الذنب العظيم
رُويَ أنَّ امرأةً من بني إسرائيل جاءت إلى موسى عليه السلام فقالت: يا رسول الله إني أذنبت ذنباً عظيماً وقد تُبْتُ منه إلى الله تعالى فادْعُ الله أن يغفر لي ذنبي ويتوب عليَّ.
فقال لها موسى عليه السلام: وما ذنبكِ؟
قالت: يا نبي الله إني زنيت وولدت ولداً فقتلته.
فقال لها موسى عليه السلام: أخرُجِي يا فاجرة لا تنزل نارٌ من السماء فتحرقنا بشؤمكِ.
فخرجت من عنده مُنكسرة القلب، فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا موسى الرَّبُّ تعالى يقول لك: لِمَ رددت التائبة يا موسى؟.. أما وجدت شراً منها؟
قال موسى: يا جبريل ومَنْ هو شَرٌ منها؟
قال: تارك الصلاة عامداً متعمِّداً (1).

التعليق:
الصلاة المقصودة من هذه القصة ليس مثل صلاتنا قطعاً من ركوع وسجود... الخ.. ولكنها علي كل حال صلاة لله تعالي حسب شريعة نبي الله موسي -عليه السلام-, وترك الصلاة لله أمر يُسْخِطُ اللهَ تعالي، ولذلك في هذه القصة كان تارك الصلاة ذنبه أعظم من مرتكب الزِّنا.
وفي شريعتنا الأمر لا يختلف فالصلاة عندنا هي عمود الدين والصِّلة بين العبد وربه, وهي من أركان الدين، مَنْ عمل بها فهو مسلم له ما لنا وعليه ما علينا.. لقوله -صلى الله عليه وسلم- (بُنِيَ الإسلام عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إله إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) - متفق عليه.
والله تعالي يأمرنا بالمحافظة عليها فقال تعالى: "حَافِظُوا عَلى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى" البقرة: 238.
وتَوَعَّدَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- تاركها بقوله: "بين الرجل وبين الشِّرك والكُفر تركُ الصلاة" (2).
قال النووي في شرح الحديث ما مختصره: وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصلاة أن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة, فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل, بل دخل فيه. اهـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - الكبائر للذهبي.
(2) - مسلم في الإيمان (82).