منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية   العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية Emptyالسبت 22 أبريل 2023, 12:22 am

العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية
د.حسن الخطاف
العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية Untit593
لا تخلو أمَّةٌ من أعيادٍ، فالعيد يُمثِّل ذاكرة الأمَّة وهُويّتها ويربط ماضيها بحاضرها، ويعبِّر عن توجهاتها وهمومها وعن تاريخها وعن أبرز الأمجاد التي مرَّت بها الأمَّة، ويربطها ببُعدها الحضاري والديني.

من هذا المنطق تأتي قيمة العيد، والعيد في اللغة مأخوذ من المعاودة ويكون مشتقاً عند الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 170هـ)من عاد يعود وكأنهم عادوا إليه بعد ما مضى، ويرى ابن فارس (ت: 395هـ) أنَّ الأصح في تسميته أنّه سُمّي بذلك لأنه يعود كل عام [1]، والذي يجمع بين المعنيين أّنه يتصف بالتكرار، والتكرار يحمل ذاكرة الأيام للأجيال ويربيِّها على التمسك بهُوِّيتها.

1 – الفطرة الإنسانية:
هي معدن الإنسان الذي ولد عليه، وتتعلق باحتياجاته العقلية كالتفكير والتأمل وربط الأسباب بنتائجها، وباحتياجاته الروحية التي تربطه بالعالم العلوي كالشعور بأن قوة تدير العالم، والشعور بالارتياح عند ممارسة العبادة، وكذا الفطرة تتعلق باحتياجاته الجسدية كالشعور بالاحتياج إلى الطعام والشراب والجنس والنوم، وتتصل أيضاً باحتياجاته الاجتماعية كنفوره من الوحدة والظلم الاجتماعي وميله نحو الاجتماع والعدل، ومحبته لتكوين علاقات بين الناس.

2 – اجتماع الأبعاد الثلاثة في العيدين
لا يوجد عند المسلمين إلا عيدان لهما الصبغة الدينية، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، ويُعدُّ البُعد الديني أساساً للبُعد الجسدي والاجتماعي، وذلك راجع إلى التشريع، فالمشرِّع وهو الله تعالى هو الذي جعل عيدين اثنين، وهو الذي يشرِّع ما يحدث فيهما…

وقد ارتبط هذان العيدان بالجوانب الاجتماعية والاحتياجات الجسدية والروحية بشكل عجيب بحيث يمكن أن يكون موضع العيدين في الإسلام نموذجاً رائعاً للجمع بين هذه الأبعاد الثلاثة، ويُعد ذلك قدرة الدِّين الإسلامي في ملامسة الفطرة الإنسانية والاستجابة لها.

والمُلاحظ في البُعد الديني للعيد أن الجانب الديني يكون قبل العيد وخلال العيد وبعد العيد، ففي عيد الفطر يكون العيد مسبوقا بصيام رمضان، وأبرز ما في رمضان هو العشر الأواخر منه والتي تسبق العيد، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يستثمر هذه الأيام، ففي صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف ‌العشر ‌الأواخر من رمضان» [2]، وما دام هناك خير فالنبي لا يُقصره على نفسه بل كان يَحُضُّ أهل بيته، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شَدَّ مئزره، ‌وأحيا ‌ليله، وأيقظ أهله» [3].

وهناك دعوة من النبي عليه الصلاة والسلام إلى صيام الستة أيام من شوال بعد العيد، وفي أثناء العيد نجد صلاة العيد والتكبيرات.

وفي عيد الأضحى يكون العيد مسبوقاً بالحج، وأبرز هذه الأيام هي العشر الأوائل من ذي الحجة التي تسبق العيد ففي صحيح البخاري، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ”ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه. ‌قالوا: ‌ولا ‌الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يُخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء” [4]، وهذه العشر مقابلة للعشر الأواخر من شهر رمضان التي هي أيام اعتكاف وتلمُّس لليلة القدر، وأعمال الحج لا تنتهي باليوم الأول بل يستمر حتى نهاية أيام التشريق الثلاثة.

ولنلحظ إلى هذه التداخل العجيب بين هذه الأبعاد الثلاثة ففي الوقت الذي تكون فيه العبادة بارزة من الصلاة والتكبير في البيوت والمساجد والطرقات، وذلك للرجال والنساء، ففي صحيح البخاري: “وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد [5]، وهذا يرتبط بقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)} [الحج: 27، 28].

في هذا الوقت الذي يبرز فيه البُعد الديني نجد قول الله تعالى في أيام العيد والحج “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ” مقترنة مع قوله تعالى: ”وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ” والمنافع عامة وتشمل التجارة وهي أبعاد جسدية.

يقول القرطبي: “والشهود الحضور، (منافع لهم) أي المناسك، ‌كعرفات ‌والمشعر ‌الحرام، وقيل المغفرة، وقيل التجارة، وقيل هو عموم، أي ليحضروا منافع لهم، أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة، قال مجاهد وعطاء واختاره ابن العربي، فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأخرى”[6].

ويتجلّى البُعد الجسدي بارزاً متداخلاً مع البُعد الديني في قوله صلى الله عليه وسلم: ”أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ‌أَيَّامُ ‌أَكْلٍ ‌وَشُرْبٍ”، ولنلحظ أنَّ البخاري وضع هذا الحديث تحت باب “تحريم صوم أيام التشريق” وهذا ليس خَاصّاً بالبخاري فصيام أيام التشريق والعيدين مُحرَّمة عند غيره، ولعل من أبرز الحِكم في ذلك هو الجمع بين البُعد الديني والبُعد الجسدي، فهذه الأيام هي بمثابة أيام تكريم للصائم وتكريم للحاج بعد هاتين العبادتين ومن أنواع التكريم أن يُريح الإنسان جسده.

البُعد الجسدي والديني كان مترابط في أبرز صوره في الآيات التي تتحدث عن الصيام في سورة البقرة ابتداء من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183]... إلى قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} [البقرة: 187].

فالغاية من الصيام هي التقوى، وقد كانت في أول آية وفي ختم آخر آية وهذا بُعْد ديني بارز، وبين ذلك حلُّ الطعام والشراب والجنس في أيام الليالي مع تحريم ذلك في النهار.

ويظهر البُعد الديني جلياً في الوقوف عند شرع الله تعالى، فما يشرعه الله ينبغي الوقوف عنده، فالإفطار في رمضان من غير عذر محرم، والصوم في وقت العيدين محرّم، وبيان هذا أنَّ تعالى هو المشرع، ومن الضروري الوقوف عند هذه الحدود.


أما البُعد الاجتماعي ففي العيدين مظاهر الفرح والسرور وصلة الأرحام وزيارة الأقرباء، ومن ذلك التعارف بين الناس في الحج، وهذه من منافع الحج، يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عند قوله تعالى: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ“ وتنكير منافع للتعظيم المُراد منه الكثرة وهي المصالح الدينية والدنيوية لأن في مجمع الحج فوائد جَمَّةً للناس: لأفرادهم من الثواب والمغفرة لكل حاج، ولمجتمعهم لأن في الاجتماع صلاحاً في الدنيا بالتعارف والتعامل”.

ومن المُلاحظ أنَّ أيام التشريق سُميت بذلك لانهم كانوا يشرقون فيها اللحم، وتشقيق اللحم يقتضي إطعاماً وإهداء.

ونجد في الأضاحي تكمالاً بين هذه الحاجيات بشكل عجيب ففيها التقُّرب إلى الله تعالى للمُضَحِّي، فهي تأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها لتكون في ميزان حسنات المُضَحِّي [7]، وهو بهذا لا يتقرب إلى الله تعالى بالاستجابة لهذه الشعيرة، بل يأكل منها ويتصدَّق ويُهدي، وفي هذا تحقيق لمطالب الجسد، وتكافل اجتماعي للفقير من خلال التصدُّق بجزء منها، وللغني بالهدية، وهذا ما يؤدي إلى تطييب النفوس والتقريب بين المختلف والتلاحم بين الأقارب.

ومثل هذا زكاة الفطر التي آخر وقتٍ لإخراجها هو غروب شمس يوم العيد عند الجمهور [8] وما يدفعه الصائم عن نفسه ومَنْ يكفلهم يُساهم هو شكر لله تعالى، وسدٌّ لحاجات المجتمع.

قبل العيد كان هناك اعتكاف وابتعاد عن الناس فيأتي العيد لسَدِّ هذه الثغرة وليكون هناك تواصل بين الناس وخاصة بين الأرحام، قضية التكبير والصلاة الموجود في العيد والتكبير الموجود في الخطبة وفي الأسواق… ينبغي أن يلفت الانتباه إلى معاني العزة والشُّموخ لهذه الأمَّة، وأن الكبير هو الله وبهذا يكون المؤمن شجاعاً مِقداماً لا تصدمه الحواجز ولا يقف اليأس حاجزاً عن تحقيق ما يريد، ففي الوقت الذي يشعر بقوته وقدرته على تحقيق المُراد بتوفيق من الله تعالى يشعر بالعبودية لله تعالى.

3 – هُويَّة الأمَّة الحضارية تجتمع في هذه الأبعاد الثلاثة:
لكل أمَّة هوية تميزها عن غيرها وتتباهي هي بهذه الميزة، ولعل أبرز ما تتميز به الهوية الإسلامية الحضارية هي ارتباطها بالدِّيني الذي انعكس على الاستجابة للبعد الجسدي والروحي والاجتماعي، وهذه ميزة تفرّدت بها الشريعة الإسلامية، فالشريعة ليست روحية محضة تهتم بالعبادة وتلغي دور الجسد ومتطلباته، كما أنها ليست جسدية تلغي ارتباط الإنسان بأشواقه الروحيه وتطلعاته كالنظريات التي تقدِّس الجنس والمادة، وأيضاً ليست ميزة هذه الهوية فردية تنطلق من حرية الفرد لتدوس على اختيارات المجتمع وتوجهاته كالنظريات الغربية التي تُعلي من شأن الحرية الفردية والتي وصلت إلى الحرية الجنسية بأقبح صورها، وإلى حرية كاذبة موجَّهة إلى الوقوف ضد الأديان والأنبياء، كتحريق القرآن ونزع الحجاب وتصوير الأنبياء على أنهم قتلة مجرمون.

وأيضاً هذه الهوية استطاعت أن تجمع بين مسؤولية الفردية اتجاه نفسه والمجتمع، ومسؤولية المجتمع اتجاه الفرد، فحرية الفرد مُصانة ما لم تصل إلى القيم الحاكمة في المجتمع، وما يملكه الفرد يجب أنْ يُصان من قِبَل المجتمع ما لم يتصادم مع متطلبات المجتمع واحتياجاته، وعندها تقدَّر الضرورة بقدرها ويُصان حقُّه.

كما أنَّ هذه الهوية الدينية الحضارية جاءت بكلِّيات مسلّماً بها يخضع لها الجميع كأركان الإسلام والإيمان… فلا اجتهاد في رَدِّها أو الاعتراض عليها، لأنَّها هذه الكليات تمثِّل ارتباط الأمَّة الوثيق بدينها الذي ينتج حضارة، وفي الوقت ذاته كان المجال واسعاً للاجتهاد في فروع الدِّين، وهذا الاجتهاد فيه المُسايرة والعطاء وإنتاج الحضارة.

هذه الهُويِّة انطلقت من الوحي، في أوِّل خطاب يصل الأرض بالسماء في رمضان، وفي ليلة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، وستستمر هذ الهُوية من غير تشويش أو تشويه ما دامت متمسكة بهذا الخطاب: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، فهو يهدي إلى الأقوم في العبادة، وفي التشريع، وفي الاجتماع، وفي تحقيق متطلبات الروح والجسد.

4 – فلسفة اجتماع هذه الأبعاد:
اجتماع هذه الأبعاد –وإنْ كان يظهر في العيدين بشكل جليِّ– ليس قاصراً عليهما، ومَرَدُّ ذلك إلى أنَّ كلَّ ما في هذا الكون مرجعه إلى الله تعالى من حيث التّوجُّه والقصد، وفائدته لبني الإنسان من حيث الفائدة والأثر، فليس هناك شيء إلا وينبغي أنْ تكون نية الفعل مُتجهة إلى الله تعالى خالقاً ورازقاً ومُعطياً… وهذا معنى: (قُلۡ إِنَّ ‌صَلَاتِي ‌وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ) فحياتنا وأرواحنا وعطاؤنا وأخذنا وموتنا وعيشنا لله تعالى، وأكلنا وشربنا، لله رب العالمين، ولا يغيب عنَّا أصل ذلك وهو حديث النبي عليه الصلاة والسلام فليس هناك شيء وهذا ما نجده بشكل جلي واضح في قوله: «إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، ‌وفي ‌بضع ‌أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً» [9]، والذي يجمع هذه الأبعاد هو النِّيَّة، والنِّيَّة هي استحضار عظمة الله تعالى في العبادات والمُعاملات والعادات.

_____________________________________
[1] ابن فارس، مقاييس اللغة، 4/ 181.
[2] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب الاعتكاف في العشر الأواخر، رقم: 2025.
[3] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب الاعتكاف في العشر الأواخر، رقم: 2024.
[4] صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق، رقم: 969
[5] صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب التكبير أيام منى.
[6] تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن: 12/ 41.
[7] سُنن الترمذي، أبواب الأضحاحي، ‌‌باب ما جاء في فضل الأضحية، رقم: 1493.
[8] الموسوعة الفقهية الكويتية، ج10، ص 14.
[9] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم: 1006.

المصدر:
حسن الخطاف
أستاذ العقيدة في جامعة قطر
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية



العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
العيد بين أبعاده الدينية والجسدية والاجتماعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الثالث: الفرق الدينية اليهودية.. الباب الأول: الفرق الدينية اليهودية (حتى القـرن الأول الميلادى)
» المبحث السابع: النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأزمة
» المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف
» القنوات الفضائية وآثارها العقدية والثقافية والاجتماعية والأمنية
» محمد والقيادة الدينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضـــــائل الـشـهــــور والأيـــــام :: عـيـــــــد الـفـطــــــــر الـمـبــــــــارك-
انتقل الى: