(5) مدينة مسينا:
هي من مُدُنِ إيطاليا في البحر الأبيض المتوسط وواقعة على مدخل بوغاز مسينا من الشرق، وهي ميناء حربية وتجارية في الحالتين ذات أهمية، كما أنها من أشهر مدن مقاطعة جزيرة صقلية، وهذه المدينة بُنِيَتْ على نشاز من الأرض أو هضبة مرتفعة فترى منازلها كدرجات السُّلَّمِ بعضُها فوق بعض وشوارعها ذات انحدار واحد يدأب، ولكنها في الجملة منظمة الشوارع مفروشة بالأسفلت خالية من الأتربة وعلى جانبها المنازل، والفنادق، والعمارات الضخمة البناء، وأسواقها حافلة بأنواع البضائع الغربية، كما أن الفواكه فيها كثيرة جدًّا مما يدلُّ على أن هذه المدينة كثيرة البساتين، وبهذه المدينة قلعة بُنيَت في البحر بحيث تَمُرُّ السُّفُنُ الذاهبة إلى المرفأ بينها وبين المدينة وتُسمَّى قلعة سنتبوري، وليس إتقان بنائها بأضمن لصيانتها وصيانة المدينة من نفس الموضع الذي بُنيَت فيه على هذا الشكل.

وفي مسينا كُلِّيَةُ كبرى تخرَّجَ منها كثيرٌ من العُلماء في كُلِّ الفنون التي تُدرَّسُ في الكليات، أُسِّسَتْ سنة 1549 ميلادية؛ أي منذ ثلاثة قرون ونصف، وفيها كُتُبخانة جمعت الألوف من الكتب التي لا توجد في أغلب كتبخانات أوروبا، وقد حدَّثني كثيرون بهذا مِمَّنْ زاروا هذه الكتبخانة وشاهدوا ما فيها من الآثار العلمية، وفيها نحو الثُمَّانين كنيسة من الكنائس الكبرى المُشَيَّدَةِ البُنيان المُزدانة بأجمل النُّقوش، وأحسن الرُّسُوم، وأكبرها الكنيسة التي بناها المَلِكُ روجل.

وأكثر الصَّنائع انتشارًا في هذه المدينة النَّسْجُ والدِّبَاغَةِ؛ إذ بها كثيرٌ من معامل نسج الحرير ودبغ الجُلود مع جودة الصَّنعة، وهي قد أُسِّسَتْ في القرن العاشر قبل الميلاد وقد جاء في التاريخ أن أوَّل مَنْ استعمرها اليونانيون سنة 735 قبل الميلاد، وقد تقلّبتْ هذه المدينة في أحوال وأطوار شتَّى، حتَّى حصلت الثورة الداخلية التي أخمدها القائد الطلياني المشهور غاليباردي ثُمَّ أُلحقَت بأملاك إيطاليا ولم تزل كذلك إلى الآن، ثُمَّ أقلعت الباخرةُ من هذه المدينة قاصدةً نابلي.