ومن سورة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى سورة الرحمن -عز وجل-
(1038)
وَبِالضَّمِّ وَاقْصُرْ وَاكْسِرِ التَّاءَ قَاتَلُوا (عَـ)ـلَى (حُـ)ـجَّةٍ وَالْقَصْرُ فِي آسِنٍ (دَ)لاَ
يريد - والذين قاتلوا في سبيل الله - قرأها حفص وأبو عمرو - قتلوا - وكلاهما ظاهر فصفة المجموع أنهم قاتلوا وقتلوا أي قتل منهم والماء الآسن هو المتغير فمن قصر فهو من أسن بكسر السين يأسن يفتحها فهو أسن كحذر ومن مد فهو من أسن بفتح السين يأسن بكسر السين وضمها فهو آسن على وزن فاعل كضارب وقاتل وكل ذلك لغات وقد سبق معنى دلا
(1039)
وَفِي آنِفاً خُلْفٌ (هَـ)ـدى وَبِضَمِّهِمْ وَكَسْرٍ وَتَحْرِيكٍ وَأُمْلِيَ (حُـ)ـصِّلاَ
أي والقصر في آنفاذ وخلف عن البري يريد قوله تعالى - ماذا قال آنفا - أي الساعة قال أبو علي يجوز أن يكون توهمه مثل حاذر وحذر وفاكه وفكه والوجه المد وأما - وأملي لهم - على بناء الفعل للفاعل فالضمير فيه لله تعالى كما قال تعالى - إنما نملي لهم ليزدادوا إثما - وقيل يجوز أن يعود على ما قبله مجازا أي الشيطان سول لهم وأملي وقراءة أبي عمرو على بناء الفعل لما لم يسم فاعله وهو يحتمل الأمرين فضم الهمز وكسر اللام وحرك الياء بالفتح فقوله وبضمهم وما بعده متعلق بقوله حصلا وأملي مبتدءا وحصلا خبره أي حصل بالضم والكسر والتحريك والله أعلم.
(1040)
وَأَسْرَارَهُمْ فَاكْسِرْ (صِحَاباً) وَنَبْلُوَنْنَكُمْ نَعْلَمُ الْيَا (صِـ)ـفْ وَنَبْلُوَ وَاقْبَلاَ
صحابا حال من فاعل اكسرا ومفعوله أي ذا صحاب ويجوز أن يكون على تقدير اكسروا صحابا فهو أمر لمفرد لفظا وهو لجماعة تقديرا وهذا كما سبق في قوله، (زد الهمز ثملا وخاطب يستطيعون عملا)، وأسرار بفتح الهمزة جمع سر وبالكسر مصدر أسر وأما الياء والنون في هذه الكلمات الثلاث هي - وليبلونكم حتى يعلم - ويبلو - فالنون للعظمة والياء لأن قبله - والله يعلم أعمالكم - وأراد الناظم ويبلونكم ويعلم ويبلو الياء صف فيها فقدم وأخر للضرورة أو يكون أراد ويبلو كذلك أي بالياء وأراد وأقبلن فأبدل من نون التأكيد ألفا أي صف وأقبل وفرغ الكلام في سورة القتال
(1041)
وَفِي يُؤْمِنُوا (حَقٌّ) وَبَعْدُ ثَلاثَةٌ وَفي ياَءٍ يُؤْتيِهِ (غَـ)ـدِيرَ تَسَلْسَلاَ
يريد - لتؤمنوا بالله ورسوله - وبعدها ثلاثة ألفاظ أيضا وهي - وتعزروه وتوقروه وتسبحوه - قرأ الأربعة بالغيب حق أي ليؤمن المرسل إليهم ويفعلوا كيت وكيت وقرأ الباقون بالخطاب وهو ظاهر وأما - فسنؤتيه أجرا عظيما - فالياء فيه والنون كما سبق في - ولنبلونكم - وقوله غدير تسلسلا عبارة حسنة حلوة وأشار إلى كثرة أمثال ذلك وقد تقدم والله أعلم.
(1042)
وَبِالضَّمِّ ضُراًّ (شَـ)ـاعَ وَالْكَسْرُ عَنْهُماَ بِلاَمِ كلاَمَ اللهِ وَالْقَصْرُ وُكِّلاَ
يريد - إن أراد بكم ضرا - قال أبو علي الضر بالفتح خلاف النفع وفي التنزيل - (ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) - والضر بالضم سوء الحال وفي التنزيل - فكشفنا ما به من ضر - والأبين في هذا الفتح عندي ويجوز أن يكونا لغتين في معنى كالفقر والفقر والضعف والضعف وقوله عنهما أي عن حمزة والكسائي المدلول عليهما بالشين شاع وكلام إذا كسرت لامه وقصر أي حذفت ألفه صار كلم وهو بمعنى كلام كقوله - يحرفون الكلم عن من مواضعه - والأكثر في المضاف إلى الله استعمال الكلام نحو -  برسالاتي وبكلامي - حتى يسمع كلام الله - وقوله والقصر عطف على والكسر وقوله وكلا خبر عنهما فالألف فيه ضمير التثنية أي وكل الكسر والقصر بلام كلام فكسرت ولم تمد الفتحة فيها فقصرت كما قال وفي يتناجون اقصر النون مكانات مد النون
(1043)
بِمَا يَعْمَلُونَ (حَـ)ـجَّ حَرَّكَ شَطْأَهُ (دُ)عَا (مَـ)ـاجِدٍ فَآزَرَهُ (مُـ)ـلاَ
يريد - بما يعملون بصيرا - ، هم الذين كفروا - قرأه أبو عمرو وحده بالغيب والباقون بالخطاب ولا خلاف في الذي - بما تعملون خبير - بل ظننتم أنه بتاء الخطاب والخلاف في الحرفين في الأحزاب وشطأه بسكون الطاء وفتحها لغتان وهو فراخ الزرع وآزره وأزره بالمد والقصر أي قواه وأعانه وقيل المد بمعنى ساواه أي ساواه الشطء والزرع وعلى الأول يجوز أن تكون الهاء في فآزره للشطأ أو للزرع لأن كل واحد منهما مقو للآخر، وملا جمع ملاء وهو الملحفة وقد سبق ذكرها في مواضع وهي هنا حسنة المعنى على تقدير ذا ملأ لأن تقويت طافات للزرع والتفافها يشبه الاشتمال بالملا والله أعلم.، وانتهى إلى هنا ذكر الخلاف في سورة الفتح ثم ذكر ما في الحجرات وما بعدها فقال
(1044)
وَفِي يَعْمَلُونَ (دُ)مْ يَقُولُ بِياَءِ (إ)ذْ (صَـ)ـفَا وَاكْسِرُوا أَدْبَارَ (إ)ذ (فَـ)ـازَ (دُ)خْلُلاَ
يريد آخر الحجرات - والله بصير بما تعملون - قرأه ابن كثير وحده بالغيب والباقون بالخطاب وكلاهما ظاهر وأما - يوم يقول لجهنم - فالخلاف فيه بالياء والنون ظاهر وأما -  أدبار السجود - فهو بالكسر مصدر أدبر وبالفتح جمع دبر أي وقت أدبار السجود وإنما قال في الكسر فاز دخلل لموافقته الذي في آخر الطور فهو مجمع على كسره
(1045)
وَبِالْيَا يُنَادِى قِفْ (دَ)لِيلاَ بِخُلْفِهِ وَقُلْ مِثْلُ مَا بِالرَّفْعِ (شَـ)ـمَّمَ (صَـ)نْدَلاَ
يريد - واستمع يوم ينادي المناد - ياء ينادي محذوفة في الرسم لأنها محذوفة في الوصل لالتقاء الساكنين فإذا وقف عليها فكلهم يحذفها اتباعا للوصل والرسم وابن كثير أثبتها في أحد الوجهين عنه على الأصل وليست هذه معدودة من الياءات الزوائد وإن كانت محذوفة في الرسم لأن تلك شرطها أن يكون مختلفا في إثباتها وصلا ووقفا وهذه وإن اختلف في إثباتها وقفا فلم يختلف في حذفها وصلا وإنما عد من الزوائد - فما أتاني الله - فبشر عباد الذين - لأن من فتحهما أثبتهما وصلا وهي ياء إضافة قابلة للفتح وهذه ياء ينادي لام الفعل فهي ساكنة في حال الرفع ولكن في قاف ثلاثة زوائد المناد بعد ينادي أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وفي الحالين ابن كثير - فحق وعيد - من يخاف وعيد - أثبتهما في الوصل ورش وحده وأما - (مثل ما أنكم تنطقون) - في سورة والذاريات فشمم صندلا أي شمم قارئه وسامعه طيبا لظهور الوجه فيه لأنه صفة لحق أي إنه لحق مثل نطقكم وما زائدة ووجه الفتح أنه في موضع رفع ولكنه فتح فتحة بناء لإضافته إلى غير متمكن كقوله، (وتداعا منخراه بدم مثل ما أثمر حماض الخيل)، هكذا أنشده أبو عثمان وأبو عمرو بالفتح وهو نعت مجرور ومنه قوله، (لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت)، بفتح غير فهو فاعل يمنع وقيل هو نعت مصدر محذوف أي لحق حقا مثل ما وقيل حال من الضمير في لحق لأنه مصدر وصف به وأجاز الجرمي أن بكون حالا من لحق نفسه وإن كان بكسرة وأجاز هذا رجل مقبلا أي لحق كأنها مثل نطقكم وقال أبو عبيد وقال بعض العرب يجعل مثل نصبا أبدا، فيقولون هذا رجل مثلك وقال الفراء العرب تنصبها إذا رفع بها الاسم يعني المبتدأ فيقولون مثل من عبد الله ويقولون عبد الله مثلك وأنت مثله لأن الكاف قد تكون داخلة عليها فتنصب إذا لقيت الكاف قلت وهذه لغة غريبة وفيها نظر
(1046)
وَفي الصَّعْقَةِ اقْصُرْ مُسْكِنَ الْعَيْنِ (رَ)اوِياَ وَقَوْمَ بِخَفْضِ الْمِيمِ (شَـ)ـرَّفَ (حُـ)ـمَّلاَ
هذا تقييد لما لفظ به فالقصر حذف الألف من الصاعقة وفي قوله مسكن العين نظر وصوابه مسكن الكسر فإن الإسكان المطلق ضده الفتح على ما تقرر في الخطبة وغيرها فما وقع ذلك إلا سهوا عما التزمه باصطلاحه فإن قيل الصعقة لا كسر فيها فكيف يقول مسكن الكسر قلت وكذلك لا بد فيها فكيف قال اقصر إنما ذلك باعتبار القراءة الأخرى أي أسكن في موضع الكسر ولم يتعرض الشيخ لهذا في شرحه أولا ثم في آخر عمره زاد في شرحه نكتا في مواضع هذا منها فقال قوله مسكن العين أراد به عين الفعل كما قال لا عين راجع وهذا زيادة إغراب في البيت وغير مخلص من الإشكال والصاعقة اسم النازلة والصعقة مصدر صعقتهم فقوله فأخذتهم الصعقة كما قال - فأخذتهم الصيحة - قال أبو علي قيل إن الصعقة مثل الزجرة وهو الصوت الذي يكون عن الصاعقة قوله وقوم يريد وقوم نوح بالخفض عطف على وفي موسى - وقوله - وفي موسى - عطف على - وتركنا فيها آية - أي وفي موسى وفي عاد وفي ثمود وقوم نوح آيات والنصب على وأهلكنا قوم نوح أو واذكر قوم نوح وانقضى النظم لما في الذاريات ثم شرع في حروف والطور فقال
(1047)
وَبَصْرٍ وَأَتْبَعاَ بِوَاتَّبَعَتْ وَمَا أَلَتْنَا اكْسِرُوا (دِ)نْياً وَإِنَّ افْتَحُوا (ا)لْجَلاَ
أي قرأ أبو عمرو - والذين آمنوا واتبعناهم - موضع قراءة غيره - واتبعتهم - وكلاهما واضح وقد مضى ذكر الخلاف في ذرياتهم الذي بعد اتبعناهم والذي بعد - ألحقنا بهم -  في سورة الأعراف وأما - وما ألتناهم - فكسر اللام ابن كثير وحده وفتحها غيره وهما لغتان وفيها لغات أخر ذكرها الشيخ في شرحه والكل بمعنى النقصان وقوله دنيا من قولهم هو ابن عمي دنيا ودنيا وإذا كسرت الدال نونت وإذا ضممتها لم تنون أي قريبا يشير إلى أنه قريب من الحرف المذكور قبله وهو - واتبعناهم - وقال الشيخ يعني إن ألتنا بالكسر قريب من ألتنا بالفتح كابني العم ثم قال وأن افتحوا الجلا بفتح الجيم وقصر الممدود أي ذا الجلا يعني الجلى ورضى في أول البيت الآتي متصل به معنى ورمزا فهو في موضع نصب على التمييز أي الجلى رضاه ويجمعهم أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو رضى وموضع الخلاف هو قوله - إنه هو البر الرحيم - وهو مشكل فإن قبله موضعين لا خلاف في كسرهما وهما - إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين - إنا كنا من قبل ندعوه إنه - ولا يليق الفتح لا بقوله - إنه هو البر - على تقدير لأنه أو ندعوه بأنه أي نصفه بهاتين الصفتين فالذي فتحه نافع والكسائي وكسره الباقون على الابتداء فلهذا قال الجلا رضاه أي الواضح أمره بجواز ذلك فيه وكأنه قيده بذلك والله أعلم.
(1048)
رِضاً يَصْعَقُونَ اضُمُمْهُ (كَـ)ـمْ (نَـ)ـصَّ وَالْمُسَيْطِرُونَ (لِـ)ـساَنٌ (عَـ)ـابَ بِالْخُلْفِ (زُ)مَّلاَ
أي اضمم ياءه فيبقى فعلا لم يسم فاعله من أصعقهم فيكون مثل يكرمون وقيل يقال صعقهم فيكون مثل يضربون ومن فتح الياء فهو مضارع صعق اللازم لقوله تعالى - فصعق من في السموات - وكلتا الآيتين إشارة إلى صعقة تقع يوم القيامة شهد ذلك ما في صحيح البخاري من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن الناس يوم القيامة يصعقون وقد بينا ذلك في مسألة مفردة مذكورة في الكراسة الجامعة وقوله كم نص أي كم قاريء نص عليه أو كم مرة وقع من قارئه وناقله وقوله لسان أي لغة والزمل الضعيف أي قرأه بالسين هشام وقنبل وحفص بخلاف عنه ثم بين قراءة غيرهم فقال
(1049)
وَصَاد كَزَايٍ (قَـ)ـامَ بِالْخُلْفِ (ضَـ)ـبْعُهُ وَكَذَّبَ يَرْوِيهِ هِشَامٌ مُثَقَّلاَ
أي قرأه الباقون بالصاد وأشم الصاد زايا خلف وخلاد بخلاف عنه والكلام في هذا كما سبق في الصراط تعليلا وشرحا لعبارة الناظم فإنه استغنى باللفظ عن القيد وفيه نظر نبهنا عليه هنا والضبع العضد أي أشد وأقوى وانتهى ذكر ما في الطور من الحروف ثم انتقل إلى سورة والنجم فقال وكذب يعني - ما كذب الفؤاد ما رأى - شدده هشام أي لم يكذب ما رآه بعينه قال أبو علي كذب يتعدى إلى مفعول بدله قوله، (كذبتك عينك أم رأيت بواسط)، ومعنى كذبتك أي أرتك ما لا حقيقة له فمعنى - ما كذب الفؤاد ما رأى - أي لم يكذب فؤاد ما أدركه بصره أي كانت رؤية صحيحة غير كاذبة وإدراكا على الحقيقة قال ويشبه أن يكون الذي شدد أكد هذا المعنى - أفتمارونه على ما يرى - أي أترومون إزالته عن حقيقة ما أدركه وعلمه قال الزمخشري، ما كذب فؤاد محمد -صلى الله عليه وسلم- ما رآه ببصره من صورة جبراءيل عليه السلام أي ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك لكان كاذبا لأنه عرفه يعني أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه ولم يشك في أن ما رآه حق وقريء ما كذب أي صدقه ولم يشك أنه جبريل بصورته وقال أبو عبيد وبالتخفيف نقرأ وهي في التفسير ما كذب في رؤيته يقول إن رؤيته قد صدقت، قلت قد سبق في قوله تعالى - (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) - أي في ظنه فكذا هنا ما كذب فيما رأى أي في رؤيته أي صدق فيها
(1050)
تُمَارُونَهُ تَمْرُونَهُ وَافْتَحُوا (شَـ)ـذاً مَناَءةَ لِلْمَكِّي زِدِ الْهَمْزَ وَأَحْفِلاَ
هذا مثل قوله سكارى معا سكرى أي قراءة حمزة والكسائي اللفظ الثاني وهو تمرونه وسكرى وقوله وافتحوا زيادة بيان هنا أي افتحوا التاء وكان له أن لا يذكره كما لم يذكر فتحه السين في سكرى وشذا حال من الفاتحين أو من المفتوح أي ذوى شذا أو ذا شذا ومعنى - أفتمارونه - أفتجادلونه وبخهم سبحانه في مجادلتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكره لهم -صلى الله عليه وسلم- من الإسراء به وتمرونه بمعنى تجحدونه قال الزمخشري أفتمارونه من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مري الناقة كأن كل واحد من المتجادلين يمري ما عند صاحبه وقريء أفتمرونه أي أفتغلبونه في المراء من ماريته فمريته ولما فيه من معنى الغلبة عدي بعلى كما يقول غلبته على كذا وقيل أفتمرونه أفتجحدونه وأنشدوا، (لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا)، وقال يقال مريته حقه أي جحدته وتعديته بعلى لا تصح إلا على مذهب التضمين وقال النحاس قال قال محمد بن زيد يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه وعلى بمعنى عن قال بنو كعب ابن ربيعة يقولون رضي الله عليك أي عنك ومناة على وزن نجاة ومناءة بزيادة همزة بعد الألف على وزن مجاعة لغتان قال جرير (أزيد مناة توعدنا ابن تيم)، وأنشد الكسائي (ألا هل أتى التيم ابن عبد مناءة)، وقوله واحفلا أرادوا حفلن فأبدل من نون التوكيد الخفيفة ألفا للوقف أي احتفل بهذه القراءة فاحتج لها لأن من الناس من أنكر المد قال أبو علي قال أبو عبيد اللات والعزى ومناة أصنام من حجارة ولعل مناءة بالمد لغة لم أسمع بها عن أحد من رواة اللغة وقد سمع زيد مناة عبد مناة ولم أسمع بالمد، قال الزمخشري في اشتقاق اللفظين على القراءتين كأنها سميت مناءة لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها أي كانت تراق ومناة مفعلة من النوء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها، قلت ومن الأول تسمية منى لكثرة ما يراق فيها من دماء الأضاحي والنسك في الحج وقال الجوهري عبد مناة بن أد بن طابخة وزيد مناة بن تميم بن مرة يمد ويقصر قال هو ابن الحارثي، (الأهل أتى التيم بن عبد مناءة)
(1051)
ويَهْمِزُ ضِيزَى خُشَّعاً خَاشِعاً (شَـ)ـفاَ (حَـ)ـمِيداً وَخَاطِبْ تَعْلَمُونَ (فـ)ـطِبْ (كَـ)ـلاَ
أي ويهمز المكي ياء ضيزى والهمز في ذلك وتركه لغتان يقال ضازه حقه يضازه أي إذا نقصه وجار فيه على وزن حساه يحساه ويقال ضازه يضيزه مثل باعه يبيعه فوزن ضئزى بالهمز فعلى بكسر الفاء قالوا هي مصدر وصف به كالذكرى وإذا لم تهمز فوزنها عندي كذلك وهي مصدر أيضا والتقدير قسمة ءات ضيزى وقال النحاة وزنها فعلى بضم الفاء وإن كانت في لفظ ضيزى مكسورة اعتبارا بالأصل كما يقال في وزن يبض فعل وفي وزن بيوت فعول قال أبو علي لأنهم لم يجدوا في الصفات شيئا على فعلى يعني بكسر الفاء مع ألف التأنيث قلت لا نجعلها صفة بل مصدرا كالمهموز قال أبو علي حكى التوزى الهمز في هذه ضأزه يضأزه إذا ظلمه وأنشد، (إذا ضأزانا حقنا في غنيمة)، قلت وانتهى الكلام في حروف سورة النجم ثم قال الناظم خشعا خاشعا مثل سكارى معا سكرى أي قوله تعالى - (خشعا أبصارهم) - يقرأه شفا حميدا خاشعا وهما لغتان في اسم الفاعل إذا وقع فاعلا مجموعا هل يفرد في نفسه أو يجمع جمع تكسير تقول مررت بزيد قاعدا غلمانه وقعودا غلمانه سواء في ذلك الحال والصفة نحو مررت برجل قاعد غلمانه وقعود غلمانه وسنوضح ذلك في شرح الناظم إن شاء الله تعالى قال الزمخشري وفي خشعا بالجمع هو لغة تقول أكلوني البراغيث وليس كذلك فإن أكلوني لغة ضعيفة وتلك فصيحة قال أبو علي يرجح مررت برجل حسان قومه على حسن قومه قال الزمخشري ويجوز أن يكون في خشعا ضميرهم ويقع أبصارهم بدلا عنه، قلت يعني -  يخرجون من الأجداث خشعا - فهو حال وقيل يجوز أن يكون مفعول - يدع الداع - أي يدعو قوما - خشعا أبصارهم - ثم قال وخاطب يعلمون بمعنى قوله - سيعلمون غدا من - الخطاب فيه والغيب ظاهران وكلا تمييز وهو المرعى وأبدل الهمزة ألفا لما سكنت للوقف وكنى به عن العلم المقتبس من المخاطب ويجوز أن يكون كلا مصدر كلأه أي حرسه وحفظه كلأ كضرب ضربا ثم نقل حركة الهمزة إلى اللام وحذفت الهمزة ثم يكون هذا المصدر تمييزا أو في موضع الحال ليطيب حفظك أو طب واحفظ وفي هذه السورة ثماني زوائد و - يوم يدع الداع - أثبتها في الوصل ورش وأبو عمرو وفي الحالين البزي - مهطعين إلى الداع - أثبتها في الوصل نافع و أبو عمرو وفي الحالين ابن كثير ونذر في ستة مواضع واحد في قصة نوح واثنان في قصة عاد وواحد في قصة ثمود واثنان في قصة لوط أثبت الستة في الوصل ورش وحده وتقدم ثلاث زوائد في سورة ق فقلت فيه، (وزد نذري ستا كذا الداع فيهما بقاف المنادي مع وعيدي معا علا].