منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  Empty
مُساهمةموضوع: الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971    الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  Emptyالخميس 26 ديسمبر 2013, 7:21 am

الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971 
بدايــــــة المرحلــــة اليديشــية (1880-1922) 
(The Beginning of the Yiddish Era (1880-1922 
أ) الفترة الأولى: الهجرة الكبرى (1880 - 1929): 
تغيَّرت السمات الأساسية للجماعة اليهودية في الولايات المتحدة لسببين: أحدهما خاص بحركيات المجتمع الأمريكي، والثاني خاص بالجماعـة نفسها. فبعـد المرحلة التجـارية الأولى مـن تاريخ الولايات المتحدة، وبعد أن حصلت الولايات المتحدة على استقلالها السياسي، وبعد أن نجحت جيوش الشمال في توحيد السوق القومية في الولايات المتحـدة وفتـح الجنـوب الزراعي للنشـاط التجاري والاستثمارات الصناعية، تزايدت حركة التصنيع فأقيمت في هذه الفترة شبكة المواصلات السريعة، من البواخر والقطارات والطرق، التي قربت بين أجزاء القارة الأمريكية كما قربت بينها وبين بقية العالم، الأمر الذي سهَّل عملية الانتقال والهجرة. ويُلاحَظ أن حركة الريادة والاستيطان نحو الغرب كانت قد وصلت إلى نهايتها، وهو ما يعني أن المناطق المتاخمة المفتوحة التي كانت مجالاً مفتوحاً للحراك الاجتماعي أصبحت مغلقة. وقد أدَّى اتساع السوق إلى أن الحرفيين لم يعودوا قادرين على إنتاج السلع التي تفي بحاجات المستهلكين المتزايدة، وبالتالي حلت المصانع الكبيرة محل الحرفيين في كثير من الصناعات القديمة. كما ظهرت صناعات جديدة مثل صناعة الصلب والسيارات وهي الصناعات التي غيَّرت وجه الولايـات المتحـدة. وأدَّى كل هـذا إلى ازدياد الحاجـة إلى عمال صناعيين، كما فتحت الأبواب للمهاجرين، ومنهم يهود اليديشية الذين جاءوا بالألوف من روســيا وبولنـدا وغيرهما من بلاد شرق أوربا، فانخرط المهاجرون اليهود في صفوف الطبقة العاملة. 
ثم شهدت هذه الفترة (بعد عام 1918) تحوُّل الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة إلى أهم تجمُّع يهودي في العالم على الإطلاق وثاني أكبر تجمُّع، بعد التجمُّع اليهودي في شرق أوربا. وقد زاد عدد اليهود من 280 ألفاً من مجموع سكان تعداده 50.155.000 عام 1880 إلى 4.500.000 من مجموع سكان تعداده 115.000.000عام 1925. وبلغ عدد المهاجرين 2.378.000 بين عامي 1880 و1925، وكانت أعوام الذروة هي أعوام 1904 ـ 1908 حينما وصل 642 ألف يهودي معظمهم من شرق أوربا. وقد أثبتت الولايات المتحدة أنها أكثر جاذبية من فلسطـين بالنســبة لليهـود. ولذا، فهي بحق البلد الذهبي (باليديشـية: جولدن مدينا) الذي يهرول إليه المهاجرون بدلاً من إرتس يسرائيل وأرض الميعاد. 
وكانت نسبة العائدين إلى أوربا من أعضاء الجماعة هي النسبة الأقل بين مجموعات المهاجرين، باستثناء الأيرلنديين. ففي عام 1880، بلغت النسبة 25%، وانخفضت إلى 8% عام 1908، ثم وصلت إلى الصفر تقريباً عام 1919. وكان عمر المهاجرين بين 15 و40 سنة، أي أن معظمهم كان قادراً على العمل والإنجاب، كما أن نسبة الرجال إلى النساء كانت متعادلة وهو ما يدل على أن المهاجرين قد هاجروا بنية الاسـتقرار وليـس لتحقيق ثروة صغيرة يعودون بعدها إلى أوطانهم الأصلية. وقد استقر المهاجرون في كل المدن، في معظم الولايات والمناطق، فبلغ عدد المهاجرين اليهود في ولاية نيويورك عام 1918 نحو 1.603.923، وفي ولاية ماساشوسيتس 189.671 نسمة، وفي ولاية نيوجرسي 149.476نسمة، وفي ولاية بنسـلفانيا 322.406 نســمة، وفي ولايـة أوهــايو 166.361نسمة، وفي ولاية كاليفورنيا 63.562 نسمـة. 
وشهدت هذه الفترة تحوُّل بعض أعضاء الأرستقراطية الألمانية اليهودية من التجارة إلى المهن، فاشتغلوا بالقضاء والسياسة والأعمال المصرفية والمالية (مثل عائلتي كون ووربرج) والنشر والطب والوظائف المتصلة بالبحوث العلمية والأدب والمهن الأكاديمية. وكان هذا التحول يعني تحرر أعضاء الجماعة اليهودية تدريجياً من ميراثهم الاقتصادي الأوربي وتَزايُد اندماجهم في المجتمع الأمريكي. وظهر بينهم رعاة للفنون مثل أسرة جوجينهايم. ويُلاحَظ أنه لم يكن يوجد سوى عدد قليل من اليهود في الشركات الكبرى التي سيطرت على الصناعات الثقيلة إذ تركَّز اليهود في صناعات استهلاكية هامشية مثل صناعة السينما التي سيطر عليها وليام فوكس ولويس ماير والإخوة وارنر. 
وفيما يتصل بالمهاجرين من شرق أوربا، وهم الذين نطلق عليهم «يهود اليديشية»، فقد انضموا إلى صفوف الطبقة العاملة، وخصوصاً في مصانع الملابس الصغيرة التي كانت تُسمَّى «ورش العرق»، والتي كانت تُقام في مكان ضيق قذر توضع فيه بعض ماكينات الخياطة البدائية ويقطن فيه صاحب المصنع وزوجته. وكان أصحاب هذه الورش من يهود شرق أوربا، نظراً لأنها لا تحتاج إلى رأسمال كبير ولا إلى خبرة غير عادية. كما كان بوسع أصحاب العمل استغلال العمالة اليهودية المهاجرة الرخيصة فيها، وخصوصاً أن يهود شرق أوربا كانوا مركزين أساساً في حرفة الخياطة في بلادهم الأصلية. وقد كان عدد العمال في كل ورشة لا يزيد في بعض الأحيان على خمسة يعملون مدة ست عشرة ساعة يومياً. وكان المموِّلون من أعضاء الجماعة اليهودية من أصل ألماني يمتلكون أيضاً ورش العرق، وخصوصاً بعد أن حققوا ثروات ضخمة من الحرب الأهلية. وقد ظلوا أغلبية الملاك حتى عام 1914 حين زاد عدد صغار المموِّلين من شرق أوربا على عددهم من الألمان. وبلغ عدد العاملين في هذه الصناعة عام 1913 ثلاثمائة ألف يهودي. وقد نظمت هذه الطبقة العمالية نفسها على هيئة نقابات عمال في الفترة 1909 ـ 1916، وهي الفترة التي شهدت تحوُّل الورش إلى مصانع كبيرة وظهور الوعي العمالي والحركة النقابية في الولايات المتحدة. وقد عمل كثير من يهود شرق أوربا في صناعة الإبر ولف التبغ وصناعة البناء (نجارين ونقاشين)، وعملوا تجاراً صغاراً وبقَّالين. وكل هذا يدل على أن ميراثهم الاقتصادي الأوربي كان لا يزال يحدد اختياراتهم وأن عملية الأمركة كانت لا تزال في بداية الطريق بالنسبة إليهم. ولكن يجب أن نشير إلى أنه لم تكن تُوجَد أية قوانين في الولايات المتحدة ترغم أعضاء الجماعة اليهودية على الاضطلاع بوظائف معينة، فقد كان اليهود يتركزون في صناعات دون غيرها، وفي مهن أو حرف دون أخرى، لا بسبب أي قسر خارجي وإنما بسبب طبيعة الخبرات التي حملوها من بلادهم ومقدار رأس المال الذي جلبوه معهم، ونوعية الكفاءات والخبرات التي يحتاج إليها المجتمع الجديد. كما يُلاحَظ أن ميراثهم الاقتصادي كان يثقل كاهل المهاجرين الجدد من شرق أوربا وحسب. أما أعضاء الجماعة اليهودية من أصل ألماني، فقد اغتنموا كل الفرص التي أتاحها لهم المجتمع الأمريكي ووصلوا إلى أعلى شرائحه واشتغلوا بجميع المهن. وقد لحق بهم أبناء يهود شرق أوربا بعد جيلين حين انتهت فعالية الميراث الاقتصادي مع انتهاء موجات الهجرة.
أما من الناحية الثقافية، فيُلاحَظ أن اليديشية كانت لغة الشـارع الروسـي البولندي ثم صارت لغـة المهاجرين في الشارع الأمريكي، ومن هنا كان استمرارها. ولذا، ظهرت ثقافة يديشية علمانية شجعتها الحركة العمالية، وظهر أدب يديشي وجرائد يديشية توزِّع نحو 500 ـ 600 ألف نسخة في اليوم، وكذلك العديد من المجلات، كما ظهرت سينما يديشية. ووصلت الثقافة اليديشية الذروة في أوائل القرن واستمرت حتى بداية العشرينيات، تماماً كما كان الأمر في الاتحاد السوفيتي. فكان يوجد مسرح يديشي في نيويورك وسبعة عشر خارجها قدمت خمساً وثمانين مسرحية خلال شهر واحد (عام 1927). ووصل نظام التعليم اليديشي إلى ذروته أيضاً إذ كان عدد الطلبة المسجلين فيه اثنى عشر ألفاً. ولكن إسحق بشيفس سنجر، أكبر كُتَّاب اليديشية، لاحظ أن لغة يهود شرق أوربا أصبحت في الولايات المتحدة دون جذور، ولذا فقد كُتب عليها أن تموت. 
وكان تَوجُّه الجيب اليديشي معادياً للصهيونية، كما أن ولاءه كان للثقافة اليديشية وليس للدين اليهودي أو اللغة العبرية. وكان هذا الجيب يضم ملحدين وثوريين ومفكرين وفوضويين، كما كان يضم بعض المتدينين. ويُلاحَظ أن العلاقات بين القيادة الألمانية الأرستقراطية والجماهير اليديشية لم تكن حميمة، كما أن العمال اليهود ذوي الأصل الأمريكي، المتركزين في صناعات معيَّنة مثل صناعة السيجار، وكذلك الخياطين المهرة، كانوا يبدون عداءً واضحاً للمهاجرين، نظراً لما كانوا يعتبرونه انعزالية وتخلُّفاً وثورية. وقد نحت اليهود الألمان كلمة «كايك» العنصرية وكذا كلمة «شيني»، للإشارة إلى يهود شرق أوربا، كما كانوا يتهمونهم بأنهم « آسيويون» (وهو الاتهام الآري التقليدي الذي كان يوجَّه لليهود) وأنهم يضمون في صفوفهم عدداً كبيراً من الثوريين والفوضويين، وأن لغتهم لغة الخنازير (وهو ما يدل على أن أعضاء الجماعة اليهودية من أصل ألماني كانوا ألماناً حتى النخاع). 
وتَجمَّع أعضاء الجماعة من المهاجرين على هيئة جماعات صغيرة تعيش في حي واحد داخل المدن، شأنها في هذا شأن مختلف جماعات المهاجرين، وكان الحي الشرقي الأسفل «لوار إيست سايد Lower East Side» في نيويورك أكبر هذه الأحياء وكان يضم ثلاثمائة وخمسين ألف يهودي عام 1915 في مساحة لا تتجاوز ميلين مربعين، فانتشرت بينهم الجريمة وبخاصة بغاء الفتيات. كما ظهرت مافيا يهودية ازدهرت في الثلاثينيات، لم يُقض عليها إلا في أواخر الأربعينيـات، وتخصَّصت في عمليـات الاغتيال لحساب العصابات الأخرى. وعندما كانت أحوال اليهودي المالية تتحسن، فإنه عادةً ما كان يترك مثل هذه الأحياء وينتقل إلى أحياء أكثر جاذبية. 
ومن أهم الأطر التنظيمية ما يُعرَف باسم «روابط المهاجرين» (اللاندز مانشافتين) التي كانت تضم اليهود الذين جاءوا من بلد أو موطن واحد، حيث لعبت دور المؤسسة الاجتماعية الوسيطة التي وفرت للمهاجرين شيئاً من الطمأنينة والدفء في المجتمع الرأسمالي الجديد، والتي قدمت لهم خدمات أخرى مثل إجراءات الدفن والمساهمة في نفقات الجنازات وغيرها من الطوارئ. وكانت هذه الجماعات مرتبطة عادة بدوائر العمال (أربيتر رنج) التي ترعى مصالحهم الاجتماعية. وكان 74% من المهاجرين اليهود يعرفون القراءة والكتابة، مقابل 64% من البولنديين و46% من الإيطاليين، الأمر الذي جعلهم واعين بأهمية التعليم باعتباره واحداً من أهم وسائل الحراك الاجتماعي في العصر الحديث، فأرسلوا أولادهم إلى المدارس، وهو ما سارع بعملية اندماجهم في المجتمع. 
ولكن تكوين المهاجرين الثقافي كان، مع هذا، ضحلاً. فمعظمهم كانوا من أبناء الطبقة الوسطى الصغيرة، أو العمال الذين لم يتلقوا أي تعليم ديني أو علماني. وقد كانوا يعرفون قدراً ما من شعائر الدين اليهودي وبعض التحريمات. ولكنهم لم يكن لديهم لا الوقت ولا الرغبة في ارتياد المدارس الدينية أو ممارسة الشعائر الدينية المختلفة، فتخلوا عن إقامة شعائر دينهم. ومع هذا، كان الاحتفال ببلوغ سن التكليف الديني (برمتسفاه) يُعَد أمراً مهماً جداً بالنسبة لهم، وهو ما كان يدل على أن اليهودية بدأت تتحول، بالنسبة لعدد كبير منهم، من انتماء ديني إلى انتماء إثني. وكانت أعداد كبيرة من اليهود تعيش منعزلة في مناطق تخومية تجعل الحياة الأرثوذكسية أمراً صعباً للغاية لأن الحصول على الطعام الشرعي كان شبه مستحيل. وكثيراً ما كان اليهودي يحصل على طعامه من الحيوانات التي يصيدها غير اليهود ودون أن يذبحوها على الطريقة الشرعية. 
وأخذت اليهودية الإصلاحية في الانتشار بين أعضاء الجماعة اليهودية من أصل ألماني، فأُسِّس المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين عام 1889. أما المهاجرون من شرق أوربا، فقد أحضروا اليهودية الأرثوذكسية معهم رغم عدم اهتمامهم بالدين. وكانت الأرثوذكسية منتشرة بين الحرفيين اليهود، وخصوصاً الخياطين. وتأسست مؤسسات اليهودية الأرثوذكسية في هـذه الفـترة، من بينها اتحاد الأبرشـيات الأرثوذكسية عام 1898، واتحاد الحاخامات الأرثوذكس اليهودية في الولايات المتحدة وكندا عام 1902، ومجلس أمريكا الحاخامي عام 1913. وبدأ يظهر قطاع جديد من المهاجرين الذين تمت علمنتهم، وبالتالي صَعُب عليهم الاسـتمرار في الشـعائر الأرثوذكسية. ولكن الصبغة الإصلاحية كانت صبغة متطرفة من وجهة نظرهم. ولسد حاجة هؤلاء، ظهرت اليهودية المحافظة كمحطة في منتصف الطريق احتفظت بالمطلقية الدينية وخلعتها على الإثنية اليهودية، كما احتفظت بكثير من الرموز الإثنية. وقد تم تأسيس أهم المؤسسات اليهودية المحافظة التعليمية في هذه الفترة أيضاً، من بينها الكلية اللاهوتية اليهودية عام 1886، وجمعية الحاخامات الأمريكيين عام 1900، ومعبد أمريكا الموحَّد عام 1913 (وهو يضم الأبرشيات المحافظة). وتبدَّى الصراع الإثني بين الألمان ويهود شرق أوربا في شكل صراع ديني بين الأرثوذكسية من جهة واليهودية الإصلاحية ثم المحافظة من جهة أخرى. وفي السنين الأخيرة من هذه الفترة، بدأت تظهر علامات الكساد الاقتصادي، فألقت جماهير العاطلين باللوم على القوى الخارجية، وسادت النظريات والمواقف العرْقية تجاه السود، والمهاجرين الآسيويين واليهود بدرجة أقل. 
ولكن، يُلاحَظ أن نمط حياة المهاجرين كان يخضع لتطورات عميقة إذ أن أسلوب حياة أبنائهم كان يختلف بشكل جوهري عن حياتهم هم أنفسهم، لأنهم حققوا معدلات عالية من الاندماج الاقتصادي والثقافي بسبب تزايد فرص التعليم أمامهم في المدارس الأمريكية العامة. ولكل هذا، انخفضت عضوية اتحادات النقابات اليهودية إلى النصف في العشرينيات، كما اضمحلت الصحافة اليديشية والمسرح والأدب اليديشيان لأن الأبناء كانوا يتحدثون الإنجليزية ولا يعرفون اليديشية أو يعرفونها ولا يتحدثون بها، كما أنهم كانوا لا يكترثون البتة بروابط المهاجرين، ولم يُكتب لعالم المهاجرين البقاء حتى منتصف العشرينيات إلا بسبب وصول أفواج المهاجرين الجدد. ولذا، فمع فرض نظام النصاب على الهجرة (قانون جونسون) عام 1925، بدأ هذا العالم في الاختفاء بحيث تحوَّل إلى مجرد أثر وذكرى عام 1940. وقد ساهم القانون آنف الذكر في التعجيل بتحويل أعضاء الجماعة اليهودية من جماعة أغلب أعضائها من المهاجرين إلى جماعة معظم أعضائها وُلدوا في أمريكا وتشربوا ثقافتها. واقتصر التعليم اليهودي تقريباً على مدارس الأحد، وأخذت مدارس اليديشية في الاختفاء التدريجي. ولذا، يُلاحَظ أنه، مع نهاية الفترة، ظهرت بعض التحولات الراديكالية في البناء الوظيفي وأسلوب الحياة الخاص بأعضاء الجماعة، فبدأت أعداد كبيرة منهـم تترك أحياء المهاجرين لتستـوطن في أحيـاء حضريـة أكثر ثراء، وبدأوا يتحوَّلون عن وظائف المهاجرين إلى وظائف تجارية وكتابية ومهنية
وبدأ أبناء المهاجرين الذين تخرجوا في المدارس الحكومية والكليات يعملـون في مهـن القانون والطب البشري وطب الأسـنان والتدريس. وكان الاتجاه الأكبر نحو الأعمال الصغيرة المستقلة والوظائف الكتابية الإدارية، وظائف الياقة البيضاء. وتناقص عدد أعضاء الجماعة اليهودية فيما يُسمَّى «الحرف اليهودية»، وخصوصاً صناعة الملابس. ومع حلول عام 1930، كان أعضاء الجماعة اليهودية يشكلون خمسي نقابات عمال صناعات الملابس وحسب بعد أن كانوا يشكلون الأغلبية العظمى من أعضائها، أي أن المهاجرين اليهود نفضوا عن كاهلهم ميراثهم الاقتصادي والوظيفي الأوربي بحيث تحوَّلوا من مجرد يهود متأمركين إلى أمريكيين يهود ومن أعضاء في جماعة وظيفية يهودية إلى أعضاء في الطبقة المتوسطة الأمريكية. وظل إسهام يهود أمريكا الثقافي والفكري ضعيفاً في بداية هذه الفترة. ولكن، مع نهايتها، ومع تزايد معدلات الاندماج والأمركة، بدأ يظهر أدباء أمريكيون أحرزوا شهرة محلية وعالمية، مثل جرترود شتاين، وناشرون مثل نوبف، وكثير من المخرجين السينمائيين. 
ولم تكن الجماعة اليهودية متجانسة حضارياً أو دينياً أو سياسياً. لذا، كانت تتنازعها عدة أيديولوجيات وانتماءات. وقد أشرنا من قبل إلى الصراع الديني بين الأرثوذكس وغيرهم، ثم كان هناك الصراع بين أعضاء الجماعة اليهودية من أصل ألماني ويهود اليديشية، والصراع بين الأقلية الصهيونية والأغلبية المعادية للصهيونية أو غير المكترثة بها، والصراع بين دعاة الاندماج والذوبان ودعاة قومية الدياسبورا (أي الاستقلال الثقافي للجماعات اليهودية)، والصراع بين الاشتراكيين من بقايا البوند والشيوعيين والفوضويين من جهة ودعاة الفلسفات السياسية الليبرالية المحافظة من جهة أخرى. هذا غير عشرات الصراعات الجانبية الأخرى. 
وشـهدت هـذه الفترة بداية ظهـور الهيكـل التنظيمي لأعضاء الجماعة اليهودية، وكان أولها لجان مساعدة المهاجرين وغوثهم مثل منظمة هياس (جمعية مساعدة المهاجرين العبريين) عام 1884، وهادساه (المجلس القومي للنساء اليهوديات) عام 1893. وقد تم تأسيس المنظمة الصهيونية في الولايات المتحدة عام 1897، ولكنها كانت منظمة صغيرة لا تمثل سوى أعضائها الذين كان معظمهم من أصول شرق أوربية، بينما ساد التيار الاندماجي بين اليهود الألمان، كما ظهر تيار صهيوني قوي ذو ديباجة مسيحية في صفوف أعضاء الكنائس البروتستانتية المتطرفة. 
كما أن التوسع الإمبريالي للولايات المتحدة، وبداية تطلُّعها لدور عالمي، مع الحرب العالمية الأولى، صاحبه ظهور نزعات صهيونية بين أعضاء النخبة، ومن هنا كان تأييد حكومة الولايات المتحدة لوعد بلفور رغم هزال المنظمة الصهيونية. وقد انعكس الصراع بين اليهود من أصل ألماني واليهود من أصل شرق أوربي في داخل الهيكل التنظيمي لأعضاء الجماعة. فأسست القيادة اليهودية الألمانية عام 1906 اللجنة اليهودية الأمريكية التي ضمت بعض أعضاء النخبة الألمانية من رجال البنوك وكبار التجار والمحامين، وأعضاء من القيادة السياسية. وبطبيعة الحال لم تكن عضوية اللجنة مفتوحة، للجميع. ورداً على تأسيس اللجنة، قامت العناصر الشرق أوربية بتأسيس المؤتمر الأمريكي اليهودي عام 1917. وإلى جانب ذلك، تم تأسيس جمعيات أخرى مثل لجنة التوزيع المشتركة عام 1914.
نهاية المرحلة اليديشية وظهور اليهـود الأمريكيين (1929-1945) 
(The End of the Yiddish Era and the Emergence of American Jews (1929-1945 
كانت الولايات المتحدة، حتى ذلك التاريخ، حبيسة وضعها الجغرافي منغلقة على نفسها (وإن كان نفوذها قد امتد إلى أمريكا اللاتينية والفلبين)، ولذا لم تكن قد أدركت بعد دورها كقائد للعالم الغربي وللتشكيل الإمبريالي الغربي. ولكنها كانت مرحلة حضانة أخيرة للرأسمـالية الأمريكيـة، خرجـت بعدها عملاقاً اكتسح الجميع. 
بدأت هذه المرحلة بالكساد الأمريكي الذي غيَّر حياة كثير من الأمريكيين، وأثَّر في بنية المجتمع الأمريكي إذ تعطَّل كثير من العمال وأفلس ألوف من صغار رجال الأعمال. وقد تغيَّر الهيكل الوظيفي لأعضاء الجماعة اليهودية بشكل واضح، فلم يَعُد هناك أي يهود تقريباً يعملون في الزراعة أو الحرف اليدوية، ولم تكن تُوجَد سوى أعداد قليلة من اليهود في الصناعات الثقيلة سواء بين أصحاب العمل أو العمال. وتركَّز الأثرياء من أعضاء الجماعة اليهودية أساساً كسماسرة في البورصة والسينما، وفي أشكال الترفيه الأخرى، وفي بيع العقارات وتجارة التجزئة. أما الطبقة الوسطى اليهودية، فازداد تركُّزها في المهن والأعمال التجارية الصغيرة ووظائف الياقات البيضاء. ويذهب بعض الدارسين إلى أن هذا يعني أن الجماعة اليهودية بدأت تلعب مرة أخرى دور الجماعة الوظيفية الوسيطة، وإن كان السياق قد اختلف، وإلى أن اختلاف الشكل مجرد تعبير عن اختلاف السياق. 
تزايد عدد الشباب من أعضاء الجماعة اليهودية الذي يذهب إلى الجامعات الحكومية أو الخاصة. ففي نيويورك، كان 49% من مجموع طلبة الجامعات يهوداً، وبلغ عدد الطلبة اليهود في مختلف الجامعات الأمريكية مائة وخمسة آلاف، أي 9% من عدد الطلبة. ويُعَدُّ توجُّه الطلبة عند تخرُّجهم نحو الأعمال التجارية والمهن مؤشراً جيداً على التحولات التي بدأت تحدث في هذه المرحلة والتي بدأت تصوغ الهيكل الوظيفي لليهود بما يتفق مع وضعهم في المجتمع الأمريكي. وتراجعت اللغة اليديشية حتى اختفت تقريباً فاختفت الصحافة اليديشية اليومية وبقيت ثلاث مجلات أسبوعية لا يزيد توزيعها على اثنين وعشرين ألف نسخة معظم قرائها من كبار السن. وبدلاً من كونها لغة الشارع اليهودي الأمريكي، أصبحت لغة الشارع في وليامزبرج وهو الحي اليهودي الأرثوذكسي، حيث كانت لغة ثانية إلى جانب الإنجليزية. واختفى الأدب اليديشي، بل إن بعض أدباء اليديشية بدأ يكتب بالإنجليزية ويترجم أعماله إليها. 
وفي العشرينيات، كانت أبواب الهجرة موصدة دون اليهود وغيرهم من المهاجرين ثم أُقفل بابها تماماً عام 1924. ولذلك، لم يزد عدد المهاجرين، من عام 1933 حتى عام 1937، على ثلاثة وثلاثين ألفاً. ومع تدهور الموقف في ألمانيا، ارتفع العدد إلى 124 ألفاً في الفترة بين 1938 و1941. وكان مجمـوع المهـاجرين في الفترة من 1933 إلى 1945، أي مدة اثنى عشر عاماً، نحو 174.678 فقط معظمهم من ألمانيا والأراضي التي احتلتها. كان خُمس هؤلاء من المهاجرين المهنيين ونصفهم من الرأسماليين، وكان عدد كبير منهم من الشخصيات البارزة ثقافياً، مثل أينشتاين وحنا أرندت وأوبنهايمر، وقد لعبوا دوراً ملحوظاً في الحركات السياسية اليسارية والثورية وكذلك في البحوث العلمية. 
وبدأ أعضاء الجماعة اليهودية في هذه المرحلة يفقدون كثيراً من تنوعهم، ويكتسبون شيئاً من التجانس، إذ أصبح أعضاء الجماعة اليهودية مواطنين أمريكيين اكتسبوا هوية أمريكية واضحة يتحدث معظمهم الإنجليزية ويذهب أولادهـم إلى معاهـد تعليم أمريكية يسـتوعبون فيهـا القيم الأمريكية. بل يبدو أن الجماعة اليهودية المهاجرة كانت أسرع الجماعات المهاجرة تخلياً عن تراثها الثقافي ومنه اللغة، وفي التأمرك، وفي تبنِّي لغة المجتمع الجديد. وكان المدرسون من أعضاء الجماعة اليهودية من أنشط دعاة تعليم الإنجليزية للمهاجرين. وبدأت تنظيمات المهاجرين تتحول إلى بقايا أثرية. ولهذا، نجد أن أعضاء الجماعة اليهودية بدأوا يلعبون دوراً في الحياة السياسية. وقد وجدوا أن الحزب الديموقراطي هو الإطار الأمثل للتعبير عن مصالحهم، شأنهم في هذا شأن معظم المهاجرين والأقليات، فانضموا إليه بأعداد كبيرة. وهذه سمة جديدة ظلت لصيقة بالسلوك السياسي لأعضاء الجماعة اليهودية حتى الوقت الحالي. فقد أعطى ما بين 85 و90% من اليهود أصواتهم لروزفلت في الفترة 1933 ـ 1945. وبدأ أعضاء الجماعة يحققون بروزاً في الحياة الأمريكية، فكان منهم أحد الوزراء وثلاثة قضاة في المحكمة العليا، وأربعة حكام ولايات ومئات من كبار الموظفين الموجودين على مقربة من صانع القرار. ويُلاحَظ أيضاً أن عدداً كبيراً من أعضاء الجماعة اليهودية كان يوجد في صفوف الأحزاب الثورية. وكما قيل، فإن 50% من أعضاء الحزب الشيوعي كانوا من اليهود، كما أن كثيراً من أعضاء المؤسسة الثقافية اليسارية كانوا، في فترة الثلاثينيات، من اليهود. وهذه سمة استمرت أيضاً لصيقة باليهود حتى الستينيات، وأخذت بعدها في الاختفاء. 
ومع تزايد معدلات الاندماج، زاد ابتعاد أعضاء الجماعة عن العقيدة اليهودية ومؤسساتها، فتناقص عدد اليهود الذين يذهبون إلى المعبد. وتزايد نفوذ اليهودية الإصلاحية والمحافظة، وتراجع نفوذ الأرثوذكس مع ضعف مؤسسات المهاجرين وانخراطهم في صفوف المجتمع الأمريكي. وشهدت هذه المرحلة ظهوراً متزايداً للمنظمات التي تقوم بجمع التبرعات من اليهود بشكل منتظم لصالح الجماعة اليهودية ثم لصالح إسرائيل. ومن أهم هذه التنظيمات جماعة النداء اليهودي الموحَّد عام 1939، وتأسَّس مجلس يهودي عام لمنظمات الدفاع اليهودية الذي أصبح اسمه (عام 1941) المجلس القومي الاستشاري لعلاقات الجماعة اليهودية (بالإنجليزية: ناشيونال كوميونتي ريلشنز أدفيسوري كاونسيل National Community Relations Advisory Council). وقد بلغ عدد أعضاء الجماعة اليهودية في هذه المرحلة خمسة ملايين حسب بعض التقديرات، المُبالغ فيها، من مجموع السكان البالغ مائة وأربعين مليوناً، وقد ترك الكساد أثره العميق في الأطر التنظيمية لليهود إذ أن الضائقة المالية تركت كثيراً من مؤسسات الرفاه الاجتماعي اليهودي دون ميزانيات كافية. وظهر عجز المنظمات أيضاً وفشلها في أن تقوم بدور فعال لمساعدة يهود ألمانيا أو حتى فتح باب الهجرة أمامهم. 
ويمكن القول بأن حرب أعضاء الجماعة اليهودية في أمريكا ضد النازية لم تكن حرباً يهودية خاصة، فقد ظلوا بمعزل عن الأحداث ولم يساهموا كثيراً في مقاطعة البضائع الألمانية، بل إن أحد زعماء الجماعة، ستيفن وايز، ساهم في إفشال الجهود الرامية إلى تنظيم المقاطعة بإيعاز من الصهاينة. ولكن إسهام اليهود الأمريكيين (بوصفهم أمريكيين) في جهود الحرب كان كبيراً، فقد فَقَدَ 10.500 منهم حياتهم وجرح 24 ألفاً وحصل 36 ألفاً على نياشين، وهو ما يدل على أنه لا يوجد مصير يهودي مستقل، وأن مصير أعضاء الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة مرتبط تماماً بالمصير الأمريكي. 
وقد احتدم الصراع بين الأقلية الصهيونية التي كانت تتزايد عدداً والأغلبية الاندماجية، وخصوصاً أن المنظمة الصهيونية قرَّرت أن تنقل مركز نشاطها من لندن إلى واشنطن مع انتقال مركز الإمبريالية الغربية. ولذا، فقد عُقد مؤتمر بلتيمور الذي اتخذ قرار بلتيمور عام 1942 في الولايات المتحدة. وفي مقابل هذا، تم تأسيس المجلس الأمريكي لليهودية الذي كان يضم كبار رجال الأعمال (من اليهود الإصلاحيين أساساً) الذين حققوا معدلات عالية من الاندماج، والذين كانوا معادين للصهيونية. وربما تكمن المفارقة الكبرى في أنهم اتخذوا موقفاً رافضاً للصهيونية باعتبارهم أمريكيين في الوقت الذي بدأت فيه المؤسسة الحاكمة الأمريكية نفسها تأخذ موقفاً ممالئاً تماماً للصهيونية وترى فيها تحقيقاً لإستراتيجيتها في العالم. ولذا، كان محكوماً على المجلس الأمريكي لليهودية بالإخفاق. 
يتبع إن شاء الله...


الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971    الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  Emptyالخميس 26 ديسمبر 2013, 7:24 am

اليهود الجدد أو الأمريكيون اليهود (1945-1970) 
(Neo-Jews or Jewish Americans (1945-1970 
تخلت الولايات المتحدة في هذه المرحلة تماماً عن سياستها الانعزالية وأصبحت قائد العالم الغربي بلا منازع. وازداد المجتمع الأمريكي علمانية وازدادت العلمانية شمولاً، وتم فصل الدين عن الدولة تماماً إذ وضعت المحكمة الدستورية العليا عام 1947 أسس هذا الفصل الحاد، فقد أعلنت المحكمة أن الحكومة الفيدرالية أو المحلية ليس بإمكانها أن تصدر قوانين من شأنها مساعدة أيٍّ من الديانات، ولا أن تُفضِّل ديانة على الديانات الأخرى. وترسخت فكرة الحقوق المدنية، وبدأت الأقلية السوداء تطالب بحقوقها مع أوائل الستينيات، وظهرت حركة الحقوق المدنية. وتُسمَّى هذه الفترة «فترة الوفرة» التي اتسمت بضعف الأواصر الاجتماعية والقيم الدينية، وتزايد معدلات العلمنة، وتوجُّه المجتمـع الأمريكي، بشـكل حـاد وبدون أي تردد، نحو اللذة والمنفعة. 
وقد تحوَّلت الجماعة اليهودية إلى جماعة أمريكية تماماً، المولودون فيها أكثر من المهاجرين إليها، وأصبحوا أساساً أعضاء في الطبقة الوسطى الأمريكية التي تسكن الضواحي، وذابت كل علامات التميز الحضاري. ويرى علماء الاجتماع أن ثمة تقسيماً ثلاثياً يحكم المجتمع الأمريكي وهو أنه مجتمع تحكمه ديانات ثلاث، هي: البروتستانتية والكاثوليكية واليهودية، وهو ما يعني عمق قبول اليهودية. 
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، استمرت الحكومة في رفض السماح لأيٍّ من المهاجرين الجدد بدخول الولايات المتحدة. ومع هذا، صدر تشريع يسمح لبعض المُرحَّلين اليهود بالاستقرار. ودخل بالفعل ثلاثة وستون ألف يهودي، وكانت مجموعة غير متجانسة صغيرة العدد. ولذا، فإنها لم تُغيِّر الطابع العام الذي اتسمت به الجماعة اليهودية التي كانت قد تحدَّدت سماتها الأساسية واستقرت. وكان مجموع المهاجرين في الفترة من 1944 حتى 1959 لا يزيد على 191.693 إلى أن تم إلغاء القوانين التي تحد من الهجرة عام 1965. وبلغ عدد المهاجرين في الفترة من 1960 إلى 1968 نحو 73 ألف مهاجر يهودي، معظمهم جاء من إسرائيل بعد عام 1957، ومن الشرق الأوسط وكوبا، وإن كان الجميع ينتمون لأصل أوربي. 
ارتفـع عـدد أعضاء الجماعة اليهودية إلى 5.200.000 عام 1957، ووصل إلى 6.000.000 عام 1970، وهذا يعني أن عدد أعضاء الجماعة اليهودية كان آخذاً في التناقص بالنسبة لعدد السكان، وأن زيادتهم الطبيعية في الفترة من 1945 حتى عام 1969، أي خلال نحو خمسة وعشرين عاماً، لم تزد عن نحو 700 ألف (وذلك بطرح عدد المهاجرين). وتسبب هذه الاتجاهات السكانية، التي أصبحت اتجاهات ثابتة، كثيراً من القلق في الأوساط اليهودية، وخصوصاً إذا تمت رؤيتها في سياق معدلات الاندماج المتزايدة والزواج المُختلَط. 
وتوجد معظم الجماعات اليهودية في المدن الكبرى، ذلك أن أربعين بالمائة من كل اليهود يعيشون في نيويورك وحولها كما كان الحال منذ عام 1900. وبلغ عدد اليهود الذين يعيشون في نيويورك العظمى أي في نيويورك والضواحي المحيطة بها وشمال شرق نيوجرسي، وفي المدن التسع الكبرى (لوس أنجلوس ـ شيكاغو ـ فيلادلفيا ـ بوسطن ـ ميامي ـ واشنطن ـ كليفلاند ـ بلتيمور ـ ديترويت) نحو 75% من كل أعضاء الجماعة اليهودية. 
ويُلاحَظ أن أعضاء الجماعة اليهودية لا يسكنون المدن نفسها وإنما يقطنون خارجها في الضواحي، وهذا من علامات الثراء المتوسط إذ لا يسكن المدن الكبرى سوى الفقراء (من السود والبورتوريكيين) أو كبار الأثرياء من المليونيرات. ولا توجد ضواح مقصورة على اليهود فما يحدد موقع السكنى في الوقت الحاضر مقياسان ماديان أحدهما الدخل والآخر لون الجلد، ولم يَعُد الانتماء الديني أساساً للتصنيف. والواقع أن أعضاء الجماعة اليهودية يُصنَّفون ضمن الأقليات البيضاء في الولايات المتحدة، وتنتمي أغلبيتهم إلى شريحة عليا من الطبقة الوسطى. 
ومن الاتجاهات الجديدة التي شهدتها هذه الفترة زيادة عدد أعضاء الجماعة اليهودية في لوس أنجلوس، ففي عام 1945 كان عددهم يبلغ 150 ألفاً، زاد إلى 510 آلاف عام 1968. والشيء نفسه ينطبق على ميامي إذ زاد العدد من 7500 عام 1937 إلى 40 ألفاً عام 1948 و150 ألفاً عام 1970، وإن كان معظم اليهود هناك من العجائز. وحركة أعضاء الجماعة اليهودية إلى كاليفورنيا وميامي ليست مقصورة علىهم وإنما كانت جزءاً من اتجاه قومي أمريكي عام، حيث هاجر الكثيرون من وسط القارة الأمريكية إلى السواحل. ولذلك، نجد أن يهود شيكاغو قد انخفض عددهم من 333 ألفاً عام 1946 إلى 285 ألفاً عام 1969. 
وفيما يخص الهيكل الوظيفي والمهني لأعضاء الجماعة اليهودية، فقد شهدت الفترة بعد عام 1945 تَعمُّق الاتجاهات التي شاهدنا ظهورها في المرحلة السابقة، إذ زاد عدد اليهود المشتغلين بالمهن في الطب والتدريس بالجامعات وداخل البيروقراطية الحكومية في جهاز الموظفين وتناقص عدد العمال المهرة وغير المهرة بنسبة كبيرة بحيث لا يكاد يوجد أي يهود بين عمال النقل وعمال المناجم. كما لا يوجد يهود في صناعة الأخشاب والتعدين والنقل كما كان الحال في الماضي، وتناقص عدد الفلاحين اليهود بحيث كاد ينعدم، كما تناقص عددهم في صناعة الملابس، أي أن ميراثهم الاقتصادي الأوربي اختفى تماماً. ويمكن القول بأن ظهور المهني اليهودي هو السمة الأساسية لهذه الفترة. فعلى سبيل المثال، زاد عدد المهنيين في إحدى المدن الأمريكية (تشارلستون) أربعة أضعاف بين منتصف الثلاثينيات وعام 1948، وزاد عدد المهنيين في لوس أنجلوس في الفترة من 1941 إلى 1959 من 11% إلى 25%. ويظهر هذا في بروز شخصيات يهودية في مجالات التربية والعلوم والقضاء والمحاسبة، وفي زيادة عددهم في مجالات الترفيه والإعلام والنشر. وزاد عدد أعضاء الجماعة اليهودية الذين يعملون كوسطاء في مجالات تجارة القطاعي والبناء والعقارات في المدن الكبرى والترفيه وعالم المال والأسهم والسندات والصناعة وقطاع الإعلام والسينما والمسرح (نشر ـ معاهد موسيقية ـ مراكز ثقافية). وبينهم عدد من كبار أصحاب المزارع والمصانع في قطاع الصناعة الزراعية. ويُلاحَظ تركُّز الرأسماليين من أعضاء الجماعة اليهودية في الخدمات الاستهلاكية وفي الصناعات الخفيفة وصناعات القطاع الوسط (صناعة الملابس وصناعة الفراء والمجوهرات والمشروبات الروحية وصناعة السينما). وهذا يدل على أن ميراثهم الاقتصادي اليديشي ووضعهم كمهاجرين لا يزال له أثر في نمط حراكهم. و« يسيطر » الرأسماليون من أعضاء الجماعة اليهودية على بعض هذه الصناعات. ولكن إلى جانب هذا يُلاحَظ غياب الرأسماليين من أعضاء الجماعة اليهودية عن الصناعات الثقيلة، إذ تظل هذه الأخيرة (الفحم والفولاذ والمصارف والنفط والسيارات والسفن ووسائل المواصلات) في أيدي الواسب، أي البروتستانت البيض، وهم أعضاء النخبة الاقتصادية والسياسية الذين يتحكمون في العصب الأساسي للاقتصاد الأمريكي الذي يشكل مصدر النفوذ السياسي الحقيقي. وقد يكون من المفيد أن نذكر، في هذا المضمار، أن المصارف الكبرى في الولايات المتحدة، وعددها خمسة وأربعون، لا يشغل اليهود المناصب العليا فيها إلا في خمسة مصارف. ويظل أغلبية اليهود ميسوري الحال أعضاء في الطبقة الوسطى من أصحاب الياقات البيضاء ممن يسكنون المدن أو ضواحيها، وهـو ما يعني بروزهم ولمعانهم دون أن تكـون لهـم قوة اقتصـادية حقيقـية.
ويمكن القول بأن الهرم الوظيفي بالنسبة ليهود أمريكا مختلف عن الهرم الوظيفي القومي الأمريكي. ففي عام 1960، بلغ عدد المهنيين بين اليهود 25% (مقابل 23% بين الأمريكيين ككل) و بلغ عدد الملاك والمديرين وأصحاب العمل 30% (مقابل 10.7% بين الأمريكيين ككل)، و25% كانوا يعملون في الوظائف الكتابية وعمليات البيع. أما الـ 20% الباقية، فثلاثة أرباعهم كانوا عمالاً مهرة وغير مهرة وحرفيين. ويُلاحَظ زيادة عدد المهنيين اليهود، وهو ما يعني زيادة اقتراب الجماعة اليهودية من السلطة ومن صانع القرار، إذ نجد عدداً كبيراً منهم في واشنطن مسـتشـارين للحكومـة ولأعضاء الكونجـرس وفي عديد من اللجان والوظائف. ويبدو أن متوسط دخل الفرد اليهودي أعلى من متوسط دخل أعضاء المجموعات الدينية والإثنية الأخرى. 
ولكن أعضاء الجماعة اليهودية بغض النظر عن مدى فقرهم أو ثرائهم أو تميُّزهم الوظيفي أو مدى صهيونيتهم أو عدمها، أصبحوا جزءاً عضوياً من الاقتصاد الأمريكي. فالرأسماليون الأمريكيون اليهود لا يشكلون رأسمالية يهودية لها حركية مستقلة، وهم ليسوا رأسماليين يهوداً وإنما هم رأسماليون أمريكيون يهود (أو رأسماليون أمريكيون من أعضاء الجماعة اليهودية) ويشكلون جزءاً من الاقتصاد الأمريكي وينحصر ولاؤهم في رأس المال، وهذا الولاء هو الذي يحدد سلوكهم. وما يحدِّد حركية رأس المال الذي يملكه اليهود ليس تطلعاتهم الدينية أو الصهيونية وإنما حركية الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي العامة والمنظومة القيمية المادية النفعية. 
وكذلك أيضاً المهني اليهودي، فمما لا شك فيه، كما بيَّنا، أن زيادة عدد المهنيين من أعضاء الجماعة اليهودية يعني في واقع الأمر ازدياد أعضاء الجماعة اقتراباً من السلطة وصانع القرار وتأثيراً فيها. ولكنهم، مع هذا، يظلون أقلية عددية صغيرة، وهو ما يعني أن هيمنتهم تظل محدودة. وحينما يصل أحد أعضاء الجماعة اليهودية إلى القمة، فإن الطريق يكون مفتوحاً أمامه وهو يمارس نفوذه في دولة لها إستراتيجيتها العامة ولها مؤسساتها الثابتة وقوانينها المستقرة وأجهزتها التنفيذية ذات السطوة، وهو ما يعني أنه سيظل أساساً جزءاً من الكل الأمريكي حتى في مكانه القيادي. وهو سيحقق البروز وسيصل إلى مكانة قيادية بمقدار ما يخدم مصالح المؤسسة. إن الرأسمالي اليهودي، مثل المهني اليهودي، يشكل كل منهما نقطة في مجتمع يشبه البحر الضخم المتلاطم ذا الحركية المستقلة الواضحة. ومن الصعب على أعضاء أية أقلية، أياً ما بلغ نفوذها وقوتها، الهيمنة عليه وتوظيفه لخدمة مصالحها، وخصوصاً إن تعارضت هذه المصالح مع الاتجاه العام. لكن هذا لا يعني انعدام المقدرة على التأثير، وخصوصاً فيما يخص التفاصيل، وهو أمر يختلف عن التوظيف الكامل وتغيير الاتجاه. 
وقد طُرحت قضية الصهيونية على الجماعة اليهودية المندمجة وتم حسمها بعد عام 1948 لصالح الصهيونية، وحسب شروط يهود أمريكا الجدد الذين اعتنقت أغلبيتهم الصهيونية، ولكنها لم تكن على أية حال الصهيونية الاستيطانية ذات الجذور الشرق أوربية التي تطلب من اليهود التخلي عن وطنهم والهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها. إنها صهيونية توطينية تترجم نفسها إلى دعم مالي وسياسي للمُستوطَن الصهيوني، وتكتفي بممارسة الضغط السياسي على الحكومة الأمريكية لصالح دولة إسرائيل (وإن كانت المسألة لا تستدعي ضغطاً كبيراً). وقد سارعت الحكومة الأمريكية إلى تأييد قرار التقسيم ثم الاعتراف بالدولة، وهي تراها الآن حليفاً إستراتيجياً وتدفع معونات ضخمة لها. ولا تترجم هذه الصهيونية نفسها إلى هجرة أو استيطان إلا في القليل النادر، فهي تترجم نفسها إلى رموز إثنية تشبه من بعض الوجوه الرموز الإثنية لأعضاء الأقليات الأخرى. وقد شبَّه آرثر هرتزبرج علاقة يهود الولايات المتحدة بإسرائيل بعلاقة الرجل بعشيقته، فهو لا يراها إلا لفترات متباعدة، ولذا فإنها تظل بعيدة مشبعة بالرومانسية ومزينة، وهو يغدق عليها الأموال ولكنه يحتفظ بمسافة بينه وبينها، وحينما تحين لحظة الاختيار فإنه يختار زوجته وأولاده وأسرته. 
ومن ناحية الأطر التنظيمية، يُلاحَظ بدايات محاولة الوصول إلى إطار تنظيمي يضم سائر المنظمات المختلفة على أن تحتفظ كل منظمة أو جماعة باستقلالها. والواقع أن محاولة التنظيم هي تعبير عن تَزايُد التجانــس بين أعضـاء الجماعـة اليهودية. أما طريقة التنظيم نفسها، فهي انعكاس للطريقة الفيدرالية الأمريكية في التنظيم. ولقد تأسَّست لجان قومية مهمتها التنسيق بين المعابد اليهودية أو بين اللجان الصهيونية المختلفة أو لجان الدفاع المختلفة أو الجباية. وكما أسلفنا، أُسِّست جماعة النداء اليهودي الموحَّد عام 1939، وسندات إسرائيل عام 1950، والنداء الإسرائيلي الموحَّد عام 1950. كما أن هناك، في كل جماعة يهودية كبيرة، ممثِّلين لمختلف المنظمات اليهودية التي تسيطر عليها الصهيونية، أكثر التنظيمات اليهودية تنظيماً. 
ومن أهم القضايا التي أثيرت في هذه المرحلة قضية علاقة الدين بالتعليم إذ أن أعضاء الجماعة اليهودية كانوا يقفون وراء المطالبة بعدم تقديم العون للمدارس الدينية بحجة أن هذا خرق للدستور الأمريكي الذي يفصل بين الدين والدولة. ولكن معظم هذه المدارس كان الملجأ الوحيد لأبناء الأسر الكاثوليكية المهاجرة الفقيرة، الأيرلنديين والإيطاليين والبورتوريكيين، حيث يمكنهم أن يتلقوا تعليماً جيداً، فالقيم الأخلاقية في نظام التعليم العام الأمريكي قد ضعفت وبحدة، كما أن طريقة تمويل المدارس من الضرائب المحلية تجعل مستوى المدارس في الأحياء الغنية التي يوجد فيها اليهود مرتفعاً إذ يستطيع أهل الحي أو المدينة أن يموِّلوا جميع النشاطات المدرسية. أما في الأحياء الفقيرة، فلا تتاح هذه الفرصة. ولذا، فقد اكتسبت قضية الدعم الحكومي للمدارس نبرات إثنية، وخصوصاً أن معظم أعضاء الجماعة اليهودية يقفون أيضاً ضد تدريس القيم الأخلاقية والروحية للأطفال باعتبار أن هذا قد يُستخدَم ستاراً لتدريس القيم الدينية. ولا تزال هذه القضية مصدراً أساسياً للتوتر في العلاقات بين أعضاء الجماعة اليهودية وأغلبية سكان الولايات المتحدة. ومما يجدر ذكره أن اليهود الأرثوذكس يتخذون موقفاً مشابهاً لموقف الكاثوليك، فهم يودون الحفاظ على نظام التعليم اليهودي الخاص بهم، الأمر الذي يجعلهم في حاجة إلى دعم حكومي. 
ويبدو أن الهوية الدينية اليهودية في الولايات المتحدة ضَعُفت بشكل سريع جداً. ففي إحدى الإحصاءات (عام 1945)، جاء أن 18% من اليهود يرتادون دور العبادة الخاصة بهم مرة واحدة على الأقل في الشهر مقابل 65% من البروتستانت و83% من الكاثوليك، وهو ما يدل على أنهم من أكثر القطاعات علمنة في المجتمع الأمريكي. واستمرت النسبة كما هي عليه عام 1958 ولكنها انخفضت قياساً إلى بقية المجتمع، فأصبحت 40% من البروتستانت و74% بالنسبة إلى الكاثوليك.
ولكن نسبة 18% قد يكون مُبالغاً فيها إذ أن الكثير من يهود أمريكا يلصقون بأنفسهم صفة «يهودي» دون أية ممارسات دينية. وقد بيَّنت إحدى الإحصاءات أن نحو 10% أو 20% فقط من اليهود يقيمون الشعائر الخاصة بالاحتفال بالسبت والطعام الشرعي والصلوات اليومية. ويظهر ضعف المؤسسات الدينية في أن المعبد اليهودي أصبح ذا دور ثانوي تماماً بالنسبة لدور النادي الاجتماعي اليهودي. ويمكن القول بأنه، مع ضعف الهوية الدينية، يتمسك اليهود ببعض المظاهر الإثنية للحفاظ على الهوية المتميِّزة. ومن هنا تزايدت قوة الصهيونية، فالصهيونية هي اليهودية الإثنية بعد تجريدها من أي مضمون ديني. 
ومن دلائل الاندماج المتزايد، اختفاء العبرية كأداة للتعبير الأدبي، وكذلك اتجاه اليديشية نحو الاختفاء الكامل. ويمكن اعتبار تزايد الزواج المختلط (بمعدلاته المرتفعة التي تصل في بعض الولايات إلى ما يزيد على 60%) مؤشراً آخر. ويظهر الاندماج أيضاً في غربة الأجيال اليهودية الجديدة عن أسرها البورجوازية، فقد انخرطت أعداد كبيرة منهم في صفوف حركة الحقوق المدنية وحركة اليسار الجديد في الستينيات. ولكن يمكن القول بأن أعضاء الجماعة اليهودية، باعتبارهم أقلية مهاجرة في المدينة تدين بالولاء للحزب الديموقراطي،كان لهم دائماً اتجاه ليبرالي وكانوا يطالبون بقدر من التدخل من جانب الحكومة ضد الاحتكارات ومن أجل الرفاه الاجتماعي. 
ومن الظواهر المهمة في هذه المرحلة، استمرار بروز أعضاء الجماعة اليهودية وتميُّزهم في المجتمع الأمريكي، وخصوصاً في الحياة الثقافية والأدبية. ويتضح بروز أعضاء الجماعة أيضاً في تزايد عدد اليهود من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات (10% من مجموع الأساتذة يهود) موزعين في جميع التخصصات، وخصوصاً الفيزياء وعلم الاجتماع وعلم النفس. كما يُلاحَظ بروزهم من خلال العدد الكبير من الكتاب والنقاد الأمريكيين اليهـود، مثل: سـول بلو، وفيليـب روث، وبرنارد مالامـود، وليونيل ترلنج، وإرفنج هاو، ولسلي فيدلر، ووليام فيلبس. ولكن من الملاحَظ أن كثيراً من هؤلاء المثقفين لم تكن هويتهم يهودية بشكل محدَّد ولم يهتموا بالقضايا الإثنية أو الدينية اليهودية إذ أن انتماءهم كان أمريكياً بالدرجة الأولى.


الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب السابع عشر: الولايات المتحدة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1971
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: