فضيلة الصوم في شهر الله المُحَرَّم
فضيلة الصوم في شهر الله المُحَرَّم Ocia_806
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد فإن شهر الله المُحَرَّم من الأشهر الحُرُم التي جعلها الله تعالى فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالمُحَرَّم وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) متفق عليه.
 
وهو من أعظم شهور السنة عظمه الله وشرفه من بين سائر الشهور وأضافه إلى نفسه تشريفا له وإشارة إلى أنه حرمه بنفسه وليس لأحد من الخلق تحليله.

وقد كانت العرب تعظمه في الجاهلية وكان يسمى بشهر الله الأصم من شدة تحريمه.

وقد رَجَّحَ طائفة من العلماء أن مُحَرَّم أفضل الأشهر الحُرُم.

والصوم في شهر مُحَرَّم من أفضل التطوع فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المُحَرَّم وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل).

وهذا محمول على التطوع المطلق أما التطوع المقيد كصيام ست من شوال وغيره فهذا أفضل من صوم مُحَرَّم لأنه يلتحق بصوم رمضان فهو بمنزلة السنن الرواتب في الصلاة والسنة الراتبة مقدمة على النافلة المطلقة في باب العبادة.

وكذلك صوم عرفة وغيره من السنن الرواتب أفضل من التطوع في مُحَرَّم.

فيُستحب للمسلم أن يُكثر من الصيام في شهر مُحَرَّم فإن لم يقدر على ذلك صام ما تيسر له.

وقد أخذ الجمهور بظاهر اللفظ فقالوا يستحب صيام الشهر كاملاً والذي يظهر أنه لا يستحب ذلك والمراد في الحديث مشروعية الإكثار من صومه من غير إتمام للشهر.
 
قالت عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان) متفق عليه.

ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم صام المُحَرَّم كاملا بل المحفوظ عنه صوم عاشوراء.

ولأن قاعدة الشرع التيسير في باب النافلة ولذلك شرع أياماً يسيرة ورتب عليها أجراً عظيماً.

ونهى أيضاً عن صوم الدهر.

ويَسَّرَ في صوم التطوع فجعل أكمله صيام داود صوم يوم وترك يوم.

وكل هذا تخفيفاً على المكلف ودفعاً للمشقة حتى لا تمل النفس وتكل.

فالذي يظهر أن صوم الشهر تاما من خصائص الفرض شهر رمضان وأنه ليس من السنة إتمام صوم شهر إلا رمضان حتى لا يشبه النفل بالفرض.

لكن لو صام إنسان الشهر كله جاز ذلك ولا كراهة فيه وإن كان عمله خلاف الأولى.

ويتأكد صوم يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر مُحَرَّم والسنة أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده. وقد ورد في صومه فضل عظيم ف عن أبي قَتادةَ رضي الله عنه قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِ يومِ عاشوراء فقال: (يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية) رواه مسلم.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.