وقت الإفطار في رمضان بداية الأمر
وقت الإفطار في رمضان بداية الأمر Ocia_231
الإفطار لم يكن في بداية الأمر حتى العشاء فقط، بل كان حتى ينام أحدهم، فإذا نام لا يحل له الأكل ولا الجماع لو استيقظ ليلاً، ثم جاء التخفيف وأبيح الأكل والشرب والجماع حتى الفجر.

قال القرطبي في تفسيره:
قوله تعالى: أحل لكم لفظ احل يقتضي أنه كان مُحَرَّماً قبل ذلك ثم نسخ.

روى أبو داود عن ابن ابي ليلى قال وحدثنا اصحابنا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يُصبح، قال: فجاء عمر فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت، فظن أنها تعتل فأتاها.

فجاء رجل من الأنصار فأراد طعاماً فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً فنام، فلمَّا أصبحوا أنزلت هذه الآية، وفيها أحِلَّ لكم ليلة الصيامُ الرَّفَثُ إلى نسائكم.

وروى البخاري عن البراء قال:
كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يُفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمشي، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً -وفي رواية: كان يعمل في النخيل بالنهار وكان صائماً- فلَمَّا حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندكِ طعام؟ قالت لا، لكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته فلمَّا رأته قالت: خيبة لك! فلَمَّا انتصف النهار غُشِيَ عليه، فَذُكِرَ ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه الآية: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ففرحوا فرحاً شديداً، ونزلت: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.

وفي البخاري أيضاً عن البراء قال:
لَمَّا نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون انفسهم، فأنزل الله تعالى: عَلِمَ اللهُ أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم.

يقال: خان واختان بمعنى من الخيانة، أي تخونون أنفسكم بالمباشرة في ليالي الصوم.

ومَنْ عصي الله فقد خان نفسه إذ جلب اليها العقاب.

وقال القتبي:
اصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه.

وذكر الطبري:
أن عمر -رضي الله تعالى عنه- رجع من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد سمر عنده ليلة فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت له: قد نمت، فقال لها: ما نمتِ، فوقع بها.

وصنع كعب بن مالك مثله، فغدا عمر على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أعتذر إلى الله وإليك، فإن نفسي زينت لي فواقعت أهلي، فهل تجد لي من رخصة؟ فقال لي: لم تكن حقيقاً بذلك يا عمر فلمَّا بلغ بيته أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن.

وذكره النحاس ومكي، وأن عمر نام ثم وقع بامرأته، وأنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فنزلت: "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن الآية. (انتهى).

وأمَّا الحكمة فلعلها تعويد المسلمين على قوة التحمل، وتصفية نفوسهم من أمور يعلمها الله ليكونوا أهلاً لحمل أعباء الدعوة في بداية عهدها، كما كان الشأن في قيام الليل، حيث فرض على الصحابة سنة ثم أصبح تطوعا وبقيت فرضيته في حق الرسول -صلى الله عليه وسلم-.