النبي -صلى الله عليه وسلم- من الميلاد إلى المبعث
ولادته -صلى الله عليه وسلم-:
* وُلد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببطحاء مكة يوم الاثنين، في شهر ربيع الأول من عام الفيل، قيل في الثاني من الشهر، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر.

* قال علماء السِّيَر:
لـمَّـا حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلًا، فلمَّا وُلِدَ خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب.

* وفي حديث العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني عند الله في أمِّ الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمُنْجَدِلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك؛ دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام" [رواه أحمد وصححه الألباني].

موت أبيه -صلى الله عليه وسلم-:
* توفي أبوه -صلى الله عليه وسلم- وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولاته بأشهر، وقيل بسنة، والمشهور الأول.

رضاعه -صلى الله عليه وسلم-:
* أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أيَّامًا، ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحوًا من أربع سنين، وأتاه هناك ملكان، فشَقَّا صدره، واستخرجا منه حظّ النفس والشيطان، فخافت حليمة وردَّته إلى أمِّهِ إثر ذلك.

موت أمِّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
* ثم ماتت أمه بالأبواء -بين مكة والمدينة- وهي راجعة إلى مكة، وهو ابن ست سنين، ولمَّا مرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربَّه في زيارة قبر أمه، فأذِنَ له، فبكى وأبكى مَنْ حوله، وقال: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت" [رواه مسلم].

* فلما ماتت أمه، حضنته أم أيمن، وهي مولاته، ورثها من أبيه، وكفله جَدُّه عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العمر ثماني سنين توفي جدّه، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله عزَّ وجلَّ أعزَّ نصر وأتم مؤازرة، مع أنه كان مستمرًّا على شِرْكِهِ إلى أن مات، فخفَّف اللهُ بذلك من عذابه.

فقد صحَّ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو مُنتعلٌ بنعلين يغلي منهما دماغه" [رواه مسلم]، وخرج -صلى الله عليه وسلم- مع عمه إلى الشام في تجارة وله اثنتا عشرة سنة.

طهارته -صلى الله عليه وسلم- وأمانته:
*وقد صان الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- وحماه منذ صغره، وطهَّره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلُقٍ جميل، فلم يعبد صنمًا، ولم يرتكب فُحشًا، ولم يستمع إلى قينة.

ولذلك لم يُعرف بين قومه إلا بالأمين؛ لَـمِا شاهدوه من طهارته وصدق حديثه ووفائه وأمانته، حتى إنه لمَّا أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره -صلى الله عليه وسلم-، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضع الحجر موضعه، فقالت كل قبيلة: نحن نضعُه، حتى كادوا أن يقتتلوا، ثم اتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل عليهم، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أول داخل عليهم، فقالوا: هذا الأمين، فرضوا به، فأمر بثوب، فوضع الحجر في وسطه وأمر كلَّ قبيلة أن ترفع من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر، فوضعه موضعه" [رواه أحمد والحاكم وصححه].

حرب الفجار:
*وشهد -صلى الله عليه وسلم- يوم الفجار وله عشرون سنة، وهو يوم حرب كانت بين قريش وبين قيس عيلان، وسُمِّيَ الفجار لِمَا استحلَّ فيه من المحارم.

زواجه -صلى الله عليه وسلم-:
*تزوجته خديجة بنت خويلد وله خمس وعشرون سنة، ولها من العمر أربعون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهرهُ من شأنه، وما كان يتحلّى به من الصدق والأمانة وحُسن السَّمت، فلمَّا رجع أخبر سيدته بما رأى فرغبت إليه أن يتزوجها.

واستمرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه السيرة الحسنة والأخلاق الجميلة إلى أن أنعم اللهُ عليه بالنُّبوة وكرَّمه بالرّسالة، فصار نبيًّا رسولًا.
*  *  *