عون الرحمن في وسائل استثمار رمضان (28)
مـحـمــــــــود الـعـشــــــــــــــري
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
  الوسيلة التاسعة والثلاثون: تذكير الغافلين Ia_aya51
الوسيلة التاسعة والثلاثون: تذكير الغافلين
لماذا لا نستغِلُّ تصفيد الشياطين، وفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النِّيران، وانكسار النفوس، ورقَّة القلوب في هذا الشهر؟! أين الجلسات الانفراديَّة بالزملاء الغافلين، والتحدُّث معهم، ونُصْحُهم لاستثمار شهر رمضان، وإهداؤهم الشريط، أو الكتاب، أو غير ذلك من الهدايا النافعة؛ فإنَّ النفوس مهيَّأة؟! و((رَغِمَ أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنفُ مَن أدرك رمضان ولم يُغفَر له))؛ كما روى الترمذي، وصحَّحه الألباني.

• الانتباه إلى تعاقب الليل والنهار، والانتباه إلى مرور الوقت، وتقصير الأمل، والحذر من الكسل، قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما رواه الحاكم والبيهقيُّ وصححه الألباني: ((اغتَنِمْ خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)).

وثبت في "صحيح البخاري" عن ابن عمر -وروي مرفوعًا-: ((إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصَّباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك))، وهذا يدلُّنا على أنسب ما يكون فيه الأمل: أن يعدَّ الإنسان يومه الذي هو فيه آخِرَ أيامه، وليلته التي هو فيها آخرَ لياليه، أمَّا ما دون ذلك، فالتزامه يؤدِّي إلى العجز وعدم إمكانية العمل في الحياة.

والنَّاس في طول الأمل بين إفراطٍ وتفريط؛ فمثال الإفراط قولُ القائلين: "لا ينبغي للمرء إذا خرج منه النَّفَس أن ينتظر أن يعود إليه"، كما هو مشتهرٌ عند المتصوِّفة وبعض العُبَّاد، فهذا وهْمٌ كبير؛ لأنَّ مَن كان حاله كذلك فسوف يدع العمل، ولن يتكسَّب في دنياه شيئًا، بل ستتعطَّل دنياه وأخراه لو صدَق، ومثال التفريط مَن لا ينتظر الموت أبدًا، وينفر ممن يُذكِّره به، وهذا الصنف هو الأغلب في هذه الأمَّة؛ ولذا كان طول الأمد من أخطر ما يخشاه عليها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم.
-------------------------------------------------