13 باب ما جاء في ملك الموت وأعوانه
13 باب ما جاء في ملك الموت وأعوانه Ocia_732
قال الله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} وقال الله تعالى: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون}.

1 أخرج إبن أبي شيبة في المصنف وإبن أبي حاتم عن إبن عباس في قوله تعالى: {توفته رسلنا} قال أعوان ملك الموت من الملائكة وأخرج أبو الشيخ في تفسيره عن إبراهيم النخعي مثله وزاد ثم يقبضها ملك الموت منهم بعد.

2 وأخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة عن وهب بن منبه قال إن الملائكة الذين يأتون الناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم فإذا توفوا النفس دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب يعني العشار الذي يؤدي إليه من تحته.

3 وأخرج إبن أبي حاتم عن أبي هريرة قال لما أراد الله أن يخلق آدم بعث ملكا من حملة العرش يأتي بتراب من الأرض فلمَّا هوى ليأخذ قالت الأرض أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ اليوم مني شيئاً يكون للنار فيه نصيب غداً فتركها فلمَّا رجع إلى ربه قال ما منعك أن تأتي بما أمرتك؟ قال سألتني بك فعظمت أن أرد شيئاً سألني بك، فأرسل آخر فقال مثل ذلك، حتى أرسلهم كلهم، فأرسل مَلَكَ الموت فقالت له مثل ذلك، فقال إن الذي أرسلني أحق بالطاعة منكِ، فأخذ من وجه الأرض كلها من طيبها وخبيثها فجاء به إلى ربه فصَبَّ عليه من ماء الجنة فصار حمأ مسنوناً فخلق منه آدم.

4 وأخرج أبو حذيفة إسحاق بن بشر في كتاب المبتدأ عن ابن إسحاق عن الزهري نحوه وسمَّى المَلَكَ المُرسل أولاً إسرافيل والثاني ميكائيل.

5 وأخرج إبن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن إبن عباس وعن مرة عن إبن مسعود وناس من الصحابة وسمَّى المُرسل أولاً جبريل والثاني ميكائيل.

6 وأخرج إبن عساكر أيضاً عن يحيى بن خالد نحوه وسمَّى الأول جبريل والثاني ميكائيل وقال في آخره فسمَّاه ملك الموت ووكله بالموت.

7 وأخرج إبن أبي شيبة وإبن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عن ابن سابط قال يدبر أمر الدنيا أربعة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فأما جبريل فصاحب الجنود والريح وأما ميكائيل فصاحب القطر والنبات وأما ملك الموت فهو موكل بقبض الأنفس وأما إسرافيل فهو ينزل عليهم بالأمر وفي لفظ بما يؤمرون.

8 وأخرج أبو الشيخ بن حيان في كتاب العظمة عن الربيع بن أنس أنه سئل عن ملك الموت هل هو وحده الذي يقبض الأرواح قال هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك غير أن ملك الموت هو الرئيس وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب قلت أين تكون أرواح المؤمنين قال عند السدرة.

9 وأخرج إبن أبي الدنيا عن إبن عباس في قوله: {فالمدبرات أمرًا} قال ملائكة مع ملك الموت يحضرون الموتى عند قبض أرواحهم فمنهم من يعرج بالروح ومنهم من يؤمن على الدعاء ومنهم من يستغفر للميت حتى يصلى عليه ويدلى في حفرته.

10 وأخرج إبن أبي الدنيا عن عكرمة في قوله تعالى: {وقيل مَن رَّاق} قال أعوان ملك الموت يقول بعضهم لبعض من يرقى بروحه من أسفل قدمه إلى موضع خروج نفسه؟

11 وأخرج الطبراني في الكبير وأبو نعيم وإبن منده كلاهما في الصحابة من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن الحارث بن الخزرج عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ونظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال يا ملك الموت إرفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال ملك الموت طب نفساً وقر عيناً واعلم أني بكل مؤمن رفيق واعلم يا محمد أني لأقبض روح إبن آدم فإذا صرخ صارخ قمت في الدار ومعي روحه فقلت ما هذا الصارخ والله ما ظلمناه ولا سبقنا أجله ولا استعجلنا قدره وما لنا في قبضه من ذنب فإن ترضوا لما صنع الله تؤجروا وإن تسخطوا تأثموا وتوزروا وإن لنا عندكم عودة بعد عودة فالحذر والحذر وما من أهل بيت شعر ولا مدر بر ولا فاجر سهل ولا جبل إلا أنا أتصفحهم في كل يوم وليلة حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم والله لو أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو يأذن بقبضها.
* قال جعفر بن محمد بلغني أنه إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة فإذا نظر عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلوات الخمس دنا منه الملك وطرد عنه الشيطان ويلقنه الملك لا إله إلا الله محمد رسول الله في ذلك الحال العظيم وأخرجه إبن أبي حاتم في تفسيره وأبو الشيخ في العظمة عن جعفر بن محمد عن أبيه مرفوعا معضلاً.

12 وأخرجه إبن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن الحسن قال ما من يوم إلا وملك الموت يتصفح في كل بيت ثلاث مرات فمن وجده منهم قد أستوفي رزقه وإنقضى أجله قبض روحه فإذا قبض روحه أقبل أهله برنة وبكاء فيأخذ ملك الموت بعضادتي الباب فيقول ما لي إليكم من ذنب وإني لمأمور والله ما أكلت له رزقا ولا أفنيت له عمرا ولا إنتقصت له أجلا إن لي فيكم لعودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا قال الحسن فوالله لو يرون مقامه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم.

13 وأخرج المروزي في الجنائز عن سليم بن عطية قال دخل سلمان على صديق له يعوده وهو بالموت فقال يا ملك الموت إرفق به فإنه مؤمن فتكلم الرجل وقال إنه يقول إني بكل مؤمن رفيق.

14 وأخرج الزبير بن بكار وإبن عساكر من طرق عن حميد بن ميمون عن أبيه قال كنت فيمن حضر المطلب بن عبد الله بن حنطب بمنبج وهو يجود بنفسه ولقي من الموت شدة فقال رجل ممن حضر وهو في غشيته اللهم هون عليه فإنه كان سخيا وكان يثني عليه فأفاق فقال من المتكلم فقالوا فلان فقال فإن ملك الموت يقول لك إني بكل مؤمن سخي رفيق ثم مات في الحال.

15 وأخرج إبن أبي الدنيا عن عبيد بن عمير قال بينما إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه يوما في داره إذ دخل عليه رجل حسن الشارة فقال يا عبد الله من أدخلك داري فقال أدخلنيها ربها قال ربها أحق بها فمن أنت قال ملك الموت قال لقد نعت لي منك أشياء ما أراها فيك قال فأدبر فأدبر فإذا عيون مقبلة وعيون مدبرة وإذا كل شعرة منه كأنها السنان قائم فتعوذ إبراهيم عليه السلام من ذلك وقال عد إلى الصورة الأولى قال يا إبراهيم إن الله إذا بعثني إلى من يحب لقاءه بعثني في الصورة التي رأيت أولاً.
* الشارة بشين معجمة وراء خفيفة الهيئة.

16 وأخرج عن وهب قال إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأى في بيته رجلاً فقال: مَنْ أنت؟ قال: أنا مَلَكُ الموت، قال إبراهيم: إن كنت صادقاً فأرني منك آية أعرف أنك مَلَكُ الموت، قال له ملك الموت أعرض بوجهك فأعرض ثم نظر فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين قال فرأى من النور والبهاء شيئاً لا يعلمه إلا الله، ثم قال أعرض بوجهك فأعرض ثم نظر فأراه الصورة التي يقبض بها الكُفَّار والفُجَّار فرعب إبراهيم رعباً شديداً حتى إرتعدت فرائصه وألصق بطنه بالأرض وكادت نفسه أن تخرج.

17 وأخرج عن إبن مسعود وإبن عباس معا قالا لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له أن يبشره بذلك فأذن له فجاء إبراهيم فبشره فقال الحمد لله ثم قال يا ملك الموت أرني كيف تقبض أنفاس الكفار قال يا إبراهيم لا تطيق ذلك قال بلى قال أعرض فأعرض ثم نظر فإذا برجل أسود تنال رأسه السماء يخرج من فيه لهب النار ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل يخرج من فيه ومسامعه لهب النار فغشي على إبراهيم ثم أفاق وقد تحول ملك الموت في الصورة الأولى فقال يا ملك الموت لو لم يلق الكافر من البلاء والحزن إلا صورتك لكفاه فأرني كيف تقبض أنفاس المؤمنين قال أعرض فأعرض ثم التفت فإذا هو برجل شاب أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا في ثياب بيض فقال يا ملك الموت لو لم ير المؤمن عند الموت من قرة العين والكرامة إلا صورتك هذه لكان يكفيه.

18 وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم عن مجاهد قال جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم.

19 وأخرج أبو الشيخ عن الحكم بن عتبة قال الدنيا بين يدي ملك الموت بمنزلة الطست بين يدي الرجل.

20 وأخرج إبن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن أشعث بن أسلم قال سأل إبراهيم صلوات الله عليه ملك الموت وإسمه عزرائيل وله عينان في وجهه وعينان في قفاه فقال يا ملك الموت ماذا تصنع إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووقع الوباء وإلتقى الزحفان كيف تصنع قال أدعو الأرواح بإذن الله فتكون بين أصبعي هاتين قال ودحيت له الأرض فتركت مثل الطست يتناول منها حيث شاء.

21 وأخرج إبن أبي الدنيا من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم أن يعقوب عليه السلام قال لملك الموت ما من نفس منفوسة إلا وأنت تقبض روحها قال نعم قال فكيف وأنت عندي ها هنا والأنفس في أطراف الأرض قال إن الله سخر لي الدنيا فهي كالطست يوضع قدام أحدكم فيتناول من أطرافها ما شاء كذلك الدنيا عندي.

22 وأخرج الدينوري في المجالسة عن أبي قيس الأزدي قال قيل لملك الموت كيف تقبض الأرواح قال أدعوها فتجيبني.

23 وأخرج إبن أبي الدنيا وأبو الشيخ وأبو نعيم عن شهر بن حوشب قال ملك الموت جالس والدنيا بين ركبتيه واللوح الذي فيه آجال بني آدم في يديه وبين يديه ملائكة قيام وهو يعرض اللوح لا يطرف فإذا أتى على أجل عبد قال أقبضوا هذا.

24 وأخرج إبن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبن عباس أنه سئل عن نفسين إتفق موتهما في طرفة عين واحد بالمشرق وآخر بالمغرب كيف قدرة ملك الموت عليهما قال ما قدرة ملك الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والهوى والبحور إلا كرجل بين يديه مائدة يتناول من أيها شاء.

26 وأخرج جويبر في تفسيره عن الكلبي عن مجاهد عن إبن عباس قال ملك الموت الذي يتوفى الأنفس كلها وقد سلط على ما في الأرض كما سلط أحدكم على ما في راحته ومعه ملائكة من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فإذا توفى نفسا طيبه دفعها إلى ملائكة الرحمة وإذا توفى نفسا خبيثة دفعها إلى ملائكة العذاب.

27 وأخرج إبن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن أبي المثنى الحمصي قال إن الدنيا سهلها وجبلها بين فخذي ملك الموت ومعه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فيقبض الأرواح فيعطي هؤلاء لهؤلاء وهؤلاء لهؤلاء يعني ملائكة الرحمة وملائكة العذاب قيل فإذا كانت ملحمة وكان السيف مثل البرق قال يدعوها فتأتيه الأنفس.

28 وأخرج إبن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال قيل يا رسول الله ملك الموت واحد والزحفان ملتقيان من المشرق والمغرب وما بين ذلك من السقط والهلاك فقال إن الله حوى الدنيا لملك الموت حتى جعلها كالطست بين يدي أحدكم فهل يفوته منها شيء.

29 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف قال حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن خيثمة قال أتى ملك الموت سليمان بن داود وكان له صديقا فقال له سليمان مالك تأتي أهل البيت فتقبضهم جميعا وتدع أهل البيت إلى جنبهم لا تقبض منهم أحدا قال ما أعلم بما أقبض منها إنما أكون تحت العرش فتلقى إلي صكاك فيها أسماء.

30 وأخرج بهذا السند عن خيثمة قال دخل ملك الموت على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه فلما خرج قال الرجل من هذا قال هذا ملك الموت قال رأيته ينظر إلي كأنه يريدني قال فما تريد قال أريد أن تحملني على الريح حتى تلقيني بالهند فدعا الريح فحمله عليها فألقته في الهند ثم أتى ملك الموت سليمان فقال إنك كنت تديم النظر إلى رجل من جلسائي قال كنت أعجب منه أمرت أن أقبضه بالهند وهو عندك.

31 وأخرج إبن عساكر عن خيثمة قال قال سليمان بن داود لملك الموت إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني بذلك قال ما أنا بأعلم بذلك منك إنما هي كتب تلقى إلي فيها تسمية من يموت.

32 وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن عباس قال إن ملكا إستأذن ربه أن يهبط إلى إدريس فأتاه فسلم عليه فقال له إدريس هل بينك وبين ملك الموت شيء فقال ذاك أخي من الملائكة قال هل تستطيع أن تنفعني بشيء عنده قال إما أن يؤخر شيئا أو يقدمه فلا ولكن سأكلمه لك فيرفق بك عند الموت فقال إركب بين جناحي فركب إدريس فصعد به إلى السماء العليا فلقي ملك الموت.

وإدريس بين جناحيه فقال له الملك إن لي حاجة قال علمت حاجتك تكلمني في إدريس وقد محي إسمه ولم يبق من أجله إلا نصف طرفة فمات إدريس بين جناحي الملك.

33 وأخرج أحمد في الزهد وإبن أبي الدنيا عن عمر قال بلغنا أن ملك الموت لا يعلم متى يحضر أجل الإنسان حتى يؤمر بقبضه.

34 وأخرج إبن أبي الدنيا عن ابن جريج قال بلغنا أنه يقال لملك الموت اقبض فلانا في وقت كذا في يوم كذا.

35 وأخرج المروزي وإبن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن أبي الشعثاء جابر بن زيد أن ملك الموت كان يقبض الأرواح بغير وجع فسبه الناس ولعنوه فشكا إلى ربه فوضع الله الأوجاع ونسي ملك الموت يقال مات فلان بوجع بكذا وكذا.

36 وأخرج أبو نعيم عن الأعمش قال كان ملك الموت يظهر للناس فيأتي الرجل فيقول إقض حاجتك فإني أريد أن أقبض روحك فشكا فأنزل الداء وجعل الموت خفية.

37 وأخرج أحمد والبزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان ملك الموت يأتي الناس عيانا فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه فأتى ربه فقال يا رب عبدك موسى فقأ عيني ولولا كرامته عليك لشققت عليه قال له إذهب إلى عبدي فقل له فليضع يده على جلد ثور أو مسك ثور فله بكل شعرة وارت يده سنة فأتاه فقال ما بعد هذا قال الموت قال فالآن قال فشمه شمة فقبض روحه قال يونس فرد الله إليه عينه فكان يأتي بعد الناس خفية.

38 وأخرج أبو حذيفة إسحاق بن بشر في كتاب الشدائد بسنده عن إبن عمر قال قال ملك الموت يا رب إن عبدك إبراهيم جزع من الموت فقال له قل له الخليل إذا طال به العهد من خليله إشتاق إليه فبلغه فقال نعم يا رب قد إشتقت إلى لقائك فأعطاه ريحانة فشمها فقبض فيها روحه.

39 وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن المنكدر أن ملك الموت قال لإبراهيم عليه السلام إن ربي أمرني أن أقبض نفسك بأيسر ما قبضت نفس مؤمن قال فأنا أسألك بحق الذي أرسلك أن تراجعه في فقال إن خليلك سألني أن أراجعك فيه فقال ائته وقل له إن ربك يقول إن الخليل يحب لقاء خليله فأتاه فقال إمض لما أمرت به قال يا إبراهيم هل شربت شرابا قط قال لا قال فاستنكهه فقبض نفسه على ذلك.

40 وأخرج أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان داود فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت إمرأته تطلع إلى الدار فقالت لمن في البيت من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة لتفتضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم وسط الدار فقال له من أنت قال أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمنع مني شيء قال داود أنت والله إذا ملك الموت مرحبا بأمر الله فزمل داود مكانه حيث قبضت نفسه.

41 وأخرج الطبراني عن الحسين أن جبريل هبط على النبي صلى الله عليه وسلم يوم موته فقال كيف تجدك قال أجدني يا جبريل مغموماً وأجدني مكروباً فاستأذن ملك الموت على الباب فقال جبريل يا محمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ما استأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك قال ائذن له فأذن له فأقبل حتى وقف بين يديه فقال إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها وإن كرهت تركتها قال وتفعل يا ملك الموت؟ قال نعم بذلك أمرت، فقال له جبريل إن الله قد إشتاق إلى لقائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إمض لِمَا أمِرْتَ به.

42 وأخرج أحمد في الزهد وسعيد بن منصور عن عطاء بن يسار قال ما من أهل بيت إلا يتصفحهم ملك الموت في كل يوم خمس مرات هل منهم أحد أمر بقبضه.

43 وأخرج إبن أبي حاتم عن كعب قال ما من بيت فيه أحد إلا وملك الموت على بابه كل يوم سبع مرات ينظر هل فيه أحد أمر به يتوفاه.

44 وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن مجاهد قال ما على ظهر الأرض من بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطوف به كل يوم مرتين.

45 وأخرج إبن أبي شيبة وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن عبد الأعلى التيمي قال ما من أهل دار إلا وملك الموت يتصفحهم في اليوم مرتين.

46 وأخرج أبو نعيم عن ثابت البناني قال الليل والنهار أربع وعشرون ساعة ليس فيها ساعة تأتي على ذي روح إلا وملك الموت قائم عليها فإن أمر بقبضها وإلا ذهب.

47 وأخرج أبو الفضل الطوسي في كتاب عيون الأخبار بسنده وإبن النجار في تاريخ بغداد من طريق إبراهيم بن هدبة عن أنس مرفوعا إن ملك الموت لينظر في وجوه العباد في كل يوم سبعين نظرة فإذا ضحك العبد الذي بعث إليه يقول واعجبا بعثت إليه لأقبض روحه وهو يضحك.

48 وأخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة وإبن أبي الدنيا عن زيد بن أسلم قال يتصفح ملك الموت المنازل كل يوم خمس مرات ويطلع في وجه إبن آدم كل يوم إطلاعة قال فمنها الذعرة التي تصيب الناس يعني القشعريرة والإنقباض.

49 وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال ما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس قائل يقول ثلاثا وقائل يقول خمساً.

50 وأخرج أبو الشيخ والعقيلي في الضعفاء والديلمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آجال البهائم وخشاش الأرض كلها في التسبيح فإذا إنقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء.
* وله طريق آخر أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك من حديث إبن عمرو مثله قال إبن عطية والقرطبي وكأن معنى ذلك أن الله يعدم حياتها بلا مباشرة ملك الموت وأمَّا الآدمي فشرف بأن خلق الله له ملكاً وأعوانه وجعل قبض روحه وانسلالها من جسده على يده.

51 لكن أخرج الخطيب في الرواة عن مالك عن سليمان بن معمر الكلابي قال حضرت مالك بن أنس وسأله رجل عن البراغيث أملك الموت يقبض أرواحها فأطرق طويلاً ثم قال ألها أنفس؟ قال نعم، فقال فإن ملك الموت يقبض أرواحها ثم قال: {يتوفى الأنفس حين موتها} ثم رأيت جويبر أخرج في تفسيره عن الضحاك عن إبن عباس قال وكل ملك الموت بقبض أرواح الآدميين فهو الذي يقبض أرواحهم وملك في الجن وملك في الشياطين وملك في الطير والوحوش والسباع والخشاش والحيتان والنمل فهم أربعة أملاك والملائكة يموتون في الصعقة الأولى وإن ملك الموت يلي قبض أرواحهم ثم يموت وأمَّا الشهداء في البحر فإن الله يلي قبض أرواحهم لا يكل ذلك إلى ملك الموت لكرامتهم عليه حيث ركبوا لجج البحر في سبيله وجويبر ضعيف جداً والضحاك عن إبن عباس منقطع ولآخره شاهد مرفوع.

52 وأخرج إبن ماجه عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض روحه.

53 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عيسى قال كان فيمن كان قبلكم رجل عبد الله أربعين سنة في البر ثم قال يا رب قد إشتقت أن أعبدك في البحر فأتى قوماً فاستحملهم فحملوه وجرت بهم سفينتهم ما شاء أن تجري ثم وقفت فإذا شجرة في ناحية الماء فقال ضعوني على هذه الشجرة فوضعوه وجرت بهم سفينتهم فأراد ملك أن يعرج إلى السماء فتكلم بكلامه الذي كان يعرج به فلم يقدر على ذلك فعلم أن ذلك لخطيئة كانت منه فأتى صاحب الشجرة فسأله أن يشفع له إلى ربه فصلى ودعا للملك وطلب إلى ربه أن يكون هو الذي يقبض نفسه ليكون أهون عليه من ملك الموت فأتاه حين حضر أجله فقال إني طلبت إلى ربي أن يُشَفِّعْنِي فيك كما شَفَّعَكَ في وأن أقبض نفسك فمن حيث شئت قبضتها فسجد سجدة فخرجت من عينه دمعة فمات.

فائدة
54 أخرج إبن عساكر في تاريخه عن أبي زرعة قال قال لي نجيب بن أبي عبيد اليسري رأيت ملك الموت في النوم وهو يقول قل لأبيك يصلي علي حتى أرفق به عند قبض روحه فحدثت أبي بما رأيت فقال يا بني لأنا بملك الموت آنس مني بأمك.

55 وأخرج إبن عساكر من طريق زيد بن أسلم عن أبيه قال ذكرت حديثاً رواه إبن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرىءٍ مسلمٍ يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه فدعوت بدواة وقرطاس لأكتب وصيتي وغلبني النوم فنمت ولم أكتبها فبينما أنا نائم إذ دخل داخل أبيض الثياب حسن الوجه طيب الرائحة فقلت يا هذا من أدخلك داري؟ قال أدخلنيها ربها، قلت من أنت؟ قال ملك الموت فرعبت منه، فقال لا ترعب إني لم أؤمر بقبض روحك قلت فاكتب لي إذاً براءةً من النار، قال هات دواة وقرطاساً، فمددتُ يدي إلى الدواة والقرطاس الذي نمت عنه وهو عند رأسي فناولته فكتب بسم الله الرحمن الرحيم أستغفر الله أستغفر الله حتى ملأ ظهر الكاغد وبطنه ثم ناولنيه وقال هذا براءتك رحمك الله وانتبهت فزعاً ودعوتُ بالسراج فنظرت فإذا القرطاس الذي نمت وهو عند رأسي مكتوب بظهره وبطنه أستغفر الله.

فصل
56 قال القرطبي لا تنافي بين قوله تعالى: {قل يتوفاكم مَلَكُ الموت} وقوله: {توفته رسلنا} وقوله: {تتوفاهم الملائكة} وقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس} لأن إضافة التوفي إلى ملك الموت لأنه المباشر للقبض وإلى الملائكة الذين هم أعوانه لأنهم يأخذون في جذبها من البدن فهو قابض وهم معالجون وإلى الله لأنه الفاعل على الحقيقة.

* وقال الكلبي يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب.

* وأمَّا أختلاف صفة ملك الموت بالنسبة إلى المؤمن والكافر فواضح لِمَا تقرَّر من أن الملائكة لهم قدرة التشكل بأي شكل أرادوا.