5 باب فضل الموت  
  5 باب فضل الموت Ocia_724
قال العلماء الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف وإنما هو إنقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقة وحيلولة بينهما وتبدل حال وإنتقال من دار إلى دار.

1 وأخرج أبو الشيخ في تفسيره وأبو نعيم عن بلال بن سعد أنه قال في وعظه يا أهل الخلود ويا أهل البقاء إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما خلقتم للخلود والأبد وإنكم تنقلون من دار إلى دار.

2 وأخرج الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إنما خلقتم للأبد والبقاء ولكنكم تنقلون من دار إلى دار.

3 وأخرج إبن المبارك في الزهد والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحفة المؤمن الموت.

وأخرج الديلمي في مسند الفردوس من حديث جابر مثله.

4 وأخرج أيضا عن الحسين بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الموت ريحانة المؤمن.

5 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه والديلمي أيضا عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت غنيمة والمعصية مصيبة والفقر راحة والغنى عقوبة والعقل هدية من الله والجهل ضلالة والظلم ندامة والطاعة قرة العين والبكاء من خشية الله النجاة من النار والضحك هلاك البدن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

6 وأخرج أحمد وسعيد بن منصور في سننه بسند صحيح عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إثنتان يكرههما إبن آدم يكره الموت والموت خير له من الفتنة ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب.

7 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن زرعة بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحب الإنسان الحياة والموت خير لنفسه ويحب الإنسان كثرة المال وقلة المال أقل لحسابه مرسل.

8 وأخرج الشيخان عن أبي قتادة قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال مستريح ومستراح منه قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه فقال العبد المؤمن يستريح من تعب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله عز وجل والعبد الفاجر يستريح منه البلاد والعباد والشجر والدواب.

9 وأخرج إبن أبي شيبة عن يزيد بن أبي زياد قال مروا بجنازة على أبي جحيفة فقال إستراح وأستريح منه.

10 وأخرج إبن المبارك والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدنيا سجن المؤمن وسنته فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة السنة بفتح أوله القحط والجدب.

11 وأخرج إبن المبارك عن عبد الله بن عمرو قال إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها.

12 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عمرو قال الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فإذا مات المؤمن يخلى سربه يسرح في الجنة حيث شاء.
* السرب هنا بفتح أوله الطريق كما في الصحاح.

13 وأخرج أبو نعيم عن إبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر يا أبا ذر إن الدنيا سجن المؤمن والقبر أمنه والجنة مصيره يا أبا ذر إن الدنيا جنة الكافر والقبر عذابه والنار مصيره.

16 وأخرج النسائي والطبراني وإبن أبي الدنيا عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على وجه الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم ولها نعيم الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى لما يرى من ثواب الله له.

17 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف والمروزي في الجنائز والطبراني عن إبن مسعود قال ذهب صفو الدنيا فلم يبق إلا الكدر فالموت تحفة لكل مسلم.

18 وأخرج المروزي وإبن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن إبن مسعود قال حبذا المكروهان الفقر والموت.

19 وأخرج إبن أبي شيبة والمروزي عن طاووس قال لا يحرز دين المرء إلا حفرته.

20 وأخرج إبن أبي شيبة وإبن المبارك في الزهد والمروزي عن الربيع بن خيثم قال ما من غائب ينتظره المؤمن خير له من الموت.

21 وأخرج إبن أبي الدنيا عن مالك بن مغول قال بلغني أن أول سرور يدخل على المؤمن الموت لما يرى من كرامة الله وثوابه.

22 وأخرج أحمد في الزهد وإبن أبي الدنيا عن إبن مسعود قال ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله.

23 وأخرج سعيد بن منصور وإبن جرير عن أبي الدرداء قال ما من مؤمن إلا والموت خير له وما من هو كافر إلا والموت خير له فمن لم يصدقني فإن الله يقول: {وما عند الله خير للأبرار}، {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم}.

24 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف وعبد الرزاق في تفسيره والحاكم في المستدرك والطبراني والمروزي في الجنائز عن إبن مسعود قال ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة فإن كان برا فقد قال الله تعالى: {وما عند الله خير للأبرار} وإن كان فاجرا فقد قال الله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا}.

26 وأخرج إبن المبارك وأحمد في الزهد عن حيان بن جبلة أن أبا ذر وأبا الدرداء قال تلدون للموت وتعمرون للخراب وتحرصون على ما يفنى وتذرون ما يبقى ألا حبذا المكروهات الثلاث الموت والمرض والفقر.

27 وأخرج أحمد في الزهد عن إبن مسعود قال ألا حبذا المكروهان الموت والفقر.

28 وأخرج إبن أبي الدنيا عن جعفر الأحمر قال من لم يكن له في الموت خير فلا خير له في الحياة.

29 وأخرج إبن سعد في الطبقات والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء قال أحب الفقر تواضعا لربي وأحب الموت إشتياقا لربي وأحب المرض تكفيرا لخطيئتي.

30 وأخرج إبن سعد وإبن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء أنه قيل له ما تحب لمن تحب قال الموت قالوا فإن لم يمت قال يقل ماله وولده.

31 وأخرج إبن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت قال أتمنى لحبيبي أن يقل ماله ويعجل موته.

32 وأخرج أحمد في الزهد وإبن أبي الدنيا عن أبي الدرداء قال ما أهدى إلي أخ هدية أحب إلي من السلام ولا بلغني عنه خير أعجب إلي من موته.

33 وأخرج إبن أبي الدنيا عن محمد بن عبد العزيز التيمي قال قيل لعبد الأعلى التيمي ما تشتهي لنفسك ولمن تحب من أهلك قال الموت.

34 وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب الموت إلى من يعلم أني رسولك.

35 وأخرج أحمد أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه ليقبض روحه فقال إبراهيم يا ملك الموت هل رأيت خليلا يقبض روح خليله فعرج ملك الموت إلى ربه فقال قل له هل رأيت خليلا بكره لقاء خليله فرجع قال فاقبض روحي الساعة.

36 وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إن حفظت وصيتي فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت.

37 وأخرج إبن سعد عن الحسن قال لما حضر حذيفة الموت قال حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم الحمد لله الذي سبق بي الفتنة.

وقال سهل بن عبد الله التستري لا يتمنى الموت إلا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت أو رجل يفر من أقدار الله أو مشتاق محب للقاء الله.

وقال حيان بن الأسود الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب وقال أبو عثمان علامة الشوق حب الموت مع الراحة وقال بعضهم إن المشتاقين يحسون حلاوة الموت عند وروده لما قد كشف لهم من روح الوصول أحلى من الشهد.

38 وأخرج إبن عساكر عن ذي النون المصري قال الشوق أعلى الدرجات وأعلى المقامات إذا بلغها العبد إستبطأ الموت شوقا إلى ربه وحبا للقائه والنظر إليه.

39 وأخرج إبن أبي الدنيا عن عتبة الخولاني الصحابي رضي الله عنه أنه قيل له إن عبد الله بن عبد الملك خرج هارباً من الطاعون فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ما كنت أرى أني أبقى حتى أسمع بمثل هذا أفلا أخبركم عن خلال كان عليها إخوانكم:
 أولها لقاء الله تعالى كان أحب إليهم من الشهد.
والثانية لم يكونوا يخافون عدواً قلوا أو كثروا.
والثالثة لم يكونوا يخافون عوزاً من الدنيا كانوا واثقين بالله أن يرزقهم.
والرابعة إن نزل بهم الطاعون لم يبرحوا حتى يقضي الله فيهم ما قضى.

40 وأخرج أبو نعيم في الحلية عن إبن عبد ربه أنه قال لمكحول أتحب الجنة قال ومن لا يحب الجنة قال فأحبب الموت فإنك لن ترى الجنة حتى تموت.

41 وأخرج عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن عبد الله بن أبي زكريا كان يقول لو خيرت بين أن أعمر مائة سنة في طاعة الله وأن أقبض في يومي هذا أو في ساعتي هذه لاخترت أن أقبض في يومي هذا أو في ساعتي هذه شوقا إلى الله وإلى رسوله وإلى الصالحين من عباده.

42 وأخرج أبو نعيم وإبن عساكر في تاريخه عن أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا عبد الله النباجي يقول لو خيرت بين أن تكون لي الدنيا منذ يوم خلقت أتنعم فيها حلالا لا أسأل عنها يوم القيامة وبين أن تخرج نفسي الساعة لاخترت أن تخرج نفسي الساعة أما تحب أن تلقى من تطيع.

43 وأخرج أبو نعيم والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت كفارة لكل مسلم صححه إبن العربي قال القرطبي وذلك لما يلقاه الميت فيه من الآلام والأوجاع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها من سيئاته فما ظنك بالموت الذي سكرة من سكراته أشد ثلاثمائة ضربة بالسيف.

44 وأخرج إبن المبارك في الزهد وإبن أبي الدنيا عن مسروق قال ما غبطت شيئا بشيء كمؤمن في لحده قد أمن من عذاب الله وإستراح من أذى الدنيا.

45 وأخرج إبن أبي شيبة بلفظ ما من شيء خير للمؤمن من لحد قد إستراح من هموم الدنيا وأمن من عذاب الله.

46 وأخرج إبن المبارك عن الهيثم بن مالك كنا نتحدث عند أيفع بن عبد وعنده أبو عطية المذبوح فتذاكروا النعيم فقال من أنعم الناس؟ قالوا فلان وفلان فقال أيفع ما تقول يا أبا عطية قال أنا أخبركم بمن هو أنعم منه؟ جسد في لحد قد أمن من العذاب.

47 وأخرج عن محارب بن دثار قال قال لي خيثمة أيسرك الموت قلت لا قال ما أعلم أحداً لا يسره الموت إلا منقوص.

48 وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد بلفظ فقال إن هذا بك لنقص كبير.

49 وأخرج إبن المبارك عن أبي عبد الرحمن أن رجلا قال في مجلس أبي الأعور السلمي والله ما خلق الله شيئا أحب إلي من الموت فقال أبو الأعور لأن أكون مثلك أحب إلي من حمر النعم.

50 وأخرج إبن أبي الدنيا عن صفوان بن سليم قال في الموت راحة للمؤمن من شدائد الدنيا وإن كان الموت ذا غصص وكرب.

51 وأخرج عن محمد بن زياد قال حدثت عن بعض الحكماء أنه قال للموت أهون على العاقل من زلة عالم غافل.

52 وأخرج عن سفيان قال كان يُقال الموت راحة العابدين.