ما حكم قول: (مولانا أو سيدنا) لأحد العلماء أو المشايخ؟
فتاوى فضيلة الشيخ: عبدالله جبر الخطيب

إجابة فضيلة الشيخ عبد الله جبر:
المولى لها معانٍ كثيرة منها:
1ـ السيد، والناصر على الأعداء.
2 ـ طاعة الله وموالاته والاستعانة به والتوكل عليه.
3 ـ الحافظ والناصر والمظفر على الأعداء.
وهذا جاء الوصف به لله تعالى.
فالمولى، والولي أسم من أسماء الله تعالى.
4 - الوثن: كما ذكر مجاهد في قوله تعالى: (يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) (الحج: 134).
5 ـ المولى بمعنى العصبة ومنه قوله تعالى: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً) (مريم: 5).
6 ـ القريب: (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ).
7 ـ المولى بمعنى الحليف: وهو مَن انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك.
8 ـ المولى بمعنى: المعتق انتسب بنسبك ولهذا قيل للمعتقين: الموالي.
9 ـ المولى الذي يلي عليك أمرك.
10 ـ المولى: المعتق لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك نصره وترث ماله إن مات ولا وارث له.
         
وهناك معان أخرى:
وجاء في الأذكار لإمام المحدثين يحيى بن شرف النووي رحمه الله:
يُكره أن يقول المملوك لمالكه: ربي، بل يقول: سيدي، وإن شاء قال: مولاي ففي صحيحي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئْ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي ومولاي...".

وفي رواية لمسلم:
"لا يقل أحدكم: ربي، وليقل: سيدي ومولاي".

ثم قال الإمام النووي:
قال الإمام أبو جعفر النحاس فى كتابه "صناعة الكتاب": أمَّا المولى فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحَدٍ أن يقول لأحَدٍ من المخلوقين: مولاى والأظهر أنه لا بأس بقوله: المولى والسيد: لغير الفاسق.

وقال الإمام النووي أيضاً:
اعلم أنَّ "السيد يُطلق على الذي يفوق قومه ويرتفع قدره عليهم، ويُطلق على الزعيم والفاضل ويُطلق على الحليم الذي لا يستفزه غضبه، ويُطلق على الكريم، وعلى المالك، وعلى الزوج، وقد جاءت أحاديث كثيرة بإطلاق "سيد" على أهل الفضل وأمَّا ما ورد في النَّهي فما رويناه بالإسناد الصحيح في سُنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا للمُنافق سيد، فإنه إن يَكُ سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل".

 قال الإمام النووي:
والجمع بين هذه الأحاديث: أنه لا بأس بالإطلاق: فلان سيد ويا سيدي وشبه ذلك إذا كان المسوَّد فاضلاً خيِّراً، إما بعلم وإما بصلاح وإما بغير ذلك، وإن كان فاسقاً أو متهماً في دينه أو نحو ذلك كره أن يُقال سيد، وجمع بين الأحاديث أبو سليمان الخطابي "في معالم السُّنن" بنحو ذلك.

وورد إيجاز حكم ذلك في فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قال:
"لا حرج في ذلك؛ لأن المولى كلمة مشتركة تُطلق على الله سبحانه وتعالى، والسيد المالك، وتُطلق على القريب: (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا)، يعني قريب عن قريب، وتُطلق على العتيق يُقال له مولى، والمُعتق يقال له مولى، فهي كلمة مشتركة، لكن الأولى والأفضل أن لا تُطلق على الناس بمعنى الرئاسة بمعنى الكبير ونحو ذلك؛ لأنه جاء في حديث رواه مسلم في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تقل مولاي فإن مولاكم الله).

وجاء في حديث آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للعبد: (وليقل سيدي ومولاي)، فأخذ منه العلماء أنه يجوز إطلاق لفظ المولى على السيد أو المالك، ويلحق به السلطان والأمير وشيخ القبيلة ونحو ذلك؛ لأنهم لهم رئاسة ولهم سيادة، ولكن ترك ذلك معهم أولى وأفضل إلا في حق السيد المالك فقط للحديث الذي ورد في ذلك، (وليقل سيدي ومولاي).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذه المسألة:
إن كان يقصد معناه وهي السيادة المُطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان يُقصد به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به أهلاً للإكرام فلا بأس به، ولكن لا يقول: "السيد" بل يقول: "يا سيد"، أو نحو ذلك، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به.

وقال الشيخ عبد الله الفقيه:
لا يجوز قول سيدي أو سيدنا للمنافق والكافر لحديث: "لا تقولوا للمنافق سيدنا, فإنه إن يَكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكم"، رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وكذلك لفظ صديق؛ لأن مناداة الكافر بلفظ صديق يشعر بأنه له على المسلم من المودة والاحترام والنُّصرة ما يحرم أن يكون لكافر؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَق) (الممتحنة: 1).

وقال جل وعلا أيضاً: (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُون) (المائدة: 80)، والولاية والمُوالاة هي المحبَّة والنُّصر.

أمَّا مُناداته بلفظ: يا سيد الفلانيين؛ فهي جائزة لأنه سيد أهله أو سيد قبيلته, أونحو ذلك، وفي الترتيل: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب) (يوسف: 25).

وكانت العرب تُسمَّي رؤساء القبائل والكُبراء (سادة) (سيد بني فلان)، ومثلما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَمَّا سأل بعض العرب: مَنْ سيدكم يابني فلان؟ أي مَنْ رئيسكم؟ ومن باب أولى أن يجوز إطلاقها على المسلم, قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحسن: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

وإنَّمَا يُكره أن يخاطب بـ(ياسيدي)، (ياسيدنا), لأنه لَمَّا قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: أنت سيدنا، قال: "السيد الله تبارك وتعالى".

ولأن هذا قد يُكسبهُ غروراً وتعظُّماً فينبغي ترك ذلك, فيُقال: يا فلان, أو يا أبا فلان.. بالأسماء والكُنى والألقاب التي تُعرف.

وأمَّا إطلاق كلمة السيد بالألف واللام كقولك: يا السيد فلا يجوز ولو على المُسلم, لأن السَّيِّد هو الله, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "السيد الله"، رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.

وعلى كل حال فالأمر فيه واسع إن شاء الله لأجل جوازه في حق السيد المالك، فيلحق به ما كان مثله في المعنى كالسلطان والأمير وشيخ القبيلة، والوالد ونحو ذلك، ولكن تركه في حقهم أولى، فيُقال أيُّهَا السُّلطان أيُّها الأمير يا فلان يا فلان يكون هذا أولى، عملاً بالحديث الذي فيه النهي من باب الحيطة؛ لأنه لَمَّا جاء فيه النهي فيكون الحيطة ترك ذلك.
والله تعالى أعلم.

المصادر:
- ملتقى أهل الحديث.
- منتديات الطريق إلى الله.
- منتدى الحوار الإسلامي.
- شبكة الربانيون.
- منتديات شبكة الفرقان الإسلامية.