منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأحزاب الآيات من 01-05

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأحزاب الآيات من 01-05   سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 11:55 am

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Untit278

خواطر فضيلة الشيخ:
محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)

(نال شرف التنسيق لهذه السورة الكريمة: أحمد محمد لبن)

http://ar.assabile.com/read-quran/surat-al-ahzab-33

سورة الأحزاب

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)


قوله تعالى: (يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ..) (الأحزاب: 1) نداء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمنادي هو الحق سبحانه، رسول الله لقبه، واسمه محمد، واسمه أحمد كما ذُكر في القرآن، والإنسان حين يُولَد يُوضع له اسم يدل على مُسمَّاه، بحيث إذا أطلقه الواضع انصرف إلى المُسَمَّى، والقوم الذين سُمُّوا لهم محيط يُعرفون فيه، وغيرهم بنفس الأسماء لهم محيط آخر، فمحمد هذا المحيط غير محمد هذا المحيط.


وتعريف الإنسان يكون بالاسم أو بالكُنْية أو باللقب، فالاسم هو العلم الذي يُوضع لمسمّى ليُعلَم به ويُنادَى به، ويُميّز عن غيره، أما الكنية فاسم صُدِّر بأب أو أم كما نقول: أبو بكر، وأم المؤمنين، فإنْ سُمِّي به بدايةً وجُعِل عَلَماً على شخص فهو اسم، وليس كنية، أما اللقب فما أشعر برفعة أو ضِعةً كما تقول: فلان الشاعر أو الشاطر.. إلخ.


فإذا أُطِلق الاسم الواحد على عدة مسميات، بحيث لا تتميز بعضها عن بعض وجب أنْ تُوصَف بما يميزها كأسرة مثلاً عشقتْ اسم محمد فسمَّتْ كل أولادها (محمد) فلابُدَّ أن نقول: محمد الكبير، محمد الصغير، محمد الأوسط.. إلخ.


ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- له اسم وكُنْية ولقب، أما اسمه فمحمد وقد ورد في القرآن الكريم أربع مرات:


(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ..) (آل عمران: 144).


(مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ..) (الأحزاب: 40).


(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ..) (الفتح: 29).


(وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ..) (محمد: 2).


وورد باسم أحمد في موضع واحد هو: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ..) (الصف: 6) وسبق أنْ تكلَّمنا في علة هذه التسمية.


أما كنيته: فأبو القاسم، ولقبه: رسول الله.


وهكذا استوفى سيدنا رسول الله العَلَمية في أوضاعها الثلاثة: الاسم، والكُنْية، واللقب.


واللقب يضعه أيضاً الأب أو الأم أو الناس المحيطون بالإنسان، إما يدل على الرفعة تفاؤلاً بأنه سيكون له شأن، أو يدل على الضِّعَة، وهذه في الغالب تحدث في الأولاد الذين يُخاف عليهم العين، فيختارون لهم لقباً يدل على الحِطّة والضِّعة وما أشبهه (بالفاسوخة) يُعلِّقونها على الصغار مخافة العين.


أما لقب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد اختاره له ربه عز وجل، وطبيعي أنْ يأتي لقبه -صلى الله عليه وسلم- مُشْعِراً برفعة أيُّما رفعة، فهي ليست عند الخلق فحسب، إنما رفعةَ عند الخالق، فلما وُلِد رسول الله أسماه جده بأحب الأسماء عنده، وقال: سمَّيْته محمداً ليُحمد في الأرض وفي السماء.


ولما وُلِد القاسم كُنِّي به رسول الله فقيل: أبو القاسم، فلما اختاره الله للرسالة وللسفارة بينه تعالى وبين الخَلْق لقّبه برسول الله وبالنبي، وهذان اللقبان على قدر عظيم من الرفعة لو جاءت من البشر، فما بالك وهي من عند الله، فأنت حين تضع المقاييس تضعها على قَدْر معرفتك وإمكاناتك.


فالرسول -صلى الله عليه وسلم- رسول الله ونبي الله بمقاييس الله، فهو إذن مُشرّف عندكم، مُشرَّف عند مَنْ أرسله و: (ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ..) (الأنعام: 124).


فأحبُّ شيء في الإعلام برسول الله أن نقول: محمد، أو أبو القاسم، أو رسول الله، أو النبي، والحق سبحانه حين نادى رسوله -صلى الله عليه وسلم- لم يُنَاده باسمه أبداً، فلم يقُلْ يا محمد، إنما بلقبه الذي يُشعر برفعته عند الحق سبحانه، فقال في ندائه: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ..) (الأنفال: 65)، (يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ..) (المائدة: 41).


ولو تتبعت نداء الله للرسل من لَدُنْ آدم عليه السلام لا تجد رسولاً نُودِي بغير اسمه إلا محمد -صلى الله عليه وسلم-.


أما لفظ (محمد) فقد ورد في القرآن، لكن في غير النداء، ورد على سبيل الإخبار بأن محمداً رسول الله.


وحتى في الإخبار عنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر الله عنه بلقبه: (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ..) (التوبة: 128).


وقال: (وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (الفرقان: 30).


إذن: في النداء استقل بيا أيها النبي، ويا أيها الرسول، أما في الإخبار فلابُدَّ أنْ يذكر اسمه (محمد رسول الله)، وإلا فكيف يعرف أنه رسول الله؟


فيخبر به أولاً اسماً ومُسمّى.


ونُودِي -صلى الله عليه وسلم- بيٰأيها النبي، ويٰأيها الرسول تعظيماً له -صلى الله عليه وسلم-، ونحن حين نريد أنْ نُعظِّم مَنْ ننادي نسبق الاسم بمقدمات، نقول: يا سيدي فلان، يا فضيلة الشيخ، يا صاحب العزة.. إلخ.


وقد تقدمتْ (أَيُّهَا) على المنادي هنا؛ لأن الاسم المنادى المحلَّى بأل لا يُنادى مباشرة إلا في لفظ الجلالة (الله) فنقول: يا الله، فكأن الحق سبحانه توحَّد حتى في النداء، هذا في نداء المفرد.


والحق سبحانه نادى رسوله بيٰأيها النبي، ويٰأيها الرسول، الرسول هو سفير بين الله وبين خَلْقه؛ ليُبلغهم منهجه الذي يريد أنْ تسير عليه حياتهم فالرسول مُبلِّغ، أما النبي فمُرْسَل أيضاً من قِبلَ الحق سبحانه، لكن ليس معه شرع جديد، إنما يسير على شرع مَنْ سبقه من الرسل، أما فهو فقدوة وأُسْوة سلوكية لقومه.


ومحمد -صلى الله عليه وسلم- جمع الأمرين معاً، فهو نبي ورسول له خصوصيات أُمِر بها، ولم يُؤْمَر بتبليغها -وهذه مسائل خاصة بالنبوة- وله أمور أخرى أُمِر بها، وأُمِر بتبليغها.


ومعلوم من أقوال العلماء أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول بالمعنى الاصطلاحي، وإلا فَهُم جميعاً مُرْسَلون من قِبَل الله.


وكلمة (النبي) مأخوذة من النبأ وهو الخبر الهام، فالخبر يكون من البشر للبشر، فإنْ كان من خالق البشر فهو نبأ أي: أمر عظيم ينبغي الاهتمام به، وأصْله من النَّبْوَة، وهي الشيء العالي المستدير في وسط شيء مسْتَوٍ.


فحين تقول: رأيتُ فلاناً اليوم، هذا لا يُسمَّى نبأ إنما خبر؛ لذلك قال سبحانه: (عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ) (النبأ: 1-2) أي: الخبر الهائل الذي هزَّ الدنيا كلها، وملأ الأسماع، وزلزل العروش.


ثم يقول سبحانه مخاطباً نبيه -صلى الله عليه وسلم- (ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) سبق أنْ قُلْنا: إن الكلام العربي مُقسَّم إلى خبر وإنشاء، فالخبر نسبة كلامية كانت قبل النطق بها نسبة ذهنية، وبعد النطق بها كلامية، فإنْ كان لها معنى ومدلول فهي نسبة واقعية، والخبر هو القول الذي يُوصَف بالصدق إنْ طابق الواقع، ويُوصَف بالكذب إن خالف.


أما الإنشاء فهو مقابل الخبر يعني: قوْلٌ لا يُوصَف بصدق ولا بكذب، كأن تقول لإنسان: قِفْ، فهذا أمر لا يقال لقائله: صادق، ولا كاذب.


فقوله تعالى لنبيه: (ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) هذه نسبة كلامية من الله لرسوله، ليحدث مدلول هذا الأمر، وهو التقوى، لكن أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير تقي حتى يأمره ربه بالتقوى؟


نقول: ليس بالضرورة أنْ يكون الرسول عصى، فيأمره الله بتقواه، لكن الحق سبحانه ينشئ مع رسوله كلاماً بداية دون سابقة عصيان.


أو: أنه الأمر الأول بالتقوى كما تقول لولدك في بداية الدراسة: اجتهد وذاكر دروسك، وأنت تعرف أنه مجتهد، لكن لابُدَّ من تقرير المبدأ في بداية الأمر.


ثم إن الحدث يحدث في أزمنة ثلاثة: ماضٍ وحال ومستقبل، فإذا طلب من شخص فعل شيء هو مقيم عليه بالفعل كقوله تعالى: (يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ) (النساء: 136).


فالحق سبحانه يأمرهم بالإيمان، مع أنه وصفهم وخاطبهم بلفظ الإيمان؛ لأن المعنى: أنتم آمنتم قبل أنْ أُكلمكم، وهذا الإيمان السابق لكلامي ماضٍ، وأنا أريد منكم أنْ تُحدِثوا إيماناً جديداً، حالاً ومستقبلاً، أريد أنْ تُجدِّدوا إيمانكم، وأنْ تستَمروا عليه.


فمعنى (يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) أي: واصل تقواك حالاً، كما فعلتها سابقاً، وواصلها مستقبلاً، فلا تنقطع عنها أبداً.


أو: أن تقوى الله أمر يلصق الإنسانَ بربه، والله كلَّف بأشياء، ثم أباح لك من جنس التكليف أشياء، فإذا قال الله لرسوله (ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) فهي غير قوله لنا: اتقوا الله، فالأمر لنا نحن بالتقوى، أي: نفِّذ ما فُرِض عليك، أما في حق رسول الله فهي بمعنى: ادخل في مقام الإحسان، وجدِّده دائماً؛ لأن مراقي القبول من الله لا تنتهي، كما أن كمالات العطاء في الله لا تنتهي.


لذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "من استوى يوماه فهو مغبون".


أي: من استوى يومه مع أمسه في قُرْبه من الله فهو خاسر..


لماذا؟


لأنه ينبغي للمؤمن أنْ يزيد في قُرْبه وفي مودته، وعلاقته بالله يوماً بعد يوم؛ لأن نِعَم الله عليك متوالية تستوجب شكراً متوالياً، وحمداً دائماً.


كما أن الحق سبحانه لا يكتفي من رسوله بما يكتفي به من سائر الخلق، إذن: فالتقوى بالنسبة لرسول الله غير التقوى بالنسبة لسائر الخَلْق، التقوى في حق رسول الله مجالها أوسع، وللرسول مع الله فيوضات لا تنتهي.


لذلك حين يناديك ربك للصلاة في كل يوم خمس مرات، فاعلم أن فضله عليك غير مكرر، بل فضله متجدد، فعطاؤه لك في الظهر غير عطائه لك في العصر، غير عطائه لك في المغرب، وهكذا تكون التقوى عملاً متواصلاً ممتداً.


ولذلك يحذرنا أهل الخير أن نداوم مع الله في شيء من الطاعة، ثم نقصر عنها، كذلك يحذرنا الشرع أنْ ننذر لله ما لا نستطيع الوفاء به، لأنك بالنذر تفرض على نفسك الطاعة، فأجمِلْ بك أنْ تظل في مقام التطوع، إنْ خفّت نفسك للطاعة أدِّها، وإنْ قصُرت فلا شيء عليك.


وكونك تفرض على نفسك شيئاً من الطاعات من جنس ما فرض الله عليك.


يعني: أنك أحببتَ الطاعة وحَلَتْ لك العبادة، حتى زدتَ الله منها، فقلت مثلاً: نذرتُ لله أن أصلي من الركعات كذا، أو أتصدَّق بكذا من المال؛ لأنك رأيتَ في الصلوات الخمس إشراقات وفيوضات من الله فزدْتَ منها.


والحق سبحانه يطلب منا حين ينادينا للصلاة أنْ نسعى للمسجد، مع أن الأرض كلها مسجد وكلها طهور، لكن المسجد خُصِّص للصلاة، فينبغي أنْ تُؤدَّى فيه، وأنت في صلاة ما دُمْتَ تسعى للصلاة، فمَنْ كان بعيد البيت عن المسجد عليه أنْ يأتي الصلاة في سكينة ووقار، ولا يخرج عن هذا السَّمْت حتى وإنْ تأخر عن تكبيرة الإحرام.


وقد ورد في حديث سيدنا رسول الله: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فأتموا".


وهناك مطلوب إيمان ومطلوب إحسان: مطلوب الإيمان هو ما فرضه الله عليك، وجاء في الحديث القدسي: "ما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إلىّ مما افترضته عليه".


فإنْ أردتَ أن تتقرب إلى الله فتقرَّب إليه بما يحب، ومن جنس ما فرضه عليك، فالله أمرك بصلاة وصيام وزكاة، فإنْ حَلَتْ لك هذه العبادات فزدْ منها فوق ما فرضه الله عليك، وحين تزيد اعرف أنه مسَّتْكَ نورانية الإشراق في العبادة فقلت: الله يستحق مني فوق ما كلَّفني، وهذا هو مقام الإحسان.


وسبق أنْ تحدثنا عن هذا المعنى في قوله تعالى: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات: 15-18).


وهل فرض الله على عبده ألاَّ يهجع إلا قليلاً من الليل؟


لا بل لك أنْ تُصلي العشاء، وتنام حتى صلاة الفجر، كذلك في الاستغفار، أما الذي لا يهجع من الليل إلا قليلاً ويقوم في السَّحَر للاستغفار، فلابُدَّ أنه حَلَتْ له العبادة، وحلا له الوقوف في حضرة ربه -عز وجل- فدخل في مقام الإحسان.


ثم الإحسان نوعان: إحسان كم، وإحسان كيف، إحسان الكم بأنْ تزيد على ما فُرِض عليك، فتصلي فوق الفرض وتُزكِّي فوق الفرض، أما إحسان الكيف فبأنْ تخلص في عبادتك لله، وأنْ تعبد الله كأنك تراه، فإنْ لم تكُنْ تراه فإنه يراك يعني: إذا لم يكُن لديك الإشراق والشفافية التي تريك الله، فلا أقلَّ من أنْ تعبده على أنه يراك.


وساعة تدخل في مقام الإحسان فأنت حرٌّ إذن فيما تقدم من الإحسان، كما قال سبحانه: (مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ..) (التوبة: 91) على حسب ما تخفّ نفسك للطاعة، خفَّتْ لخمس ركعات، خفَّتْ لعشر، خفَّت لخمسة بالمائة في الزكاة، خفَّتْ لعشرة.. إلخ أنت حر.


ألا ترى أن الحق سبحانه لما تكلم عن هذا المقام قال: (وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 19) أما في الزكاة المفروضة فقال: (وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ) (المعارج: 24).


إذن (يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) أي: تقوى تناسب مقامك من ربك؛ لأن عطاءات الله سبحانه لا تتناهى، كما أن كمالاته لا تتناهى، لذلك كان سيدنا رسول الله يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ولما سألته السيدة عائشة: تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك؟


قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً".


يعني: العبادة لا تكون لمجرد الثواب والمغفرة، إنما هناك درجات وارتقاءات أخرى.


والتقوى: قلنا أنْ تجعل بينك وبين ما يمكن أنْ ينشأ منه ضرر لك وقاية، لكن كيف نجعل بيننا وبين ربنا سبحانه وقاية، ومهمة التقوى أن تندمج مع الله في معيته؟


هذا في حق مَنْ يتحكم جيداً في نفسه، ويحملها على منهج الله.


قالوا: لأن لله تعالى صفات جلال وصفات جمال، ولكل صفة منها مطلوب، فالله تعالى غفور رحيم، وهو أيضاً سبحانه القهار الجبار المنتقم، الله سبحانه هو الضار وهو النافع، إذن: فصفات الجمال هي التي تُؤتِي الإنسان الخير الذي يحبه، وصفات الجلال هي التي تتسلط على مَنْ يخالف.


فعلى العبد دائماً أنْ يظل خائفاً من صفات الجلال راجياً صفات الجمال.


إذن: تقوى الله تكون بأنْ تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية؛ لأنك لستَ مطيقاً لهذه الصفات، ولا تطيق مسَّة خفيفة من النار، وهي جند من جنود الله فاحذرها.


وعرفنا في مسألة الشفاعة أن الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما، وأن الله يُشفِّع بعض المؤمنين، ويُشفِّع الأنبياء والملائكة، ثم بعد ذلك تبقى شفاعة أرحم الراحمين، فكيف يشفع الله عند الله؟


قالوا: أي تشفع صفات الجمال عند صفات الجلال، فحين يذنب العبد ذنباً تتسلط عليه صفات الجلال لتعاقبه، فتتصدى لها صفات الجمال، وتشفع عندها لتسقط ما لها عنده من حق.


ثم يقول سبحانه مخاطباً رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) فهل حين يتقي رسول الله ربه أيطيع الكافرين والمنافقين؟


قالوا: جمع القرآن بين الأمر بالتقوى والنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين على الالتزام، تقول: أكرم فلاناً وفلاناً أيضاً، فلم تقل لا تكرم إلا فلاناً، إذن: فعطف لا تُطع الكافرين والمنافقين على (ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) بالالتزام.


والنبي -صلى الله عليه وسلم- حينما جاء جاء على نظام كوني أعده الله تعالى لخَلْقه، وحين خلق الله الخَلْق أخذ على الإنسانية كلها بكل أفرادها من آدم إلى أن تقوم الساعة - أخذ عليهم العهد(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ..) (الأعراف: 172) فشهدوا لله تعالى قبل أنْ تتهيأ لهم المعاصي والشهوات.


فإذا أصابت الناسَ غفلةٌ أو نسُوا هذا العهد بعث الله لهم من رسله مَنْ يُذكِّرهم؛ لذلك خُوطِب النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله تعالى: (إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ..) (الرعد: 7).


وقال سبحانه عن الرسل: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ..) (النساء: 165) يعني: ليسوا منشئين تقوى وطاعة، إنما مذكرون بقضية معلومة سَلَفاً من الأزل، وما هم إلا مبشرين بالثواب لمن أطاع، ومنذرون بالعذاب لمن عصى، والحق سبحانه يريد من عباده أن يكونوا على ذكر دائم لهذه الحقيقة وألاَّ يغفلواعنها.


والغفلة تأتي إما من شهوة النفس أو كسلها عن مطلوب شاق للعبادة أو وسوسة من غير مطيع في أذنك، سواء أكان من شياطين الإنس أو من شياطين الجن، كما قال تعالى: (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ..) (الأنعام: 112).


وقلنا: إن المنحرف يحسد المستقيم على استقامته، لكنه لا يستطيع أنْ يتحمل تبعات هذه الطاعة، فلا أقلَّ من أنْ يحاول أنْ يجذب المستقيم إليه، فيوسوس له ويصرفه عن صفة الكمال التي له؛ لذلك حين يوسوس لك صاحبك بشيء من معصية الله فأول شيء ينبغي أنْ تفطن إليه أنه يكرهك، ولا يريد لك الخير الذي يعجز هو عن إدراكه، فهو لا يريد لك أنْ تتميز عليه بشيء.


إذن: الكافرون والمنافقون الذي يصادمون دعوة الرسل لم يقدروا على أنْ يحملوا أنفسهم على منهج الله، ولا أنْ يلتزموا كما التزم المؤمنون، فلا أقلَّ من أنْ يحولوا بين المؤمنين وبين المنهج الجديد الذي جاء به رسول الله.


وقلنا: إن الرسول لم يأتِ إلا لضرورة، هي انطماس معالم المنهج عند المرسل إليهم، وانعدام الرادع في النفس البشرية أولاً ثم في المجتمع ككل، فالإنسان حين يغفل تُذكِّره النفس اللوامة وتردُّه عن المعصية، فإذا ما ضعف سلطان هذه النفس تحكمتْ فيه النفس الأمَّارة بالسوء وصرفتْه عن الخير كله، فلم يَبْقَ له رادع إلا في المجتمع الإيماني الذي يقوم بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


وهذه هي ميزة الخيرية في هذه الأمة التي قال الله فيها: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ..) (آل عمران: 110).


فإذا انطمس هذا المبدأ في المجتمع أيضاً حتى لم يَعُدْ فيه آمر بمعروف ولا نآهٍ عن منكر، فلابُدَّ أنْ تتدخّل السماء بإيقاظ جديد برسول جديد، لكن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من شرفها عند ربها وشرفها برسولها أن الله منحها هذه الخيرية، بحيث لا يعدم فيها الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر أبداً؛ لذلك لا يجيء رسول بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها أمة مأمونة.


ولابُدَّ للأمة التي توفرتْ لها هذه المناعة الجماعية الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر أنْ يكون لها وَعْيٌ إيماني وفهم جيد لهذه المهمة، وقد وردت فيها مذكرة الإيضاح التفسيرية من سيدنا رسول الله حين قال: "مَنْ رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".


فالمشرِّع قدَّر عدم الاستطاعة، فجعل لكل خطوة من أمر بمعروف أو نهى عن منكر مجالاً: متى أُغيِّر المنكر بيدي؟


ومتى أُغيره بلساني؟


ومتى أغيره بقلبي؟


أغيره بيدي فيمن أملك الولاية عليه، حيث أتمكن من التغيير، فإنْ كان المُنْكَر ممن لا ولايةَ لي عليه، فعلىَّ أنْ أغيره بلساني في ضوء قوله تعالى: (ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..) (النحل: 125) بالأسلوب الحسن الجميل، لكن تجد بعض الدعاة يدعون على غير بصيرة، فيغفلون مسألة الاستطاعة، ولا يجعلون لعدم الاستطاعة مجالاً، ويميلون إلى تغيير المنكر كله باليد، وهذا مخالف لأمر رسول الله.


فإنْ توقعتَ أنْ يصيبك ضرر فلتغير المنكر بقلبك؛ لأن الهدف أن تستقطب المنحرف إلى جهة الاعتدال، وهذا لا يتم إلا باللين وبالرفق حتى لا تجمع عليه شدتين: الأولى أنْ تُخرِجه مما يألف، والثانية: أنْ تُخرِجه عما يألفه بما يكرهه.


ويخطئ الكثيرون في فهم تغيير المنكر بالقلب فيظنون مثلاً أن تقول في نفسك: اللهم إن هذا منكر لا يرضيك وأنا أنكره، هذا مجرد إنكار باللسان والله لا يريد كلمة تخرج من أفواههم، إنما يريد منا عمل القلب الذي يتبعه عمل الجوارح، فقالبك في هذا الإنكار تابع لقلبك.


فحين ترى مَنِ استشرى في العصيان والطغيان وأنت لا تقدر على نهيه، لا بيدك ولا بلسانك، ولا تستطيع مواجهته، فعليك أن تكون كارهاً لعمله معرضاً عنه، مهملاً له، فلا تجامله في حزن ولا تُهنِّئه في فرح ولا تساعده إن احتاج.. إلخ.


عليكْ أنْ تعزله عن مجتمعك، فإذا فعل معه الجميع هذا الفعل، وسلكوا معه هذا المسلك سقط واحده وارتدع.


لذلك لم نر النبي -صلى الله عليه وسلم- صنع سجناً للمسلمين المخالفين، إنما جعل سجنهم في عزل المجتمع الإيماني لهم، أو سجن المجتمع عنهم، لا يكلمهم ولا يتعامل معهم، حتى الزوجة عزلها الشرع عن زوجها لا يقربها حتى يقضي الله في أمره.


أتذكرون قصة كعب بن مالك، وكيف عزله المجتمع الإيماني وكان من الثلاثة الذين خُلِّفوا عن رسول الله في غزوة تبوك، حتى قاطعه أقرب الناس إليه، فلما تسوَّر الحديقة على ابن عمه وقال: تعلم أني أحب رسول الله فلم يرد عليه.


وتأتي زوجة هلال إلى رسول الله وقد كان أحد الثلاثة أيضاً، وتقول: يا رسول الله، إن هلالاً رجل كبير السن، ليس له ما للرجال في النساء، فقال لها: اخدميه لكن لا يقربنك.


وقد ظل هؤلاء في هذه العزلة حتى أن القرآن قال فيهم: (حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ..) (التوبة: 118).


هكذا التزم المسلمون الأوائل بشرع الله، واستطاعوا لا نقول سجن المخالف، إنما سجن المجتمع عنه، وهذه المسألة هي سبب الأزمة التي تعيشها بلدنا الآن، فالمجرم الذي يعيش بيننا، أليس معلوماً لأهل المنزل الذي يعيش فيه، بل لأهل الحي والشارع؟


فهل ذهب واحد منهم إلى تاجر فقال له: أعطني كذا فقال: لا ليس عندي وقاطعه؟


هل سلَّم واحد منهم على شخص، فلم يردّ عليه السلام؟


إذن: المجتمع كله يتحمل هذه المسئولية، ويتحمل الإثم عليها؛ لأنه تستَّر على هؤلاء، لدرجة أن نقول: إن المجتمع نفسه مجرم أكثر من المجرمين.


وينبغي قبل أنْ نتكلم عن المجرم نتكلم معه نحاوره وننصحه ونحسن إليه قبل أن نقاطعه، نفهم هذا المعنى من قول سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".


ولم يقل على سلطان جائر.


فقبل أنْ نفضحه ونُشنَّع عليه يجب أنْ نتكلم معه، وأنْ ننصحه حتى يعلم أنك تريد به الخير، وتريد أنْ ترده إلى الجادة فيقبل منك، وعلى الأقل لا يضرك، إنما آفتنا أننا نُشنِّع على المجرم، وربما نُحمِّله فوق الصدق الواحد ألف كذب لمجرد كراهيتنا له.


لذلك قال العربي في صفات الناس: إنْ علموا الخير أخفوه، وإنْ علموا الشر أذاعوه، وإنْ لم يعلموا كذبوا.


إذن: معنى التغيير بالقلب أن يكون قالبك موافقاً لقلبك، وهذه لا تُكلِّفك شيئاً، على خلاف التغيير باليد أو باللسان؛ لذلك وصفه رسول الله بأضعف الإيمان، يعني أنها مسألة يقوم بها الضعيف.


وبعزل المجتمع عن المجرم تنتهي ظاهرة الإجرام، وما استشرى الإجرام إلا حين خاف الناس من المجرمين وتملّقوهم وتودَّدوا إليهم ربما لاتقاء شَرِّهم، ولم لا يزداد المجرم في إجرامه والأمر كذلك؟


لذلك جعل الشارع الحكيم الدية في القتل الخطأ ليست على القاتل وحده، إنما على العاقلة أي: على جميع العائلة لأنها المنوط بها تقويم أبنائها، والأخذ على أيدي المنحرف منهم؛ لأنها هي التي ستتحمل العاقبة، وبذلك يحدث التوازن في المجتمع.


والحق -سبحانه و تعالى- حين وضع المنهج الذي يُنظِّم حياة الخَلْق يريد سبحانه الخير لخلقه، وهو سبحانه صاحب الخير ولا ينتفع منه بشيء، فلو أن الخَلْق جميعاً كانوا على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في مُلْك الله شيئاً.


ثم هو سبحانه خلق الإنسان، وحدد مهمته في الحياة، ووضع له قانون صيانته فيها، كما أن صانع الآلة يحدد الهدف منها قبل صناعتها، وحدد لها قانون صيانتها، فالذي صنع الغسالة مثلاً رأى كيف تتعب المرأة في عملية غسيل الملابس، فصنع هذه الآلة لتقوم بهذه المهمة، ولم يحدث أنْ صنع صانع آلة، ثم قال: انظروا في أيِّ شيء يمكن أنْ تُستخدم.


لذلك، فَشَلُ العالم كله يأتي من أن الخَلْق يريدون أنْ يحددوا مهمة الإنسان، ويضعوا له قانون صيانته، ويغفلون أنه صنعة الله، والذي يحدد مهمة الصَّنْعَة هو صانعها.


والحق سبحانه حدَّد لنا مهمتنا في الحياة قبل أنْ يستدعينا إليها، واقرأ إنْ شئتَ قوْلَ ربك: (ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ) (الرحمن: 1-3).


فالحق سبحانه قبل أنْ يخلق الإنسان وضع له المنهج، وحدَّد له مهمته وقانون صيانته في قرآنه الكريم، كما يحدد الصانع مهمة صَنْعته أولاً، فإنْ حدث في هذه الصنعة عَطَب فيجب أنْ تُردَّ إلى الصانع، وإلى قانون الصيانة بافعل ولا تفعل؛ لأنه سبحانه هو الذي خلق، وهو الذي يعلم ما يصلح صنعته ويضمن سلامتها، واقرأ إنْ شئتَ: (أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ) (الملك: 14).


ويقول تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ..) (النساء: 59) إذن: فآفة المجتمع البشري أولاً: أنه يريد أن يُحدِّد لخَلْق الله مهمتهم، وأن يتدخل في صنعة ليست صنعته.


ثانياً: حين يفسد المجتمع يجعلون له قوانين إصلاحية من عندهم، وهل تركنا الله بدون منهج، وبدون قانون صيانة؟


لقد كان سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو قدوتنا إذا حزبه أمر أو عَزَّ عليه شيء يُهْرع إلى ربه، ويقف بين يديه في الصلاة، كما تعرض أنت آلتك أو جهازك على المهندس المختص، فيصلح لك ما فيه من عطب، وهذه مسألة مادية يصلحها المهندس بشيء مادي.


أما الحق سبحانه فغيب، فحين يصلحك أنت أيها العبد يصلحك بقانون الغيب، بحيث لا تدري أنت كيف أصلحك، المهم حين تعرض نفسك على ربك وعلى خالقك -عز وجل- تعود مُنْشرح الصدر، راضياً طِّيب النفس.


الحق سبحانه يقول لرسوله: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) لأنهم أهل فساد يمارسونه وينتفعون به؛ لذلك لابُدَّ أنْ يصادموا الحق، وأنْ يعترضوا طريقه، وأساس الفساد في الكون أنْ يحب الإنسان أنْ يأخذ خير غيره، وأن يكون دمه من عرق الآخرين، فإذا جاء مَنْ يعدل هذا الميزان المائل وقفوا له بالمرصاد؛ لأن دعوته تتعارض ومنافعهم.


والحق سبحانه بيَّن لنا على مدى موكب الرسل جميعاً أنه ما من رسول إلا كان له أعداء ومعاندون، لكن سنة الله في الرسل أنْ تكون لهم الغَلَبة في نهاية الأمر، كما قال سبحانه: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 171-173).


إذن: فالله تعالى يريد منا الاستقامة على منهجه، وأهل الفساد يريدون الانحراف عن هذا المنهج، واقرأ: (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً..) (الأنعام: 153) يعني: استقامة على إطلاقها، فمَنْ منكم يرينا فيه التواءً أو اعوجاجاً؟(فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ..) (الأنعام: 153).


فالصراط المستقيم واحد، وسبيل الحق واحد، أما الباطل والفساد فله سُبُل شتى، وقد نبهنا سيدنا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه القضية حين خَطَّ للصحابة خطاً واحداً مستقيماً، وعلى جانبيه خطوطاً، ثم تلا: (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ..) (الأنعام: 153).


وتعلَّمنا في علم الهندسة أن الخط المستقيم هو أقرب مسافة بين نقطتين، فلو خَطَّ مهندس طريقاً مستقيماً بين بلدين مثلاً تراه لو انحرف في بداية الطريق عدة سنتيمترات فإنها تبعده عن البلدة الأخرى عدة كيلو مترات.


إذن: الطريق المستقيم هو الذي يُسهِّل لك السفر، ويقرب لك المسافة، أما السبل المتعددة فإنها تهدر مجهودك وتشقُّ عليك، حتى أنت في لغتنا العامية تقول لصاحبك: (تعال دغُري) أو تقول (بلاش لف ودوران) كذلك يقول لك ربك: (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ..) (الأنعام: 153).


وإن كان طريق الحق واحداً، فطرق الضلال متعددة، فواحد فساده من ناحية المال، وواحد من ناحية النساء، وواحد يفسده المنصب والسلطان.. إلخ.


فإذا ما جاء رسول من عند الله يكبح جماح هؤلاء لابُدَّ أن يتصادموا معه؛ لذلك ينبه الحق -تبارك و تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم-: أول مراتب التقوى أن تتقي الله وحده، ثم لا تُطِع الكافرين والمنافقين؛ لأنهم يريدون أنْ يأخذوك للشر والله يريدك للَخير.          وقوله تعالى: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) تعني: أنه لا مانع أن تطيع غيرهم من أصحاب الرأي والمشورة من المؤمنين فيما لم يأتكَ فيه أمر من الله؛ لذلك نزل سيدنا رسول الله في غزوة بدر على رأَي الصحابي الجليل الحباب بن المنذر لما قال له: يا رسول الله، أهذا منزلٌ أنزلكه الله، أم هو الحرب والمكيدة؟


فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بل هو الحرب والمكيدة"، فقال: إذن هذا ليس لك بمنزل.

.

وقد أشار سلمان الفارسي على رسول الله بحفر الخندق فأخذ بمشورته، والقاعدة الشرعية تقول: لا اجتهاد مع النص، فإذا لم يكُنْ في المسألة نصٌّ فلا مانع من أنْ تطيع المؤمنين الناصحين لك، المشيرين عليك بالخير.


فالحق سبحانه لم يمنع عن رسوله نُصْح الناصحين، ولم يحرمه مشورة أهل الرأي.


وقد اختلف الناس حول استشارة الحاكم: أهي ملزمة له أم غير ملزمة؟


وإجابة هذا السؤال في قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ..) (آل عمران: 159).


فللحاكم أنْ يسمع المشورة، وأنْ يقارن بين الآراء ويفاضل بينها، ثم يكون له وحده القرار النهائي: (فَإِذَا عَزَمْتَ..) (آل عمران: 159) أي: أنت وحدك.


وفي العالم المعاصر نرى الأنظمة إذا احتاجت إلى أَخْذ الآراء في موضوع ما ترجح الجانب الذي به الرئيس، وهذا لا يصح، فالآراء تنير للرئيس الطريق، وتوضح له الصورة، وله هو القرار الأخير؛ لأن الحيثية التي انتخبته من خلالها أنك تشهد له بالتفوق، إذن: فهو الذي يرجح أحد الآراء.


وفَرْق بين المشورة والتفويض، فحين يُفوِّض رئيس الدولة شخصاً أو هيئة لدراسة أمر من الأمور، أو اتخاذ قرار، فهي صاحبة الرأي، وحين تعرض عليه ما توصلتْ إليه يعطيها الموافقة؛ لأنه فوَّضها في هذا الأمر، إذن: التفويض يجيز لك اتخاذ القرار، أمَّا المشورة فتقف عند عرض الرأي فحسب.


والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان لا يريد الخروج لغزوة أُحُد، لكن لما شاور صحابته أشاروا عليه بالخروج لما عندهم من العزة والحماس لنصرة دين الله، وظلوا برسول الله حتى استعد للحرب، ولبس لها ملابسها، ثم عادوا إلى رأيه -صلى الله عليه وسلم- في عدم الخروج.


فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما كان لنبي يلبس لامة الحرب...".


وحدث ما حدث في أُحُد ولم ينتصر المسلمون، أما أبو بكر -رضي الله عنه- فلم يستمع لمشورة المسلمين في حرب الردة وصمَّم عليها، وقال: والله لأقاتلنهم ولو بالذر يعني: بالحصى، وانتصر الصِّديق، وإليه يرجع الفضل في إنقاذ دين الله من فتنة كادت تذهب به.


إذن: فاجعلوا من اختيار الله لرسوله صلى الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- مُرجِّحاً، فيأخذ منكم جميع الآراء، ويستشيركم، ثم ينفذ هو ما يراه مناسباً.


وهنا فَرْق بين الكافرين والمنافقين، ولدينا بعض المصطلحات التي ينبغي أن نكون على علم بمدلولها: الإيمان والكفر والنفاق والجحد.


الإيمان: الإنسان منا له قلب يحمل النوايا، وله قالب يعبر عنها.


كما قال الشاعر:

إنَّ الكَلاَم لَفِي الفُؤادِ وإنَّمَا جُعِلَ اللسَانُ عَلَى الفُؤادِ دَليلاً


فالإيمان هو الحق الذي يعتقده القلب، ويقتنع به، ويوافقه اللسان والقالب، أما إنْ وافق اللسان القلب في الباطل فهذا هو الكفر.


لذلك قلنا: إن الكافر منطقي مع نفسه؛ لأنه نطق بما في قلبه، لكنه غير منطقي مع الحق لأنه جحده بقلبه وجحده بلسانه، فليس عنده اختلاف بين القلب واللسان.


أما النفاق فهو أنْ يعتقد القلب الكفر ويضمره، ويعلن اللسان كلمة الإيمان، فالمنافق يخالف لسانُه قلبَه، فهو غير منطقي لا مع الحق ولا مع نفسه؛ لذلك كان المنافق في الدَّرْك الأسفل من النار، لأنه أشرُّ من الكافر.


لذلك لما طلب سيدنا رسول الله من القوم أنْ يقولوا: لا إله إلا الله قالتها القلة المؤمنة، وامتنعت الكثرة الكافرة..


لماذا؟


لأنهم يعرفون معناها، وإلا لَقَالوها من بداية الأمر، وانتهت المواجهة بين الإيمان والكفر، فعدم نُطْقهم بها دليل على فهمهم لها ولمطلوباتها.


أما الجاحد فعلى النقيض من المنافق، فهو مقتنع في نفسه، لكنه لا يقدر على النطق بما يقتنع به من الحق؛ لذلك يقول تعالى عنهم: (وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً..) (النمل: 14).


ولما طال الجدل بينهم وبين رسول الله قالوا: (ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (الأنفال: 32) بدل أن يقولوا: فاهدنا إليه.


وبعد أنْ قالوا في القرآن أنه سحر، وأنه أساطير الأولين.. إلخ زهق باطلهم، وكشف الله جحودهم، حين حكى قولهم: (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31).


إذن: فالقرآن لا غبارَ عليه وهو حق، لولا أنه نزل على هذا الرجل بالذات، ولو نزل على عظيم من عظماء مكة أو المدينة لآمنَّا به، وهكذا أثبتوا إيمانهم بالقرآن، والقرآن يستوجب أنْ يؤمنوا أيضاً بمحمد.


ومعلوم أن الإسلام صاح صيحته الأولى في أُذن مَنْ؟


في أذن كفار مكة وسادة قريش والجزيرة كلها، وقد كانت لهم الكلمة المسموعة والمنزلة الرفيعة بين العرب جميعاً لقيامهم على خدمة الحجيج، ووقوع بلادهم على طرق التجارة بين الشمال والجنوب.


إذن: الإسلام لم يستضعف جماعة ليعلن فيهم صيحته الأولى، إنما اختار السادة، لكن الله تعالى لم يشأ أنْ ينتصر الإسلام في مكة؛ لأنه لو انتصر فيها لكان من الممكن أن يقال: قوم من قريش تعصَّبوا لواحد منهم ليسودوا به العالم كما سادوا الجزيرة.


لذلك لما أعلن سيدنا رسول الله دعوته بين قومه أسرعوا إليه يقولون: يا محمد إنْ كنتَ تريد مُلْكاً ملّكناك علينا، وإنْ كنت تريد مالاً جمعنا لك المال حتى تصير أغنانا..


فقال قولته المشهورة: "والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أنْ أترك هذا الأمر ما تركتُه حتى يُظهِره الله، أو أهلك دونه".


فشاء الله أن تكون الصرخة الأولى في أذن السادة أصحاب الكلمة والسلطة في مكة، وأن تكون نصرة الدين في المدينة، لتعلم الدنيا كلها أن الإيمان بمحمد هو الذي خلق العصبية لمحمد، وليست العصبية لمحمد هي التي خلقتْ الإيمان بمحمد.


ونفهم أيضاً من قوله تعالى: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) أن غير الكافرين وغير المنافقين لا يكون لهم أمر يُطاع مع أمر رسول الله؛ لأن المؤمن برسول الله يتلقَّى من رسول الله.


لذلك يُعَدُّ من الخطأ بمكان أن نقول: كيف فعل رسول الله كذا وكذا؟


فنناقشه ونستدرك عليه -صلى الله عليه وسلم-، وكيف تجعل من نفسك أيها المؤمن ميزاناً وحَكَماً يحكم على أفعال الرسول ويضعها في الميزان؟


كمن يناقشون مثلاً مسألة تعدد الزوجات، ويصل بهم الحدُّ إلى انتقاد رسول الله، وكأنه يُجري له محاكمة.


وكيف نعارض رسول الله في هذا، والله تعالى لم يعارضه، ولم يُقِلْه من مسألة الرسالة، بل ارتضى الله فِعْل رسوله وباركه، فلا تجعل من نفسك مقياساً على رسول الله؛ لأن الأصل أنه هو المقياس الذي نقيس عليه أفعالنا، فنسأل: أفعل رسول الله ذلك أم لم يفعل؟


فإنْ فعل فعلنا.


ومن هذا المنطلق سُمِّي الصِّديق صِدِّيقاً، فلما حدَّثوه أن رسول الله يخبر أنه أتى بيت المقدس في ليلة قال: إنْ كان قال فقد صدق.


والحق سبحانه حين ينهى رسوله عن طاعة الكافرين والمنافقين إنما يُبيِّن له طبيعتهم، وحقيقة عدائهم له، فهُمْ غير مخلصين له، وعليه أن يتهم أمرهم إنْ أمروه ويتهم نهيهم إنْ نَهوْه، وكيف يُخلِصون في أمره أو نهيه، وقد جاء ليصادم سيادتهم، ويكسر جبروتهم وكفرهم؟


وهَبْهم مخلصين لك لأنك من قريش، ويريدون نصرتك فينقصهم في نُصْحهم لك العلم والحكمة، فلا يصح إذن أنْ تقارن بين طاعة الله وطاعة هؤلاء، مهما كانوا مخلصين لك.


كما نلحظ أن القوم فعلاً طلبوا من رسول الله أشياء، فكأن الله نبهه قبل أنْ يطلبوا منه إلى ما يُطلب منه من مخالفتهم وعدم طاعتهم، والطاعة فيها مطيع ومطاع، وهم يريدون ان يكونوا مطاعين، ورسول الله طائع ممتثل لأمرهم، لكن كيف تقلب المسألة بهذا الشكل، وما جاء رسول الله إلا ليُشرِّع للناس فيطيعوه، فهو الذي يأمر، وهو الذي يُطاع.


فكأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: كيف أقارن بينكم وبين ربي؟


وقد ثبت ذلك فقد جاء أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل والوليد بن المغيرة والأعور السلمي وانضم إليهم وفد ثقيف، جاءوا جميعاً إلى المدينة واجتمعوا بعبد الله بن أُبيٍّ، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وقد أمَّنهم رسول الله فقالوا: يا محمد كُفَّ عن آلهتنا: اللات والعزى ومناة، واشهد بأن شفاعتهم تُقبل عند الله، ونريد أن تحفظ لنا كرامتنا ومهابتنا بين العرب، فمتِّعنا بآلهتنا سنة وأقرنا على ذلك، ونتركك وشأنك مع ربك.


فنهاه الله (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) لأنك لا ينبغي أن تتراجع أمامهم في شيء أبداً، وإلاّ لكنتَ خاضعاً لهذه السيادة المزعومة، ولأعطيتهم الفرصة حين تطاوعهم؛ لأنْ يقولوا: لقد أطاعنا محمد فيصيرون هم الهادين، وأنت المهدي.


ثم إن هذا الأمر بعدم طاعتهم وهم القادة والصناديد وما زالت الدعوة وليدة تحتاج إلى مهادنة مع أعدائها، وربما يقول قائل: ولِمَ لم يهادنهم رسول الله حتى يشتدَّ عود الدعوة، فهم سادة القوم وأصحاب الكلمة والمهابة؟


لكن منطق الحق يرفض هذه المهادنة، ويرفض أن يعتمد رسول الله إلا على الله؛ لذلك قال في الآية بعدها: (وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً) (الأحزاب: 3).


ثم يقول سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) (الأحزاب: 1) فالعلم غير الحكمة، العلم أن تعلم القضايا، أمّا الحكمة فأنْ تُوظِّف هذه القضايا في أماكنها، فالعلم وحده لا يكفي، فالصفتان متلازمتان متكاملتان، كما في قوله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ) (القصص: 26).


فالقوي إنْ كان خائناً لم تنفعك قوته، كذلك إنْ كان الأمين ضعيفاً فلا تنفعك أمانته؛ لذلك لما اشتكى أمير المؤمنين إلى أحد خاصته من أهل العراق، يقول: إن استعملتُ عليهم القوي يَفْجُروه، وإن استعملتُ عليهم الضعيف يُهينَوه، فقال له: إن استعملت عليهم القوي فلك قوته وعليه فجوره، فقال له أمير المؤمنين: ما دُمْتَ قد عرفتََ هذا فلا أُوَلِّي عليهم غيرك.


إذن: فالعلم يعطيك قضايا الخير كله، والحكمة أنْ تضع الشيء في موضعه، والقضية في مكانها.


ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ...).



سورة الأحزاب الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 01-05   سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Emptyالثلاثاء 24 نوفمبر 2020, 12:56 pm

وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نلحظ هنا نهياً بين أمرين.. الأول: (يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) والآخر: (وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ..) (الأحزاب: 2) وبينهما النهي: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1) ووقوع هذا النهي بين هذين الأمرين ترتيب طبيعي؛ لأنك إذا اتقيتَ الله ستُعلي منهج الحق، وهذا يؤذي أهل الباطل وأهل الفساد المستفيدين به، فلابُدَّ أنْ يأتوا إليك يوسوسون في أُذنك ليصرفوك عن منهج ربك، وعليك إذن أنْ ترُدَّ الأمر إلى ما يوحى إليك وأنْ تتبعه.

وقلنا: إن الوحي: إعلام بخفاء، فإنْ كان علانية فلا يُعَدُّ وحياً، ولله تعالى في وحيه وسائل كثيرة مع جميع خَلْقه، فيوحي سبحانه إلى الجماد؛ لأنه قادر على أن يخاطب الجماد، كما في قوله سبحانه و تعالى عن الأرض: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا) (الزلزلة: 4-5).

ويوحي إلى النحل: (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل: 68).

ويُوحي إلى غير رسول أو نبي: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي..) (المائدة: 111).

وقال: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ..) (القصص: 7).

هذا هو الوحي في معناه العام، أما الوحي الخاص فيكون من الله تعالى لرسول مُرْسَل من عنده إلى الخَلْق، وله طرق متعددة، فمرةَ يكون بالنفث في الروع، ومرة يكون بالوحي بكلام لا يُرى قائله، ولا يُعرف مصدره، ومرة يكون عن طريق رسول ينزل به من الملائكة.

يقول تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً..) (الشورى: 51).

والقرآن الكريم لم يأْتِ بالإلهام ولا بالكلام من وراء الغيب والحُجُب، إنما جاء عن طريق رسول مَلَك نزل به على رسول الله، فثبت القرآن من هذا الطريق.

ولابُدَّ في هذه المسألة من التقارب بين الرسول الملَك، والرسول البشر، فلكل منهما طبيعته الخاصة، ولكي يلتقيا لابُدَّ من أمرين: إما أنْ يرتفع البشر إلى مرتبة الملائكية بحيث يستقبل منها، أو ينزل الملَك إلى مرتبة البشرية بحيث يستطيع أنْ يُلقنها.

لذلك جاء في الحديث أن جبريل عليه السلام نزل إلى مجلس رسول الله في صورة بشرية ليُعلِّم الناس أمور دينهم.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول الوحي تأخذه قشعريرة، ويتصبب جبينه عرقاً، حينما يأتيه جبريل بالوحي، وما ذاك إلا لالتقاء الملكية بالبشرية، فكان -صلى الله عليه وسلم- يبلغ به الجهد حتى يقول: زمِّلوني زمِّلوني، دثِّروني دثِّروني.

وإذا جاءه الوحي وهو جالس مع أصحابه وركبته على ركبة أحدهم يشعر لها بثقل كأنها الجبل، أو يأتيه الوحي وهو على دابة فكانت تئط، لذلك فتر عن رسول الله الوحي بعد فترة ليستريح من هذا الإجهاد، وتبقى له حلاوة ما أُوحي إليه، فيتشوق إليه من جديد.

وبعدها خاطبه ربه: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح: 1-4).

والهدف حينما يكون غالياً، والغاية سامية يهون في سبيلها كل جهد، وقد عاد الوحي إلى رسول الله بعد شوق، وخاطبه ربه بقوله: (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ) (الضحى: 4-5).

إذن: ثبت القرآن بالوحي عن طريق الرسول الملَك، ولم يثبت بالإلهام أو النفث في الرَّوْع، أو الكلام من وراء حجاب، يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ..) (الشورى: 52).

والوحي هنا: (وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ..) (الأحزاب: 2) مِنْ مَنْ؟

(مِن رَبِّكَ..) (الأحزاب: 2) ولم يقل مثلاً رب الخلق، نعم هو سبحانه رب الخَلْق جميعاً، لكن محمداً -صلى الله عليه وسلم- سيد الخلق، فهو رب الخلق من باب أَوْلَى، وكلمة (ربك) تدل على الحب وعلى الاهتمام، وأنه تعالى لن يخذلك أبداً، وما اتصاله بك إلا للخير لك ولأمتك.

ثم يقول تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الأحزاب: 2) الخبير مَنْ وصل إلى منتهى العلم الدقيق، ومنه قولنا: اسأل أهل الخبرة.

يعني: لا يسأل أهل العلم السطحي، فالخبير هو الذي لا يغيب عنه شيء.

وتلحظ أن الآية السابقة خُتمتْ بقوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) (الأحزاب: 1) أي: عليماً بما يُشرِّع، حكيماً يضع الأمر في موضعه، وقال هنا: (إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الأحزاب: 2) أي: بما ينتهي إليه أمرك مع التشريع، استجابةً أو رفضاً، فربُّك لن يُشرِّع لك ثم يتركك، إنما يَخْبُر ما تصنع، ولو حتى نوايا القلوب.

فالخبرة تدل على منتهى العلم وعلى العلم الواسع، وهذا المعنى واضح في قوله تعالى في قصة لقمان: (يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان: 16).

فالخبرة تدل على العلم الواسع الذي لا تفوته جزئية مهما صغرت، واللطف هو التغلغل في الأشياء مهما كانت دقيقة، وقلنا: إن الشيء كلما لَطُفَ عَنُفَ.

فكأن الحق سبحانه يقول لرسوله: اطمئن، فمهما صُودِمتَ من خصومك، ومهما تألَّبوا عليك، فربُّك من ورائك لم يتخلى عنك، وهؤلاء الخصوم خَلْقي، وأنا معطيهم الطاقات المفكرة والطاقات العاقلة والطاقات المتآمرة، وسوف أنصرك عليهم في كل مرحلة من مراحل كيدهم لك.

لذلك لم يقووا عليك مناظرة ولا جدلاً، ولم يقدروا عليك حين بيَّتوا لك ليضربوك ضربة رجل واحد، فيتفرق دمك بين القبائل، وخرجتَ من بينهم سالماً تحثو التراب على رؤوسهم، حتى لما استعانوا عليك بالسحر وبالجن أخبرتُك بما يدبرون لك، ولم أُسِلْمْك لكيدهم.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ...).



سورة الأحزاب الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 01-05   سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Emptyالثلاثاء 24 نوفمبر 2020, 1:01 pm

وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يعني: إيَّاك أن تظن أنَّ واحداً من هؤلاء سوف يساعدك في أمرك، او أنه يملك لك ضراً ولا نفعاً، فلا تُحسِن الظنَّ بأوامرهم ولا بنواهيهم، ولا تتوكَّل عليهم في شيء، إنَّمَا توكَّل على الله.

ولابُدَّ أن نُفرّق هنا بين التوكُّل والتواكُل: التوكُّل أن تكون عاجزاً في شيء، فتذهب إلى مَنْ هو أقوى منك فيه، وتعتمد عليه في أن يقضيه لك، شريطة أن تستنفد فيه الأسباب التي خلقها اللهُ لك، فالتوكُّل إذن أن تعمل الجوارح وتتوكَّل القلوب.

وقد ضرب لنا سيدنا رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- مثلاً توضيحياً في هذه المسألة بالطير، فقال: "لو توكَّلتُم على اللهِ حَقَّ توكُّله، لرزقكم كما يَرْزُقُ الطّيرَ، تَغْدُو خِمَاصَاً وترُوحُ بِطَانَاً".

أمَّا التواكُل فأنْ ترفضَ الأسباب التي قدَّمها اللهُ لك، وتقعد عن الأَخْذ بها، وتقول: توكَّلتُ على الله، لا.. إنما استنفد الأسباب الموجودة لك من ربك، فإنْ عزَّتْ عليك الأسباب فلا تيأس؛ لأن لك رَبّاً أقوى من الأسباب؛ لأنه سبحانه خالقُ الأسباب.

لذلك، كثير من الناس يقولون: دعوتُ الله فلم يستجب لي، نقول: نعم صدقت، وصدق الله معك؛ لأن الله تعالى أعطاك الأسباب فأهملتها، فساعة تستنفد أسبابك، فثِقْ أن ربك سيستجيب لك حين تلجأ إليه.

واقرأ قوله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ..) (النمل: 62) والمضطر هو الذي عزَّتْ عليه الأسباب، وخرجتْ عن نطاق قدرته كما حدث لسيدنا موسى -عليه السلام- حين حاصره فرعون وجنوده حتى قال قوم موسى: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء: 61).

نعم، مدركون؛ لأن البحر من أمامهم، والعدو من خلفهم، هذا رأي البشر وواقع الأمر، لكن لموسى منفذ آخر فقال: (كلا) يعني لن نُدْرَك: (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62) قالها موسى عن رصيد إيماني وثقة في أن الله سيستجيب له.

والبعض يقول: دعوتُ الله في كذا وكذا، وأخذت بكل الأسباب، فلم يستجب لي، نقول: نعم لكنك لَسْتَ مضطراً، بل تدعو الله عن ترف كمن يسكن مثلاً في شقة ويدعو الله أنْ يسكن في فيلا أو قصر، فأنت في هذه الحالة لست مضطراً.

ثم يذكر الحق سبحانه حيثية التوكل على الله، فيقول: (وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً) (الأحزاب: 3) أي: يكفيك أنْ يكون الله وكيلك؛ لأنه لا شيء يتأبَّى عليه، ولا يستحيل عليه شيء.

وأحكي لكم قصة حدثت بالفعل معنا، وكنا نسير مع بعض الإخوان فرأينا رجلاً مكفوف البصر يريد أنْ يعبر الشارع فقلنا لزميل لنا: اذهب وخذ بيده، فنزل وعبر به الشارع ثم قال له: إلى أين تذهب؟

قال: إلى المنزل رقم كذا في هذا الشارع، فأخرج صاحبنا من جيبه عشرة جنيهات ووضعها في يد الرجل، فلما أمسك بورقة العشرة جنيهات لم يلتفت إلى المعطي، إنما رفع وجهه إلى السماء وقال: لا شيء يستحيل عليك أبداً، ثم قال لصحابنا: يا بني أرجعني مكان ما كنت!! فقد قضيت حاجته التي كان يسعى لها!! نعم (وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً) (الأحزاب: 3) لأنه لا تعوزه أسباب، ولا يُثنيه عن إرادته شيء(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ..) (النحل: 96).

وفي التوكل ملحظ آخر ينبغي أنْ نتنبه إليه، هو أنك إذا توكلتَ على أحد يقضي لك أمراً فاضمن له أنْ يعيش لك حتى يقضي حاجتك، فكيف تتوكل على شخص وتُعلِّق به كل آمالك، وفي الصباح تسمع نعيه: مات فلان؟

إذن: لا ينبغي أن تتوكل إلا على الله الحي الذي لا يموت: (وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ..) (الفرقان: 58) واستغنِ بوكالة الله عن كل شيء (وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً) (الأحزاب: 3).

ثم يقول الحق سبحانه: (مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ...).



سورة الأحزاب الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 01-05   سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Emptyالثلاثاء 24 نوفمبر 2020, 1:06 pm

مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ترتبط هذه الآية بالآيات قبلها، فقد ذكر الله تعالى مُعسكرين: مُعسكراً يُحِبُّ أنْ يُطاع، فقال تعالى لرسوله: (يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ..) (الأحزاب: 1) وقال: (وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ..) (الأحزاب: 2) وبينهما مُعسكر آخر نُهِي رسول الله عن طاعته: (وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..) (الأحزاب: 1).

إذن: نحن هنا أمام مُعسكرين: واحد يمثل الحق في أجلى معانيه وصوره، وآخر يمثل الباطل، وللقلب هنا دَوْر لا يقبل المواربة، إما أنْ ينحاز ويغلب صاحب الحق، وإما أنْ يغلب جانب الباطل، وما دُمْتَ أنت أمام أمرين متناقضين لا يمكن أنْ يجتمعا، فلابُدَّ أن تُغلِّب الحق؛ لأن الله تعالى يقول: (مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..) (الأحزاب: 4) إمَّا الحق وإمَّا الباطل، ولا يمكن أن تتقي الله وتطيع الكافرين والمنافقين؛ لأن القلب الذي يميل ويغلب قَلْبٌ وَاحِدٌ.

ومعلوم أن القلب هو أهم عضو في الجسم البشري فإذا أصيب الإنسان بمرض مثلاً يصف له الطبيب دواءً، الدواء يُؤخذ عن طريق الفم ويمرُّ بالجهاز الهضمي، ويحتاج إلى وقت ليتمثل في الجسم، فإنْ كانت الحالة أشدَّ يصف حقنة في العضل، فيصبُّ الدواء في الجسم مباشرة، فإنْ كان المرض أشد يُعْطَى حقنة في الوريد.

لماذا؟

ليصل الدواء المطلوب جاهزاً إلى الدم مباشرة، ليضخه القلب إلى جميع الأعضاء في أسرع وقت.

إذن: فالدم هو الذي يحمل خصائص الشفاء والعافية إلى البدن كله، والقلب هو (الموتور) الذي يؤدي هذه المهمة؛ لذلك عليك أنْ تحتفظ به في حالة جيدة، بأن تملأه بالحق حتى لا يفسده الباطل.

وسبق أنْ أوضحنا أن الحيز الواحد لا يمكن أنْ يسع شيئين في وقت واحد فما بالك إنْ كانا متناقضين؟

وقد مثَّلْنا هذه العملية بالزجاجة الفارغة إنْ أردتَ أن تملأها بالماء لابُدَّ أنْ يخرج منها الهواء أولاً ليدخل مكانه الماء.

كذلك الحال في المعاني، فلا يجتمع حق وباطل في قلب واحد أبداً، وليس لك أنْ تجعل قلباً للحق وقلباً للباطل؛ لأن الخالق جعل لك قلباً واحداً، وجعله محدوداً لا يسع إلا إيمانك بربك، فلا تزاحمه بشيء آخر.

ويُرْوَى أنه كان في العرب رجل اسمه جميل بن أسد الفهري وكان مشهوراً باللسَنِ والذكاء، فكان يقول: إن لي قلبين، أعقل بواحد منهما مثل ما يعقل محمد، فشاء الله أنْ يراه أبو سفيان وهو منهزم بعد بدر، فيقول له: يا جميل، ما فعل القوم؟

قال: منهم مقتول ومنهم هارب، قال: وما لي أراك هكذا؟

قال: مالي؟

قال: نعل في كفِّك، ونعل في رِجْلك، قال: والله لقد ظننتهما في رجلي، فضحك أبو سفيان وقال له: فأين قلباك؟

وإذا كان القلب هو المضخة التي تضخ الدم إلى كل الجوارح والأعضاء حاملاً معه الغذاء والشفاء والعافية، كذلك حين تستقر عقائد الخير في القلب، يحملها الدم كذلك إلى الجوارح والأعضاء، فتتجه جميعها إلى طاعة الله، فالرِّجْل تسعى إلى الخير، والعين لا تنظر إلا إلى الحلال، والأذن تسمع القول فتتبع أحسنه، واللسان لا ينطق إلا حقاً.

فكل الجوارح إذن لا تنضح إلا الحق الذي تشرَّبته من طاقات الخير في القلب.

لذلك يُعلِّمنا سيدنا رسول الله هذا الدرس، فيقول: "إن في الجسد مضغة، إذا صَلُحَتْ صَلُحَ الجسد كله، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

ثم يأخذ الحق سبحانه من مسألة اجتماع المتناقضين في قلب واحد مقدمة للحديث عن قضايا المتناقضات التي شاعتْ عند العرب، فيقول سبحانه: (مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ..) (الأحزاب: 4).

وقد شاع في الجاهلية حين يكره الرجل زوجته، يقول لها: أنت عليَّ كظهر أمي، ومعلوم أن ظهر الأم مُحرَّم على الابن حرمة مؤبدة، لذلك كانوا يعتبرون هذه الكلمة تقع موقع الطلاق، فلما جاء الإسلام لم يجعلها طلاقاً، إنما جعل لها كفارة كذب؛ لأن الزوجة ليست أماً لك، وحدد هذه الكفارة إما: عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام ستين يوماً.

وهذه المسألة تناولتها سورة (قد سمع) (ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً..) (المجادلة: 2) أي: كذباً؛ لأن الزوجة لا تكون أماً.

فالحق سبحانه جاء بمتناقض، وأدخل فيه متناقضاً آخر، فكما أن القلب الواحد لا تجتمع فيه طاعة الله وطاعة الكافرين والمنافقين، فكذلك الزوجة لا تكون أبداً أماً، فهي إما أم، وإما زوجة.

كذلك وُجد عند العرب تناقض آخر في مسألة التبني، فكان الرجل يستوسم الولد الصغير، أو يرى فيه علامات النجابة فيتبناه، فيصير الولد ابناً له، يختلط ببيته كولده، ويرثه كما يرثه ولده، وله عليه كل حقوق الابن.

وهذه متناقضة أيضاً كالسابقة، فكما أن الرجل لا يكون له قلبان، وكما أن الزوجة لا تكون أماً بحال، كذلك المتبنَّى لا يكون ولداً، فيقول سبحانه: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ..) (الأحزاب: 4).

الدعيُّ: هو الذي تدعى أنه ابنٌ وليس بابن، وكان هذا شائعاً عند العرب، وأراد الله سبحانه أنْ يبطل هذه العادة، ومثلها مسألة الظِّهار، فألغى القرآن هذه العادات، وقال: ضعوا كل شيء موضعه، فجعل للظهار كفارة، ونهى عن التبني بهذه الصورة.

والحق سبحانه ساعةَ يريد أنْ يلغي حكماً يقدم صاحب الدعوى نفسه ليطبق هو أمام الناس؛ لذلك جعل سيدنا رسول الله يبدأ بنفسه، ويبطل التبني الذي عنده.

تعلمون أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج من السيدة خديجة، وكان لها منزلة عند رسول الله، وقد اشترى لها حكيم بن حزام عبداً من سوق الرقيق هو زيد بن حارثة، وكان من بني كلب، سرقه اللصوص من أهله، وادعوْا أنه عبد فباعوه، ثم أهدتْه السيدة خديجة لسيدنا رسول الله، فصار مولىً لرسول الله، يخدمه طيلة عدة سنوات، وما بالكم بمَنْ يكون في خدمة رسول الله؟

لقد أحبَّ زيدٌ رسول الله، وعَشِق خدمته، وقال عن معاملته -صلى الله عليه وسلم- له: "لقد خدمتُ رسول الله عشر سنين، فما قال لشيء فعلتُه: لِمَ فعلتَه، ولا لشيء تركتُه لِمَ تركتَه".

وفي يوم من الأيام، رآه واحد من بني كَلْب في طرقات مكة، فأخبر أهله به، فأسرع أبو زيد إلى مكة يبحث عن ولده، فدلُّوه عليه، وأنه عند محمد، فذهب إلى سيدنا رسول الله، وأخبره خبر ولده، وطلب منه أنْ يعود معه إلى بني كلب.

ولكن، ما كان رسول الله ليتخلَّى عن خادمه الذي يحبه كل هذا الحب، فقال لأبيه: خيِّره، فإنِ اختاركم فخذوه، وإن اختارني فأنا له أبٌ، فلما خيَّروه - قال سيدنا زيد: والله ما كنت لأختار على رسول الله أحداً.

عندها أحب رسول الله أن يكافئه على هذا الموقف، وعلى تمسّكه بخدمته، فتبنّاه كما تتبنى العرب، وسمَّوْه بعدها: زيد بن محمد.

فلما أراد الحق سبحانه أنْ يبطل التبني بدأ بمتبنَّى رسول الله، ليكون هو القدوة لغيره في هذه المسألة، فكيف أبطل الله تعالى هذه البنوة؟

كان سيدنا رسول الله قد زوَّج زيداً من ابنة عمته زينب بنت جحش، أخت عبدالله بن جحش، وقد تعب رسول الله في إقناع عبدالله وزينب بهذه الزيجة التي رفضتها زينب، تقول: كيف أتزوج زيداً وهو عبد وأنا سيدة قرشية؟

ثم تزوجته إرضاءً لرسول الله، وعملاً بقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..) (الأحزاب: 36).

لكنها بعد الزواج تعالتْ عليه، أنها من السادة، وهو من العبيد، فكَرِه زيد ذلك، ولم يُطِقْ فأحبَّ أنْ يطلقها، فذهب إلى رسول الله وشكا إليه ما كان من زينب، وعرض عليه رغبته في طلاقها.

فقال له رسول الله: أمسك عليك زوجك، فعاوده مرة أخرى فقال له: أمسك عليك زوجك فعاوده زيد، عندها علم رسول الله أن رغبتهما في الطلاق، وكراهيتهما للحياة الزوجية أمر قدري، أراده الله لحكمة، ولأمر تشريعي جديد، شاء الله أنْ يُوقِع البغض بين زيد وزينب، فبُغْض زينب لزيد كان تعالياً واستكباراً، وبُغْض زيد لزينب كان اعتزازاً بالنفس.

ولكي يبطل الحق سبحانه تبنَّي رسول الله لزيد قضى بأن يتزوَّج رسول الله من زينب بعد طلاقها من زيد، ومعلوم أن امرأة الابن تحرم على أبيه، فزواج سيدنا رسول الله من زينب يعني أن زيداً ليس ابناً لرسول الله، ويبطل عادة التبني، والأثر المترتب على هذه العادة.

وقد أحسَّ رسول الله بشيء في نفسه، وتردَّد في هذا الزواج مخافة أنْ يقول الناس، إن محمداً أوعز إلى زيد أنْ يُطلِّق زينب ليتزوجها هو، كما يقول بعض المستشرقين الآن، وأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يضمر حبَّ زينب في نفسه، وهذا كلها افتراءات على رسول الله، فالذي يحب امرأة لا يسعى جاهداً لأنْ تتزوج من غيره، وحين يريد زوجها أنْ يُطلِّقها لا يقول له: أمسِكْ عليك زوجك.

ثم لا ينبغي لأحد أنْ يخوض فيما أخفاه رسول الله في نفسه، من أنه عاشق أو مُحِبٌّ، لكن انظر فيما أبداه الله، فالذي أبداه الله هو الذي يُخفيه رسول الله، واقرأ: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) (الأحزاب: 37).

إذن: الذي كان يُخفيه رسول الله هو أنه يخاف أنْ تتكلَّم به العرب، وأنْ تقول فيه مَا لا يليق به في هذه المسألة.

ويقول تعالى: (فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا) (الأحزاب: 37).

لماذا؟

(لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ..) (الأحزاب: 37).

وهكذا قرَّر الحق سبحانه مبدأ إبطال التبني في شخص رسول الله.

والحق سبحانه حينما يبطل عادة التبني إنما يبطل عادة ذميمة، تُقوِّض بناء الأسرة، وتهدم كيانها، تؤدي إلى اختلاط الأنساب وضياع الحقوق، فالولد المتبنّي يعيش في الأسرة كابنها، تعامله الأم على أنه ابنها، وهو غريب عنها، كذلك البنت تعامله على أنه أخوها، وهو ليس كذلك، وفي هذا من الفساد مَا لا يخفى على أحد.

وأيضاً، فكيف يكون الأب الذي جعله الله سبباً مباشراً لوجودك وتأتي أنت لتردَّ هذه السببية، وتنقلها إلى غير صاحبها، وأنت حين تنكر النبوة السَّببية في أبيك فمن السهل عليك -إذن- أنْ تنكر المسبِّب الذي خلق أولاً، ولِمَ لا وقد تجرأت على إنكار الجميل.

وكذلك الذي ينكر البنوة السببية يتجرأ على أنْ ينسب الأشياء إلى غير أهلها، فينسب العبادة لغير مستحقها، وينسب الخَلْق لغير الخالق.

وإلا، فلماذا يحثُّنا الحق دائماً على برِّ الوالدين؟

ولماذا قرن بين عبادته سبحانه وبين الإحسان إلى الوالدين في أكثر من موضع من كتابه العزيز، فقال سبحانه: (وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (النساء: 36) وقال: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الإسراء: 23).

قالوا: لأن الأب هو سبب الوجود المباشر، فإذا لم تبره، وأنكرتَ أبوته وتمردْتَ عليها، فلعلَّك تتمرد أيضاً على سبب الوجود الأصلي، فالوالدان لهما حق البر والإحسان، حتى لو كانا كافرين.

لذلك، لما سُئِل -صلى الله عليه وسلم-: أيسرق المؤمن؟

قال: نعم، أيزني المؤمن، قال: نعم، أيكذب المؤمن؟

قال: لا؟.

فالشرع حين يضع للجريمة حَدّاً وعقوبة، فهذا إيذان بأنها ستحدث في المجتمع المسلم، أما الكذب فلم يضع له الشارع حدّاً، مع أنه أشد من السرقة، وأعظم من الزنى..

لماذا؟

قالوا: لأن المؤمن لا يُتصوَّر منه الكذب، ولا يجترئ هو عليه؛ لأنه إنْ عُرِف عنه الكذب وقال أمامك: أشهد أنْ لا إله إلا الله يمكنك أنْ تقول له: أنت كاذب.

ثم يقول الحق سبحانه: (ذَٰلِكُمْ..) (الأحزاب: 4) أي: ما تقدَّم من جَعْل الزوجة أماً، أو جَعْل الدَّعي ابناً، فالزوجة لا تكون أبداً أماً؛ لأن الأم هي التي ولدتْ، كذلك لا يكون للولد إلا أب واحد (ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ..) (الأحزاب: 4) وهل يكون القول إلا بالأفواه؟

فماذا أضافتْ الأفواه هنا؟

قالوا: نعم، القول بالفم، لكن أصله في الفؤاد، وما اللسان إلا دليل على ما في الفؤاد.

كما قال الشاعر:
إنَّ الكَلامَ لَفِي الفُؤاد وَإنَّما جُعِلَ اللسَانُ علَى الفُؤَادِ دَليلاً

إذن: لا بدَّ أنْ يكون الكلام نسبة في القلب، منها تأتي النسبة الكلامية، فهل ما تقولونه له واقع، هل الزوجة تكون أماً؟

وهل الولد الدعيُّ يكون ابناً.

فهذا كلام من مجرد الأفواه، لا رصيد له في القلب ولا في الواقع، فهو -إذن- باطل، أما الحق فما يقوله الحق سبحانه (وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ) (الأحزاب: 4) والحق هو أن يكون المعتقد في القلب مطابقاً للكائن الواقع.

فالإنسان قد يتكلم بكلام استقر في قلبه حتى صار عقيدة عنده، وهو كلام غير صحيح، فحين يخبر بهذا الكلام لا يُسمَّى كاذباً لأنه أخبر على وَفْق اعتقاده، مع أن الخبر كاذب، فهناك فَرْق بين كذب الخبر، وكذب المخبر.

فالحق سبحانه يعاملنا في الأمر المعتقد في القلب: إنْ كان له واقع، فهو صِدْق في الخبر، وصِدْق في المخبر، وإنْ كان المعتقد لا واقعَ له فهو كذب في الخبر، وصدق في المخبر.

إذن: الأمر المعتقد يكون حقاً، إنْ كان له واقع، ويكون كاذباً إنْ لم يكُنْ له واقع، فإذا لم يكُنْ هناك اعتقاد في القلب أصلاً فهو مجرد كلام بالفم، وهذا أقل مرتبةً من القول الذي تعتقده وهو غير واقع.

فمعنى (وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ) (الأحزاب: 4) أي: الواقع الذي يجب أنْ يعتقد، والإعجاز هنا ليس في أن الله تعالى يقول الحق الواقع بالفعل، إنما ويخبر بالشيء فيقع في المستقبل على وَفْق ما أخبر سبحانه واقرأ قوله تعالى: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45).

فالحق سبحانه صادق حين يقول ما كان، ويصدق حين يقول ما سيكون.

والحق سبحانه حين يقول: (وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ..) (الأحزاب: 4) كأنه يقول: قارنوا بين قولين: قَوْل بالأفواه، وقول بالواقع والاعتقاد، وإذا كان قَوْل الله أقوى من الاعتقاد فقط فهو من باب أَوْلَى أقوى من القول بالأفواه فقط.

وقوله تعالى: (وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ) (الأحزاب: 4) يهدي السبيل إلى القول الحق.

ثم يقول الحق سبحانه: (ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ...).



سورة الأحزاب الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأحزاب الآيات من 01-05   سورة الأحزاب الآيات من 01-05 Emptyالثلاثاء 24 نوفمبر 2020, 1:13 pm

ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

معنى (ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ..) (الأحزاب: 5) يعني: قولوا: زيد بن حارثة، لكن كيف يُنزع من زيد هذا التاج وهذا الشرف الذي منحه له سيدنا رسول الله؟

نعم، هذا صعب على زيد -رضي الله عنه- لكنه (أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ..) (الأحزاب: 5) لا عندكم أنتم.

و(أَقْسَطُ..) (الأحزاب: 5) أفعل تفضيل، نقول هذا قِسْط وهذا أقسط، مثل عدل وأعدل، ومعنى ذلك أن الذي اختاره رسول الله من نسبة زيد إليه يُعَدُّ قِسْطاً وعدلاً بشرياً، في أنه -صلى الله عليه وسلم- أحسَّ بالبنوة وصار أباً لمن اختاره وفضَّله على أبيه.

لكن الحق سبحانه يريد لنا الأقسط، والأقسط أنْ ندعو الأبناء لآبائهم (فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ..) (الأحزاب: 5) أي: نُعرِّفهم بأنهم إخواننا في الدين.

ومعنى الموالي: الخدم والنصراء الذين كانوا يقولون لهم "العبيد"، فالولد الذي لا نعرف له أباً هو أخ لك في الله تختار له اسماً عاماً، فنقول مثلاً في زيد: زيد بن عبد الله، وكلنا عبيد الله تعالى والبنوة تثبت بأمرين: بالعقل وبالشرع، فالرجل الذي يتزوج زواجاً شرعياً، وينجب ولداً، فهو ابنه كوناً وشرعاً، فإذا زَنَت المرأة -والعياذ بالله- على فراش زوجها، فالولد ابن الزوج شَرْعَاً لا كوناً؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: الولد للفراش، وللعاهر الحَجَر.

كذلك في حالة الزوجة التي تتزوج مرة أخرى بعد وفاة زوجها أو بعد طلاقها، لكنها تنجب لستة أشهر، فتقوم هنا شبهة أن يكون الولد للزوج الأول، لذلك يُعَدُّ ابناً شَرْعاً لا كوناً؛ لأنه وُلد على فراشه.

فإن جاء الولد من الزنا -والعياذ بالله- في غير فراش الزوجية فهو ابنه كوناً لا شرعاً؛ لذلك نقول عنه "ابن غير شرعي".

كما أن في قوله تعالى: (هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ..) (الأحزاب: 5) تشريفاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلو قال تعالى: هو قسْط لكان عمل النبي إذن جَوْراً وظلماً، لكن أقسط تعني: أن عمل النبي قِسْط وعَدْل.

وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ..) (الأحزاب: 5) يُخْرجنا من حرج كبير في هذه المسألة، فكثيراً ما نسمع وما نقول لغير أبنائنا: يا بني على سبيل العطف والتودد، ونقول لكبار السن: يا أبي فلان احتراماً لهم.

فالحق سبحانه يحتاط لنا ويُعفينا من الحرج والإثم، لأننا نقول هذه الكلمات لا نقصد الأُبوّة ولا البنوة الحقيقية، إنما نقصد تعظيمَ الكبار وتوقيرهم، والعطف والتحنُّن للصغار، فليس عليكم إثْمٌ ولا ذَنْبٌ في هذه المسألة، إنْ أخطأتم فيها، والخطأ هو ألاَّ تذهب إلى الصواب، لكن عن غير عَمْد.

وإذا كان ربنا -تبارك و تعالى- قد رفع عنا الحرج، وسمح لنا باللغو حتى في الحلف بذاته سبحانه، فقال: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ) (المائدة: 89) فكيف لا يُعفينا من الحرج في هذه المسألة؟

ثم يقول سبحانه: (وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (الأحزاب: 5) سبق أنْ قُلْنا: أن الفعل إذا أُسْنِد إلى الحق سبحانه انحلَّ عنه الزمن، فليس مع الله تعالى زمن ماض، وحاضر ومستقبل، وهو سبحانه خالق الزمن.

لذلك نقول: (وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (الأحزاب: 5) يعني: كان ولا يزال غفوراً رحيماً؛ لأن الاختلاف في زمن الحدث إنما ينشأ من صاحب الأغيار، والحق سبحانه لا يطرأ عليه تغيير.

لذلك نخاف نحن من صاحب الأغيار لأنه مُتقلِّب، ويقول أهل المعرفة: تغيَّروا من أجل ربكم - يعني: من الانحراف إلى الاستقامة - لأن الله لا يتغير من أجلكم، أنت تتغير من أجل الله، لكن الله لا يتغير من أجل أحد، وما دام الحق سبحانه كان غفوراً رحيماً، وهو سبحانه لا يتغير، فبالتالي سيبقى سبحانه غفوراً رحيماً.

وتلحظ في أسلوب القرآن أنه يقرن دائماً بين هذين الوصفين غفور ورحيم؛ لأن الغفر سَلْب عقوبة الذنب، والرحمة مجيء إحسان جديد بعد الذنب الذي غُفِر، كأن تُمسِك في بيتك لصاً يسرق، فلك أنْ تذهب به للشرطة، ولك أن تعفو عنه وتتركه ينصرف إلى حال سبيله، وتستر عليه، وبيدك أنْ تساعده بما تقدر عليه ليستعين به على الحياة، وهذه رحمة به وإحسان إليه بعد المغفرة.

وقد عُولجَتْ هذه المسألة في قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ..) (النحل: 126) وهذا التوجيه يضع لنا أول أساس من أسس المغفرة؛ لأنك لا تستطيع أبداً تقرير هذه المثلية، ولا تضمن أبداً إذا عاقبتَ أنْ تعاقب بالمثل، ولا تعتدي؛ لذلك تلجأ إلى جانب المغفرة، لكي لا تُدخِل نفسك في متاهة اعتداء جديد، يُوجب القصاص منك.

وسبق أنْ حكْينا قصة المرابي الذي اشترط على مدينه إذا لم يسدِّد ما عليه في الوقت المحدد أن يأخذ رطلاً من لحمه، فلما تأخر اشتكاه المرابي عند القاضي، وذكر ما كان بينهما من شروط، فأقرَّه القاضي على شرطه، لكن ألهمه الله أنْ يقول للمرابي: نعم خُذْ رطلاً من لحمه، لكن بضربة واحدة، فإنْ زِدْتَ عنها أو نقصْتَ وفَّيناها من لحمك أنت، عندها تراجع المرابي، وتنازل عن شَرْطه.

إذن: أجاز لك الشرع القصاصَ بالمثل ليجعل هذه المرحلة صعبة التنفيذ، ثم يفتح لك الحق سبحانه باب العفو والصفح في المرحلة الثانية: (وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التغابن: 14).

ثم يُفسرها بحيثية أخرى، فيقول سبحانه: (وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).

ومعنى كظم الغيظ أنني لم أنفعل انفعالاً غضبياً ينتج عنه ردّ فعل انتقامي، وجعلتُ غضبي في قلبي، وكظمتُه في نفسي، وهذه المرحلة الأولى، أما الثانية فتُخرِج ما في نفسك من غَيْظ وغضب وتتسامح وتعفو.

ثم المرحلة الثالثة أنْ ترتقي إلى مرتبة الإحسان، فتُحسِن إلى مَنْ أساء إليك، وهذه رحمة، والرحمة؛ أنْ يميل الإنسان بالإحسان لعاجز عنه، فإنْ كان الأمر بعكس ذلك فلا تُسمَّى رحمة، كأن يميلَ العبدُ بإحسان إلى سيده.

هذه صور أتتْ فيها الرحمة بعد المغفرة، وهذا هو الأصل في المسألة، وقد تأتي الرحمة قبل المغفرة، كأنْ تُمسك باللص الذي يسرق فتشعر أنه مُكْره على ذلك، وليس عليه أمارات الإجرام، فيرقّ له قلبك، وتمتد يدك إليه بالمساعدة، ثم تطلق سراحه، وتعفو عنه، فالرحمة هنا أولاً وتبعتها المغفرة.

بعد ذلك لقائل أنْ يقول: ما موقف زيد بعد أنْ أبطل الله تعالى التبني، فصار زيدَ بن حارثة بعد أنْ كان زيد بن محمد؟

وكيف به بعد أنْ سُلِب هذه النعمة وحُرِم هذا الشرف؟

أضِفْ إلى ذلك ما يلاقيه من عنتَ المرجفين، وألسنة الذين يُوغرون صدره، ويُوقِعون بينه وبين رسول الله، وهو الذي اختاره على أبيه.

لا شكَّ أن الجرعة الإيمانية التي تسلَّح بها زيد جعلتْه فوق هذا كله، فقد تشرَّب قلبه حبّ رسول الله، ووقر في نفسه قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..) (الأحزاب: 36).

ثم تأتي الآيات لتوضح للناس: لستم أحنَّ على زيد من محمد، لأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- أوْلى بالمؤمنين جميعاً من أنفسهم، لا بزيد وحده.

ثم يقول الحق سبحانه: (ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ...).



سورة الأحزاب الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأحزاب الآيات من 01-05
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأحزاب-
انتقل الى: