(43) القرآن:
هُوَ كِتَابُ اللهِ الذي جاء به النَّبِيُّ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وفيه أصُولُ دِينِهِ وفروعه، وفضلًا عن هذا فقد حَوَى من الحُجَجِ الدَّامِغَةِ على كُلِّ مَنْ ارتابَ في صِحَّةِ الإسلام، وأخْبَرَ عن سيرة المُتقدِّمينَ وأخبار الأمم السَّالفة مِمَّا فيه ذكرى وعِبْرَةٌ لقومٍ يعقلون، كما أخْبَرَ عن كُلِّ ما في الوجود من عناصر ومعادن إمَّا تفصيلًا، وإمَّا ضمنًا، وذَكَرَ المواعظ الحسنة والإرشادات النافعة إلى خيري الدنيا والآخرة، ووَصَفَ الدُّنْيَا وصفًا مُمثِّلًا لحقيقتها، ووصف الآخرة وما أُعِدَّ فيها من النَّعيم المُقيم لِمَنْ آمَنَ بهذا القرآن وما فيها من العذاب الأليم لِمَنْ لم يُصدِّقهُ وكَفَرَ بِهِ، وكُلُّ ما نراه الآن من آثار الحضارة والمدنية المحمودة هو بعض ما تضمَّنه هذا القرآن في كثير من الآيات، ولو جَمَعْنا المشترعين في كُلِّ أمَّة من يوم خَلَقَ اللهُ العالمَ إلى هذا اليوم، وكُلَّفناهم بوضع قانون يسير عليه الناس في كُلِّ أحوالهم الاجتماعية، ويكفل لهم كُلَّ أنواع السَّعادات، لو عملوا به لوقفوا عند حَدِّ العجز عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي لم يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا أحصاها، كما قال تعالى: "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ"، وكُلُّ ما جاء في القرآن مرجعه إلى ثلاثة أقسام: التوحيد، والتذكير، والأحكام.

فالتَّوْحِيدُ داخلٌ فيه كُلُّ الآيات التي تَضَمَّنَتْ معنى ثُبُوتِ الألوهية والوحدانية وغير ذلك مِمَّا يتعلّقُ بذاته جَلَّ وعَلَا وصِفاتِهِ وكُلِّ ما يختصُّ بالرُّسُلِ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

والتَّذْكِيرُ داخلٌ فيه إنذار العُصاة وتبشير الطائعين، وهذا يدخل فيه ما جاء من المواعظ الحسنة، وضرب الأمثال، والحكم في جوامع الكلم، وذكرى أهل العصور السالفة، والتهديد، والوعيد، والزواجر، والتبشير بالجنة ووصف ما فيها من الخيرات التي أُعِدَّتْ للذين يعملون الصالحات.

والأحْكَامُ داخلٌ فيها كُلُّ ما يتعلّق بالعبادات، والمُعاملات، وكُلُّ ما تقتضيه الحُقوق من كُلِّ أنواع القضايا التي نراها الآن.