منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3) Empty
مُساهمةموضوع: لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3)   لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3) Emptyالجمعة 26 أبريل 2013, 1:51 am

31- قال تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) البقرة: 171.


لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3) 13371001438104
مثل الذين كفروا بالرسول كمثل الماشية مع الراعي، فالذي ينعق هو الذي يُصَوِّتُ ويصرخ للبهائم وهو الراعي فكأن الماشية المرعية لا تفهم من الراعي إلا النداء والدعاء، إنما دعاء ونداء لماذا؟ فهي لا تعرف الهدف منه، إلا بأن يسلك الراعي أمامها بما يرشدها..

كما أن الماشية تسمع الراعي ولا تعقل كذلك الكفار لا يسمعون إلا مجرد الدعاء والنداء، فعندما يأتي الرسول ويقول: " يا قوم إني لكم رسول، وإني لكم نذير " فهذا هو الدعاء، ومضمون ذلك الدعاء هو " اعبدوا الله ".

إذن فالرسول يشترك مع الراعي في الدعاء والنداء، وهم اشتركوا مع المَرْعِىّ في أنهم لم يفهموا إلا الدعاء والنداء فقط، وفي الاستجابة هم {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}، فالمدعو به لم يسمعوه، ومضمون النداء لا يعقلونه ولا يفهمونه.

وبكم لا ينطقون بمطلوب الدعوة وهو " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله "، وليس عندهم عقل يدير حركة العيون لينظروا في ملكوت السماوات والأرض ليظهر لهم وجه الحق في هذه المسألة.

وبما أن الدواب ليس مطلوبا منها أن ترد على من يناديها،  لذا كان الكافرون شر من الدّواب.

32- (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ...) البقرة: 174.
إن من يأخذ ثمناً على كتمان منهج الله لإرضاء الناس بتقنين يوافق أهواءهم وشهواتهم، فقد خسر في الصفقة حتماً؛ لأن ذلك الثمن مهما علا بالتقدير البشري، فهو ثمن قليل وعمره قصير.

والأثمان عادة تبدأ من أول شيء يتعقل بحياة الإنسان هو قوام حياته من مأكل ومشرب، لذلك قال الله تعالى: { أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ } وإذا كانوا يأكلون في بطونهم ناراً فكيف يكون استيعاب النار لكل تلك البطون؟

وبما أن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، لأنه يتلذذ بالطعام حتى يضيق بطنه بما يدخل فيه.

عكس المؤمن الذي يأخذ من الطعام بقدر قوام الحياة، فيجعل الله العذاب لهم من جنس ما فعلوه بالثمن القليل الذي أخذوه، فهم أخذوا ليملوا بطونهم من خبيث ما أخذوا وسيملأ الله بطونهم ناراً، جزاء وفاقا لما فعلوا، وهذا لون من العقاب المادي يتبعه لون آخر من العقاب هو { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ } أي أن الحق ينصرف عنهم يوم لا أنس للخلق إلا بوجه الحق.

33- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ...) البقرة: 178.
وساعة ينادي الله { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ } فهذا النداء معناه: أنا لم أكلفكم اقتحاماً على إرادتكم؛ أو على اختياركم، وإنما كلفتكم لأنكم دخلتم إلى من باب الإيمان بي، ومادمتم قد آمنتم بي فاسمعوا مني التكليف.

فالله لم يكلف من لم يؤمن به، فإيمانك به جعلك شريكاً في العقد، فإن كتب عليك شيئاً فأنت شريك في الكتابة، لأنك لو لم تؤمن لما كتب، فكأن الصفقة انعقدت.

عندما يقول الله: { كُتب } بضم الكاف.

فهي للأمور التي للإنسان دخل فيها.

أما " كَتب " بفتح الكاف.

فهي للأمور التي لا دخل للإنسان فيها.

كقوله تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي }المجادلة: 21.

(قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) التوبة: 51.

إنه سبحانه هنا الذي كتب.

34- (فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة: 192.
ما أسمى هذا الدّين فهو ليس دين حقد ولا ثأر ولا تصفية حسابات، فإذا كان الدم يغلي في مواجهة الكفر، فإن إيمان الكافر بالإسلام يعطيه السلامة، هذا هو الدين.

ولذلك نرى عمر بن الخطاب وقد مر على قاتل أخيه زيد بن الخطاب: وأشار رجل وقال: هذا قاتل زيد. فقال عمر: وماذا أصنع به وقد أسلم؟ لقد عصم الإسلام دمه.

فالإيمان بالله أعز على المؤمن من دمه ومن نفسه وحين يؤمن فقد انتهت الخصومة.

وهذا وحشي قاتل حمزة، يقابله صلى الله عليه وسلم وكل ما يصنعه هو أن يزوي وجهه عنه، لكنه لا يقتله ولا يثأر منه.

وهند زوجة أبي سفيان التي أكلت كبد حمزة، أسلمت وانتهت فعلتها بإسلامها.

35- (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ...) البقرة: 195.
نشاهد بعضاً من روائع الأداء البياني في القرآن؛ ففي الجملة الواحدة تعطيك الشيء ومقابل الشيء، وهذا أمر لا نجده في أساليب البشر؛ فالحق في هذه الآية يقول لنا: (وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي أنفقوا في الجهاد، والإعداد لسبيل الله، كصناعة الأسلحة أو الإمدادات التموينية، أو تجهيز مبانٍ وحصون، هذه أوجه أنفاق المال... ويقول: ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ).

وكلمة " ألقى " تفيد أن هناك شيئا عالياً وشيئاً أسفل منه، فكأن الله يقول: لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، وهل سيلقي الواحد منا نفسه إلى التهلكة، أو أن يلقي نفسه في التهلكة بين عدوه؟ لا، إن اليد المغلولة عن الإنفاق في سبيل الله هي التي تُلقي بصاحبها إلى التهلكة؛ لأنه إن امتنع عن ذلك اجترأ العدو عليه، وما دام العدو قد اجترأ على المؤمنين فسوف يفتنهم في دينهم، وإذا فتنهم في دينهم فقد هلكوا.

إذن فالاستعداد للحرب أنفى للحرب، وعندما يراك العدو قوياً فهو يهابك ويتراجع عن قتالك.

إذاً فالمعنى الأول يجعلك تنفق في سبيل الله ولا تلقي بيدك إلى التهلكة بترك القتال.

والمعنى الثاني أي لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بأن تقبلوا على القتال بلا داع أو بلا إعداد كافٍ.

إن الحق يريد من المؤمنين أن يزنوا المسائل وزناً يجعلهم لا يتركون الجهاد فيهلكوا؛ لأن خصمهم سيجترئ عليهم، ولا يحببهم في أن يلقوا بأيديهم إلى القتال لمجرد الرغبة في القتال دون الاستعداد له.  

إنها جملة واحدة أعطتنا عدة معان.

36- (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى...) البقرة: 197.
إن الزاد هو ما يأخذه المسافر ليتقوى به على سفره يقي به نفسه من الجوع والعطش، وكان هذا أمراً مألوفا عند العرب قديماً؛ لأن المكان الذي يذهبون إليه ليس فيه طعام.

وكل هذه الظروف تغيرت الآن، وكذلك تغيرت عادات الناس التي كانت تذهب إلى هناك. كانت الناس قديماً تذهب إلى الحج ومعها ملح طعامها والخيط والإبرة...، فلم يكن في مكة والمدينة ما يكفي الناس، وأصبح الناس يذهبون الآن إلى هناك ليأتوا بكماليات الحياة، وأصبحت لا تجد غرابة في أن فلانا جاء من الحج ومعه كذا وكذا.

كأن الحق سبحانه وتعالى جعل من كل ذلك إيذاناً بأنه أخبر قديماً يوم كان الوادي غير ذي زرع.

فقال: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ..} القصص: 57.

وانظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله: "يُجْبَى" ومعناها يؤخذ بالقوة وليس باختيار من يذهب به، فكأن من يذهب بالثمرات بكل ألوانها إلى هناك مرغم أن يذهب بها، وهو رزق من عند الله، وليس من يد الناس.

وهذا تصديق لقوله تعالى: {وَارْزُقْهُمْ مِّنَ الثَّمَرَاتِ} إبراهيم: 37.

-    وَتَزَوَّدُواْ: إنه أمر من الله بالتزود في هذه الرحلة التي ينقطع فيها الإنسان عن ماله وعن أهله وعن أحبابه..، وإذا كان التزود فيه خير لاستبقاء حياتك الفانية، فما بالك بالحياة الأبدية التي لا فناء فيها، ألا تحتاج إلى زاد أكبر؟ فكأن الزاد في الرحلة الفانية يعلمك أن تتزود للرحلة الباقية.

إذن فقوله: (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) يشمل زاد الدنيا والآخرة.

والله سبحانه وتعالى يذكرنا بالأمور المُحَسّة وينقلنا منها إلى الأمور المعنوية، كقوله سبحانه وتعالى: (يَا بَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وريشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذالِكَ خَيْرٌ) الأعراف: 26.

هذا أمر حسي، ينقلنا منه تعالى إلى أمر معنوي.

فإن كنت تعتقد في اللباس الحسي أنه سَترَ عورتك ووقاك حراً وبرداً وتزينت بالريش منه فافهم أن هذا أمر حسي، ولكن الأمر الأفضل هو لباس التقوى.



37- (فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ...) البقرة: 198.
تدل على أن الله قد حكم بأن عرفات ستمتلئ امتلاء، وكل من يخرج منها كأنه فائض عن العدد المحدد لها.

وهذا حكم من الله في الحج.

وأنت إذا ما شهدت المشهد إن شاء الله  سترى هذه المسألة، فكأن إناءً قد امتلأ، وذلك يفيض منه. ولا تدري من أين يأتي الحجيج ولا إلى أين يذهبون.

ومن ينظر من يطوفون بالبيت يظن أنهم كتل بشرية، وكذلك إذا فاض الحجيج في مساء يوم عرفة يخيل إليك عندما تنظر إليهم أنه لا فارق بينهم.

38- (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ...) البقرة: 200.
أي إذا فرغتم من مناسككم، والمناسك هي الأماكن لعبادة ما.

{فَاذْكُرُواْ اللَّهَ} أي فلا يزال ذكر الله دائما وارداً في الآيات، كأنك حين توفق إلى أداء شيء إياك أن تغتر، بل اذكر ربك الذي شرع لك ثم وفقك وأعانك.

وكأن الحق يريد أن يضع نهاية لما تعودت عليه العرب في ذلك الزمان فقديماً كانوا يحجون، فإذا ما اجتمعت القبائل في منى، كانت كل قبيلة تقف بشاعرها أو بخطيبها ليعدد مآثره ومآثر آبائه، وما كان لهم من مفاخر في الجاهلية ويحملون الديات، ويطعمون الطعام... غير ذلك من العادات.

-    فأراد الله سبحانه وتعالى أن ينهي فيهم هذه العادة التي هي التفاخر بالآباء ليجعل الفخر ذاتياً في نفس المؤمن، أي فخراً من عمل جليل نابع من الشخص نفسه.

-    كما أراد الحق سبحانه وتعالى أن يردهم في كل شيء إلى ذاته، فإن ذكرتم آباءكم لما قدموه من خير، فاذكروا من أمدهم بذلك الخير.

فذكركم لله سيصلكم بالمدد منه، ويعطيكم المعونة لتكونوا أهلا لقيادة حركة الحياة في الأرض، فتوطدوا فيها الأمن والسلام والرحمة والعدل، وهذا هو ما يجب أن يكون مجالا للفخر.

39- (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) البقرة: 205.
تَوَلَّى أي رجع أو تولى ولاية، فالأرض كانت بدون تدخل البشر مخلوقة على هيئة الصلاح، والفساد أمر طارئ من البشر.

لماذا اشتكينا أزمة قوت ولم نشتك أزمة هواء؟
لأن الهواء لا تدخل للإنسان فيه، لقد تدخلنا قليلاً في المياه فجاء في ذلك فساد، فلم نحسن نقلها في مواسير جيدة فوصلت لنا ملوثة، أو زاد عليها الكلور أو نقص.

إذن على مقدار وجود الإنسان في حركة الحياة غير المُرشّدة بالإيمان بالله ينشأ الفساد، ولذلك كان لابد له من منهج سماوي للإنسان يقول له: افعل هذا ولا تفعل تلك.

فإن استقام مع المنهج في "افعل" و "لا تفعل" سارت حياته بشكل متوازن، لكن إذا لم يستقم تفسد الحياة.

أما الكائنات غير الإنسان ليس لها منهج وهي مخلوقة بالغريزة وتؤدي مهمتها فقط؛ فالدابة لم تمتنع يوماً عن ركوبك عليها أو أن تحمل أثقالك عليها،...

حتى عندما تذبحها لا تمتنع عليك، لماذا؟
لأنها مخلوقة بالغريزة التي تؤدي بها الحركة النافعة بدون اختيار منها.

فكأن الأصل في الأرض وما فيها جاء على هيئة الصلاح، فإن لم تزد الصالح صلاحاً فلا تحاول أن تفسده.

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} البقرة: 11 - 12.

ومن هنا نفهم أنهم ظنوا أن الأرض تحتاج إلى حركتهم لإصلاحها، برغم أن الأرض بدون حركتهم صالحة؛ لأنهم لا يتحركون بمنهج الله.

- وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ...

والحرث له معنيان:
فمرة يُطلق على الزرع، ومرة يُطلق على النساء.

المعنى الأول:
ورد في قوله: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} الأنبياء: 78.

والمعنى الثاني:
في قوله تعالى: { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } البقرة: 223.

وإذا كان حرث الزرع هدفه إيجاد النبات فكذلك المرأة حتى تلد الأولاد.
-    وانظر إلى غباء الذي يفسد في الأرض، ويشيع فيها الهلاك والدمار وقتل الناس والأولاد هل يظن أنه هو وحده الذي سيستفيد في الأرض، فأباح لنفسه أن يفسد في الأرض لغيره؟
إنه ينسى الحقيقة، فكما يفسد لغيره، فغيره يُفسد له، وكما تُدين تُدان... فمن الخاسر؟



40- (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ...) البقرة: 206.
وتقييد العزة بالإثم هنا يفيد أن العزة قد تكون بغير إثم، لأن العزة مطلوبة للمؤمن والله عز وجل حكم بالعزة لنفسه وللرسول وللمؤمنين: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} المنافقون: 8.
وهذه عزة بالحق وليست بالإثم.
وما الفرق بين العزة بالحق وبين العزة بالإثم؟
ولنستعرض القرآن الكريم لنعرف الفرق.
ألم يقل سحرة فرعون: فيما حكاه الله عنهم: {بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} الشعراء: 44.
هذه عزة بالإثم والكذب.
وكذلك قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} ص: 2.
وهي عزة كاذبة أيضاً.
أما قوله عز وجل: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} الصافات: 180.
فتلك هي العزة الحقيقة.
إذن فالعزة هي القوة التي تَغْلِبُ، ولا يَغْلِبها أحد.
أما العزة بالإثم فهي أنفة الكبرياء المقرونة بالذنب والمعصية.
فلم تنفع سحرة فرعون عزة فرعون؛ لأنها عزة بالإثم، لقد جاءت العزة بالحق فغلبت العزة بالإثم.
لذلك يبين لنا الحق سبحانه وتعالى أن العزة حتى لا تكون بالإثم، يجب أن تكون على الكافر بالله، وتكون ذلة على المؤمن بالله.
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} المائدة: 54.
ودليل العزة بالحق، وعلامتها أنها ساعة تغلب تكون في منتهى الانكسار، ولنا القدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي خرج من مكة لأنه لم يستطع أن يحمي الضعفاء من المؤمنين، وبعد ذلك يعود إلى مكة فاتحاً بنصر الله، ويدخل مكة ورأسه ينحني من التواضع لله حتى يكاد أن يمس قربوس سرج دابته، تلك هي القوة، وهي على عكس العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالحق إن غلبت تتواضع.

41-  (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة: 217.
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ: أي أبطلت وزالت، وكأنها لم تكن.

إن القرآن استخدم هنا كلمة "حبط"، وهي تستخدم تعبيراً عن الأمر المحسوس فيقال: "حبطت الماشية" أي أصابها مرض اسمه الحباط، لأنها تأكل لونا من الطعام تنتفخ به، وعندما تنتفخ فقد تموت.

وكذلك الأعمال التي فعلها الكفار ظاهرها أعمال ضخمة وحسنة، وكل هذه العمليات الباطلة ستحبط كما تحبط الماشية التي انتفخت فيظن المشاهد لها أنها سمنة؛ وبعد ذلك يفاجأ بأنه مرض.

-    ويقول بعض الناس:
وهل يُعقل أن الكفار الذين صنعوا إنجازات قد استفادت منها البشرية، هل من المعقول أن تصير أعمالهم إلى هذا المصير؟

لقد اكتشفوا علاجا لأمراض مستعصية وخففوا آلام الناس، وصنعوا الآلات المريحة والنافعة.

نقول لأصحاب مثل هذا الرأي:
مهلاً، فهناك قضية يجب أن نتفق عليها وهي أن الذي يعمل عملاً؛ فهو يطلب الأجر ممن عمل له، فهل كان هؤلاء يعملون وفي بالهم الله أم في بالهم الإنسانية والمجد والشهرة، وما داموا قد نالوا هذا الأجر في الدنيا فليس لهم أن ينتظروا أجراً في الآخرة.

لذلك يقول الحق: {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَآءً حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } النور: 39.

إن الكافر يظن أن أعماله صالحة نافعة لكنها في الآخرة كالسراب الذي يراه الإنسان في الصحراء فيظنه ماء، ويجد نفسه في الآخرة أمام لحظة الحساب فيوفيه الله حسابه بالعقاب، وليس لهم من جزاء إلا النار، وينطبق عليهم ما ينطبق على كل الكافرين بالله، وهو (وَأُوْلـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).



42- (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً) البقرة: 245.
إذا كان هو سبحانه الذي أعطى المال، فكيف يقول: أقرضني؟

نعم، لأنه سبحانه لا يرجع فيما وهبه لك من نعمة المال، إن المال الذي لك هو هبة من الله، ولكن إن احتاجه أخ مسلم فهو لا يقول لك "أعطه من عندك أو اقرضه من عندك" إنما يقول لك: " أقرضني أنا، لأني أنا الذي أوجدته في الكون ورزقه مطلوب مني" فكأنك حين تعطيه تقرض الله.

كما تدلنا يُقْرِضُ اللَّهَ:
على أن القرض لا يضيع؛ لأن القرض شيء تخرجه من مالك على أمل أن تستعيده، وهو سبحانه وتعالى يطمئنك على أنه هو الذي سيقترض منك، وأنه سيرد ما اقترضه، لكن ليس في صورة ما قدمت وإنما في صورة مستثمرة أضعافا مضاعفة، إنها أضعاف كثيرة بمقاييس الله عز وجل لا بمقاييسنا كبشر.

والتعبير بالقرض الحسن هنا يدلنا على أن مصدر المال الذي تقرض منه لابد أن يكون من حلال.

فائدة:
قيل إن القرض ثوابه أعظم من الصدقة، مع أن الصدقة يجود فيها الإنسان بالشيء كله، في حين أن القرض هو دين يسترجعه صاحبه، لأن الألم في إخراج الصدقة يكون لمرة واحدة فأنت تخرجها وتفقد الأمل فيها، لكن القرض تتعلق نفسك به، فكلما صبرت مرة أتتك حسنة.

43- (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ...) سورة البقرة: 256.
ومعنى هذه الآية أن الله لم يكره خلقه -وهو خالقهم- على دين، وكان من الممكن أن الله يقهر الإنسان المختار، كما قهر السماوات والأرض والحيوان والنبات والجماد، ولا أحد يستطيع أن يعصى أمره: {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً...} يونس: 99.

لكن الحقّ يريد من يأتيه أن يكون محباً مختاراً وليس مقهوراً، أن المجيء قهراً يثبت له القدرة، ولا يثبت له المحبوبية، لكن من يذهب له طواعية وهو قادر ألا يذهب فهذا دليل على الحب.

- لكن لننتبه لناحية حين تقول لمسلم: لماذا لا تصلي؟ يقول لك: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ويدعي أنه مثقف، ويأتيك بهذه الآية ليلجمك بها، فتقول له: لا.. {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} عقيدة وإيماناً، إنما إن آمنت وأعلنت أنك آمنت بالله وصرت مسلماً فلا بد أن تعرف أنك إن كسرت حكماً من أحكام الإسلام نطلب منك أن تؤديه، فإذا كنت تشرب خمراً فإنك حر إن كنت كافراً، لكن أن تكون مؤمن ثم تشرب الخمر فأنت بذلك تكسر حداً من حدود الله، وعليك العقاب.

- أما قول خصوم الإسلام إن الإسلام انتشر بحد السيف؟

حكمة تشريع القتال:
شرع الله القتال لأمة محمد لا ليفرض به ديناً، ولكن ليحمي اختيارك في أن تختار الدّين الذي ترتضيه.

وهو يمنع سدود الطغيان التي تحول دونك ودون أن تكون حراً مختاراً في أن تقبل التكليف.

والإسلام عندما فرض الجزية نقول:
جزية على مَنْ؟ جزية على غير المؤمن، ومادام قد فُرضت عليه جزية فمعنى ذلك أنه أباح له أن يكون غير مؤمن، لو كان الإسلام يُكره الناس على اعتناقه لما كان هناك مَنْ نأخذ عليه جزية.

إذن فالإسلام لم يُكرهه، وإنما حماه من القوة التي تسيطر عليه حتى لا يُكرهه أحد على ترك دينه، وهو حر بعد ذلك في أن يسلم أو لا يسلم.

فحروب الإسلام كانت لمواجهة الذين يفرضون العقائد الباطلة على غيرهم، وجاء الإسلام ليقول لهؤلاء: ارفعوا أيديكم عن الناس واجعلوهم أحراراً في أن يختاروا الدين المناسب.

ولماذا تركهم الإسلام أحراراً؟
لأنه واثق أن الإنسان مادام على حريته في أن يختار فلا يمكن أن يجد إلا الحق واضحاً في الإسلام.

ولذلك فكثير من الناس الذين يقرأوون قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ..) لا يفطنون إلى أن العلة واضحة في الآية نفسها (قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).

إذن فالمسألة واضحة لماذا نُكره الناس وقد وضح أمامهم الحق والباطل؟
نحن فقط نمنع الذين يفرضون عقائدهم الباطلة على الناس؛ فأنت تستطيع أن تُكره القالب، لكن لا تستطيع أن تُكره القلب.

ونحن نريد أن ينبع الإيمان من القلب، ولهذا يقول الحق لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} الشعراء: 3-4.

إن الله لا يريد أعناقاً، لو كان يريد أعناقاً لما استطاع أحد أن يخرج عن قدره -سبحانه- من يُريد الله أن يبتليه بمرض أو موت فلن ينجو من قدره.

إن الحق يريد إيمان قلوب لا رضوخ قوالب.
فالذي يجبر الآخرين على الإيمان بالكرباج لن يتبعه أحد، وهو نفسه غير مؤمن بما يفرضه على الناس.

ولو كان مؤمنا به لما فرضه على الناس بالقسر؛ إنهم سيقبلونه عن طواعية واختيار عندما يتبيّن لهم أنه الحق المناسب لصلاح حياتهم.

ونحن نلتفت حولنا فنجد أن النظم والحكومات التي تفرض مبادئها بالسوط والقهر تتساقط تباعاً، فعندما تتخلى هذه الحكومات عن السوط والبطش فإن الشعوب تتخلى عن تلك الأفكار.

حكمة تأخير القتال فلم يأذن سبحانه بالقتال خلال فترة الدعوة المكية التي استمرت ثلاثة عشر عاماً ثم أذن به بعد الهجرة إلى المدينة؟.

1-    لقد نشأ الإسلام ضعيفاً واضطهد السابقون إليه كل أنواع الاضطهاد، وعذبوا وأخرجوا من ديارهم ومن أموالهم ومن أهلهم... في سبيل دينهم.
لقد كانت فترة الضعف التي مرت بالإسلام أولا فترة مقصودة أراد بها الله أن يمحص ويختبر..، وألا يدخل هذا الدين إلا من يتحمل متاعب هذا الدين ومشاقه لأنه سيكون مأموناً على مجد أمة، وعلى منهج سماء، وسيكون قدوة وأسوة حسنة، وتلك أمور لا يصلح لها أي واحد من الناس.

2-    لأن الحق سبحانه وتعالى علم أن الدعوة للإسلام ستدخل البيوت العربية، فسيضم البيت الواحد كافراً بالله ومؤمناً بالله، ولو أنه سبحانه وتعالى شرع القتال من البداية لصار في كل بيت معركة.
3-    ثم إن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن تلك القبائل العربية كان بها كثير من خفة وطيش وسفه؛ وكانوا يقتتلون لأتفه الأسباب؛ فمن أجل ناقة ضربها كليب بسهم في ضرعها فماتت اشتعلت الحرب أربعين سنة.

فالحمية الرعناء تدفعهم للقتال بلا سبب.

وفي مقابل ذلك كانت عندهم نخوة للحق، فعندما يرون شخصا قد ظلمه غيره؛ تأخذهم النخوة، ويأخذون على يد الظالم.

وأراد الحق سبحانه وتعالى أن يهيج فيهم النخوة حين يرون الضعاف من المسلمين مستضعفين، وقد عزلهم بعض من القوم في شعب أبي طالب وجوعوهم وقاطعوهم حتى اجتمع الخمسة العظام في مكة وقالوا: "كيف نقبل أن نأكل ونشرب ونأتي نساءنا وبنو هاشم وبنو المطلب محاصرين في الشعب لا يأكلون ولا يشربون ولا يتبايعون".

لقد كانوا كفاراً، وبرغم ذلك وقفوا موقفاً عظيماً وقالوا: هاتوا الصحيفة التي تعاهدنا فيها على أن نقاطع بني هاشم وبني المطلب ونقطعها؛ واتفقوا على ذلك.

ويعلم الحق سبحانه وتعالى أن نقل أمة العرب مما اعتادته ليس أمراً سهلاً، لذلك أخذهم برفق الهَوَادة.

4-    إن كثيراً من الذين كنتم ترون قتالهم في بداية الدعوة الإسلامية هم الذين نشروا راية الإسلام من بعد ذلك، ومثال ذلك خالد بن الوليد، الذي كان قائداً مغواراً في صفوف المشركين، وقاتل المسلمين في أول حياته، ثم هداه الله للإسلام وأصبح سيف الله المسلول، فالذين نالوا من الإسلام أولا هم الذين ستبقى عندهم الحرارة حتى يعملوا عملاً يغفر الله لهم به ما قد سبق.

44- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ...) البقرة: 258.
في الآية لفتة إلى الطغيان الذي وصل إليه النمرود لكن من الذي أبطره؟ أأبطره أن آتاه الله الملك؟ لقد جعل النمرود إيتاء الملْكُ وهو نعمة وسيلة للتمرد على المنعم...

45- (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة: 262.
انظر إلى الدقة الأدائية في قوله الكريم: {ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى}.

قد يستقيم الكلام لو جاء كالآتي: "الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ولا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى"، لكن الحق سبحانه قد جاء بـ "ثم" هنا؛ لأن لها موقعاً.

إن المنفق بالمال قد لا يمنّ ساعة العطاء، ولكن قد يتأخر المنفق بالمنّ، فكأن الحقّ سبحانه وتعالى ينبه كل مؤمن:

يجب أن يظل الإنفاق غير مصحوب بالمنّ وأن يبتعد المنفق عن المنّ دائماً، فلا يمتنع عن المنّ فقط وقت العطاء، ولكن لابد أن يستمر عدم المن حتى بعد العطاء وإن طال الزمن.



لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: لطــــائف قرآنيـــة-
انتقل الى: