بداية..
ليست الغاية أن تقرأ كتاباً.. بل الغاية أن تستفيد منه..


1.    هؤلاء لن يستفيدوا..
أذكر أن رسالة جاءتني على هاتفي المحمول .. نصها: فضيلة الشيخ.. ما حكم الانتحار؟
فاتصلت بالسائل فأجاب شاب في عمر الزهور.. قلت له: عفواً لم أفهم سؤالك.. أعد السؤال!
فأجاب بكل تضجر: السؤال واضح.. ما حكم الانتحار..
فأردت أن أفاجئه بجواب لا يتوقعه فضحكت وقلت: مستحب..
صرخ: ماذا؟!
قلت: أقول لك: حكم الانتحار أنه مستحب..
لكن ما رأيك أن نتعاون في تحديد الطريقة التي تنتحر بها..؟
سكت الشاب..
فقلت: طيب.. لماذا تريد أن تنتحر؟
قال: لأني ما وجدت وظيفة.. والناس ما يحبونني.. وأصلاً أنا إنسان فاشل.. و..
وانطلق يروي لي قصة مطولة تحكي فشله في تطوير ذاته.. وعدم استعداده للاستفادة بما هو متاح بين يديه من قدرات..
وهذه آفة عند الكثيرين..
لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه نظرة دونية؟
لماذا يلحظ ببصره إلى الواقفين على قمة الجبل ويرى نفسه أقل من أن يصل إلى القمة كما وصلوا.. أو على الأقل أن يصعد الجبل كما صعدوا..
ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر
تدري من الذي لن يستفيد من هذا الكتاب، ولا من أي كتاب آخر من كتب المهارات؟!
إنه الشخص المسكين الذي استسلم لأخطائه وقنع بقدراته، وقال: هذا طبعي الذي نشأت عليه.. وتعودت عليه، ولا يمكن أن أغير طريقتي.. والناس تعودوا علي بهذا الطبع..
أما أن أكون مثل خالد في طريقة إلقائه.. أو أحمد في بشاشته.. أو زياد في محبة الناس له..
فهذا محال..
جلست يوماً مع شيخ كبير بلغ من الكبر عتياً.. في مجلس عام، كل من فيه عوام متواضعو القدرات..
وكان الشيخ يتجاذب أحاديث عامة مع من بجانبه..
لم يكن يمثل بالنسبة لمن في المجلس إلا واحداً منهم له حق الاحترام لكبر سنه.. فقط..
ألقيت كلمة يسيرة.. ذكرت خلالها فتوى للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز..
فلما انتهيت.. قال لي الشيخ مفتخراً: أنا والشيخ ابن باز كنا زملاء ندرس في المسجد عند الشيخ محمد بن إبراهيم.. قبل أربعين سنة..
التفت أنظر إليه.. فإذا هو قد انبلجت أساريره لهذه المعلومة.. كان فرحاً جداً لأنه صاحب رجلاً ناجحاً يوماً من الدهر..
بينما جعلت أردد في نفسي: ولماذا يا مسكين ما صرت ناجحاً مثل ابن باز؟
ما دام أنك عرفت الطريق لماذا لم تواصل..؟
لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه المنابر.. والمحاريب.. والمكتبات.. وتئن أقوام لفقده..
وأنت ستموت يوماً من الدهر.. ولعله لا يبكي عليك أحد.. إلا مجاملة.. أو عادة..!!
كلنا قد نقول يوماً من الأيام.. عرفنا فلاناً.. وزاملنا فلاناً.. وجالسنا فلاناً!!
وليس هذا هو الفخر.. إنما الفخر أن تشمخ فوق القمة كما شمخ..
فكن بطلاً واعزم من الآن أن تطبق ما تقتنع بنفعه من قدرات.. كن ناجحاً..
اقلب عبوسك ابتسامة.. وكآبتك بشاشة.. وبخلك كرماً.. وغضبك حلماً..
اجعل المصائب أفراحاً.. والإيمان سلاحاً..
استمتع بحياتك.. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للغم..
أما كيف تفعل ذلك.. فهذا ما ألفت الكتاب لأجله
كن معي وسنصل إلى الغاية بإذن الله..