منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Empty
مُساهمةموضوع: ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك   ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 11:25 pm

ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك:
في سنة أربع وثلاثين من الهجرة، قال سيف بن عمر: إن (1) رجلا يقال له: عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأظهر الإسلام، وصار إلى مصر، فأوحى إلى طائفة من الناس كلامًا اخترعه من عند نفسه، مضمونه أنه كان يقول للرجل: أليس قد ثبت أن عيسى بن مريم سيعود إلى هذه الدنيا (2)؟ فيقول الرجل: بلى، فيقول له: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل منه، فما يمنع أن يعود إلى هذه الدنيا وهو أشرف من عيسى! ثم يقول: وقد كان أوصى إلى علي بن أبي طالب؛ فمحمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء.
ثم يقول: فهو أحق بالأمر من عثمان، وعثمان معتد في ولايته ما ليس له.
فأنكروا عليه، فافتتن به بشر كثير من أهل مصر وكان ذلك مبدأ تألبهم على عثمان.
وفي سنة ست وستين وقع الطاعون بمصر (3).
وفي سنة سبعين كان الوباء بمصر، قاله الذهبي (4).
وفي سنة أربع وثمانين قتل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وقطع رأسه، فأمر الحجاج فطيف به في العراق، ثم بعث به إلى عبد الملك بن مروان، فطيف به في الشام، ثم بعث به إلى عبد العزيز بن مروان وهو بمصر، فطيف به فيها، ودفن بمصر،
_________
(1) الخبر في الطبري 4: 340.
(2) كذا في الأصول، وعبارة الطبري: "العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمدًا يرجع، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى".
(3) النجوم الزاهرة 1: 179: "وفيها كان الطاعون بمصر، ومات فيه خلائق عظيمة، وهذا خامس طاعون مشهور في الإسلام".
(4) في العبر 1: 78.
(2/274)
_________
وجثته بالرخج (1)، فقال بعض الشعراء في ذلك:
هيهات موضع جثة من رأسها ... رأس بمصر وجثة بالرخج
وفي سنة خمس وثمانين كان الطاعون بالفسطاط، ومات فيه عبد العزيز بن مروان أمير مصر.
وفي سنة خمس وأربعين ومائة، انتثرت الكواكب من أول الليل إلى الصباح، فخاف الناس.
ذكره صاحب المرآة.
وفي سنة ثمانين ومائة كان بمصر زلزلة شديدة سقطت منها رأس منارة الإسكندرية.
وفي سنة ست عشرة ومائتين، وثب رجل يقال له: عبدوس الفهري في شعبان ببلاد مصر، فتغلب على نواب أبي إسحاق بن الرشيد (2)، وقويت شوكته، واتبعه خلق كثير، فركب المأمون من دمشق في ذي الحجة إلى الديار المصرية، فدخلها في المحرم سنة سبع عشرة، وظفر بعبدوس، فضرب عنقه، ثم كر راجعا إلى الشام (3).وفي سنة سبع وثلاثين ومائتين ظهر في السماء شيء مستطيل دقيق الطرفين، عريض الوسط، من ناحية المغرب إلى العشاء الآخرة، ثم ظهر خمس ليل وليس بضوء كوكب، ولا كوكب له ذنب، ثم نقص.
قاله في المرآة.
وفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين، أقبلت الروم في البحر في ثلثمائة مركب، وأبهة عظيمة، فكبسوا دمياط، وسبوا وأحرقوا وأسرعوا الكسرة في البحر، وسبوا ستمائة امرأة، وأخذوا من الأمتعة والأسلحة شيئًا كثيرا، وفر الناس منهم في كل جهة،
_________
(1) الرخج: كورة أو مدينة من نواحي كابل.
(2) هو أبو إسحاق المعتصم، وكان من ولاته على مصر عيسى بن منصور بن موسى بن عيسى الرافقي، مولى بني نصر بن معاوية، وليها بعد عزل عبدويه بن جبلة عنها.
النجوم الزاهرة 2: 215.
(3) الحادثة مفصلة في النجوم الزاهرة 2: 215، 216.
(2/275)
_________
فكان من غرق في بحيرة تنيس أكثر ممن أسر، ورجعوا إلى بلادهم، ولم يعرض لهم أحد (1).
وفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين، زلزلت الأرض ورجمت السويداء "قرية بناحية مصر" من السماء، ووزن حجر من الحجارة فكان عشرة أرطال.
وفي سنة أربع وأربعين ومائتين، اتفق عيد الأضحى وعيد الفطر لليهود، وشعانين النصارى في يوم واحد.قال ابن كثير: وهذا عجيب غريب (2).
وقال في المرآة: لم يتفق في الإسلام مثل ذلك.
وفي سنة خمس وأربعين ومائتين زلزلت مصر، وسمع بتنيس ضجة دائمة طويلة، مات منها خلق كثير (3).
وفي سنة ست وستين ومائتين قتل أهل مصر عاملهم الكرخي.
وفي سنة ثمان وستين ومائتين، قال ابن جرير: اتفق أن رمضان كان يوم الأحد وكان الأحد الثاني الشعانين، والأحد الثالث الفصح، والأحد الرابع السرور، والأحد الخامس انسلاخ الشهر.
وفي سنة تسع وستين في المحرم، كسفت الشمس وخسف القمر، واجتماعهما في شهر نادر.
قاله في المرآة.
وفي سنة ثمان وسبعين ومائتين، قال ابن الجوزي: لليلتين بقيتا من المحرم طلع نجم ذو جمة، ثم صارت الجمة ذؤابة.
قال: وفي هذه السنة وردت الأخبار أن نيل مصر غار، فلم يبق منه شيء، وهذا شيء لم يعهد مثله، ولا بلغنا في الأخبار السابقة، فغلت الأسعار بسبب ذلك.
وفي أيام أحمد بن طولون تساقطت النجوم، فراعه ذلك فسأل
_________
(1) النجوم الزاهرة 2: 296.
(2) تاريخ ابن كثير 10: 346.
(3) ابن كثير 10: 346.
(2/276)
_________
العلماء والمنجمين عن ذلك، فما أجابوا بشيء، فدخل عليه الجمل الشاعر وهم في الحديث، فأنشد في الحال:
قالوا تساقطت النجو ... م لحادث فظ عسير
فأجبت عند مقالهم ... بجواب محتنك خبير
هذي النجوم الساقطا ... ت نجوم أعداء الأمير
فتفاءل ابن طولون بذلك، ووصله.
وفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين، زفت قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون، من مصر إلى الخليفة المعتضد، ونقل أبوها في جهازها ما لم ير مثله، وكان من جملته ألف تكة بجوهر وعشرة صناديق جوهر، ومائة هون ذهب، ثم بعد كل حساب معها مائة ألف دينار لتشتري بها من العراق ما قد تحتاج إليه مما لا يتهيأ مثله بالديار المصرية.
وقال بعض الشعراء:
يا سيد العرب الذي وردت له ... باليمن والبركات سيدة العجم
فاسعد بها كسعودها بك إنها ... ظفرت بما فوق المطالب والهمم
شمس الضحى زفت إلى بدر الدجى ... فتكشفت بهما عن الدنيا الظلم
وفي سنة أربع وثمانين ومائتين ظهر بمصر ظلمة شديدة، وحمرة في الأفق حتى جعل الرجل ينظر إلى وجه صاحبه فيراه أحمر اللون جدًّا، وكذلك الجدران، فمكثوا كذلك من العصر إلى الليل، فخرجوا إلى الصحراء يدعون الله ويتضرعون إليه حتى كشف عنهم.
حكاه ابن كثير (1).
وفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين، ظهر رجل بمصر يقال له: الخلنجي (2)، فخلع الطاعة واستولى على مصر، وحارب الجيوش، وأرسل إليه الخليفة المكتفي جيشًا فهزمهم
_________
(1) تاريخ ابن كثير 11: 76.
(2) هو محمد بن علي، قال صاحب النجوم الزاهرة: "شاب من الجند المصريين".
(2/277)
_________
ثم أرسل إليه جيشًا آخر عليهم فاتك المعتضدي، فهزم الخلنجي، وهرب، ثم ظفر به وأمسك، وسير إلى بغداد (1).
وفي سنة تسع وتسعين ومائتين، ظهر ثلاثة كواكب مذنبة، أحدها في رمضان، واثنان في ذي القعدة تبقى أياما، ثم تضمحل حكاه ابن الجوزي (2).
وفيها استخرج من كنز مصر خمسمائة ألف دينار من غير موانع، ووجد في هذا الكنز ضلع إنسان طوله أربعة عشر شبرا وعرضه شبر، فبعث به إلى الخليفة المقتدر (3)، وأهدى معه من مصر تيسًا له ضرع يحلب لبنا، حكى ذلك الصولي صاحب المرآة وابن كثير (4).
وفي سنة إحدى وثلاثمائة، سار عبد الله المهدي المتغلب على المغرب.
في أربعين ألفا ليأخذ مصر، حتى بقي بينه وبين مصر أيام، ففجر تكين (5) الخاصة النيل فحال الماء بينهم وبين مصر، ثم جرت حروب فرجع المهدي إلى برقة بعد أن ملك الإسكندرية والفيوم.
وفي سنة اثنتين وثلاثة مائة عاد المهدي إلى الإسكندرية، وتمت وقعة كبيرة، ثم رجع إلى القيروان (6).
وفي سنة ست وثلاثمائة أقبل القائم بن المهدي في جيوشه، فأخذ الإسكندرية وأكثر الصعيد، ثم رجع.
وفي سنة سبع كانت الحروب والأراجيف الصعبة بمصر، ثم لطف الله وأوقع المرض بالمغاربة، ومات جماعة من أمرائهم، واشتدت علة القائم.
_________
(1) انظر تفصيل الخبر في النجوم الزاهرة 3: 147-150، وكان ذلك الحادث في ولاية عيسى بن محمد الأمير أبو موسى النوشري.
(2) المنتظم 6: 109.
(3) ابن كثير: "وذكر أنه من قوم عاد".
(4) تاريخ ابن كثير 11: 116.
(5) تكين: والي مصر للمرة الرابعة، من قبل المقتدر.
(6) النجوم الزاهرة 3: 184.
(2/278)
_________
وفيها انقض كوكب عظيم، وتقطع ثلاث قطع، وسمع بعد انقضاضه صوت رعد شديد هائل من غير غيمٍ.
وفي سنة ثمان ملك العبيديون جزيرة الفسطاط، فجزعت الخلق، وشرعوا في الهرب والجفل.
وفي سنة تسع استرجعت الإسكندرية إلى نواب الخليفة، ورجع العبيدي إلى المغرب.
وفي سنة عشر وثلثمائة في جمادى الأولى ظهر كوكب له ذنب طوله ذراعان، وذلك في برج السنبلة، وفي شعبان منها أهدى نائب (1) مصر إلى الخليفة المقتدر هدايا من جملتها بغلة معها فلوها يتبعها، ويرجع معها، وغلام يصل لسانه إلى طرف أنفه.
حكاه صاحب المرآة وابن كثير (2).
وفي سنة ثلاث عشرة وثلثمائة في آخر المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس، فأضاءت الدنيا منه، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد.
وفي سنة ثلاث وثلثمائة في المحرم ظهر كوكب بذنب رأسه إلى المغرب وذنبه إلى المشرق، وكان عظيما جدًّا وذنبه منتشر، وبقي ثلاثة عشر يوما إلى أن اضمحلّ.
وفي سنة أربع وأربعين زلزلت مصر زلزلة صعبة هدمت البيوت، ودامت ثلاث ساعات، وفزع الناس إلى الله بالدعاء.
وفي سنة تسع وأربعين رجع حجيج مصر من مكة، فنزلوا واديا، فجاءهم سيل فأخذهم كلهم، فألقاهم في البحر عن آخرهم.
وفي سنة خمس وخمسين قطعت بنو سليم الطريق على الحجيج من أهل مصر، وأخذوا منهم عشرين ألف بعير بأحمالها، وعليها من الأموال والأمتعة ما لا يقوم كثرة، وبقي الحاج في البوادي، فهلك أكثرهم.
_________
(1) في ابن كثير: "وهو الحسين بن المارداني".
(2) تاريخ ابن كثير 11: 145.
(2/279)
_________
وفي أيام كافور الإخشيدي كثرت الزلازل بمصر، فأقامت ستة أشهر، فأنشد محمد بن القاسم بن عاصم قصيدة منها:
ما زلزلت مصر من سوء يراد بها ... لكنها رقصت من عدله فرحا (1)
كذا رأيته في نسخة عتيقة، من كتاب مذهب الطالبيين، تاريخ كتابتها بعد الستمائة، ثم رأيت ما يخالف ذلك كما سأذكر.
وفي سنة تسع وخمسين انقض كوكب في ذي الحجة، فأضاء الدنيا حتى بقي له شعاع كالشمس، ثم سمع له صوت كالرعد.
وفي سنة ستين وثلثمائة، سارت القرامطة في جمع كثير إلى الديار المصرية، فاقتتلوا هم وجنود جوهر القائد قتالًا شديدا بعين شمس، وحاصروا مصر شهورا؛ ومن شعر أمير القرامطة الحسين بن أحمد بن بهرام:
زعمت رجال الغرب أني هبتهم ... فدمي إذن ما بينهم مطلول
يا مصر إن لم أسق أرضك من دم ... يروي ثراك فلا سقاني النيل
وفي هذه السنة سار رجل من مصر إلى بغداد، وله قرنان، فقطعهما وكواهما وكانا يضربان عليه.
حكاه صاحب المرآة.
وفي سنة ثلاث وستين، خرج بنو هلال وطائفة من العرب على الحجاج، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وعطلوا على من بقي منهم الحج في هذا العام، ولم يحصل لأحد حج في هذه السنة سوى أهل درب العراق وحدهم.
وفي سنة سبع وستين كان أمير الحاج المصري الأمير باديس بن زيري، فاجتمع إليه اللصوص، وسألوا منه أن يضمنهم الموسم هذا العام بما شاء من الأموال، فأظهر لهم الإجابة، وقال: اجتمعوا كلكم حتى أضمنكم كلكم، فاجتمع عنده بضع وثلاثون لصًّا،
_________
(1) تمام المتون 67، وقبله:
بالحاكمِ العدْلِ أضحَى الدينُ معتليا ... نجل العلا وسليل السادة الصلحا
(2/280)
_________
فقال: هل بقي منكم أحد؟ فحلفوا أنه لم يبق منهم أحد، فعند ذلك أمر بقطع أيديهم كلهم.
ونعما فعل!
وفي سنة أربع وثمانين انفرد بالحج أهل مصر، ولم يحج ركب العراق ولا الشام لخوف طريقهم، وكذا في سنة خمس وثمانين والتي بعدها.
وفي سنة ست وثمانين قدمت مصر أربع عشرة قطعة من الأسطول، فقتلت ونهبت، وأحرقت أموال التجار، وأخذت سرايا العزيز وحظاياه، وكان حالًّا لم ير أعظم منه.
ذكره ابن المتوج.
وفي سنة تسعين أمر الحاكم بمصر بقتل الكلاب فقتلت كلها.
وفي سنة اثنتين وتسعين ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة انقض كوكب أضاء كضوء القمر ليلة التمام، ومضى الضياء، وبقي جرمه يتموج (1) نحو ذراعين في ذراع برأي العين، وتشقق بعد ساعة.
وفي هذه السنة انفرد المصريون بالحج، ولم يحج أحد من بغداد وبلاد المشرق لعبث الأعراب بالفساد، وكذا في سنة ثلاث وتسعين.
وفي سنة ثلاث وتسعين أمر الحاكم بقطع جميع الكروم التي بديار مصر والصعيد، والإسكندرية ودمياط، فلم يبق بها كرم، احترازًا من مصر الخمر.
وفي هذه السنة أمر الحاكم الناس بالسجود إذا ذكر اسمه في الخطبة.
وفي سنة سبع وتسعين انفرد المصريون بالحج، ولم يحج أهل العراق لفساد الطريق بالأعراب، وكسا الحاكم الكعبة القباطي البيض.
وفي سنة ثمان وتسعين هدم الحاكم الكنائس التي ببلاد مصر، ونادى: من لم يسلم وإلا فليخرج من مملكتي، أو يلتزم بما أمر، ثم أمر بتعليق صلبان كبار على صدور النصارى، وزن الصليب أربعة أرطال بالمصري، وبتعليق خشبة على تمثال رأس عجل وزنها ستة أرطال في عنق اليهود.
_________
(1) ط: "متموج".
(2/281)
_________
وفي هذه السنة كان سيل عظيم حتى غرق الخندق، ذكره ابن المتوج.
وفي سنة تسع وتسعين انفرد المصريون بالحج.
وفي سنة أربعمائة بنى الحاكم دار للعلم وفرشها، ونقل إليها الكتب العظيمة مما يتعلق بالسنة، وأجلس فيها الفقهاء والمحدثين، وأطلق قراءة فضائل الصحابة، وأطلق صلاة الضحى والتراويح، وبطل الأذان بحي على خير العمل، فكثر الدعاء له، ثم بعد ثلاث سنين هدم الدار، وقتل خلقا ممن كان بها من الفقهاء والمحدثين وأهل الخير والديانة، ومنع صلاة الضحى والتراويح.
وفي سنة إحدى وأربعمائة انفرد المصريون بالحج.
وفي سنة اثنتين وأربعمائة كتب محضر ببغداد في نسب خلفاء مصر الذين يزعمون أنهم فاطميون وليسوا كذلك، وكتب فيه جماعة من العلماء والقضاة والفقهاء، والأشراف والأماثل والمعدلين والصالحين، شهدوا جميعا أن الناجم بمصر وهو منصور بن نزار المتلقب بالحاكم -حكم الله عليه بالبوار والدمار، والخزي والنكال والاستئصال- ابن معد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد -لا أسعده الله- فإنه لما صار إلى المغرب تسمى بعبيد الله، وتلقب بالمهدي، ومن تقدم من سلفه من الأرجاس الأنجاس -عليه وعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين- أدعياء خوارج، ولا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، ولا يتعلقون منه بسبب، وأنه منزه عن باطلهم، وان الذي ادعوه من الانتساب إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أن أحدا من أهل بيوت الطالبيين توقف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج أنهم أدعياء، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعًا في الحرمين، وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرا انتشارا يمنع من أن يدلس على أحد كذبهم، أو يذهب وهم إلى تصديقهم، وأن هذا الناجم بمصر هو وسلفه كفار وفساق فجار وملحدون زنادقة،
(2/282)
_________
معطلون وللإسلام جاحدون، ولمذهب الثنوية (1) والمجوسية معتقدون، قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبوا الأبناء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية.
وكتب في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة.
وقد كتب خطه في المحضر خلق كثيرون، فمن العلويين المرتضى، والرضي وابن الأزرق الموسوي وأبو طاهر بن أبي الطيب، ومحمد بن محمد بن عمرو بن أبي يعلي، ومن القضاة أبو محمد بن الأكفاني، وأبو القاسم الحريري وأبو العباس بن السيوري.
ومن الفقهاء أبو حامد الإسفراييني وأبو محمد بن الكشفلي، وأبو الحسين القدوري وأبو عبد الله الصيمري، وأبو عبد الله البيضاوي وأبو علي بن حمكان.
ومن الشهود أبو القاسم التنوخي، في كثير.
وفي سنة ثلاث وأربعمائة، قال ابن المتوج: رسم الحاكم بألا تقبل الأرض بين يديه، ولا يخاطب مولانا ولا بالصلاة عليه، وكتب بذلك سجل في رجب.
قال: وفيها حبس النساء ومنعهن من الخروج في الطرقات، وأحرق الزبيب وقطع الكرم، وغرق العسل.
قال ابن الجوزي: وفي رمضان انقض كوكب من المشرق إلى المغرب غلب ضوءه على ضوء القمر، وتقطع قطعًا، وبقي ساعة طويلة.
وفي سنة خمس وأربعمائة زاد الحاكم في منع النساء من الخروج من المنازل، ومن دخول الحمامات ومن التطلع من الطاقات، والأسطلحة ومنع الخفافين من عمل الخفاف لهن، وقتل خلقا من النساء على مخالفته في ذلك، وهدم بعض الحمامات عليهن، وغرق خلقا.
وفي سنة سبع وأربعمائة ورد الخبر بتشعيث الركن اليماني من المسجد الحرام، وسقوط جدار بين قبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبسقوط القبة الكبيرة على صخرة بيت المقدس.
_________
(1) ط: "النبوية" تحريف.
(2/283)
_________



ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك   ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 11:25 pm

قال ابن كثير: فكان ذلك من أغرب الاتفاقات وأعجبها (1).
وفي سنة سبع أيضا انفرد المصريون بالحج، ولم يحج أحد من بلاد العراق لفساد الطرقات بالأعراب؛ وكذا في سنة ثمان.
وفي سنة إحدى عشرة وأربعمائة، قال ابن المتوج: عز القوت، ثم هان بعد أراجيف عظيمة.
وفي أيام الحاكم، قال ابن فضل الله في المسالك: زلزلت مصر حتى رجفت أرجاؤها، وضجت الأمة لا تعرف كيف جارها، فقال محمد بن قاسم بن عاصم شاعر الحاكم:
بالحاكم العدل أضحى الدين معتليًا ... نجل الهدى وسليل السادة الصلحا
ما زلزلت مصر من كيد يراد بها ... وإنما رقصت من عدله فرحا
وكانت أيام الحاكم من سنة ست وثمانين وثلثمائة إلى سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
قال ابن كثير: جرت كائنة غريبة ومصيبة عظيمة؛ وهي أن رجلا من المصريين من أصحاب الحاكم اتفق مع جماعة من الحجاج المصريين على أمر سوء، فلما كان يوم الجمعة، وهو يوم النفر الأول، طاف هذا الرجل بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر الأسود، جاء ليقبله فضربه بدبوس كان معه ثلاث ضربات متواليات، وقال: إلى متى يعبد هذا الحجر؟! ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله، فإني أهدم اليوم هذا البيت، فاتقاه أكثر الحاضرين، وتأخروا عنه، وذلك أنه كان رجلًا طويلا جسيما، أحمر أشقر، وعلى باب المسجد جماعة من الفرسان وقوف ليمنعوه ممن أراده بسوء، فتقدم غليه رجل من أهل اليمن، معه خنجر، وفاجأه بها، وتكاثر عليه الناس فقتلوه، وقطعوه قطعًا، وتتبعوا أصحابه، فقتل منهم جماعة ونهب أهل مكة ركب المصريين، وجرت فتنة عظيمة جدًّا، وسكن الحال، وأما الحجر
_________
(1) 12: 5.
(2/284)
_________
الشريف فإنه سقط منه ثلاث فلق مثل الأظفار، وبدا ما تحتها أسمر يضرب إلى صفرة، محببًا، مثل الخشخاش، فأخذ بنو شيبة تلك الفلق، فعجنوها بالمسك واللك (1) وحشوا بها تلك الشقوق التي بدت، "وذلك ظاهر فيه إلى الآن" (2).
وفي سنة سبع عشرة منع الظاهر صاحب مصر من ذبح البقر السليمة من العيوب التي تصلح للحرث، وكتب عن لسانه كتاب قرئ على الناس، فيه: "إن الله بسابغ نعمته، وبالغ حكمته، خلق ضروب الأنعام، وعلم بها منافع الأنام، فوجب أن تحمى البقر المخصوصة بعمارة الأرض المذللة لمصالح الخلق، فإن ذبحها غاية الفساد، وإضرار بالعباد والبلاد".
وفيها انفرد المصريون بالحج، ولم يحج أهل العراق والمشرق لفساد الأعراب، وكذا في سنة ثمان عشرة وفي سنة تسع عشرة لم يحج أحد من أهل المشرق، ولا من أهل الديار المصرية أيضًا، إلا أن قوما من خراسان ركبوا في البحر من مدينة مكران، فانتهوا إلى جدة، فحجوا.
وفي سنة عشرين حج أهل مصر دون غيرهم.
وفيها في رجب انقضت كواكب كثيرة شديدة الصوت، قوية الضوء.
وفي سنة إحدى وعشرين تعطل الحج من العراق أيضا، وقطع على حجاج مصر الطريق، وأخذت الروم أكثره.
وفي سنة ثلاث وعشرين تعطل الحج من العراق أيضا.
وفيها قال ابن المتوج: استحضر خليفة مصر الظاهر بن الحاكم كل من في القصر من الجواري، وقال لهم: تجتمعون لأصنع لكم يومًا حسنا لم ير مثله بمصر، وأمر كل من كان له جارية فليحضرها، ولا تجيء جارية إلا وهي مزينة بالحلي والحلل، ففعلوا ذلك حتى لم تترك جارية إلا أحضرت، فجعلهن في مجلس، ودعا بالبنائين، فبنى أبواب المجلس عليهن، حتى
_________
(1) الملك نبات يصبغ به.
(2) ابن كثير 12: 14 "فاستمسك الحجر، واستمر على ما هو عليه الآن، وهو ظاهر لمن تأمله".
(2/285)
_________
ماتوا عن آخرهن، وكان يوم جمعهن يوم الجمعة لست من شوال، وعدتهن ألفان وستمائة وستون جارية، فلما مضى لهن ستة أشهر أضرم النار عليهن، فأحرقهن بثيابهن وحليهن، فلا رحمه الله ولا رحم الذي خلفه!.
وفي سنة خمس وعشرين كثرت الزلازل بمصر.
وفيها انقض كوكب عظيم، وسمع له صوت مثل الرعد وضوء مثل المشاعل.
ويقال: إن السماء انفرجت عند انقضاضه.
حكاه في المرآة.
ولم يحج أحد سوى أهل مصر، وكذا في سنة ست وعشرين وسنة ثمان وعشرين.
وفي سنة ثمان وعشرين بعث صاحب مصر بمال لينفق على نهر الكوفة إن أذن الخليفة العباسي في ذلك، فجمع القائم بالله الفقهاء، وسألهم عن هذا المال، فأفتوا بأن هذا فيء للمسلمين يصرف في مصالحهم، فأذن في صرفه في مصالح المسلمين.
وفي سنة ثلاثين وأربعمائة تعطل الحج من الأقاليم بأسرها، فلم يحج أحد، لا من مصر ولا من الشام، ولا من العراق ولا من خراسان.
وفي سنة إحدى وثلاثين والتي تليها تفرد بالحج أهل مصر، وكذا في سنة ست وثلاثين وسبع وثلاثين وتسع وثلاثين وثلاث وستين بعدها.
وفي سنة إحدى وأربعين في ذي الحجة ارتفعت سحابة سوداء ليلًا، فزادت على ظلمة الليل، وظهر في جوانب السماء كالنار المضيئة، فانزعج الناس لذلك، وأخذوا في الدعاء والتضرع، فانكشفت بعد ساعة.
وفي سنة خمس وأربعين وثلاث تليها انفرد أهل مصر بالحج.
وفي سنة ثمان وأربعين.
قال في المرآة: عم الوباء والقحط مصر والشام وبغداد والدنيا، وانقطع ماء النيل.
واتفقت غريبة، قال ابن الجوزي: ورد كتاب من مصر أن ثلاثة من اللصوص نقبوا بعض الدور، فوجدوا عند الصباح موتى؛ أحدهم على
(2/286)
_________
باب النقب، والثاني على رأس الدرجة، والثالث على الثياب المكورة.
وفيها، في العشر الثاني من جمادى الآخرة ظهر وقت السحر نجم له ذؤابة بيضاء، طولها في رأي العين نحو ذراع، ولبث على هذه الحال إلى نصف رجب ثم اضمحل.
وفي سنة إحدى وخمسين وسنتين بعدها، انفرد أهل مصر بالحج.
وفي شوال من هذه السنة لاح في السماء في الليل ضوء عظيم كالبرق يلمع في موضعين؛ أحدهما أبيض، والآخر أحمر إلى ثلث الليل، وكبر الناس وهللوا.
حكاه في المرآة.
وفي سنة ثلاث وخمسين في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه، كسفت الشمس كسوفا عظيما، جميع القرص، فمكثت أربع ساعات حتى بدت النجوم، وأوت الطيور إلى أوكارها لشدة الظلمة.
وفي سنة خمس وخمسين وقع بمصر وباء شديد، كان يخرج منها في كل يوم ألف جنازة.
وفي سنة ست وخمسين وقعت فتنة عظيمة بين عبيد مصر والترك، واقتتلوا.
وغلب العبيد على الجزيرة التي في وسط النيل بين مصر والجيزة، واتصل الحرب بين الفريقين.
وفي سنة ثمان وخمسين، في العشر الأول من جمادى الأولى ظهر كوكب كبير، له ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أذرع وطولها أذرع كثيرة، وبقي إلى أواخر الشهر، ثم ظهر كوكب آخر عند غروب الشمس، قد استدار نوره عليه كالقمر، فارتاع الناس وانزعجوا، فلما اعتم الليل، رمى ذؤابة نحو الجنوب، وأقام إلى أيام في رجب، وذهب.
وفي سنة ستين وأربعمائة كان ابتداء الغلاء العظيم بمصر، الذي لم يسمع بمثله في
(2/287)
_________
الدهور؛ من عهد يوسف الصديق عليه الصلاة السلام، واشتد القحط والوباء سبع سنين متوالية بحيث أكلوا الجيف والميتات، وأفنيت الدواب، وبيع الكلب بخمسة دنانير والهر بثلاثة دنانير، ولم يبق لخليفة مصر سوى ثلاثة أفراس بعد العدد الكثير، ونزل الوزير يوما عن بغلته، فغفل الغلام عنها لضعفه من الجوع، فأخذها ثلاثة نفر فذبحوها وأكلوها، فأخذوا فصلبوا وأصبحوا وقد أكلهم الناس، ولم يبق إلا عظامهم.
وظهر على رجل يقتل الصبيان والنساء ويبيع لحومهم، ويدفن رءوسهم وأطرافهم فقتل.
وبيعت البيضة بدينار، وبلغ الأردب القمح مائة دينار ثم عدم أصلًا، حتى حكى صاحب المرآة أن امرأة خرجت من القاهرة، ومعها مد جوهر، فقالت: من يأخذه بمد قمح؟ فلم يلتفت إليها أحد، وقال بعضهم يهنئ القائم ببغداد:
وقد علم المصري أن جنوده ... سنو يوسف هولا وطاعون عمواس
أقامت به حتى استراب بنفسه ... وأوجس منها خيفة أي إيجاس
وفي سنة اثنتين وستين، زلزلت مصر حتى نفرت إحدى زوايا جامع عمرو.
وفيها ضرب صاحب مصر اسم ابنه ولي العهد على الدينار، وسمي الآمري، ومنع التعامل بغيره.
وفي سنة خمس وستين اشتد الغلاء، والوباء بمصر حتى إن أهل البيت كانوا يموتون في ليلة، وحتى إن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار، باعت عروضها قيمته ألف دينار، واشترت بها جملة قمح، وحمله الحمال على ظهره فنهبه الناس، فنهبت المرأة مع الناس فصح لها رغيف واحد، وكان السودان يقفون في الأزقة، يصطادون النساء بالكلاليب، فيأكلون لحومهن، واجتازت امرأة بزقاق القناديل، فعلقها السودان بالكلاليب، وقطعوا من عجزها قطعة، وقعدوا يأكلونها وغفلوا عنها، فخرجت من الدار، واستغاثت، فجاء الوالي وكبس الدار، فأخرج منها ألوفًا من القتلى.
(2/288)
_________
وفي سنة ست وثمانين وسنتين بعدها انفرد المصريون بالحج.
وفي سنة إحدى وتسعين حدثت بمصر ظلمة عظيمة، غشيت أبصار الناس، حتى لم يبق أحد يعرف أين يتوجه!
وفي سنة سبع وتسعين عز القمح بمصر، ثم هان.
وفيها تولى الآمر بمصر فضرب الفضة السوداء المشهورة بالآمرية.
وفي سنة خمس عشرة وخمسمائة هبت ريح سوداء بمصر، فاستمرت ثلاثة أيام، فأهلكت خلقًا كثيرًا من الناس، والدواب والأنعام.
قاله ابن كثير (1).
وفي سنة سبع عشرة بلغ النيل ستة عشر ذراعًا سواء بعد توقف.
وفي سنة ثمان عشرة أوفى النيل بعد النيروز بتسعة أيام، وزاد عن الستة عشر ذراعا أحد عشر إصبعا لا غير، وعز السعر ثم هان.
وفي حدود هذه السنين احترق جامع عمرو.
وفي سنة خمس وستين حاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما، بحيث ضيقوا أهلها، وقتلوا منهم، فأرسل نور الدين محمود الشهيد إليهم جيشًا عليهم صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأجلوهم عنها، وكان الملك نور الدين شديد الاهتمام بذلك؛ حتى إنه قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءًا فيه حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه أن يبتسم ليتصل التسلسل، فامتنع من ذلك، وقال: إني لأستحيي من الله أن يراني متبسمًا، والمسلمون تحاصرهم الفرنج بثغر دمياط.
وذكر أبو شامة أن بعضهم رأى في تلك الليلة التي أجلي فيها الفرنج عن دمياط رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول له: سلم على نور الدين، وبشره بأن الفرنج قد رحلوا عن دمياط، فقال له الرائي: يا رسول الله، بأي علامة؟
_________
(1) تاريخ ابن كثير 12: 188.
(2/289)
_________
فقال: بعلامة لما سجد يوم كذا، وقال في سجوده: اللهم انصر دينك ومن هو محمود الكلب! فأصبح الرائي، وبشر نور الدين بذلك، وأعلمه بالعلامة، ففرح، ثم جاء الخبر بإجلائهم تلك الليلة (1).
فرحم الله هذا الملك وأمثاله!
وفي سنة ثلاث وثمانين، قال ابن الأثير في الكامل: كان أول يوم منها يوم السبت، وكان يوم النيروز؛ وذلك أول سنة الفرس، واتفق أنه أول سنة الروم أيضا، وفيه نزلت الشمس برج الحمل، وكذلك كان القمر في برج الحمل أيضا، قال: وهذا شيء يبعد وقوع مثله (2).
وفي سنة ثلاث وتسعين ورد كتاب من "القاضي" الفاضل من مصر إلى القاضي محيي الدين بن الذكي يخبره فيه بأن في ليلة الجمعة التاسع من جمادى الآخرة أتى عارض فيه ظلمات متكاثفة، وبروق خاطفة، ورياح عاصفة، فقوي أهويتها، واشتد هبوبها، فتدافعت لها أعنة مطلقات، وارتفعت لها صواعق مصعقات، فرجفت لها الجدران واصطفقت، وتلاقت على بعدها واعتنقت، وثار بين السماء والأرض عجاج فقيل: لعل هذه على هذه أطبقت، ولا نحسب إلا أن جهنم قد سال منها واد، وعدا منها عاد، وزاد عصف الرياح إلى أن انطفأت سرج النجوم، ومزقت أديم السماء ومحت ما فوقه من الرقوم؛ فكنا كما قال الله: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ}، وكما قلنا: ويردون أيديهم على أعينهم من البوارق، لا عاصم من الخطف للأبصار، ولا ملجأ من الخطب إلا معاقل الاستغفار، وفر الناس نساء ورجالا وأطفالا، ونفروا من دورهم خفافًا وثقالا، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلًا، فاعتصموا بالمساجد الجامعة، وأذعنوا للنازلة بأعناق خاضعة، ووجوه عاينة، ونفوس عن الأهل والمال سالية، ينظرون من طرف خفي، ويتوقعون أي خطب جلي، قد انقطعت من الحياة علقهم، وعيت عن النجاة طرقهم، ووقعت الفكرة فيما هم قادمون، وقاموا إلى
_________
(1) كتاب الروضتين 1: 181.
(2) الكامل لابن الأثير 9: 175.
(2/290)
_________
صلاتهم، وودوا أن لو كانوا من الذين هم عليها دائمون، إلى أن أذن الله في الركود، وأسعف الهاجدين بالهجود، واصبح كل ليسلم على رفيقه، ويهنئه بسلامة طريقه، ويرى أنه قد بعث بعد النفخة، وأفاق بعد الصيحة والصرخة، وأن الله قد رد له الكرة، وأدبه بعد أن كان يأخذه على الغرة.
وودت الأخبار بأنها كسرت المراكب في البحار والأشجار في القفار، وأتلفت خلقا كثيرا من السفار، ومنهم من فر فلم ينفعه الفرار.
إلى أن قال: ولا يحسب المجلس أني أرسلت القلم محرَّفًا، والقول مجزفا، فالأمر أعظم، ولكن الله سلم، ونرجو أن يكون الله قد أيقظنا بما وعظنا، ونبهنا بما ولهنا، فما من عباده من رأى القيامة عيانا، ولم يلتمس عليها من بعده برهانا، إلا أهل بلد يافا، اقتص الأولون مثلها في المثلات، ولا سبقت لها سابقة في المعضلات، والحمد لله الذي من فضله جعلنا نخبر عنها ولا تخبر عنا، ونسأل الله أن يصرف عنا، عارضي الحرص والغرور إذا عنا.
وفي سنة ست وتسعين، قال الذهبي، في العبر: كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة أصابع، فاشتد الغلاء، وعدمت الأقوات، ووقع البلاء وعظم الخطب، إلى أن آل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى (1).
قال ابن كثير في هذه السنة والتي بعدها: كان بديار مصر غلاء شديد، فهلك الغني والفقير، وعم الجليل والحقير، وهرب الناس منها نحو الشام، ولم يصل منها إلا القليل من الفئام (2)، وتخطفتهم الفرنج من الطرقات، وعزوهم في أنفسهم، واغتالوهم بالقليل من الأقوات.
وكان الأمير لؤلؤ أحد الحجاب بالديار المصرية (3) يتصدق في هذا الغلاء في كل يوم باثني عشر ألف رغيف على اثني عشر ألف فقير (4).
_________
(1) العبر 4: 290.
(2) الفئام: الجماعة من الناس.
(3) قال ابن كثير: "كان من أكابر الأمراء في أيام صلاح الدين، وهو الذي كان متسلم الأسطول في البحر".
(4) ابن كثير 13: 23، 24.
(2/291)
_________
وفي سنة سبع وتسعين، قال الذهبي في العبر: كان الجوع والموت المفرط بالديار المصرية، وجرت أمور تتجاوز الوصف، ودام ذلك إلى نصف العام الآتي، فلو قال القائل: مات ثلاثة أرباع أهل الإقليم لما بعد، والذي دخل تحت قلم الحصرية (1) في مدة اثنين وعشرين شهرا مائة ألف وأحد وعشرون ألفا بالقاهرة، وهذا نزر في جنب ما هلك بمصر والحواضر، وفي البيوت والطرقات ولم يدفن، وكله نزر في جنب ما هلك بالأقاليم.
وقيل: إن مصر كان فيها تسعمائة منسج للحصر، فلم يبق إلا خمسة عشر منسجًا، فقس على هذا؛ وبلغ الفروج مائة درهم، ثم عدم الدجاج بالكلية، لولا ما جلب من الشام، وأما أكل لحوم الآدميين فشاع وتواتر، هذا كلام الذهبي (2).
وقال صاحب المرآة: في هذه السنة كان هبوط النيل، ولم يعهد ذلك في الإسلام إلا مرة واحدة في دولة الفاطميين، ولم يبق منه إلا شيء يسير، واشتد الغلاء والوباء بمصر، فهرب الناس إلى المغرب والحجاز واليمن والشام، وتفرقوا وتمزقوا كل ممزق.
قال: وكان الرجل يذبح ولده، وتساعده أمه على طبخه وشيه؛ وأحرق السلطان جماعة فعلوا ذلك ولم ينتهوا، وكان الرجل يدعو صديقه وأحب الناس إليه إلى منزله ليضيفه، فيذبحه ويأكله، وفعلوا بالأطباء ذلك، وفقدت الميتات والجيف، وكانوا يخطفون الصبيان من الشوارع فيأكلونهم، وكفن السلطان في مدة يسيرة مائتي ألف وعشرين ألفا، وامتلأت طرقات المغرب والحجاز والشام برمم الناس، وصلى إمام جامع إسكندرية في يوم واحد على سبعمائة جنازة.
قال العماد الكاتب: في سنة سبع وتسعين وخمسمائة اشتد الغلاء، وامتد الوباء وحدثت المجاعة، وتفرقت الجماعة، وهناك القوي فكيف الضعيف! ونحف السمين فكيف العجيف! وخرج الناس حذر الموت من الديار، وتفرقت فرق مصر في
_________
(1) كذا في ح، وفي ط والأصل والعبر: "الحشرية".
(2) العبر 4: 295، 296.
(2/292)
_________
الأمصار، ولقد رأيت الأرامل على الرمال، والجمال باركة تحت الأحمال، ومراكب الفرنج واقفة بساحل البحر على اللقم، تسترق الجياع باللقم.
قال صاحب المرآة وغيره: وكان في هذه السنة، في شعبان، زلزلة هائلة من الصعيد، هدمت بنيان مصر، فمات تحت الهدم خلق كثير.
وفي سنة تسع وتسعين في ليلة السبت سلخ المحرم ماجت النجوم في السماء شرقًا وغربا، وتطايرت كالجراد المنتشر يمينا وشمالا، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وضجوا بالدعاء، ولم يعهد مثل ذلك إلا في عام البعث وفي سنة إحدى وأربعين ومائتين.
قاله صاحب المرآة وغيره.
وفي سنة ستمائة، كانت زلزلة عظيمة كانت زلزلة عظيمة بديار مصر، قاله ابن الأثير في الكامل.
وفيها أخذت الفرنج قوة واستباحوها، دخلوا من فم رشيد في النيل.
ذكره الذهبي "في العبر" (1).
وفي سنة سبع وستمائة، دخلت الفرنج من البحر من غربي دمياط، وساروا في البر فاخذوا قرية بورة، واستباحوها قتلًا وسبيا، وردوا في الحال، ولم يدركهم الطلب (2).
وفي سنة ثمان وستمائة، كانت زلزلة شديدة، هدمت بمصر والقاهرة دورا كثيرة، ومات خلق تحت الهدم.
وفي سنة خمس عشرة وستمائة، في جمادى الأولى، نزلت الفرنج على دمياط، وأخذوا برج السلسلة (3)، ثم استحوذوا على دمياط في سنة ست عشرة، فاستمرت بأيديهم إلى أن استردت منهم في سنة ثمان عشرة.
_________
(1) العبر 4: 311.
(2) العبر: 5: 21.
(3) في العبر 5: 53: "وأخذت برج السلسلة من دمياط، وكان قفل ديار مصر، وهو في وسط النيل، فكان يمد منه سلسلة على وجه النيل إلى دمياط وأخرى إلى برج آخر، فلا يمكن المراكب أن تعبر من البحر في النيل".
(2/293)
_________



ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك   ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 11:26 pm


قال الذهبي في العبر: في سنة ست عشرة وستمائة، حاصر الفرنج أهل دمياط، ووقعت حروب كثيرة يطول شرحها، وجدت الفرنج في المحاصرة، وعملوا عليهم خندقًا كبيرا، وثبت أهل البلد ثباتا لم يسمع بمثله، وكثر فيهم القتل والجرح والموت، وعدمت الأقوات، ثم سلموها بالأمان في شعبان، وطار عقل الفرنج، وتسارعوا إليها من كل فج، وشرعوا في تحصينها، وأصبحت دار هجرتهم، ورجوا بها أخذ ديار مصر، وأشرف الإسلام على خطة خسف، وأقبل التتار من المشرق والفرنج من المغرب، وعزم المصريون على الجلاء؛ فثبتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف والمعظم، وحصل الفتح ولله الحمد (1).
وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة، كان غلاء شديد بديار مصر، قاله ابن كثير (2).
وبلغ النيل ستة عشر ذراعًا وثلاثة أصابع فقط، بعد توقف عظيم، ووصل القمح خمسة دنانير الإردب، فرسم السلطان بفتح الأهراء وشون الأمراء، وأن يباع بثمانين درهما الإردب من غير زيادة، فانحط السعر إليه.
ذكره ابن المتوج.
وفي سنة تسع وعشرين، وصل النيل ثمانية عشر ذراعا وستة أصابع، وتأخر نزوله حتى خاف الناس من عدم نزوله، فغلا السعر، ثم نزل، فانحط السعر.
وفي سنة إحدى وثلاثين، قدم إلى الملك الكامل هدية من الإفرنج، فيها دب ابيض وشعره مثل شعر السبع، ينزل البحر فيصعد بالسمك فيأكله.
وفي سنة اثنتين وثلاثين كان الوباء العظيم بمصر.
وفي سنة ثلاث وأربعين كان الغلاء بمصر، وقاسى أهلها شدائد.
وفي سنة سبع وأربعين نزلت الفرنج دمياط برًّا وبحرا، وملكوها، ثم استنقذت منهم.
_________
(1) العبر: 59، 60.
(2) البداية والنهاية 13: 128.
(2/294)
_________
وفي سنة تسع وأربعين، قال ابن كثير: صليت صلاة العيد يوم الفطر بعد العصر، قال: وهذا اتفاق غريب (1).
وفي سنة سبع وخمسين، حصلت بديار مصر زلزلة عظيمة جدًّا.
وفي سنة إحدى وستين، جهز الظاهر بيبرس -رحمه الله تعالى- أخشابًا وآلات كثيرة لعمارة المسجد النبوي بعد حريقه، فطيف بها بالديار المصرية، فرحًا بها، وتعظيمًا لشأنها ثم ساروا بها إلى المدينة.
وفي سنة اثنتين وستين كان بديار مصر غلاء عظيم، وفرق الظاهر الفقراء على الأمراء والأغنياء، وألزمهم بإطعامهم، وفرق هو قمحا كثيرًا، ورتب كل يوم للفقراء مائة إردب تخبز، وتفرق عليهم.
وفي هذه سنة ولد بمصر ولد ميت، له رأسان وأربعة أعين وأربعة أيد وأربعة أرجل.
وفي سنة ثلاث وستين وقع حريق عظيم ببلاد مصر، اتهم به النصارى، فعاقبهم السلطان عقوبة عظيمة، وفيها استجد الظاهر بمصر القضاة الثلاثة، من كل مذهب قاض.
وفي سنة أربع وستين، قال ابن المتوج: حفر الظاهر بحر مصر بنفسه، وعسكره ما بين الروضة والمنشأة.
وفي سنة خمس وستين كبا الفرس بالملك الظاهر، فانكسرت فخذه، وحصل له عرج.
وفي سنة ست وستين كانت كائنة الحبيس (2) النصراني، كان كاهنًا ثم ترهب وأقام بمفازة بجبل حلوان، فقيل: إنه ظفر بكنز للحاكم صاحب مصر، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملة، واشتهر أمره وشاع ذكره، وأنفق في ثلاث سنين أموالًا عظيمة، فأحضره السلطان، وتلطف به، فأبى عليه أن يعرفه بجلية أمره، وأخذ يراوغه ويغالطه، فلما أعياه حنق عليه، وبسط عليه العذاب فمات.
_________
(1) تاريخ ابن كثير 13: 181.
(2) في ح: "الجيش".
(2/295)
_________
قال الذهبي: وقد أفتى غير واحد بقتله خوفًا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلهم ويغويهم (1).
وفي سنة سبع وستين، رسم السلطان بإراقة الخمور، وإبطال المفسدات والخواطئ من الديار المصرية والشامية، وحبست الخواطئ حتى يتزوجن، وكتب إلى جميع البلاد بذلك، وأسقطت الضرائب التي كانت مرتبة عليها (2).
وفي هذه السنة حج السلطان فأحسن إلى أهل الحرمين، وغسل الكعبة بماء الورد بيده.
وفي أواخر ذي الحجة من هذه السنة هبت ريح شديدة بديار مصر، غرقت مائتي مركب في النيل، وهلك فيها خلق كثير، ووقع مطر شديد جدًّا، وأصابت الثمار صعقة أهلكتها، حكاه ابن كثير (3).
وفي سنة تسع وستين شدد السلطان في أمر الخمور، وهدد من يعصرها بالقتل، وأسقط الضمان في ذلك، وكان ألف دينار كل يوم بالقاهرة وحدها، وكتب بذلك توقيع قرئ على منبر مصر والقاهرة، وسارت البرد بذلك إلى الآفاق.
وفي سنة سبعين، قال قطب الدين: في جمادى الآخرة ولدت زرافة بقلعة الجبل، وأرضعت من بقرة، قال: وهذا شيء لم يعهد مثله.
وفي سادس (4) عشر شوال سنة خمس وسبعين، قال ابن كثير: طيف بالمحمل، وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة، وكان يوما مشهودا (5).
قلت: كان هذا مبدأ ذلك، واستمر ذلك كل عام إلى الآن.
وفي سنة تسع وسبعين، في يوم عرفة وقع ببلاد مصر برد كبار، أتلف كثيرا من
_________
(1) العبر: 285.
(2) ابن كثير 13: 254.
(3) ابن كثير 13: 255.
(4) ابن كثير: "في حادي عشرة".
(5) ابن كثير 13: 271.
(2/296)
_________
الغلال، ووقعت صاعقة بالإسكندرية، وأخرى تحت الجبل الأحمر على حجر فأحرقته، فأخذ ذلك الحجر وسبك، فخرج منه من الحديد أواق بالرطل المصري.
وفي سنة ثمان وستمائة تربت جزيرة كبيرة ببحر النيل اتجاه قرية بولاق واللوق، وانقطع بسببها مجرى البحر، ما بين قلعة المقس وساحل باب البحر، واشتد ونشف بالكلية، واتصل ما بين المقس وجزيرة الفيل بالمشي، ولم يعهد فيما تقدم، وحصل لأهل القاهرة مشقة من نقل الماء لبعد النيل، فأراد السلطان حفره، فقالوا: إنه لا يفيد، ونشف إلى الأبد.
وفي سنة إحدى وثمانين في شعبان، طافوا بكسوة الكعبة، ولعبت مماليك الملك المنصور أيام الكسوة بالرماح والسلاح؛ وهو أول ما وقع ذلك بالديار المصرية، واستمر ذلك إلى الآن، يعمل سنين ويبطل سنين.
وفي سنة إحدى وتسعين في الرابع والعشرين من المحرم، وقع حريق عظيم بقلعة الجبل، أتلفت شيئًا كثيرًا من الذخائر والنفائس والكتب.
وفي سنة ثلاث وتسعين، قال ابن المتوج: كثرت النفوس وردها أرباب المعائش، وجعلت بالميزان بربع نقرة كل أوقية، ثم بسدس الأوقية، وتحرك السعر بسبب ذلك.
وكان القمح في أول السنة بثلاثة عشرة درهمًا الإردب، فانتقل إلى ستين درهما الإردب.
وفيها، قال ابن المتوج: كانت زلزلة بديار مصر.
وفي سنة أربع وتسعين، أوفى النيل في السادس من أيام النسيء وكسر، وبلغ مجموع زيادته ستة عشرة ذراعا وسبعة عشر إصبعا، وحصل في هذه السنة بديار مصر غلاء شديد.
واستهلت سنة خمس وتسعين وأهل الديار المصرية في قحط شديد ووباء مفرط، حتى أكلوا الجيف، ونفدت حواصل السلطان من العليق، فأقامت خيول السلطان ثلاثة أيام حتى أحضرت التقاوي المخلد في البلاد، وبلغ الإردب القمح مائة وسبعين درهما
(2/297)
_________
نقرة، وذلك عبارة عن ثمانية مثاقيل ذهب ونصف مثقال، والخبز كل رطل وثلث بالمصري بدرهم نقرة، وأكلت الضعفاء الكلاب، وطرحت الأموات في الطرقات، وكانوا يحفرون الحفائر الكبار، فيلقون
فيها الجماعة الكثيرة.
وبيع الفروج بالإسكندرية بستة وثلاثين درهما نقرة، وبالقاهرة بتسعة عشر، والبيض كل ثلاثة بدرهم، وفنيت الحمر والخيل والبغال والكلاب، ولم يبق شيء من هذه الحيوانات يلوح، وفي جمادى الآخرة خف الأمر، وأخذ بالرخص، وانحط سعر القمح إلى خمسة وثلاثين درهما الإردب.
وفي سنة ست وتسعين، بلغت زيادة النيل إلى أول توت خمسة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا، ثم نقص ولم يوف.
وفي سنة سبع وتسعين توقف النيل، ثم أوفى آخر أيام النسيء.
وفي سنة ثمان وتسعين في المحرم، ظهر كوكب له ذؤابة.
وفي سنة تسعين، أوفى النيل في ثالث عشر توت.
وفي شعبان سنة سبعمائة، أمر بمصر والشام اليهود بلبس العمائم الصفر، والنصارى بلبس الزرق، والسامرة بلبس الحمر، واستمر ذلك إلى الآن.
وقال الشعراء في ذلك، فقال العلاء الوادعي:
لقد ألزموا الكفار شاشات ذلة ... تزيدهم من لعنة الله تشويشا
فقلت لهم: ما ألبسوكم عمائمًا ... ولكنهم قد ألبسوكم براطيشا
وقال آخر:
تعجبوا للنصارى واليهود معًا ... والسامريين لما عمموا الخرقا
كأنما بات بالأصباغ منسهلا ... نسر السماء فأضحى فوقهم فرقا
وفي سنة اثنتين وسبعمائة في ذي الحجة، كانت الزلزلة العظمى بمصر، وكان تأثيرها
(2/298)
_________
بالإسكندرية أعظم من غيرها، وطلع البحر إلى نصف البلد، وأخذ الحمال والرجال، وغرقت المراكب، وسقطت بمصر دور لا تحصى، وهلك تحت الردم خلق كثير.
وفي هذه السنة، قال البرزالي في تاريخه: قرأت في بعض الكتب الواردة من القاهرة أنه لما كان بتاريخ يوم الخميس رابع جمادى الآخرة، ظهرت دابة عجيبة
الخلقة من بحر النيل إلى أرض المنوفية، وصفتها: لونها لون الجاموس بلا شعر، وآذانها كآذان الجمل، وعيناها وفرجها مثل الناقة، يغطي فرجها ذنبها، طوله شبر ونصف، طرفه كذنب السمك، ورقبتها مثل غلظ المسند المحشو تبنًا، وفمها وشفتاها مثل الكربال، ولها أربعة أنياب، اثنان من فوق واثنان من أسفل، طولها دون الشبر، وعرض إصبعين، وفي فمها ثمانية وأربعون ضرسا وسنا، مثل بيادق الشطرنج، وطول يديها من باطنها إلى الأرض شبران ونصف، ومن ركبتها إلى حافرها مثل بطن الثعبان، أصفر مجعد ودور حافرها مثل السكرجة بأربعة أظافير مثل أظافير الجمل، وعرض ظهرها مقدار ذراعين ونصف، وطولها من فمها إلى ذنبها خمسة عشر قدما، وفي بطنها ثلاثة كروش، ولحمها أحمر، وزفرته مثل السمك، وطعمه كطعم الجمل، وغلظ جلدها أربعة أصابع، ما تعمل فيه السيوف، وحمل جلدها على خمسة أجمال في مقدار ساعة، من ثقله على جمل بعد جمل، وأحضروه إلى القلعة بين يدي السلطان، وحشوه تبنا، وأقاموه بين يديه.
وفي هذه السنة أبطل الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير عيد الشهيد بمصر، وذلك أن النصارى كان عندهم تابوت فيه إصبع، يزعمون أنه من أصابع بعض شهدائهم، وأن النيل لا يزيد ما لم يلق فيه هذا التابوت، وكان يجتمع النصارى من سائر النواحي إلى شبرا، ويقع هناك أمور فظيعة؛ من سكر وغيره، فأبطل ذلك إلى يومنا هذا، ولله الحمد.
وفي سنة أربع وسبعمائة ظهر من معدن الزمرد قطعة زنتها مائة وخمسة وسبعون
(2/299)
_________
مثقالا، فأخفاها الضامن، ثم حملها إلى بعض الملوك، فدفع له فيها مائة ألف وعشرين ألف درهم، فأبى أن يبيعها بذلك، فأخذها الملك منه غصبًا، وبعث بها إلى السلطان، فمات الضامن غمًّا.
وفيها أوفى النيل رابع توت، وكذا في سنة خمس.
وفي سنة تسع وسبعمائة توقف النيل، واستسقى الناس فلم يسقوا، وانتهت زيادته في سابع عشري توت إلى خمسة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا، ثم زاد.
وأوفى ستة عشر ذراعا في تاسع عشر بابه، وتشاءم الناس بسلطنة بيبرس، وغنت العامة في ذلك:
سلطاننا ركين، ونائبنا، يجيئنا الماء من أين!
يجيب لنا الأعرج، يجيء الماء ويدحرج.
وفي هذه السنة لما عاد ابن قلاوون تكلم الوزير ابن الخليلي في إعادة أهل الذمة إلى لبس العمائم البيض بالعلائم، وأنهم قد التزموا للديوان بسبعمائة ألف في كل سنة زيادة على الجالية، فسكت أهل المجلس، وقام الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وتكلم كلاما عظيما، ورد على الوزير مقالته، وقال للسلطان: حاشاك أن تكون ممن ينصر أهل الذمة! فأصغى إليه السلطان، واستمر لبسهم للأصفر والأزرق، ثم عمد ذلك ببغداد أيضا في سنة أربع وثلاثين اقتداء بملك مصر.
وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة وقع الشروع في رَوْك (1) الإقطاعات بمصر، وأبطل السلطان مكوسا كثيرة، وأفردت الجهات التي بقيت من المكس، وأضيفت للوزير.
_________
(1) الروك في كتب المؤرخين معناه مسح أرض الزراعة في بلد من البلاد لتقدير الخراج المستحق عليه لبيت المال، ومنه تصرف أعطية الجند ورواتب الولاة، وموظفي دواوين الدولة، وما زاد عن ذلك يودع بيت المال.حواشي السلوك 1: 841.
(2/300)
_________
وأفرد لكل راتب من الدولة، ولكل فريق جهة من البلاد، ولم يكن الوزير يتعلق به جهة مكس قديما، ولذا كان يتولاه العلماء وقضاة القضاة.
وفي سنة عشرين وسبعمائة حصل بالديار المصرية مرض كثير، قل أن سلمت منه دار، وغلت الأدوية والأشربة، وبيعت الرمانة الحامضة بثلاثة أرباع نقرة، والعناب الرطل المصري بستة دراهم نقرة، وكذلك الإجاص والقراصيا والقلب اللوز، وتمت مدة عظيمة؛ ولكن كان المرض سليماً والموت قليلاً.
ذكره في العبر.
وفي سنة إحدى وعشرين، كان بالقاهرة حريق كبير متتابع خارج عن الوصف، ودام أياماً في أماكن، وأحرق جامع ابن طولون وما حوله بأسره، ثم ظفر بفاعليه، وهم جماعة من النصارى يعملون قوارير النفط، فقتلوا وأحرقوا، وهدم غالب كنائس النصارى بمصر، ونهب الباقي، وبقيت القاهرة أيامًا لم يظهر فيها أحد من النصارى، وبقي لا يظهر نصراني إلا ضربه العوام، وربما قتلوه.
وفي هذه السنة، قال الذهبي في العبر: نقلت من خط بدر الدين العزازي أن كلبة ولدت بالقاهرة ثلاثين جروًا، وإنها أحضرت بين يدي السلطان، فعجب منها وسأل المنجمين عن ذلك، فلم يكن عندهم علم منه.
وفي سنة اثنتين وعشرين أبطل السلطان المكس المتعلق بالمأكول بمكة، وعوض صاحبها ثلثي بلد دمامين (1)، من صعيد مصر.
وفي سنة أربع وعشرين رسم السلطان بإبطال الملاهي بالديار المصرية، وحبس جماعة من النساء الزواني، وحصل بالديار المصرية موت كثير.
وفي هذه السنة، نودي على الفلوس أن يتعامل بها بالرطل، كل رطل بدرهمين، ورسم بضرب فلوس زنة الفلس منها درهم.
_________
(1) تقع شرقي النيل على شاطئه فوق قوص.
ذكرها ياقوت.
(2/301)
_________



ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك   ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك Emptyالأحد 03 ديسمبر 2023, 11:26 pm


وفي سنة خمس وعشرين، وقع بالقاهرة مطر كثير، قل أن وقع مثله، وجاء سيل إلى النيل حتى تغير لونه، وزاد نحو أربعة أصابع.
وفي هذه السنة حضر السلطان القاسم بن قلاوون عند قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، فسمع عليه عشرين حديثا من تساعياته، وخلع عليه خلعة عظيمة، وفرق من الذهب والفضة على الفقراء نحو ثلاثين ألف درهم.
(2/302)
_________
وفي سنة سبع وعشرين، رسم بقتل الكلاب بالديار المصرية.
وفي سنة تسع وعشرين، رسم بألا يباع مملوك تركي لكاتب ولا لعامي.
وفي سنة أربعين، نودي على الذهب كل دينار بخمسة وعشرين درهما، وكان بعشرين درهما، وأن يتعاملوا به ولا يتعاملوا بالفضة، فشق ذلك على الناس، ثم بطل ذلك.
وفي سنة أربع وأربعين، اشتد آل ملك نائب السلطنة على وادي القاهرة في إراقة الخمر، ومنع المحرمات، وعاقب جماعة كثيرة على ذلك، وأخرب خزانة النبوذ، وكانت دار فسق وفجور، وبنى مكانها مسجدًا، ونادى: من أحضر سكرانا، أو من معه جرة خمر خلع عليه.
فقعد العامة لذلك بكل طريق، وأتوه بجندي سكران، فضربه وقطع خبزه، وأخلع على الآتي به، وصار له مهابة عظيمة، وكف الناس عن أشياء كثيرة، حتى أعيان الأمراء، فقال بعض الشعراء في ذلك:
آل ملك الحاج غدا سعده ... يملأ ظهر الأرض فيما سلك
فالأمر أمن دونه سوقة ... والملك الظاهر هو آل ملك
وفي سنة سبع وأربعين قل ماء النيل، حتى صار ما بين المقياس ومصر يخاض، وصار من بولاق إلى المنشية طريقا يمشى فيه، وبلغت راوية الماء درهمين، وكانت بنصف درهم.
وفي سنة تسع وأربعين كان الطاعون بمصر وغيرها.
وفي سنة خمس وخمسين وسبعمائة أمر بأن يكون إزار النصرانية ازرق وإزار اليهودية أصفر، وإزار السامرية أحمر.
وفي سنة سبع وخمسين في ربيع الآخر، هبت ريح من جهة المغرب، وامتدت من مصر إلى الشام في يوم وليلة، وغرقت ببولاق نحو ثلاثمائة مركب، واقتلعت من النخيل، والجميز ببلاد مصر وبلبيس شيئًا كثيرا.
وفي سنة إحدى وستين وقع الوباء بالديار المصرية.
وفي سنة أربع وستين كان الطاعون بديار مصر.
وفي سنة خمس وستين وقع الفناء في البقر، فهلك منه شيء كثير.
وفي سنة سبع وستين أخذت الفرنج مدينة إسكندرية، وقتلوا وأسروا، فخرج السلطان والعسكر لقتالهم، ففروا وتركوها.
وفي سنة تسع وستين وقع الوباء بالديار المصرية.
وفي سنة ثلاث وسبعين رسم للأشراف بالديار المصرية والشامية أن يسموا عمائمهم علامة خضراء، تمييزا لهم عن الناس، ففعل ذلك في مصر والشام وغيرهما، وفي ذلك يقول أبو عبد الله بن جابر الأندلسي الأعمى نزيل حلب:
جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر
نور النبوة في كريم وجوههم ... يغنى الشريف عن الطراز الأخضر
وقال في ذلك جماعة من الشعراء ما يطول ذكره؛ ومن أحسنها قول الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي:
أطراف تيجان أتت من سندس ... خضر بأعلام على الأشراف
والأشرف السلطان خصصهم بها ... شرفًا ليعرفهم من الأطراف
(2/303)
_________
وفي هذه السنة زاد النيل زيادة مفرطة، وثبت إلى أيام من هاتور، فاجتمع جماعة بالجامع الأزهر، وجامع عمرو، وسألوا الله في هبوطه، وعمل ابن أبي حجلة مقامته المشهورة.
وفي هذه السنة أراد السراج الهندي قاضي الحنفية أن يساوي قاضي الشافعية في لبس الطرحة، وتولية القضاة في البلاد، وتقرير مودع الأيتام، فأجيب إلى ذلك؛ فاتفق أنه توعك عقب ذلك، وطال مرضه إلى أن مات ولم يتم الذي أراده.
وفي سنة أربع وسبعين وقعت صاعقة على القلعة، فأحرقت منها شيئًا كثيرا، واستمر الحريق أياما، وفي هذه السنة عقد الجائي مجلسًا بالعلماء في إقامة خطبة بالمنصورية، فأفتاه البلقيني وابن الصائغ بالجواز، وخالف الباقون، وصنف البلقيني كتابا في الجواز، وصنف العراقي كتابا في المنع، وجمع أيضا القاضي برهان الدين بن جماعة جزءا في المنع.
وفي سنة خمس وسبعين، توقف النيل عن الزيادة، وأبطأ إلى أن دخل توت، واجتمع العلماء والصلحاء بجامع عمرو، واستسقوا، وكسر الخليج تاسع توت عن نقص أربعة أصابع من العادة، ثم نودي بصيام ثلاثة أيام، وخرجوا إلى الصحراء مشاة، وحضر غالب الأعيان ومعظم العوام وصبيان المكاتب، ونصب المنبر، فخطب عليه شهاب الدين القسطلاني خطيب جامع عمرو، وصلى صلاة الاستسقاء، ودعا وابتهل، وكشف رأسه واستغاث وتضرعوا، وكان يوما مشهودا، وابتدأ الغلاء وزادت الأسعار.
وفي هذه السنة في أول جمادى الأولى حدثت زلزلة لطيفة، فيها ابتدئت قراءة البخاري في رمضان بالقلعة بحضرة السلطان، ورتب الحافظ زين الدين العراقي قارئًا، ثم اشترك معه شهاب الدين العرياني يوما بيوم، وأمر السلطان مشايخ العلم أن يحضروا عنده سامعين ليتباحثوا، فحضر جماعة من الأكابر.
وفيها أبطل ضمان المغاني ومكس القراريط التي كانت في ربيع الدور، وقرئ بذلك
(2/304)
_________
مرسوم على المنابر، وكان ذلك بتحريك البلقيني، وأعانه أكمل الدين والبرهان ابن جماعة.
وفي سنة ست وسبعين وقع الفناء بالديار المصرية، وبيع كل رمانة بستة عشر درهما وهي قريب من دينار، وكل فروج بخمسة وأربعين، وكل بطيخة بسبعين.
وفي هذه السنة أحضر والي الأشمونين إلى الأمير منجك بنتا عمرها خمس عشرة سنة، فذكر أنها لم تزل بنتًا إلى هذه الغاية، فاستد الفرج وظهر لها ذكر وأنثيان، واحتلمت، فشاهدوها وسموها محمدا، ولهذه القضية نظير، ذكرها ابن كثير في تاريخه.
قال الحافظ ابن حجر: ووقع في عصرنا نظير ذلك في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة.
وفي سنة سبع وسبعين وصلت هدايا إسطنبول من الروم، وفي جملة الهدايا صندوق فيه شخوص له حركات، وكلما مضى ساعة من الليل ضربت تلك الشخوص بأنواع الملاهي، وكلما مضت درجة سقطت بندقة.
وفي سنة ثمان وسبعين، في شعبان، خسف الشمس والقمر جميعا، فطلع القمر خاسفًا ليلة السبت رابع عشرة، وكسفت الشمس بين الظهر والعصر يوم السبت ثامن عشرينه.
وفي سنة ثمانين كان بمصر حريق عظيم ودام أياما.
وفي هذه السنة، في ذي القعدة عقد برقوق أتابك العساكر مجلسًا بالقضاة والعلماء.
وذكر أن أراضي بيت المال أخذت منه بالحيلة، وجعلت أوقافا من بعد الناصر بن قلاوون، وضاق بيت المال بسبب ذلك، فقال الشيخ سراج الدين البلقيني: أما ما وقف على خديجة وعويشة وفطيمة فنعم، وأما ما وقف على المدارس والعلماء والطلبة فلا سبيل إلى نقضه؛ لأن لهم في الخمس أكثر من ذلك.
فانفصل الأمر على مقالة البلقيني.
(2/305)
_________
وفي هذه السنة ظهر كوكب له ذؤابة، وبقي مدة يرى في أول النهار من ناحية الشمال.
وفي هذه السنة أمر بتبطيل الوكلاء من دور القضاة.
وفي سنة إحدى وثمانين رسم الأمير بركة بنفي الكلاب من مصر، ورسم بأن يعمل على قنطرة فم الغور سلسلة تمنع المراكب من الدخول وإلى بركة الرطلي، فقال بعض الشعراء في ذلك:
أطلقت دمعي على خليج ... مذ سلسلوه فراح مقفل
من رام من دهرنا عجيبًا ... فلينظر المطلق المسلسل
وفي ربيع الآخر من هذه السنة أحدث السلام على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عقب أذان العشاء ليلة الاثنين مضافا إلى ليلة الجمعة، ثم أحدث بعد عشر سنين عقب كل أذان إلا المغرب.
وفي سنة ثلاث وثمانين ابتدأ الطاعون بالقاهرة.
وفيها أمطرت السماء مطرًا عظيمًا، حتى صار باب زويلة خوضًا إلى بطون الخيل، وخرج سيل عظيم إلى جهة طرى، فغرق زرعها، وأقام الماء أياما، ولم يعهد الناس ذلك بالقاهرة.
وفيها ظهر نجم له ذؤابة قد رمحين من جهة القبلة.
وفي سنة أربع وثمانين وقع الغلاء بمصر.
وفيها شرع جركس الخليلي في عمل جسر بين الروضة ومصر، وطوله مائتا قصبة في عرض عشرة عند موردة الحبش، وعمل على النيل طاحونا تدور الماء.
وفي هذه السنة قال الحافظ ابن حجر: توجه الظاهر برقوق إلى بولاق التكرور، فاجتاز من الصليبة وقناطر السباع وفم الخور.
قال: وكانت عادة السلاطين قبله من زمن الناصر لا يظهرون إلا في الأحيان، ولا يركبون إلا من طريق الجزيرة الوسطى.
(2/306)
_________
قال: ثم تكرر ذلك منه، وشق القاهرة مرارا، وجرى على ما ألف في زمن الإمرة، وأبطل كثيرا من رسوم السلطنة، وأخذ من بعده بطريقته في ذلك إلى أن لم يبق من رسمها في زماننا إلا اليسير جدا.
وفي هذه السنة بنى السلطان قناطر بني منجة، فأحكم عمارتها.
وفي سنة خمس وثمانين نزل السلطان إلى النيل، فخلق المقياس، وكسر الخليج بحضرته.
قال ابن حجر: ولم يباشر ذلك السلطان قبله في زمن الظاهر بيبرس.
وفي سنة سبع وثمانين زلزلة مصر والقاهرة زلزلة لطيفة، في ليلة الثالث عشر من شعبان.
وفيها أحضرت صغيرة ميتة لها رأسان وصدر واحد ويدان فقط، ومن تحت السرة (1) صورة شخصين كاملين، كل شخص بفرج أنثى، فشاهدها الناس، ودفنت.
وفيها وقع الغلاء بمصر.
وفي سنة ثمان وثمانين في جمادى الآخرة زلزلت الأرض زلزلة لطيفة، وفي هذه السنة عز الفستق عزة شديدة إلى أن بيع الرطل منه بمثقال ذهب ونصف.
وفي سنة تسع وثمانين ضربت الدراهم الظاهرية، وجعل اسم السلطان في دائرة، فتفاءلوا له من ذلك بالحبس، فوقع عن قريب، ووقع نظيره لولده الناصر فرج في الدنانير الناصرية.
وفي سنة تسعين أصاب الحاج في رجوعهم عند ثغرة حامد سيل عظيم، أهلك خلقا كثيرا.
وفي هذه السنة وقع الطاعون بالقاهرة.
وفي سنة إحدى وتسعين في شعبان أمر نجم الدين الطنبدي المحتسب أن يزاد بعد كل أذان الصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يصنع ذلك ليلة الجمعة بعد العشاء، فصنعوا ذلك إلا في المغرب لضيق وقتها.
وفي سنة اثنتين وتسعين عطش الحاج بعجرود؛ حتى بلغت القربة مائة درهم فضة.
_________
(1) ساقط من ط.
(2/307)
_________
وفي سنة ثلاث وتسعين أمر كتبغا نائب الغيبة ألا تخرج النساء إلى الترب بالقرافة وغيرها، ومنع النساء من لبس القمصان الواسعة الأكمام وشدد في ذلك.
وفي هذه السنة في جمادى الآخرة ظهر كوكب كبير بذؤابة طول رمحين.
وفي سنة أربع وتسعين وقع الوباء في البقر، حتى كاد إقليم مصر أن يفنى منها.
وفي هذه السنة أمر أصحاب العاهات والقطعات أن يخرجوا من القاهرة.
وفيها ضربت بالإسكندرية فلوس ناقصة الوزن عن العادة طمعا في الربح، فآل الأمر إلى أن كانت أعظم الأسرار في فساد الأسرار ونقص الأموال.
وفي سنة تسع وتسعين استأذن كاتب السر بدر الدين الكلستاني السلطان له ولجميع المتعممين أن يلبسوا الصوف الملون في المواكب، فأذن لهم، وكان لا يلبسون إلا الأبيض خاصة.
وفيها ولدت امرأة بظاهر القاهرة أربعة ذكور أحياء.
وفي سنة ثمانمائة هبت ريح شديدة بالقاهرة، حتى اتفق الشيوخ العتق على أنهم لم يسمعوا بمثلها.
وفي سنة إحدى وثمانمائة، ذكر أهل الهيئة أنه يقع في أول يوم منها زلزلة، وشاع ذلك في الناس فلم يقع شيء من ذلك.
وفي رجب سنة أربع ظهر كوكب قدر الثريا، له ذؤابة ظاهرة النور جدًّا فاستمر يطلع ويغيب، ونوره قوي يرى مع ضوء القمر، حتى رئي بالنهار في أوائل شعبان، فأوله بعضهم بظهور ملك الشيخ المحمودي.
وفي سنة؟؟ وثمانمائة، نودي على الفلوس بأن يتعامل بها بالميزان، سعرت كل رطل ستة دراهم، وكانت فسدت إلى الغاية بحيث صار وزن الفلوس ربع درهم بعد أن كان مثقالا.
وفي سنة عشر، وقع الطاعون بالديار المصرية.
وفي سنة خمس عشرة ضربت الدراهم الخالصة، زنة الواحد نصف درهم والدينار ثلاثين منه، وفرح الناس بها، وبطلت الدراهم النقرة، وكان ضربها قديما في كل درهم عشرة فضة، وتسعة أعشاره نحاس.
(2/308)
_________
وفي سنة ست عشرة فشا الطاعون بمصر.
وفي سنة سبع عشرة أمر المؤيد بضرب الدراهم المديدية.
وفي سنة ثمان عشرة كان الطاعون بالقاهرة.
وفي سنة تسع عشرة كان الطاعون بالقاهرة، وكثر الوباء بالصعيد والوجه البحري.
وفي هذه السنة أمر الملك المؤيد الخطباء إذا وصلوا إلى الدعاء إليه في الخطبة أن يهبطوا من المنبر درجة، ليكون اسم الله ورسوله في مكان أعلى من المكان الذي يذكر فيه السلطان، وصنع ذلك الحافظ ابن حجر بالجامع الأزهر، وابن النقاش بجامع ابن طولون.
قال ابن حجر: وكان مقصد السلطان في ذلك جميلا.
وفي سنة عشرين ولدت جاموسة ببلبيس مولودا برأسين وعنقين وأربعة أيد وسلسلتي ظهر واحد ورجلين اثنتين لا غير، وفرج واحد أنثى، والذنب مفروق باثنتين، فكانت من بديع صنع الله.
وفي هذه السنة أمسك نصراني زنا بامرأة مسلمة، فاعترفا، فحكم برجمهما، فرجما خارج باب الشعرية وأحرق النصراني ودفنت المرأة.
وفي سنة اثنتين وعشرين فشا الطاعون بالديار المصرية.
وفي سنة خمس وعشرين زلزلت القاهرة زلزلة لطيفة.
وفي سنة سبع وعشرين جدد للمشايخ الذين يحضرون سماع الحديث بالقلعة فراجي سنجاب، وهو أول ما فعل بهم ذلك.
وفي سنة ثمان وعشرين وقع بدمياط حريق عظيم حتى احترق قدر ثلثها، وهلك من الدواب والناس شيء كثير.
وفي سنة ثلاث وثلاثين كان الطاعون العظيم بالديار المصرية.
وفي سنة إحدى وأربعين كان الطاعون بالديار المصرية.
(2/309)
_________



ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملة الإسلام من غلاء ووباء وزلازل وآيات
» الحوادث المنزلية
» كتاب: غلاء المهور وأضراره
» الإيـــــدز..  طرقُ انتقال متعددة ووباء استعصت معالجته!!
» ذكر من كان بمصر من الوعاظ والقصاص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــــــــــــــــائـل مـصــــــــــــــــــــر :: تـاريـــخ مـصــــــــر-
انتقل الى: