منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأحزاب الآيات من 41-45

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأحزاب الآيات من 41-45   سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 25 نوفمبر 2020, 2:16 pm

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أمرنا ربنا سبحانه بذكره ذِكْراً كثيراً؛ لأن الذكْر عمدة العبادات وأيسرها على المؤمن؛ لذلك نجد ربنا يأمرنا به عند الانتهاء من العبادات كالصلاة والصيام والحج، وجعله سبحانه أكبر فقال: (وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ..) (العنكبوت: 45).          

والذكر شغل الذاكرة، وهي منطقة في المخ، قُلْنا: إن المعلومة يستقبلها الإنسان في بؤرة شعوره، فإذا أراد أنْ يحتفظ بها لحين الحاجة إليها حفظها في الحافظة، أو في حاشية الشعور، فأنت مثلاً ترى شخصاً فتقول: هذا الرجل لم أَرَهُ منذ عشرين سنة، وآخر مرة رأيته كان في المكان الفلاني.          

إذن: الذكر لشيء كان موجوداً في بؤرة الشعور، الذكر يعني قضية موجودة عندك بواقع كان لها ساعة وجودها، لكن حصلتْ عنها غفلة نقلتها إلى حاشية الشعور أو الحافظة، بعد ذلك نريد منك ألا تنساها في الحاشية أو في منطقة بعيدة بحيث تحتاج إلى مجهود لتذكرها، إنما اجعلها دائماً في منطقة قريبة لك، بحيث يسهل عليك تذكُّرها دون عناء.          

وكذلك ينبغي أنْ يكون ذكرك لله، فهو القضية الحيوية التي ينبغي أنْ تظلَّ على ذِكْر لها دائماً وأبداً، وكيف تنسى ذكر ربك وقد أخذ عليك العهد، وأنت في عالم الذرِّ، وأخذ منك الإقرار بأنه سبحانه ربُّك، الحق سبحانه خلق العقل ليستقبل المعلومات بوسائل الإدراك، كما قال تعالى: (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل: 78).          

فكأن السمع والبصر هما عُمْدة الحواسِّ، وبهما نعلم ما لم نكُنْ نعلمه حين نزولنا من بطون أمهاتنا، ونحن حين نستقبل المعلومات يظن بعض الناس أن الناس يختلفون في ذلك ذكاءً وبلادةً، فواحد يلتقط المعلومة من مرة واحدة، وآخر يحتاج إلى أنْ تعيدها له عدة مرات.          

والواقع أن العقل مثل آلة (الفوتوغرافيا) يلتقط المعلومة من مرة واحدة شريطةَ أن يكون خالياً ومستعداً لاستقبالها غير مشغول بغيرها؛ لأن بؤرة الشعور لا تسع ولا تستوعب إلا فكرة واحدة، وهذه المسألة تناولناها في قوله تعالى: (مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..) (الأحزاب: 4).          

فالإنسان الذكي هو الذي لا يشغل باله بأمرين في وقت واحد، ولا يفكر في شيء وهو بصدد شيء آخر، فإذا كانت بُؤْرة الشعور خالية فالناس جميعاً سواسية في التقاط المعلومة.          

لذلك، المدرس الموفّق هو الذي يستطيع أنْ يجتذب إليه انتباه التلاميذ، ولا يعطيهم الفرصة للانشغال بغير الدرس، وهذا لا يتأتى إلا بالتلطُّف إليهم وإشراكهم في الدرس بالأسئلة من حين لآخر، ليظل التلميذ متوقعاً لأنْ يسأل فلا ينشغل، لذلك رأينا أن الطريقة الحوارية هي أنجح طرق التدريس، أما طريقة سَرْد المعلومات فهي تجعل المدرس في وادٍ والتلاميذ في وادٍ آخر، كل منهم يفكر في شيء يشغله.          

وسبق أنْ قُلْنا: إن الطالب حين يعلم بأهمية درس من الدروس فيذاكره وهو ذاهب للامتحان وهو يصعد السلم إذا جاءه هذا الدرس يجيب عنه بنصه..           

لماذا؟          

لأنه ذاكره في الوقت الحرج والفرصة ضيقة لا تحتمل انشغالاً ولا تهاوناً، فيلتقط العقل كل كلمة ويُسجِّلها، فإنْ أراد استرجاعها جاءت كما هي..           

لماذا؟          

لأنها صادفتْ العقل خالياً غير مشغول.          

وتأمل عظمة الخالق سبحانه في مسألة التذكُّر، فالذاكرة جزء صغير في المخ، فكيف بالطفل الصغير الذي لا يتجاوز الثامنة يحفظ القرآن كاملاً ويُعيده عليك في أيِّ وقت، ونحن نتعجب من شريط التسجيل الذي يحفظ لنا حلقة أو حلقتين.          

والقرآن ليس حفظاً فحسب، إنما معايشة، فحروف القرآن ملائكة، لكل حرف منه ملك، والملَك يحب مَنْ يودُّه، فإذا كنتَ على صلة بالقرآن تكثر من تلاوته، فكأنك تود الملائكة، فساعة تريد استرجاع ما حفظت تراصتْ لك الملائكة، وجرى القرآن على لسانك.          

فإنْ هجرْته هجرك، وتفلَّت من ذاكرتك؛ لذلك حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هجر القرآن، فقال: "تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشدُّ تفصياً من الإبل في عقلها".

وسبق أنْ قُلْنا: إن الذكر هو العبادة الوحيدة التي لا تكلفك شيئاً، ولا تُعطل جارحة من جوارحك، ولا يحتاج منك إلى وقت، ولا إلى مجهود، وليس له وقت مخصوص، فمَنْ ذكر الله قائماً وذكر الله قاعداً وذكر الله على جَنْبه عُدَّ من الذاكرين -هذا بالنسبة لوضعك- ومَنْ ذكر الله بُكْرة، وذكر الله أصيلاً، أو غدواً وعشياً، أصبح من الذاكرين - هذا بالنسبة للزمان.          

ومن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حْولَ ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثلاثين مرة في اليوم كُتِبَ من الذاكرين، ومَنِ استيقظ ليلاً فأيقظ أهله، وصلَّى ركعتين فهو من الذاكرين.          

إذن: فذِكْر الله مسألة سهلة تستطيع أنْ تذكر الله، وأنت تعمل بالفأس، أو تكتب بالقلم، تذكر الله وأنت تأكل أو تشرب.. إلخ، فذكر الله وإنْ كان أكبر إلا أنه على المؤمن سهل هَيِّن.          

وقوله تعالى: (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب: 42) التسبيح: هو التقديس، والتقديس هو التنزيه، فعن أيِّ شيء نُنزه الله؟          

قالوا: ننزه الله في ذاته، وفي أفعاله، وفي صفاته، فالله تعالى له وجود، ولك أنت وجود، وللنهر وللجبل وجود، لكن وجوده تعالى ليس كوجود ما سواه، وجوده تعالى عن غير عدم، أما وجود ما سواه فوجود عن عدم، هذا في الذات.          

أما في الأفعال، فالله تعالى له فِعْل كما أن لك فعلاً، لكن نزِّه ربك أنْ يكون فعله كفعلك، وهذا ما قلناه في حادثة الإسراء والمعراج، وفي الفرق بين سَرَى وأسرى به، فإذا كان الفعل لله تعالى فلا تنظر إلى الزمن لأنه ليس فعلك أنت، بل فعلْ الله، وفعل الله بلا علاج، إنما يقول للشيء: كُنْ فيكون.          

وقلنا: إنه حتى في طاقات البشر نجد الفعل يأخذ من الزمن على قدر قوة فاعله، فالولد الصغير ينقل في ساعة ما ينقله الكبير في دقيقة، فلو قِسْتَ فعلَ الله بقدرته تعالى وجدت الفعل بلا زمن.          

كذلك نُنزه الله في صفاته، فالله تعالى له سمع نُزِّه أن يكون كسمعك، وله وجه نُزِّه أنْ يكون كوجهك.. إلخ، كل هذا في إطار: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..) (الشورى: 11).          

وحين تستعرض آيات التسبيح في القرآن تجدها كثيرة، لكن للتسبيح طابع خاص إذا جاء في استهلالات السور، ففي أول الإسراء: (سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ..) (الإسراء: 1).          

فبدأت السورة بتنزيه الله لما تحتويه من أحداث عجيبة وغريبة؛ لذلك قال بداية: (سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ..) (الإسراء: 1) فالله له التسبيح والتقديس ثابت قبل أنْ يفعل، وسبحان الله قبل أنْ يوجد المسبِّح، كما أنه تعالى خالق قبل أنْ يوجد مَنْ خلق، فهو بالخالقية فيه أولاً خلق، كما قلنا في الشاعر: تقول فلان شاعر، هل لأنك سمعت له قصيدة أم هو شاعر قبل أن يقولها؟          

هو شاعر قبل أنْ يقولها، ولولا أنه شاعر ما قال: والمتتبع لألفاظ التسبيح في القرآن يجد أنه ثابت لله تعالى قبل أن يخلق المسبِّحين في قوله(سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ..) (الإسراء: 1) ثم بعد أن خلق الله الخَلْق(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ..) (الحشر: 1).          

وما يزال الخلق يُسبِّح في الحاضر: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ..) (الجمعة: 1) فتسبيح الله كان وما يزال إلى قيام الساعة، لذلك يأمر الحق سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومعه أمته ألاَّ يخرج عن هذه المنظومة المسبِّحة، فيقول له: (سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ) (الأعلى: 1).          

وجاء الأمر بذكر الله وبعد الأمر بتسبيحه تعالى، وكأنه يقول لك كلما ذكرته: نزِّهه ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً، فمن مصلحتك في رحلة الحياة ألاَّ يكون لله مثيل ولا شبيه ولا نظير ولا نِدٌّ؛ لأن الجميع سيكونون تحت عَدْله سبحانه، فتنزيه الله لمصلحَتك أنت أيها المسبِّح.          

وسبق أنْ ذكرنا في ذلك قول أهل الريف (اللي ملوش كبير يشتري له كبير) فوجود كبير فوق الجميع يحميك أنْ يتكبر أحد عليك، إذن: عظمته تعالى وكبرياؤه من أعظم النعم علينا، فساعة تُسبِّحه وتُنزِّهه أحمد الله لأنه مُنزَّه، احمد الله أنه لا شريكَ له، وأن الناس جميعاً عنده سواء، احمد الله لأن كلامه وأمره نافذ على الجميع، احمد الله أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وليس بينه وبين أحد من خَلْقه نَسَب.          

وكيف لا نذكر الله ولا نسبّحه ونحمده، وهو سبحانه الذي خلق الخَلْق، وقبل أنْ يخلقهم رتَّب لهم غاياتهم -والخَلْق: إيجاد على تقدير لغاية- بل وأعدَّ لهم ما يخدمهم، فطرأ الإنسان على كون مُعَدٍّ لاستقباله، فقبل أنْ يخلقه خلق له.          

ثم ما كلفك بمنهجه مباشرة، إنما تركك تربع في نعمه، منذ ميلادك إلى سِنِّ البلوغ بدون تكليف، ومعنى البلوغ أنْ تصل سنَّ الرشد فتُقبل على الله بعقل وفكر، فالدين ليس تقليداً إنما عقيدة واقتناع.          

وسبق أنْ شبَّهنا نضج الإنسان بنضج الثمرة، فالثمرة لا تحلو إلا حين تنضج بذرتها، وتصير صالحة للإنبات إنْ زُرعت، وهذه من عظمة الخالق سبحانه، ولو أن الثمرة تحلو وتستوي قبل نُضْج بذرتها لأكلنا الثمار مرة واحدة، ولما انتفع بها أحد بعدنا، ومثَّلْنا لذلك ببذرة البطيخ إن وجدتها سوداء صلبة فاعلم أن ثمرتها استوت وحَلَتْ وصارتْ صالحة للأكل، وهذه المسألة جعلها الخالق سبحانه لحفظ النوع.          

شيء آخر: بعد أن بلغتْ سنَّ التكليف، أجاءك التكليف مستوعباً لكل حركة في حياتك؟          

أجاء قَيْداً لك؟          

حين تتأمل مسائل التكليف تجدها في نطاق محدود أمرك الله فيه بافعل كذا ولا تفعل كذا، وهذه المنطقة لا تشغل أكثر من خمسة في المائة من حركة حياتك، وترك لك نسبة الخمسة والتسعين أنت حُرٌّ فيها، تفعل أو لا تفعل، فأيُّ عظمة هذه! وأيُّ رحمة التي يعاملنا بها ربنا عز وجل! وهذا إنْ دلَ  فإنما يدلُّ على حبِّ الخالق سبحانه لخَلْقه وصنعته.          

أفلا يستوجب ذلك منَّا ألاَّ نغفل عن ذكره، وأن نكثر من تسبيحه وشكره، في كل غدوة وعشية.          

والأعظم من هذا كله أنه -سبحانه و تعالى- جعل ذِكْرك له وتسبيحك إياه لصالحك أنت، وفي ميزانك؛ لذلك قال في الآية التي بعدها: (هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ...).



سورة الأحزاب الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 41-45   سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 25 نوفمبر 2020, 2:17 pm

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

معنى (ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ..) (الأحزاب: 43) الصلاة هي الدعاء، والدعاء لا يكون إلا بطلب الخير للداعي، ولا يدعو إلا قادر على هذا الخير، وعليه كيف نفهم هذا المعنى؟          

أيدعو ربنا نفسه -تبارك و تعالى-؟          

قالوا: إذا كانت نهاية الصلاة طلبَ الخير، وهذا الخير إذا طلب حصل، فالحق سبحانه هو الداعي، وهو الذي يملك مفاتح الخير كله، فهو الذي يُصلِّي عليكم، وهو الذي يعطيكم، وهو الذي يرحمكم.          

وأيضاً يُصلِّي عليكم الملائكة (وَمَلاَئِكَتُهُ..) (الأحزاب: 43) وقد أخبرنا سبحانه عنهم أنهم: (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء: 27).          

وقال: (لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: 6).          

والملائكة أقسام: منهم المكلفون بخدمتنا ومنافعنا في الأرض، ومنهم مَنْ يحفظنا من الأحداث التي قد تفاجئنا بإقدار الله لهم عليها، ومنهم الحفظة والكرام الكاتبون، وهؤلاء الملائكة المتعلقون بنا هم الذين أُمروا بالسجود لآدم عليه السلام في قوله تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر: 29).          

وهذا دليل على أنهم سيكونون في خدمته.          

وكأن الله تعالى قال لإبليس: طلبتُ منك أنْ تسجد لآدم، وطلبت من الملائكة وأنت معهم، فإنْ كنتَ من الملائكة فينبغي أن تستجيب، وإنْ لم تكُنْ من الملائكة وحشرتك بطاعتك في زمرتهم كان يجب عليك أنْ تطيع لأن الأعلى منك سجد.          

وقد أوضحنا هذه المسألة بمثَل، ولله تعالى المثل الأعلى قُلْنا: إذا أعلن في أحد الدواوين الحكومية أن الرئيس سيزور هذا الديوان يوم كذا، وعلى الوزراء أنْ يصطفُّوا لتحيته، ألم يشمل هذا الأمر وكلاء الوزارة من باب أَوْلى؟          

فإذا قال الله للملائكة: اسجدوا لآدم وكان معهم إبليس وهو أقلّ منهم، فكان عليه أنْ يسجد.          

ثم إنْ كنتَ يا إبليسُ أخذتَ منزلة أعلى من الملائكة بالطاعة، فلابُدَّ أنْ تكون طاعتك لله على هذه المنزلة، فأنت مَلُوم على أيِّ حال، إلا أنه كان من الجن، والجن مختار، ففسق عن أمر ربه.          

وهناك نوع آخر من الملائكة لا دخلَ لهم بالإنسان ولا بدنياه، وهم الملائكة العالون أو المهيَّمون، وهم الذين قال الله فيهم لما أبى إبليس أنْ يسجد قال له ربه: (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ) (ص: 75).          

وهؤلاء العالون لم يشملهم الأمر بالسجود؛ لأنهم لا يدرون شيئاً عن آدم، وليس لهم علاقة به، وأخصُّهم حَمَلة العرش وهم أكرم الملائكة، وهؤلاء هم الذين يُصلُّون عليكم بعد أنْ صلَّى الله عليكم؛ لذلك يُبيِّن لنا الحق سبحانه هؤلاء الملائكة ودورهم في الصلاة علينا والاستغفار لنا، فيقول سبحانه: (ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ..) (غافر: 7).          

فهؤلاء هم أخصُّ الملائكة وأكرمهم يُسبِّحون بحمد ربهم ويؤمنون به، لكن ما فائدة (يؤمنون به) بعد أن سبَّحوه؟          

قالوا: لأن التسبيح قد يكون عن خوف ورهبة، أما تسبيح هؤلاء فتسبيح عن حبٍّ وعن إيمان، وأنه سبحانه و تعالى يستحق أنْ يُسبَّح، ومن مهام هؤلاء أيضاً أنهم يستغفرون للذين آمنوا، وإنْ لم تكن لهم علاقة بالناس وليسوا في خدمتهم، إلا أنهم يُصَلُّون عليهم ويستغفرون لهم.          

إذن: نقول الصلاة من مالك الدعوة القادر على الإجابة رحمة وعطف وحنان، والصلاة ممَّنْ دونه دعاء للقادر المالك للخير، فهم يدعون الله للمؤمنين ويستغفرون الله لهم، بل ويبالغون في الدعاء ويتعطَّفون فيه: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ) (غافر: 7).          

بل لم يقفوا عند حَدِّ طلب النجاة للمؤمنين من النار، إنما يطلبون لهم الجنة: (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ) (غافر: 8).          

ثم يزيدون على ذلك: (وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ) (غافر: 9).          

ووالله، لو أراد المؤمن أنْ يدعو لنفسه ما وجد أعمَّ ولا أشمل من دعاء الملائكة له، فبعد أنْ طلبوا له المغفرة والنجاة من النار لم يتركوه هكذا في أهل الأعراف، لا هُمْ في الجنة، ولا هُمْ في النار، إنما سألوا الله لهم الجنة عملاً بقوله تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ..) (آل عمران: 185).          

وهذه المسألة من المسائل التي وقف أمامها المستشرقون، فقالوا: إنها تتناقض مع الحديث النبوي: "ما من يوم تطلع شمسه إلا وينادي ملكان يقول أحدهما: اللهم أَعْط مُنفقاً خَلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْط مُمسكاً تَلَفاً".

، فكيف تقولون: إن الملائكة يدعون للناس بالخير وهم يدعون عليهم بالشر؟          

وهم معذورون في اعتراضهم؛ لأن ملكاتهم لا تستطيع فَهْم المعاني في الحديث الشريف، والتناقض في نظرهم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً"، فالأولى واضحة لا تناقض فيها؛ لأنها دعوة بالخير، أما الثانية فهي دعوة بالشر.          

"اللهم أعْط ممسكاً تلفاً".          

ولو تأملوا نصَّ هذه العبارة لوجدوا فيها الجواب، فالتلف يُعطى أم يؤخذ؟          

المفروض أنه يُؤخذ، فحين يقول رسول الله: "اللهم أعط ممسكاً تلفاً" فاعلم أنه عطاء لا أَخْذٌ وإن كان في ظاهره تلفاً، والمعنى أن شيئاً شغلك وفتنك فتصيبك فيه مصيبة تخلصك منه فتعود إلى ربك، إذن: هو أَخْذ في الظاهر عطاء في الحقيقة.          

ثم يبيّن لنا الحق سبحانه العلَّة في صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين، فيقول (لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ..) (الأحزاب: 43) فكأن منهج الله بافعل ولا تفعل هو أول صلاة الله علينا؛ لأنه الوسيلة التي تُخرجنا من الظلمات إلى النور، وجاء هنا بالشيء الحسِّيِّ لنقيس عليه المعنوي، فأنت في النور ترى طريقك وتهتدي إلى غايتك بلا معاطب، أمَّا في الظلام فتتخبط خُطَاك وتضلّ الطريق في الظلام، تسير على غير هُدى، وعلى غير بصيرة، فتحطم الأضعف منك، ويُحطِّمك الأقوى منك.          

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُوجِّهنا حين ننام بالليل أنْ نطفىء المصابيح فيقول: "وأطفئوا المصابيح إذا رقدتم" وقد أثبت العلم أن للأنوار المضاءة أثناء النوم تأثيراً ضاراً على صحة الإنسان، وأنه لا يرتاح في الضوء الراحة التامة لما يصيبه أثناء النوم من إشعاع الضوء، كما حذرونا أيضاً من التعرُّض لأضواء التليفزيون مثلاً.          

إذن: للنور مهمة، وللظلمة مهمة - هذا في الحسِّيات.          

كذلك منهج الله بافعل ولا تفعل هو النور المعنوي الذي يقيك العطب، ويمنحك الإشراقات التي تهتدي بها في دروب الحياة، لذلك قال تعالى بعدها: (وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (الأحزاب: 43).          

لكن إنْ كان سبحانه رحيماً بالمؤمنين، فما بال الكافرين؟          

قالوا: هو سبحانه بالكافرين رحمن، فالله تعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة؛ لأن رحمن الدنيا يعني أن خيره يعُمُّ الجميع المؤمن والكافر، والطائع والعاصي، أما في الآخرة فتتجلَّى صفة الرحيم؛ لأن رحمته في الآخرة تخصُّ المؤمنين دون غيرهم.          

والحق سبحانه حين يقول: (ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ..) (النور: 35) لا يعني هذا وَصْفاً لذاته سبحانه، إنما يعني أنه سبحانه نور السماوات والأرض أي: مُنوِّرهما كما نقول: المصباح نور المسجد.          

وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بقول أبي تمام في مدح المعتصم:
إقْدَامُ عَمروٍ في سَمَاحةِ حاتم في حِلْم أحنْفَ في ذَكَاءِ إيَاسِ

وعمرو مضرب المثل عند العرب في الشجاعة، وحاتم في الكرم، وأحنف بن قيس في الحِلْم، وإياس بن معاوية في الذكاء، فقام إليه أحد الحاضرين وقال له -وكان حاقداً عليه-: أمير المؤمنين فوق ما تقول، أتُشبِّهه بأجلاف العرب؟          

وأنشأ يقول:
وشبَّهه المدَّاح في البَأسِ والنَّدَى بمَنْ لوْ رآهُ كَانَ أصْغر خَادِمِ
فَفِي جَيْشهِ خَمْسونَ ألْفاً كعنْتر وفي خُزَّانِهِ أَلْفُ حَاتِمِ

عندها أطرق أبو تمام هُنيهة، ثم قال:
لاَ تُنكِرُوا ضَرْبي له مَنْ دُونَهُ مَثَلاً شَرُوداً في النَّدَى والبَاسِ
فَاللهُ قَدْ ضَربَ الأقلّ لِنُورِهِ مثَلاً من المشْكاةِ والنِّبراسِ

إذن: فالنور المعنوي يُجنّبك العطب المعنوي، كما أن النور الحسيَّ يُجنِّبك العطب الحسِّيَّ؛ لذلك قال سبحانه عن نوره: (نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ..) (النور: 35) يعني: نور حِسّيّ يقيكم المعاطب الحسية، ونور معنوي يقيكم المعاطب المعنوية: (يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ..) (النور: 35) والمراد به هنا النور المعنوي الذي يهتدي به المؤمن ويسير عليه، أما الكافر فهو لا يعرف إلا النور الحسيَّ فقط.          

فإنْ سألت: فأين نجد هذا النور يا رب؟          

يُجيبك ربك: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ..) (النور: 36-37).          

فإنْ أردتَ النور الحق فهو في خَلْوتك مع ربك وفي بيته، حيث تتجلَّى عليك إشراقاته ويغمرك نوره.          

وقبل أن نترك مسألة صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين نذكر صلاتنا نحن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، عملاً بقوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (الأحزاب: 56).          

فالصلاة من الله تعالى تعني الحنان والرحمة والعطف، والصلاة من الملائكة تعني الدعاء والطلب من الذي يملك، أما الصلاة منا نحن على سيدنا رسول الله، فلبعض يظن أنها دعاء منا لرسول الله، وهي ليست كذلك؛ لأنك تقول في الصلاة على رسول الله: اللهم صَلِّ على محمد، فأنت لا تصلي عليه -صلى الله عليه وسلم-، إنما تطلب من الله تعالى أنْ يصلي عليه، لكن كيف تطلب من الله أن يصلي على رسوله؟          

قالوا: لأن كل خير ينال الرسول منثور على أمته.          

والحق سبحانه و تعالى لم يدع محمداً يصلي عليه كل مَنْ آمن به، ثم لا يرد رسول الله عليه هذه التحية بصلاة مثلها، فقال سبحانه: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ..) (التوبة: 103) وكأنها رَدٌّ للتحية ولصلاة المؤمنين على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.          

ثم يقول الحق سبحانه: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ...).



سورة الأحزاب الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 41-45   سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 25 نوفمبر 2020, 2:19 pm

تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (٤٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الكلام هنا عن الآخرة، وهذه التحية، وهذا السلام ليس منا، ولكن من الله، كما قال في موضع آخر: (سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) (يس: 58).          

فالرحمة التي ننالها، والعطف والحنان من الله لنا في الدنيا يعني: سداداً في حركة الحياة، واستقامة في السلوك، وراحةً للبال، واطمئناناً للنفس، لكن مع هذا لا تخلو الدنيا من مُنغِّصات وأحداث تُصيبك، أما رحمة الله في الآخرة فهي سلام تام لا يُنغِّصه شيء، والإنسان أيضاً يتمتع بنعم الله في الدنيا، لكن يُنغِّصها عليه خشية فواتها.          

أما في الآخرة فيتمتع متعة خالصة، لا ينغصها شيء، فالنعمة دائمة باقية لا يفوتها ولا تفوته، لقد كان في الدنيا في عالم الأسباب وهو الآن في الآخرة مع المسبِّب سبحانه الذي يقول: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16).          

لكن، ما المراد بقوله تعالى: (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ..) (الأحزاب: 44) أيوم القيامة للثواب، أَمْ يوم يلقوْنَهُ بالموت وبانتهاء الحياة، كما نقول مثلاً في الموت: فلان لقي ربه؟          

قالوا: المؤمن لا يأتيه مَلَك الموت إلا إذا سلَّم عليه أولاً قبل أن يقبض روحه، فإذا سلم عليه فهذا يعني أنه من أهل السلام، وهذه أول مراتبه.          

وقد يكون المراد السلام التام الذي يَلْقاه المؤمن يوم القيامة حيث يجد سلاماً لا مُنغِّصات بعده.          

لذلك نجد أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يعاني سكرات الموت تقول له السيدة فاطمة لما رأتْ ما يعانيه: واكرباه يا أبتاه، فيقول لها "لا كرب على أبيك بعد اليوم" فأيُّ كرب على رسول الله بعد أن ينتقل إلى جوار ربه، إلى السلام النهائي الذي لا خوفَ بعده.          

ثم يقول سبحانه: (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (الأحزاب: 44) فوصف الأجر نفسه بأنه كريم، والذي يُوصَف بالكرم الذي أعدَّ الأجر، فوصف الأجر بأنه كريم يعني أن الكرم تعدَّى من الرب سبحانه الذي أعده إلى الأجر نفسه، حتى صار هو أيضاً كريماً.          

ومثال ذلك قوله تعالى: (وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً) (الأحزاب: 31) فتعدَّى الكرم من الرازق إلى الرزق؛ لأن الرزق في الدنيا له أسباب بأيدي الخَلْق، لكن الرزق في الآخرة يأتيك بلا أسباب، وليس لأحد فيه شيء، ولماذ لا يُوصَف بالكرم وهو يأتيك دون سَعْي منك، وبمجرد الخاطر تستدعيه فتراه بين يديك.          

ثم يقول الحق سبحانه: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ...).



سورة الأحزاب الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 41-45   سورة الأحزاب الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 25 نوفمبر 2020, 2:20 pm

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (٤٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الشاهد: هو الذي يؤيد ويُثبِّت الحق لصاحبه؛ لذلك يطلب القاضي شهادة الشهود ليأتي حكمه في القضية عن تحقيق وبيِّنة ودليل؛ لذلك يقولون إن القاضي لا يحكم بعلمه، إنما بالبينة حتى إنْ علم شيئاً في حياته العامة، ثم جاء أمامه في القضاء يتركه ويتنحَّى عنه لقاضٍ آخر يحكم فيه حتى لا يبني حكمه على علمه هو.          

وحين تتأمل هذه المسألة تجد أن الله تعالى يريد أنْ يُوزِّع مسئولية الحكم على عدة جهات، حتى إذا ما صدر الحكم يصدر بعد تدقيق وتمحيص وتصفية لضمان الحق.          

فنرى مثلاً إذا حدثتْ حادثة نذهب إلى القسم لعمل (محضر) بالحادث، (المحضر) يحيله ضابط الشرطة إلى النيابة، فتحيله النيابة للقاضي ليحكم فيه، ثم يُعَاد مرة أخرى للسلطة التنفيذية ليُنفَّذ، كل هذه الدورة يُراد بها تحري الحق ووضعه في نصابه.          

فما بالك إذا كان الحق سبحانه هو الذي يشهد، وهو الذي يحكم، وهو الذي يُنفِّذ الحكم؟          

لا شكَّ أن العدالة هنا ستكون عدالة مطلقة.          

فإنْ قلتَ: إذن عَلاَم يشهد رسول الله؟          

قالوا: يشهد رسول الله أنه بلَّغ أمته، كما يشهد الرسل جميعاً أنهم بلَّغوا أممهم كما قال سبحانه: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً) (النساء: 41).          

إذن: كل رسول شهيد على أمته، وأنت شهيد على هذه الأمة أنك قد بلَّغتها، لكن ميْزتُك على مَنْ سبقك من إخوانك الرسل أن تكون خاتمهم، فلا نبيَّ بعدك؛ ولذلك سأجعل من أمتك من يخلف الأنبياء الذين يأتون بعد الرسل في مهمتهم.          

لذلك جاء في الحديث الشريف قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل".

إذن: ضمن الحق سبحانه في أمة محمد أنْ يوجد فيهم مَنْ يقوم بمهمة الأنبياء في البلاغ، وهذا معنى: (لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ..) (البقرة: 143).          

وكلمة الناس هنا عامة، تشمل آدم عليه السلام وذريته إلى قيام الساعة، فإنْ قلتَ كيف؟          

نقول: يشهدون على الناس بشهادة القرآن أن الرسل قد بلَّغَتْ أممها، هذا بالنسبة لمن مضى منهم، أما مَنْ سيأتي فأنتم مطالبون بأن تشهدوا عليهم أنكم قد بلَّغتموهم، كما يشهد عليكم رسول الله أنه قد بلَّغكم.          

إذن: فأمة محمد أخذت حظاً من النبوة، وهو أنها ستُسْتدعى وتشهد على الناس.          

لذلك يُعِدّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته لهذه المهمة، فيقول: "نضَّر اللهُ امرءاً، سمع مقالتي فوعاها، ثم أدَّاها إلى مَنْ يسمعها، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع".

واقرأ أيضاً في ذلك قول الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً..) (البقرة: 143).           

لماذا؟          

(لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً..) (البقرة: 143) فهذه الأمة في الوسط، بحيث لا إفراط ولا تفريط، وما أشبهها بالميزان الذي لا تميل كفة عن الأخرى إلا بما يُوضعَ فيها، فهي كالميزان العادل الذي لا يميل هنا أو هناك.          

وقوله سبحانه (وَمُبَشِّراً..) (الأحزاب: 45) لمن استجاب لك بثواب الله، والبشارة هي الإخبار بالخير قبل أوانه (وَنَذِيراً) (الأحزاب: 45) أي: منذراً لمن لم يُصدقك بعقاب الله، والإنذار هو التخويف بشرٍّ لم يأْت أوانه (وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ..) (الأحزاب: 46) أي: بأمر منه، لا تطَوُّعاً من عندك، فقد يأتي زعيم من الزعماء أو مصلح من المصلحين بمنهج أو بأفكار من عنده ويبثُّها في مجتمعه.          

فقوله تعالى: (بِإِذْنِهِ..) (الأحزاب: 46) يبين الفرق بين الرسول والمصلح من البشر، فهذا الذي جاء به محمد من عند الله، وما بلَّغكم به إلا بأمر الله.          

ويُشترط فيمَنْ يدعو إلى منهج الخير ثلاثة شروط: الأول: ألاَّ ينتفع بشيء مما يدعو إليه، وهذا لا يوجد في بشر أبداً، وقد رأينا: حينما قنَّنَ الرأسماليون غَبَنُوا العمال، وحينما قنَّنَ الاشتراكيون غبنوا الرأسماليين.. وهكذا.          

وذلك لأن البشر لهم أهواء مختلفة متعددة، وكلٌّ يريد أنْ يُقنِّن على هواه، وبما يخدم مصالحه، يريد أنْ يُسخِّر غيره لخدمة هواه، وبعد فترة قد تطول تفضحهم التجارب، ويفضحهم الواقع، وتُظهِر لهم أنفسهم مساوىء ما قنَّنُوا حتى يثوروا هم على قوانينهم، وينتفضوا على أنفسهم، ويعودوا إلى تعديل هذه القوانين.          

الشرط الثاني: أن يكون على علم بالأحداث المحتملة بعد أنْ يُقنِّن، وألاَّ تغيب عنه جزئية من جزئيات الموضوع، فيحتاج إلى تعديل القانون أو الاستدراك عليه.          

ثالثاً: يُشترط فيمَنْ يُقنِّن أن يكون حكيماً فيما يُقنِّن، بحيث يضع الأمر في موضعه، فلا ينصف جماعة على حساب أخرى، وأن يكون الجميع أمامه سواء.          

وحين تتأمل هذه الشروط الثلاثة تجدها لا تتوفر إلا في الحق سبحانه و تعالى، إذن: ينبغي ألاَّ ييُقنِّن للبشر إلا ربُّ البشر، وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بمثال من المحسوسات، فالناس في الظلمة يحتاجون لبعض النور؛ ليهتدوا به إلى قضاء مصالحهم في الليل، فينير كلٌّ منا ليله بما يناسبه من وسائل الإضاءة، فواحد يشعل شمعة، وآخر لمبة (نمرة خمسة) وآخر لمبة (نمرة عشرة)، وبعد ما استخدمنا الكهرباء رأينا اللمبة العادية والفوروسنت والنيون والكرستال.. إلخ.          

إذن: أنتم تنيرون ظلمتكم على قدر إمكاناتكم، فإذا ما أشرقتْ شمس الصباح، أَتُبْقون على هذه الأنوار؟          

لا بل يطفىء الجميع أنواره؛ لأن نور الشمس يأتي على قدر إمكانات خالقها عز وجل، لذلك نقول: أطفئوا مصابيحكم، فقد طلعت شمس الله، فإذا كان ذلك في النور الحسيِّ فهو أيضاً ومن باب أَوْلَى في النور المعنوي، فإذا جاءك نور التشريع ونور المنهج من الله، فأطفىء ما عداه من تشريعات ومناهج.          

وقوله تعالى: (وَسِرَاجاً مُّنِيراً) (الأحزاب: 46) شبّه الحق سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالسراج، ولا تستقلّ هذا الوصف في حقِّ رسول الله، فليس معنى السراج أنه كالسراج الذي يضيء لك الحجرة مثلاً، إنما هو كالسراج الذي قال له عنه: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً) (النبأ: 13) والمراد: الشمس.          

فإذا قُلْتَ: فلماذا لم يُوصَف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه شمس، وقد قال تعالى عنها: (هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً..) (يونس: 5).          

والشمس أقوى من السراج؟          

قالوا: الكلام هنا كلام ربٍّ والأسلوب دقيق معجز، صحيح أن الشمس تنير الدنيا كلها، إنما أمة محمد مُكلَّفة أن تقوم بدعوته من بعده، فكأن رسول الله سراج، والسراج تأخذ منه النور دون أنْ ينقص نورُه، لكن لا تستطيع أنْ تأخذ من الشمس.          

وحين سطعتْ أنوار الهداية على لسان رسول الله محمد لم يَعُدْ للشرائع الأولى أنْ تتدخل على حدِّ قول المادح:
كَأنَّكَ شَمْسٌ والملُوكُ كَواكِبُ إذَا طلعَتْ لم يَبْدُ مِنْهُنَّ كوكَبُ

ثم يقول الحق سبحانه: (وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ...).



سورة الأحزاب الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأحزاب الآيات من 41-45
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأحزاب الآيات من 31-35
» سورة الأحزاب الآيات من 36-40
» سورة الأحزاب الآيات من 66-70
» سورة الأحزاب الآيات من 26-30
» سورة الأحزاب الآيات من 21-25

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأحزاب-
انتقل الى: