منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة  Empty
مُساهمةموضوع: الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة    الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة  Emptyالخميس 13 فبراير 2014, 2:37 am

الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة 
الرفض الصهيوني لليهودية Zionist Rejection of Judaism 
تمت محاولات عدة لعلمنة اليهودية من الداخل من أهمها اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة، ثم تصاعدت حدة العلمنة في اليهودية التجديدية. والصهيونية، في تصوُّرنا، أهم الأيديولوجيات اليهودية في العصر الحديث التي أنجزت عملية العلمنة من الداخل. 
وموقف الصهيونية من اليهـودية يأخذ شـكلين مخـتلفين مرتبطــين: 
1 ـ رفض العقيدة اليهودية على أساس علماني صريح وبشكل جذري وواضح. 
2 ـ علمنة اليهودية من الداخل، أي صهينتها من خلال الحلولية الكمونية مع استيعاب المصطلح الديني. 
وسنتناول في هذا المدخل موقف الرفض الجذري والصريح لليهودية:
طرحت الصهيونية نفسها من البداية على أنها رؤية كاملة وشاملة للحياة اليهودية والتاريخ اليهودي والإنسان اليهودي وعلاقته بالطبيعة (الأرض) وبذاته (الهوية اليهودية) الخ، أي أنها طرحت نفسها كرؤية للكون. وقد أدركت الصهيونية هويتها، منذ البداية، باعتبارها حركة علمانية شاملة ترفض العقيدة اليهودية وترفض الإيمان بأية مطلقات أخلاقية أو دينية متجاوزة لعالم المادة والقوى السياسية والطبقية والصراعات الفكرية. والعنوان الفرعي لكتاب هرتزل دولة اليهود هو محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية (تماماً مثل المفكرين العنصريين الغربيين ولهلم مار وإيوجين دوهرنج اللذين كانا يصران على علمانية وعلمية رؤيتهم العنصرية لليهود واليهودية). ولنا أن نلاحظ أن مؤسسي الحركة الصهيونية الذين أتوا أساساً من مجتمعات وسط أوربا لم يعيروا اليهودية أي انتباه إلا باعتبارها مشكلة تبحث عن حل. بل إن بعضهم اعتبر العقيدة اليهودية نفسها مشكلة اليهود الحقيقية. وقد أظهر بعض زعماء الصهيونية عداءً واضحاً لليهودية، فتيودور هرتزل تعمَّد انتهاك العديد من الشعائر الدينية اليهودية حين قام بزيارة القدس، وذلك لكي يؤكد أن الرؤية الصهيونية رؤية لادينية. وكذا كان الوضع مع ماكس نوردو الذي كان يجهر بإلحاده، ويؤكد دائماً أن كتاب هرتزل دولة اليهود سيحل محل التوراة باعتباره كتاب اليهود المقدَّس. وقد اتخذ الصهاينة موقفاً لا دينياً من كثير من المفاهيم المحورية في العقيدة اليهودية.
ويمكن أن نأخذ أهم العناصر وهي الموقف من كلٍّ من الأرض والشعب وآلية عودة الشعب للأرض. 
1 ـ لم تكن صهيون (فلسطين) بالنسبة للصهاينة أرضاً ذات قداسة خاصة، مرتبطة بالخلاص، وإنما كانت مجرد أرض يُنقَل إليها اليهود لأسباب مادية علمانية. ولم يطالب هرتزل بالقدس وإنما طالب بالأرض العلمانية فقط (على حد قوله)؛ أرض صالحة للتقسيم والتوزيع والاستيطان حتى يمكن إقامة قاعدة يُجمَع فيها اليهود ليقوموا على خدمة من يتكفل بحمايتهم ودعمهم. 
2 ـ وقد تم أيضاً رفض مفهوم الشعب المختار أو الشعب المقدَّس. فالشعب المختار، حسب المفهوم الحاخامي، يشير إلى جماعة من المؤمنين يرتبط انتماؤهم إلى هذه الجماعة بمدى طاعتهم للإله. وقد أخذ الصهاينة موقفاً مغايراً تماماً، فنزعوا القداسة عن هذا الشعب ووجهوا سهام نقدهم إليه وإلى الشخصية اليهودية (الدينية) مستخدمين في نقدهم هذا مقولات تحليلية ونقدية وأنماطاً إدراكية استوردوها من كلاسيكيات الفكر العرقي الغربي، وخصوصاً أدبيات معاداة اليهود. ونقدهم في جوهره هو نقد الفكر التنويري للشخصية الدينية. وأعاد الصهاينة تعريف اليهود على أساس عرْقي أو إثني (مادي). ومن ثم، أصـبح اليهــود بالنسبة لهم شعباً مثل كل الشعوب، فهم مادة بشرية نافعة يمكن نقلها وتوظيفها لصالح من يدفع الثمن. 
3 ـ وبعد تحويل صهيون إلى مادة طبيعية (أرض للاستيطان) والشعب المختار إلى شعب مثل كل الشعوب (مادة استيطانية)، وجَّه الصهاينة سهام نقدهم لعقيدة الماشيَّح والعودة فوصفها هرتزل بأنها رؤية متخلفة، ووسمها بن جوريون بالسلبية وطرح بدلاً من ذلك فكرة العودة بقوة السلاح وبمساعدة القوى العظمى لتأسيس دولة يهودية. 
ويمكن القـول بأنه تم اسـتبعاد أي تجـاوز معرفي أو مطلقية أخلاقية، وتم تبنِّي الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية وما يتبعها من تمجيد لإرادة البقاء والقوة، وطُرحت الصيغة الصهيونية الأساسية التي تشكل العمود الفقري لكل الصهيونيات: شعب عضوي منبوذ نافع يُنقَل خارج أوربا ليُوظَّف لصالح الغرب، وهي صيغة علمانية كاملة لا تعترف بقداسة أرض أو إنسان ولا تعترف بأية أخلاقيات تضبط عملية العودة. وفي هذا الإطار، يمكن فَهْم مشاريع الاستيطان الصهيونية المختلفة خارج فلسطين (صهيونية دون صهيون)، فهي مشاريع استعمارية عادية، شأنها في هذا شأن أيِّ مشروع استعماري غربي يهدف إلى حل بعض المشاكل الاجتماعية التي ظهرت داخل التشكيل الحضاري السياسي الغربي عن طريق نقلها إلى آسيا وأفريقيا. فالمشكلة كانت المسألة اليهودية وكان حلها نَقْل اليهود إلى أي مكان في الأرض وتحويلهم إلى مستوطنين غربيين. 
وحتى بعد أن ظهرت الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة (توظيف اليهـود داخـل إطار الدولة الوظيفية التي تُؤسَّس في فلسطين)، ظل كثير من الصهاينة ينظرون لمشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين من خلال المنظور نفسه، أي باعتباره مشروعاً استعمارياً غربياً. وإذا كانت المنظومة العلمانية في العالم الغربي قد أخذت شكل تأسيس الدولة القومية العلمانية التي قامت بعلمنة المادة البشرية داخل نطاق الدولة وبترشيدها حتى يمكن توظيفها، ثم قامت بعد ذلك بتجييش الجيوش التي حقَّقت الانطلاقة الإمبريالية الغربية، فإن الاختلاف في حالة الصهيونية اختلاف فرعي، إذ تمت أولاً علمنة المادة البشرية اليهودية من خلال الدول القومية الغربية، ثم تم بعد ذلك نَقْل المادة البشرية بمعاونة القوى الإمبريالية الغربية، وتم أخيراً تأسيس الدولة اليهودية القومية العلمانية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التشكيل الإمبريالي الغربي، فالاختلاف لا ينصرف إلى الرؤية وإنما إلى ترتيب الخطوات.
ولا يزال هـذا التيار الصهـيوني العلمـاني الرافـض لليهودية قوياً، فمن المعروف أن الفكر الصهيوني كان يرفض استخدام اصطلاح «دولة يهودية»، فكتاب هرتزل يُسمَّى دولة اليهود لا «الدولة اليهودية». وكانت النية تتجه نحو استخدام اصطلاح «عبري» بدلاً من «يهودي»، ولذا كانت تتم الإشارة إلى «الدولة العبرية» وإلى «العبرانيين» (ولم يتم استخدام مصطلح «دولة يهودية» إلا في مراحل متأخرة). والصهاينة العلمانيون هم مؤسسوا المُستوطَن الصهيوني الحقيقيون، وهم صهاينة إلحاديون تماماً، وكان المستوطنون الأوائل ينظمون مسيرة كل عام للإعلان عن إلحادهم. وكان فريق منهم يحرصون على الذهاب إلى حائط المبكى في يوم الغفران (أكثر الأيام قداسة في التقويم الديني اليهودي) ويلتهمون ساندوتشات من لحم الخنزير تعبيراً عن رفضهم اليهودية. وقد توارت هذه الطفولية الثورية الرافضة إلى حدٍّ كبير، ولكن الإلحادية الصريحة ما تزال تُعلن عن نفسها. فلا يزال هناك صهاينة من أمثال شالوميت آلوني ويائيل ديان يحملون بغضاً عميقاً للعقيدة اليهودية والمؤسسة الدينية. بل إن الأولى كانت وزيرة للتربية في إسرائيل وكانت لا تكف عن التعبير عن احتقارها للتقاليد الدينية اليهودية. أما الثانية، وهي كاتبة روائية وابنة موشيه ديان، فكانت تصر دائماً على أن الملك داود كان مصاباً بالشذوذ الجنسي وأن علاقته مع يوناثان تدل على ذلك (وهناك مسرحية بهذا المعنى تُعرَض في إسرائيل). ولا تزال الكيبوتسات (العمود الفقري للمجتمع الإسرائيلي، وفي صفوفها تُجنَّد أعداد كبيرة من أعضاء النخبة الحاكمة) مؤسسات علمانية تماماً ترفض الاحتفال بالأعياد الدينية وتُطوِّر احتفالات خاصة بها، وتعيد تفسير كثير من النصوص الدينية والشعائر ليحل القومي الزمني محل الإلهي المتجاوز. ويصل هذا التيار إلى قمته فى حركة الكنعانيين الذين يرون العقيدة اليهودية انحرافاً عن الهوية العبرية السامية. وتُعَدُّ الدولة الصهـيونية من أكثر المجتـمعات إباحية واسـتهلاكية على وجــه الأرض، وكانت ستُطبَع فيها طبعة عبرية من مجلة بنت هاوس الإباحية وقد استُقبل محررها عند حائط المبكى احتفالاً بهذه المناسبة السعيدة. وتنتشر محلات الأشياء الإباحية في مدينة القدس وتُقام المسرحيات المهرطقة التي لا تعرف حرمة لأي شيء. 
أما الأحزاب الدينية، فهي أحزاب أقلية لا تمارس نفوذها إلا في رقعة ضيقة جداً من الحياة العامة في إسرائيل، وهي على كل أحـزاب تعبِّر عن يهودية تمت علمـنتها على يد الصهاينة (أي صهينتها)، ولذا فهي يهودية المظهر علمانية المخبر. وقد نجحت الصهيونية كذلك في تصعيد معدلات العلمنة بين يهود العالم بحيث حلت الصهيونية محل اليهودية، وأصبحت المشاعر الدينية تعبِّر عن نفسها من خلال التظاهر من أجل إسرائيل وتحرير الشيكات لها (انظر الباب المعنون «الصهيونية التوطينية»). وهنا لابد أن نثير قضية أساسية وهي أن النقد العربي العلماني الثوري لإسرائيل والصهيونية يستند إلى أُسس مادية واقتصادية وحسب، باعتبار أن الدولة الصهيونية تقوم باستغلال المواطن العربي. والسؤال هو: ماذا لو أصبحت إسرائيل مفيدة من الناحـية الاقتصادية والمــادية داخـل إطـار النظــام العالمي الجديد؟ ما أسـاس رفضها؟ ألا يُفسَّر ذلك سرّ اندفاع الكثيرين الآن نحو إسرائيل؟ 
ورغم أن الصـهيونية بدأت كحـركة علمانية صريحة في علمانيتها، إلا أنهــا لم تكن لتستـمر على هــذا المنوال للأسباب التالية: 
1 ـ من المعروف في تاريخ الحضارة الغربية الحديثة (ومتتالية العلمنة فيها) أن عمليـة العلمنـة لا يمكن أن تتم بشـكل واضح وصريح دفعـة واحدة، حتى لا تَفزَع الجماهير من وحشية النموذج المطروح (العالم باعتباره مادة استعمالية خالية من القيمة ومجرد من الغاية)، ولذا نجد أن الخطاب العلماني يتبنَّى ديباجات دينية في المرحلة الأولى (كما هو الحال مع فلسفة إسبينوزا والعقائد الربوبية) لترويج أفكار إلحادية الجوهر إيمانية المظهر. ثم تظهر تنويعات مختلفة على هذا إلى أن نصل إلى التعريفات العرْقية أو الإثنية الوثنية الصريحة. والصهيونية ولا شك، تنتمي إلى هذا النمط. 
2 ـ المنظومة العلمانية المادية ترفض فكرة غائية الكون وفكرة ثبات القيمة الأخلاقية ومطلقيتها. فالإنسان موجود في الكون بالصدفة دون هدف أو غاية، والأخلاق تتغير بتغير الزمان والمكان. وكل هذا يخلق ما يُسمَّى «أزمة المعنى». ولذا، فإن المنظومات العلمانية كثيراً ما تستورد مصطلحات ومفاهيم دينية دون أي التزام بالأعباء الأخلاقية المرتبطة بهذه المفاهيم، وذلك لحل مشكلة المعنى. فالجندي البريطاني الذي كان يقتل الأطفال في أدغال أفريقيا ويأتي على الأخضر واليابس، كان في حاجة إلى ما يبرر أفعاله الوحشية من خلال منظومة مريحة تخبره أنه يقتل دفاعاً عن الحضارة الغربية وأخلاق المحبة المسيحية وأن هذا هو عبء الرجل الأبيض. 
والصهيونية، أيضاً، حركة قامت باقتلاع مئات الألوف من اليهود من أوطانهم، ونقلتـهم إلى أرض معـادية داخل مجتمعـات تُكن لهم البغض. ولذا، لجأت الصهيونية للعقيدة اليهودية لتحل مشكلة المعنى للمادة البشرية المنقولة. 
3 ـ الصهيونية، شأنها شأن أية عقيدة سياسية، تود أن تكتسب شرعية، وأن تُجيِّش الجماهير وراءها. وقد كان هذا أمراً حتمياً بالنسبة للصهيونية، فقد كانت أيديولوجية نشأت في وسط أوربا بين مثقفين يهود غير يهود، مندمجين تماماً، تشربوا الثقافة الألمانية لا مجرد معجبين بها. أما الجماهير اليهودية، فقد كانت في شرق أوربا، وهي جماهير يهود اليديشية. وكانت قطاعات كبيرة منهم إما عميقة الإيمان بالدين أو على الأقل تربطها صلة وثيقة برموزه. ومن ثم، لم يكن هناك مفر من أن تستغل الصهيونية العقيدة اليهودية لتضفي على نفسها صبغة دينية، فلجأت إلى تبنِّي الرموز والأفكار الدينية المألوفة لدى هذه الجماهير بعد علمنتها، إذ أن أية صيغة صريحة في علمانيتها كانت ستفشل حتماً في تجنيدها. وهذا ما عبَّر عنه كلاتزكين حين قال: "إن الدين اليهودي يمكن أن يساهم في بلورة الروح القومية للشعب اليهودي". وقد كان نوردو وهرتزل يدركان أهمية العناصر الدينية في تجنيد الجماهير. ولذا، فعندما فكرا في اختيار العراق مكاناً للاستيطان، فكرا أيضاً في «العناصر الصوفية» المرتبطة به وفي إمكانية الاستفادة منها. ولقد استقر الأمر على فلسطين في نهاية الأمر بسبب عدة عوامل من بينها قوة الأسطورة، أي الاسم في حد ذاته، "ففلسطين هي صرخة عظيمة تجمع اليهود" على حد قول هرتزل. 
والصهيونية، في هذا، لا تختلف من قريب أو بعيد عن كثير من أيديولوجيات المستوطنين البيض أو النازيين (بل وكثير من أيديولوجيات القومية العلمانية). فالمستوطنون البيض في جنوب أفريقيا أصحاب أيديولوجية عرْقية بيولوجية حتمية تستبعد السود من نطاق ما هو إنساني وهو ما يتنافى تماماً مع العقيدة المسيحية. ومع هذا، فقد اسـتخدموا ديباجات مسـيحية لتسويغ كل أفعالهم، ومن ذلك إبادة الملايين، بل أسسوا كنيسة مسيحية تستبعد السود ولا تسمح لهم بالانضمام لها. وهذا أيضاً ما فعله النازيون الذين كانوا يؤمنون بأيديولوجية حلولية وثنية تماماً تحاول بَعْث التاريخ الألماني قبل دخول المسيحية في ألمانيا وقبل تغلغل أخلاق الضعفاء بين أعضاء الجنس الآري. ولكن النازية، مع هذا، أسَّست كنيسة مسيحية ألمانية بهدف اجتذاب الجماهير لهذه الأيديولوجية دون إفزاعها بالإلحاد الكامن والوثنية المتضمنة. 
لكل هذا، نجد أن الصيغة الصهيونية التي شاعت هي التي تدور في إطار الحلولية الكمونية العضوية والتي تستخدم ديباجات دينية أو شبه دينية رغم أنها لا يربطها بالدين أي رابط (وهي الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة المُهوَّدة).
المصادر العلمانية للفكر الصهيوني Secular Sources of Zionist Thought 
تظهر علمانية الصهيونية في مصادرها الفكرية المتنوعة والمتعددة والتي تنتمي كلها للأنساق الفكرية العلمانية الغربية. وقد عبَّرت المنظومة العلمانية عن نفسها من خلال ما نطلق عليه «الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية» التي ترى العالم بأسـره مادة نسـبية يمكن توظيفها لصالح الإنسان الغربي، وهذه هي الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، فهي صيغة تستند إلى رؤية إمبريالية (من الناحية المعرفية) تهدف إلى توظيف اليهود (والعرب) باعتبارهم مادة بشرية يمكن نَقْلها واستخدامها، كما تهدف إلى توظيف الطبيعة (الأرض أو فلسطين) باعتبارها مادة طبيعية، إذ لا قداسة ولا حرمة لأي شيء. أما من الناحية الأخلاقية، فإن الصهيونية ممارسة علمانية إمبريالية تقوم على العنف وإبادة السكان الأصليين أو طَرْدهم من أرضهم، وهي تستـعين بالإمـبريالية الغربية في تنفيذ مخططها، سواء في نَقْل اليهود من بـلادهــم أو في طَـرْد الفلسطينيين من وطنهم. 
ولكن، إلى جانب هذا الإطار الأساسي العام، تُوجد بعض الأفكار الغربية العلمانية المحددة التي تركت أثراً عميقاً في الفكر الصيهوني، كما شكلت مصادره الأساسية والمباشرة.
وفيما يلي المصادر الأساسية للفكر الصهيوني، وسنذكر بعد كل مصدر العناصر التي استقاها النسق الفكري الصهيوني منه، ثم نورد (بين قوسين) عنوان المدخل أو المداخل التي يجد فيها القارئ معالجة مستفيضة للموضوع. 
1 ـ الفكر الصهيوني الاسترجاعي ذو الديباجات المسيحية: عودة اليهود ـ فلسطين كمركز تجمُّع لهم ـ اليهود كشعب مختار منبوذ ـ توظيف الديباجات الدينية (انظر: «الأحلام والعقائد الألفية» ـ «العقيدة الاسترجاعية»). 
2 ـ فكر حركة الاستنارة: رفض سلبية الدين اليهودي وغيبيته ـ رفض خنوع الشخصية اليهودية ـ الإيمان بالتقدم وبأن اليهود حَمَلة التقدم للشرق ـ العودة لن تتم إلا من خلال التخطيط البشري (انظر الباب المعنون «الاستنارة اليهودية»). 
3 ـ فكر حركة معاداة الاستنارة: الرؤيـة العضويـة ـ أسبقية الأمـة على الـفرد (انظر: «الشعب العضـوي [فولك[ »). 
4 ـ الدولة المطلقة: الدولة هي القيمة المطلقة والقيمة الحاكمة في النسق الصهيوني وهي الإطار الذي ستُوظَّف من خلاله المادة البشرية المنقولة (انظر: «الدولة اليهودية» ـ «بعض الاختلافات الصهيونية بشأن الدولة الصهيونية»( .
5 ـ القومية العضوية أو الشعب العضوي: اليهود يكوِّنون شعباً عضوياً مرتبطاً بأرضه برابطة حلولية عضوية، فلابد أن يعود إليها. ويُلاحَظ أن الدولة القومية هي الإطار الذي يعبِّر الشعب العضوي من خلاله عن نفسه (انظر: «الشعب العضوي المنبوذ«). 
6 ـ الفكر العرْقي العلماني (وخصوصاً معاداة اليهود والفاشية والنازية): اعتماد العرْق والوراثة (لا الدين) مقياساً ـ تَفوُّق اليهود على العرب ـ الخضوع للعنصر اليهودي المتفوق (انظر الباب المعنون «العنصرية الصهيونية». وانظر أيضاً الباب المعنون «بعض إشكاليات الإبادة النازية ليهود أوربا»، والباب المعنون «إشكالية العزلة والخصوصية اليهودية»). 
7 ـ النيتشوية: اليهود كأمة متفوقة (سوبر أمة) ـ العنف كآلية حتمية للبقاء ـ رفض أخلاق الضعفاء (الدينية) واعتماد إرادة القوة باعتبارها المطلق الأخلاقي الوحيد (انظر: «النيتشوية والصهيونية»). 
8 ـ الداروينية أو التطورية: البقاء (المادي) هو القيمة الوحيدة المطلقة ـ سيحقق اليهود البقاء باعتبارهم العنصر الأصلح والأقوى ـ بقاء الشعب اليهودي هو الهدف من الوجود ـ اليهود أهم من اليهودية (انظر: «الداروينية الاجتماعية»). 
9 ـ الرومانسية: العودة للأرض كمطلق ـ عبادة الفعل الجسدي المباشر ـ كرامة العمل اليدوي (انظر الباب المعنون «الصهيونية العمالية»). 
10 ـ البرجماتية: اليهود أكثر حركية من العرب، ولذا فإن الأرض تصبح من حقهم، وعلى العرب الرضوخ للأمر الواقع (انظر: «هوراس كالن والبرجماتية»)
11 ـ النفعية أو نَفْع اليهود: اليهود كعنصر وظيفي استيطاني يمكن توظيفه ـ الدولة الصهيونية الوظيفية (انظر: «نَفْع اليهود» ـ انظر أيضاً الباب المعنون «الدولة الصهيونية الوظيفية»). 
12 ـ الليبرالية والرأسمالية: المشروع الصهيوني مشروع رأسمالي استعماري ـ المشروع الصهيوني سيصرف الشباب اليهودي عن الحركات الاشتراكية (انظر: «الصهيونية العامة» ـ «الصهيونية التصحيحية»). 
13 ـ الفكر الاشتراكي: المشروع الصهيوني مشروع اشتراكي تعاوني ـ إسرائيل دولة اشتراكية ستقوم بتثوير المنطقة ـ ستقوم الصهيونية بشفاء اليهود من أمراض الطفيلية (انظر: «الصهيونية العمالية»). 
وبإمكان القارئ أن يعود إلى الباب المعنون «إشكالية علاقة اليهودية بالصهيونية». 
الرؤية المعرفيـة العلمانية الإمبريالية والصهيونية 
Secular Imperialist Epistemological Outlook and Zionism 
ثمـة علاقة بنيوية بين الرؤيــة المعرفـية العلمانية الإمـبريالية والتشكيل الاستعـماري الغربـي من جهـة والصهيونية من جهة أخرى: 
1 ـ فالرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية منظومة تركز على هذه الدنيا فتراها في إطار الواحدية المادية وترى أن هدف الإنسان في الكون هزيمة الطبيعة والإنسان وحوسلتهما وتسخيرهما، وهي تقوم بترشيد الإنسان والمجتمع على هدي هذه المنظومة. وهذا ما فعلته الصهيونية بفلسطين، واليهود والعرب، فقد فرضت الواحدية المادية على فلسطين ورشَّدتها وحولتها من أرض مقدَّسة (صهيون) إلى مكان غير مقدَّس للاستيطان كما رشَّدت اليهود والعرب وحولتهم إلى مادة بشرية تُنقَل من مكان إلى آخر، فاليهود مادة استيطانية نافعة تُنقَل من أوربا إلى فلسطين، أما العرب فهم مادة بشرية لا نفع لها، ولذا فهي تُطرَد من فلسطين. 
2 ـ تستبعد الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية أي إيمان بأية حدود ويأخذ هذا شكل النزعة المشيحانية في الصهيونية وما يُسمَّى «دحيكات هاكتس»، أي «التعجيل بالنهاية». 
3 ـ الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية تجعل الإنسان الغربي مركز الكون وتُسبغ عليه محورية وقداسة ومطلقية فهو صاحب رسالة حضارية تُسمَّى عبء الرجل الأبيض. وهذا ما فعلته الصهيونية مع اليهود الذين تحولوا إلى شعب مختار بالمعنى المادي العلماني. 
4 ـ مركزية الإنسان تمنحه حقوقاً مطلقة وتجعله المرجعية الوحيدة. وهذا ما فعلته الصهيونية مع اليهود إذ جعلتهم شعباً عضوياً يرتبط ارتباطاً عضوياً بأرضه وتراثه وهو ما يعطيه حقوقاً مطلقة في هذه الأرض يمكنه بمقتضاها أن ينقل سكانها بعيداً عنها أو يوظفهم في خدمته، ثم يستورد إلى هذه الأرض من يشاء من البشر (المهاجرين السوفييت) ويمنع عنها من يشاء (الفلسطينيين العرب). 
5 ـ المنظومة العلمانية الإمبريالية تنكر الآخر وأىة منظومات قيمية أخلاقية إلا أخلاق القوة وهذا يتضح في النزعة النيتشوية القوية في الفكر الصهيوني (انظر: «النيتشوية والصهيونية» ـ «المصادر العلمانية للفكر الصهيوني»). 
6 ـ الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية مبنية على تصدير المشاكل للخارج بحيث يدفع بقية العالم فواتير التقدم الأوربي. والحل الصهيوني بهذا المعنى هو حل إمبريالي مبني على تصدير المسألة اليهودية إلى فلسطين لحل مشاكل أوربا وتوظيف العنصر البشري لصالحها. أما على المستوى السياسي فقد قامت الإمبريالية الغربية بتأسيس الدولة الصهيونية بحيث أصبحت قاعدة للاستعمار الغربي تدين له ببقائها وتقوم على خدمته فهي دولة وظيفية تابعة للإمبريالية الغربية.


الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثانى: الحلولية الكمونية الواحـدية والعلمانية الشاملة
» الباب الثانى: الجماعات الوظيفية والحلولية والعلمانية الشاملة
» الباب الخامس: الصهيونية التوطينية
» الجزء الخامس.. الباب الأول: أزمة الصهيونية
» الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: