منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة التوبة الآيات من 046-050

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

سورة التوبة الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: سورة التوبة الآيات من 046-050   سورة التوبة الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 06 سبتمبر 2019, 9:18 pm

وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ففي ترددهم دلالة على أنهم لا يريدون الخروج للجهاد؛ ولو كانوا عازمين بالفعل على ذلك لأعدوا ما يلزمهم للحرب من الزاد الراحلة والسلاح، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من هذا قط؛ لأنهم افتقدوا النية الصادقة للجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

ولقائل أن يقول: ألم يكن من الجائز أن يعدوا كل شيء للقتال في آخر لحظة؟

نقول: لا.

فالذاهب إلى القتال لا يمكن أن يستعد في آخر لحظة.

بل لابد أن يشغل نفسه بمقدمات الحرب من سلاح وزاد وراحلة وغير ذلك، ولو لم يشغل نفسه بهذه المسائل قبل الخروج بفترة وتأكد من صلاحية سلاحه للقتال؛ ووجود الطعام الذي سيحمله معه؛ وغير ذلك، لما استطاع أن يخرج مقاتلاً.

فليست المسألة بنت اللحظة.

بل كان عدم استعدادهم للقتال يُعَدُّ كشفاً للخميرة المبيَّتة في أعماقهم بألا يخرجوا، وسبحانه قد اطلع على نواياهم، وما تُخْفي صدورهم، وقد جازاهم بما أخفوا في أنفسهم.

لذلك يقول: (وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ) وسبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل الخلق هم الذين في احتياج دائم إليه سبحانه؛ لذلك ثبط هؤلاء عن الخروج، وكره سبحانه خروجهم للقتال، و "ثبطهم" أي جعلهم في مكانهم، ولم يقبل منهم أن يعدوا العدة للقتال كراهية منه سبحانه أن يخرجوا بنشاط إلى القتال.

والكره: عملية وجدانية.

والتثبيط: عملية نزوعية.     

وأضرب هذا المثل دائماً -ولله المثل الأعلى- أنت ترى الوردة، فتدرك بعينيك جمالها، فإنْ مددتَ يدك إليها لتقطفها، هنا يتدخل الشرع ليقول لك: لا؛ لأن هذا نزوع إلى ما لا تملك.

وإن أردت أن تحوز وردة مثلها، فإما أن تشتريها وإما أن تزرع مثلها، إذن: فالمشرع يتدخل -فقط- في الأعمال النزوعية.

وكراهية الله لنزوعهم تجلَّتْ في تثبيطهم وخذلهم وردِّهم عن الفعل، وزيَّن لهم في نفوسهم ألا يخرجوا للقتال مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لحكمة أرادها الحق سبحانه، فوافقت ما أذن فيه رسول الله في التخلف، وهنا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قال: (وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ) وإذا كان التثبيط من الله، فكأنه أوضح لهم: اقعدوا بإذن الله من الإرادة الإلهية.

أو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن لهم بالقعود والتخلف لمّا استشفَّ تراخيهم، أو أن الشياطين أوحتْ لهم بالقعود، فالحق هو القائل سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً) (الأنعام: 112).     

وهكذا نجد أن كلمة: (قِيلَ) قد بُنيتْ لما يُسَمَّ فاعله لإمكان أن يتعدد القائلون، فالله بتثبيطه لهم كأنه قال لهم: اقعدوا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: اقعدوا، والشياطين حينما زينوا لهم القعود؛ كأنهم قالوا لهم: اقعدوا.

وقولهم بعضهم لبعض زيَّن لهم القعود، وهكذا أعطتنا كلمة واحدة عطاءات متعددة.

وهل ينفي عطاءٌ عطاءً؟     

لا.

بل كلها عطاءات تتناسب مع الموقف.

(وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ) والمقصود بالقاعدين هنا: هم الذين لا يجب عليهم الجهاد من النساء والأطفال والعجائز.

فكأنهم قد تخلوا بعدم خروجهم عن رجولتهم التي تفرض عليهم الجهاد.

وهذه مسألة ما كان يصح أن يرتضوها لأنفسهم.

وفي موقع آخر من نفس السورة قال الحق سبحانه: (رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ) (التوبة: 87).     

وقد كانت الرجولة تفترض فيهم أن يهبوا للقتال، لكنهم ارتضوا لأنفسهم، ضعف النساء والأطفال.

ونجد الشاعر العربي عندما أراد أن يستنفر أفراد قبيلته الذين تكاسلوا عن القتال معه، فقال:
وَمَا أدْرِي ولسْتُ إخَالُ أدْري أقوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ

والقوم تُطلَقُ على الرجال دون النساء.

ثم يبين لنا الحق حكمة التثبيط، فإن كان قعودهم من جانب الخير، فتثبيط الله لهم حكمة، وإذن الرسول لهم بعدم الخروج حكمة.

وإن كانت مسألة قعودهم من وسوسة الشياطين لهم أو وسوسة النفوس، فقد خدمت وسوسة الشياطين ووسوسة النفوس قضية الإيمان، وأعانوا على مراد الله، وهذا هو الغباء الكفرى، فزينت الوسوسة لهؤلاء المنافقين عدم الخروج للجهاد في سبيل الله؛ لأنهم لو خرجوا لحدث منهم ما قاله الحق سبحانه وتعالى فيهم: (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً...).



سورة التوبة الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

سورة التوبة الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة الآيات من 046-050   سورة التوبة الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 06 سبتمبر 2019, 9:19 pm

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والخبال مرض عقلي ينشأ معه اختلال موازين الفكر، فتقول: فلان مخبول، أي: أنه يحكم في القضايا بدون عقل، إذن فقوله تعالى: (مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً) أي: أنهم لن يكونوا إلا مصدراً لبلبلة الأفكار لو خرجوا معكم للقتال، فلا تستطيعون اتخاذ القرار السليم.

فكأنهم عين عليكم، وضدكم وليسوا معكم، وقد يكونون من عوامل الهزيمة التي لم يُرِدْهَا الله لكم، وليسوا من عوامل النصر، فكأن عدم خروجهم هو دفع لشَر، كان سيقع لو أنهم خرجوا معكم.

وشاء الحق عدم خروجهم حفاظاً على قوة المؤمنين وقدرتهم على الجهاد.

وقوله تعالى: (ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ) أي: أنهم كانوا سيُحْدثون فُرْقة بين صفوف المؤمنين ويُفرِّقونهم، وسيتغلغلون بينهم للإفسَاد؛ لأن الخلال هو الفُرْجة بين الشيئين أو الشخصين، فيدخل واحد منهم بين فريق من المؤمنين فيفسد، وآخر يفسد فريقاً آخر، وهكذا يمشون خلال المؤمنين ليفرقوا بينهم.

ولكن التساؤل: هل كانوا سيخرجون معهم أو فيهم؟

هم كانوا سيدخلون في الفُرج بين المؤمنين ليبلبلوا أفكارهم.

ونقول: إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، وعندما تسمع كلمة "فيكُم" اعلم أنها تغلغل ظرف ومظروف؛ ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في موضع آخر من القرآن ما يوضح لنا الظرف والمظروف، قال الحق: (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ) (طه: 71).

هل كان فرعون سيصلب السحرة في داخل الجذوع أم على الجذوع؟

وإن كان أهل اللغة قد قالوا: إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض.

فإننا لا نرضى هذا الجواب؛ لأننا إن رضيناه في أساليب البشر، لا يمكن أن نقبله في أساليب كلام الله؛ لأن هناك معنى "في" الظرفية؛ ومعنى آخر في استخدام حرف "على”.

ولو قال الحق سبحانه وتعالى: "لأصلبنكم على جذوع النخل"، فإن لها معنى أن يكون الصَّلْب على الجذع؛ أي: أنه صَلْبٌ عادي، ولكن قوله تعالى: (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ) معناه: أن عملية الصَّلْب ستتم بقوة بحيث تدخل أجزاء من جسم المصلوب في المصلوب فيه، أي: أن جنود فرعون كانوا سَيَدقُّون على أجساد السحرة حتى تدخل في جذوع النخل، وتصبح هذه الأجساد وجذوع النخل وكأنها قطعة واحدة، هذه صورة لقسوة الصلب وقوته.

لكن إذا قلنا: على جذوع النخل لكان المعنى أخفَّ، ولكان الصَّلْب أقل قسوة، فكأن القرآن الكريم قد استعمل ما يعطينا دقة المعنى.

بحيث إذا تغيَّر حرف اختل المعنى.

ونجد الحق سبحانه وتعالى يقول في موضع آخر من القرآن الكريم: (وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) (آل عمران: 113).

أي: أن سرعتنا في العمل الصالح تنتهي بنا إلى المغفرة، إذن: فنحن قبل أن نسرع إلى الصالح من الأعمال لم نكن في المغفرة، وعندما نسارع نصل إليها.

ثم نجد قول الحق سبحانه وتعالى أيضاً: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ) (الأنبياء: 90).

ولم يقل: يسارعون إلى الخيرات؛ لأن عملهم الآن خير، وهم سيسارعون فيه؛ أي سيزيدونه؛ إذن: إنْ سارعتَ إلى شيء كأنه لم يكن في بالك، ولكنك ستسرع إليه، ولكن سارعتَ في الخير، فكأنك في الخير أولاً ثم تزيد في فعل الخير.

وإذا تدبرنا قول الحق سبحانه: (ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ) نجد أن "أوضع" تعني: أسرع بدرجة بين الإبطاء والسرعة، فيقال: "أوضعت الدابة؛ أي مشتْ بخُطىً غير بطيئة وغير سريعة في نفس الوقت، ولو نظرتَ إلى حالة هؤلاء المنافقين لو خرجوا مع المؤمنين للقتال، لرأيتهم وهم يزينون لهم الفساد، ويعملون على أن تصاب عقول المقاتلين بالخبل، ولوجدتَ أن هذا الأمر يتطلب آخر البطء وأول السرعة في الحركة، كانوا يحتاجون إلى البطء؛ لأنهم كانوا سيهمسون في آذان المؤمنين بتزيين الباطل وهذا يقتضي بُطئاً، ثم ينتقل الواحد منهم إلى مؤمن ثان ليقوم معه بنفس العملية، ولابد أن يسرع إلى التواجد بجانب المؤمن الآخر.

إذن: فالحركة هنا تحتاج إلى البطء في الوسوسة؛ وسرعة في الانتقال من مؤمن لآخر.

وهذا أدقُّ وصف ينطبق على ما كان سيحدث.

ولكن ما هدف هؤلاء المنافقين من أن يضعوا الخبل في عقول المؤمنين؟

ويُفرِّقوهم جماعات؟

الهدف: أن ينالوا من وحدتهم وقوتهم، ويقول الحق سبحانه وتعالى: (يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ) أي: يطلبون لكم الفتنة؛ لأن الإنسان الشرير حين يرى خيراً يقوم به غيره، يجد الملكات الإيمانية في أعماقه تصيبه بنوع من احتقار النفس، فيحاول التقليل من شأن فاعل الخير بأن يسخر مما يفعله أو أن يستهزئ به، وهذا أوضح ما يكون في مجالس الخمر، حين يحس الجالسون في هذه المجالس بالذنب الشديد؛ إن وُجِدَ بينهم إنسان لا يشرب الخمر، فتجدهم يحاولون أن يُغْروه بكل طريقه؛ لكي يرتكب نفس الإثم، فإذا رفض أخذوا يُعيِّرونه ويستهزئون به، ويسخرون منه، ويدَّعُون أنه لم يبلغ مبلغ الرجال، وغير ذلك من أساليب السخرية.

وأيضاً تجد الكذاب يحاول دفع الناس إلى الكذب، والسارق يغري الناس بالسرقة، والمرتشي يحاول نشر الرشوة بين جميع زملائه، فإذا وُجِدَ إنسان نزيه وسط هؤلاء الذين يرتكبون هذه الألوان من السلوك السيء؛ فهم يضطهدونه ويسخرون منه.

والمثال: حين يقوم إنسان للصلاة بين عدد من تاركي الصلاة، تجدهم يحاولون السخرية منه، فهذا يقول له: خذني على جناحك، وهذا يقول له مستهزئاً: يجعلنا الله من بركاتك.

ويُبيِّن لنا القرآن الكريم هذه القضية ليعطينا المناعة الإيمانية فيقول: (إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) (المطففين: 29-36).

وهذه الآيات تعطينا صورة لما يحدث عندما يعمُّ الفساد في الأرض، فالذين سخروا من المؤمنين يضحكون ضحكات ستزول حَتْماً طال الوقت أو قَصُر يتبعها عذاب في الآخرة، أما أهل الإيمان فهم يخشون الله في الدنيا؛ فيثيبهم الله في الآخرة، ويضحكون ضحكة خالدة مستمرة.

إذن: فقوله تعالى: (يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ) أي: إنهم من فَرْط حقدهم عليكم وعلى إيمانكم، يحاولون أن يفتنوكم في دينكم حتى تنزلوا إلى مستواهم، تماماً كأنماط السلوك التي بيَّناها من قبل.

ثم يبيِّن الحق سبحانه وتعالى أن الصف الإيماني لن يكون في مَنَعة مما كان سيفعله هؤلاء المنافقون، فصحيح أنهم لم يخرجوا مع المؤمنين، ولكن هناك بين المؤمنين من كان يستمع لهم، ويقول الحق تبارك وتعالى: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ) وسمعتُ لفلان، أي: سمعتْ أذني ما قاله، وسمعت من فلان، أي: لصالح شخص آخر، أي: من يستمع منهم أو من يستمع أخباركم فهو ينقلها إليهم.

إذن: فاللام تأتي بالمعنيين، فمن المؤمنين من كان سيسمع لهؤلاء المنافقين مما يُحدث بلبلة في فكرهم، ومن هؤلاء المبلبلين للأفكار جواسيس لهم ينقلون إليهم أخبار المؤمنين ويعملون لحسابهم، وهناك من المؤمنين مَنْ سيسمع لهم أولا.

فإذا أصيبوا بالخبل بدأوا في نقل أخبار المؤمنين إليهم، وهكذا جاءت "اللام" فاصلة بين "سمعت له" أو "سمعت من غيره لصالحه" ويزيد الله سبحانه هذا الأمر إيضاحاً في قول الحق تبارك وتعالى: (إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً) (النساء: 105).

فنجد السطحي التفكير يقول: إن هذا تحذير من مخاصمة الخائنين؛ خوفاً من ألاَّ يقدر عليهم، أو أن يزدادوا في إثمهم بسبب هذه الخصومة.

ونقول: إنك لم تفهم المعنى، فالمعنى الواضح هو: لا تكُنْ لصالح الخائنين خصيماً، أي: لا تترافع عن الخائنين أو تدافع عنهم.

وقوله تعالى (وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ) لأن الذي كان سيسمع، والذين سيسمع لصالحهم؛ كلاهما ظالم والله عليم بهم.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: (لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ...).



سورة التوبة الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

سورة التوبة الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة الآيات من 046-050   سورة التوبة الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 06 سبتمبر 2019, 9:20 pm

لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والحق سبحانه وتعالى يريد أن يُذكِّر المؤمنين بالوقائع السابقة التي ارتكبها المنافقون والكفار تجاه الإسلام والمسلمين من: مؤامرات على الإسلام، ومحاولات للإيقاع بين المسلمين؛ والتآمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وقوله تعالى: (ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ) له -صلى الله عليه وسلم- دليل على تلك الوقائع السابقة.

أما قوله تعالى: (وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ).

فالتقليب: هو جعل أسفل الشيء عاليه، وعاليه أسفله؛ حتى لا يستتر منه شيء.

وهذا مظهر نراه في السوق؛ عندما تذهب عند الفاكهي وتجد ما هو موجود في أعلى الفاكهة مُنْتقىً بعناية، فإذا اشتريتَ منه ملأ لك الكيس من الصنف الرديء الذي أخفاه أسفل القفص.

وهكذا يأتي لك بالأسفل أو بالشيء الرديء المكشوف عورته.

والذي لا يمكن أن تشتريه لو رأيته ويضعه لك.

وهكذا يفعل المنافقون حين يُقلِّبون الأمر على الوجوه المختلفة حتى يصادفوا ما يعطيهم أكبر الشر للمؤمنين دون أن يصابوا هم بشيء.

والمثال الواضح: عندما تآمرت قريش على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجاءوا من كل قبيلة بشاب ليضربوه ضربة رجل واحد ليضيع دمه بين القبائل.

لكن الحق سبحانه يأتي إلى كل هذه الفتن ويجعلها لصالح المؤمنين، ولذلك يقول جل جلاله: (حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) فالتآمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومحاولة قتله جعل الأمور تؤدي إلى هجرته -صلى الله عليه وسلم- من مكة وخروجه منها مما جعله الله سبحانه وتعالى سبباً في إظهار الحق وانتشار الإسلام؛ لأن الله لا يرسل رسولاً ثم يخذله، فما دام قد أرسل رسولاً فلابد أن ينصره، فأريحوا أنفسكم، ولا تبغوا الفتنة؛ لأن السابق من الفتن انقلب عليكم وأدَّى إلى خير كثير للمؤمنين.

وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 171-173).

وقوله تعالى: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) وهو قضية كونية عقدية، فإذا رأيتَ قوماً مؤمنين التحموا بقتال قَوم كافرين وانهزموا، فاعلم أنهم ليسوا من جنود الله حقّا، وأن شرطاً من شروط الجندية لله قد اختل.

ولذلك علينا أن نحاسب أنفسنا أولاً.

فمثلاً في غزوة أُحد، عندما طلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرماة ألا يتركوا أماكنهم فخالفوه، هنا اختل شرط من شروط الجندية لله وهو طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فماذا كان يحدث للإسلام لو أن هؤلاء الرماة خالفوا رسول الله وانتصروا؟

لو حدث ذلك لَهانَتْ أوامر الرسول عليه الصلاة والسلام على المؤمنين.

ويوم حنين، حين اعتقد المؤمنون أنهم سينتصرون بكثرتهم وليس بإيمانهم، وكانت النتيجة أن أصيبوا بهزيمة قاسية أول المعركة؛ لتكون لهم درساً إيمانياً.

ولذلك إذا رأيت إيماناً انهزم أمام كفر، فاعلم أن شرطاً من شروط الجندية الإيمانية قد اختل.

واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ) (آل عمران: 146-147).

إذن: فأول شيء فعله هؤلاء المقاتلون؛ أنهم عرفوا أن الذنوب يمكن أن تأتي إليهم بالهزيمة، فاستغفروا الله وتابوا إليه وحاربوا فنصرهم الله، وإذا حدث لهم ولم ينتصر المؤمنون؛ فمعنى هذا أن هناك خللاً في إيمانهم؛ لأن الله لا يترك قضية قرآنية لتأتي حادثة كونية فتكذبها.

يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي...).



سورة التوبة الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

سورة التوبة الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة الآيات من 046-050   سورة التوبة الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 06 سبتمبر 2019, 9:22 pm

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٤٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هؤلاء هم الذين استأذنوا رسول الله في عدم الخروج للجهاد، ومنهم من قال هذه العبارة: لا تفتني بعدم إعطاء الإذن، ولكن ما موضوع الفتنة؟

هل هو عذاب، أم سوء، أم شرك وكفر -والعياذ بالله-؟

إن كل ذلك -وغيره- تجوز فيه الفتنة.

والقول: (ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي) ظاهره أنه أمر، ولكنه هنا ليس أمراً؛ لأن الأمر إذا جاء من الأدنى للأعلى فلا يقال إنه أمر، بل هو دعاء أو رجاء، وإن جاء من المساوى يقال: "مساو له"، أما إن جاء من الأعلى إلى الأدنى؛ فهذا هو ما يقال له أمر، وكلها طلب للفعل.

وكان الجد بن قيس -وهو من الأنصار- قد جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ائذن لي ولا تفتني؛ لأن رسول الله إن لم يأذن له فسيقع في فتنة مخالفة أوامر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وقيل: إن هذا الأنصاري لم يكن له جَلَدٌ على الحرب وشدائدها.

وقيل: إنه كان على وَلَع بحب النساء وسمع عن جمال بنات الروم، وخشي أن يُفتنَ بِهنَّ، خصوصاً أن المعركة ستدور على أرض الروم.

ومن المتوقع أن يحصل المقاتلون على سبايا من بنات الروم.

وقوله تعالى: (ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي) أوقعه في الفتنة فعلاً؛ لذلك جاء قول الحق: (أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ).

وكان هذا الأنصاري سميناً، وشكا من عدم قدرته على السفر الطويل والحر، فجاء الرد: إن كنتم من الحر والبرد تفرُّون فالنار أحقُّ بالفرار منها؛ ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ).

وفي آية أخرى قال سبحانه: (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ).

إذن: فجحيم النار أشد قسوة وحرارة من نار القتال، وحر الدنيا مهما اشتد أهون بكثير من نار الآخرة وهي تحيط بالكافرين.

ويقول الحق بعد ذلك: (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ...).



سورة التوبة الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

سورة التوبة الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة الآيات من 046-050   سورة التوبة الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 06 سبتمبر 2019, 9:24 pm

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وما يزال الحديث عن المنافقين، فبعد أن بيَّن الحق سبحانه وتعالى كيف حاول المنافقون الهروب من الحرب لأسباب وأعذار مختلقة، أراد سبحانه وتعالى أن يزيد الصورة توضيحاً في إظهار الكراهية التي تخفيها قلوب المنافقين بالنسبة للمؤمنين.

وهنا يقول سبحانه: (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) والمقصود بالحسنة هنا هي: الانتصار في الحرب، والنصر في الحرب هو من وجهة نظر المنافقين ينحصر في حصول المؤمنين على الغنائم، وهذه مسألة تسوء المنافقين وتحزنهم؛ لأن الهمّ الأول للمنافقين هو الدنيا، وهم يريدون الحصول على أكبر نصيب منها.

وبما أنهم لم يخرجوا للجهاد والتمسوا الأعذار غير الصحيحة للهروب من الحرب؛ لذلك فهم يحزنون إذا انتصر المؤمنون؛ لأنهم حينئذ لن يكون لهم حق في الغنائم.

وفي هذه الحالة يقولون: يا ليتنا كنا معهم؛ إذن لأصبْنَا الغنائم وأخذنا منها.

أما إذا كانت الدائرة قد دارت على المسلمين وهُزِموا في الحرب؛ فهذه سيئة بالنسبة لكل مؤمن، ولكن المنافقين يعتبرون الهزيمة لأهل الإيمان حسنة، وسيقولون لأنفسهم: لقد كنا أكثر رجاحةً في الفكر واحتطْنا للأمر، ولم نخرج معهم ولذلك نجونا مما أصابهم.

والمصيبة في الحرب تكون في: الأرواح، والرجال والمال، والعتاد بالإضافة إلى مرارة الهزيمة.

ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ) وكأنهم قد احتاطوا قبل أن يبدأ القتال فلم يخرجوا، وهم كمنافقين يمكن أن يفرحوا؟

إنْ أصابت المسلمين كارثة أو مصيبة، وهي هنا الهزيمة في الحرب.

وسيقولون: (قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ) أي: قاموا بالاحتياط فلم يخرجوا للقتال، بينما لم يحتَطْ محمد وصَحْبُه وجيشه.

ثم يديرون ظهورهم ليُخْفُوا فرحتهم.

وحين يقول الحق: (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) يوضح لنا أن أي نصر للإيمان يحزن المنافقين في نفوسهم، ويصير هذا القول قرآناً يُتلى ويُتعبد به ويسمعونه بآذانهم، بالله لو لم تُحزنهم الحسنة التي ينالها المنافقين في نفوسهم، ويصير هذا القول قرآناً يُتلى ويُتعبد به ويسمعونه بآذانهم، بالله لو لم تُحزنهم الحسنة التي ينالها المؤمنون، ألم يكن ذلك دافعاً لأن يقولوا: نحن لم نفرح ولم نحزن؟

بالله حين يفاجئهم القرآن بالكشف عن خبايا نفوسهم بالقرآن؛ ألم يكن ذلك داعياً لهدايتهم؟

لقد عرف محمد -صلى الله عليه وسلم- الغيب الذي في قلوبهم وفضح ضمائرهم وسرائرهم بعد أن أطلعه الحق على ذلك.

ومع هذا أضمروا النفاق في قلوبهم وانتظروا مَسَاءةً تَحل بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه.

ويرد الحق سبحانه وتعالى عليهم: (قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ...).



سورة التوبة الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة التوبة الآيات من 046-050
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة التوبة الآيات من 016-020
» سورة التوبة الآيات من 096-100
» سورة التوبة الآيات من 021-025
» سورة التوبة الآيات من 101-105
» سورة التوبة الآيات من 026-030

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: التوبة-
انتقل الى: