توهُّم عدم المطابقة بين التمييز والمميَّز
توهُّم عدم المطابقة بين التمييز والمميَّز Ocia_a21
أي جريان التمييز على نسق كلام العرب في العدد والمعدود، وقد ظن المتوهِّم وجودَ مخالفة للقاعدة النحوية في قول الله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} الكهف: 25؛ حيث إنَّ تمييز العدد "ثلاثمائة" يجب إفراده، فاللغة تقول: عندي ثلاثمائة كتاب، لا ثلاثمائة كتب، والصواب -في زعمهم- أن يُقال: ثلاثمائة سنة.

وقد جهل صاحب هذه الشبهة أمرين: الأول:
أن كلمة "سنين" في الآية على هذه القراءة بتنوين "ثلاثمائةٍ" ليست تمييزًا، بل هي عطف بيانٍ، والتقدير: فلبثوا في كهفهم سنينَ ثلاثَمائةٍ، فكلمة "سنين" تفسير للعدد، وهي منصوبة بالفعل "لبثوا".

ومنه قول عنترة:
فيها اثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً *** سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ

فجعل "سُودًا" مكان "سوداء".

الثاني:
أن من العرب من يضع السنين في موضع سنة، وعلى هذا قراءة حمزة، و الكسائي، وطلحة، ويحيى، والأعمش، والحسن، وابن أبي ليلى، وخلف وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهاني، وابن جبير الأنطاكي: "ثلاثمائةِ سنين" بغير تنوين في "ثلاثمائة" وإضافة "سنين" إليها.          

والمُراد في هذه القراءة:
ثلاثمائة سنة؛ لأن العرب قد تضع الجمع في موضع المفرد[1].

وعلى كلتا القراءتين فلا خطأ في الآية ولا مخالفة.
********************************
[1] معاني القرآن للفراء 2 : 138، البحر المحيط 6 : 117.