منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة   الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Emptyالخميس 04 أغسطس 2022, 11:52 pm

الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة

المبحث الأول: ما أثر عن الصحابة في أثر قتل عثمان -رضي الله عنه-

استشهد عثمان -رضي الله عنه- وفاز بالجنة على بلوى أصابته، كما أخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر الصحابة معه بفتنة قتله، وبشيء من التفصيلات التي ستكون فيها.

والروايات تثبت أنه أسرَّ إليه بشيء لم يكن يرغب عليه الصلاة والسلام إعلانه، فاختص عثمان به دون غيره1.

ولكن هل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم بأثر استشهاده -رضي الله عنه- على الأمة؟.

لم يصرح أحد من الصحابة بذلك فيما وصل إلينا من روايات، وقد روى بعضهم شيئاً من آثار استشهاده، فهل ذلك بإخبار منه -صلى الله عليه وسلم- أم مجرد تفرس وبعد نظر منهم رضوان الله عليهم؟.

كلا الاحتمالين وارد، لأنهم ليسوا ممن يطلق للسانه العنان دون وعي بما يقول، فيقولون بغير علم، كما أنهم أقوى الناس إيماناً بعد الأنبياء والرسل، فالتفرس أقرب ما يكون إليهم من غيرهم.

فمن ذلك ما قاله ثمامة بن عدي -رضي الله عنه-2 لمّا بلغه قتل عثمان

----------------------------

1 وقد تقدم تفصيل ذلك في موضع سابق.

2 ثمامة بن عدي القرشي، أمير صنعاء الشام لعثمان --رضي الله عنهما- - قال الطبري: كان من المهاجرين وشهد بدراً (الذهبي، التجريد 1/70).

----------------------------

-رضي الله عنه- وذلك في خطبة خطبها، بكى فيها بكاءً شديداً فلما أفاق واستفاق1 قال: "اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمَّة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وصارت مُلكاً وجبرية، من أخذ شيئاً غلب عليه"2.

فقد عبَّر ثمامة عن معنى عميق، يتصل بفهم نظام الخلافة، وأنه شورى، وأن هدمه بالقوة يحوِّل نظام الحكم إلى مُلك جبري.

وكان إحساسه بخطورة التحول عميقاً، وألمه لذلك شديداً؛ مما يدل على وعي بالسنن الاجتماعية التي سنَّها الله في خلقه.

وفعلاً وقع ما قاله ثمامة -رضي الله عنه- إلا أنه لم يقع بعد استشهاد عثمان -رضي الله عنه- مباشرة، فقد تولى الخلافة من بعده علي ثم معاوية -رضي الله عنهما-، ولم تكن خلافتهما كذلك، بل وقع ذلك بعدها.

----------------------------

1 الاستفاقة: من أفاق، إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه، ومنه إفاقة المريض والمجنون والمغشي عليه والنائم (مجد الدين ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/481).

2 رواه ابن سعد، الطبقات (3/ 80)، والبخاري، التاريخ الكبير (2/ 176)، وابن منده (كما في الإصابة 1/204).

كلهم من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن ثمامة، وهذا إسناد صحيح موصول صححه الحافظ ابن حجر، انظر الملحق الرواية رقم: [74].

ورواه عبد الرزاق، المصنف (11/ 447)، وابن سعد، الطبقات (3/80)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (491)، وابن الأثير، أسد الغابة (1/296)، كلهم من طريق أيوب عن أبي قلابة عن ثمامة، وهذا إسناد منقطع، لكن يتقوى بما قبله، انظر الملحق الروايتين رقم: [73]، [74]. ----------------------------

كما ترتب على استشهاد عثمان -رضي الله عنه- مفاسد كثيرة، فقد انكشفت حصون الإسلام، وسهل على الأعداء استهدافه، وفي ذلك يقول سمرة بن جندب -رضي الله عنه-1:

"إن الإسلام كان في حصن حصين، وإنهم ثلموا2 في الإسلام ثلمة بقتلهم عثمان، وإنهم شرطوا3 في الإسلام شرطة، وإنهم لا يسدوا ثلمتهم -أو لا يسدونها- إلى يوم القيامة"4.

وحقاّ فإن الإسلام كان في حصن التآلف والمحبة، يجمع بين أبنائه الإيمان بالله جل وعلا.

فلما تسلل إليه أعداؤه تحت ستار الإسلام، وفعلوا ما فعلوا بعثمان -رضي الله عنه- زال الحصن ووقع القتال بينهم5.

ولعل قول سمرة هذا كان بعد وقوع الفتن التي حدثت في خلافة علي -رضي الله عنه-، لأن سمرة توفي سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة.

----------------------------

1 سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، له أحاديث، مات في البصرة سنة 58هـ، ع (التقريب/2630).

2 ثلموا ثلمة: الثلمة فرجة المكسور والمهدوم (الفيروز آبادي القاموس المحيط 4/87).

3 شرطوا: الشرط بزغ الحجام بالشرط (ابن منظور، لسان العرب، 7/ 332).

4 رواه ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (493)، بإسناد حسن، انظر الملحق الرواية رقم: [48].

5 أما ما جرى في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من حروب المرتدين، فإنها لم تقع بين المسلمين، إنما وقعت بين المسلمين والمرتدين عن الإسلام، فمنهم من مات على كفره، ومنهم من رجع إلى الإٍسلام.

----------------------------

ويبين حذيفة -رضي الله عنه-1 أثر قتل عثمان -رضي الله عنه- على التزام الناس بالإسلام وفهم معانيه بقوله لمَّا بلغه قتل عثمان: "اليوم نزل الناس حافة2 الإسلام، فكم من مرحلة3 قد ارتحلوا عنه"4.

ولا شك أن ذلك قد وقع فعلاً فإنَّ المجتمع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- كان أقوى التزاماً بالإسلام ومعانيه وفهمه.

ويظهر من كلام حذيفة -رضي الله عنه- أنهم درجوا في الضعف، والتدني، وعبر عن ذلك بالارتحال عن الإسلام مراحل، حتى وصلوا إلى

----------------------------

1 حذيفة بن اليمان، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، صح في مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابي أيضاً، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي -رضي الله عنه- سنة 36هـ، ع (التقريب/1156)، والمقصود من قول الحافظ: "أعلمه بما كان..." أي: من أمور الفتن، فإن علم الغيب لا يعلمه إلا الله.

2 حافة الشيء جانبه وطرفه (الفيروز آبادي، القاموس المحيط، 3/135)، وابن منظور، لسان العرب (9/ 59)، وقد ذكر ابن منظور ومجد الدين بن الأثير: أن حذيفة -رضي الله عنه- قال: لما قتل عمر --رضي الله عنهما--: وذكراه، ولم أقف على ما اعتمداه في ذلك، فلعله وهم والله أعلم. انظر (النهاية في غريب الحديث والأثر 1/462).

3 المرحلة هي: المنزلة يرتحل منها (ابن منظور، لسان العرب 11/280).

4 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/206) بإسناد صحيح رجاله رجال مسلم، انظر الملحق الرواية رقم: [115].

----------------------------

حافته؛ أي: طرفه، بعد قتل عثمان.

ولأقوال حذيفة -رضي الله عنه- في ذلك أهمية عظيمة جداً، لوعيه العميق بالفتن، وذلك لما صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلمه بما كان وبما يكون من الفتن إلى أن تقوم الساعة1.

ولم يكتف حذيفة -رضي الله عنه- بهذا الوصف لما حصل للإسلام بقتل عثمان -رضي الله عنه- بل صرح بأن قتله فتنة، وأنها أول الفتن2 وحقاً فإنها فتنة توالت بعدها الفتن كما جزم -رضي الله عنه- بأن مصير قتلة عثمان -رضي الله عنه- في الآخرة إلى النار3.

ويبين عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-4 لقتلة عثمان -رضي الله عنه- أنهم لن يهرقوا محجماً من دم في الفتنة إلا ازدادوا من الله بُعداً، وذلك في قوله لهم: "والله لا تهرقون محجماً من دم إلا ازددتم به من الله بُعداً"5.

----------------------------

1 رواه مسلم في صحيحه (2216-2217).

2 رواه يعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ (2، 770)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (459) وإسناده حسن، انظر الملحق الروايتين رقم: [70]، [265].

3 انظر الملحق الرواية رقم: [114].

4 عبد الله بن سلام الإسرائيلي، أبو يوسف، حليف بني الخزرج، قيل: كان اسمه الحصين، فسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، مشهور له أحاديث وفضل، مات بالمدينة سنة 43هـ، ع (التقريب/3379).

5 رواه ابن سعد، الطبقات (3/81)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (490)، وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [132].

----------------------------

وبذلك يوافق ابن سلام حذيفة -رضي الله عنهما- في أن قتل عثمان -رضي الله عنه- سبب في ضعف الأمة الإسلامية، ونقص في تمثلها لمعاني الدين، بل يقعِّد قاعدة عامة تقول أنهم: كلما أهرقوا دماً كلما ازدادوا من الله بُعداً.

وعبد الله بن سلام -رضي الله عنه- كان من أحبار اليهود1 وسادتهم2 قبل إسلامه، فقد أنزل الله فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ} 3 وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بأنه سيموت وهو متمسك بالعروة الوثقى4.

فأقواله ومواقفه لها أهمية منبثقة من هاتين الشهادتين له، إذ هو محافظ على بصيرته الناقدة ومقاييسه الإسلامية في ظروف الفتنة التي عصفت بالكثيرين، ومن هنا فسَّر بعضهم أنه المقصود بقوله تعالى: {وَمَن عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} 5 أي: التوراة، قال مجاهد: "هو

----------------------------

1 الذهبي، سير أعلام النبلاء (2/414).

2 سير أعلام النبلاء (2/ 416).

3 رواه البخاري، الجامع الصحيح (مع فتح الباري 7/ 128)، ومسلم، الجامع الصحيح (4/ 1930-1931)؛ والآية من سورة الأحقاف، ورقمها: (10).

4 رواه البخاري، الجامع الصحيح (مع فتح الباري 7/129، 12/401)، ومسلم، الجامع الصحيح (4/1931).

5 سورة الرعد، الآية (43).

----------------------------

عبد الله بن سلام"1.

وبما أن أخباره هذه تتضمن أموراً غيبية، فإنّ ذلك يزيد التوثق من أن لها مصدراً موثوقاً عنده وإلا لما حدَّث بها.

ومما ثبت عنه في ذلك أنه خرج يوماً على قتلة عثمان -رضي الله عنه- ونهاهم عن قتله، وأخبرهم أنه لم يبق من أجله إلا القليل، وقال لهم: "اتركوا هذا الرجل أربعين ليلة، فوالله لئن تركتموه فليموتن إليها، فأبوا، ثم خرج عليهم بعد ذلك بأيام، فقال: اتركوه خمس عشرة ليلة، فوالله لئن تركتموه ليموتن إليها"2.

وأقسم لهم بأنهم إن قتلوه فلا يصلون جميعاً أبداً3 ووقع فعلاً ما قاله ابن سلام -رضي الله عنه-، من حيث تفرق قلوب القوم، حتى إن الحسن البصري يقول: فوالله إن صلى القوم جميعاً إن قلوبهم لمختلفة4.

----------------------------

1 الذهبي، سير أعلام النبلاء (2/ 418)، وابن كثير، تفسير القرآن العظيم (2/521) وذكر ابن كثير أن في ذلك خلافاً، وانظر فتح القدير للشوكاني (3/91-92).

2 رواه عبد الرزاق، المصنف (11/444)، ويعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ: (1/418)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (353-354)، وحسنه البوصيري، وابن حجر (المطالب العالية 4/ 286-287)، وفيه عنعنة الزهري، وهو مدلس من المرتبة الثالثة، انظر الملحق الرواية رقم: [231].

3 رواه ابن أبي شيبة، المصنف (15/204، 207)، بإسناد صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [139].

4 خليفة بن خياط، التاريخ (171)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351)، بإسناد حسن إلى الحسن، انظر الملحق الرواية رقم: [57].

----------------------------

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "لم تحدث في خلافة عثمان بدعة ظاهرة، فلمَّا قُتل وتفرق الناس حدثت بدعتان متقابلتان: بدعة الخوارج المفترين لعلي، وبدعة الرافضة المدعين لإمامته وعصمته، أو نبوته وإلاهيته"1.

كما حذر ابن سلام -رضي الله عنه-: من ذهاب الملائكة على إثر قتله، تلك الملائكة التي أحاطت بالمدينة منذ قدمها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن ذهابهم هذا أبدياً فلن يعودوا بعد ذهابهم أبداً2 ولم تبين الرواية أي الملائكة المقصودين بقوله، أهم ملائكة مخصوصون أم ماذا؟ فإنَّ الملائكة الذين يكتبون الحسنات وكذلك الذين يكتبون السيئات لن يذهبوا، إلا بخروج روح صاحب الجسد.

وأيضاً فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الملائكة تحيط بالمدينة آخر الزمان حينما يحاول الدجال اقتحام المدينة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال" وعن أبي بكرة عنه -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل المدينة رُعب المسيح الدجال ولها يومئذ

----------------------------

1 منهاج السنة النبوية (6/231).

2 رواه عبد الرزاق، المصنف (11/445)، وأبو عرب، المحن (68)، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (354-356)، وحسنه البوصيري (المطالب العالية 4/287) وإسناده صحيح، انظر الملحق الرواية رقم: [72].

----------------------------

سبعة أبواب على كل باب ملكان"1 والأثر إذا عارض الحديث، فإن الحديث يقدم عليه.

وحذرهم أيضاً من انسلال سيف الله عليهم، فلا يُغمد أبداً أو: إلى يوم القيامة وقد كان مغموداً عنهم، وأخبرهم أيضاً بأنه لم يقتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفاً، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفاً قبل أن يجتمع الناس، وذكر لهم أنه قُتل على دم يحيى بن زكريا سبعون ألفاً.

وهذا التفصيل منه -رضي الله عنه- يؤكد لنا أنه لا يتحدث بذلك تخرصاً، ولا تفرساً، بل بعلم راسخ وأكيد.

----------------------------

1 البخاري، الجامع الصحيح (فتح الباري: 13/90).

----------------------------



الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة   الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Emptyالجمعة 05 أغسطس 2022, 12:04 am

المبحث الثاني: نقد بعض كتابات المعاصرين عن الفتنة
بعد أن وفقني الله إلى جمع ودراسة أسانيد ومتون روايات الفتنة، وعرضها عرضاً تاريخياً، تكشّفت لي حقائق قد اشتهر ضدها، وانتشر في بطون كتب كثيرة؛ تناولت الحديث عن الفتنة من الكُتَّاب المعاصرين.
لذا رأيت أن أكشف في هذا الفصل عن بعض هذه الأخطاء التي وقع فيها بعض هؤلاء المعاصرين، واخترت كتاب كاتب يُعد من أبرزهم من حيث الشهرة، وتأثر الناس بأفكاره، وهو عباس محمود العقاد.
فقد ألف العقاد كتاباً أسماه: "ذو النورين عثمان بن عفان"، وطبع الكتاب عدة طبعات، وكان له رواج كبير بين بعض مثقفي العصر، ومدرسي التاريخ الإسلامي في المعاقل التعليمية في العالم، لما لمؤلفه من شهرة عالمية.
ومن طريق هؤلاء المدرسين، وغيرهم انتشرت أفكار المؤلف المبثوثة في الكتاب بين أبناء العالم الإسلامي، فالكتاب مرجع رئيس لدى كثير من أساتذة ومدرسي التاريخ الإسلامي في معاقل التعليم في العالم.
فقد أسهم الكتاب مساهمة فعالة قوية في تخييل صورة الفتنة في مجتمعنا المعاصر، فاستحق بذلك أن يُهتم به من حيث النقد والتصويب، لأن ذلك بمثابة تعديل لجزء كبير من صورة هذه الحادثة التاريخية في أذهان مثقفي عصرنا الحاضر.
والحق أن المؤلف أصاب في بعض المسائل التي وقع فيها كثير ممن كتب عن الفتنة؛ فنجده يعتدل إلى حد كبير في أكثر المسائل المتعلقة بشخصية عثمان -رضي الله عنه-، مع وجود ملحوظات شذ فيها عن هذا الاعتدال سيأتي ذكرها.
وكاد أن يُصيب في تفسير الفتنة، وألمح إلى الرد على بعض التفسيرات الخاطئة للفتنة.
ووصف قتلة عثمان -رضي الله عنه- بأوصاف تليق بقبحهم، وفي الوقت نفسه برّأ الصحابة من هذه الفعلة الشنيعة، كما برأهم من تهمة التحريض على عثمان -رضي الله عنهم-، إلا أنه يقع أحياناً فيما يناقض ذلك، كما سيأتي، وردَّ على التهم التي وُجهت إلى عثمان -رضي الله عنه- بردود ضعيفة، ثم زل فنقض بعض هذه الردود كما سيأتي بيانه.
وأطال في الرد على من وصف شخصية عثمان -رضي الله عنه- بالضعف، وكان ينتهز الفرص من الأحداث ليدفع هذه التهمة عن هذا الخليفة الراشد -رضي الله عنه-، وهذا من الإيجابيات التي في الكتاب.
وقد لاحظت على الكتاب أموراً تتعلق بمنهجه في التأليف، وأخرى تتعلق ببعض الحقائق التاريخية، وقد أعرضت عما لا علاقة له بالفتنة إلا في مسألة واحدة ذكرتها؛ لأنها تساعد على تصور روح المؤلف أثناء كتابته لهذا الكتاب.
فمن الأمور المنهجية ما يلي:
1- عدم عزو المعلومات إلى مصادرها، وخلو الكتاب من الحواشي الموثقة للمعلومات التاريخية، فليس في الكتاب كله إلا ثلاث عشرة حاشية، اثنتا عشرة منها لتوضيح النص، وواحدة خرَّج فيها شعراً، بعزوه إلى الطبري، وابن الأثير، وذلك للإشارة إلى ما فيهما من اختلاف مع ما ذكره المؤلف في المتن، والعجيب أنه لم يذكر المصدر الذي اعتمده، فخالف ما في الطبري وابن الأثير1.
وإهمال عزو الحقائق والمعلومات التاريخية إلى مصادرها داءٌ منتشر في جُلِّ الكتّاب المعاصرين، وهو خطأ ظاهر، فإنهم لم يشاهدوا الأحداث ليصفوها للقراء، ولم يبرزوا مصادرهم المعتمدة في هذا التصوير التاريخي، مما يضعف ثقة القارئ في كتاباتهم، كما أنه يتيح الفرصة لمن يريد أن يلفق أو يخترع معلومات ويلصقها بالتاريخ الإسلامي، أن يفعل ذلك.
2- عدم تحققه من صحة الروايات.
3- اعتماده عدداً من الروايات التي لم يبين صحتها من ضعفها، ولا نعرف المنهج الذي اعتمده في اختيارها دون غيرها.
4- يتوسع في تحليل بعض الروايات الضعيفة، ويبني عليها الصورة التاريخية، بينما يهمل روايات أخرى أكثر منها وأصح وأوثق.
5- لم يذكر المؤلف قائمة مصادره، لنتبين سبب اعتماده على بعض الروايات دون بعضها الآخر، وليعلم القارئ مواطن الضعف في الكتاب
----------------------------
1 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 121).
----------------------------

ليتمه من المصادر الأخرى التي لم يعتمدها المؤلف، وليعلم مقدار استفادته منها، ومنهجه الذي سار عليه في اختيار الروايات.
6- إن روح الكتاب والصياغة فيها شيء من البعد عن الصبغة الإسلامية الشرعية، ومما لوحظ عليه من ذلك عدم افتتاحه بالبسملة والحمدلة، وهذه سمة يتصف بها العقاد فيما اطلعت عليه من كتبه1 ولا شك أن انتهاج مثل ذلك يدل دلالة واضحة على مدى تدين صاحبه، ومدى التزامه بالعادات والتقاليد الإسلامية، ولعل سبب ذلك هو التقليد الأعمى للإفرنج الذين تتلمذ عليهم.
أما الأخطاء العلمية التي وقفت عليها في هذا الكتاب فهي كما يلي:
1- لم يحقق المؤلف في مسألة الكتاب المزوَّر، واستعمل بعض العبارات المحتملة للتصديق والتكذيب، كقوله: "ثم بلغ الكتاب أجله، بقصة ذلك الكتاب الذي قيل أنهم وجدوه مع غلام لعثمان..."2.
والحق أنه كتاب مزوَّر على عثمان -رضي الله عنه-، فلم يكتبه ولم
----------------------------
1 انظر كتبه: (ذو النورين عثمان)، طبعة مكتبة دار العروبة، وشاعر الغزل (لعمر بن أبي ربيعة)، و(جميل بثينة)، و(شعراء مصر)، و(رواية قمبيز في الميزان)، و(تذكار جيتي)، و(عرائس الشيطان)، وهذه الكتب السبعة طبعتها دار الكتاب العربي في مجلد واحد، الطبعة الأولى 1970م، و(عبقرية محمد -صلى الله عليه وسلم-)، طبعة دار الكتاب العربي، فلن تجد بسملة ولا حمدلة في افتتاح أي كتاب منها.
2 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 147).
----------------------------

يأمر بكتابته، ولم يعلم به، كما تقدم إيضاح ذلك.
2- وذكر أن الكتاب المزوَّر المنسوب إلى عثمان -رضي الله عنه- أمراً منه بجلد عبد الرحمن بن عديس، وعمرو بن الحمق، وعروة البياع1 وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم2.
ولعله اعتمد في ذلك على رواية الواقدي التي رواها الطبري في تاريخه، ونصها:
"فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعد، فإذا قدم عليك عبدالرحمن بن عديس فاجلده مائة جلدة، واحلق رأسه ولحيته، وأطل حبسه حتى يأتيك أمري، وعمرو بن الحمق فافعل به مثل ذلك، وسودان بن حمران مثل ذلك، وعروة النِّباع، مثل ذلك..."3.
والواقدي متروك فيكون الإسناد ضعيفاً جداً.
وتخالف رواية الواقدي هذه الرواية الأقوى والأصح منها في بعض النقاط، فإنَّ فيها: "أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم"4.
فليس في الرواية الصحيحة تعيين الأشخاص المراد تعذيبهم، وليس فيها الجلد ولا الحبس ولا حلق الرؤوس واللحى.
----------------------------
1 هكذا ورد عنده (البياع)، والصواب (النباع).
2 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 147).
3 تاريخ الأمم والملوك (4/373)، انظر الملحق الرواية رقم: [383]، [384].
4 انظر الملحق الرواية رقم: [64]، وإسناده حسن.
----------------------------

وهذا الذي يبدو أنه الصحيح، فإنَّ مزوِّر الكتاب يبدو من براعته في التزوير أنه لا ينسب إلى عثمان -رضي الله عنه- هذه الترهات، ولكنه التمس تضليل الناس بأن عثمان -رضي الله عنه- رأى أن هؤلاء من المفسدين في الأرض، ويستحقون عقاب المفسدين في الأرض، وهو الذي ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}1.
فهذا المفتري المزوِّر، يأمل أن تصدق كذبته التي قد يحكم بها عثمان -رضي الله عنه- معتمداً على هذه الآية، أما إذا كانت بتلك الصورة فبعيد جداً أن يصدق نسبته إلى عثمان -رضي الله عنه- أحدٌ من العقلاء، الذين يعرفون أن حدود التعزير في الإسلام لا تتجاوز نواهي الله جل وعلا، فليس للإمام أن يعزر بحلق اللحى، لأن حلقها معصية للرب، فقد تواترت الأدلة على تحريمه.
3- ويقول في آخر كتابه: "وإن وجبت كتابة السِّيَر، فأوجب ما
----------------------------
1 سورة المائدة، الآية (33).
----------------------------

يوجبها أن تكشف جانب الخير أغوار النفس الإنسانية، لا قصيدة مديح كما يقال، بل تحية صدق تمتحن بالنار والنور بين ظلمات الشرور. وهذه السيرة الرابعة من سير الخلفاء الراشدين لا نسميها بالعبقرية كما سمينا عبقرية عمر وعبقرية الإمام وعبقرية الصديق، لأننا نؤمن بالعبقرية لعثمان -رضي الله عنه-، ونؤمن في الحق أنه ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين.
ومن أبى عليه ميزانه أن يحابي في كلمة تستدعيها المُجاراة لما سبقها من الكلمات ينظم قصائد المديح في محراب التاريخ، فحسب النفس البشرية أملاً أنها غنية بالحق عن قصائد المديح في هذا المحراب..." انتهى كلامه وأنهى الكتاب بهذه العبارة1.
ولي عليه في هذه العبارة عدة ملاحظات منها:
أ- تسميته علياً -رضي الله عنه- بالإمام دون ذكر اسمه، وذلك مجاراة للرافضة.
ب- رفضه أن يسمي كتابه بالعبقرية وتسويغه ذلك بمسوغ مرفوض، مع تحفظي على هذه الكلمة، والطريقة التي تناول بها تلك الشخصيات والمدرسة التي أنتجها من هذه الدراسات عن طريق العبقرية...
ج- تأخيره كتابة سيرة عثمان -رضي الله عنه- لتكون الرابعة، وتقديم سيرة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عليها، إذا قرن بتسمية علي -رضي الله عنه- بالإمام، هو غلط ظاهر ومحل نظر، واستفهام.
----------------------------
1 ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 148).
----------------------------



الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة   الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة Emptyالجمعة 05 أغسطس 2022, 12:11 am

الخاتمة
الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: فإنَّ أهمَّ النتائج التي ظهرت لي من خلال هذا البحث هي:
1- أنه قد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إخباره بوقوع فتنة يُقتل فيها عثمان -رضي الله عنه-، وأنه دعا الناس إلى أن يكونوا معه عند اشتعالها، وأنه حدَّد زمن وقوعها، وأن عثمان وأصحابه على الحق والهدى فيها.
2- أنه أشار إلى عظم هذه الفتنة، حتى قرنها بموته -صلى الله عليه وسلم-، وبفتنة الدجال، وأن من نجا منها فقد نجا، وأنه سيستشهد فيها عثمان -رضي الله عنه- وهو على الحق صابراً على القتل معطياً له، شهيداً، ينتقل بعد شهادته هذه إلى جنة الخلد.
3- أنه أخبر عثمان -رضي الله عنه- بوقوع هذه الفتنة، وأنه سيطلب منه خلع الخلافة، وأمره بأن لا يفعل.
4- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّنَ عِظَمِ هذه الفتنة، وأن من نجا منها فقد نجا، وأن ذلك يشمل من عاصرها ومن لم يعاصرها، ونجاة من لم يعاصرها تكون بعدم الخوض فيها بالباطل.
5- أن ما تناقلته المصادر من معايب ألصقت بعثمان -رضي الله عنه- منها: ما صح صدوره من الخارجين عليه، ومنها: ما لم يصح، ومنها: ما اشتهر ولم أقف على إسناد له.
وأن هذه المعايب بأقسامها الثلاثة، إنما هي في الحقيقة إمَّا مناقب له، وإمَّا مُفتراة عليه، وإمَّا اجتهاد منه مأجور عليه.
6- أن شخصية ابن سبأ شخصية حقيقية دلت على وجودها الروايات الصحيحة، ولم تنفرد بإثباتها روايات سيف بن عمر التميمي، بل رواها غيره بأسانيد صحيحة وضعيفة.
7- وجوب الحذر عند الحديث عن مواقف عثمان -رضي الله عنه- في الفتنة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشده إلى مواقف يقفها عند حدوث هذه الفتنة لم يصلنا منها إلا اليسير.
8- أن عقيدة السلف في الصحابة هي: عدم الخوض فيما شجر بينهم، إلا عند ظهور مبتدع يقدح بالباطل، فيجب عندئذ الدفاع عنهم بالحق والعدل.
9- أن الله لا يرضى عن أحد من خلقه إلا وهو يعلم -سبحانه- أنه سيوافيه على مرضاته، وبما أن الصحابة قد -رضي الله عنهم-، فإن خاتمتهم حتماً ستكون على خير، وهذا ما وقع فعلاً.
10- أن عثمان -رضي الله عنه- بذل ما بوسعه في سبيل إخماد الفتنة منذ قدوم أهل الأمصار، وإلى فتحه الباب ودخول القاتل عليه وقتله له.
11- أن الصحابة رضوان الله عليهم بذلوا ما في وسعهم للدفاع عن عثمان يوم الدار، إلا أنه منعهم بل شدَّد في منعهم من ذلك، فحال بينهم، وبين ما يريدون من الدفاع عنه، وبما أنه أميرهم وتجب عليهم طاعته نفذوا أمره ولم يقاتلوا الخارجين عليه، بعد يأسهم من سماحه لهم بالدفاع.
12- أن من أسباب رفض عثمان القتال:
أ- علمه بأن هذه الفتنة ستنتهي بقتله لإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- له بذلك.
ب- عدم رغبته بأن يكون أول من خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته بسفك الدماء.
ج- علمه بأن البغاة لا يريدون غيره، فكره أن يتوقَّى بالمؤمنين، وأحب أن يقيهم بنفسه.
د- عملاً بمشورة عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- له بالكف عن القتال.
13- أنه لم يقع يوم الدار قتال عنيف، بل وقع اشتباك خفيف أدى إلى جرح الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وحمله من الدار على إثر هذا الجرح.
14- أن عثمان -رضي الله عنه- رأى في النوم -في آخر يوم من أيامه- النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- يقول له: يا عثمان أفطر عندنا، فأصبح صائماً، وأخرج من كان معه في الدار ممن كانوا يريدون الدفاع عنه، ثم وضع المصحف بين يديه، وأمر بفتح الباب، وأخذ يقرأ القرآن، فدخل عليه رجل أسود من أهل مصر يلقب بجبلة -لسواد بشرته- ولا يستبعد أن يكون هو عبد الله بن سبأ اليهودي؛ فقتله.
15- أنه لم يشترك في التحريض على عثمان -رضي الله عنه- فضلاً عن قتله أحد من الصحابة -رضي الله عنهم-؛ وأن كل ما رُوي في ذلك ضعيف الإسناد.
16- أن محمد بن أبي بكر لم يشترك في التحريض على قتل عثمان -رضي الله عنه-؛ ولا في قتله، وكل ما روي في اتهامه بذلك باطل لا صحة له.
17- أن قتله كان في صبيحة يوم الجمعة، الموافق لأوسط أيام التشريق؛ (الثاني عشر) من شهر ذي الحجة من السنة الخامسة والثلاثين بعد الهجرة.
18- أن سِنَّه عند قتله كانت: اثنتين وثمانين سنة على الراجح.
19- أنه قد ترتب على قتله -رضي الله عنه- فتن ومحن كثيرة، لا زالت الأمة الإسلامية تعاني منها إلى اليوم.
20- أنه لا يوثق بمعظم كتابات المعاصرين عن فتنة مقتل عثمان -رضي الله عنه-، لعدم تحري مصنفيها الروايات الصحيحة، في بناء الصورة التاريخية للفتنة، واعتمادها -في الغالب- على الروايات الواهية التي يرويها الضعفة أو الرافضة؛ ولعدم عزوهم المعلومات إلى مصادرها.
21- أن روايات محمد بن عمر الواقدي عن فتنة مقتل عثمان -رضي الله عنه- فيها دَسٌ كثيرٌ، وتخالف الروايات الصحيحة -في أكثر الحقائق- وأنها تعكس صورة مشوهة عن الفتنة، وتبرز مواقف غير صحيحة للصحابة، وتظهر فيها ملامح التشيع.
22- أن روايات سيف بن عمر التميمي عن فتنة مقتل عثمان -رضي الله عنه-، عبارة عن مجموعة روايات مسندة يحذف سيف أسانيدها، ثم يرويها من طريق عدد من شيوخه يصلون -أحياناً- إلى أربعة شيوخ، وأن روايات سيف هذه لا تخلو من القدح في بعض الصحابة واتهامهم بما هم منه براء، وتعتدل أحياناً فتظهر الصورة الصحيحة لمواقفهم.
23- أن في الخروج على إمام المسلمين مضاراً كثيرة ويترتب عليه مفاسد كثيرة، فهؤلاء الخارجون على عثمان -رضي الله عنه- أظهروا أنهم يريدون الإصلاح، وتجنيب المسلمين مفاسد ادَّعوا أنها ظهرت في خلافته -رضي الله عنه- وها نحن نقف اليوم على ما أظهروه، وما فعلوه، وما ادَّعوا أنهم يهدفون إليه، فما الذي تحقق من تلكم الأهداف المزعومة؟ وماذا حصل للمجتمع الإسلامي في تلك الفترة من فتح باب الشر والفتن؟ فما الذي جناه المسلمون من خروجهم ذاك؟ ثم ماذا ترتب عليه من سلبيات على الإسلام بعامة إلى عصرنا هذا؟ فليعتبر أولو الأفئدة والأبصار، ولعلهم يعقلون.
إنهم شرذمة قليلون، حاقدون ناقمون، موترون، تتكرر صور لهم في كل زمان، فتعاد الصورة، ويخرجون على ولاة الأمر لأغراض شخصية، وحقد شخصي، وحسد أعمى بعاطفة هوجاء، جنَّب الله المسلمين شرور من يدمرون الإسلام لتحقيق مصالح شخصية.
ولو حصل في زمن من الأزمان أن وقع ولي الأمر في بعض الأخطاء، كما ادعى أولئك الخارجون على عثمان -رضي الله عنه- فإنه لا يجوز الخروج عليه شرعاً، وفي الخروج عليه مفاسد مترتبة، أشد وأرجح من تلك المفاسد المزعومة.
ورحم الله علماء السلف الذين هم على الأثر، لازمين غرس المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث يقول: "اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبدٌ حبشيٌ كأن رأسه زبيبة" ، ويقول: "أطع الإمام وإن أخذ مالك وجلد ظهرك".
فرحمهم الله حيث يقولون: "ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر،...".
فهؤلاء العلماء الأجلاء من أئمة السلف حذروا ومنعوا من الخروج على الإمام وإن جار، فكيف بالخروج عليه لمخالفته في مسائل اجتهادية هو فيها على الصواب، وهي مجال اجتهاد، للمجتهد المخطئ فيها نصيب من الأجر.
لقد حذَّر الإسلام من الخروج على الإمام لِمَا في الخروج عليه من فتن ومحن وإحن وقاصمة له، ولما فيه من عودة بالإسلام والمسلمين إلى الوراء أعواماً عديدة، وتضييع لجهود بذلت في سبيله كثيرة.
وأمروا -رحمهم الله- بلزوم الجماعة وعدم شق العصا من الطاعة، والموالاة لولي الأمر والطاعة له فيما ليس فيه معصية، بل جعلوا ذلك من صميم المعتقد الصحيح، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة جليلة بعنوان: "قاعدة جليلة في وجوب طاعة الله ورسوله وولاة الأمر" حشد فيها الآيات والأحاديث والآثار عن السلف الصالح في ذلك1.
----------------------------
1 وقد طبعت ضمن مجموع الفتاوى (الجزء 35/ 5-17) ثم استلها الدكتور/ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر، وحققها وقدم لها بمقدمة نفيسة زادت من فائدة الكتاب وطبعت عدة مرات، وقد أعادت طباعتها الجامعة الإسلامية فجزى الله الجميع خير الجزاء.
----------------------------



الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثاني: مثيرو الفتنة وبدؤها
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: فتنة قتل أمير المؤمنين-
انتقل الى: