إشارة..
الله كرّم الإنسان.. لكن ذلك لا يفتح المجال له لاضطهاد بقية المخلوقات..

14.    الحيوانات!!
من صارت المهارات الحسنة ديدنه.. تحولت إلى طبع يخالط دمه وعقله.. لا ينفك عنه أبداً..
فتجده دائماً ليناً هيناً رفيقاً متحملاً عطوفاً.. مع كل أحد.. حتى مع الحيوانات.. والجمادات..
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر.. فانطلق ليقضي حاجته..
فرأى بعض الصحابة حُمرة معها فرخان.. فأخذ بعضهم فرخيها.. فجاءت الحمرة..
فجعلت تحوم حولهم وترفرف بجناحيها..
فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ورآها.. التفت إلى أصحابه وقال:
من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها..
وفي يوم آخر.. رأى -صلى الله عليه وسلم- قرية نمل قد أحرقت..
فقال: من أحرق هذه؟
قال بعض أصحابه: أنا..
فغضب وقال: لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا رب النار..
وكان -صلى الله عليه وسلم- من رأفته.. أنه إذا توضأ وأقبلت إليه هرة..
أصغى لها الإناء.. فتشرب.. ثم يتوضأ بفضلها..
ومرّ -صلى الله عليه وسلم- يوماً على رجل ملقياً شاة على الأرض.. وقد وضع رجله على صفحة عنقها ممسكاً لها ليذبحها.. وهو يحد شفرته.. وهي تلحظ إليه ببصرها..
فغضب -صلى الله عليه وسلم- لما رآه.. وقال: أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها؟
ومر يوماً برجلين يتحدثان.. وقد ركب كل منهما على بعيره..
فلما رآهما رحم البعيرين.. ونهى أن تتخذ الدواب كراسي.. يعني لا تركب البعير إلا وقت الحاجة فقط.. فإذا انتهت حاجتك فانزل ودعه يرتاح..
ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن وسم الدابة في الوجه..
ومن أطرف ما ذكر..
أنه كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- ناقة تسمى العضباء..
ثم إن نفراً من المشركين أغاروا على إبلٍ للمسلمين.. كانت ترعى في أطراف المدينة..
فذهبوا بها.. وكانت العضباء فيها..
وأسروا امرأة من المسلمين.. واستاقوها معهم..
وهرب المشركون.. بالمرأة والإبل..
وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق.. أطلقوا الإبل ترعى حولهم..
فنزلوا منزلاً فناموا.. فقامت المرأة بالليل لتهرب منهم..
فأقبلت إلى الإبل لتركب إحداها.. فجعلت كلما أتت على بعير رغا بأعلى صوته.. فتتركه خوفاً من استيقاظهم..
وجعلت تمر على الإبل واحداً واحداً..
حتى أتت على العضباء.. فحركتها فإذا ناقة ذلول مجرسة.. فركبتها المرأة.. ثم وجهتها نحو المدينة.. فانطلقت العضباء مسرعة.. فلما شعرت المرأة بالنجاة.. اشتد فرحها.. فقالت:
اللهم إن لك عليَّ نذراً.. إن أنجيتني عليها أن أنحرها..!!
وصلت المرأة إلى المدينة.. فعرف الناس ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم-..
نزلت لمرأة في بيتها ومضوا بالناقة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-..
فجاءت المرأة تطلب الناقة لتنحرها!!
فقال -صلى الله عليه وسلم-: بئس ما جزيتيها.. أو بئس ما جزتها.. إن أنجاها الله عليها لتنحرنها!!
ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: " لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " .
فلماذا لا تحول مهاراتك في التعامل – كالرفق والبشر والكرم – إلى سجية تلازمك على جميع أحوالك.. مع كل شيء تتعامل معه.. حتى الجمادات والأشجار..!!
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم يوم الجمعة.. فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب الناس.. فقالت امرأة من الأنصار:
يا رسول الله.. ألا أجعل لك شيئاً تقعد عليه.. فإن لي غلاماً نجاراً..
قال: إن شئت..
فعملت له المنبر..
فلما كان يوم الجمعة.. صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر الذي صنع له..
فلما قعد -صلى الله عليه وسلم- على ذلك المنبر.. خار الجذع كخوار الثور.. وصاحت النخلة.. حتى كادت أن تنشق.. وارتج المسجد..
فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- فضم الجذع إليه.. فجعلت النخلة تئن أنين الصبي الذي يُسكّت حتى استقرت..
ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: (أما و الذي نفس محمد بيده.. لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة..)..