منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأنفال الآيات من 61-65

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأنفال الآيات من 61-65   سورة الأنفال الآيات من 61-65 Emptyالخميس 29 أغسطس 2019, 10:19 pm

وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي أن الله لم يطالبنا بأن نكون أقوياء لنفتري على غيرنا، فهو لا يريد منا إعداد القوة للاعتداء والعدوان، وإنما يريد القوة لمنع الحرب ليسود السلام ويعم الكون؛ لذلك ينهانا سبحانه وتعالى أن يكون استعدادنا للقتال وسيلة للاعتداء على الناس والافتراء عليهم.

ولهذا فإن طلب الخصم السلم والسلام صار لزاماً علينا أن نسالمهم.

وإياك أن تقول: إن هذه خديعة وإنهم يريدون أن يخدعونا؛ لأنك لا تحقق شيئاً بقوتك، ولكن بالتوكل على الله -عز وجل- والتأكد أنه معك، والله -عز وجل- يريد الكون متسانداً لا متعانداً.

وهو سبحانه وتعالى يطلب منك القوة لترهب الخصوم.

لا لتظلمهم بها فتقاتلهم دون سبب.

وقول الحق سبحانه وتعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا) (الأنفال: 61).

أي إن مالوا إلى السلم ودعوك إليه فاتجه أنت أيضاً إلى السلم، فلا داعي أن تتهمهم بالخداع أو تخشى أن ينقلبوا عليك فجأة؛ لأن الله تعالى معك بالرعاية والنصر، وأنت من بعد ذلك تأخذ استعدادك دائماً بما أعددته من قوتك.

وقول الحق: (وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ) (الأنفال: 61).

أي إياك أن تتوكل أو تعتمد على شيء مما أعددت من قوة؛ لأن قصارى الأمر أن تنتهي فيه إلى التوكل على الله فهو يحميك.

ثم يعطينا الحق سبحانه وتعالى حيثية ذلك فيقول: (إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ) (الأنفال: 61).

أي أنه لا شيء يغيب عن سمعه إن كان كلاماً يقال، أو عن علمه إن كان فعلاً يتم.

وإياك أن تخلط بين التوكل والتواكل، فالتوكل محله القلب والجوارح تعمل؛ فلا تترك عمل الجوارح وتدعي أنك تتوكل على الله، وليعلم المسلم أن الانتباه واجب، وإن رأيت من يفقد يقظته لابد أن تنبهه إلى ضرورة اليقظة والعمل، فالكلام له دور هنا، وكذلك الفعل له دور؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ) (الأنفال: 61).

ولنلحظ أن قول الحق تبارك وتعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ) (الأنفال: 61).

هذا القول إنما جاء بعد قوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: 60).

وهي آية تحض على الاستعداد للقتال بإعداد العدة له.

ويريد الحق تبارك وتعالى أن ينبهنا إلى قوة المؤمنين واستعدادهم الحربي يجب ألا يكونا أداة للطغيان، ولا للقتال لمجرد القتال.

ولذلك ينبهنا سبحانه وتعالى إلى أنهم لو مالوا إلى السلم فلا تخالفهم وتصر على الحرب؛ لأن الدين يريد سلام المجتمع، والإسلام لا ينتشر بالقوة وإنما ينتشر بالإقناع والحكمة.

فلا ضرورة للحرب في نشر الإسلام؛ لأنه هو دين الحق الذي يقنع الناس بقوة حجته ويجذب قلوبهم بسماحته، وكل ذلك لشحن مدى قوة الإيمان، لنكون على أهبة الاستعداد لملاقاة الكافرين، ولكن دون أن تبطرنا القوة أو تدعونا إلى مجاوزة الحد، فإن مالوا إلى السلم، علينا أن نميل إلى السلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى يريد سلامة المجتمع الإنساني.

وإن كنتم تخافون أن يكون جنوحهم إلى السلم خديعة منهم حتى نستنيم لهم، ثم يفاجئونا بغدر، فاعلم أن مكرهم سوف يبور؛ لأنهم يمكرون بفكر البشر، والمؤمنون يمكرون بفكر من الحق سبحانه وتعالى.

لذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ...).



سورة الأنفال الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 61-65   سورة الأنفال الآيات من 61-65 Emptyالخميس 29 أغسطس 2019, 10:20 pm

وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فإذا أحسست أن مبادرة السلم التي يعرضونها عليك هي مجرد خديعة حتى يستعدوا لك ويفاجئوك بغدر ومكر، فاعلم أن الله تعالى عليم بمكرهم، وأنه سيكشفه لك، وما دام الله معك فلن يستطيعوا خداعك، وإذا أردت أن يطمئن قلبك فاذكر معركة بدر التي جاءك النصر فيها من الله تعالى وتمثلت أسبابه المرئية في استعداد المؤمنين للقتال ودخولهم المعركة.

وتمثلت أسبابه غير المرئية في جنود لم يرها أحد، وفي إلقاء الرعب في قلوب الكفار، وكان النصر حليفك بمشيئة الله تعالى: والحق سبحانه وتعالى يقول: (وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ) (الأنفال: 62).

والخداع هو إظهار الشيء المحبوب وإبطان الشيء المكروه، وتقول: "فلان يخادعني" أي يأتي لي بشيء أحبه، ويبطن لي ما أكرهه، ولأن الخداع في إخفاء ما هو مكروه، وإعلان ما هو محبوب، فهل أنت يا محمد متروك لهم، أم أن لك ربا هو سندك، وهو الركن الركين الذي تأوي إليه؟

وتأتي الإجابة من الحق سبحانه وتعالى: (وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 62).

إذن فالله سبحانه وتعالى حسبك وسندك وهو يكفيك؛ لأنه نصرك وآزرك.

وأنت ترى أن هذه قضية دليلها معها، فقد نصرك ببدر رغم قلة العدد والعُدد.

والتأييد تمكين بقوة من الفعل ليؤدى على أكمل وجه وأحسن حال، وما دام الله -عز وجل- هو الذي يؤيد فلابد أن يأتي الفعل على أقوى توكيد ليؤدي المراد والغاية منه.

ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...).



سورة الأنفال الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 61-65   سورة الأنفال الآيات من 61-65 Emptyالخميس 29 أغسطس 2019, 10:21 pm

وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والتأييد هنا عناصره ثلاثة: الله يؤيد بنصره، والله يؤيد بالمؤمنين، والله يؤلف بين قلوب المؤمنين.

والتأليف بين القلوب جاء لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل لقوم لهم عصبية وحمية، وهم قبائل متفرقة تقوم الحروب بينهم لأتفه الأسباب؛ لأن عناصر التنافر موجودة بينهم أكثر من عناصر الائتلاف.

إن القبيلة مجتمعة تهب للدفاع عن أي فرد فيها مهما كانت الأسباب والظروف، حتى إنه ليكفي أن يسب واحد من الأوس مثلاً واحداً من الخزرج لتقوم الحرب بين القبيلتين، ولو أن القلوب ظلت على تنافرها لما استطاعت هذه القبائل أن تواجه أعداء الإسلام، ولشغلتها حروبها الداخلية عن نصرة الدين والدفاع عنه ومواجهة الكفار.

ولكن الله ألَّف بينهم، وبعد أن كانوا أعداءً أصبحوا أحباباً.

وبعد أن كانوا متنافرين أصبحوا متوادين.

وهكذا ألَّف الله بين قلوب المسلمين بحيث أصبح الإسلام في قلوبهم وأعمالهم وأسلوب حياتهم هو أقوى رابطة تربط بينهم.

فأصبحت أخوة الدين أقوى من أخوة النسب.

وحين تتآلف القلوب؛ فهذا أقوى رباط؛ لأن كل عمل يقوم به الإنسان إنما ينشأ عن عقيدة في القلب.

إن القلب هو مصدر النية التي يتبعها السلوك، فالذي يحرك إنساناً مَوْتوراً منك ويثير جوارحه ضدك، إنما هو القلب، فإن وجدت إنساناً يعبس في وجهك فافهم أن في قلبه شيئاً، وإن لقيته وحاول أن يضربك فافهم أن في قلبه شيئاً أكبر، وإن حاول أن يقتلك، يكون في قلبه شعورٌ أعمق بالبغض والكراهية.

إذن فالينبوع لكل المشاعر هو القلب.

ولذلك نرى الإنسان يُضَحِّي بكل شيء وربما ضحَّى بحريته وبماله في سبيل ما آمن به واستقر في قلبه، ونحن نرى العلماء في معاملهم يعيشون سنوات طويلة ويحرمون أنفسهم من متع الحياة الدنيا لأن العلم قد تحول إلى عقيدة في قلوبهم سواء أكانوا مسلمين أم غير ذلك، فكأنما نية القلب وما يستقر فيها هي أقوى ما في الحياة.

ثم يبين الله سبحانه وتعالى لنا أن هذا فضل عظيم منه أن ألف بين قلوب المؤمنين؛ فيقول: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال: 63).

والتأليف بين القلوب هو جماع التواد والمساندة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الذي يرويه عنه النعمان بن بشير -رضي الله عنه-ما:
"ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله".

والحديث بتمامه: "انّ الحلال بَيِّن وإن الحرام بَيِّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".

ولم تكن المسألة في تأليف القلوب مسألة احتياج إلى مال؛ لأن المال لا يمكن أن يعطي الحب الحقيقي، ولذلك فهناك بين الناس ارتباط مصالح وارتباط قلوب، وارتباط المصالح ينتهي بمجرد أن تهتز أو تنتهي هذه المصالح، لكن ارتباط القلوب يتحدى كل الأزمات، وأنت لا تستطيع أن تجعل إنساناً يحبك حقيقة مهما أعطيته من مال؛ لأن الحب الحقيقي لا يشترى ولا يباع، إنما يشترى النفاق والتظاهر وغير ذلك من المشاعر السطحية.

والعرب الذين ألف الله بين قلوبهم لم يكن يهمهم المال بقدر ما تهمهم الحمية والعصبية، فغالبيتهم يملكون الثروات، ولكن الفُرْقة فيما بينهم نابعة من الحمية والعصبية التي تجعل في القلوب غلاً وحسداً وحقداً؛ لذلك تنفعل جوارحهم.

يقول الحق تبارك وتعالى: (وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال: 63).

وما دام الله سبحانه وتعالى له عزة فهو لا يُغْلَب، وما دام حكيماً فهو يضع الأمور في مكانها السليم، والله سبحانه وحده هو القادر على أن يجعل القلوب تتآلف؛ لأن القلوب في يد الرحمن يقلبها كما يشاء، لذلك ندعو بدعاء رسول الله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فعن شهر بن حوشب قال: قلت لأم سلمة -رضي الله عنها- يا أم المؤمنين ما أكثر دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

وسبحانه وتعالى يقول: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (الأنفال: 24).

ثم يعطينا الله سبحانه وتعالى قضية إيمانية فيقول: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ...).



سورة الأنفال الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 61-65   سورة الأنفال الآيات من 61-65 Emptyالخميس 29 أغسطس 2019, 10:22 pm

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وإياك أن تظن أن الله -عز وجل- يعاقب الكفار لأنهم لم يؤمنوا برسل الله فقط، ولكن لأن الكون يفسد بسلوكهم، وهو سبحانه غير محتاج لأن يؤمن به أحد، ثم إن دين الحق سينتصر سواء آمن الناس به أم لم يؤمنوا، وسبحانه يريد بالمنهج الذي أنزله كل الخير والسعادة لعباده؛ لذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ) (الحجرات: 17).

فإذا دخل أحد في الإسلام فلا يمن على الله أنه أسلم؛ لأن إسلامه لن يزيد في ملك الله شيئاً، وليعلم أن الله سبحانه وتعالى قد منّ عليه بهدايته للإسلام وهي لصالحه.

ويريد الله من رسوله ألا يلتفت إلى عدد الكفار أو قوتهم؛ لأن معه الأقوى، وهو الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك يقول: (حَسْبُكَ ٱللَّهُ) (الأنفال: 64).

أي يكفيك الله.

وقوله تعالى: (حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 64).

هي داخلة في: (حَسْبُكَ ٱللَّهُ).

لأن الله هو الذي هدى هؤلاء المؤمنين للإيمان فآمنوا.

ويكون المعنى: حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، أي يكفيكم الله، وعلى ذلك فلا تلتمس العزة إلا من الحق سبحانه وتعالى ويمكن أن يكون المعنى يكفيك الله فيما لا تستطيع أن تحققه بالأسباب.

ويكفيك المؤمنون فيما توجد فيه أسباب.

ونلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى قال: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ) (الأنفال: 64).

وهذا النداء إنما يأتي في الأحداث؛ أما البلاغ فيقول الله تعالى: (يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) (المائدة: 67).

إذن فالحق سبحانه وتعالى ينادي الرسول بـ(يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ) حين يكون الأمر متعلقاً بالأسوة السلوكية، أما إذا كان الأمر متعلقاً بتنزيل تشريع، فالحق سبحانه يخاطبه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ) (المائدة: 67) ذلك أن الرسل جاءوا مبلغين للمنهج عن الله، ويسيرون وفق هذا المنهج كأسوة سلوكية.

على أننا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قد ذكر كل رسول باسمه في القرآن الكريم فقال: "يا موسى"، وقال: "يا عيسى بن مريم"، وقال: "يا إبراهيم".

إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد خاطبه بـ: "يأيها النبي"، وبـ"يأيها الرسول"، وهذه لفتة انتبه إليها أهل المعرفة، وهذا النداء فيه خصوصية لخطاب الحضرة المحمدية، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ) (البقرة: 35).

وينادي سيدنا نوحاً قائلاً سبحانه: (يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ) (هود: 48).

وينادي سيدنا موسى فيقول: (أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ) (القصص: 30).

وينادي سيدنا عيسى فيقول: (يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ) (المائدة: 116).

فكل نبي ناداه الحق تبارك وتعالى ناداه باسمه مجرداً إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يقل له قط: يا محمد، وإنما قال: "يأيها النبي"، و"يأيها الرسول".

والحق سبحانه وتعالى في الآية الكريمة التي نحن بصدد خواطرنا عنها أراد أن يلفت نبيه -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يعلم أنه يكفيه الله والمؤمنين مهما قل عددهم لينتصروا على الكفار.

ثم يأتي النداء الثاني من المولى تبارك وتعالى في قوله: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ...).



سورة الأنفال الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 61-65 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 61-65   سورة الأنفال الآيات من 61-65 Emptyالخميس 29 أغسطس 2019, 10:24 pm

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وساعة تسمع أن فلاناً يُحَرِّضُ فلاناً، فهذا يعني أنه يحثه، ويثير حماسه ويغريه على أن يفعل، وأنواع الطلب كثيرة، فهناك طلب نسميه نداء، أي تناديه، وطلب نسميه أمراً أي تفعله، وطلب نسميه نهياً، أي لا تفعله.

هذه كلها أفعال طلب يسبقها النداء.

هناك مثلاً طلب أن يُقبل عليه، وطلب آخر أن يبتعد عنه، وطلب ثالث أن يقضي له حاجة، كل هذا يعني أن المتكلم يعرض على السامع أن يفعل كذا أو لا يفعل كذا.

وهناك لون من الطلب لا يحمل الإلزام، بل هو عَرْض فقط (وهو الطلب برفق ولين) كقولك لمن تعلوه: أنا لا آمرك، بل أعرض عليك فقط.

وهناك لون ثالث من الطلب تحمله كلمة "حض" وهو الطلب بشدة؛ لأن المعروض معه دليل الإقبال عليه.

فأنت حين تحض ابنك على المذاكرة مثلاً فهناك مبرر الإقبال على المذاكرة وهو النجاح.

وأنت حين تحض الإنسان على فعل، فأنت لا تنهاه أو تأمره لأنك تريد أن يقبل على الشيء بحب، ولكن حين تأمره بقسوة قد يكره هذا الشيء.

وقد تعرض على إنسان شيئاً فتجده يحب أن يفعله ولو بدون أمر منك.

إذن فقول الله تعالى: (حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 65).

أي حثهم وحضهم وحمسهم، والفعل يتكون من الحاء والراء والضاد، ومنها "حرض" و"يحرض" ومادة هذه الكلمة معناها القرب من الهلاك.

ونجد قول الحق تبارك وتعالى على لسان إخوة يوسف لأبيهم: (قَالُواْ تَالله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ) (يوسف: 85).

أي أنك ستستمر في ذكر يوسف حتى تقترب من الهلاك أو تهلك بالفعل.

ولكن هل معنى "حرِّض" هنا يعني: قرب المؤمنين من الهلاك؟

نقول: لا.

لأن ما يسمونه الإزالة، وهي أن يأتي الفعل على صورة يزيل أصل اشتقاقه، عندما تقول: "قشرت البرتقالة" أي أزلت قشرتها.

وكذلك قولنا: "مرّض" الطبيب فلانا وليس المعنى أن الطبيب قد أحضر له المرض، ولكن معناها أزال المرض، إذن فهناك أفعال تأتي وفيها معنى الإزالة.

ويأتي معنى الإزالة مرة بتضعيف الحرف الأوسط مثل "حرَّض" و"قشَّر" ومرة تأتي بهمزة، فتعطي معنى الإزالة، فإذا قلت: "أعجم الكتاب".

فمعناها أنه أزال عجمته، ولذلك نسمي كتب اللغة "المعاجم"، أي التي تزيل خفاء اللغة وتعطينا معاني الكلمات.

ومن قبل شرحنا معنى "قسط" و "أقسط"؛ وقسط تعني "الجور" أي الظلم مصداقاً لقوله تعالى: (وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (الجن: 15).

وأقسط أي أزال الظلم.

إذن فهناك حروف حين تزداد على الكلمة؛ تزيل المعنى الأصلي لمادتها.

وهناك تشديد يزيل أصل الاشتقاق مثل "قشّر" أي أزال القشر، و"مَرَّض" أي أزال المرض.

و"حرَّض" أي أزال الحرض.

ومعنى الآية الكريمة: اطلب منهم يا محمد أن يزيلوا قربهم من الهلاك بالقتال.

وهذه القاعدة اللغوية تفسر لنا كثيراً من آيات القرآن الكريم.

ففي قوله تعالى: (إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا) (طه: 15).

الذين يأخذون بالمعنى السطحي يقولون: "أكاد أخفيها" أي أقرب من أن أسترها ولا أجعلها تظهر، ونقول: الهمزة في قوله: "أكاد" هي همزة الإزالة، فيكون معنى "أكاد" أي أنني أكاد أزيل خفاءها بالعلامات الصغرى والعلامات الكبرى التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها.

وبعضهم قد أرهق نفسه في شرح "أكاد أخفيها" ولم ينتبهوا إلى أن إزالة الاشتقاق تأتي إما بتضعيف الحرف الأوسط، وإما بوجود الهمزة.

وقول الحق تبارك وتعالى هنا: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ) (الأنفال: 65).

أي أن الله سبحانه وتعالى يطلب من رسوله -صلى الله عليه وسلم- تحريض المؤمنين على الجهاد وكأنه يقول له: ادع قومك إلى أن يبعدوا الدنو من الهلاك عن أنفسهم؛ لأنهم إن لم يجاهدوا لتغلب عليهم أهل الكفر، فأهل الكفر يعيشون في الأرض بمنهج السيطرة والغلبة والجبروت، وحين يجاهدهم المؤمنون إنما ليوقفوهم عند حدهم.

ولذلك قال الحق تبارك وتعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ) (الأنفال: 65).

فكأنهم إن لم يحاربوا أهل الكفر سوف يحيط بهم الهلاك في الدنيا وفي الآخرة.

والله سبحانه وتعالى يريد لهم الحياة الآمنة الكريمة في الدنيا والجنة في الآخرة.

ونلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قد وضع معياراً إيمانياً في القتال بين المؤمن والكافر، والمعيار هنا وضعه خالقهم، وخالق قواهم وملكاتهم وعواطفهم.

والمعيار الإيماني هو في قوله تعالى: (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ) (الأنفال: 65).

إذن فالمعيار الإيماني باختصار يساوي واحداً إلى عشرة، أي أن القوة الإيمانية تجعل من قوة المؤمن ما يعادل قوة عشرة من الكفار، هذا هو المقياس.

وهنا يأتي بعض الناس ليقول: أساليب القرآن مبنية على الإيجاز وعلى الإعجاز، فلماذا يقول الحق سبحانه وتعالى: "عشرون يغلبوا مائتين".

ثم يقول "مائة يغلبوا ألفاً"؛ ألم يكن من الممكن أن يقال: إن الواحد يغلب عشرة وينتهي القول؟

نقول: إنك لم تلاحظ واقع الإسلام؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يذهب مع المؤمنين في قتالهم ويحضر معهم بعضاً من أحداث القتال التي نسميها "غزوات".

أما البعثات القتالية التي لم يخرج فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان يكتفي فيها بإرسال عدد من المؤمنين، فقد كانت تسمى سرايا، وهذه السرايا كانت لا تقل عن عشرين مقاتلاً ولا تزيد على مائة، فذكرها الله تعالى مرة بالعشرين ومرة بالمائة.

وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى: (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ) (الأنفال: 65).

ونحن نرى أن المقياس هنا ليس بعدد المقاتلين فقط، ولكن لابد أن يكونوا موصوفين بالصبر، وفي آية أخرى بالصبر والمثابرة، فمن الجائز أن يصبر عدوك فعليك حينئذ أن تصابره، أي إن صبر قليلاً، تصبر أنت كثيراً، وإن تحمل مشقة القتال، تتحمل أنت أكثر.

إذن فالقوة القتالية لكي يتحقق بها ولها النصر لابد أن تكون قوة صابرة قوية في إيمانها قادرة على تحمل شدة القتال وعنفه.

ثم يعطينا الحق سبحانه وتعالى تعليل هذا الحكم الإيماني الذي أبلغنا به فيقول عز من قائل: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال: 65).

إذن فالسبب في أن المؤمن يغلب عشرة من الكفار، هو أن الكفار قوم لا يفقهون، وما داموا لا يفقهون، يكون المقابل لهم من المؤمنين قوماً يفقهون.

وهنا نقارن بين المؤمنين الذين يفقهون، والكفار الذين لا يفقهون ونقول: إن الكافر حين يقاتل لا يعتقد في الآخرة، وليس له إلا الدنيا ويخاف أن يفقدها، ولذلك حين يوجد الكافر في ساحة الحرب فهو يريد أن يحافظ على حياته ولو بالفرار، ولكن الدنيا بالنسبة للمؤمن رحلة قصيرة والشهادة هي الفوز برضوان الله ودخول الجنة بلا حساب، ولذلك فإنه يقبل على القتال بشجاعة من يريد الاستشهاد.

ونجد خالد بن الوليد يقول للفرس: أتيتكم برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة.

فلو أن الكفار فقهوا أي فهموا أن الدنيا دار ممر ومعبر للآخرة، وأن الآخرة هي المستقر لأنها الدار الباقية، لامتلكوا قوة دافعة للقتال، ولكنهم يريدون هذه الحياة لأنها بالنسبة لهم هي كل شيء.

ولذلك يعلمنا القرآن الكريم فيقول: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ) (التوبة: 52).

أي لن يحدث لنا في هذه الحرب إلا ما هو حسن، فإما أن ننتصر ونقهركم ونغنم أموالكم، وإما أن نُسْتَشْهَدَ فندخل الجنة وكلاهما حسن.

ويكمل الحق سبحانه وتعالى: (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ) (التوبة: 52).

أي أنكم أيها الكفار لن يصيبكم إلا السوء والخزي.

إما عذاب شديد من عند الله بغير أسباب، وإما عذاب بأيدينا أي بالأسباب.

إذن فالكافر حين يدخل المعركة لا ينتظر إلا السوء، إما أن يقتل ويذهب إلى جهنم -والعياذ بالله- وإما أن يصيبه الله بعذاب يدفع الخوف في قلبه أثناء المعركة.

والكفار في القتال لا يعتمدون إلا على قوتهم وعددهم وعُدتِهم؛ أما المؤمنون فيعتمدون أولاً على الله القوي العزيز ويثقون في نصره.

ولذلك يقبلون على القتال ومعهم رصيد كبير من طاقة الإيمان وهي طاقة تفوق العدد والعدة، ويكون المقاتل منهم قوياً في قتاله متحمساً له؛ لأنه يشعر أنه مؤيد بنصر الله.

ونعلم أن كل إنسان يحرص على الغاية من وجوده؛ وغاية الكفار متاع الحياة الدنيا المحدود، أما غاية المؤمنين فممتدة إلى الآخرة.

ولذلك فالكافر يحارب بقوته فقط وهو مجرد من الإيمان.

ونلاحظ أن النصوص خبرية في قوله الحق تبارك وتعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال: 65).

والنصوص الخبرية ليس فيها طلب، ، وإن كان الطلب يخرج مخرج الخبر ليوهمك أن هذا أمر ثابت.

وعندما قام بعض المتمردين من سنوات ودخلوا الحرم بأسلحتهم وحاصروا الناس فيه قال بعض السطحيين: إنَّ القرآن يقول: (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً) (آل عمران: 97).

وأن هذا خبر كوني معناه أن كل من دخل الحرم كان آمناً، وقلنا: إن قول الحق تبارك وتعالى: (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً)) (آل عمران: 97) هذا كلام الله؛ فمن أطاع الله فليؤمِّن من يدخل الحرم.

وقد تطيعون فتؤمِّنون من يدخل الحرم وقد تعصون فلا تؤمِّنونهم.

إذن فالمسألة هي حكم تطيعونه أو لا تطيعونه، كذلك قول الحق سبحانه وتعالى: (وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ) (البقرة: 228).

هذا كلام خبري.

فإن أطاعت المطلقة الله؛ انتظرت هذه الفترة، وإن عصت لم تنتظر، وكذلك قوله تعالى: (وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ) (النور: 26).

وقد نرى في الكون زيجات عكس ذلك؛ تجد رجلاً لئيماً يتزوج بامرأة طيبة؛ وامرأة لئيمة تتزوج رجلاً طيباً، وقد تتساءل: لماذا لم يتزوج الطيب طيبة مصداقاً لقول الحق، ولماذا لم يتزوج الخبيث خبيثة؟

ونقول: لقد أخطأت الفهم لقول الله تعالى، فما قاله الله ليس خبراً كونياً، ولكنه خبر تشريعي ومعناه: زوجوا الطيبات للطيبين، وزوجوا الخبيثات للخبيثين، فإن فعلتم استقامت الحياة، وإن عصيتم لا تستقيم الحياة؛ لأن الرجل الخبيث إن عاير امرأته وأهانها فهي ترد عليه الإهانة بالمثل ويكون التكافؤ موجوداً حتى في القبح.

ولكن الشقاء في الكون إنما يأتي من زواج الطيب بالخبيثة، والخبيث بالطيبة، وليس معنى الآية -إذن- أنك لا تجد طيباً إلا متزوجاً من طيبة، ولا خبيثاً إلا متزوجاً من خبيثة؛ لأن هذا أمر تكليفي تشريعي، فإن فعلت تكون قد أطعت، وإن لم تفعل تكون قد عصيت.

ويقول سبحانه وتعالى بعد ذلك: (ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ...).



سورة الأنفال الآيات من 61-65 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأنفال الآيات من 61-65
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأنفال الآيات من 01-05
» سورة الأنفال الآيات من 06-10
» سورة الأنفال الآيات من 11-15
» سورة الأنفال الآيات من 16-20
» سورة الأنفال الآيات من 21-25

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأنفال-
انتقل الى: