النوع التاسع: إعجاز القرآن
----------------------------------
أ- الإعجاز
الإعجاز: إثبات العجز، والعجز: ضد القدرة، وهو القصور عن فعل الشيء.

ب- تعريف المعجزة:
هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة. يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه.

ج-شروط المعجزة.
1- أن تكون المعجزة خارقة للعادة غير ما اعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية.
2- أن تكون المعجزة مقرونة بالتحدي للمكذبين أو الشاكين.
3- أن تكون المعجزة سالمة عن المعارضة، فمتى أمكن أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله، بطل أن تكون معجزة.

د-الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر
قد يكرم الله تعالى بعض أوليائه من المتقين الأبرار بأمر خارق يجريه له، ويسمى ذلك: الكرامة.

وثمة فرق شاسع بين المعجزة والكرامة، لأن الكرامة لا يدعي صاحبها النبوة، وإنما تظهر على يده لصدقه في إتباع النبي، لأن هؤلاء الأبرار ما كانت تقع لهم هذه الخوارق لولا اعتصامهم بالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا يبين لنا أن شرط الكرامة للولي صدق الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس من شرطه العصمة، فان الولي قد يقع في المعصية، أمَّا الأنبياء فقد عصمهم الله تعالى.

أمَّا السحر فهو أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة، وان كان قد يقع فيه غرابة وعجائب، لكنه يفترق عن المعجزة والكرامة من أوجه كثيرة تظهر في شخص الساحر وفي عمل السحر.

فمما يفترق به الساحر عن الولي:
1- ركوب متن الفسق والعصيان.
2- الطاعة للشيطان.
3- التقرب إلى الشياطين بالكفر والجناية والمعاصي.
4- الساحر أكذب الناس وأشدهم شراً.

وأمَّا عمل السحر فقد يكون مستغرباً طريفاً، لكنه لا يخرج عن طاقة الإنس والجن والحيوان، كالطيران في الهواء مثلاً، بل هو أمر مقدور عليه لأنه يترتب على أسباب إذا عرفها أحد وتعاطاها صنع مثلها أو أقوى منها.

لذلك ما أن نواجه السحر بالحقيقة حتى يذهب سُدَى، {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69].

ومن هنا خضع السحرة لسيدنا موسى عليه السلام، لأنهم وهم أعرف الناس بالسحر، كانوا أكثر الناس يقينا بحقية معجزته، وصدق نبوته، فما وسعهم أمام جلال المعجزة الإلهية إلا أن خروا سجدا وقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 70].

هـ- تنوع المعجزة وحكمته:
تنقسم المعجزة إلى قسمين:
القسم الأول المعجزات الحسية:
مثل: معجزة الإسراء والمعراج، وإنشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، تكثير الطعام القليل…

القسم الثاني: المعجزات العقلية:
مثل الإخبار عن المغيَّبات، والقرآن الكريم.

وقد جرت سُنَّةُ الله تعالى كما قضت حكمته أن يجعل معجزة كل نبي مشاكلة لِمَا يُتقن قومه ويتفوقون فيه.

ولَمَّا كان العرب قوم بيان ولسان وبلاغة، كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هي: القرآن الكريم.

و- تحدّي القرآن للعرب وبيان عجزهم.
1- لقد تحدَّى اللهُ العرب -وهم أهل الفصاحة- بل العالم بالقرآن كله على رؤوس الأشهاد في كل جيل بأن يأتوا بمثله، فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 33-34].

وقال تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88]، فعجزوا عن الإتيان بمثله.

2- ولَمَّا كبَّلهم العجز عن هذا، فلم يفعلوا ما تحدَّاهم، فجاءهم بتخفيف التحدّي، فتحدَّاهم بعشر سور، فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: 13-14].

3- ثم أرخى لهم حبل التحدّي، ووسع لهم غاية التوسعة فتحدَّاهم أن يأتوا بسورة واحدة، أي سورة ولو من قصار السور، فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38].
============   ============
المصدر:
الموسوعة الإسلامية المُعاصرة