منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49229
العمر : 72

المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين   المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Emptyالإثنين 19 ديسمبر 2011, 10:48 pm

المبحث الرابع
مرحلة التآمر الدولي على فلسطين
(1914 ـ 1920)
أولاً: المعاهدة العربية/ البريطانية
1. التذمر العربي من الحكم التركي

عندما خلص الحكم في الأستانة إلى "جمعية الاتحاد الترقي" بعد تنحية السلطان عبدالحميد وتعيين أخاه خلفاً له عام 1909 كان العرب يأملون أن ينجلى الحكم الجديد في الدولة العثمانية عن اتجاهات تحررية تسمح بقدر معقول من الحكم الذاتي في الولايات العربية، إلا أن الأمر جاء على غير ما يأملون، فقد بدأ الحكام الجدد ينفذون سياسة جديدة عُرفت "بالحركة الطورانية" استهدفت تخليص الثقافة التركية من المؤثرات العربية والفارسية التي دخلت عليها وسيادة الجنس التركي، بالإضافة إلى فرض التركية كلغة رسمية في المدارس والمحاكم في كافة ولايات الدولة، وبدأ تنفيذ هذه السياسة منذ عام 1911 بطريقة صارمة استفزازية مما جعل العرب يطالبون بإقامة نظام لا مركزي يحقق قدراً من الحكم الذاتي في الولايات العربية في نطاق الدولة العثمانية.
وفي إطار هذه الحركة العربية بدأت تتكون الجمعيات والتجمعات السياسية العلنية والسرية في الأستانة وباريس وبيروت ودمشق، وأنشأت هذه الجمعيات والتجمعات فروعاً لها في المدن السورية والفلسطينية والعراقية.
وكان أبرز هذه الجمعيات والتجمعات هي المنتدى الأدبي الذي أنشئ عام 1908 وجمعية العربية الفتاة التي أُنشأت عام 1911 وجمعية العهد التي أنشأت عام 1913، وفي عام 1912 تأسس في القاهرة حزب اللامركزية، حيث انضم تحت لوائه الكثير من الجمعيات العربية، ومارس ذلك الحزب نشاطه بمنأى عن البطش العثماني لوقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت، ورحب الإنجليز والفرنسيون بهذا النشاط السياسي الذي يمهد لتفكيك ولايات المشرق العربي من الإمبراطورية العثمانية، وهو ما كانوا يسعون إليه في ذلك الوقت.
وكان أبرز مظاهر هذه الحركة العربية هو عقد المؤتمر العربي الأول في باريس صيف عام 1913 برعاية حزب اللامركزية (في القاهرة) ولجنة الإصلاح (في بيروت)، حيث طالب المؤتمرون باعتراف حكومة الأستانة بحقوق العرب باعتبارهم شركاء في الدولة، وتطبيق نظام لا مركزي في حكم الولايات العربية يسمح بالمشاركة الفعلية في إدارة شؤونها.
وقد حاولت حكومة الاتحاد والترقي في البداية منع عقد المؤتمر في باريس. وإزاء فشل المساعي التركية لدى الحكومة الفرنسية في هذا الشأن، أرسلت الأولى ممثلاً عنها لمفاوضة رؤساء المؤتمر بشأن مطالبهم، وانتهى الأمر إلى الاتفاق على مبادئ عامة كان بينها استخدام اللغة العربية كلغة رسمية في الولايات العربية، وأن يتولى العرب بعض المناصب القيادية، فيكون في الحكومة العثمانية ثلاثة وزراء عرب وفي مناصب الولاية خمسة ولاة عرب، مع تنفيذ واستخدام الخدمة العسكرية للشباب العربي في الولايات العربية، إلا أنه سرعان ما صدر في الآستانة مرسوم في 18 أغسطس 1913 أطاح بكثير من الأسس التي تم الاتفاق عليها، وفي ظل عمليات القمع التي قام بها جمال باشا في سورية، أصبح الطريق ممهداً للثورة العربية بعد أن ساد اليأس من موقف الحكومة التركية كافة ولايات المشرق العربي.

2. الاتصالات العربية الاستطلاعية
عندما نفض العرب أيديهم تماماً من احتمال التحرك التركي نحو الإصلاح، بدأوا في أواخر عام 1913 وبداية عام 1914 اتصالاتهم الاستطلاعية مع كل من فرنسا وبريطانيا اللتين أبديتا اهتماماً بتقدم الحركة الوطنية في المشرق العربي، فقابل شفيق بك المؤيد (إحدى الشخصيات العربية البارزة في ذلك الوقت والعضو في مجلس المبعوثان) السفير الفرنسي في الأستانة في ديسمبر 1913 واستفسر منه عن موقف فرنسا في حالة اندلاع الثورة العربية في سورية ضد الحكم التركي، وعما إذا كانت الحكومة الفرنسية سترسل قوات عسكرية إلى حلب للتدخل إذا أرسلت تركيا قواتها إلى سورية لتبقيها تحت الحكم التركي، وبالرغم من تداخل الفرنسيين مع العرب في سورية آنذاك فقد جاء رد السفير الفرنسي سلبياً في ذلك الوقت ونصح بتعاون العرب مع الأتراك حتى يحصلوا على مطالبهم.
وبعد أقل من شهرين (في فبراير 1914) كان الشريف حسين (شريف مكة الذي يحظى بتأييد الأحزاب والجمعيات العربية) يرسل ابنه الأمير عبدالله إلى مصر لتدعيم علاقاته مع البريطانيين هناك واستطلاع موقفهم في حالة اندلاع الثورة العربية، إلا أن موقف اللورد كتشنر المندوب السامي في مصر كان متحفظا.
وعندما طلب الأمير عبدالله فيما بعد مقابلة "رونالد ستورز" سكرتير الشؤون الشرقية، أصدر كتشنر تعليماته إلى ستورز أن يتجنب تشجيع الأمير عبدالله على خططه وأن يوضح له "أنه ليس لعرب الحجاز أن يتوقعوا تشجيعاً منا (بشأن الثورة على تركيا).
وهكذا فشلت الاتصالات العربية المبكرة بكل من فرنسا وبريطانيا في الحصول على وعد بحماية الثورة العربية ضد تركيا عند اندلاعها. إلا أن ذلك الموقف لم يستمر طويلاً، فمع اندلاع الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914 واحتمال دخول تركيا فيها إلى جانب ألمانيا قدَّم رونالد ستورز ـ الذي تذكر عرض الأمير عبدالله وما يمكن أن تقدمه الثورة العربية من خدمة إلى قضية الحلفاء خلال الحرب ـ مذكرة إلى المندوب السامي يوضح فيها أنه يمكن عن طريق محادثات يقوم بها البريطانيون في حينها أن يضمنوا ليس حياد البلدان العربية فحسب، بل وتحالفها أيضاً.
وسرعان ما أصدر اللورد كتشنر تعليماته إلى ستورز ليرسل رسولاً سرياً يحسن اختياره إلى الأمير عبدالله ليتحرى ما إذا كانت تركيا ستدخل الحرب إلى جوار ألمانيا "وما إذا كان هو وأبوه وعرب الحجاز معنا أم علينا".
إلا أن رد الشريف حسين تركز على ما يخصه وعرب الحجاز، حيث أوضح لرسول البريطانيين "إن للإمبراطورية العثمانية حقوقاً علينا، ولنا نحن حقوق عليها. ولقد أعلنت الحرب على حقوقنا، ولست مسؤولاً أمام الله إن أعلنت الحرب أنا على حقوقها". ومن ثم فإنه إذا مد البريطانيون يد المساعدة للعرب فلن يقوم هؤلاء بمساعدة الأتراك، بل على العكس سيساعدون البريطانيين.
وجاء رد اللورد كتشنر في 21 أكتوبر 1914 غامضاً. فهو وإن اعترف بالشريف حسين ممثلاً للأمة العربية ووعد بمساعدة تلك الأمة ـ إن هي ساعدت بريطانيا عند دخول تركيا الحرب ـ والمح إلى تولي الخلافة واحد "من سلالة أصيلة من مكة"، إلا أنه لم يوضح مستقبل الولايات العربية في حالة انتصار بريطانيا وحليفاتها.
وإزاء هذا الوعد الغامض اكتفى الشريف حسين في هذه المرحلة بالوقوف على الحياد وعدم تقديم أية مساعدة إلى تركيا التي كانت قد دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا اعتباراً من 29 أكتوبر 1914.
وفي الأسابيع الأولى من عام 1915 تلقى الشريف حسين نداءات من الجمعيات السرية في سورية تلح عليه بالقيام بالعمل وفقاً لبرنامج دمشق[1]، طلبت اللجنة العربية من الشريف حسين أن يقوم الحجاز بالثورة حين ينفجر العصيان المسلح في سورية، لكنه لم يقتنع بما سمع من استعدادات، و ظل يراقب الأوضاع لما يقرب من شهرين، وطالب بنوع من التغطية يقوم بها الحلفاء، ومع ذلك استمرت الجمعيات السورية التي كان يمثلها آنذاك مجموعة من المستشارين في مكة بالمطالبة ببدء العمل، مما جعل الشريف حسين يتخلى عن حرصه تحت ضغط الجمعيات السورية، بالرغم من نصيحة ابنه الأمير فيصل بضرورة التأني في ظل فشل حملة الحلفاء ضد القوات التركية في منطقة الدردنيل، وفي ذلك الوقت كان قد جاء إلى مصر مندوب سامي جديد هو السير "هنري مكماهون"، الذي يحمل تعليمات من حكومته بتوطيد علاقاته مع الشريف حسين.

3. مراسلات حسين/ مكماهون
إزاء ضغط وإلحاح اللجنة العربية والجمعيات السرية في دمشق على شريف مكة لبدء الثورة، وأرسل الأخير في 14 يوليه 1915 رسالة إلى السير "هنري مكماهون" يعرض عليه فيها إشعال الثورة ضد الأتراك إذا قبلت الحكومة البريطانية شروطه المبنية على برنامج دمشق، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: (اُنظر ملحق رسالة الشريف حسين إلى السير هنري مكماهون 14 يوليه 1915)

أ. اعتراف بريطانيا باستقلال البلاد العربية التي يحدها شمالاً الخط الواصل من مارسين ـ
أدنه (أطنه) غرباً حتى الخليج الفارسي (العربي) ويحدها شرقاً بلاد فارس حتى خليج البصره، كما يحدها جنوباً المحيط الهندي باستثناء عدن فيبقى وضعها كما هي عليه. (اُنظر ملحق رسالة السير هنري مكماهون إلى الشريف حسين 30 أغسطس 1915)

ب. موافقة بريطانيا على إعلان خليفة عربي على المسلمين.
وبعد ما يقرب من شهر ونصف تلقى الشريف رسالة من السير هنري مكماهون بتاريخ 30 أغسطس تحمل رداً بريطانياً مُغرقاً في دبلوماسيته، فهو وإن أكد رغبة بريطانيا في استقلال البلاد العربية وتنصيب خليفة عربي من آل البيت على المسلمين، إلا أن الرد البريطاني حاول أن يتملص من تحديد أبعاد وتخوم البلاد العربية بحجة أن ذلك سابق لأوانه في ظل أوضاع الحرب آنذاك.
ولم يقبل الشريف حسين ومستشاروه هذا التهرب من بريطانيا في واحدة من أكثر المسائل حيوية بالنسبة للعرب، فأرسل رده على خطاب السير هنري مكماهون في 9 سبتمبر مع عودة الرسول السري بينهما، موكداً على أهمية الحدود والأبعاد التي أشار إليها في خطابه السابق، لأنه لا يبحث ذلك بشكل فردي وإنما بالنيابة عن جميع الشعوب العربية التي تدرك أن وجودها مرهون بالحدود التي تطالب بها، وهذا ما جعل الشعب يعتقد أنه من الضروري البحث في هذه النقطة قبل كل شئ ووكلوه أمر عرضها، وأن هذا يصدق أيضاً على العرب الذين يحاربون وقتئذ تحت العلم التركي كما يصدق على أي عربي آخر.
وأوضح الشريف حسين لمكماهون أن الدور الذي يقوم به الآخرون في الحرب وقتئذ يعتمد علىمدى قبول أو رفض الحكومة البريطانية للشروط الواردة في كتابه الأول. (اُنظر ملحق رسالة الشريف حسين إلى السير هنري مكماهون 9 سبتمبر 1915)
وفي الخامس والعشرين من نوفمبر رد المندوب السامي البريطاني على رسالة الشريف حسين الثانية بقبول بريطانيا للشروط التي أوردها في رسالته الأولى، فهي تقبل شريف مكة بوصفه المتحدث الرسمي المخول بصلاحية التحدث باسم جميع الشعوب العربية (الخاضعة للحكم التركي في المشرق العربي)، وتتعهد بالإعتراف باستقلال العرب ـ داخل نطاق الحدود التي عينها الشريف حسين نفسه ـ وتأييد ذلك الاستقلال، إلا أن الحكومة البريطانية كان لها تحفظان، فهي ترفض مطالبة العرب بمرسين والأسكندرونة في شمال الحدود الغربية التي حددها الشريف حسين، كما تتحفظ على ما قاله شريف مكه بشأن امتداد الحدود الغربية بطول الشاطئين الشرقيين للبحرين المتوسط والأحمر على التعاقب، لأنه ـ من وجهة نظرها ـ أن أجزاءً من سورية تقع غرب ألوية دمشق وحماة وحمص وحلب (لبنان حالياً) لا يمكن أن يُقال أنها عربية خالصة، ويجب استثناؤها من الأبعاد والحدود المقترحة. (اُنظر ملحق رسالة السير هنري مكماهون إلى الشريف حسين 25 نوفمبر 1915)
وقد جاء تحفظ الحكومة البريطانية بشأن الجزء الساحلي من شمال سورية لتلبية المطالب الفرنسية خلال المفاوضات التي كانت تُجرى آنذاك سراً بين "مارك سايكس" ممثلاً عن بريطانيا "وجورج بيكو" ممثلاً عن فرنسا لاقتسام التركة العثمانية في المشرق العربي، وإذا كان هناك تحفظ بالنسبة للجزء الشمالي الساحلي من سورية، فلم يكن هناك تحفظ من أي نوع على الجزء الجنوبي من سورية (فلسطين)، وهو ما يعني أن الحكومة البريطانية في خطابها السابق تعهدت بمنح العرب حكومة عربية مستقلة في فلسطين، وهو ما يعطي هذه الرسالة (الوثيقة ) أهمية تاريخية، لأنه بموجب التعهد البريطاني الوارد فيها تُصبح فلسطين مندرجة تحت وعد الاستقلال كاندراج إقليم الحجاز ذاته.
وإزاء التحفظات البريطانية السابقة، أرسل الشريف حسين إلى المندوب السامي في مصر رسالته الثالثة في 7 ديسمبر، فلم يكن باستطاعته أن يترك موقف العرب من هذه التحفظات دون توضيح، فضلاً أنه كان يطلب تأكيداً من الحلفاء بأنهم لن يعقدوا صلحاً دون أن يقدموا تأييداً رسمياً لمطالب العرب وحقوقهم. (اُنظر ملحق رسالة الشريف حسين إلى السير هنري مكماهون 7 ديسمبر 1915)
وفي 14 ديسمبر من نفس العام أرسل المندوب السامي رده على رسالة الشريف حسين الثالثة مؤكداً على أن بريطانيا لن تعقد صلحاً منفرداً مع تركيا، وأن تحرير الشعوب العربية سيكون جزءاً أساسياً من أي معاهدة صلح، وبهذا الخطاب (الوثيقة) تلقى شريف مكة الضمان الذي طلبه بعدم عقد صلح منفرد مع تركيا من خلف ظهر العرب، وأن قضيتهم ستكون جزءاً أساسياً في أي اتفاق بعد الحرب. (اُنظر ملحق رسالة السير هنري مكماهون إلى الشريف حسين 14 ديسمبر 1915)
وما أن تلقى الشريف حسين الرد السابق حتى أرسل خطاباً جديداً بتاريخ 1 يناير 1916 إلى المندوب السامي يقبل فيه تأجيل تسوية الخلاف حول منطقة الساحل الشمالي لسورية ـ التي أصرت بريطانيا على موقفها بشأنها حتى نهاية الحرب. (اُنظر ملحق رسالة الشريف حسين إلى السير هنري مكماهون 1 يناير 1916)
وغداة تلقيه رسالة الشريف حسين السابقة، أبرق المندوب السامي البريطاني إلى حكومته بصدد تعليماتها النهائية بعد أن أبدى الشريف حسين مرونة كافية بقبوله تأجيل بحث المنطقة المختلف عليها إلى ما بعد الحرب، خاصة وأن ترك الباب مفتوحاً بالنسبة لهذه المنطقة يتمشى مع خطط وزارة الخارجية البريطانية بشأن مفاوضات إتفاقية سايكس ـ بيكو.
وعلى ذلك أصدرت الخارجية البريطانية تعليماتها إلى السير هنري مكماهون بإنهاء الأمر على ما تم التوصل إليه من اتفاق، ومن ثم أرسل المندوب السامي إلى الشريف حسين في 30 يناير 1916 يؤكد له أن الحكومة البريطانية قد قبلت جميع مطالبه. (اُنظر ملحق رسالة السير هنري مكماهون إلى الشريف حسين 30 يناير 1916)
وهكذا يمكن القول أن مراسلات الشريف حسين ـ مكماهون السابقة قد اختُتمت كمعاهدة سياسية بقبول بريطانيا لشروط شريف مكة الأخيرة، وهو الذي وصفها في رسالته الأولى بأنها معاهدة، وأن بريطانيا قبلت شروطها على هذا الأساس.
إلا أن هذه المعاهدة التي ألزمت بريطانيا باستقلال فلسطين أسوة بباقي البلاد العربية والتي اعترف بها لويد جورج رئيس الوزراء البريطاني أمام الفرنسيين لم تمنع وزارة الأخير من توقيع اتفاقية سايكس/ بيكو ـ بعد أقل من أربعة أشهر من اتفاقها مع شريف مكة ـ تسلخ بها فلسطين عن الدولة العربية التي وُعد بها الأخير.
كما لم تمنع "آرثر بلفور" وزير الخارجية البريطانية من أن يعد الصهيونيين بفلسطين بعد أقل من عام على رسالة السير هنري مكماهون الأخيرة على نحو ما سيأتي فيما بعد.
ثانياً: اتفاقية سايكس/ بيكو (اُنظر ملحق The Sykes - Picot Agreement)
على أثر إنجاز مكماهون صفقته السياسية مع الشريف حسين رفض الأخير إعلان الجهاد كطلب الأستانة، وبدأ العرب ثورتهم ضد الحكم التركي، وإنضموا إلى دول الوفاق الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وروسيا) في حربهم ضد الأتراك ـ وفاءً بالتزاماتهم في المعاهدة السابقة. وقبل أن يتحول ميزان الحرب لصالحها، بدأت الدول الإستعمارية السابقة تقسيم التركة العثمانية فيما بينها.
وجرت في البداية مباحثات ثنائية سرية بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم الولايات العربية الأسيوية فيما بينهما، بالرغم من أن هذه الولايات كانت لا تزال تحت الحكم التركي، ومثل بريطانيا في تلك المباحثات "مارك سايكس" أحد الخبراء البريطانيين بشؤون الشرق الأدني[2]، بينما مثل فرنسا "شارل بيكو" قنصلها العام في بيروت، وخلال المباحثات ظهر الخلاف حول فلسطين، حيث كانت فرنسا تدَّعي لنفسها مصالح حيوية في كل سورية بما فيها فلسطين وتعتبر نفسها حامية للمصالح المسيحية الكاثوليكية في الأخيرة وراعية للموارنة في لبنان، بينما كانت بريطانيا تريد فلسطين لإبعاد فرنسا عن قناة السويس من ناحية والسيطرة على الطريق البري إلى الخليج والهند من ناحية أخرى.
ولم تكشف بريطانيا دوافعها الحقيقية أثناء المباحثات، وإنما تعللت في معارضتها للمطالب الفرنسية في فلسطين بأن القدس وضواحيها تشمل الأماكن المقدسة للديانات الثلاث، وأن ذلك يتطلب نظاماً خاصاً لفلسطين، ولكن الفرنسيين ردوا على ذلك الاعتراض بأنه يمكن جعل القدس وبيت لحم وضواحيها منطقة داخلية قائمة بذاتها تخضع لإدارة دولية تتناسب مع طابعها الديني، أما بقية فلسطين فقد أصرت فرنسا على أن تكون جزءاً مكملاً لسورية وخاضعاً للنفوذ الفرنسي.
وفي أواخر شهر فبراير 1916 أعد ممثلاً البلدين مشروعاً حدداً فيه مصير الولايات العربية الأسيوية، إلا أنهما لم يستطيعا حسم موضوع فلسطين التي طال حولها النقاش، وهنا تلقى سايكس وبيكو تعليمات حكومتيهما لعرض مشروعهما على الحكومة الروسية، وعندما بدأت مباحثات الأخيرين مع وزير الخارجية الروسي في بطرسبرج خلال شهر مارس من نفس العام، فإنهما فوجئا بروسيا تفرض نفسها دولة حامية للمسيحيين الأرثوذكس وأماكنهم المقدسة في فلسطين، وهو ما عارضه كل من سايكس وبيكو معارضة شديدة، وإزاء تضارب مصالح الدول الثلاثة تجاه فلسطين، "استقر رأي هذه الدول على وضع نظام خاص بها يتمثل في إنشاء إدارة دولية في القدس مع جعل فلسطين منطقة نفوذ بريطاني، وفي مقابل المناطق التي أُعطيت لفرنسا وبريطانيا في سورية والعراق على الترتيب، أُعطيت لروسيا مناطق نفوذ في بعض الولايات غير العربية شمال شرق الأناضول.
وفي ضوء هذا الاتفاق تم تبادل المذكرات بين البلدان الثلاثة، أما فيما يتعلق بالبلدان العربية التي تضمنها مشروع اتفاقية سايكس ـ بيكو، فقد سجل الاتفاق بين فرنسا وانجلترا حولها في إحدى عشرة رسالة وافقت فرنسا عليها في 13 و 26 أبريل 1916، كما وافقت بريطانيا عليها في 10، 23 مايو من نفس العام، وهكذا تحول المشروع إلى إتفاقية بين البلدين عرفت "باتفاقية سايكس/ بيكو".
وبموجب هذه الاتفاقية قسمت بريطانيا وفرنسا المشرق العربي باستثناء شبه الجزيرة العربية إلى خمس مناطق: منها ثلاث مناطق ساحلية هي "شقة سورية الساحلية (وتشمل ساحل سورية ولبنان) وأُعطيت لفرنسا،" و"شقة العراق الساحلية" (وتشمل السواحل العراقية من بغداد حتى البصرة) وأُعطيت لبريطانيا، ثم منطقتان داخليتان رُمز لأحدهما بالحرف (أ) وتشمل المنطقة الداخلية السورية وللأخرى بالحرف (ب) وتشمل المنطقة الداخلية العراقية. (اُنظر خريطة اتفاقية سايكس/ بيكو)
ونصت الاتفاقية على استعداد فرنسا وبريطانيا أن تحميا وتعترفا بدولة عربية مستقلة أو حلف دول عربية تحت رئاسة رئيس عربي في المنطقتين (أ) و(ب). أما في "شقة سورية الساحلية" و"شقة العراق الساحلية" فلفرنسا وبريطانيا، كل في منطقته الحق في إنشاء شكل الحكم الذي ترتضيانه بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية، كما قررت الاتفاقية إنشاء إدارة دولية في فلسطين يحدد شكلها بعد استشارة روسيا بالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة، كما نصت الاتفاقية على استمرار المفاوضات مع العرب باسم الحكومتين الفرنسية والبريطانية لتحديد حدود الدولة أو الدول العربية.
وهكذا سُلخت فلسطين عن المشرق العربي وحُدد لها بالتدويل مصير مغاير لباقي البلاد العربية، لتهيئة الظروف المناسبة فيها لغرس العازل الصهيوني في المرحلة التالية.



المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 26 أكتوبر 2023, 1:47 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49229
العمر : 72

المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Empty
مُساهمةموضوع: لقد ساهمت في هذا الموضوعالمبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين    المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Emptyالإثنين 19 ديسمبر 2011, 10:52 pm

ثالثاً: وعد بلفور

1. محصلة جهود الحركة الصهيونية عند اندلاع الحرب العالمية الأولى

عند اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، كانت الحركة الصهيونية قد خطت عدة خطوات على طريق استكمال تنظيماتها ومؤسساتها، إلا أن هذه الخطوات على أهميتها كانت لا تزال إنجازاً محدوداً بالنسبة لبرنامج "بازل" الذي استهدف إقامة الدولة الصهيونية في فلسطين، حيث كانت الأغلبية اليهودية لا تزال خارج الحركة الصهيونية، بل أنه كانت هناك تيارات يهودية عديدة تعارض المشروع الصهيوني السياسي في فلسطين، سواء لأسباب دينية أو بقناعتها بأن حل مشكلة اليهود هو اندماجهم في مجتماعاتهم، كما كانت حركة الهجرة والاستيطان لا تزال بطيئة بالنسبة لما كان معقوداً عليها، حيث كان توجهها الغالب (منذ عام 1882 وحتى 1914) لا زال في اتجاه أوروبا الغربية والولايات المتحدة، ولم يكن عدداليهود في فلسطين يتجاوز نصف في المائة من يهود العالم[3]. (اُنظر جدول الهجرة اليهودية إلى فلسطين مقارنة بالهجرة اليهودية العالمية)

ومن ناحية أخرى كانت الحركة الصهيونية لا زالت تبحث عن "البراءة الدولية" والقوة الاستعمارية الكبرى التي تتبنى مشروعها وتقدم الدعم اللازم لغرس ذلك المشروع في فلسطين ونقله من نطاق الحلم إلى أرض الواقع، فضلاً عن أن برنامج الاستيطان الصهيوني في فلسطين قد أخذ يصطدم باليقظة والوعي المتعاظم بأخطار المشروع الصهيوني من قِبل العرب أصحاب البلاد.


2. الاتصالات الصهيونية وتبني بريطانيا للمشروع الصهيوني

إزاء الوضع السابق أدرك زعماء الحركة الصهيونية أن الدولة اليهودية في فلسطين ستبقى مجرد حلم، ما لم تتبنى إحدى القوى الاستعمارية الكبرى المشروع الصهيوني وتدعمه، وكانت بريطانيا وألمانيا هما الدولتان المرشحتان لهذه المهمة، وعلى ذلك بدأت اتصالات بعض زعماء الحركة الصهيونية بكلا البلدين خلال الحرب، إلا أن تطور العمليات وتحمس البريطانيين للمشروع الصهيوني (الذي يتمشى مع مخططاتهم الإستعمارية) جعلت الحركة الصهيونية تركز جهودها في بريطانيا، مع استغلال ألمانيا لزيادة حماس البريطانيين للمشروع.

وتولى توجيه العمل الصهيوني في بريطانيا "ناحوم سوكولوف" ممثل المنظمة الصهيونية العالمية في بريطانيا والذي قدم إليها في ديسمبر 1914 لهذا الغرض، و"وحاييم وايزمان" رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني، وكان الأخير قد أجرى اتصالات مبكرة قبل الحرب مع العديد من الشخصيات البريطانية البارزة التي تساهم في توجيه السياسة البريطانية وعلى رأسها أرثر بلفور نفسه على نحو ما سبق.

وعند إندلاع الحرب واشتراك تركيا فيها إلى جانب المانيا، وطرح مصير ولايات الدولة العثمانية للبحث، سارع الزعماء الصهيونيهن في بريطانيا إلى تكثيف اتصالاتهم مع مراكز صنع القرار السياسي في لندن وتوضيح أهمية قيام دولة صهيونية في فلسطين بالنسبة للمصالح الاستراتيجية للامبراطورية البريطانية، وقَّدم وايزمان مقترحات محددة بشأن إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين تحت الحماية البريطانية.

ولما كان آرثر بلفور الذي التقى به وايزمان للمرة الثانية في ديسمبر 1914 بعيداً عن كرسي الوزارة وقتئذ فقد زود الأخير كما زود رفيقه سوكولوف بخطابات توصية إلى اثنين من أعضاء الوزارة هما "لويد جورج" و"هربرت صموئيل Sir Herbert Samuel"[4].

ولم يمض وقت طويل على لقاء وايزمان بآرثر بلفور حتى التقى بالوزير هربرت صموئيل الذي وجده لا يقل عنه حماساً للمشروع الصهيوني. وعلى أثر ذلك اللقاء، قدم الأخير مذكرة إلى "هربرت أسكويث" رئيس الوزراء البريطاني في 28 يناير 1915 طالب فيها بضم فلسطين إلى الإمبراطورية البريطانية حتى يحين الوقت لتقسيم الولايات العثمانية في أسيا، كما طالب بتشجيع الاستيطان الصهيوني في فلسطين بحيث يمكن استيعاب أفواج من اليهود تراوح عددها بين ثلاثة ملايين وأربعة ملايين يهودي، إلا أن هذه المذكرة لم تلق موافقة رئيس الوزراء الذي لم يكن من المتحمسين للحركة الصهيونية، كما كان يرى أن الوقت غير ملائم لمزيد من الأعباء والمسؤوليات على الوزارة.

ولم يترك زعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا أية فرصة تفلت منهم للتحدث في أمر مشروعهم والحماية البريطانية على فلسطين كلما التقوا بشخصيات لها دور في صنع القرار البريطاني، ونجحوا فعلا في كسب أربعة من الوزراء البريطانيين تحمسوا لقضيتهم كان منهم "لويد جورج" الذي تولى منصب رئيس الوزراء فيما بعد "والسير أدوارد جراي" وزير الخارجية البريطانية في ذلك الوقت.

وشاء القدر أن يُعطي للصهيونية دفعة جديدة إلى الأمام عام 1915، فنتيجة لتشكيل الوزارة الأئتلافية الجديدة برئاسة اسكويت، فقد أصبح بلفور وزيراً للبحرية في الوقت الذي كان فيه وايزمان يقوم بتجاربه العلمية على المتفجرات، وفي ديسمبر من نفس العام قام سكوت رئيس تحرير المنشستر جارديان وأحد أبواق الصهيونية باصطحاب وايزمان لتناول الغذاء معه على مائدة لويد جورج لكي يشرح للأخير تجاربه لتطوير صنع الكورديت، وعلى أثر نجاح تلك التجارب في فبراير 1916عُين وايزمان (الحاصل على دكتوراه في العلوم) للعمل في الإدميرالية البريطانية تحت رئاسة بلفور.

ولم يحاول وايزمان الزج بهويته الصهيونية في العمل، ولكن اللورد بلفور هو الذي قام بالمبادرة في هذا الشأن. ففي أحد لقاءات، العمل بينهما بادره بلفور بقوله "إنكم قد تنالون قدسكم إذا كسب الحلفاء هذه الحرب "، وطلب إليه أن يوافيه مرة أخرى ليبحث معه الأمر.

وخلال شهري يناير وفبراير من عام 1916 ـ عندما كان يجري طبخ اتفاقية سايكس/ بيكو ـ كثف زعماء الحركة الصهيونية جهودهم لكسب أنصار جدد لمشروعهم الذي غُلف بالغموض، فلم يشيروا صراحة إلى الدولة اليهودية في أي إتصالات مع الحكومة البريطانية، وساعد هذا الغموض على نجاح الوزراء البريطانيين من أنصار ذلك المشروع على الدعوة له في اجتماعات الحكومة البريطانية وبنهاية شهر فبراير كانت الحكومة قد بدأت تتبنى المشروع الصهيوني في فلسطين.

وعلى ذلك طلبت الخارجية البريطانية في مارس 1916 من سفيرها في بطرسبرج أن يجس نبض الحكومة الروسية بشأن "استعمار اليهود لفلسطين". وعلى ذلك قام السفير البريطاني في 13 مارس بتقديم مذكرة إلى وزير الخارجية الروسي بهذا الشأن جاء فيها أن "هدف حكومة صاحب الجلالة الوحيد هو تدبير اتفاق يكون جذاباً بما فيه الكفاية لأغلبية اليهود لتسهيل عقد صفقة (معهم) تضمن لنا تأييدهم، ويُخيل لحكومة صاحب الجلالة وهي تضع هذا الاعتبار نصب عينيها، أنه إذا ما نص هذا المشروع على تمكين اليهود من أن يأخذوا في أيديهم ـ حين تصبح مستعمراتهم من القوة في فلسطين بحيث تكون قادرة على منافسة السكان العرب ـ زمام إدارة الشؤون الداخلية لهذه الرقعة من الأرض (باستثناء مدينة القدس والأماكن المقدسة) فسيكون هذا الاتفاق أكثر جاذبية بالنسبة لأغلبية اليهود.

وهكذا نرى أنه في خلال عشرة أسابيع فقط من تعهد الخارجية البريطانية للشريف حسين باستقلال البلاد العربية (بما فيها فلسطين) "بكل معنى من معاني الاستقلال" فإنها بدأت تعمل على تسليم فلسطين إلى الصهاينة حتى قبل أن تطأ أقدام الإنجليز أرض تلك البلاد. وبذلك كانت الحكومة البريطانية سابقة للتحرك الصهيوني في بريطانيا، كما كان بالمرستون من قبل، فحتى ذلك الوقت لم تكن الحركة الصهيونية قد تقدمت بعد بأي مذكرة رسمية حول فلسطين، حيث كانت كافة الاتصالات السابقة حول المشروع الصهيوني تجرى بشكل غير رسمي.

وفي نهاية عام 1916، عندما بدأت كفة الحرب تميل لصالح ألمانيا والنمسا وتركيا تقدَّم زعماء الحركة الصهيونية بوعد مفاده "أنه إذا أخذ الحلفاء على عاتقهم تسهيل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فإنهم (أي الزعماء الصهيونيين) سيعملون كل ما في وسعهم لإيقاظ عاطفة اليهود في كل أنحاء العالم وحشد طاقاتهم لمعاضدة قضية الحلفاء".

وجاء هذا الوعد مواكباً لاستقالة وزارة اسكويت في ديسمبر 1916، وتشكيل وزارة حرب برئاسة لويد جورج، دخلها آرثر بلفور وزيراً للخارجية. ودفع هذا التغيير المشروع الصهيوني دفعة جديدة إلى الأمام، حيث جرت فور تشكيل الوزارة محادثات استطلاعية بين أقطاب الحركة الصهيونية في بريطانيا وبعض المسؤولين في الوزارة الجديدة. وفي هذه المحادثات أوضح المسؤولون البريطانيون للزعماء الصهيونيين أن عليهم أولاً أن يُعدِّلوا خيارهم المفتوح الذي يقوم على المطالبة بجعل فلسطين بعد الحرب من نصيب فرنسا أو بريطانيا أو الدولتين معا، وأن يركز ذلك الخيار في بريطانيا فقط دون سواها[5].

وعلى أثر موافقة الزعماء الصهيونيين على التوجه الجديد، أصدر لويد جورج توجيهاته إلى مارك سايكس للدخول في مفاوضات رسمية مع الزعماء الصهيونيين، وفي السابع من فبراير 1917 عقد الجانبان مؤتمراً في لندن، أسفر عنه تعهد الحركة الصهيونية بمقاومة أي محاولة لوضع فلسطين تحت حكم ثنائي أو تدويل لإدارة القدس، وتركيز الحركة جهودها على المطالبة بإنشاء محمية بريطانية في فلسطين. وفي مقابل هذا التعهد كان على بريطانيا معاونة الحركة الصهيونية على إنشاء وطنها القومي (دولتها) في فلسطين. وهكذا تلاقت مصالح الاستعمار والصهيونية ووُضع الأساس الذي بُنى عليه تصريح بلفور بعد تسعة أشهر من هذا المؤتمر.

وفي الوقت الذي كانت فيه الجهود الصهيونية في بريطانيا قد قاربت على الاثمار، فإن جهوداً صهيونية موازية بُذلت في الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة القاضي اليهودي "لويس برانديس" الذي استطاع تجنيد عدد من زعماء اليهود لخدمة الحركة الصهيونية وأن يكسب تعاطف الرئيس الأمريكي "ودرو ولسن" مع تلك الحركة.


3. صياغة الوعد

بينما كانت الحرب العالمية الأولى تجتاز واحدة من أدق مراحلها، دعا بلفور في مايو 1917 كلاً من البارون روتشيلد رئيس مجلس إدارة مؤسسة روتشيلد المالية في ذلك الوقت والدكتور حاييم وايزمان رئيس الإتحاد الصهيوني البريطاني للاجتماع به، حيث أعرب لهما عن مساندته للحركة الصهيونية وآمالها، وطلب منهما مقترحات مكتوبة لصياغة "البراءة الدولية" المطلوبة للمشروع الصهيوني في فلسطين.

وعلى اثر هذا الاجتماع دعا زعماء الحركة الصهيونية إلى مؤتمر عقد في لندن لمناقشة الصياغة التي سيقدمونها للحكومة البريطانية بشأن مشروعهم في فلسطين. وخلال مناقشات ذلك المؤتمر اختلفت وجهات نظر المؤتمرين، فأراد البعض إصدار تصريح يشير، صراحة، إلى إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين، بينما رأى البعض الآخر قصر التصريح على الاعتراف بفلسطين كوطن قومي لليهود، إلا أن انفصال الجمعية الصهيونية البريطانية عن المؤتمر أدى إلى تأجيل التوصل إلى الصياغة المطلوبة.

وفي 12 يوليه اجتمع زعماء الحركة الصهيونية برئاسة نحوم سوكولوف مع مجموعة من المستشارين ووضعوا الصيغة المطلوبة للبراءة الدولية كما يلي:

"إن حكومة جلالة الملك ـ بعد أن فكرت ملياً في أهداف المنظمة الصهيونية ـ توافق على مبدأ الاعتراف بفلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي، ويحق ذلك الشعب في بناء حياته القومية على أرض فلسطين، تحت حماية تتقرر عند إبرام الصلح الذي يعقب الانتصار في الحرب.

"وترى حكومة جلالة الملك ـ كأمر أساسي لتحقيق هذا المبدأ ـ منح الحكم الذاتي للقومية اليهودية في فلسطين،وحرية الهجرة لليهود، وتأسيس الاتحاد الاستعماري اليهودي القومي لتعمير وترقية الإقليم.

"ومن وجهة نظر حكومة جلالة الملك فإن شروط وأشكال الحكم الذاتي الداخلي، ووضع ميثاق الاتحاد الاستعماري اليهودي القومي يجب أن توضح بالتفصيل وبالاتفاق مع المنظمة الصهيونية".

وعندما عُرضت الصياغة السابقة على وزارة الخارجية البريطانية وُجد أنها أطول من اللازم وتحوي تفصيلات ليس من مصلحة اليهود إثارتها في ذلك الوقت المبكر ورؤى أن التصريح الذي كان على وزارة الخارجية إصداره يجب أن يشمل نقطتين أساسيتين هما: الاعتراف بفلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي، والاعتراف بالمنظمة الصهيونية كممثلة لهذا الشعب، وتتابع وضع عدة صياغات لذلك التصريح حتى بلغت سبعاً في الفترة من 12 يوليه حتى 31 أكتوبر 1917.

وعندما عُرضت الصياغة التي عُرفت باسم "مشروع ملنر/ أمري" على مجلس الوزراء البريطاني في 4 أكتوبر من نفس العام لاقت معارضة بعض الوزراء كان على رأسهم "إدوين مونتاجو" وزير الهند الذي قدم مذكرة مضادة أوضح فيها الأسباب التي يستند عليها في معارضته للحركة الصهيونية برمتها[6]. فتصدى له "آرثر بلفور" وزير الخارجية قائلا:"أنه إذا كان هناك عدد من أثرياء اليهود في انجلترا يعارضون الحركة الصهيونية، فإن الغالبية الساحقة من اليهود في بريطانيا وفي أمريكا وفي روسيا وفي دول أخرى يقفون وراء هذه الحركة ويساندونها قلباً وقالباً، وأن الحركة الصهيونية تقوم على الوعي القومي العميق عند اليهود، فهم يشعرون أنهم أحد الأجناس التاريخية العظيمة في العالم، وأن فلسطين هي وطنهم الأصلي، وأنهم يتحرقون شوقاً إلى وطنهم القديم" وأكد بلفور على أن الرئيس الأمريكي ولسن يتعاطف مع الحركة الصهيونية، وأن الحكومة الألمانية تبذل جهوداً جبارة لكسب ود الحركة الصهيونية.

وإزاء هذا الخلاف، قرر مجلس الوزراء إرجاء اتخاذ قرار في الموضوع ريثما يتم الاتصال بالرئيس الأمريكي للتعرف على رأيه في التصريح المنشود، ولكي تشرح له وزارة الحرب البريطانية الدوافع التي جعلت مجلس الوزراء يطرح للبحث ذلك الموضوع وقتئذ، والتي كان من أهمها الخوف من أن تسبق ألمانيا الحلفاء إلى إحتضان الحركة الصهيونية[7].

وإزاء موقف الحكومة البرطانية السابق وجد وايزمان أن الأمر يتطلب القيام بتحرك يهودي جماعي للرد على الفريق المناهض للصهيونية والضغط على الحكومة البريطانية لإنهاء ترددها. فاستصدر في 11 اكتوبر 1917 قراراً من مجلس الاتحاد الصهيوني البريطاني أعرب فيه المجلس عن رغبة اليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وحث الحكومة على بذل جهودها لتحقيق هذه الغاية، وبعد عشرة أيام قامت أكثر من ثلاثمائة هيئة صهيونية بإرسال مطالب مماثلة إلى وزارة الخارجية البريطانية.

وفي 16 أكتوبر تسلمت الخارجية البريطانية رد نظيرتها الأمريكية على برقيتها بتاريخ 6 أكتوبر (التي تستفسر فيها عن رأي الرئيس ولسن بالنسبة للتصريح المزمع إصداره)، والتي تخطرها فيها بموافقة الرئيس ولسن على إصدار الصياغة المقترحة للتصريح دون الإشارة إلى موافقة الرئيس الأمريكي عليه، لأن الأخير يود أن يذيع هذه الموافقة بنفسه على يهود أمريكا. وفي 31 أكتوبر 1917، قرر مجلس الوزراء البريطاني إصدار التصريح. وفي الثاني من نوفمبر أصدرت الحكومة البريطانية النص الرسمي للتصريح، وكان بمثابة رسالة موجهة من وزير الخارجية البريطانية إلى "اللورد ليونيل والتر روتشيلد" (رداً على خطاب الأخير إلى وزير الخارجية البريطانية في 18 يوليه بشأن التصريح المطلوب) كان نصها: (اُنظر ملحق تصريح بلفور) و(النص الإنجليزي The Bolfour Declarafion)

وهكذا أعطي من لا يملك وعداً لمن لا يستحق، أخل بتعهداته السابقة لشريف مكة. وبهذا الوعد حصلت المنظمة الصهيونية على البراءة الدولية التي كانت تسعى إليها منذ إنشائها، كما حصلت على عَرَّابِها[8] الذي عمل على غرس مشروعها في فلسطين على حساب أهلها من العرب بغض النظر عما يقوله ذلك الوعد عن عدم الإضرار بالحقوق الدينية والمدنية لأهل البلاد، فقد تجاهل ذلك التصريح الحقوق السياسية للشعب العربي في فلسطين، كما تجاهل ذلك الشعب الذي اعتبره مجرد طوائف غير يهودية، في الوقت الذي كان فيه اليهود لا يمثلون أكثر من 8% من سكان البلاد.

ولم يكن صدور هذا الوعد خدمة للمصالح الصهيونية فحسب بل أنه كان يخدم المصالح البريطانية الاستعمارية بالدرجة الأولى، فقد نظروا إلى الدولة اليهودية منذ البداية على أنها ستكون عازلاً يفصل المشرق العربي عن مغربه، ونظروا إلى الحركة الصهيونية نظرة إستعمارية باعتبارها الأداة لانشاء ذلك العازل وهو ما تؤكده بعض المصادر الإنجليزية بقولها:"إن الصهيونية كانت منذ البداية حركة إنجليزية لا حركة يهودية فحسب".


4. ردود الفعل العربية

لما كانت الحكومة البريطانية قد أغفلت الجانب العربي في جميع مراحل إعداد التصريح، فقد كان صدوره في الثاني من نوفمبر صدمة أليمة للعرب، خاصة وأنهم قاموا بدورهم في الإتفاق الذي عقده الشريف حسين مع السير آرثر مكماهون، وهو ما كافأته بريطانيا عليه بالاعتراف به ملكاً على الحجاز.

وعلى ذلك أرسل الملك حسين يطلب من الحكومة البريطانية تفسيراً لهذا التصريح، فأوفدت الأخيرة في 18 يناير مبعوثاً رسمياً هو "الكومادور جورج هوجارث" يحمل مذكرة منها تؤكد أن دول الحلفاء مصممة على أن تتاح للشعب العربي الفرصة لاستعادة كيانه كأمة لها تاريخها، وهو أمر لا يتسنى تحقيقه إلا بواسطة العرب أنفسهم وبإتحادهم "وستنتهج بريطانيا العظمى وحليفاتها سياسة ترمي إلى تحقيق هذه الوحدة"، وبالنسبة لفلسطين فإن بريطانيا وحليفاتها مصممون "على الا يخضع شعب لشعب آخر". ونظراً لأن تلك البلاد تضم معابد وأوقافاً وأماكن مقدسة لكل من المسلمين والمسيحيين واليهود داخل فلسطين وخارجها "فلا مناص من أن يكون هناك نظام خاص بهذه الأماكن يوافق عليه العالم". وأوضحت المذكرة أن الرأي العام اليهودي في العالم يؤيد عودة اليهود إلى فلسطين، ونظراً لأن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تحقيق هذه الأمنية، فإنها مصممة على ألا توضع أية عقبة في سبيل تحقيق هذا الهدف، إذا كان ذلك متمشياً مع الحرية الاقتصادية والسياسية لسكان البلاد.

وقد قبل الملك حسين تفسير الحكومة البريطانية على أساس أن الاستيطان اليهودي في فلسطين لن يؤثر على حرية العرب السياسية والاقتصادية، وأرسل الملك إلى الثوار السوريين وكبار أتباعه في مصر والى إبنه الأمير فيصل في العقبة يخبرهم جميعاً أنه تلقى تأكيدات من الحكومة البريطانية بأن توطين اليهود في فلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب فيها، وأنه لم يعد هناك مجال للشك في نوايا بريطانيا، وطلب منهم الاستمرار في التعاون معها.

ولم يمض وقت طويل على تصريح بلفور، حتى كشف زعماء الثورة الشيوعية في روسيا النقاب عن اتفاقية "سايكس/ بيكو" التي ظلت مخفاة عن العرب حتى نوفمبر 1917 حينما أذاعت الحكومة الروسية نصوصها كاملة في جريدة "برافدا".

واستغلت الحكومة التركية فرصة نشر هذه الاتفاقية لتكشف للملك حسين استغلال البريطانيين وتضليلهم له من ناحية، وحثه على مراجعة موقفه من الحرب في صفوف الحلفاء من ناحية أخرى، وعلى ذلك أرسل أحمد جمال باشا قائد القوات التركية في الشام رسالة مؤرخة في 26 نوفمبر إلى الأمير فيصل قائد القوات العربية يشرح له أبعاد الخديعة البريطانية، وأنه ليس هناك معنى للمحاربة في جانب البريطانيين في ظل هذه الخديعة، مشيراً إلى أن الحكومة التركية ترغب في عقد صلح بين العرب والأتراك ينص على إعطاء الولايات العربية في الدولة العثمانية استقلالاً ذاتياً يحقق أماني العرب القومية.

وعندما عُرضت الرسالة السابقة على الملك حسين رفض فكرة الصلح مع الأتراك وأحال الرسالة إلى سير ريجنالد ونجت "المندوب السامي البريطاني الجديد في مصر طالباً تفسيراً لتلك الاتفاقية السرية، مما أحرج الأخير الذي لم يجد مخرجاً سوى إحالة الموضوع إلى الخارجية البريطانية، إلا أن وزيرها آرثر بلفور الذي كان لا زال مصراً على عملية الخداع والتضليل رد ببرقية موجهة للملك حسين موضحاً "أن البولشفيك لم يجدوا في وزارة الخارجية الروسية معاهدة معقودة، بل محاورات ومحادثات مؤقتة بين إنجلترا وفرنسا وروسيا في أوائل الحرب لمنع المصاعب بين الدول أثناء مواصلة القتال ضد الأتراك ... وإن قيام الحركة العربية ونجاحها الباهر وإنسحاب روسيا قد أوجد حالة أخرى تختلف عما كانت عليه كلية فيما مضى". وقرن بلفور برقيته بمذكرة خطية باللغة العربية بتاريخ 8 فبراير عهد بها إلى "الكولنيل باست" نائب المعتمد البريطاني في جده. وفي هذه المذكرة أكد بلفور للملك حسين على صدق وعد الحكومة البريطانية بتحرير الأمة العربية وإستقامة قصدها بهذا الشأن، واتهم بلفور أحمد جمال باشا بأنه أدخل تغييراً في نصوص الاتفاقية لتشويه أهدافها الأساسية، وأن رسالته لا تعدو أن تكون وسيلة للوقيعة بين العرب وبريطانيا، وللمرة الثانية قبل الملك حسين التفسير البريطاني لثقته الكبيرة في بريطانيا وحليفاتها. (اُنظر ملحق رسالة الكولونيل باست إلى الملك حسين)

ولم يكن للقوميين السوريين نفس الثقة في بريطانيا، وعدّواً موقف الملك حسين ـ سواء من تصريح بلفور أو اتفاقية سايكس/ بيكو ـ تفريطاً في حقوق العرب وخضوعاً لمطامع البريطانيين والفرنسيين، وانتهوا إلى أن السياسة التي يسير عليها الملك حسين تتعارض تعارضاً أساسياً مع المبادئ التي استقر عليها الرأي قبل إعلان الثورة على الأتراك. ومن ثم قرروا العمل بمنأى عن الهاشميين، وبدأوا يعملون على تشكيل حزب منفصل أخذ شكله الرسمي في ديسمبر 1918 تحت اسم "الاتحاد السوري". وكان أبرز أهداف هذا الحزب الدفاع عن عروبة فلسطين والإبقاء عليها جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي بحيث تشكل مع لبنان وسورية كياناً سياسياً واحداً. وتألفت من هذا الحزب قبل إعلان تأسيسه رسمياً لجنة من سبعة أعضاء عرفت باسم لجنة السبعة، لمتابعة القضية العربية ومعالجة المسائل العاجلة، ريثما تُستكمل إجراءات تأسيس الحزب.

وقدمت هذه اللجنة مذكرة إلى المكتب العربي في القاهرة (التابع للمندوب السامي البريطاني)، أفصحت فيها اللجنة عن الشكوك التي تراود القوميين السوريين تجاه السياسة البريطانية والفرنسية حيال المشرق العربي، وطالبت المذكرة الحكومة البريطانية بتحديد سياستها تجاه البلاد العربية الأسيوية تحديداً واضحاً، وأعربت اللجنة عن تمسك العرب بمطالبهم في الوحدة والاستقلال وأن تجئ التسويات السياسية بعد الحرب محققة لهذه المطالب. وطلبت اللجنة تحويل مذكرتها إلى أي من وزارتي الخارجية أو الحربية البريطانية.

وردت الخارجية البريطانية بمذكرة مؤرخة في 16 يونيه 1918 تؤكد على رغبة الحكومة البريطانية في تخليص كل البلاد العربية من الحكم التركي وأن تحظى بالحكم الذي ترتضيه، وأوضحت الخارجية البريطانية في ردها أنها تعترف بالاستقلال التام والسيادة العربية على البلاد التي كانت حرة ومستقلة قبل الحرب والبلاد التي حررها العرب بأنفسهم من السيطرة التركية، أما "فيما يتعلق بالأراضي التي تحتلها قوات الحلفاء (بعد تحريرها من الحكم التركي)، فتلفت حكومة صاحب الجلالة أصحاب المذكرة إلى نصوص البيانات الصادرة من القادة العاملين عند الاستيلاء على بغداد والقدس. وهذه التصريحات تتضمن سياسة حكومة صاحب الجلالة تجاه سكان هذه الأقاليم، والتي تقوم على مبدأ رضاء المحكومين. وكانت هذه السياسة وستظل مؤيدة من حكومة صاحب الجلالة".

وهكذا تعهدت الخارجية البريطانية في مذكرتها تعهداً جديداً يناقض تصريح وزير خارجيتها (تصريح بلفور) في 2 نوفمبر. فطبقاً لهذه المذكرة تعهدت الحكومة البريطانية بألا تقيم في فلسطين ـ وهي الداخلة في الأراضي التي تحتلها قوات الحلفاء ـ أي نظام من أنظمة الحكم لا يقبله أهل البلاد، وأنها سوف تتمسك بهذا التعهد دوماً.

ولما كانت المذكرة البريطانية السابقة قد جاءت بعد إتفاقية سايكس/ بيكو وتصريح بلفور، والمبادئ الأربعة عشر التي أعلنها الرئيس ولسن (ومنها إنهاء المعاهدات السرية وحق تقرير المصير للشعوب التي كانت خاضعة للحكم العثماني) فقد ظن العرب أن بريطانيا قد صححت موقفها، خاصة وأن الحكومة البريطانية عملت على نشر هذه المذكرة في كل بلدان المشرق العربي، وعلى ذلك تفاءل العرب وأسرفوا في حسن الظن ببريطانيا، وأستجابوا بحماس لنداء الجنرال "اللنبي" لبذل أقصى الجهود في الحملة العسكرية على سورية، معتقدين أنهم سيحظون بالحرية والاستقلال والوحدة بعد التخلص من نير الحكم التركي، ولم يدرك العرب إلا بعد فوات الأوان أن بريطانيا وفرنسا مصممتان على تنفيذ إتفاقية سايكس/ بيكو تنفيذاً صارماً.

فقد فاجأت بريطانيا العرب بعد إتمام احتلال فلسطين بوضع تلك البلاد كلها تحت حكم إدارة عسكرية بريطانية أُطلق عليها اسم الإدارة الجنوبية لبلاد العدو المحتلة برئاسة مدير عام كان مقره في القدس ويتبع الجنرال اللنبي. وبدأت هذه الإدارة فور تشكيلها بوضع تصريح بلفور موضع التنفيذ، دون انتهاء الحرب أو عقد الصلح.



المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49229
العمر : 72

المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين   المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين Emptyالخميس 26 أكتوبر 2023, 2:00 am

رابعاً: تسويات ما بعد الحرب
1. إتفاقية فيصل/ وايزمان
بتوقف القتال وإعلان الهدنة يوم 11 نوفمبر 1918 انتهت الحرب العالمية الأولى، وبدأت مرحلة جديدة شهد العالم فيها مزيداً من الصراع السياسي بين الدول الكبرى المنتصرة على اقتسام الأسلاب وكانت فلسطين وشعبها العربي من أولى ضحايا هذه الحرب.
وقد اقترحت الحكومة البريطانية على الملك حسين أن يرسل مندوباً عنه إلى مؤتمر الصلح، وأوعزت إليه ـ عن طريق مستشاره البريطاني الكولنيل "توماس لورنس" ـ أن يكون ابنه الأمير فيصل مندوبه أمام المؤتمر.
فأرسل الملك إلى ابنه، الذي كان آنذاك في حلب، يأمره بالسفر سريعاً إلى أوروبا.
وبعد قضاء أسبوعين في فرنسا لم يلق فيهما إلا استقبالاً فاتراً، توجه الأمير فيصل وبصحبته الكولونيل لورنس إلى إنجلترا يوم 18 ديسمبر 1918.
وبالرغم من الاستقبال الرسمي الحافل الذي لاقاه في لندن، فقد كان عليه أن يواجه بخبرته السياسية المحدودة ثلاثاً من أعتى القوى الإستعمارية المحنكة، وهي الحكومة الفرنسية والحكومة البريطانية والمنظمة الصهيونية، فقد كانت الأولى مصممة على وضع سورية (بما فيها منطقة لبنان) تحت الإنتداب الفرنسي، وأن تجعل فلسطين منطقة دولية طبقاً لاتفاقية سايكس/ بيكو، كما كانت الثانية تعمل على جعل فلسطين منطقة نفوذ لها بفرض الانتداب البريطاني عليها، بينما كانت المنظمة الصهيونية من ناحية ثالثة مصممة على تنفيذ مشروعها في فلسطين استناداً إلى تصريح بلفور.
وعندما بدأت اتصالات الأمير فيصل الأولى في العاصمة البريطانية كان "جورج كلمنصو" رئيس وزراء فرنسا في لندن يتفاوض مع "لويد جورج" رئيس الوزراء البريطاني حول توزيع الأسلاب. وأدرك الأمير فيصل أن فرنسا تقف منه موقفاً عدائياً، فهي تعارض قبوله عضواً في مؤتمرالصلح من ناحية، كما تعارض في تعيينه رئيساً على الإدارة الشرقية لبلاد العدو المحتلة التي انشئت في سورية بعد طرد الأتراك منها من ناحية ثانية، كما أدرك أن اتفاقية سايكس/ بيكو أصبحت حقيقة واقعة.
ولم يقتصر الأمر في لندن على الموقف الفرنسي المعادي للأمير فيصل، والذي سيطيح بأحلامه في سورية، فقد كان زعماء الحركة الصهيونية أيضاً يضغطون على الحكومة البريطانية لاتخاذ خطوات عملية في مؤتمر الصلح لإنشاء الوطن القومي في فلسطين، وعلى ذلك سعت الخارجية البريطانية إلى الحصول على قرار صريح من الأمير فيصل بالموافقة على تصريح بلفور واتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذه، ومن ثم أشارت عليه بالاجتماع بالدكتور حاييم وايزمان لهذا الغرض، وأوضحت الحكومة البريطانية له بجلاء أن تحقيق المطالب العربية يتوقف على اتفاقه مع الصهيونيين، في الوقت الذي أفهمه فيه المستشارون البريطانيون أن عدم توصله إلى اتفاق مع الصهيونيين يسئ إلى علاقاته مع الحكومة البريطانية التي كان حريصاً على رضائها لمساندته في مواجهة الفرنسيين الرافضين له.
ومن ناحية أخرى حاول الصهيونيهن إقناع الأمير فيصل بأنهم لا يهدفون إلى إقامة حكومة يهودية في فلسطين، وأن تنفيذ وعد بلفور لا يتعارض مع مطالب العرب القومية.
وأن فلسطين ستشهد رخاءاً مادياً كبيراً نتيجة لمشروعات التنمية الاقتصادية التي سيقوم بها يهود أوروبا والولايات المتحدة، وأنهم في مقابل اعتراف فيصل بتصريح بلفور سيقومون بتأييد المطالب العربية القومية، وبذل نفوذهم الكبير في الأوساط الدولية لتحقيقها.
وإزاء هذه الضغوط والإغراءات أذعن الأمير فيصل للمطالب البريطانية، فقد كان خوفه من أطماع فرنسا في سورية أقوى من خوفه من أطماع الصهاينة في فلسطين.
واستقر الرأي على أن يصدر هذا الاعتراف في شكل أتفاقية مكتوبة وقعها الأمير فيصل نيابة عن العرب والدكتور وايزمان نيابة عن المنظمة الصهيونية في الثالث من يناير 1919. (اُنظر ملحق اتفاقية فيصل ـ وايزمن (3 يناير 1919))
وهكذا أبرم فيصل أتفاقية خطيرة لم يفوضه أحد فيها، عصفت بمبدأ الوحدة العربية، وخرجت عن قرارات المؤتمرات الوطنية في سورية وفلسطين، ففي هذه الاتفاقية قرر الأمير صراحة موافقته على تصريح بلفور (المادة الثالثة)، وسجل وعده باتخاذ الوسائل السريعة الكفيلة بتنفيذ هذا التصريح وفي مقدمتها فتح أبواب فلسطين للهجرة والاستيطان الصهيوني (المادة الرابعة)، ثم ألزم العرب بتنسيق خططهم مع الصهيونيين أمام مؤتمر الصلح في فرساي، فيما يختص بالمسائل التي تناولتها هذه الاتفاقية (المادة الثامنة)، وهو ما يعني الا تتعارض المطالب العربية مع المطالب الصهيونية.

ويبدو أن الأمير فيصل هاله ما وقع عليه في هذه الاتفاقية التي كتبها لورنس باللغة الانجليزية، فأضاف عليها بخط يده باللغة العربية تحفظاً جاء نصه:
"يجب على أن أوافق على المواد المذكورة أعلاه بشرط أن يحصل العرب على استقلالهم كما طلبت بمذكرتي المؤرخة في الرابع من شهر يناير 1919، المرسلة إلى وزارة خارجية حكومة بريطانيا العظمى، ولكن إذا وقع أقل تعديل أو تحويل فيجب ألا أكون عندها مقيداً بأية كلمة وردت في هذه الاتفاقية التي يجب اعتبارها ملغاة لا شأن ولا قيمة قانونية لها، ويجب ألا أكون مسؤولاً بأية طريقة مهما كانت.
وبالرغم من أن التحفظ الأخير ينسف الاتفاقية من الناحية القانونية، نظراً لأن البريطانيين وحلفاءهم أخلوا بتعهداتهم تجاه العرب والتي عُلق عليها التحفظ السابق، فقد كانت تلك الاتفاقية كسباً كبيراً للصهيونيين. فقد قرر وايزمان أن وجود هذه الاتفاقية في يده قبل أن يمثل أمام مؤتمر الصلح، كان سبباً كافياً جعل الدول الكبرى تقف موقفاً إيجابياً من الأماني الصهيونية.

2. مؤتمر الصلح في باريس
أ. المشاركة العربية والصهيونية في المؤتمر
عقد مؤتمر الصلح في باريس وحضر الأمير فيصل جلسته الافتتاحية يوم 18 يناير 1919 على رأس وفد عربي ضعيف ممثلاً للحجاز (بعد أن تخلت فرنسا عن تحفظها تجاه ذلك التمثيل).
وفي يوم 29 من نفس الشهر قدم الأمير فيصل مذكرة موجزة أمام المؤتمر حدد فيها المطالب العربية بشأن الاستقلال، وفي اليوم التالي قرر المؤتمر فصل سورية والعراق وفلسطين والجزيرة العربية فصلاً تاماً عن تركيا واستفتاء أهل البلاد في تقرير مصير أوطانها، واختيار دولة منتدبة عليها لإدارة شؤونها حتى تصل إلى مرتبة الاستقلال، وهو ما كان يعني تأجيل استقلال هذه الدول.
ووُجهت الدعوة للأمير فيصل لإلقاء كلمته في اجتماع المجلس الأعلى للحلفاء الذي عقد في وزارة الخارجية الفرنسية يوم 6 فبراير 1919، فقدم مذكرة للمجلس وألقى كلمة استغرقت 20 دقيقة طرح فيها القضايا المصيرية لشعوب المشرق العربي طرحاً هزيلاً لم يعترض فيه أو في مذكرته على تصريح بلفور، فقد قيده في هذا الشأن اتفاقيته السابقة مع وايزمان (التي وافق فيها على ذلك التصريح).
كما طالب الأمير بوضع العراق وفلسطين تحت انتداب إحدى الدول الكبرى، وتكلم عن الأخيرة كأنها أقليم منفصل عن سورية. وفي عرضه للقضية العربية طالب الأمير فيصل بالوحدة والاستقلال العربي الذي وعدت به بريطانيا على أساس أن العرب يقبلون مؤقتاً فرض وصاية احدى الدول العظمى، إذا ما كان هناك نص على إنشاء حكومة محلية نيابية.
وفي رده على إستفسارات الرئيس ولسن بعد الانتهاء من كلمته، أكد الأمير فيصل على أنه من الأفضل للبلاد العربية أن تكون دولة مستقلة موحدة، واقترح إيفاد لجنة تحقيق دولية يعينها مؤتمر الصلح تزور سورية وفلسطين ولبنان لاستطلاع رأي أهل البلاد في الوضع السياسي الذي يريدونه حتى يستطيع المؤتمر أن يضع تسوية عادلة لهذه المنطقة العربية. (اُنظر ملحق مذكرة الأمير فيصل إلى المجلس الأعلى للحلفاء في مؤتمر الصلح بباريس (6 من فبراير 1919))
وفي 23 فبراير استمع المجلس الأعلى للحلفاء إلى وجهة النظر الصهيونية التي مثلها خمسة من أقطاب الحركة الصهيونية كان على رأسهم الدكتور حاييم وايزمان وتركزت كلمات أعضاء الوفد الصهيوني على المطالبة بإنشاء وطن قومي يهودي يتطور مع الزمن ليصبح كومنولث يتمتع بالاستقلال الذاتي وأن يشمل هذا الوطن فلسطين وشرق الأردن وجنوب لبنان وشطراً من سورية وهو ما أطلق عليه وايزمان "فلسطين التاريخية".
وإستندوا في مطالبهم على تصريح بلفور وموافقة حلفاء بريطانيا على ذلك التصريح الذي طلبوا إدراجه في معاهدة الصلح. كما طالبوا أن تكون بريطانيا العظمى هي الدولة المنتدبة على فلسطين طبقاً للحدود التي أشاروا إليها، وقدموا للمجلس خريطة بها. (اُنظر خريطة الحدود في مؤتمر الصلح)
وعندما استفسر وزير الخارجية الأمريكية من وايزمان بعد إلقاء كلمته عما يقصده من عبارة "الوطن القومي لليهود"، أجاب الأخير "أنه إنشاء إدارة تنبثق من الظروف الطبيعية لفلسطين، وفي الوقت نفسه تحافظ على مصالح غير اليهود، وأنه بمضي الزمن وبفضل الهجرة اليهودية تصبح فلسطين يهودية، كما أن انجلترا انجليزية".
وفي نهاية كلماتهم قدم الوفد الصهيوني مذكرة في شكل مشروعات قرارات أرفقوا بها مذكرات فرعية لشرح وتوضيح ما جاء في المذكرة الرئيسية. (اُنظر ملحق مذكرة المنظمة الصهيونية إلى المجلس الأعلى لمؤتمر الصلح (23 من فبراير 1917))

ب. لجنة كنج ـ كرين
وعلى ضوء تعارض المصالح الذي ظهر خلال مؤتمر الصلح – سواء بالنسبة للدول الاستعمارية (فرنسا وبريطانيا) أو بالنسبة للعرب والحركة الصهيونية. عقد مجلس الأربعة (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا) جلسة بتاريخ 25 مارس، وافقت فيها تلك الدول ـ تحت ضغط الرئيس الأمريكي ـ على إرسال لجنة (تمثل فيها كل من الدول الأربعة بعضوين) إلى البلدان العربية المتنازع عليها لتقصي رغبة أهلها، إلا أنه سرعان ما تراجعت فرنسا عن موافقتها ولحقت بها بريطانيا بعد أن فشلت محاولتها لاستبعاد فلسطين من نشاط اللجنة، ووقفت إيطاليا موقفاً سلبياً حتى لا تسئ إلى حليفتيها، إلا أن الرئيس الأمريكي أصر على إرسال اللجنة حتى لو تشكلت من العضوين الأمريكيين فقط، وهو ما حدث فعلاً، مما جعل تلك اللجنة تعرف باسم "لجنة كنج ـ كرين" نسبة إلى عضويها "هنري كنج" و"شارل كرين".
ووصلت تلك اللجنة إلى يافا في العاشر من يونيه 1919. وبعد أن طافت بكل من فلسطين وسورية ولبنان وكليكيه واستمعت إلى كافة طوائف الشعب في كل منها توجهت إلى الأستانة لتكتب تقريرها بعد جولتها التي استمرت 43 يوماً تلقت فيها من الأهلين والهيئات 1863 عريضة. وقدمت اللجنة صورة من تقريرها المؤرخ في 28 أغسطس إلى الأمانة العامة لوفد الولايات المتحدة في مؤتمر الصلح، في الوقت الذي تم فيه تسليم أصل التقرير إلى الرئيس ولسن في واشنطن.
وطالبت اللجنة في تقريرها بالوحدة الإقليمية لسورية بحيث تشمل فلسطين ولبنان، مع منح الأخيرة الحكم الذاتي داخل إطار الوحدة السورية، وقررت اللجنة أن سورية ـ التي تشمل فلسطين ـ لا ترحب بالانتداب، وإن كانت ترحب بالمعونة الخارجية من الولايات المتحدة أو بريطانيا.
وبالنسبة للمشكلة الصهيونية، طالبت اللجنة بالحد من الأطماع الصهيونية في فلسطين، وقرر عضواً اللجنة أنهما استهلا دراسة المشكلة وهما مشبعان بالتحيز للصهيونية غير أن حقائق الموقف التي لمساها في فلسطين والمبادئ العامة التي أعلنها الحلفاء جعلتهما يوصيان بتحجيم المطامع الصهيونية في ظل الشعور العدائي ضدها الذي يمتد إلى كل سكان سورية وليس فلسطين وحدها، خاصة وأن اليهود في الأخيرة لا يمثلون أكثر من عشرة في المائة من سكان هذا البلد الذي اتفقت كلمة المسلمين والمسيحيين فيه على مقاومة الصهيونية، كما قررت اللجنة أنه لا يمكن إقامة حكومة يهودية في فلسطين دون إهدار الحقوق المدنية والدينية لغير اليهود فيها، وأن جميع الموظفين البريطانيين الذين التقت بهم اللجنة يعتقدون أن البرنامج الصهيوني لا يمكن تنفيذه إلا بقوة مسلحة لا تقل عن 50 ألف جندي، وهو ما يوضح ما في البرنامج الصهيوني من إجحاف بغير اليهود، فضلاً عن أن مطالبة الصهيونيين بفلسطين مبنية على كونهم احتلوها منذ ألفي عام، وهذه دعوى لا تستوجب الاهتمام والإكتراث.

وانتهت اللجنة فيما يخص فلسطين إلى التوصيات التالية:
(1) وجوب تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين "والعدول تماماً عن الخطة التي تهدف إلى جعل فلسطين حكومة (دولة ) يهودية ".
(2) ضم فلسطين إلى سورية المتحدة مثل باقي الأقسام الأخرى.
(3) وضع الأماكن المقدسة تحت إدارة لجنة دينية دولية يكون لليهود عضو فيها.
وقوبل التقرير السابق بمعارضة شديدة من الحكومتين الفرنسية والبريطانية، كما اتخذ الرئيس الأمريكي موقفاً سلبياً تجاه التقرير وتوصياته، وهو ما تُرجعه بعض المصادر إلى ما تعرض له الرئيس الأمريكي من ضغط صهيوني بعد عودته للولايات وقبل تلقيه تقرير اللجنة.
بينما ترجعه مصادر أخرى إلى إنشغال الرئيس ولسن بصراعه مع الكونجرس الأمريكي بشأن انضمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى عُصبة الأمم عندما عرض عليه ذلك التقرير، إلا أنه يمكن القول أن كل هذه الاسباب كانت وراء سلبية الرئيس ولسن في ظل التقرير الذي قدمه قسم المخابرات الملحق على الوفد الأمريكي للاسترشاد به، فقد أوصى ذلك التقرير بفصل فلسطين عن البلاد العربية المجاورة، ووضعها تحت الإنتداب البريطاني مع دعوة يهود العالم للاستيطان فيها، أما الاماكن المقدسة فقد أوصى تقرير المخابرات بوضعها تحت حماية عصبة الأمم (التي كان سيجري إنشاؤها) والدولة المنتدبة، (اُنظر ملحق توصيات قسم المخابرات الملحق بالوفد الأمريكي لدى مؤتمر الصلح مقدمة للرئيس ولسون (21 يناير 1919)). وهكذا بقي تقرير لجنة "كنج ـ كرين" مجرد مشورة غير ملزمة.
وفي 28 أبريل 1919 أقر مؤتمر الصلح المنعقد في باريس ميثاق عصبة الأمم، وضُمِّن هذا الميثاق في معاهدة فرساي في 28 يونيه من نفس العام، وتناولت المادة الثامنة من ذلك الميثاق "نظام الإنتداب بإشراف عصبة الأمم". وهو نظام استعماري جديد اُقترح كمخرج للتناقض بين مبدأ حق تقرير المصير الذي اُعلنته دول الحلفاء أثناء الحرب وسعيها لضمان مصالحها الاستعمارية في مؤتمر الصلح بعد الحرب، وحددت المادة 22 من ذلك الميثاق المستقبل السياسي لبلدان المشرق العربي بعد الحرب حيث حددت لها انتداباً من الدرجة الأولى يقتصر على "إسداء المشورة الإدارية والفنية"، وقد شكلت تلك المادة الأساس القانوني والدولي الذي استند إليه "مؤتمر سان ريمو" أولاً، ثم معاهدتا "سيفر" و"لوزان" بعد ذلك في فرض الانتداب البريطاني علىفلسطين والعراق والانتداب الفرنسي على سورية ولبنان. (اُنظر ملحق Article 22 of the Covenant of the League of Nations)

3. الإنتداب الفرنسي والبريطاني على بلدان المشرق العربي
أ. الاتفاق العسكري وفصل فلسطين عن سورية
نتيجة للصراع بين فرنسا وبريطانيا على أسلاب الحرب أصبح الموقف في مؤتمر الصلح خلال صيف عام 1919 يهدد بوقوع أزمة سياسية عنيفة بين حلفاء الأمس، خاصة بعد تقرير لجنة كنج ـ كرين. فقد خشي رئيس الوزراء الفرنسي أن تخرج بلاده صفر اليدين من المشرق العربي، ورأى أنه إذا كان لا بدّ من تنسيق سياسة بلاده مع بريطانيا، فعلى الأخيرة أن تعترف بما تدعيه فرنسا لنفسها من حقوق في سورية استناداً إلى اتفاقية سايكس/ بيكو. وأمام الالحاح الفرنسي استأنفت بريطانيا وفرنسا مباحثاتهما لتحديد الوضع النهائي للبلدين في المشرق العربي.
وأسفرت المباحثات التي دارت بين كلمنصو ولويد جورج عن التوصل إلى اتفاق عسكري بين الحكومتين في 15 سبتمبر 1919 أجرى تعديلات جوهرية على اتفاقية سايكس/ بيكو.

وكان أهم المبادئ التي تضمنها هذا الاتفاق العسكري هي:
(1) اعتراف فرنسا بفلسطين منطقة نفوذ بريطاني ووضعها كلها تحت الإنتداب البريطاني.
(2) إبقاء منطقة شرق الأردن تحت الاحتلال البريطاني.
(3) احلال الجيش الفرنسي محل الجيش البريطاني في سورية ولبنان وكليكيا، مع ترك دمشق وحمص وحماه وبعلبك خارج منطقة الاحتلال.
وكان على الدولتين بعد ذلك تضمين هذا الاتفاق معاهدة الصلح مع تركيا حتى يمكنهما وضعه موضع التنفيذ، إلا أنه على أثر تسرب أنباء هذا الاتفاق اشتعل الموقف في سورية وأعلن السوريون تمسكهم بفلسطين وأقبلوا على معسكرات التدريب العسكري يتدربون على القتال تحت إشراف الضباط الوطنيين الذين أحيلوا إلى التقاعد، واستجاب الأمير زيد (الابن الأصغر للملك حسين والذي كان ينوب عن أخية الأمير فيصل في حكم سورية أثناء غياب الأخير في باريس) لرأي الحكومة العربية التي شكلها أخوه في دمشق بعدم الإنفراد بالعمل في هذه المرحلة الخطيرة، فدعا المؤتمر السوري إلى الاجتماع في 22 نوفمبر 1919، وأصدر المؤتمر في 24 من نفس الشهر قراراً أعلن فيه تمسكه بالاستقلال التام لسورية بحدودها التي أقرها المؤتمر يوم 2 يوليه وسلمها إلى لجنة كنج/ كرين، وأعلن المؤتمر أنه لا يقبل تفتيت دولة سورية بأي حال من الأحوال، إلا أن الأمير فيصل خيب ظن الشعب السوري بتوقيعه اتفاق مع الفرنسيين في السادس من يناير 1920 وافق فيه ضمنياً على فصل فلسطين عن سورية، كما وافق صراحة على فصل لبنان أيضاً ووضعه تحت الإنتداب الفرنسي، أما سورية نفسها فقد أقر أن تكون هي الأخرى تحت الانتداب الفرنسي وإن لم يرد ذلك صراحة في الاتفاق الذي أبرمه.
على أثر الإتفاق الأخير تزايدت النقمة الشعبية على الأمير فيصل الذي اتهمته الجماهير العربية بالتفريط، وتعالت الأصوات في سورية وفلسطين تطالب الزعماء بأن يأخذ العرب أمورهم بأيديهم لوضع القوى الاستعمارية أمام الأمر الواقع، واستقر الرأي أن يعلن المؤتمر السوري العام استقلال سورية بحدودها الطبيعية بما فيها لبنان وفلسطين استقلالاً تاماً، ومبايعة فيصل ملكاً دستورياً عليها، وهو ما تم فعلاً، في اجتماع المؤتمر يوم 7 مارس. وفي اليوم التالي جرت البيعة في دار البلدية في دمشق.
وبالرغم من أن القرارات السابقة كانت تعبيرا عن الإرادة الشعبية وتصويراً لأهداف الحركة القومية العربية في الاستقلال والوحدة، وتحدياً للاستعمار والصهيونية، إلا أنها لم تؤد إلى تغيير الموقف على أرض الواقع، فقد رفضت بريطانيا وفرنسا القرارات العربية السابقة، وظلت الأولى تحتل فلسطين والعراق، كما ظلت الثانية تحتل المناطق الساحلية في سورية ولبنان.

ب. مؤتمر سان ريمو
بالرغم من رفض بريطانيا وفرنسا لقرارات المؤتمر السوري يومي 7،8 مارس، فقد رأت الدولتان في التطورات السابقة دافعاً إلى سرعة تسوية تفاصيل المسائل المعلقة بينهما وتقنينها، فسارعت الدولتان إلى عقد المجلس الأعلى للحلفاء في سان ريمو بإيطاليا في 19 أبريل 1920، وخلال اجتماعات هذا المجلس تقرر رسمياً ندب فرنسا على سورية ولبنان، كما تقرر ندب بريطانيا على فلسطين والعراق الذي ضم عليه منطقة الموصل وبادرت بريطانيا بإبلاغ هذه القرارات إلى الملك فيصل، ثم سارعت بإعلان قرار انتدابها على فلسطين (الذي تضمن تنفيذ وعد بلفور) على الشعب الفلسطيني قبل أن يستكمل هذا القرار شكله القانوني في معاهدتي الصلح مع الحكومة التركية (معاهدة سيفر ثم معاهدة لوزان).
وقد أدى هذا الإعلان إلى موجة عارمة من السخط على بريطانيا وإعلان كافة التجمعات الإسلامية والمسيحية في البلاد رفضها للهجرة اليهودية واحتجاجها لدى الإدارة العسكرية في القدس على قرار المجلس الأعلى للحلفاء الذي يخالف مطالبهم التي قدموها إلى لجنة كنج/ كرين.
إلا أن كل الاحتجاجات السابقة لم يكن لها أدنى صدى لدى الحكومة البريطانية، فقد مضت المؤامرة الاستعمارية في طريقها المرسوم للقضاء على عروبة فلسطين وتهويدها. وكانت أولى هذه الخطوات بعد وضعها تحت الإنتداب هي تعيين الوزير الصهيوني "هربرت صموئيل" مندوباً سامياً لبريطانيا في فلسطين بعد أن تم تحويل الإدارة العسكرية في القدس إلى إدارة مدنية اعتباراً من أول يوليه 1920.
وحاولت الحكومة البريطانية تهدئة الشعب العربي في فلسطين بعد الإضطرابات التي حدثت في البلاد في أعقاب إعلان الانتداب البريطاني عليها متضمناً وعد بلفور، فأصدر ونستون تشرشل وزير المستعمرات الكتاب الأبيض الأول في يونيه 1922 لتوضيح السياسة البريطانية تجاه فلسطين، إلا أن هذا الكتاب أكد على نية الحكومة البريطانية لوضع وعد بلفور موضع التنفيذ، كما أكد على ضرورة فتح فلسطين للهجرة اليهودية وهو ما شكره عليه حاييم وايزمان في خطابه إليه بتاريخ 18 يونيه من نفس العام. (اُنظر ملحق الكتاب الأبيض الذي أصدره وزير المستعمرات البريطانية "مستر تشرشل" في يونيه 1922) و(ملحق خطاب وايزمان إلى تشرشل في 18 يونيه سنة 1922 ردا على الكتاب الأبيض)

ج. معاهدتا سيفر ولوزان
حرصت الحكومة البريطانية على إعطاء وضعها في فلسطين وإجراءات تهويدها الصبغة القانونية الدولية، خاصة أن أهداف انتدابها على فلسطين تختلف عن انتدابها على البلدان الأخرى، وقد تمت أولى هذه الخطوات بقرارات مؤتمر سان ريمو التي وضعت فلسطين تحت الإنتداب البريطاني مع وضع تصريح بلفور موضع التنفيذ.
إلا أن المركز القانوني لفلسطين كجزء من الدولة العثمانية كان يحول دون أخذ هذه القرارات شكلها القانوني، لذلك حرصت بريطانيا على تضمين معاهدة سيفر ـ التي فُرضت على الحكومة التركية في 10 أغسطس عام 1920 ـ اعترافاً بسلخ فلسطين وسائر الأقطار العربية عنها.
وقد حرصت بريطانيا عند صياغة مواد الإنتداب على فلسطين أن تجيء هذه الصياغة محققة لأهداف الانتداب في تهويد فلسطين، ففي الوقت الذي نصت فيه المادة 94 من معاهدة سيفر على الاعتراف بكل من سورية والعراق كدولة مستقلة بشرط أن تُمد بالمشورة والمعاونة الإدارية من قبل دولة منتدبة إلى أن تصبح قادرة على حكم نفسها بنفسها طبقاً للمادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، فقد نصت المادة 95 من تلك المعاهدة على أن يُعهد بإدارة فلسطين ـ طبقاً لأحكام المادة 22 نفسها ـ إلى دولة منتدبة تختارها الدول الكبرى المتحالفة، "وأن تكون هذه الدولة المنتدبة مسؤولة عن تنفيذ تصريح بلفور الذي أصدرته الحكومة البريطانية في الأصل بتاريخ 2 نوفمبر 1917، وأقرته دول الحلفاء الأخرى من أجل إنشاء وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي".
كما نصت المادة 96 من نفس المعاهدة على أن "تضع الدول الكبرى المتحالفة شروط الانتدابات الخاصة بسورية والعراق وفلسطين، ثم تعرضها على عصبة الأمم للموافقة عليها".
إلا أن معاهدة سيفر ـ التي فرضت صلحاً جائراً على الدولة العثمانية ـ لم تستمر طويلاً، فقد استفزت تلك المعاهدة أحرار تركيا الذين صحت عزيمتهم على الكفاح ضد الحكومة العثمانية والحلفاء ومعاهدة سيفر على حد سواء، وقادوا في تركيا حركة وطنية بزعامة مصطفى كمال أتاتورك وشكلوا المجلس الوطني في أنقره عام 1920. وقرر ذلك المجلس بطلان كافة المعاهدات والإتفاقيات التي ارتبطت بها الحكومة العثمانية بعد احتلال الحلفاء للأستانة في 10 مارس 1920.
وبذلك عُدت معاهدة سيفر ملغاة في نظر أحرار تركيا الذين شنوا حرباً ضد القوات اليونانية وأجبروها على الجلاء عن أزمير في سبتمبر 1922، بعد أن وقفت إنجلترا وفرنسا موقفاً محايداً. وفي 19 أكتوبر من نفس العام دخلت قوات المجلس الوطني الأستانة وأعلنت الجمهورية التركية بعد هروب السلطان محمد السادس في 17 نوفمبر 1922. وبذلك أصبحت حكومة المجلس الوطني الحكومة الشرعية الوحيدة في تركيا.
وخلال هذه الأحداث التي تعاقبت بسرعة كانت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا قد دعت الدول التي شاركت في الحرب على الجبهة التركية إلى مؤتمر للصلح في لوزان (بسويسرا).
وخلال ذلك المؤتمر استطاعت الحكومة التركية الجديدة محو عار معاهدة سيفر واستردت الأقاليم التي نُزعت منها في الأناضول، إلا أنها تنازلت عن جميع حقوقها في الأقطار العربية التي سلخت عنها حسبما جاء بالمادة السادسة عشرة من معاهدة لوزان التي تم توقيعها في 24 يوليه 1923، وهكذا تم تقنين التآمر الدولي على فلسطين، وبقي أن تصادق عصبة الأمم على هذا التآمر في صك الانتداب.
***********************
[1] عند اندلاع الحرب العالمية الأولى تشكلت لجنة سرية في دمشق من عرب سورية والرافدين والجزيرة العربية، ووضعت هذه اللجنة برنامجاً لاستقلال البلاد العربية والتعاون مع الحلفاء، وأرسل هذا البرنامج إلى الشريف حسين وترك له إذا ما وافق عليه أن يتفاوض مع بريطانيا بشأن تنفيذه في مقابل مساندة العرب لها في الميدان.
[2] الشرق الأدنى تعبير دبلوماسي أطلقته وزارة الخارجية البريطانية على المنطقة التي تشمل، حالياً، تركيا وسورية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن ومصر.
[3] كان عدد سكان فلسطين طبقا للاحصاء العثماني عام 1914 قد بلغ 272 689 نسمة، منهم ما لا يزيد عن 60 ألف يهودي. كما كان هناك 54 مستعمرة يهودية لا يعمل منها سوي 35 مستعمرة يسكنها ما يقرب من 12 ألف مستوطن من جملة اليهود في فلسطين.
[4] كان هربرت صموئيل من غلاة الصهاينة الأنجليز الذين دعوا إلى المشروع الصهيوني في فلسطين وحاول إقناع وزير الخارجية البريطانية به قبل دخول تركيا الحرب واتصال وايزمان به، ثم أصبح فيما بعد أول حاكم لفلسطين في ظل الانتداب البريطاني عليها ليمهد الأرض فيها لغرس المشروع الصهيوني.
[5] يوضح الطلب البريطاني مدى قوة النفوذ والتأثير الذين كانا لليهود على مسرح السياسة الدولية حتى في هذا التاريخ المبكر للحركة الصهيونية.
[6] كان إدوين منتاجو يهوديا يؤمن بالاندماج في المجتمع الذي يعيش فيه، كما كان يرى أن إثارة موضوع القومية اليهودية قد يثير مشاكل في الهند التي تتعدد فيها الديانات.
[7] كانت الحكومة البريطانية قد سبق لها عرض الموضوع على الرئيس الأمريكي في سبتمبر 1917، إلا أن الأخير أوضح للحكومة البريطانية أن الوقت غير ملائم لمثل ذلك التصريح، وقد فسرت الحكومة البريطانية ذلك على أنه موافقة على المبدأ ولكن الاعتراض منصب على التوقيت.
[8] العَرَّاب: كلمة غير عربية.
معناها، عند النصارى، الكفيل والضامن.
وتجوزوا في المعنى، حتى اتَّسع ليتضمن معنى النصير والمزكي والحليف والظهير.



المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث الرابع: مرحلة التآمر الدولي على فلسطين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الثالث: مرحلة انطلاقة الصهيونية السياسية
» المبحث الثاني: مرحلة التكوين الفكري للحركة الصهيونية
» المبحث الخامس: السياسة البريطانية وتهويد فلسطين
» المبحث السادس: تطور المشروع الصهيوني في فلسطين
» المبحث الثامن: تطور المشروع الصهيوني في فلسطين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: جـــديــد المـوضــوعـــــات بالمنتــدى :: قـضيـــة فـلـسطــــين-
انتقل الى: