منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأعراف الآيات من 016-020

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49192
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 016-020 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأعراف الآيات من 016-020   سورة الأعراف الآيات من 016-020 Emptyالأربعاء 14 أغسطس 2019, 11:03 pm

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والإغواء: إغراء بالمعصية، ومن الإغواء الغَيّ وهو: الإهلاك، ويقول الحق سبحانه وتعالى: (فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً) (مريم: 59).

وحين نقرأ (فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي) أي فبإغوائك يا الله لي سأفعل كذا وكذا، وبذلك يكون قد نسب الإغواء لله.

لكن هل يغوي ربنا أو يهدي؟.

إن الله يهدي دلالة وتمكيناً، وسبق أن تكلمنا كثيراً عن هداية الدلالة ودلالة التمكين، وسبحانه خلق الشيطان مختاراً، ولم يخلقه مرغماً ومسخراً كالملائكة، ولأنه قد خُلِقَ مختاراً فقد أعطاه فرصة أن يطيع وأن يعصي، وكأن الشيطان بقوله هذا يتمنى لو أنه قد خلق مقهوراً.

ويقول إن الله هو الذي أعطاه سبب العصيان.

ولم يلتفت إلى أن الاختيار إنما هو فرصة لا للغواية فقط، ولكنه فرصة للهداية أيضاً.

وأنت أيها الشيطان الذي اخترت الغواية.

إذن فقول الشيطان: (فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي) إنما يريد به الشيطان: أن يدخل بمعصيته على الله، ونقول له: لا، إن ربنا لم يغو؛ لأن الحق سبحانه وتعالى لا يغوي وإنما يهدي؛ لأن الله لو خلقه مرغماً مقهوراً ما أعطاه فرصة أن يختار كذا أو يختار كذا؛ فقد خلقه على هيئة "افعل" و "لا تفعل"، واختار هو ألاّ يفعل إلا المعصية.

(قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16).

والمفهوم من العبارة أنهم بنو آدم، والقعود لون من ألوان حركة الجسم الفاعل؛ لأن المتحرك إما أن يكون قائماً، وإما أن يكون قاعداً، وإما أن يكون مضجعاً نائماً.

وأريح الحالات أن يكون نائماً مضجعاً؛ لأن الجسم في هذه الحالة يكون مستريحاً بفعل الجاذبية الأرضية، وحين يكون الإنسان قاعداً تقاومه الجاذبية قليلاً، وحين يكون واقفاً فهو يحمل جسمه على قدميه، ولذلك نقول لمن وقف طويلاً على قدميه: "اقعد حتى ترتاح" ولو قعد وكان متعباً فيقال له: "اضطجع قليلاً لترتاح".

ولماذا اختار الشيطان أن يقول: (لأَقْعُدَنَّ)؟ حتى يكون مطمئناً، فقد يتعب من الوقفة، أيضاً وهو في حالة القعود يكون منتبها متيقظاً، والحق يقول: (وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: 5).

ولم يقل: "قفوا" حتى لا يرهق الناس أنفسهم بالوقوف الطويل، ولكن ساعة يواجهون الأمر فعليهم بالنهوض.

والقعود أقرب إلى الوقوف، لأن الاضطجاع أقرب إلى التراخي والنوم، وقد اختار الشيطان الموقف الذي يحفظ له قوته، ويبقى له انتباهه: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ).

وما دام الشيطان سيغوي، وسيضل الغير، فسيختار للغواية من يكون في طريق الهداية.

إنما من غَوَى باختياره وضل بطبيعته فالشيطان قد استراح من ناحيته ولا يريده، وتلك ظاهرة تحدث للناس حينما يجدون ويجتهدون في الطاعة؛ فالشاب الطائع الملتزم يحاول الشيطان أن يخايله ليصرفه عن الصلاة والطاعة؛ لأن الشيطان يتلصص على دين الإنسان، فهو كاللص، واللص لا يحوم حول بيت خرب.

إنما يحوم اللص حول بيت عامر بالخير.

إننا نلاحظ هذه المسألة في كل الناس حينما يأتون للصلاة فيقول الواحد منهم: حينما أصلي يأتي له الوسواس، ويشككني في الصلاة، نقول له: نعم هذا صحيح، وحين يأتي لك هذا الوسواس فاعتبره ظاهرة صحية في الإيمان؛ لأن معناه أن الشيطان عارف أن عملك مقبول، ولذلك يحاول أن يفسد عليك الطاعة؛ لأنك لو كنت فاسداً من البداية، ووقفت للصلاة دون وضوء لما جاءك الوسواس.

لكن الشيطان يريد أن يفسد عليك الطاعة ولذلك يقول الله: (وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ) (الأعراف: 200).

لماذا؟.

لأن الله خلقك وخلقه، وإن كنت لا تستطيع دفعه لأنه يجري منك مجرى الدم في العروق وينفذ إليك بالخواطر والمواجيد التي لا تضبطها؛ ويأتي إليك بمهام الأشياء في وقت الصلاة؛ فتتذكر الأشياء التي لم تكن تتذكرها، ويأتي لك بأعقد المسائل وأنت تصلي؛ وكل ذلك لأنه قال: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ)، ولم يقل إنه سيقعد على الطريق المنحرف، ولن يجلس الشيطان في مجلس خمر، لكنه يقعد على أبواب المساجد أو في المساجد ليفسد للناس أعمالهم الصالحة.

فماذا نفعل في هذه الحال؟.

يدلنا الحق سبحانه أن نستعيذ: (وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ) (الأعراف: 200).

فمعنى (فَٱسْتَعِذْ) أي فالتجئ منه إلى الله؛ لإن الله الذي أعطاه الخاصية في أن يتغلغل فيك، وفي دمك، وفي خواطرك، هو القادرعلى منعه، وحين تقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" بفزع والتجاء إليه -سبحانه- فإنه -جل شأنه- ينقذك منه.

وإن كنت تقرأ القرآن ثم جاء لك الخاطر من الشيطان فقل: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فإذا قلت هذا فكأنك نبهته إلى أنك أدركت من أين جاءت هذه النزغة: مرة واثنتين وثلاثاً، فيقول الشيطان لنفسه: إن هذا المؤمن حاذق فطن وحذر لا أستطيع غوايته، ولأبحث عن غيره.

ولذلك رأينا الإمام أبا حنيفة، وقد شهِرَ عنه الفتيا، وذهب إليه سائل يقول: ضاع مني مال في أرض كُنت قد دفنته فيها، ولا أعرف الآن مكانه.

دلني عليه أيها الشيخ؟.

وبطبيعة الحال كان هذا السؤال في غير العلم، فقال أبو حنيفة: يا بني ليس في ذلك شيء من العلم، ولكني احتال لك؛ إذا جاء الليل فقم بين يدي ربك مصليّاً هذه الليلة، لعل الله سبحانه وتعالى يبعث لك جنداً من جنوده يقول لك عن مكان مالك.

وبينما أبو حنيفة يؤدي صلاة الفجر، وإذا بالرجل يقبل ضاحكاً مبتسماً قائلاً: يا إمام لقد وجدت المال، فضحك أبو حنيفة، وقال: والله لقد علمت أن الشيطان لا يدعك تتم ليلتك مع ربك، وسيأتي ليُخبرك، فهلاّ أتممتها شكراً لله، هيا قم إلى الصلاة.

إذن فقد عرف الشيطان كيف يقعد: وكيف يقسم، لأنه في آية أخرى يقول: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 82).

لقد استطاع أن يأتي بالقسم الذي يعينه على مهمته؛ فقال: (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ) أي بامتناعك عن خلقك وعدم حاجتك إليهم فأنت الغالب الذي لا يقهر؛ لأنك إن أردتهم ما استطعتُ أن آخذهم، لكنك شئت لكل إنسان أن يختار: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: 29).

فأقسم، ومن هذا الباب يدخل الشيطان على الإِنسان: (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).

واستدرك على نفسه أيضاً وقال: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ) (ص: 83).

لأن الذي يريده الله مهدياً لا يستطيع الشيطان أن يغويه؛ لأنه لا يناهض ربنا ولا يقاومه، إنما يناهض خلق الله، ولا يدخل مع ربنا في معركة، إنما يدخل مع خلقه في معركة ليس له فيها حجة ولا قوة؛ لأن الذي يغلب في المعارك إما أن يرغمك على الفعل، وإما أن يقنعك لتفعل أنت بدون إرغام.

وهل يملك إبليس واحدة من هذه؟.

لا، ولذلك سيأتي في الآخرة يقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي) (إبراهيم: 22).

والسلطان قسمان: سلطان يقهر، وسلطان يقنع.

والشيطان يدخل على الإِنسان من هذه الأبواب.

ويقول الحق بعد ذلك على لسان إبليس: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن...).



سورة الأعراف الآيات من 016-020 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49192
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 016-020 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 016-020   سورة الأعراف الآيات من 016-020 Emptyالأربعاء 14 أغسطس 2019, 11:04 pm

ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فالذي بين اليد هو ما كان إلى الإمام، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي من الوراء، (وعَنْ أَيْمَانِهِمْ) أي من جهة اليمين، (وعَن شَمَآئِلِهِمْ) أي من جهة اليسار.

والشيء الذي أمام العالم كله، ونسير إليه جميعاً هو (ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ) وحين يأتي الشيطان من الأمام فهو يشككهم في حكاية الآخرة ويشككهم في البعث.

ويحاول أن يجعل الإِنسان غير مقبل على منهج الله، فيصير من الذين لا يؤمنون بلقاء الله، ويشكّون في وجود دار أخرى سيُجَازى فيها المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

وقد حدث ذلك ووجدنا من يقول القرآن بلسان حاله: (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ) (الصافات: 16-17).

ولذلك يعرض الحق قضية البعث عرضاً لا يجعل للشيطان منفذاً فيها، فيوضح لنا أنه سبحانه لم يعجز عن خلقنا أولاً؛ لذلك لن يعجز عن إعادتنا، والإِعادة بالتأكيد أهون من البداية؛ لأنّه سيعيدهم من موجود، لكن البداية كانت من عدم، إنه -سبحانه- عندما بيَّن للناس أن الإِعادة أهون من البداية فهو يخاطبهم بما لا يجدون سبيلاً إلى إنكاره، وإلاّ فالله -جل شأنه- تستوي لدى طلاقة قدرته كل الأعمال فليس لديه شيء سهل وهيّن وآخر صعب وشاق ويبلغنا -سبحانه- بتمام إحاطة علمه فيقول: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ) (ق: 4).

أي أن لكل واحدٍ كتاباً مكتوباً فيه كل عناصره وأجزائه.

والشيطان -أيضاً- يأتي من الخلف، وخلف كل واحد منا ذريته، يخاف ضيعتهم، فيوسوس الشيطان للبعض بالسرقة أو النهب أو الرشوة من أجل بقاء مستقبل الأبناء، وفساد أناس كثيرين يأتي من هذه الناحية، ومثل هذا الفساد يأتي حين يبلغ بعض الناس منصباً كبيراً، وقد كبرت سنّه، ويقبل على الله بشرّ، ويظن أنه يترك عياله بخير.

لكن إن كنت تخاف عليهم حقّاً فأمِّن عليهم في يد ربهم، ولا تؤمِّن حياتهم في جهة ثانية.

(وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) (النساء: 9).

ولماذا لم يأت الشيطان للإِنسان من فوق ومن تحت لأن الفوقية هي الجهة التي يلجأ إليها مستغيثاً ومستجيراً بربه، والتحتية هي جهة العبودية الخاصة.

فالعبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فهو في هاتين الحالتين محفوظ من تسلط الشيطان عليه؛ لأن اللهتعالى يقول: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ).

ويقول تعالى: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 17).

ويأتي الشيطان من اليمين ليزهد الناس ويصرفهم عن عمل الحسن والطاعة.

واليمين رمز العمل الحسن؛ لأن كاتب الحسنات على اليمين، وكاتب السيئات على الشمال، ويأتي عن شمائلهم ليغريهم بشهوات المعصية.

ونلحظ أن الحق استخدم لفظ (عَنْ أَيْمَانِهِمْ) و(عَن شَمَآئِلِهِمْ) ولم يأت بـ"على" لأن "على" فيها استعلاء، والشيطان ليس له استعلاء أبداً؛ لأنه لا يملك قوة القهر فيمنع، ولا قوة الحجة فيقنع.

ولأن أكثر الناس لا تتذكر شكر المنعم عليهم، فيجيد الشيطان غوايتهم.

ولذلك يقول الحق تذييلاً للآية: (وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 17).

ويقول الحق بعد ذلك: (قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا...).



سورة الأعراف الآيات من 016-020 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49192
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 016-020 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 016-020   سورة الأعراف الآيات من 016-020 Emptyالأربعاء 14 أغسطس 2019, 11:06 pm

قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لقد بلغ الغرور بالشيطان أن تخيّل أنه ذكي، فشرح لنا خطته ومنهجه فدلل لنا على أن حكم الله فيه قد نفذ بأن جعل كيده ضعيفاً، فسبحانه القائل: (إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) (النساء: 76).

لقد نبهنا الحق لكيد الشيطان وغروره، والناصح هو من يحتاط، ويأخذ المناعة ضد النزغ الشيطاني.

وهنا يقول الحق: (قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً..) (الأعراف: 18).

وقال له الحق من قبل: (قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ) (الأعراف: 13).

إذن فهناك هبوط وخروج بصَغار ومجاوزة المكان، ثم هنا أيضاً تأكيد بأنه في حالة الخروج سيكون مصاحباً للذم والصغار والطرد واللعن.

ويقول الحق سبحانه: (لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأعراف: 18).

وفي هذا إخبار لمن يتبعون الشيطان بأنهم أهل لجهنم، ولم يعدَّها سبحانه لتسع الكافرين فقط، لكنه أعدّها على أساس أن كل الخلق قد يكفرون به سبحانه، كما أعدّ الجنة على أساس أن الخلق جميعاً يؤمنون به؛ فليس عنده ضيق مكان، وإن آمن الخلق جميعاً؛ فإنه -جل شأنه- قد أعد الجنَّة لاستقبالهم جميعاً، وإن كفروا جميعاً فقد أعدّ النار لهم جميعاً؛ تأكيداً لقوله الحق: (أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ * ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (المؤمنون: 10-11).

وقوله الحق: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) (الأنبياء: 98).

وبهذا نكون قد شرحنا مسألة إبليس الذي امتنع عن طاعة أمر الآمر الأعلى بالسجود لآدم.

ويقول الحق بعد ذلك: (وَيَآءَادَمُ ٱسْكُنْ...).



سورة الأعراف الآيات من 016-020 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49192
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 016-020 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 016-020   سورة الأعراف الآيات من 016-020 Emptyالأربعاء 14 أغسطس 2019, 11:07 pm

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ويعاود القرآن الحديث عن آدم بعد أن تناول مسألة إبليس فيقول: (وَيَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ).

كثير من العلماء تتواتر نقل العلم عندهم إلى أن الجنة هي جنة الآخرة والخلود، واعترض البعض متسائلين: كيف يدخل إبليس جنة الخلود؟.

وكيف يخرج منها؟.

وهل الذي يدخل الجنة يخرج منها؟.

وهؤلاء العلماء الذين قالوا: إن الجنة هي جنة الآخرة، لم يفطنوا إلى مدلول كلمة "جنة"؛ فساعة تطلق كلمة جنة، تأخذ ما يسمى في اللغة "غلبة الاستعمال"، أي تأخذ اللفظ من معانيه المتعددة إلى معنى واحد يستقل به عرفاً، بحيث إذا سُمع انصرف الذهن إليه، فأنت إذا سمعت يا مؤمن كلمة الجنة ينصرف ذهنك إلى جنة الآخرة؛ لأنها هي التي تُعتبر جنة بحق، لكن حينما يأتي اللفظ في القرآن والمتكلم هو الله، فلابد أولاً أن ندرس اللفظ واستعمالاته في اللغة؛ لأن القرآن جاء بلسان عربي مبين، فمن الجائز أن يوجد اللفظ في اللغة وله معانٍ متعددة.

وعندما يتعلق الأمر بالدين والفقه فإننا نأخذ اللفظ من معناه اللغوي، ونجعله ينصرف إلى المعنى الشرعي الاصطلاحي.

مثال ذلك كلمة "الحج" فأنت ساعة تسمع كلمة "الحج" تقول: هو قصد بيت الله الحرام للنسك والعبادة في أشهر معلومة، على الرغم من أن "الحج" في اللغة هو القصد، فإذا قصدت أي شيء تقول: حججت إليه.

فلما جاء الإِسلام أخذ هذا اللفظ من اللغة واستعمله في الحج بالمعنى الشرعي، وهو قصد البيت الحرام للنسك، وكذلك كلمة "الصلاة" إنها في اللغة الدعاء، فقولهتعالى: (وصلِّ عليهم) أي ادع لهم، ولما جاء الإِسلام أخذ الكلمة من اللغة، وجعلها تطلق على معنى اصطلاحي جديد بحيث إذا أطلق انصرفت إليه، وهي الأقوال والأفعال المخصوصة، المبدوءة بالتكبير المختومة بالتسليم بشرائطها الخاصة.

ولكن هل معنى أننا أخذنا اللفظ من اللغة وجعل له الشرع معنىً اصطلاحيًّا أن هذا يكون تركاً لمعناه الأصلي؟.

لا؛ لأنك إن أردت أن تستعمله في معناه الأصلي فلك ذلك، ولكنك تحتاج إلى قرينة تدل على أنك لا تريد الصلاة الشرعية لأن كلمة "صلاة" أصبحت هي الصلوات الخمس المعروفة لنا، مع أن معناها الأصلي كان الدعاء، وهذا هو ما جعل العلماء يذهبون إلى أن كلمة "الجنة" ساعة تُطلق ينصرف الذهن إلى جنة الخلود.

ونقول: المعنى اللغوي للجنة أنها المكان الذي فيه أشجار غزيرة ومتنوعة، أما غزارتها وعلوها فتستر الإِنسان وتُجِنّه عن كل ما حوله، وأما ما فيها من الثمار والضروريات والكماليات فلأنها تستر الإِنسان عن خارجها ويكتفي بأن يكون فيها، والقرآن لم يجيء بالجنة بمعنى جنة الخلد فقط، بل يقول أيضاً: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) (البقرة: 266).

وكذلك يقول سبحانه: (وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً) (الكهف: 32).

وقوله الحق: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ: 15).

وأقول: إن علينا أن نبحث في آفاق مرادات الله حين يُعْلمنا من لدنه ويقفنا على المعنى المراد، إننا نعلم أن أول بلاغ نزل من الله بخصوص آدم أخبرنا فيه أنه قد خلق آدم خليفة في الأرض: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: 30).

إذن فآدم مخلوق للأرض، ولا تظلموا آدم وتقولوا إنه مخلوق للجنة، وكنا سنعيش فيها لكنه عصى وأنزلنا إلى الأرض.

لذلك نقول: لا، وعلينا أن نتذكر أن أول بلاغ من الله عن آدم أنه جعله في الأرض خليفة.

والذي كان يجب أن نسأل عنه: ما دام قد جعله الله خليفة في الأرض فما الذي جاء بحكاية الجنة هذه؟!

لقد خلق الله آدم ليكون خليفة في الأرض، وكان عليه أن يتلقى من الله التكاليف محصورة في "افعل" و "لا تفعل"؛ لأنك إن لم تمتثل سيظهر الفساد في المجتمع، أما الذي لا يظهر منه فساد فسبحانه يتركه مباحاً؛ لذلك فكل ما لم يرد فيه "افعل" و "لا تفعل" لا يفسد به المجتمع.

إذن فـ "افعل" و "لا تفعل" هي مقياس ضمان الصلاح في الأرض.

وهل خلق الله الإِنسان هكذا بدون منغصات تفسد عليه منهج الله؟.

لا، فما دام الشيطان قد وقف هذا الموقف مع آدم، وقال أنا سأغوي؛ فسيزين لك في "افعل"، و"لا تفعل" ويأتيك الأمر بالصلاة فينزغك الشيطان حتى لا تصلي.

ويأتيك الأمر ألا تشرب الخمر فيزين لك الشيطان أن تشربها، ويحاول أن ينقل مجال "افعل" إلى مجال "لا تفعل"، وكذلك يحاول أن يزين لك "أن تفعل" ما هو في مجال "لا تفعل" فترتبك حركتك.

إن الحق سبحانه يريد منهجاً يحكم حركة الحياة، ويضمن للخلافة في الأرض أن تؤدي مهمتها أداءً يسعد الإِنسان فيه في الدنيا وينعم في الآخرة؛ لذلك كان لابد أن يدرب الحق سبحانه خليفته في الأرض على المنهج؛ حتى لا يتلقى المنهج تلقيًّا نظريًّا، لذلك شاء الحق سبحانه وتعالى ألاّ يجعل آدم يباشر مهمة الخلافة إلا بعد أن يعطيه تدريباً على المهمة في "افعل" و"لا تفعل".

وحذره من العقبات التي تعترض "افعل"؛ حتى لا تجيء في منطقة "لا تفعل"، وكذلك من العقبات في منطقة "لا تفعل" حتى لا تجيء في منطقة "افعل"، واختار له مكاناً فيه كل مقومات الحياة وترفها حتى لا يتعب في أي شيء أبداً في أثناء التدريب، وأوضح له أن هذه هي الجنة وهي بستان جميل وفيه كل مقومات الحياة وترفها، وأمره: كُلْ من كل شيء فيها، ولكن لا تقرب هذه الشجرة.

"كل" هذا هو الأمر، و"لا تقرب" هذا هو النهي.

وأوضح سبحانه لآدم أن الذي سيعكر عليه تطبيق منهج الله هو العدو الذي ثبتت عداوته إنّه "إبليس"؛ لأنه حين امتنع عن السجود لآدم تلقى الطرد واللعنة فأقسم وقال: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 82).

كأن الحق سبحانه وتعالى جعل الجنة كمكان فيه كل مقومات الحياة لآدم بصنع الله -سبحانه- وإعداده، وأعطى له منها القدر الذي يعطي المقوم فلا فضلات تتعبه، ولا ينتفخ ولا يعاني من متاعب في الصحة... إلخ؛ لأنه سبحانه يعطي لآدم القدر المقوم.

وسبحانه قادر على كل شيء بدليل أنه يرعى الجنين في بطن أمه، والجنين ينمو، والنمو معناه أنه يتلقى الغذاء، ولا يخرج منه فضلات؛ لأن الغذاء الذي يدخله الله له على قدر النمو فقط، وحين يكون ربنا هو الذي يمد جنة التدريب بالغذاء، فهو قادر على كامل الإِعداد.

إذن فالجنة التي وُجد فيها آدم بداية ليست هي جنة الجزاء؛ لأن جنة الجزاء لابد أن تأتي بعد التكليف.

ولا يمكن أن يكون فيها تكليف، ومن يسكنها لا يخرج منها.

وآدم -كما علمنا- مخلوق للأرض، إذن وجود الجنة هنا يعني أنها مكان التدريب على المهمة في الخلافة أمراً متمثلاً في - (فَكُلاَ)، ونهياً متمثلاً في (وَلاَ تَقْرَبَا)، لم يقل لهما: لا تأكلا، بل قال: (وَلاَ تَقْرَبَا) لأن القُربان مظنة أنه يؤدي إلى الغواية ويدفع إليها.

وهو قد أكل منها لأنه جاء ناحيتها واقترب منها، ولو كان قد استمع ولم يقرب لما أكل منها.

فكأن الله جعل لآدم في جنة التدريب والتمرين رمزين: الرمز الأول: لـ"افعل"، والرمز الثاني: لـ "لا تفعل"، ونجد أن الذي نهى الله عنه قليل بالنسبة لما أباحه وأمر به.

وهذا من رحمة الله بالعباد، فيفعل المؤمن ما يؤمر به، ولا يحوم حول ما حرمه الله؛ لأنه لا يأمن حين يرى ما حرم الله أن تميل نفسه إليه، ولذلك قال: (وَلاَ تَقْرَبَا) فلو أنهما لم يقربا ما كانت الشجرة تغريهما بأي منظر.

ولذلك في كثير من الأشياء التي يحرمها الحق سبحانه وتعالى وفي قمتها ما يصون ويحفظ العقيدة الأساسية، يقول بعدم الاقتراب أو الاجتناب، فسبحانه هو القائل: (فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ) (الحج: 30).

ولم يقل: "لا تعبدوا الأوثان"، بل قال: "فاجتنبوا"، والشأن في "الخمر" أيضاً جاء بالاجتناب.

لكنّ بعضاً من السطحيين يقول: لم يرد في الخمر تحريم بل قال بالاجتناب، ونقول له: الاجتناب أقوى من المنع ومن التحريم، لأن غاية التحريم أن يمنعك من شرب الخمر.

لكن الاجتناب يقتضي ألا تذهب ناحيتها، ولا تقعد في المكان الذي توجد فيه، ولا تعصرها ولا تحملها.

(وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ) (الأعراف: 19).

والظلم هو تجاوز الحد أو إعطاء الشخص غير حقه، ويوضح سبحانه: أنا لم أجعل لكما حقاً في أن تقربا ناحية هذه الشجرة، فإن قربها أيٌّ منكما، فهو قد خالف ما شرّعته لكما، (فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ) أي تدخلا في إطار من يظلمون أنفسهم لأن الله لا يظلم أحداً، وأنت تظلم نفسك لأنك تعطي نفسك شهوة قليلة في زمن يسير، وبعد ذلك تأخذ عقابها عذاباً أليماً في زمن طويل وبشكل أشد.

وهذا ظلم لنفسك، كما أنّه دليل على أنك غير مأمون عليها.

ويقول الحق بعد ذلك: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ...).



سورة الأعراف الآيات من 016-020 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49192
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 016-020 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 016-020   سورة الأعراف الآيات من 016-020 Emptyالأربعاء 14 أغسطس 2019, 11:08 pm

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كلمة "وسوس" تدل على الهمس في الإغواء، ونعرف أن الذي يتكلم في خير لا يهمه أن يسمعه الناس.

لكن من يتكلم في شرّ فيهمس خوفاً من أن يفضحه أحد، وكأن كل شر لابد أن يأتي همساً، وصاحبه يعرف أن هذا الكلام لا يصح أن يحدث، ويستحي منه، ولا يحب أن يعرف المجتمع عنه هذا الشيء، و"وسوس" مأخوذة من الصوت المغري، لأن الوسوسة هي صوت رنين الذهب والحلي، إذن فما قاله الشيطان لآدم وزوجه هو كلام مغرٍ ليلفتهما عن أوامر رب حكيم.

وقوله الحق: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا) يعطينا حيثيات البراءة لحواء؛ لأن الشائع أن حواء هي التي ألحت على آدم ليأكلا من الشجرة، وكثير منا يظلم حواء على الرغم من أن القرآن يؤكد أن الوسوسة كانت لآدم وحواء معاً.

(فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا..) (الأعراف: 20).

وهل وسوس الشيطان لهما ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما، أو وسوس ليعصيا الله؟.

لقد وسوس ليعصيا الله، وكان يعلم أن هناك عقوبة على المعصية، ويعلم أنهما حين يأكلان من الشيء الذي حرمه ربنا ستظهر سواءتهما، و"السوءة" هي ما يسوء النظر إليه، ونطلقها على العورة، والفطرة تستنكف أن يرى الإِنسان المكتمل الإِنسانية السوءة.

وكأنهما في البداية لم ير أحدهما سوءة الآخر أو سوءة نفسه لأن الحق يقول: (لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا).

والسوءات أربع: اثنتان للرجل واثنتان للمرأة، فكأن كل إنسان منهما لا يرى سوءتيه، وكذلك لا يرى سوءتي الآخر، لأن السوءات كلها لها ما يخفيها عن الرؤية، وهذا كلام معقول جداً.

ألم تقل سيدتنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "ما رأيت ولا رأى مني"، وفي هذا القول تتجلّى قمة الأدب لأنها لم تجيء حتى باللفظ، لأن العضو ما دام سوءة فهو مبني على الستر.

وذلك حين حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين"، تعجبت السيدة عائشة فقال لها: "الأمر أخطر من أن ينظر أحد إلى أحد".

(لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا..) (الأعراف: 20).

وبماذا ووري؟.

لابد أن هناك لباساً كان على كل منهما، وقال العلماء الكثير عن هذا اللباس، فمن قائل: إن أظافر الإِنسان هي بقية اللباس الذي كان موجوداً عند آدم وحواء، وهو ما كان يواري السوءات، ويقال: إنّ أيّ إنسان يكون في غاية الضحك والانبساط، ويريد أن يكتم نَفْسه، ويمنعها ويحول بينها وبين الضحك إنه يحدث له ذلك لو نظر إلى أظافره، عندئذ لا يمكنه أن يضحك لأنها بقية لحظة الندم على كشف السوءة.

وجرّبها في نفسك، تجد نفسك قد منعت من الضحك، وهذا من عمل الإِله.

أو أن الستار الذي كان يواري السوءة هو النور الإِلهي الذي كان يلفهما، والنور الساطع جداً حين يلف لا يبين، صحيح أنك بالنور ترى الأشياء، لكنه إن اشتد عمَّى على الأشياء فأخفاها فلا تراها؛ لأن أي أمر إذا زاد على حدّه انقلب إلى ضده، فإما أن يكون الثوب الأظافر، وإما أن يكون النور الإِلهي الذي كان يغشاهما ويواري السوءة، وقد سميت "سوءة" و"عورة"، لأنها تسوء، فلماذا تسوء؟ وما الفرق بين فتحتين: فتحة في الفم، وفتحة في العورة؟.

إن فتحة العورة سوءة باعتبار ما يخرج منها.وحينما كانا يأكلان من إعداد ربنا لم يكونا -كما قلنا- في حاجة إلى إخراج فضلات؛ لأن إعداد الله يعطي كُلاًّ منهما على القدر الكافي للحركة والفعل، وكانت المسألة مجرد فتحات مثل بعضها.

لكن حينما يخرجان عن مرادات الله في الطعام، ويأكلان غير ما أمر الله به، ويمارسان اختيار الطعام بدأت الفضلات في الخروج بما لها من رائحة غير مقبولة، فهل ظهور السوءة لهما هو رمز إلى أن هناك مخالفة لمنهج الله سواء أكان ذلك في القيم والمعنويات أم في الأمور المادية؟.

نعم؛ لأن كل شيء يُخَالَف فيه منهج الله لابد أن تبدو فيه العورة، وإن رأيت أي عورة في المجتمع فاعلم أن منهجاً من مناهج الله قد عطل.

وينقل القرآن ما قاله لهما الشيطان من وسوسة: (وقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ) (الأعراف: 20).

لقد همس الشيطان وأوحى لهما بأن الحق: أراد ألا تقربا هذه الشجرة لأن من يأكل منها يصير مَلَكاً، أو خالداً.

ولم يمحص أي منهما كلمات الشيطان ليعرف أن كيده كان ضعيفاً واهياً وغبياً؛ لأنه ما دام قد عرف أن من يأكل من هذه الشجرة يصير ملكاً أو يبقى من الخالدين فلماذا لم يخطف منها ما يجعله مَلَكاً أو خالداً؟

وفي هذا درس يبين لنا أن مَن يُزَيّن له ويتصدى له أحد بالإِغواء يجب عليه أن يمحص إلى أي غواية يسير، وأن يدقق في نتائج ما سوف يفعل.

وإذا كان الشيطان قد قال: (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (الأعراف: 14).

فلماذا لم ينقذ نفسه بالأكل من هذه الشجرة وتنتهي المسألة؟.

إذن كان ما يقوله الشيطان كذباً.

ويقول الحق بعد ذلك: (وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا...).



سورة الأعراف الآيات من 016-020 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأعراف الآيات من 016-020
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأعراف الآيات من 001-005
» سورة الأعراف الآيات من 086-090
» سورة الأعراف الآيات من 096-100
» سورة الأعراف الآيات من 006-010
» سورة الأعراف الآيات من 091-095

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأعراف-
انتقل الى: