منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"   الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Emptyالثلاثاء 14 يونيو 2022, 11:36 pm

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 1-110

الباب الأول
التاريخ القديم "قبل الإسلام"

- من بدء الخليقة (عهد آدم عليه السلام)
- إلى ما قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} يوسف (111)
* * *


الفصل الأول
بدء الخليقة
* تعريف الأمة الإسلامية:-
الأمة الإسلامية هم الجماعة الذين تجمعهم العقيدة الإسلامية على مدار التاريخ، فالذين اتبعوا أنبيائهم من عهد آدم -عليه السلام- وإلى محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن سيسير على هديه إلى يوم القيامة، فيؤمن بربه، ويصدق الرسل، هم جميعاً الأمة الإسلامية.
فالرابطة الأصيلة هي العقيدة، وليست اللغة أو التاريخ أو المكان أو الأصل أو غيره.
* * *
* المخلوق الأول: آدم عليه السلام (أول الأنبياء):-
اقتضت حكمة الله أن يستخلف مخلوقاً على هذه الأرض، ويسخر له كل كنوزها وطاقاتها، فكان هذا المخلوق هو آدم خلقه الله من تراب ونفخ فيه من روحه وعلمه أسماء كل شيء، وأمر الملائكة بالسجود له، وطرد إبليس ولعن عندما رفض السجود لآدم امتثالاً لأمر الله.
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
ثم خلق الله لآدم حواء زوجاً له من ضلعه الأيسر وأسكنهما في الجنة، ثم إن إبليس الذي توعد بغواية آدم وذريته ما زال بهما حتى أغواهما وجعلهما يأكلان من الشجرة المحرمة.
بعدها ندما وتابا إلى الله، فتاب عليهما وأنزلهما إلى الأرض، وعلم جبريل آدم طرق المعيشة على الأرض من زراعة ورعي وغيره.
فزرع وأكل وكان يجتهد للحصول على قوته ثم رزقهما الله بالأولاد.
وحصل اختلاف في مكان نزولهما على سطح الأرض، وأكثر الأقوال أنه كان بجزيرة العرب، وكان الإنسان منذ ذلك اليوم في صورته الجميلة المتكاملة ولم يتدرج ويتطور من صورة القرد كما يدعي الماديون أصحاب نظرية التطور الباطلة.
قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} [التين: 4].
* * *
* قابيل وهابيل (وأول جريمة على الأرض):-
هما أول ابني آدم، وكانت شريعة الله أن يتزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الآخر، وكانت حواء تحمل في كل بطن ذكر وأنثى.
فأراد قابيل وهو الأكبر أخت بطنه (وهي شرعاً لأخيه).
فرفض هابيل، ثم قدما قرباناً لله فتقبل الله من هابيل قربانه وهو كبش طيب.
لم يتقبل من قابيل الزرع الفاسد الذي قدمه لله، فحسده قابيل وقتله، فكانت أول جريمة يرتكبها بشر على سطح الأرض.
قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
ثم رزق الله آدم شيثاً، ثم رزقه البنين والبنات الذين تزوجوا وتكاثر نسلهم، وكان آدم يعلمهم التوحيد ويبلغهم دعوة الله إلى أن مات.
وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف، قلت: كم الرسل منهم؟ قال: " ثلاثمائة وثلاثة عشر: جم غفير " قلت: من كان أولهم؟ قال: آدم.
ومات آدم.
واختلف في عمره.
وأصح الأقوال أنه بين 950 - 1000 سنة (1).
* * *
* شيث بن آدم عليه السلام:-
هو من أبناء آدم، وكان نبياً، واستمر في الدعوة إلى الله وإقامة شريعته في الأرض.
* * *
* إدريس عليه السلام:-
وهو النبي بعد آدم وشيث، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56، 57].
واستمر إدريس في الحكم بشريعة الله إلى أن قبضه الله.
وذكر ابن إسحاق إنه أول من خط بالقلم.
وكان الغرض من إرسال الرسل استمرار شريعة الله، وإقامة الحجة على الناس.
قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
--------------------------------
(1) قصص الأنبياء/ابن كثير، ص 57.
--------------------------------

الهجرات البشرية:-
تكاثر السكان بجزيرة العرب (في الحجاز على أكثر الاحتمالات) فأخذوا يهاجرون منها وكانت الهجرات تأخذ الاتجاهات التالية:-
1 - نحو الشمال الشرقي: حيت استقروا في العراق، ثم واصلت جماعات منهم إلى آسيا وأمريكا.
2 - نحو الشمال: باتجاه الشام ثم انتقلت جماعات إلى مناطق البحر المتوسط.
3 - نحو الجنوب: باتجاه بلاد اليمن، ومنها هاجرت جماعات إلى أفريقيا والهند.
وسنلاحظ أن كل الأنبياء خرجوا من جزيرة العرب والشام والعراق ومصر، فهي كانت أول المناطق المعمورة على الأرض (1).
* * *
* أول الحضارات:-
كانت الحضارة الفرعونية والحضارة السومرية هي أول وأقدم الحضارات على مسرح التاريخ (2).
--------------------------------
(1) التاريخ الإسلامي قبل البعثة، محمود شاكر، ص 35.
(2) موجز تاربخ العالم/هـ. جـ. ويلز، ص 62.
-------------------------------



الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"   الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Emptyالثلاثاء 14 يونيو 2022, 11:59 pm

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 1-210
الفصل الثاني
ممالك وأنبياء العراق
بعد تكاثر السكان في جزيرة العرب هاجرت مجموعات نحو الشمال الشرقي، واستقرت في العراق وعملوا بالزراعة، وكانوا يعبدون الله ثم ما لبثوا أن عبدوا الأصنام.
* * *
* دعوة نوح عليه السلام (أول الرسل):-
بعث الله إلى هذه الأقوام نوحاً، كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على دين الحق {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] ثم صاروا إلى الفساد، وكانت بداية عبادة الأصنام أنه كان من قوم نوح رجال صالحين، وبعد موتهم قال أتباعهم (بوحي من الشيطان) لو صورناهم كان أشوق لنا إلى عبادة الله، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، أخبرهم إبليس أنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم، فأشهر أصنامهم (ود وسواع ويعوق ونسر).
دعاهم نوح إلى عبادة الله ونبذ عبادة الأوثان، وبذل كل الأسباب لإقناعهم، فلم يجد إلا الصد والكفران، ولم يؤمن معه إلا القليل؛ بالرغم من أنه لبث فيهم 950 سنة.
قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59].
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 5 - 7].
فلما يئس منهم دعا عليهم: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26].
فلبى الله دعوته وأمره بصنع الفلك وهي السفينة العظيمة: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [المؤمنون: 23]، وحمل معه من آمن به، ومن الحيوانات من كل زوج اثنين، استمر القوم في الفساد والسخرية منه ومن سفينته.
فلما انتهي حصل الطوفان العظيم وامتلأت الأرض بالمياه، تحركت السفينة شمالًا: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11] فأهلك الله القوم الكافرين، ثم رست السفينة على جبل الجودي: (جبل أرارات في شرق تركيا اليوم) فخرج الركاب واستقروا هناك وبدأت زيادة السكان من جديد، ثم تفرق أبناء نوح، فهاجر سام وآبناؤه باتجاه جزيرة العرب، واتجه أبناء حام جنوباً نحو العراق وما جاورها، وتحرك يافث وذريته شرقاً وجزء منهم غرباً وتفرق آخرون في اتجاهات متباينة.
* * *
الدولة السومرية (العراق):-
استقرت مجموعة في ناحية من العراق يعرف بسهل شنعار، فعظم شأنهم، وعرفوا بالسومرين عملوا بالزراعة، وبنوا السدود، أقام بجانبهم قوم عرفوا بالأكاديين وعاصمتهم (أكاد)، وانتقل بعضهم إلى المرتفعات الشرقية من هذه البقعة، وبنوا مدينة (سوزا) وهم العيلاميون، وكان السومريون أكبر قوة في المنطقة، ومن أشهر ملوكهم (سرجون)، ومن مدنهم الشهيرة (أور)، عبدوا التماثيل والكواكب وتمادوا في غيهم وضلالهم، فبعث الله إليهم نبيه إبراهيم وهو من مدينة (أور).
* * *
* إبراهيم عليه السلام:-
هو من ذرية سام بن نوح أرسله الله إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله فجادلهم وناقش ملكهم (النمرود) الجبار المتغطرس الذي كان يدعي الألوهية.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
حطم إبراهيم أصنام قومه في غيابهم، وجعل الفأس في رأس كبيرهم ليبين لهم عجزها وبطلانها: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 58].
تبين للقوم عجزها ومع ذلك استمرو في غيهم وضلالهم، وقرروا حرقه، قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 68، 69].
بعد كل هذا الجهد لم يؤمن به إلا زوجه سارة ولوط ابن أخيه، فهاجر بهم إلى بلاد الشام.
وسنكمل الحديث عن إبراهيم في موضوع الشام.
* * *
الدولة الأكادية والبابلية (في العراق) (1):-
أما السومريون، قوم إبراهيم فقد زاد غيهم وضلالهم فسلط الله عليهم جماعات ظالمة تغلبت عليهم: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] فسيطر الأكاديون على المنطقة.
ثم أتت جماعات من الجنوب الغربي،
-------------------------------
(1)    المصدر السابق ص 40.
-------------------------------

فانتصروا عليهم، وحكموا المنطقة، وجعلوا عاصمتهم (بابل)، فعظمت دولتهم، وقد اهتموا بالزراعة والعمران، ومن أشهر ملوكهم (حمورابي) الذي وضع قوانين عرفت بـ (شريعة حمورابي) وهي أول قوانين بشرية وضعية على الأرض لغرض الهيمنة والسيطرة، وقد سقطت من بعده.
استمروا في عبادة التماثيل والكواكب فسلط الله عليهم أقواماً أهلكتهم، جاءوا من الشمال، منهم الحيثيون والميتانيون ثم الآشوريون.
* * *
الدولة الآشورية (العراق):-
سيطر الآشوريون على تلك المناطق (شمالي العراق) وكانت عاصمتهم (نينوى) ثم امتد نفوذهم إلى كل العراق وبلاد الشام وأجزاء من مصر، وأشهر ملوكهم (سلمنصر الثالث) و (آشور بانيبال) واستمروا في عبادة الأوثان، ولم يتعظوا بما حل بسابقيهم.
ولم يعملوا عقولهم، أرسل الله إليهم نبيه يونس عليه السلام.
* * *
* يونس عليه السلام:-
أرسله الله إلى أهل نينوى، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، فلم يؤمنوا فضاق بهم ذرعاً، وغضب، وسافر في سفينة في نهر دجلة، فأراد الله أن يعطيه درساً لعدم صبره اضطربت السفينة، وكادت تغرق فقرر من عليها أن يقترعوا على من يرمونه في البحر تخفيفاً (حسب العادة المتبعة عندهم)، فوقعت القرعة على يونس لثلاث مرات، فرموه في البحر والتقمه الحوت بأمر الله، فندم يونس على فعله وتسرعه وتاب إلى ربه فغفر له.
قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 139 - 145].
عاد إلى قومه، فدعاهم، وكانوا قد ندموا على عنادهم، وتابوا إلى الله (1).
قال تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98].
* * *
حضارة الدولة الكلدانية (البابلية الثانية):-
أصبح الكلدانيين حكام المنطقة، وأعظم ملوكهم كان (بختنصر) الذي استولى على بلاد الشام، ودمَّر القدس، واستباح اليهود وسلبهم مُلكهم، فأهلكهم وشردهم وأسرهم، ومنذ ذلك الزمان تفرَّقت بنو إسرائيل وتشتتوا في أنحاء الأرض، واستقر جماعات منهم في الحجاز ومصر وغيرها.
واحتل بختنصر مصر، ومن أشهر أعماله بناء برج بابل المشهور، واستمرت هذه الدولة حتى قضى عليها الفرس واحتلوا المنطقة حوالي عام 1161 ق. هـ/504 ق. م.
* * *
حضارة الدولة الفارسية:-
ويعود الفرس في أصلهم إلى العراق، فهاجروا شرقاً، وعمروا فارس، فلمَّا قووا غزوا الكلدانيين -كما ذكرنا- وسيطروا على مصر والعراق.
فبقيت مصر في حكمهم إلى أن احتلها الإسكندر المقدوني (الحاكم الإغريقي).
أمَّا العراق فقد بقيت تحت سيطرة الفرس حتى الفتوحات الإسلامية.
-------------------------------
(1) تفسير ابن كثير/جـ 4.
-------------------------------



الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"   الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 12:06 am

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 1-310
الفصل الثالث
حضارات وأنبياء بلاد الشام
وصل البشر إلى الشام، وتوزعوا على شكل تجمعات متفرقة، أكبرها في غوطة دمشق وغيرها، وعلى السواحل.
* * *
بقية قصة إبراهيم (في الشام):-
كان إبراهيم قد قدم من العراق إلى الشام (سكن في بلدة الخليل شرق بيت المقدس، وجاءت سنوات عجاف فارتحل مع زوجه إلى مصر، ورآها حاكم مصر فأرادها لنفسه، فطلب منها زوجها أن تقول عنه أنه أخوها (وهو فعلاً أخوها في الله) خوفاً من أن يقتله الحاكم، ففعلت، ثم إن الله حماها من هذا الملك فكان كلما أراد لمسها شُلَّتْ يَدُهُ، فعَلِمَ حقيقة أمرها وتركها وقدَّم لها أمَةً تُدعى (هاجر) وأمرهم بالخروج من مصر.
عاد إلى الخليل بالشام واستقر هناك، وأعطته سارة جاريتها هاجر، وقالت: عسى الله أن يرزقنا منها غلاماً.
ففعل، وحملت هاجر ووضعت ولدها إسماعيل.
فغارت سارة وطلبت منه أن يغيب عنها هاجر وولدها.
فسار بهما بإذن الله جنوباً حتى وصل إلى موضع مكة المكرمة، فتركهما هناك، ودعا قائلاً: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].
عاد إبراهيم إلى الشام وفي مكة عندما نفد الماء عند هاجر أخذت تبحث عنه، فسعت بين الصفا والمروة سبعاً وهي تفتش، حتى دلت على مكان زمزم، فضربه إسماعيل بقدمه، وهو يبكي من شدة العطش فانبجس منه الماء بإذن الله، فاستقر مقامهم. وهاجرت قبيلة جرهم من اليمن ومرت بمكة فسمحت لهم هاجر أن يقيموا معهم، ونشأ إسماعيل بينهم.
وسنورد قصة إسماعيل في موضوع جزيرة العرب.
* * *
* لوط عليه السلام وأهل سدوم:-
هو ابن أخ إبراهيم وقد آمن به وهاجر معه إلى الشام، وأقام ببلدة سدوم جنوب البحر الميت (1)، فبعثه الله إليهم وكانوا يعدون من أفجر الناس وأكفرهم، وابتدعوا فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين وهي إتيان المذكور
* * *
(فعل اللواط):
قال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81} [الأعراف: 80، 81].
أرسل الله إلى لوط ملائكة في هيئة بشر، فهرع الكفار إليهم يريدون الفاحشة لهم، فصدهم لوط: {قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 78].
طمأنته الملائكة وأمرته بمغادرة البلدة مع أهله ليلاً لينزل الله بهم العذاب صبحاً. قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 82، 83].
--------------------------------
(1)    البداية والنهاية / ابن كثير، جـ 1، ص 176.
--------------------------------

* عودة إلى بقية قصة إبراهيم:-
بشر الله إبراهيم بولد من سارة (بعد إسماعيل بـ 13 سنة) وكان إبراهيم قد بلغ من العمر عتياً (عاش إبراهيم 175 عاماً) وزوجه عجوز عقيم، وكانت البشرى عن طريق الملائكة، وهم في طريقهم إلى قوم لوط ليهلكوهم: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71].
* * *
* إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام:-
هو ولد إبراهيم، وقد نشأ في منطقة الخليل.
ورزق بيعقوب.
(وهو إسرائيل)
عاش 180 عاماً وتابع دعوة أبيه إبراهيم بعد موته (1).
* * *
* يعقوب بن إسحاق عليهما السلام:-
هو ولد إسحاق، وقد هاجر إلى حران (شمال بلاد الشام) وتزوج هناك، ورزقه الله باثني عشر ولداً منهم يوسف -عليه السلام- وبنيامين (شقيقان).
تابع دعوة أبيه إسحاق وجده إبراهيم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، عاش 147 عاماً.
* * *
* يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وانتقال بني إسرائيل إلى مصر:-
هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، كان يعقوب يحب أبناءه الصغار بنيامين ويوسف أكثر من غيرهما عطفاً عليهما، لوفاة أمهما (راحيل).
--------------------------------
(1) قصص الأنبياء/ابن كثير، ص 196.
--------------------------------

وحدثت ليوسف القصة المشهورة، وملخصها:-
أن إخوته حسدوه، لحب أبيه له، فقرروا التخلص منه، أرسله أبوه معهم بعد إلحاح شديد، فخرجوا به وألقوه في الجب (البئر)، وعادوا إلى أبيهم يبكون، وادعوا أن الذئب أكله، مرت قافلة متجهة من الشام إلى مصر، فاستخرجوه وأخذوه إلى مصر وباعوه هناك.
واشتراه (عزيز مصر) وربَّاه، وشب يوسف وكان في غاية الجمال والبهاء، فراودته امرأة العزيز عن نفسه، فامتنع، ثم ادعت أنه راودها عن نفسها، وقد اقتنعوا جميعاً بصدقه وكذبها، ومع ذلك أدخلوه السجن وبقي فيه بضع سنين.
وأخرجه الحاكم بعد ما فسر له الرؤيا التي رآها وبعد أن اعترفت امرأة العزيز بذنبها، ورأى الحاكم فيه القدرة على إدارة الأعمال فولَّاه الخزانة والتصدير، فكان يبيع القمح للبلاد المجاورة التي كانت تعاني من القحط والجدب.
وهذا يدل على مدى الرخاء والخصب في أرض مصر في تلك الفترة.
وجاءت قوافل الشام تشتري الحبوب ومعهم إخوة يوسف فعرفهم ولم يعرفوه، فباعهم وطلب منهم إحضار أخيهم المرة القادمة.
ثم عادوا وأخبروا أباهم فرفض، ولم يوافق إلا بعد إلحاح شديد، فذهبوا إلى مصر واشتروا، وأثناء عودتهم قبض عليهم واتهموا بسرقة صواع الملك.
وفتشوا فوجد في رحل بنيامين فأخذه يوسف وكان كل ذلك بتدبير منه.
وعادوا فأخبروا أباهم فحزن حزناً أفقده بصره، وأمرهم بالبحث عن يوسف وأخيه.
ذهبوا إلى مصر، فعرفوا يوسف، وعفا عنهم، وطلب منهم أن يعودوا ويأتوا بأهلهم جميعاً ففعلوا، وهكذا انتقل بنو إسرائيل إلى مصر، وكان عددهم لا يزيد على المائة وبقوا فيها 500 عام، ثم غادروها مع موسى وهم أكثر من 1600 رجل عدا الذراري.
وقصة يوسف بتمامها مذكورة في القرآن في سورة يوسف.
* * *
* الأحوال في بلاد الشام وبعض أنبياء وحضارات (1) هذه الفترة:-
حصلت هجرات كثيرة إلى بلاد الشام من العراق أو الجزيرة، وتوزع المهاجرون في المناطق الخصبة، فقامت الدولة العمورية في المناطق الشمالية وقامت الدولة الفينيقية على سواحل البحر المتوسط، والدولة الكنعانية في فلسطين وما حولها.
ولقد أشركوا جميعاً بالله، وعبدوا الأصنام، فأرسل الله إليهم كثيراً من الرسل فلم يجدوا إلا التكذيب والتمادي في الكفر، فمنهم:-
* * *
* أيوب عليه السلام:-
أرسله الله إلى بني إسرائيل، وكان كثير المال والأهل، فسلب منه ذلك، وابتلي في جسده بأنواع البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله بهما، وتخلى عنه الجميع، إلا زوجته، وألقي في المزابل خارج البلدة (2)، واستمر ابتلاءه 18 عاماً، وكان ذلك امتحان - وابتلاء له من الله.
ثم شفاه الله.
قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83، 84].
واستمر يتنقل في شمال سوريا يدعو إلى عبادة الله.
* * *
* اليسع عليه السلام:-
من أنبياء بني إسرائيل {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ} [سورة ص: 48].
--------------------------------
(1) البداية والنهاية/جـ 1 ص 197.
(2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كان الأحرى بالمؤلف أن يلتزم هنا بما قطعه على نفسه من الاقتصار على ذكر الصحيح، ولا يخفي ما في قصة إلقاء أيوب -عليه السلام- في المزبلة من الإسرائيليات المنكرة.
--------------------------------

* يس عليه السلام:-
بعثه الله لأهل الشام.
قال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: 13، 14].
* * *
* إلياس عليه السلام:-
أرسله الله إلى بعض بلاد الشام (تذكر بعض المصادر أنه بعث إلى أهل بعلبك ولبنان) وكانوا يعبدون صنماً اسمه بعل فدعاهم إلى عبادة الله فكذبوه.
قال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 123 - 125].
نلاحظ أن الأنبياء كثيرون لهذه الأقوام ولا نعرف إلا بعضهم المذكورين في القرآن. كما أن المؤمنين بهم كانوا قليلين جداً.
* * *
* يوشع بن نون عليه السلام:-
هو الذي قاد بني إسرائيل بعد موسى ويعتقد أنه المقصود بقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} وكان هارون -عليه السلام- تُوفي وبنو إسرائيل ما زالوا في التيه والضياع الذي كتبه الله عليهم في صحراء سيناء.
وتُوفي موسى -عليه السلام- أيضاً في تلك الفترة.
وقد استمرت 40 عاماً (وسيأتي ذكر قصة موسى في موضوع مصر).
المهم أن من بقي منهم خرج مع يوشع، فذهبوا إلى بيت المقدس ونظم يوشع جيشاً من بني إسرائيل وقسمه إلى 12 قسم حسب الأسباط، أبناء يعقوب (إسرائيل) واستطاع أن يفتح بهم أريحا ثم بيت المقدس ثم لبث فيهم 27 سنة يحكم بكتاب الله التوراة، وبعد موته عادوا إلى ضلالهم وفسادهم.
في هذه الفترة جاءت جماعات أخرى من الجزيرة العربية واستقروا في سوريا وهم (الآراميون) وأسسوا ممالك قوية في دمشق وحماة وغيرها.
وقد عبدوا الأصنام.
وأشهر أصنامهم: عشتار وأدونيس.
* * *
* حزقيل بن بوذي عليه السلام:-
تولى أمر بني إسرائيل بعد يوشع بن نون ولم يطل عهده.
وتفرقت بعده بنو إسرائيل وضعف أمرهم، فكانوا يفسدون في الأرض ويقتلون أنبيائهم، فسلط الله عليهم الأعداء، وبدل الأنبياء بملوكاً جبارين طغاة، فسفكوا دمائهم ظلماً وعذبوهم وتغلب عليهم أهل غزة وعسقلان، وسلبوا منهم التابوت المقدس (الذي يحتوي على رفات يوسف عليه السلام)، ثم انقطعت النبوة في بني إسرائيل وانقسمت دولتهم واستمروا على ذلك 400 عام تقريباً، إلى أن بعث الله إليهم بعد ذلك شمويل نبياً.
* * *
* شمويل عليه السلام (1):-
طالبه بنو إسرائيل بالقتال وأن يعين عليهم ملكاً ليقاتلوا تحت قيادته، فاختار لهم طالوت {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة: 247].
--------------------------------
(1) قصص الأنبياء / ابن كثير، ص 220.
--------------------------------

فماطلوا في البداية لفقر طالوت.
قال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 248].
فلما تحققت تلك المعجزة، انصاعوا وانضووا تحت قيادته.
حدث القتال بين بني إسرائيل وبين العمالقة بقيادة جالوت في مرج الصفر (جنوب دمشق) واستطاع داوود -عليه السلام- أن يقتل جالوت الجبار بواسطة حجارة ومقلاع فقط.
وكان داود غلاماً حدثاً في جيش طالوت.
قال تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة: 250، 251].
* * *
* داوود عليه السلام:-
اشتهر داوود بين قومه، وكان طالوت قد وعد أن من يقتل جالوت يعطيه نصف ملكه، ويزوجه ابنته، لذا اضطر أن يتنازل عن الملك لداود، ويزوجه ابنته، فآتاه الله النبوة إضافة إلى الملك.
فأقام شريعة الله فيهم وأنزل الله عليه كتاب الزبور.
قال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}، وأكرمه الله بمعجزات.
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10].
وكان مجاهداً في سبيل الله، كثير العبادة، وكان لا يأكل إلا من عمل يده وكان عمله حداداً.
وخلفه في الملك والنبوة ابنه سليمان.
كانت فترة داوود وسليمان هي فترة الرخاء والاستقرار الوحيدة التي قدر للشعوب العبرانية أن تعيشها على مر الدهر كله (1).
--------------------------------
(1) موجز تاريخ العالم/ هـ. جـ. ويلز ص 92.
--------------------------------

* سليمان عليه السلام:-
تابع جهاد والده ووصل إلى دمشق، وأخضع اليمن وأذل حكامها من السبئيين، وتزوج ملكتهم بلقيس، وقد أبقاها على اليمن خاضعة له، وقد آمنت بالله مع أكثر قومها بعد أن كانوا يعبدون الكواكب والشمس، ومن أعماله تجديد بناء المسجد الأقصى (شيده يعقوب أو أبوه إسحاق بعد بناء الكعبة بأربعين عاما).
قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16].
ودعا سليمان لنفسه فقال: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [سورة ص: 35]، فاستجاب الله له وسخر له الريح والإنس والجن وعلمه لغة الحيوان.
قال تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [سورة ص: 36 - 38].
استمر في ملكه 20 عاماً يقيم شريعة الله في الأرض، وبعد موته خلفه ابنه رحبعام، وضعف بنو إسرائيل من بعده وزاد فسادهم.
* * *
شعيا بن أمصيا عليه السلام:-
هو من أنبياء هذه الفترة، وقد حاول الكلدان دخول بيت المقدس بقيادة ملكهم سنحاريب. فأهلكهم الله بدعاء هذا النبي.
فلم يزداد اليهود إلا شراً وفساداً فقتلوا نبيهم شعيا (1).
--------------------------------
(1) قصص الأنبياء / ابن كثير، ص 447.
--------------------------------

بعث الله بعده النبي أرميا بن حلقيا عليه السلام وغيره من الأنبياء فاستمر اليهود في تكذيب أنبيائهم وقتلهم.
ملاحظة: الأحداث والأسماء التي لم ترد في القرآن الكريم أو الحديث النبوي مأخوذة من الإسرائيليات المدونة في قصص الأنبياء وتفسير القرآن لابن كثير.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" (1)، وقال: "ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" (2).
كما قال عليه الصلاة والسلام.
* * *
* خراب بيت المقدس:-
سلّط اللهُ على اليهود الملك الكلداني (البابلي) بختنصر (نبوخذ نصر) فهدم بيت المقدس وقتلهم وشردهم، ومن ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل في الأرض، وسكنوا في الحجاز ومصر وغيرها بعدها قضى الفرس على الكلدانيين، واستولوا على الشام ومصر.
* * *
وصول العمران إلى أوروبا:-
تنقل الناس من الشام باتجاه الأناضول وجنوب أوروبا (المشرفة على البحر المتوسط) ثم امتدت الهجرات إلى أوروبا الشمالية، وكانت أكثر الجهات عمراناً منطقة البلقان وإيطاليا.
وقد أسسوا حكومات قوية هناك.
كان أبرزها حضارة الإغريق ثم الرومان.
--------------------------------
(1) أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود وابن حنبل.
(2) سنن أبي داود جـ 2/ص 285.
--------------------------------

عودة إلى بقية تاريخ بني إسرائيل:-
ضعف الكلدان بعد موت بختنصر، فعاد بنو إسرائيل إلى بيت المقدس وعمروه، ولكن بقوا ضعفاء بسبب تكذيبهم وقتلهم لأنبيائهم، وانتشار المنكر بينهم، فخضعوا وذلوا للفرس ثم للإغريق ثم للرومان.
* * *
* زكريا وابنه يحيى عليهما السلام:-
وهم من أواخر أنبياء بني إسرائيل، ولم يجدوا من قومهم إلا التمادي في الطغيان والضلالة.
واستمرا في الدعوة إلى الله حتى كان مقتلهما -عليهما السلام- على أيديهم.
قال تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7].
وقال: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: 85].
* * *
* عيسى عليه السلام:-
وهو آخر أنبياء بني إسرائيل، ولد في بيت لحم بفلسطين، والدته هي مريم العذراء، التي تربت في بيت النبي زكريا (زوج خالتها)، وعرفت بالعفة والطهارة، حملت به من غير أب بإذن الله.
فكانت المفاجأة مخيفة لها، فاتهمها قومها في عفتها فأشارت إليه، قال تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 27 - 31].
أقام في الناصرة في فلسطين.
وأخذ يدعوا إلى عبادة الله، وآتاه الله كتاب الإنجيل، وكان يعظ كل من يلتقي به، وكان من معجزاته، شفاء المرضى وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ولازمه الحواريون في الدعوة وقد أرسل مجموعات منهم إلى باقي بلاد الشام للدعوة.
تآمر بنو إسرائيل على قتله، فسلموه إلى حاكم فلسطين الروماني (بيلاطس)، فأراد القضاء عليه صلباً.
ولكن الله نجَّاه، حيث شُبِّهَ لهم بغيره.
ورفعه الله إليه (1).
نكَّل قياصرة الروم ومعهم بنو إسرائيل بأتباع السيد المسيح، فضعف أمرهم كثيراً، وزاد الأذى في عهد نيرون الذي اتهمهم بإحراق روما حوالي عام 558 ق. م / 80 م.
هاجر قسم منهم إلى الحجاز وما حولها ثم أخذت النصرانية تنتشر حتى أصبحت ديانة الدولة الرومانية (2).
--------------------------------
(1) القصة في سورة مريم.
(2) التاريخ الإسلامي قبل البعثة، محمود شاكر.
--------------------------------



الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"   الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 12:20 am

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 1-410
الفصل الرابع

حضارات وأنبياء (مصر)

بعد طوفان نوح تفرق أبناء نوح كما ذكرنا، فسام وأبناؤه توزعوا في العراق والجزيرة واليمن وغيرها، أما حام وأبناؤه فانتقلوا إلى الهند، وبعضهم إلى إفريقيا، فتفرقوا هناك، فاستقر جماعة البوشمن في جنوب غرب افريقية، وكانوا وثنيين، فسلط الله عليهم (الهتنتوت) ثم سيطر زنوج البانتو على الأوضاع، وهناك من لجأ إلى مجاهل وغابات أفريقيا، وسكن البربر في الشمال الغربي.

وسكن المصريون القدماء شمالاً حول نهر النيل، وكانوا جميعهم على عبادة الأوثان.

* * *

* الحضارة الفرعونية:

كانت مصر من أخصب مناطق أفريقيا، لذا تكاثر سكانها، وقامت فيها دولة الفراعنة، التي ادَّعى حكامها الألوهية، وسخَّروا الشعب لبناء الأهرامات الضخمة والتماثيل، وسمُّوها (حضارة) وليست بكذلك.

في هذه الفترة قدم إبراهيم وزوجه ساره إلى مصر، وأراد فرعون اصطفائها لنفسه، فأنقذها الله منه، فأعطاها هاجر هدية، وأمرهما بمغادرة مصر (كما ذكرنا سابقاً).

سلط الله على الفراعنة الظالمين رعاة من بلاد الشام، فقوي أمرهم واخضعوا المنطقة، وأصبحوا ملوكاً، وعرفوا باسم (الهكسوس).

* * *

* يوسف في بلاد مصر:

في هذه الفترة أقام يوسف وأهله في مصر وكان يحكمها الهكسوس، وكانوا مثل سابقيهم ظالمين ومستبدين، فرفضوا الحق فسلط الله عليهم الفراعنة، بعد أن قوي أمرهم على يد (أحمس)، فسيطروا على مصر وامتد نفوذهم إلى حدود العراق في زمن (تحتمس الثالث) و (رمسيس الثاني) اللذين حاربا الدولة الحيثية في الشام وقضوا عليها، وزادت الخيرات فزاد كفرهم وفسوقهم.

بدأ الفراعنة في هذه الفترة بقتل ذكور بني إسرائيل؛ لأن الإسرائيليين أشاعوا أنه سيأتي لهم ابن يقضي على فرعون وقومه.

قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4].

* * *

* موسى بن عمران عليه السلام، وعودة بني إسرائيل إلى الشام:

أرسل الله إلى هؤلاء جميعاً موسى، وهو من بني إسرائيل، وأنجاه الله من الذبح، حيث ألقته أمه بعد ولادته في البحر داخل صندوق بأمر الله، فوصل إلى قصر فرعون، فاتخذه ولداً عندما أصرت زوجته آسيا على ذلك.

وكان محروماً من الإنجاب.

فتربى وشب في قصور فرعون.

قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 7، 8].

كبر موسى، وكان بفطرته يميل إلى قومه، وحدث قتال بين قبطي وإسرائيلي فاستنصر الإسرائيلي بموسى الذي وكز القبطي وقتله، (وكان موسى قوي البنية)، وكادت الحادثة تتكرر، فعلم موسى أن خبره انتشر.

قال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20].

فهرب إلى بلاد مدين.

وهناك ساعد فتاتين على سقي أغنامهما، فعرض عليه أبوهما شعيب أن يزوجه إحدى ابنتيه مقابل أن يعمل عنده (8 - 10 سنوات) فتم ذلك.

وقرر موسى أن يعود بأهله إلى مصر.

وفي منطقة سيناء أوحى الله إليه وبعثه إلى فرعون وملئه، ودعمه بأخيه هارون، وزوده بالمعجزات.

دعا موسى فرعون فكذب وعصى وادعى أنه هو الله.

وأن معجزات موسى (وهي اليد البيضاء والحية) مجرد سحر.

وحدد له يوماً ليجمع له السحرة ليغلبوه.

قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى ...} الآية [النازعات: 15 - 25].

في اليوم الموعود تغلب موسى على السحرة وتبين لهم ما كانوا عليه من الباطل فآمنوا بالله.

فصلبهم فرعون وقتلهم ثم اشتد أذاه وبطشه لبني إسرائيل، فعاقبه الله وقومه بالقحط وبالسنوات العجاف فلم يرتدعوا، وأنزل بهم عقوبات أخرى.

قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} [الأعراف: 133].

اشتد ظلم فرعون وطغيانه فأمر الله نبيه موسى أن يهاجر بقومه إلى الشام، فلحقهم فرعون وجنوده، فألجأوهم إلى البحر، فضرب موسى البحر بعصاه بإذن الله، فأصبح طريقاً سهلاً فعبر وقومه.

وعندما حاول فرعون وجنده العبور عاد ماءً.

فغرقوا وأهلكهم الله.

وأما موسى ومن معه فقد وصلوا إلى الضفة الأخرى بأمان.

قال تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 77 - 79].

ثم طلب اليهود من موسى طعاماً فأنزل الله لهم المن والسلوى وواصل المسير بهم حتى وصلوا إلى منطقة جبل سيناء.

صعد موسى الجبل وأقام عليه 40 يوماً، حيث كلمه الله وأنزل عليه التوراة والوصايا مكتوبة في ألواح من حجر.

ثم عاد إلى قومه فوجدهم يعبدون عجلاً صنعوه من حليهم الذهبية، فغضب غضباً شديداً، وتخلص منه.

وأمرهم أن يقتل بعضهم بعضاً عقاباً لهم، بأمر من الله.

كما أخبرهم أن الله كتب عليهم التيه والضياع في صحراء سيناء 40 عاماً.

وتُوفي هارون ثم موسى خلال هذه الفترة -كما ذكرنا سابقاً-.

* * *

* مصر بعد الفراعنة:

بعد هلاك فرعون ضعفت دولة الفراعنة.

فاحتل الفرس مصر سنة 305 ق. م ثم أخضعها الإغريق بقيادة الإسكندر المقدوني، ثم حكمها البطالمة، وبعدهم الرومان، وانتشرت فيها النصرانية وعرف سكانها بالأقباط، واستمروا كذلك حتى جاءهم الفتح الإسلامي، وأنقذهم من الضلال.

* * *



الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"   الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" Emptyالأربعاء 15 يونيو 2022, 12:30 am

الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 1-510
الفصل الخامس
جزيرة العرب
العرب هم الجنس الأول الذي تلقى الإسلام.
وحمل ألويته ودعوته.
فجدير بنا أن نتعرف عليهم.
يطلق مسمى العرب على الأقوام التي عاشت في شبه الجزيرة العربية.
* * *
* وهذه الجزيرة يمكن أن نقسمها إلى قسمين (1):-
- قلب الجزيرة: وهي بادية، وأهم مناطقها نجد.
- دائر الجزيرة: وسكانها حضر، وأهم مناطقها: اليمن جنوباً، وغسان شمالاً، الإحساء والبحرين شرقاً، الحجاز غرباً.
* * *
* أقسام العرب:-
الجنس العربي هو أحد الأجناس السامية، ولعله أكثرها محافظة على خصائص الساميين، واللغة العربية هي أحد اللغات السامية.
* * *
وقد قسم المؤرخون العرب إلى:-
- عرب بائدة وعرب باقية.
--------------------------------
(1) التاريخ الإسلامي/د. أحمد شلبي جـ 1/ص: 82.
--------------------------------

أولاً: عرب بائدة:-
أي المندثرة والفانية.
ومنهم عاد وثمود وطسم وجديس وأصحاب الرس وأهل مدين.
* * *
أنبياء الله إلى العرب البائدة هم:-
* هود عليه السلام:-
أرسله الله إلى قوم عاد وهم عرب، سكنوا في منطقة الأحقاف (حضرموت) وهي أول قبيلة عبدت الأصنام بعد الطوفان، وكانوا أصحاب قوة ومال.
فعمروا وشادوا وزرعوا.
ثم عتوا عن أمر ربهم، فأرسل لهم هوداً وهو منهم.
فكذبوه.
قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [الأعراف: 65، 66].
كثروا وانتشروا حتى إن قحطان بن عاد وذريته انتشروا في اليمن وعرفوا بـ (عاد الثانية) واستمروا في طغيإنهم وعتوهم حتى أهلكهم الله.
قال تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 6 - 8].
* * *
* صالح عليه السلام:-
أرسله الله إلى قبيلة ثمود، الذين سكنوا في منطقة العلا (بين المدينة وتبوك)، وقد كانوا بعد هلاك عاد.
وهم عرب أيضاً.
وعبدوا الأصنام.
أرسل الله إليهم نبيه
صالحاً فدعاهم إلى التوحيد، فرفضوا، ثم طلبوا منه سخرية أن يخرج لهم ناقة من صخرة صماء، فحقق الله المعجزة، ومع ذلك استمر أكثرهم على الكفر.
فقتلوا الناقة وبعد ثلاثة أيام جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفلهم فأهلكتهم.
قال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 11 - 15].
* * *
* شعيب عليه السلام:-
أرسله الله إلى أهل مدين (أصحاب الأيكة)، وقد سكنوا شمال غرب جزيرة العرب (تبوك وجنوب الأردن)، وكانوا فاسدين عرفوا بقطع الطريق.
وإنقاص الكيل والميزان وعبدوا شجرة ضخمة وسط الأيكة، فعرفوا بأصحاب الأيكة.
قال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} [هود: 84].
فاستمروا في تكذيبهم فأباد الله جماعة منهم بعذاب الصيحة، وجماعة أخرى بعذاب يوم الظُّلَّة.
قال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189].
وقال: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94].
من الأمم التي أهلكها الله في جزيرة العرب أهل حضورا (وسكنوا بحضرموت أو اليمامة)
وهم أصحاب الرس.
قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} [ق: 12].
* * *
* ثانياً: عرب باقية:-
وهم الباقون حتى الآن، وهم بنو قحطان وبنو عدنان.
فبنو قَحطان: هم العرب العاربة (العرب الأصليين)، وموطنهم الأصلي جنوب الجزيرة ومنهم ملوك اليمن، والمناذرة والغساسنة، وملوك كنده، ومنهم الأزد (الذين تفرع منهم الأوس والخزرج).
أما بنو عدنان: فهم العرب المستعربة (الذين اكتسبوا اللسان العربي).
وهم عرب الشمال، وموطنهم الأصلي مكة المكرمة، وهم ذرية إسماعيل بن إبراهيم، وأهم أبناء إسماعيل عدنان، ومنه انحدرت القبائل العربية.
* * *
إسماعيل
|
عدنان
|
معد
|
نزار
|
• ربيع:
عبد القيس - بكر - تغلب - حنيفة
• مضر:
هوازن - غطفان - تميم - قريش

* * *
التاريخ السياسي للعرب (قبل الإسلام):-
كان العرب -كما ذكرنا- بدو وحضر.
والفكر السياسي عند البدو يختلف عنه عند الحضر.
* * *
* قبائل البدو:-
البدو عاشوا كقبائل صغيرة متفرقة في الصحاري، ووحدة القبيلة تربط بينها الدم والعصبية.
ولم يكن سهلاً قيام ارتباط بين عدد من القبائل لتكوين ممالك، لطبيعة التمرد وعدم الخضوع عند البدو.
* * *
* مملكة كندة (480 - 529 م):-
وهي المملكة الوحيدة التي قامت في أواسط الجزيرة العربية بين الحكم القبلي. وكانت قصيرة العمر، وأول ملوكها (حجر آكل المرار) وكان تابعاً لملوك حمير في اليمن.
واستطاع حفيده الحارث بن عمرو أن يمد نفوذه إلى الحيرة.
ثم انهار ملكهم وعادت الحياة القبلية.
وينسب امرؤ القيس (أحد شعراء المعلقات الجاهليين) إلى ملوك كنده، وقد حاول إعادة ملك آبائه ففشل.
* * *
ممالك الحضر:-
تركزت في ثلاث مناطق: اليمن - الشمال - الحجاز.
1 - ممالك اليمن:-
- مملكة معين " مملكة قتبان: (1200 ق. م - 700 ق. م)، وهما متعاصرتان تقريباً.
وهما أقدم ممالك اليمن.
والمعلومات المتوفرة عنهما قليلة.
* * *
- مملكة سبأ: (955 - 115 ق. م):-
قامت سبأ على أنقاض معين وقتبان.
وانضمت لها حضرموت، وكانت عاصمتها مأرب، وترجع شهرة سبأ إلى سببين هامين هما:-
أ - ملكة سبأ (بلقيس) وقصتها مع النبي سليمان (سورة النمل).
ب - سد مأرب العظيم الذي كانت نتيجته أن كثر الرخاء باليمن وعمت الخيرات. ثم ضعف هذا السد وانهار أخيراً.
فكان سيل العرم.
فهاجر كثير من السكان إلى الشمال، وآذن ذلك بسقوط سبأ، وقيام حمير.
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ...} الآية [سبأ: 15، 16].
* * *
- مملكة حمير: (115 ق. م - 500 م):-
قامت بعد انهيار نفوذ مملكة سبأ.
واتخذت ظفار عاصمة لها.
وكان ملوكها يلقبون بالتبابعة.
وقد خلفت سبأ وحمير آثاراً تدل على العظمة والرقي.
ضعفت هذه الدولة في أواخر عهدها، مما أدى إلى احتلال اليمن من قبل الروم ثم الفرس.
* * *
سيطرة الروم على اليمن:-
خَير (ذو نواس) ملك حمير الذي اعتنق اليهودية خير المسيحيين في نجران بين اعتناق اليهودية أو الموت، فاختاروا الموت، فحفر لهم أخدوداً وأحرقهم فيه.
قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} [البروج: 4 - 6].
ففر بعضهم، واستنصروا بحاكم الحبشة المسيحي (النجاشي) الذي طلب مساعدة قيصر الروم (حامي المسيحية) والذي أرسل السفن والسلاح، فاستطاع النجاشي إخضاع اليمن بواسطة قائده (أرياط)، الذي سرعان ما تمرد عليه (أبرهة) أحد مساعديه، فقتله، وأصبح هو حاكم اليمن، وكان ذلك في زمن عبد المطلب بن هاشم (جد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-).
* * *
سيطرة الفرس على اليمن:-
ثم فر أحد أولاد ملوك حمير واسمه (سيف بن ذي يزن) إلى فارس، وطلب نجدتهم لإخراج الأحباش من بلاده، فاستجاب الفرس، فقدموا وانتصروا على الروم، ثم أمر كسرى أن يتوج سيف ملكاً على اليمن.
وبعد مقتل سيف، أرسل كسرى (وهرز) ليكون حاكماً لليمن تابعاً للفرس، وبعد وهرز حكم أبناؤه وأحفاده.
وعند بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كان حاكم اليمن الفارسي (باذان) وهو من ذرية وهرز، وقد دخل باذان في الإسلام عندما دُعِيَ إليه.
* * *
2 - ممالك شمال الجزيرة:-
أ - مملكة الانباط (400 ق. م - 105 م):-
هم قبائل بدوية.
استقروا جنوب سوريا.
وامتدت مملكتهم من غزة شمالاً حتى العقبة جنوباً، فاتخذت موقعاً هاماً في طريق التجارة بين الشمال والجنوب.
وكان لها إتاوة على التجارة الصاعدة والهابطة.
وعاصمة الانباط مدينة (البتراء).
بلغت غاية مجدها في القرن الأول الميلادي.
حيث امتد نفوذها إلى دمشق، وامتدت جنوباً حتى مدائن صالح (ولهم آثار معمارية عظيمة هناك حتى الآن).
وأشهر ملوكهم: الحارث الثالث، وعبيدة الثاني.
استولى عليها الرومان سنة 105 م.
* * *
ب - مملكة تدمر:-
وهي عريقة في القدم.
وقد ورد لها ذكر قبل الميلاد بأكثر من ألف عام، وبلغت ذروة مجدها في القرن الثاني والثالث الميلادي.
وكان لها موقع تجاري واستراتيجي هام بين الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، وكانت مرتبطة بالرومان.
لذا خاضت حروباً مدمرة ضد الفرس، وانتصرت فيها انتصارات مؤزرة، وذلك في عهد ملكهم (أذينة) الذي بسط نفوذه على سوريا كلها، ثم تولت بعده زوجته زنوبيا (الزباء)، التي تحدت الروم.
وخاضت معهم صراعات عنيفة، إلى أن هزمت، ودمرت مملكتها.
وقد عبد الأنباط والتدمريون الأوثان وقوى الطبيعة.
* * *
ج - مملكة الحيرة:-
هم من عرب اليمن المهاجرين قامت مملكتهم في شمال الجزيرة (جنوب العراق) تابعة للفرس، تحميهم ويحمونها وأشهر ملوكهم: عمرو بن عدي والنذر بن ماء السماء والنعمان بن المنذر، وبعد النعمان عين كسرى أياس بن قبيصة على الحيرة.
وأشرك معه رجلاً فارسياً، وفي هذا العهد قدم المسلمون وفتحوا الحيرة بقيادة خالد بن الوليد سنة 12 هـ/633 م فصالحهم أياس على الجزية، ثم دخلوا في الإسلام بعد ذلك.
* * *
د - مملكة غسان:-
هم من عرب اليمن الهاجرة بعد انهيار سد مأرب -مثل مناذرة الحيرة- وقد استقروا ببادية الشام، فأصبحوا تابعين للروم يحمونها من هجمات العرب.
وكان الحكم في البداية لقبيلة (الضجاعمة) وأشهر ملوكهم: زياد بن الهيولة.
ثم حكمت قبيلة بني جفنة واتخذوا دمشق عاصمة لهم، ومن أشهر ملوكهم: الحارث بن جبلة، والمنذر بن الحارث، وجبلة بن الأيهم، وهو آخر ملوك الغساسنة، وفي عهده دخل المسلمون بلاد الشام، ويقال أن جبلة أسلم ثم ارتد وهرب إلى الروم في عهد عمر بن الخطاب.
* * *
الأهمية الحضارية للمناذرة والغساسنة:-
أهم دور لعبته هاتان الملكتان هو أنهما كانتا جسراً عبرت عليه ألوان من حضارة الفرس والروم إلى الجزيرة العربية.
وأهم هذه الألوان الحضارية: الأديان وضروب من المعارف العامة، والفنون الحربية وغيرها.
* * *
3 - الحجاز:-
الحجاز هو الموطن الأول للدعوة الإسلامية، فيه ولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونشأ، وهو منزل الوحي، ومشرق النور، ومن الحجاز انطلقت صيحة الإصلاح ودعوة الإسلام.
وقد نقل الإسلام الحجاز من مكان عربي إلى مكان إسلامي عالمي.
نشأة مكة (وقصة إسماعيل عليه السلام):-
كما ذكرنا سابقاً - قدم إبراهيم بزوجه هاجر وابنه إسماعيل، وتركهما في مكة وقد كانت صحراء قاحلة وكان الله قد أمره بذلك، ودعا إبراهيم ربه أن يجعل مكة دار أمان وعمار.
تدفقت بئر زمزم.
ومرت قبيلة جرهم اليمنية حول مكة، فسمحت لهم هاجر بسكناها، ونشأ إسماعيل بينهم وتعلم لغتهم العربية، ثم تزوج منهم، وكان إبراهيم يزورهم بين حين وآخر.
وفي إحدى الزيارات أمره الله بذبح ابنه إسماعيل، فاستسلما لأمر الله وعند التنفيذ فداه الله بكبش عظيم.
وكان ذلك ابتلاء من الله، ثم قاما ببناء الكعبة تنفيذا لأمر الله.
وبعث الله إسماعيل رسولاً لقبيلة جرهم ومن حول مكة.
قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127، 128].
بعد إسماعيل تغلبت جرهم على مكة فحكمتها، ثم أفسدت فيها، ثم خضعت مكة لخزاعة وهم من اليمن أيضاً، وكان بنو إسماعيل على الحياد.
ودخلت عبادة الأصنام إلى مكة في أيام خزاعة، ادخلها زعيمهم عمرو بن لحي حيث جلبها من الشام فعبدها.
ثم عبدها أهل مكة.
تكاثر بنو إسماعيل ومنهم كنانة (وقريش فرع من كنانة) فاستطاع سيدهم قصي بن كلاب (الجد الرابع للرسول -صلى الله عليه وسلم-) أن يطرد خزاعة من مكة ويتزعمها، فأصبحت سيادة مكة لقريش، وحكمها بعده ابنه عبد مناف، وتقاسم الزعامة من بعده أبناؤه هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل.
وكان عبد المطلب بن هاشم (جد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-) هو سيد مكة يوم حاول أبرهة غزوها فرده الله.
وعرف هذا العام بعام الفيل، وهو عام مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في 750 م/52 ق. هـ.
* * *
عام الفيل ومحاولة هدم الكعبة:-
بنى أبرهة الأشرم (حاكم اليمن الحبشي) كنيسة ضخمة مزخرفة في صنعاء وأسماها (القليس) ودعا الناس للحج إليها بدلاً من الكعبة (لأسباب دينية وسياسية واقتصادية) ففشل فشلاً ذريعاً (ولم يحج إليها أحد) فغضب وقرر هدم الكعبة، فسار إليها على جيش ضخم تتقدمه الأفيال.
ولم يتصدى له أحد.
وعندما دخل مكة وهم بهدم الكعبة أهلكه الله وجيشه.
والقصة مذكورة في سورة الفيل.
وكانت حادثة الفيل كبيرة الأهمية عند لعرب، فأخذوا يؤرخون بها، وهو العام الذي ولد فيه الرسول -عليه السلام-.
* * *
اقتصاديات العرب:-
أهم مصادر الثروة عند العرب ارتبطت بالتجارة، وقد اشتهر العرب في الجاهلية بالتجارة شهرة واسعة.
وكانت التجارة عند قريش عصب الحياة، وقد ورد في القرآن: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 1، 2].
وكانت رحلة الشتاء إلى اليمن.
ورحلة الصيف إلى الشام.
* * *
زمن الفترة:-
نلاحظ أن الرسالة انقطعت عن الجزيرة العربية مدد طويلة (من زمن إسماعيل إلى بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وانقطعت عن العالم عموماً منذ أن رفع الله عيسى حوالي عام 610 ق. هـ/33 م.
وسميت هذه المدة زمن الفترة (فترة انقطاع الرسل).
فتخبط المجتمع أيما تخبط.
وكان بأشد الحاجة إلى نبي، يعيده إلى الحق والصواب، وخاصة بعد أن حرفت الديانات السماوية، وضاعت فكانت رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى البشر كافة.
* * *
موجز التاريخ القديم (قبل الإسلام):-
- خلق الله البشر وبعث الرسل، لعبادته، وإقامة شريعته في الأرض.
- وكان آدم هو أول البشر وأول الأنبياء.
- تتابعت الحضارات وتوالى الأنبياء والرسل وأقدم الحضارات ظهرت في العراق ومصر والشام وجزيرة العرب.
- أهم حضارات العراق: السومرية، الأكادية، العيلامية، البابلية، الآشورية، والكلدانية.
وأنبياء هذه البلاد: نوح وإبراهيم ويونس عليهم السلام.
- وأهم حضارات الشام: العمورية، الفينيقية، الكنعانية، الآرامية، ثم حضارة الأنباط وتدمر، ثم الغساسنة والمناذرة.
وأغلب الأنبياء والرسل ظهروا في بلاد الشام، فمنهم: لوط، إسحاق، يعقوب، أيوب، اليسع، يس، إلياس، داود، سليمان، زكريا، يحيى وعيسى عليهم السلام، وهم من بني إسرائيل وأرسلوا إليهم وإلى غيرهم.
- وقامت في مصر الحضارة الفرعونية وحضارة الهكسوس، وظهر فيها من الأنبياء يوسف، موسى عليهما السلام.
- وظهر في جزيرة العرب قوم عاد وثمود وأهل مدين، وحضارات اليمن (معين، سبأ، حمير قتبان) والقبائل المهاجرة بعد انهيار سد مأرب، والأحباش وذرية إسماعيل بن إبراهيم.
وأنبياء جزيرة العرب هم: هود، صالح، شعيب، إسماعيل عليهم السلام.
- وظهرت حضارات أخرى وسادت على وجه الأرض كحضارة الفرس ثم الإغريق ثم الرومان.
* * *
* النتيجة:-
معظم هذه الممالك والجماعات كذبت برسلها، وتمادت في غيها وانحرافها، وما آمن إلا قليل.
ثم بعث الله آخر رسله (محمد -صلى الله عليه وسلم-) إلى البشر كافة في جميع أصقاع الأرض وعلى يديه كانت هداية البشرية الضالة.
* * *



الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الأول: التاريخ القديم "قبل الإسلام"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الثاني: تواريخ الجماعات اليهودية في العالم الإسلامي الباب الأول: الشرق الأدنى القديم قبل وبعد انتشار الإسـلام
» الباب الأول في مباني الإسلام
» الباب الأول: الفصل الخامس جذور الإرهاب في الإسلام
» الإسلام في أفريقيا عبر التاريخ
» التاريخ الهجري شعارنا أهل الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موجز التاريخ الإسلامي-
انتقل الى: