منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأنفال الآيات من 16-20

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأنفال الآيات من 16-20   سورة الأنفال الآيات من 16-20 Emptyالإثنين 26 أغسطس 2019, 1:43 pm

وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونلحظ أن الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة لم يرتب الغضب منه إلا على من يولي الدبر هَرباً وفراراً من لقاء الأعداء.

أما الذي يولي الدبر احتيالاً ولإيهام العدو بأنه ينسحب وفي ذات اللحظة يعاود الكرّة على العدو مُطوِّقاً له، فهذا هو المقاتل الحق والصادق في إيمانه الذي يمكر بالعدو.

وكذلك من يولي الدبر متحيزاً إلى فئة مؤمنة ليعاود معها الهجوم على الأعداء حتى لا تضيع منه حياته بلا ثمن، فهذا أيضاً من أعمل فكره ليُنزل بالعدو الخسارة؛ لأن المؤمن يحرص دائماً على أن يكون موته بمقابل، فإذا ما وعده الله بالجنة.

ألا يقاتل هو ليصيب الأعداء بالهزيمة؟

وكان ثمن المؤمن من قبل عشرة كافرين، بمعنى أن الله تعالى منح كل مؤمن قوةً تغلب عشرة، مصداقاً لقوله عز وجل: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال: 65).

ولكن علم الله أن بالمؤمنين ضعفاً فجعل مقابل المؤمن في المعركة اثنين من الكفار، مصداقاً لقوله تعالى: (ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ) (الأنفال: 66).

ولذلك فإننا نجد الذي يفر أمام ثلاثة من الأعداء لا يسمى فاراً في الحكم الشرعي.

لكن من يفر من مواجهة اثنين، يعد فارّاً؛ لأن الحقتعالى قال قبل أن يوجد فينا الضعف: (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ) (الأنفال: 65).

أي أن المقاتل المؤمن كان يمكنه أن يواجه عشرة من الكافرين.

فإن كان المقابل أقل من عشرة كافرين، فعلى المؤمن أن يحافظ على نفسه حتى لا يموت رخيص الثمن.

ثم أوضح الحق سبحانه وتعالى أن الضعف سيصيب المؤمنين.

لذلك قال: تعالى (ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ) (الأنفال: 66).

وهكذا انتقلت النسبة بين المؤمنين والكافرين من واحد لعشرة، إلى مؤمن مقابل اثنين من الكفار، وهذا من رحمة الله تعالى، فمن رأى نفسه في مواجهة أكثر من اثنين من الأعداء يوضح له الحقتعالى: عليك أن تنحاز إلى فئة من المؤمنين تعصمك من نيلهم منك بلا ثمن.

(وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ) (الأنفال: 16).

وعرفنا أن المتحرف للقتال هو صاحب الحيلة، ونقول في ألفاظنا التي تجري على ألسنتنا في حياتنا اليومية: "فلان حريف" أي لا يغلبه أمر ويحتال عليه، وهكذا يكون المتحرف في القتال الذي يكيد للكافرين ويدبر لهم أشياء فيظنون الانهزام، وهي في الواقع مقدمات للنصر، وقوله سبحانه: "أو متحيزا" مأخوذ من "الحيز"، وهو المكان الذي يشغله الجسم، وكل واحد منا له "حيز" في مكان يشغله، أي أن كل واحد منا متحيز، والحيز هو الظرف المكاني الذي يسع الإنسان منا واسمه ظرف مكان، وكل واحد من المخاطبين له مكان وهو متحيز بطبيعته، وجاءت كلمة "متحيز" في هذه الآية لتوجه كل مؤمن مقاتل أن يأخذ لنفسه حيزاً جيداً يمكنه من إصابة الهدف، وكذلك تفيد ضرورة انضمام المقاتل دائماً إلى فئة مع إخوانه بهدف تقوية المواجهة مع العدو.

ومن لا يفعل ذلك فعليه أن يتلقى العقاب من الله، وقد بينهتعالى في قوله سبحانه: (فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ..) (الأنفال: 16).

و"باء" تعني رجع، والتعبير الأدائي في القرآن الكريم مناسب لما فعلوه؛ لأن من يعطي الأعداء دُبُرَه فهو الراجع عن الزحف والقتال.

لكن من يرجع بهدف الكيد للأعداء والمناورة في القتال أو لتقوية جماعة أخرى من المؤمنين، فهذا له وضع مختلف تماماً، إنه ناصر لدين الله، عكس المنسحب الفار الذي يصحبه في انسحابه غضب من الله، والغضب من الله -كما نعلم- هو سبب من أسباب إنزال العذاب، ولهذا يقول الحق تبارك وتعالى: (فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ) (الأنفال: 16).

والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الإنسان، ونعلم أن الواحد منا حين يرغب في الراحة فهو يأوي إلى المكان الذي يجد فيه الراحة والأمن من كل سوء.

والفارُّ من مواجهة العدو في معارك الإسلام لن يجد مأوى إلا النار، بل وترحب به النار ويدور حوار بينها وبين الحق عز وجل يوم القيامة توضحه الآية الكريمة: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) (ق: 30).

ويُثْبتُ الحق في قرآنه الكريم أن النار تغتاظُ من الكافرين لأنها جندٌ من جنود الله تعالى ومسخرة لتنفيذ حكم الله، فمن خالف المنهج في الدنيا تتلقاه النار بتغيظ وزفير، ويسمع الكافرون تغيطها حين تراهم من بعد، والحق سبحانه هو القائل: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (الفرقان: 12).

وحين تكون النار هي المأوى، أليس ذلك هو بئس المرجع؟

كأن الراجع من الزحف والفارَّ من مواجهة الأعداء ومخافة أن يُقتل، سيذهب إلى شيء شر من القتل.

ثم يربب الحق في المؤمنين ويطلب منهم ألاّ يفتتنوا بالأسباب فيقول سبحانه: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ...).



سورة الأنفال الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 16-20   سورة الأنفال الآيات من 16-20 Emptyالإثنين 26 أغسطس 2019, 1:45 pm

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقول الحق تبارك وتعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ..) (الأنفال: 17).

مثل قوله تعالى في آية أخرى: (وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ) (آل عمران: 126).

وفي هذا ترتيب من الحق تبارك وتعالى للمؤمنين، فكما أن النصر من عند الله عز وجل لمن أخذ بالأسباب، كذلك قتل الكافرين كان بإرادته سبحانه لمن كفر ووقع هذا القتل بيد المؤمن، فالمؤمن يضرب بالسيف، وينجرح العدو وينزف، لكن ألم تر جريحاً لم يمت، وألم تر غير مجروح يموت؟

إذن فالقتل هو من الله.

سبحان ربي إن أراد فلا مرد له يفوت كم من جريح لا يموت وغير مجروح يموت.

إذن فالمؤمنون حين حاربوا أهل الكفر.

إنما يجرحونهم فقط، أما الموت فهو واقع بهم من الله سبحانه وتعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ..) (الأنفال: 17).

ولقائل أن يقول: إن الحق تبارك وتعالى قال في موقع آخر: (قَٰاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) (التوبة: 14).

إذن فللمؤمن المقاتل مظهرية القتال، وللحق حقيقة القتل.

ولذلك يأتي سبحانه وتعالى بعد ذلك بقوله: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ..) (الأنفال: 17).

وفي هذا القول الكريم عطاء لشيء كان مجهولاً لهم بشيء عُلِم لهم، وبذلك قاس غير معلوم بمعلوم.

وعرفنا من قبل أنك إذا رأيت حدثاً أو فعلاً منفياً ومثبتاً له في وقت واحد، قد يبدو لك أن في الكلام تناقضاً.

وهنا -على سبيل المثال- ينفي الحق الحدث في قوله: "وما رميت" وثبته في قوله: "إذ رميت".

والرمي معروف.

والفاعل هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف ينفي عنه الفعل أولاً، ويثبته له ثانياً؟

ونعلم أن القائل هو رب حكيم، وأسلوبه على أعلى ما يكون.

وحتى نفهم هذه المسألة، نحن نعرف أن كل حدث له هيئة يقع عليها وله غاية ينتهي إليها، فمرة يوجد الحدث، لكن الغاية منه لا تتحقق، مثلما يقول الوالد لولده: لقد قرب الامتحان فاجلس في حجرتك وذاكر.

ويجلس الولد في حجرته وأمامه كتاب ما يقلب صفحاته، وبعد ساعة يدخل الأب حجرة ابنه ليقول: هات كتابك لأسألك فيما ذاكرته.

ويسأل الأب ابنه سؤالاً ثم ثانياً فلا يعرف الابن الإجابة عن الأسئلة، فيقول الأب: ذاكرت وما ذاكرت.

أي كأنه لم يذاكر، بل فعل الفعل شكليّاً، بأن جلس إلى المذاكرة، ولم يؤد ما عليه لأن أثر الفعل وهو المذاكرة لم يتحقق.

وفي غزوة بدر استنجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بربه واستغاث ودعا الله ورفع يديه فقال: (يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً، فقال له جبريل: خذ قبضة من التراب فارم بها في وجوههم) فأخذ -صلى الله عليه وسلم- قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم فما من المشركين أحد إلاّ أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين.

ومعلوم أنه ساعة تأتي ذرة تراب في عيني الإنسان يشتغل بعينيه عن كل شيء.

إذن فقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ..) (الأنفال: 17).

أي أنك يا رسول الله ما أرسلت بالرمية الواحدة -حفنة التراب- إلى عيون كل الأعداء؛ لأن هذه مسألة لا يقدر عليها أحد، ولكنك "إذ رميت" أي أديت نصيحة جبريل لك، أما الإيصال إلى عيون العدو فهذا من فعل الله القويّ القادر.

ويتابع سبحانه وتعالى قوله: (وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأنفال:17).

والبلاء الحسن هنا هو خوض المعركة وحسن أداء القتال فيها.

ويخطىء الإنسان حين يظن أن البلاء هو نزول المصائب، لا، إن البلاء هو الاختبار بأية صورة من الصور.

فالطالب الذي استذكر دروسه يكون الامتحان بالنسبة له بلاءً حسناً، ومن لم يستذكر يكون الامتحان بالنسبة له بلاءً سيئاً.

إذن فالابتلاء غير مذموم على إطلاقه، ولا ممدوح على إطلاقه، لكن بنتيجة الإنسان فيه هل ينجح أم لا.

وحتى نعرف أن القرآن يفسر بعضه بعضاً فلنقرأ قول الحق تبارك وتعالى: (وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً) (الأنبياء: 35).

فالخير بلاء، كما أن الشر بلاء، وحين تستخدم الخير في خدمة منهج الله تعالى ولا تطغى به، وحين تصبر على الشر ولا تتمرد على قدر الله، فهذا كله اختبار من الله عز وجل، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ) (الفجر: 15).

وهذا هو الابتلاء بالخير، أما الابتلاء بالشر فيقول عنه الحق سبحانه: (وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَٰنَنِ) (الفجر: 16).

والابتلاء بالخير أو بالشر هو مجرد اختبار، والاختبار كما وضحنا غير مذموم على إطلاقه، ولا ممدوح على إطلاقه، ولكنه يذم ويُمْدَح بالنسبة لغايته التي وصل إليها المبتلي أو من يمر بالاختبار، فإن نجح، فهذا ابتلاء حسن، وإن فشل، فهو ابتلاء سيىء.

ونلحظ -على سبيل المثال- أن الطالب الذي ركز فكره ووقته وحبس نفسه وبذل كل طاقته في التحصيل والاستذكار طوال العام الدراسي، هذا الطالب حين يدخل الامتحان.

فهو يحاول أن يثأر من التعب الذي عاناه في التحصيل والإحاطة؛ لذلك يُجيب على الأسئلة بدقة، وكلما انتهى من إجابة سؤال إجابة صحيحة، يشعر ببعض الراحة، وإن حاول زميل له أن يشوش عليه فهو يصده ولا يلتفت إليه، بل قد يستدعي له المراقب.

والمؤمن الذي يشترك مع المؤمنين في البلاء الحسن هو مثل التلميذ الذي يؤدي ما عليه بإخلاص.

والذي يسمع همسة كل مؤمن ويرى فعله هو الحق سبحانه وتعالى، ولذلك جاء بعد الحديث عن البلاء الحسن بقوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأنفال: 17).

إذن فالله سبحانه وتعالى سميع بما تجهرون به وعليم بما تخفونه في صدوركم.

وهو جل وعلا يعلم من حارب بقوة الإيمان، ومن خالطته الرغبة في أن يرى الآخرون مهارته في القتال ليشيدوا ويتحدثوا بهذه المهارة.

ولا أحد بقادر على أن يدلس على الله عز وجل.

ويقول سبحانه وتعالى من بعد ذلك: (ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ...).



سورة الأنفال الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 16-20   سورة الأنفال الآيات من 16-20 Emptyالإثنين 26 أغسطس 2019, 1:46 pm

ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

و"ذلكم" إشارة إلى أن الأمر كان كذلك، وسبحانه وتعالى هنا يخبرنا أنه مُوهن كيد الكافرين، أي يُضعف هذا الكيد، ولسائل أن يقول: لماذا لا ينهاهم؟ ولماذا يُضعف الكفر فقط؟

ونقول: إن إضعاف الكفر يُهَيّج على الإيمان ويُحَبِّب المؤمنين في الإيمان حين يرون آثار الكفر التي تُفسد في الأرض وهي تضعف، ولأن الحميَّة الإيمانية تزيد حين يُهاج الإسلام من خُصومه.

إذن فبقاء الكفر لونٌ من استبقاء الإيمان.

ويقول سبحانه بعد ذلك: (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ...).



سورة الأنفال الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 16-20   سورة الأنفال الآيات من 16-20 Emptyالإثنين 26 أغسطس 2019, 1:48 pm

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

و"تستفتحوا" من الاستفتاح وهو طلب الفتح؛ لأن الألف والسين والتاء تأتي بمعنى الطلب، فنقول: استفهم أي طلب الفهم، و"إن تستفتحوا"، أي تطلبوا الفتح، ونعلم أن المعنويات مأخوذة كلها من الأمر الحسيّ؛ لأن أول إلف للإنسان في المعلومات جاء من الأمور الحسّية؛ ثم تتكون للإنسان المعلومات العقلية.

ومثال ذلك قولنا: "إن النار محرقة"، وعرفنا هذا القول من تجربة حسّية مرت بأكثر من إنسان ثم صارت قضية عقلية يعرفها الإنسان وإن لم ير ناراً وإن لم ير إحراقاً.

وعندما تجتمع المحسات تتكون عند الإنسان خمائر معنوية وقضايا كلية يدير بها شئونه العامة، ومثال ذلك: إننا نعرف جميعاً أن المجتهد ينجح، وأخذنا هذه الحقيقة من الواقع، تماماً كما أخذنا الحقيقة القائلة: إن المقصر والمهمل كل منهما يرسب.

وسبحانه وتعالى ينبهنا إلى هذه فيقول: (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً) (النحل: 78).

أي أن الإنسان منا مخلوق وهو خالي الذهن، وخلو الذهن يطلب الامتلاء، وكل معلومة يتلقاها الذهن الصغير يستطيع أن يستظهرها فوراً، ولذلك نجد التلميذ الصغير أقدر على حفظ القرآن الكريم من الشاب الكبير؛ لأن هذا الشاب الكبير قد يزدحم ذهنه بالمعلوم العقلي.

وقد شرح لنا علماء النفس هذه المسألة حين قالوا: إن لكل شعور بؤرة هي مركز الشعور.

والأمر الذي تفكر فيه تجد المعلومات الخاصة به في ذهنك فوراً.

وقد تتزحزح هذه المعلومات من ذاكرتك إذا فكرت في موضوع آخر، كما تتزحزح المعلومات الخاصة بالموضوع السابق إلى حافة الشعور لتحل مكانها المعلومات الخاصة بالموضوع الجديد في بؤرة الشعور.

والحيز في المعنويات مثله مثل الحيز في الحسِّيات، فأنت حين تملأ زجاجة بالمياه لابد أن تكون فوهة الزجاجة متسعة لتدخل فيها المياه ويخرج الهواء الذي بداخل الزجاجة.

لكن إن كانت فوهة الزجاجة ضيقة كفوهة زجاجة العطر مثلاً فهذه يصعب ملؤها بالمياه إلا بواسطة أداة لها سن رفيع كالسرنجة الطبية حتى يمكن إدخال المياه وطرد الهواء الموجود بداخل الزجاجة ذات الفوهة الضيقة.

وهكذا نرى أن الحيز في الأمور المحسة لا يسع كميتين مختلفتي النوعية، ويكون حجم كل منهما مساوياً لحجم الحيز.

وتقترب المسألة في المخ من هذا الأمر أيضاً، فأنت لا تتذكر المعلومات الخاصة بموضوع معين إلا إذا كان الموضوع في مركز الشعور، فإذا ما ابتعد الموضوع عن تفكيرك بعدت المعلومات الخاصة به إلى حاشية الشعور البعيدة.

والطفل الصغير يكون خالي الذهن لذلك يستقبل المعلومات بسرعة ويكون مستحضراً لها.

ولذلك لا يجب أن نتهم إنساناً بالغباء وآخر بالذكاء لمجرد قدرة واحد على سرعة التَّذكُر وعجز الآخر عن مجاراة زميله في ذلك، فالذكاء له مقاييس متعددة ما زال العلماء إلى الآن يختلفون حولها.

لكن في موضوع التذكر اتفق جانب كبير من العلماء على أن الذهن كآلة التصوير يأخذ المعلومة من أول لقطة شريطة أن تكون بؤرة الشعور خالية لهذه المعلومة.

أما إن كانت بؤرة الشعور مشغولة بأمر آخر فهي لا تلتقط المعلومة.

والحق سبحانه وتعالى هو القائل: (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل: 78).

والسمع والأبصار هما عمدة الحواس، نأخذ بهما محسّات ونُكَوِّنُ منها معلومات عقلية.

والحق تبارك وتعالى هنا يقول: (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 19).

والفتح يُطلق إطلاقات متعددة، منها الحِسِّي، مثل فتح الباب أو فتح الكيس ويقصد إزالة إغلاق شيء يصون شيئاً، مثل فتح الباب، والباب إنما يصون ما بداخل الغرفة.

والفتح الحسّي يمثله القرآن الكريم بقول الحق تبارك وتعالى: (وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) (يوسف: 65).

أي إن إخوة يوسف حين فتحوا الأخراج -وكانت هي بديلة الحقائب- وجدوا البضاعة التي كانوا قد أخذوها معهم ليستبدلوا بها سلعاً أخرى.

وهذا هو الفتح الحسّي.

وقد يكون الفتح في الأمور المعنوية كالفتح في الخير وفي العلم مثل قول الحق تبارك وتعالى: (مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا) (فاطر: 2).

إذن ففتح الرحمة فتح معنوي.

وقد يكون الفتح في الحكم؛ لأن الحكم يكون بين أطراف مشتبكة في قضية، وكل طرف يدَّعي على الآخر، ويأتي الحكم ليزيل خفاء القضية ويَفْتَحها.

ومثال ذلك ما حدث بين سيدنا نوح عليه السلام وقومه.

فقومه قالوا: (قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ) (الشعراء: 116).

فماذا قال سيدنا نوح عليه السلام؟: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 117 - 118).

أي أن سيدنا نوحاً عليه السلام قد دعا الله أن يفصل في القضية التي بينه وبين قومه بالحق وهو يعلم أن الله تعالى معه.

لذلك طلب منه النجاة لنفسه ولمن معه من المؤمنين.

وهنا في الآية الكريمة التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد أن الفتح يأتي بمعنى الحكم الذي يفصل بين المتنازعين، وهو صلب حكم يفصل بين فريقين، فريق الهدى والداعي إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه من المؤمنين، وفريق الضلال وهم كفار قريش.

وقد استفتح الفريقان، فقد قال أبو جهل حين التقى القوم: "اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة".

لقد ظن أبو جهل أن سيدنا محمداً -صلى الله عليه وسلم- يقطع رحمهم، ويجعل الولد يترك أباه وأمه، وأيضاً كان المشركون حين خرجوا من مكة إلى بدر أخذوا بأستار الكعبة فاستنصروا الله وقالوا: "اللهم انصر أعلى الجندين، وأكرم الفئتين وخير القبيلتين".

هكذا كان دعاء الكفار.

أما دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو قوله: "يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض أبداً".

والاستفتاح من الطرفين يدل على أن كلاً منهما مجهد بأمر الآخر، فلو كان أحدهما مرتاحاً والآخر متعباً لطلب المتعب الفتح وحده.

وجاء الحكم من الله سبحانه وتعالى في القضية هذه، حيث حكم تبارك وتعالى على الكافرين بأن يُسلبوا ويقتلوا ويصبحوا مثار السخرية من أنفسهم وممن يرونهم وقد استحقوا ذلك بسبب كفرهم وضلالهم وعنادهم ومحاربتهم للحق، والذي رجح أن الفتح جاء أيضاً من المؤمنين أن الحق قال: (فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ) (الأنفال: 19).

أي إن كنتم قد استفتحتم وطلبتم الفصل والحكم فقد جاءكم الفتح، وهذا الفتح كان في صالح المؤمنين، وأيضاً في صالح دعاء الكافرين، إنه جاء في الأمرين الاثنين؛ فتح للمؤمنين، وفي صالح دعاء الكفار.

فأنتم -أيها الكافرون- قد دعوتم، فإما أن تكونوا قد دعوتم والله أجاب دعاءكم وهو شر عليكم، وهذا دليل على أنكم أغبياء في الدعاء، وما دام الفتح قد جاء، كان الواجب أن ينتهي كل فريق عند الحد الذي وقع، وكان على الكافرين أن يقتنعوا بأنهم انهزموا، وعلى المؤمنين أن يقتنعوا بأنهم انتصروا.

(وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ..) (الأنفال: 19).

و"تنتهوا" هذه صالحة أولاً بظاهرها للكفار، أي إن تنتهوا عن معاداة الرسول وخصومته، واللجج في أنكم جعلتموه عدوا، وتتكتلون وتتآمرون عليه، فإن تنتهوا فهذا خير لكم في دنياكم لأنكم قد رأيتم النتيجة.

حيث قتل البعض من صناديدكم، وأسر البعض الآخر، وأخذت منكم الأسلاب والغنائم.

فإن انتهيتم عن العمل الذي سبب هذا فهو خير لكم في دنياكم، وخير لكم أيضاً في أخراكم؛ إذا كان الانتهاء سيئول بكم إلى أن تنتهوا عن مخاصمة الدين الذي تخاصمونه وتصبحوا من المنتمين إليه.

ويتابع سبحانه وتعالى قوله: (وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ..) (الأنفال: 19).

وإن لم تنتهوا وعدتم إلى العداء ومحاربة هذا الدين فسنعود لنصرة المؤمنين، وإياكم أن تقولوا إنكم فئة كثيرة؛ ففئتكم لن تغني من الله عنكم شيئاً، والدليل على ذلك أنكم هزمتم في بدر وأنتم كثرة، وأصحاب عدد، وأصحاب عُدَّة.

فما أغنت عنكم كثرتكم ولا عدتكم شيئاً.

(وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 19).

وكان المؤمنون قلة ورغم ذلك كانوا هم الغالبين.

وما تقدم إنما يعني الكلام بالنسبة للكفار، فماذا إذا كان الكلام والاستفتاح بالنسبة للمؤمنين، ففي أي شيء ينتهون؟

إن عليهم أن ينتهوا عن اللجاج والخلاف في الغنائم، الذي جاء فيه قول الحق تبارك وتعالى: (قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ) (الأنفال: 1).

وهم قد اضطروا أن يسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربه، فإن عادوا للنزاع والجدل فيما بينهم وكأنهم فريقان متعارضان غير مجموعين على إيمان، فلن تغني فئة عن أخرى شيئاً، وعليكم أن تعلموا يا أهل الإيمان أنه إن عزت طائفة منكم، فلتهن أمامها الطائفة الأخرى، ولا تظنوا أنكم بالنصر قد صرتم كثيراً لأن النصر لم يكن لا بالفئة ولا بالملائكة، ولكن النصر كان من عند الله العزيز الحكيم.

ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ...).



سورة الأنفال الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الأنفال الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنفال الآيات من 16-20   سورة الأنفال الآيات من 16-20 Emptyالإثنين 26 أغسطس 2019, 1:48 pm

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا نداء واضح من الله عز وجل للمؤمنين، وأمر محدد منه بطاعة الله والرسول؛ لأن الإيمان هو الاعتقاد الجازم القلبي بالله وبملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وعلى المؤمنين أن يؤدوا مطلوب الإيمان.

ومطلوب الإيمان -أيها المؤمنون- أن تنفذوا التكاليف التي يأتي بها المنهج من الله عز وجل، ومن المبلغ عنه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في الأوامر وفي النواهي.

وقد فصلنا من قبل مسألة الطاعة، الطاعة لله تكون في الأمر الإجمالي، وطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تكون في اتباع الحكم التفصيلي التطبيقي الذي يأتي به رسول الله للأمر الإجمالي.

وكذلك تكون طاعة الرسول واجبة في أي أمر أو حكم؛ لأن الله قد فوض رسوله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ) (النساء: 80).

ويتمثل التفويض من الحق سبحانه وتعالى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قول الحق تبارك وتعالى: (وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ) (الحشر: 7).

وهنا في الآية الكريمة التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد الملحظ الجميل في الأداء القرآني: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (الأنفال: 20).

والتولي -كما نعلم- هو الإعراض، والأمر هنا بعدم الإعراض، وما دمتم قد آمنتم فلا إعراض عما تؤمنون به.

والملحظ الجميل أنه سبحانه لم يقل: ولا تولوا عنهما.

قياساً بالأسلوب البشري.

لكنه قال: (وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ) أي أنه سبحانه وتعالى قد وحد الكلام في أمرين اثنين؛ طاعة الله وطاعة الرسول، ولأن الرسول مُبَلِّغٌ عن الله فلا تقسيم بين الطاعتين؛ لأن طاعة الرسول هي طاعة لله تعالى أو نقول: إن التولي لا يكون أبداً بالنسبة إلى الله، فلا أحد بقادر على أن يتولى عن الله؛ لأن الله لاحقه ومدركه في أي وقت.

لذلك نجد الحق تبارك وتعالى يقول في آية ثانية: (يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ) (التوبة: 62).

وهو سبحانه وتعالى في هذا القول يوحد بين رضاء الله والرسول فيجعله رضاءً واحداً، فالواحد من هؤلاء يقسم أنه لم يفعل الفعل المخالف للإيمان إرضاءً للمؤمنين، وليبرىء نفسه عند البشر، لكن هناك رضاء أعلى هو رضاء مراعاة تطبيق المنهج الذي أنزله الله عز وجل وجاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهناك قيوم أعلى يرقب كل سلوك، ويعلم ما ظهر وما بطن.

فلو كنا متروكين لبعضنا البعض لكان لأي إنسان أن يواجه الآخر، كل بقوته، لكن نحن في الإيمان نعلم أننا تحت رقابة المقتدر القيوم، فمن ظلم أخاه؛ وغفر المظلوم لظالمه، فالله سبحانه وتعالى رب الظالم ورب المظلوم - لا يغفر للظالم بل يؤاخذه.

وسبحانه وَحَّدَ أيضاً في هذه الآية بين رضاء الله ورضاء الرسول ولم يقل: والله ورسوله أحق أن يرضوهما بظاهر الأسلوب في لغة البشر، لكنه شاء أن يوحد الرضاء؛ لأنه يدور حول أمر واحد بطاعة واحدة، وحول نهي واحد بانتهاء واحد.

(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (الأنفال: 20).

وهذا الأمر بطاعة الله تعالى والرسول بلاغ من الله، والبلاغ أول وسيلة له الأُذن، لأن الأُذن أول وسيلة للإدراكات، ولذلك فإنَّ الرسول يُبَلِّغُ الأوامر بالقول للناس، ولم يبلغهم بالكتابة؛ لأن كل الناس لا تقرأ، فأبلغ -صلى الله عليه وسلم- الناس قولاً كما أمر أن يكتب القرآن ليظل محفوظاً.

ونعلم أن السماع هو الأصل في القراءة.

وأنت لا تقرأ مكتوباً، ولا تكتب مسموعاً إلا إذا عرفت القواعد، وعرفت كيفية نطق الحروف.

والمعلم يعلم طالب المعرفة القراءة والكتابة عن طريق السماع أولاً، إذن فالسماع مقدم في كل شيء، ولن يستطيع واحد أن يقول في عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لم تبلغني الدعوة؛ لأن الدعوة أبلغت للناس بالسماع، وقوله: (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) تعطينا أن الإنسان إن لم تبلغه الدعوة، فليس مناطاً للتكليف، لأن ربنا سبحانه وتعالى هو القائل: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 15).

والمجتمعات التي تعيش في غفلة وليس عندهم رسول ولم يبلغهم المنهج، لن يعذبهم الله، وهذا أمر وارد الآن في البلاد النائية البعيدة عن الالتقاء بالإسلام وبمنهج الإسلام، وبالسماع عن الإسلام؛ لأنهم ما سمعوا شيئاً عن الدين ولم يعرفوا منهجه.

وهؤلاء ناجون من العذاب طبقاً لقول الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 15).

فثمرة بعث الرسول أن يبلغ الناس، ولذلك أخذنا حكما هاماً من الأحكام من قوله الحق تبارك وتعالى: (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (الأنفال: 20).

أخذنا من هذا القول أن من لم يبلغهم المنهج لا يحاسبون.

ولكن أيكفي السماع في أن نعلم المنهج.

لا، لا يكفي في السماع أن نعلم أن هناك رسولاً جاء ليعقب على رسول سبق، ولكن عليك أن تبحث أنت.

فإن كان في الأرض من لم يبلغه هذا فهو ناجٍ، وإن كان قد بلغه خبر رسول ولم يبلغه المنهج الكامل فعليه أن يبحث بنفسه، بدليل أن الإنسان يبحث عن أهون الأشياء بمجرد أن يسمع عنها، ويشغل نفسه بالبحث.

ولنفرض أن إنساناً قال في قرية: إن الدولة ستغير بطاقة التموين، ألا يتجه كل فرد في القرية ليسأل عن هذا الأمر ويهتم به كل الاهتمام؟

إذن كان يكفي في وصول البلاغ أن يسمع الإنسان رسولاً في العرب قد جاء للناس كافة برسالة عامة، وأن هذه الرسالة تعقب الرسالات السابقة، ومن سمع هذا السماع كان عليه أن يعامل هذا الخبر معاملة المصالح الدنيوية الأساسية؛ لأنه إذا كان أمر الدنيا هاماً فما بالنا بأمر صلاح الدنيا والآخرة؟

وجزء من التبعة في ذلك يقع على المسلمين الذين لم يَجدُّوا ويبلغوا منهج الله ودين الله إلى غيرهم.

ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا...).



سورة الأنفال الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأنفال الآيات من 16-20
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأنفال الآيات من 26-30
» سورة الأنفال الآيات من 31-35
» سورة الأنفال الآيات من 36-40
» سورة الأنفال الآيات من 41-45
» سورة الأنفال الآيات من 46-50

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأنفال-
انتقل الى: