امرأة من أهل الجنة
- عن ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أصرع وإني أتكشَّف فادع الله لي، قال: إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجنة وإن شئتِ دعوتُ اللهَ تعالى أن يُعافيكِ فقالت: أصبر، فقالت: أني أتكشَّف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها) (3).

التعليق:
امرأة تُصرع وتتكشَّف فَيُخَيِّرُهَا النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الدعاء لها بالشفاء والصبر ودخول الجنة فاختارت الدائم بالزائل..
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - التوابين لأبن الجوزي.
(2) - بستان العارفين.
(3) - رواه البخاري ومسلم.

وأعلم أن الله تعالى ما أخذ منك إلا ليعطيك وما أمرضك إلا ليشفيك.. وما ابتلاك إلا ليُعافيك وهو أرحم الراحمين.
وما أجمل ما قاله أبو الدرداء -رضى الله عنه- في هذا المعنى قال: الناس تكره الفقر وأنا أحبه تواضعاً لربي، وتكره المرض وأنا أحبه تكفيراً لخطاياي، وتكره الموت وأنا أحبه اشتياقاً للقاء ربي.
لا مفر إذن من الإيمان بهذه الحقيقة: (ما أصابك ما كان ليُخطئك وما أخطئك ما كان ليُصيبك وإنما كل شئٍ قضاء وقدر).
وها هو: إبراهيم ابن ادهم رحمة الله عليه يُعطي درساً للإيمان بهذه الحقيقة عندما وجده مهموم وحزين..
قال له يا هذا إني سائلك عن ثلاث فأجب..
قال نعم..
قال: أيجري في هذا الكون شيئاً لا يريده الله؟
قال: كلا.
قال افينقص من عمرك لحظة كتبها الله لك في الحياة؟..
قال: كلا.
قال افينقص من رزقك شئٌ قدَّره الله لك؟..
قال: كلا.
قال له: فعلام الحزن إذن!

حقاً أخي المسلم لماذا الغم والهم والحزن على ما كان وما سيكون، وكل شئ بقضاء الله وحكمته، ليس على المؤمن بالله إلا التسليم والأخذ بالأسباب والتوكل على رب الأرباب جل وعلا، وهذا ما أوصانا به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المؤمن القوي خَيْرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَّرَ الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) (1).