
» الباب الرابع: الحسـيدية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: