كلمة المُتَرْجِمْ
بسم الله الرحمن الرحيم
قد يبدو غريباً أن رَجُلاً درس العلوم الاقتصادية والمالية وشغل منصب وكيل وزارة المالية والاقتصاد، ومركز نائب المحافظ لصندوق النقد الدولي بواشنطن، ومنصب سفير مصر في باريس، يَعْمَدُ إلى ترجمة كهذا الكتاب، يتكلم في الفلك والجيولوجيا والطبيعة والكيمياء والطب وعلم الوراثة، ومثل ذلك من العلوم التي لا تَمُتُّ إلى عمل المُتَرْجِمِ، ولا إلى دراسته، بسببٍ من الأسباب.

ولكن الواقع أني حين قرأتُ هذا الكتاب إبَّانَ إقامتي في أمريكا، ضِمْنَ ما قرأته من كُتُبٍ في موضوعات شتَّى -أعجبتني الغاية السَّامية التي توخّاها المُؤلف الكبير من تأليفه، ألا وهي إثبات وجود الله ووحدانيته، بأدلةٍ من الْعِلْم المادي الحديث!

وكان العهد بدُعاة الإلحاد أن يَحْتَجُّوا لدعوتهم بأدلةٍ يحسبونها علميَّة، حتى لقد ظنَّ البعض أن الْعِلْم والإيمان نقيضان لا يجتمعان، بل ألّفَ أحَدُ الْعُلَمَاء الغربيين -وهو جوليان هكسلي- كتاباً في ذلك سَمَّاه: (الإنسان يقوم وحده) Man Stands Alone زعم فيه أن العِلْمَ يُنكِرُ وجُودَ الله.

ولكن ها هو ذا عالمٌ من أكبر الْعُلَمَاء الأمريكيين، وقد شغل حيناً مركز رئيس المجمع الْعِلْمي في أمريكا، قد تصدَّى له ورَدَّ عليه وبَيَّنَ له وللناس جميعاً، أن الْعِلْم الحديث يُثبتُ وجُودَ اللهِ وينتهي إلى الإيمان به وبوحدانيته، بما لا يحتملُ الشَّكَّ أو الجَدَل.

وقد سَمَّى كتابه (الإنسان لا يقوم وحده Man Does Not Stand Alone) أثبت فيه بمختلف العلوم أن اللهَ بَارِئُ الكَوْنِ وهو خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.

لذلك وحده عنيت بترجمة هذا الكتاب لعله ينتشر بين قُرَّاءِ العربيةِ كما انتشر في أمريكا حيث كان له أثرٌ كبيرٌ في صَدِّ موجةِ الإلحادِ وتثبيت قوة اليقين.

وقد وجدت كثيراً من آيات القرآن الكريم تؤيدُ ما ذهبَ إليه المُؤلفُ فوضعتُها في مواضعها من فُصول الكتاب.

والله الهادي إلى أقوم سبيل.
محمود صالح الفلكي