(49) الصلاة:
وفي الصَّلاة كُنَّا نُبَيِّنُ لهم الحكمة في الوضوء، وكل أفعال الصلاة وأحوالها كما تقدَّم ذلك في موضع آخر، وكُنَّا نقول لهم ما معناه إن الإنسان إن كان يريد مقابلة أحَدِ المُلُوكِ فلابُدَّ له أولًا من إزالة ما بجسمه من الأوساخ، والأدران وما أشبهها، فكيف لا يفعل هذا وهو ذاهب إلى المسجد ليقف أمام ملك المُلوك وأحكم الحاكمين؟!

كَمَا أنَّ الإنسان يقف أمام مَنْ هو أكبر منه وقوف الأدب، والاحترام، والسكينة، فكذلك يقف أمام مولاه الأكبر واضعًا إحدى يديه على الأخرى، أو مُرسلًا إياهما، خاضعًا، خاشعًا، يحنو برأسه احترامًا ويضع جبهته التي هي أشرف عضو في جسمه على أخَسِّ شيءٍ وهو التراب في السُّجود، متذللًا له مُظهرًا نهاية الذلِّ والخُضُوع؛ ليكون راضيًا عنه سائلًا إيَّاهُ أن يغفر له ذنوبه ويتجاوز عن سيِّئاته.