عون الرحمن في وسائل استثمار رمضان (29)
مـحـمــــــــود الـعـشــــــــــــــري
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الوسيلة الثامنة والخمسون: الإحسان إلى الحيوان Ia_aya24
الوسيلة الثامنة والخمسون: الإحسان إلى الحيوان
إن دين الإسلام يمتاز باهتمامه بالأخلاق الحسنة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما بُعْثِت لأُتَمِّم مكارم الأخلاق))، وقد كَتب الله الإحسان على كلِّ شيء، فأحْسِن يُحْسِنِ الله إليك.
أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ
فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ


ولا يَقتصر الإحسان على ذلك، بل يمتدُّ إلى كلِّ ما حوْلك، حتى الحيوان؛ فقد ذكَر -صلى الله عليه وسلم-: "أنَّ رجلاً رأى كلبًا يأكل الثَّرى من العطش، فأخَذ الرجل خُفَّه، فجعَل يَغرِف له به، حتى أرْواه، فشكَر الله له فأدْخَله الجنة"؛ كما في البخاري، قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم أجرًا؟ قال: ((في كل كبدٍ رَطْبة أجر)).

وفي الصحيحين: ((بينما كلْب يُطيف بِرَكِيَّةٍ كاد يَقتله العطش، إذ رأتْه بَغِيٌّ من بَغايا بني إسرائيل، فنَزَعت مُوقَها فسقَتْه، فغُفِر لها به))، وفي المقابل: ((دخَلت امرأة النار في هِرَّة حبستْها، فلا هي أطعمتْها، ولا هي ترَكتْها تأكل من خَشاش الأرض))؛ كما في الصحيحين.

الحيوانات خَلْق من خَلْقِ الله تعالى، سخَّرها لخدمة الإنسان ولإعانته على طاعة الله تعالى، وأيضًا من عِلَّة تسخيرها له إعانته على عمارة الأرض، وتيسير قضاء الحوائج.

ومن الأدب في التعامل مع الحيوان:
1- إطعامها وسقيها إذا جاعَت وعَطِشت.

2- رحمتها والإشفاق عليها، وعدم إيذائها، فإن كان لكَ شوقٌ إلى الرحمة من الله تعالى، فكنْ رحيمًا لنفسك ولغيرك، ولا تستبدَّ بخيرك؛ فارْحَم الجاهل بعِلْمك، والذليل بجَاهك، والفقير بمالك، والكبير والصغير بشَفَقتك ورأْفتك، والعُصاة بدعوتك، والبَهائم بعَطفك ورفْع غضبك؛ فأقربُ الناس من رحمة الله تعالى أرحمُهم لخَلْقه.

3- ألاَّ يَحول بين الحيوان وبين ولَده إلاَّ لضرورة؛ فـ((مَن فرَّق بين والدة وولدها، فرَّق الله بينه وبين أحبَّته يوم القيامة))؛ كما في صحيح سُنن الترمذي.

4- إراحتها عند ذَبْحها أو قتْلها؛ كما في صحيح مسلم.

5- عدم إيذائها أو تعذيبها بأيِّ نوعٍ من أنواع العذاب.

6- عدم لَعْن الدواب.

7- عدم وَسْم الحيوان في وجْهه، أو ضَرْبه عليه؛ فالضرب على الوجْه مَنهيٌّ عنه في كلٍّ أحد - الإنسان والحيوان - لكنَّه في الآدمي أشدُّ؛ لأن الوجْه مَجمع المحاسن، ولأنه يَظهر فيه أثر الضَّرْب، ورُبما شَانَه، ورُبَّما آذى بعضَ الحواس.

8- عدم تعليق الأجراس في رقبتها؛ فـ((لا تَصْحب الملائكة رُفْقةً فيها كلْبٌ ولا جَرَس))؛ كما روى مسلم.

9- عدم الوقوف على الدابة؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك في الحديث الصحيح في المسند.

10- يجوز ركوب أكثر من واحدٍ على الدابة، إن عُلِم قوة تحمُّلها لذلك؛ فقد رَكِب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرْدَف خلفه ابن عباس - رضي الله عنه.

11- جواز قتل المؤذي منها؛ مثل: الكلب العقور، والذئب، والحيَّة، والفأر، وغير ذلك.

12- معرفة حق الله تعالى فيها؛ بأداء زكاتها مما يُزكَّى.

13- عدم التشاغل بها عن طاعة الله تعالى، أو اللهو بها عن ذِكره -عزَّ وجلَّ.

14- ألاَّ يُحمِّل الدوابَّ فوق طاقتها.

فاجتهد أخي الحبيب -يا بن الإسلام- في تحرِّي الإحسان في معاملاتك كلِّها، وضْع نُصْب عينيك قولَ الله: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195].
--------------------------------------------------------------