منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف   المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Emptyالإثنين 10 يونيو 2019, 2:54 pm

المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف
كما أنّ لعقد الزواج آثاراً مالية، بعضها بعد العقد وبعضها بعد الدخول، فإنّ له آثاراً سيادية واجتماعية، بعضها متفق عليه، كحرمة خطبتها، فضلاً عن العقد عليها، وكحرمة المصاهرة بين كل من الزوجين وأسرة كل منهما، وبعضها مختلف فيه، كحق الطاعة قبل الانتقال إلى بيت الزوجية وما يتعلق بذلك، كالخلوة والمسافرة والدخول السّري...

مما ينبغي بيانه في المطالب الآتية:
المطلب الأول: حُرمة خطبة الزوجة أو العقد عليها
إن من محاسن الشريعة وكلها محاسن، تحريم خطبة المعقود عليها (62) بمجرد العقد عليها، وقد سبقت الإشارة إلى أنّ عقد الزواج، يثبت للعاقد حقه في حصر وحجز المعقود عليها لصالحه، بما يقطع نظر الغير عن خطبتها أو العقد عليها، باعتبارها صارت ذات زوج تحرم على الغير، وبذلك تسكن نفس الزوج ويطمئن قلبه على سلامة أهله؛ لأن اجتماع رجلين على امرأة واحدة يفسد الفراش ويوجب اشتباه النسب وفوات المودة، وقد ثبت التحريم بالكتاب والسنة والإجماع والفطرة لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24].

والمُراد بالمُحصنة هنا:
المتزوجة، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك) (63)، وقد أجمع المسلمون (64) على ذلك، ويتضح من الآية الكريمة والحديث الشريف، تحريم خطبة المخطوبة، فضلاً عن تحريم العقد عليها، فهو من باب أولى.

وإلى ذلك:
أشارت المادة (28/د) معدلة من قانون الأحوال الشخصية الأردني، ونصها: (يحرم العقد على زوجة آخر أو معتدته).

ومُفادها:
تحريم الخطبة والعقد على كل ذات زوج أو معتدته من طلاق رجعي، تصريحاً أو تعريضاً (65)، وكذا المعتدة من طلاق بائن عند الحنفية وأجازه الجمهور تلميحاً، باستثناء المعتدة من وفاة، فتجوز خطبتها تعريضاً، وكذا المطلقة قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة تصريحاً وتلميحاً حيث لا عدّة لها، لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235]، وكأن الحكمة في المتوفى عنها زوجها أن الزوجية قد انتهت بموت الزوج، واحتمال الرجعة غير واردٍ بعده، فالنكاح عقد عُمر فإذا مات الزوج، انتهى النكاح، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه كتقرر أحكام الصيام بدخول الليل ونحو ذلك (66).



المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف   المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Emptyالإثنين 10 يونيو 2019, 2:56 pm

المطلب الثاني: أحكام المصاهرة بين كل من الزوجين وأسرتيهما
تنشِأ عن عقد الزواج الصحيح أحكام شرعية جديدة بين أطراف العقد اتجاه أسرتيهما، تنظم العلاقات الاجتماعية بينهما، من شأنها صهر الأسرتين في بوتقة من المشاعر والتشارك، والمقصود بتلك الأحكام بعض المحرمات الشرعية؛ منها ما تكون حرمته على التأبيد، ومنها ما تكون على التأقيت...

وفيما يلي بيانها:
الفرع الأول: المحرمات على الزوج من أسرة زوجته على التأبيد بسبب لا يقبل الزوال وهن ما يلي (67):
1.  أصول زوجته بنسبٍ أو رضاع بمجرد العقد عليها، حتى لو فارقها قبل الدخول، لقوله تعـالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، فبمجرد العقد على الزوجة تحرم عليه أمها وجداتها وإن علون، فلا تحرم مصافحتهّن ولا الخلوة بهنّ، ولا يصح له زواجهن بعد فراق زوجته.

2.  فروع زوجته وإن نزلن، بشرط الدخول بها، لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، وقد وضع العلماء ضابطاً لتلك الأحكام بقولهم: (العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات) (68)، فلا تحرم مصافحتهن ولا الخلوة بهن، وكذا بنات أبنائهن.

الفرع الثاني: المُحرَّمات على الزوج من أقارب زوجته على التأقيت (69)
هناك شريحة من النساء يحرمن على الزوج بمجرد العقد على الزوجة بسبب يمكن زواله يوماً ما، فإذا زال السبب المانع زالت الحرمة، وهن:
1.  أخوات زوجته وبناتهنّ وبنات إخوانهنّ وإن نزلن، لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23].

2.  خالات زوجته، وعماتها من الدرجة الأولى فقط، وخالات وعمات أمها وأبيها من الدرجة الأولى كذلك، سواء كان ذلك من نسب أو رضاع، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها) (70)، ومعنى التحريم هنا ينحصر في حرمة زواجه منهنّ أثناء زواجه من المرأة، لكن لا تصح مصافحتهن ولا الخلوة بهنّ، لأنهن أجنبيات من هذه الناحية، وإلى ذلك أشار القانون الأردني في المادة (28/هـ): (يحرم الجمع بين امرأتين بينهما حرمة النسب أو الرضاع، بحيث لو فرضت واحدة منهما ذكراً لم يجز نكاحها من الأخرى)، وهذه المادة أصلها في المغني لابن قدامة، وتدل على حرمة الجمع بين المرأة وعمات وخالات آبائها وأمهاتها ( (71).

الفرع الثالث: المُحَرَّمون على الزوجة على التأبيد وهم:
1. أصول زوجها بنسب أو رضاع وإن علو، بمجرد العقد عليها، لقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23].

2.  فروع زوجها وإن نزلوا، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22]، قال ابن كثير: "حرّم الله تعالى زوجات الأب تكرمة لهم وإعظاماً، وهذا أمر محل إجماع" (72) فلا حرج في المصافحة والخلوة بينهم، وربما كانت الحكمة من ذلك، قوة العلاقة بين هذه الأطراف، وعدم استغناء كل منهم عن الآخر، وفي عدم التحريم حرج ومشقة، فقصد الشارع إطفاء باعث الغريزة بينهم، لدوام التواصل والتناصر والتعاون والمودة والمحبة.



المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف   المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Emptyالإثنين 10 يونيو 2019, 3:00 pm

المطلب الثالث: حكم طاعة الزوج قبل الزفاف
الطاعة الزوجية من أبرز آثار عقد الزواج الصحيح، ولذا لا بد من بيان حكم الطاعة ومدى مشروعيتها، وشروطها ومجالاتها، وهذا هو أهم ما في هذا البحث.

والطاعة لغة (73):
الانقياد والموافقة، يقال: هو طوع يديك أي منقاد لك.

وهي اصطلاحاً:
لا تخرج عن المعنى اللغوي، ويذكرها الفقهاء من خلال ذكر لوازمها، وهي هنا، موافقة الزوجة لأوامر الزوج ورغباته في غير معصية، ومن الطاعة: القرار في البيت (74).

وحكم الطاعة الزوجية:
هو الوجوب بلا خلاف بين أهل العلم، والأصل في الطاعة الزوجية ما أثنى الله به على النساء المطيعات لأزواجهن، وذلك في قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]، والقانتات: الطائعات، وهو وصف للصالحات مقابل الناشزات، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه-ما: أن القانتات هن المطيعات لأزواجهن (75) والطاعة أحد أفراد القنوت الذي هو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج (76) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته) (77). الحديث.

لكن ينبغي التفريق هنا في أمر الطاعة بين مرحلتين:
إحداهما:
مرحلة الطاعة بعد الزفاف والانتقال إلى بيت الزوجية كما نبينه.

الثانية:
مرحلة الطاعة قبل الزفاف.

المرحلة الأولى: مرحلة ما بعد الزفاف
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب طاعة الزوج بعد الزفاف والانتقال إلى بيت الزوجية وتسليم نفسها له (78)، وهذه المرحلة هي التي أشبعها المفسرون والمحدثون والفقهاء بحثاً دون مرحلة ما قبل الزفاف، وربما تعود أسباب ذلك إلى عدم الحاجة لبحثها، لأنها لم تكن ظاهرة ومنتشرة فيما مضى من العصور، حيث لم يكن هناك فارق زمني بين العقد والدخول، فحيثما تم العقد تبعه الزفاف والدخول، فانصبّ جلّ البحث عن الطاعة على تلك المرحلة، التي لم تكن مدتها متصورة عند الفقهاء بأكثر من يومين أو ثلاثة، لذا كانوا يقولون: وتمهل الزوجة، أي بعد العقد، مدة بحسب العادة لإصلاح أمرها، كاليومين والثلاثة لأنه من حاجتها، فإذا منع الرجل منه كان تعسيراً، والمرجع في ذلك مردّه إلى العرف (79).

ومن مظاهر تلك الطاعة التي قررتها النصوص الشرعية والمدونات الفقهية والتي تعتبر حقوقاً للزوج عليها:
القرار في البيت وعدم الخروج إلا بإذن الزوج، لأن ذلك يحقق مقاصد النكاح، حتى يطمئن قلب الزوج، ولولا ذلك لما حصل السكن بينهما، لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان نهي عن ضده وهو الإخراج أو الخروج.

ولقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، وقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]، وجميع ذلك يعين على الاستقرار وعدم ارتياب الزوج مما قد يحمله على نفي النسب (80)، على أن ذلك لا ينفي خروجها برضا زوجها لصلة أرحامها، أو مزاولتها وظيفة لا تتعارض مع حشمتها.

هذه المظاهر للطاعة الزوجية، هي حق الزوج عليها بعد زفافها مقابل بدائل مشروعة قدمها لها، من مهر ونفقة ومعاشرة بالمعروف، وغير ذلك. وهي مُسلّمات معلومة في قاموس الحياة الزوجية المسلمة، وهي التي كرّستها أقوال الفقهاء قديماً وحديثاً، وليس منها في شيء ما يطفو على السطح في أيامنا من مشكلات طلب الطاعة المطلقة قبل الزفاف، وما ينتج عنها من تداعيات، وذلك عائد إلى ما استحدثه الناس من تساهل في إطالة المدة ما بين الخطبة وبين العقد، وبين الزفاف لأسباب بعضها مقبول وبعضها غير معقول.

المرحلة الثانية: مرحلة ما قبل الزفاف
لقد اختلطت الأمور على العامة في أحقية الطاعة الزوجية ومجالاتها في تلك الفترة، وربما كان لهذا الخلط أسبابه، فالنظرة المتعجلة إلى عقد الزواج تظهر أنه يوجب للعاقد على المعقود عليها مطلق الطاعة.

وبالنظر إلى مسّوغات الطاعة من استيفاء المعجل وبذل النفقة وحق التأديب، وإلى ما يقيدها من الأعراف والعادات كالزفاف، ومن سدّ للذريعة ومنع للضرر الناتج عن تداعيات الطاعة المطلقة، وبواعث طلبها ومآلاتها، فإن ذلك يدعو إلى النظر بأن عقد النكاح ينشأ غير مستقر، فالمهر قبل الدخول معرض للإلغاء أو التنصيف وعدم إيجاب النفقة، فلا يستقر ويولّد جميع آثاره إلا بالانتقال إلى بيت الطاعة...

ومن تلك المُسوّغات ما يلي:
المُسوّغ الأول: استيفاء المُعجَّل
سبق وأن ذكرنا أن المهر أثر من آثار النكاح، وسواء قلنا بأنه تكريم لها أم أنه بدل تسليمها نفسها فإنه بدل استيفاء للآخر، تحقيقاً للمعاوضة من جهة (81)، ومن جهة أخرى فإن ذلك النكاح لم يشرع لذاته، بل لمقاصد لا تحصل إلاّ بدوام النكاح والقرار عليه، ولا يدوم إلا بوجوب المهر وتأكده، وإلا فهناك ما بين الزوجين من الأسباب التي قد تحمل الزوج على الوحشة والخشونة، فلإيجاب المهر تأثيره في ردع الزوج عن بعض التصرفات القاسية، ثم إن مقاصد الزواج تتوقف على التوافق، ولا يحصل ذلك غالباً إلا إذا كانت المرأة طائعة، ولا تحصل الطاعة إلا بحصولها على ما يعزُّ أداؤه من مهر ونفقة (82).

وإلى عهد قريب من الزمان كان هناك تلازم بين العقد ودفع المعجل والدخول، فكان الدخول متوقفاً على الاستيفاء ومرتبطاً به وضعاً للشيء في نصابه، وعكس ذلك هو الاستثناء الذي أوقع الناس فيما هم فيه من المطل وذريعة الاحتماء بعقد الزواج.

المُسوّغ الثاني: بذل النفقة وتهيئة المسكن
تقدم أن الجمهور (83) لم يوجبوا النفقة إلا بالدخول والانتقال إلى بيت الزوجية، وهذا يعني أن الطاعة الزوجية غير واجبة حتى تزف إلي بيت الزوج، لأنّ من ينفق يُشرف ويطاع، وإلا فلا يتصور أن تكون تحت نفقة وليها، وتكون محجوراً عليها بالحبس لصالح العاقد قبل انتقالها إلى بيته، وهذا الحكم هو ما جرى به العرف في بلاد المسلمين والعرب منهم خاصّة، حيث يُستغرب مطالبة الزوج بالنفقة قبل الزفاف كما يُستهجن إلزام الزوجة بطاعته (84) قبل أن تُزفّ إليه.

ولذا، فإنه ليس من الإنصاف إلزام الزوجة بالطاعة قبل زفافها إلى مسكنها الشرعي، وتسلّمها المفروض لها على الزوج من معجل صداقها، ونفقة معيشتها، وهذه هي مسوّغات القوامة الشرعية (وبما أنفقوا....) فلا قوامة للزوج قبل ذلك (85).

المُسوّغ الثالث: حق التأديب
إن حق القوامة المشروع يّولد حق التأديب الوارد ذكره في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34].

وجه الدلالة:
أن خوف النشوز وحق التأديب بكل صوره المذكورة في كتب التفسير، غير متصور الوقوع من إمرأة لم تنتقل إلى بيت الزوجية، وليس للزوج معها رصيد من التجربة، بحيث يجعله يعرف نشوز تلك الزوجة فيخافه، وليس له قوامة فعلية تعطيه حق الوعظ، كما أن حق الهجر لمن ليست في بيته ليس له أي معنى.

ونحن هنا لسنا بصدد تفصيل مراحل التأديب وتوضيحها بقدر ما تعنينا دلالته، إن هذه المعاني وغيرها، تدفع باتجاه عدم إيجاب الطاعة، ومنها طلب الخلوة والمسافرة والدخول قبل الزفاف، والنقلة إلى بيت الطاعة الشرعي.



المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف   المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف Emptyالإثنين 10 يونيو 2019, 3:07 pm

المطلب الرابع: مدى مشروعية الطاعة بطلب الخلوة والمسافرة قبل الزفاف
سبق أن تقرر عدم القوامة الزوجية قبل زفاف الزوجة ونقلها إلى بيت الزوجية، إلا في حدودها الأدبية الضيقة، كالمصافحة والمجالسة والمحادثة، أما فيما يخص بعض الأحكام والقضايا الشرعية من تفاصيل ليلة الزفاف، فيفضل تأخيره إلى قبيل الزفاف بأيام تقريباً، فإن ذلك وقت الحديث عنه من أحكام وآداب.

فمن نافلة القول:
عدم إيجاب الطاعة بطلب الخلوة أو المُسافرة حتى يبلغ الكتاب أجله، وامتناع الزوجة عن تلبية ذلك الطلب قبل الزفاف، هو حق مشروع ولا يُعدُّ نشوزاً، لا ديانة ولا قضاءً ولا عرفاً.

أمَّا ديانة:
فلأن القوامة عليها ما زالت لأبيها ما دامت في بيته.

وأما قضاءً:
فقد ذهبت محكمة الاستئناف الشرعية في تطبيقاتها القضائية إلى أبعد من ذلك، حيث ردت دعوى الطاعة قبل الزفاف بقرارها رقم (24399) ونصه: (إن مجرد تهيئة الزوج المسكن الشرعي لزوجته التي لم تُزف إليه بعد، وطلبه منها طاعته فيه، غير كافٍ وحده، ما لم يقم الزوج مع ذلك بما يجب عليه لإتمام الزفاف، وتهيئة أسبابه حسب العادة والعرف، بما في ذلك ذهابه بنفسه أو إرسال محرم لها للنقلة إلى مسكنه) (86).

وبذلك تكون المحكمة الشرعية قد تجاوزت ربط الطاعة بقبض المهر واستحقاق النفقة، إلى اعتبار الزفاف المعروف، حقاً مشروعاً للزوجة كما تقدم، وتتوقف عليه الطاعة وإتمام الزواج، فهذا القرار من محاسن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف الموقرة لأنه يتماهى مع مصلحة النكاح ومقاصده الشرعية، ومشاعر المرأة الاعتبارية والنفسية، ويُطلعُها على حقوقها التي تصون لها كرامتها، ويقطع الطريق على الذرائع والتلاعب من ذوي النوايا السيئة، إذ لو كانت نية صاحب الدعوى حسنة وبريئة، لأتى البيوت من أبوابها، ولم يتسلل من نوافذها الخلفية، ولربما أرادها بسوء ليبتزها أو يبتزَّ أهلها لأسباب تافهة، وعلى جميع الأحوال، فإن تلك المرأة هي الرابحة بامتناعها، سواء تم الزواج وتسلمت كامل حقوقها، أم تم الطلاق فثبت لها نصف صداقها، وحفظت كرامتها.

وأمّا عُرفاً:
فقد جرت أعراف المسلمين العامة على عدم إلزام المعقود عليها بطاعة العاقد، وخاصة في طلب الخلوة والمسافرة بها والمبيت معها خارج بيت أهلها قبل الزفاف، لأنّ ذلك في نظر العقلاء، عيباً وخفّةً وطيشاً ورعونة، بصرف النظر عن تجاوزات بعض المتهاونين من هنا وهناك، وهذا العرف السليم في الشرع له اعتبار، لذا عليه الحكم قد يدار (87).

وللعُرف مستنداته الصحيحة من الكتاب والسنة والقياس مما لا يتسع المقام لبسطه هنا. وللعرف عند الفقهاء والمفتين والقضاة دوره البارز عبر مسيرة الشريعة فيما لا نص فيه ولم يخالف النصوص الصحيحة، فكل ما ورد به الشرع مطلقاً، ولا ضابط له فيه ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف (88)، لذا فالزفاف شرطٌ ضمني من شروط الزواج في أعراف المسلمين المستحسنة والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً (89)، (وما رآة المسلمون حسناً فهو عند الله حسن) (90)، وهذا الخبر هو أصلٌ للقاعدة الشرعية (العادة محكمة) (91) وما دام كذلك، فإن ذلك العرف يكون واجب التنفيذ كما لو كان مستنده الشرع، لأنه يحقق مصالح الناس، وقد أظهرت استبانة وزّعت على شرائح من طلبة كلية الشريعة في الجامعة الأردنية صحة هذا العرف.

وسنتكلم فيما يلي عن طلب الدخول السري قبل الزفاف في الفروع التالية:
الفرع الأول: حكم طلب الدخول السِّري قبل الزفاف
الحديث في هذه المسألة غاية في الأهمية ويستدعي التركيز في بيان حكمها ومحاذيرها ومخاطرها، على ضوء التفلّت الأسري الحاضر.

فبناءً على النتائج التي توصلت إليها دراسة مسألة الطاعة من حيث عدم مشروعيتها قبل الزفاف، سواء في ذلك طلب الخلوة، أو المسافرة ونحوها، فإنه من باب أولى، القول بعدم مشروعية الدخول السرّي قبل الزفاف، باعتباره في النهاية مندرجاً تحت مسألة طلب الخلوة والمسافرة، بل هو غايتهما العملية، فإن قيل: كيف وعقد الزواج يفيد حل الاستمتاع بالمعقود عليها، والدخول السري أحد أفراده؟

فالجواب:
أنّ الحِل حكم شرعي مأذون فيه، قيدته مصلحة النكاح ومآله، تحقيقاً لمقصد الشارع من إعفافٍ بالحلال وتعاونٍ على المصالح الدنيوية والأخروية (92) وطلب الذرية، وسواء كان المقصود بالحِل: الحق أم الإذن والإباحة، فالأساس الذي يستند إليه الحِل هو الشرع، لأنه مصدر الأحكام ومنشؤها، والحِل هنا ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق مصلحة النكاح وغايته.

يقول الشاطبي:
"إن وضع الشرائع، إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً" (93)،  لقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].

ومثل هذه الآية، كثير ومستمر في جميع تفاصيل الشريعة (94)، وبما أن تكاليف الشريعة تهدف بالجملة إلى حفظ مقاصدها في العباد، الضرورية منها والحاجيّة والتحسينية، تحقيقاً لمبدأ العدالة، فإنها لا تقتصر على ظواهر النصوص، دون النظر إلى ما يخصص عمومها، أو يقيد مطلقها من أعراف ومقاصد، لذا فإن الاجتهاد التشريعي المعتمد على أصول الفقه، يعتبر أصلاً كذلك لاستنباط الأحكام التي تحقق العدل والمصلحة فيما لا نص فيه، لئلا تعود الشريعة على أصلها بالنقض، ومعاندة قصد الشارع عيناً باطلة (95).

وإن من أهم ما يحقق مقاصد الشارع، النظر في بواعث الأفعال ومآلاتها، لما لها من تأثير في الحكم على الأفعال صحة أو فساداً.

لذا فسأبحث مسألة الدخول السري لمحاولة الوقوف على حكمها الشرعي من خلال الباعث والمآل.

أما الباعث:
فهو الدافع الذي يحرك إرادة الإنسان إلى التصرف لتحقيق غرض غير مباشر (96)، وهو المعيار الذي يكشف عن النوايا المشروعة وغير المشروعة عند كثير من الفقهاء، حيث يقاس به شرف النوايا وطهارتها، ويحقق المبدأ الأخلاقي في جميع التصرفات، وأصل الاعتداد به، قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيَّات ولكل امرئٍ ما نوى) (97).

ولذا فإن معيار الباعث ذاتي إذا لم يعلن عنه صاحبه ويخبر به الطرف الآخر، ليحدد موقفه إزاءه سلباً أو إيجاباً، فإذا كان غير معلن فلا يكشف عنه إلا المآل الذي يصار إليه.

فالباعث على التصرف الذي ظاهره الجواز، إذا كان لتحقيق أمر غير مشروع، لم يشرع بالنظر إلى هذا الباعث، ولا يصلح الفعل الذي ظاهره الجواز معتصماً (98) والدخول السري الذي هو من مخرجات الخلوة التي حصلت خلسة، تصرّفٌ ظاهرهُ الجواز، لكن باعثه تحقيق شهوةٍ أمْرُها غير مشروع قبل الزفاف، لأنه بغير إذن الأولياء، وبغير الإشهار المقرر حقاً للمعقود عليها ولأوليائها، وإذنها وحدها لا يعتدُّ به، لأنها ليست صاحبة الشأن من الناحية الشرعية، فالقوامة عليها ما زالت لأوليائها، ولا يعتبر مُبرّراً مشروعاً، حفاظها على إرضاء العاقد وتحسباً لردود فعله مستقبلاً.

ولذا فباعث الدخول السرّي باعثٌ تعسفي وغير أخلاقي، ولم يحقق مصلحة حقيقية ظاهرة، فهو مصادم لقصد الشارع، والمقاصد أرواح الأعمال (99)، فالدافع غير المشروع يجعل الفعل المأذون فيه فعلاً تعسفياً لعلة المفسدة المادية الراجحة، التي يؤول إليها (100)؛ لأن الأسباب تأخذ حكم المقاصد غالباً، فيكون للباعث أثره في تكييف الفعل من المشروعية أو عدمها، فإذا كان الضرر راجحاً صار الفعل غير مشروع، لئلا يساعد على تفشي التصرفات الضارة بين الناس، ويؤدي في النهاية إلى فعل ما لا يجوز، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن المقرر عند علماء القواعد الفقهية: أن ما وضع لمباح لم يقصد به التوصل إلى مفسدة لكنه يفضي إليها غالباً؛ فإنه يجب سد تلك المفسدة، لأن الظن يجري مجرى العلم، فاعتباره هو الأرجح (101)، حيث إن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات (102).

وأما المآل:
فهو نتيجة الباعث وثمرته، وعلى ضوءه يحل الفعل أو يحرُم بقطع النظر عن أصل وصفه الشرعي (103).

والدخول السري كما يبدو، له مآلان متعارضان:
المآل الأول:
هو مصلحة العاقد المتوهمة المأذون له فيها بالعقد الشرعي، وهي الاستمتاع.

المآل الثاني:
هو المفسدة التي تنتج عن ذلك الاستمتاع، من خطر المجاحدة والمتاركة، التي قد تفضي إلى ضياع الحقوق والتغرير بزوج آخر، وهذه المفسدة عظيمة جداً وهي تبدو أرجح من المصلحة التي في الدخول السري، لأنها مناقضة لقصد الشارع من حيث عدم استقرار النكاح ودوامه، وقد ذهب الأصوليون إلى أن مثل هذا الفعل يصبح غير مشروع لأنه آل إلى مفسدة (104).

الفرع الثاني: معيار المفسدة التي تجعل الفعل المأذون فيه غير مشروع
لقد قسم الإمام الشاطبي (105) الفعل المأذون فيه الذي يؤدي إلى مفسدة غير مشروعة إلى ثمانية أقسام، وصاغها المرحوم الشيخ مصطفى الزرقا (106)  بمواد قانونية مقترحة.

ومنها بتصرف ما يلي:
مادة (1/ب):

إذا تولَّد من استعمال الحق ضرر جسيم للغير، أو إزعاج شديد، وكانت المصالح التي يحققها لصالح الحق تافهة تجاه ذلك الضرر أو الإزعاج، فإنها تصبح غير مشروعة.

وجاء في المادة (3/أ)، ما يلي:
يعتبر قرينة على تمحض قصد المضارة بشرط علم صاحب الحق بالضرر، انعدام الغاية الشرعية من استعمال الحق.

(3/ب)
انتفاء أية ثمرة أو منفعة لصاحب الحق من ممارسة حقه يجعله غير مشروع.

(3/جـ)
إذا كان لصاحب الحق مندوحة عن الإضرار بالغير، بأن كان يستطيع استعمال حقه بطريقة لا تضر بالغير ولا تحمّله أية كلفة إضافية، أو تحمّله كلفة تافهة، فإن ذلك يجعل تصرفه غير مشروع، لأن صاحب الفعل إما أنه مقصر في النظر المأمور به وذلك ممنوع، وإما أنه قصد إلى نفس الإضرار، وهو ممنوع أيضاً، فيلزم أن يكون ممنوعاً من ذلك الفعل (107).

وأخيراً:
فإن هذه المواد المؤصلة على نصوص الشريعة تنطبق على الدخول السري وتقضي بمنعه شرعاً، لأن لصاحبه مندوحة عنه للوصول إلى طلبه بما لا يضر بالمعقود عليها ولا بأهلها.

وإذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع (لاعتناء الشارع بالمنهيات أكثر من اعتنائه بالمأمورات) (108)، وذلك استناداً إلى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار) (109) وفيه الإخبار الذي يفيد النهي عن الإضرار بالغير بصريح اللفظ، مما يجعل الفعل الضار غير مشروع، سواء كان قصد الضرر متوفراً أم معدوماً، اجتثاثاً لواقعة الضرر في أية صورة من صورها (110).

وجميع ذلك يصب في توازن المصالح أو انعدام التناسب (111)، الذي هو عين العدالة التي جاءت الشريعة لإقرارها في الحياة، فمصلحة الفرد يجب أن تتسق مع التنظيم التشريعي ولا تناقضه (112).

بقيت هنا مسألة أصولية متعلقة بذلك، وهي:
بناء على التأصيل الفقهي لانعدام مشروعية الفعل المأذون فيه إذا أدى إلى مفسدة، فهل ينعكس هذا الحكم على أصل المشروعية لذلك الفعل بالبطلان؟ أي: هل يجعل الوصف المنخرم غير مناسب أم لا؟ لقد رجح الدكتور الدريني (113) ما ذهب إليه الأصوليون من الشافعية، حيث ذهبوا إلى عدم انخرام مناسبة ذلك الوصف، لأن أصلَ المشروعية ثابت لا يتغير، أما المآل: فهو متغير دائماً، كما أن المفسدة لا تبطل المناسبة عند تعارض المآلات.

ويؤيد ذلك ما قرره الشاطبي بقوله:
"ولأن الأمر الكلي إذا ثبت، فتخلف بعض الجزئيات على مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كلياً" (114) ويمكن الاستئناس لذلك، بمسألة الصلاة في الدار المغصوبة، حيث إن أصل الصلاة مأذون فيها (115)، لكن يلزم إضرار الغير، فتكون محرمّة، ولذلك تكون العبادة عند الجمهور صحيحة مجزئة، ويكون صاحبها عاصياً بالطرف الآخر، وضامناً إن كان ثمَّ ضمان، ولا تضاد في الأحكام لتعدد جهاتها (116).

وبناءً على ذلك:
فإن الفعل المشروع إذا أدى إلى مفسدة وآل إليها كمفسدة جحود الدخول وجحود الولد وموت العاقد، فإنه يجعل ذلك الفعل بخصوصه غير مشروع لكنه لا يخرج العقد بالكلية عن أصل مشروعيته، أما المآل فهو متغير كما تقدم.

الفرع الثالث: مخاطر الخلوة والمُسافرة والدخول السِّري
قبل الكلام عن استنتاج المخاطر المتوقعة من الخلوة وما بعدها، يمكن التذكير بحقيقة قد تغيب أحياناً عن البال، وهي: أن مشكلات ما بين العقد والزفاف لم يكن لها وجود في ما مضى من الزمان كما هي صورتها المجتمعية في السنوات الحالية، حيث كانت المدة ما بين الخطوبة وبين العقد ثم الزفاف قصيرة جداً كما ذكرنا سابقاً، وربما كان السبب قلة التكاليف وعدم المبالغة في المهور والتجهيز والأثاث، وعدم الحاجة لانتظار اكتمال مدة الدراسة، فنتج عن هذه الظروف كثير من المشكلات ذات المخاطر المجتمعية الجسيمة...

فإطالة المدة بين العقد والزفاف قد توقع العاقدين في فترة اختبار محرجة تجعل المعقود عليها بين خيارين أهونهما صعب:
الخيار الأول:
أن تعامل العاقد على أنه زوج أو شبه زوج، وتتبسط معه وكأنها في بيت الزوجية الحقيقي شريطة عدم الوصول إلى المحظور، وهذا تصور مقبول نظرياً، لكنه لا يتحقق عند التطبيق العملي، لأن الفطرة الجسدية لا يمكن كبحها دون الوصول إلى المرحلة الأخيرة، وكل محاولة لضبط الأمر، لا تعني إلا المزيد من الإثارة وضعف المقاومة ثم الوقوع في الممنوع.

وأما الخيار الثاني:
فهو أن المعقود عليها، تعامل العاقد على أنه شخص غريب أو خطيب، فتتحرَّز منه دائماً، وهي بذلك معذورة حرصاً على مصلحتها، لكن هذا الخيار صعب كذلك من الناحية العملية، فالعاقد يعتبر العقد إذناً شرعياً، كأن المعقود عليها زوجة تعيش في بيته، فهو دائم المحاولة للاختلاء والمُسافرة ثم الدخول جراء الضغوطات الإغرائية الرهيبة، التي يتعرض لها الطرفان.

وكلا الخيارين منطقي من الناحية الافتراضية، لكنه يعتبر ضاراً بالاثنين معاً من حيث الكبت الجنسي وحرج الرقابة المجتمعية.

وبناء على ما تقدم، يتبيَّن أن لهذا السلوك عدة مخاطر تجب مراعاتها، ومنها ما يلي:
1.  إن الدخول السري فيه مخالفة شرعية، لأن المعقود عليها ما زالت تحت قوامة والديها، فهي تعتبر خلية عرفاً وربما قانوناً كذلك، وكأنهما خاطبان، وأن حلّ الاستمتاع إذنٌ قيدته المقاصد الشرعية والأعراف الصحيحة، بألا يكون وطء قبل الزفاف، وما ثبت بالعُرف الصحيح ثبت بدليل شرعي.

2.  إنه اعتداء على حق الزفاف الذي هو حق للفتاة وأهلها، باعتبار أن الزفاف إشهار من شأنه أن يحمي سمعتهم أمام الناس، (وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله أحسن) (117).

3.  إنه امتهان لكرامة كلا العاقدين معاً، حيث يفقدهم الثقة بسلامة تصرفاتهم، لأنهم يحسون بالتأثُّم في داخلهم، ويشعرون بعقدة الذنب، والإثم ما حاك في الصدر وخشيت أن يطلع عليه الناس.

4.  إنه يصبح سبباً في ضعف ميل كل منهم تجاه الآخر، ويولد في نفوسهم نوعاً من الفتور والمخاشنة التي تؤدي غالباً إلى الفرقة، لأن الشاب وصل بسهولة إلى ما يعسر الوصول إليه بلا معاناة فيسهل عليه تركه.

5.  إنه يشعر الفتاة بعقدة الذنب وهي تتسلل من وراء والديها الحنونين خِلْسَةً، حيث تعرضهم إلى الفضيحة عند افتضاح الأمر بين الناس.

6.  إنه يجعل فترة الزفاف بعد ذلك فاقدة لقيمتها وبهجتها، ويصير الطرفان ينظران إلى ابتهاج الأهل والمجتمع نظرة المُتفرج وليس المُتفاعل، فكأنهم في مشهد تمثيلي! مما ينعكس أثره على علاقتهما تلك الليلة وما بعدها.

7.  إنه يعرض الفتاة لفقد عذريتها وفي حالة عدم إتمام الزواج قد ينكر الرجل ما حصل ثم تتزوج من زوج آخر فيكتشف أمرها فيردها بفضيحة بعد دخولها بزفة، وعلى افتراض عدم اكتشافها، تكون قد غررت به على أنها بكر وليست ثيباً، وتظل عقدة الذنب تلاحقها طيلة حياتها كذلك.

8.  إنه يُعرّض الفتاة إلى حملٍ مبكر قبل انتقالها إلى بيت الزوجية، وفيه فضائح لا تخفى على أحد.

9.  إنه يعرض المولود إلى ضياع النسب عند عدم الاعتراف به، فيظل منبوذاً في نظر المجتمع طيلة حياته، لأنه لم يولد تحت ضوء الشمس وبهجة الجميع، بل جاء إلى الحياة من الأبواب الخلفية، فهو دائماً يتوارى من الظهور عن القريب والبعيد، وفي ذلك ضرر عظيم.

10.  إنه عامل هدم كبير في إيقاع الطلاق قبل الزفاف، حيث تشير إحصائيات المحاكم الشرعية في الأردن أن نسبة (70%) من حالات الفرقة بين العاقدين تحصل قبل ليلة الزفاف (118)، وأغلب تلك الحالات ناتج عن استعجال الدخول أو محاولة ذلك حسب ما رأيناه في مسائل التحكيم القضائي في المحاكم الشرعية، والخطر الأهم من كل ما ذكر، هو أن الدخول السري، دخول مبعثه داعية الهوى، والشريعة جاءت لإخراج المكلف من داعية الهوى والنفس، إلى داعية الشرع وتحقيق العدل ودفع الضرر وبطلان العمل المبني على الهوى.

لأن مُتبع الهوى:
يتخذ الأحكام ذريعة لاقتناص أغراضه (119)، وهذا ما يميز المسلم العاقل بسلوكه الرباني عن سلوك غيره من الناس وبقية المخلوقات غير العاقلة.

الفرع الرابع: جزاء الدُّخول السِّرِّي (الفعل الضار) (120)
بما أن الدخول السري يعتبر فعلاً ضاراً فينبغي ألا يخلو عن جزاءٍ يناسبه، وبما أنّ أصل الفعل مأذون فيه، فإن الجزاء المناسب يتمثل بالجزاء التعزيري والجزاء الأخروي.

أما التعزيري:
فهذا موكول إلى ولي الأمر، لأن مثل هذا الضرر ليس فيه حدّ مقرر في الشرع، فإذا ظهر مثل هذا الضرر ووصل الأمر إلى القاضي فللقاضي تقدير ذلك الضرر وتقدير الجزاء المناسب، فقد يكون الجزاء توبيخاً، وقد يكون مالياً.

وأما الجزاء الأخروي:
فلا يخلو هذا الضرر عن الإثم الذي يلحق الفاعل، لأن الفعل الضار حرام ويقابله الحلال، ونظام العقوبة الأخروية أهم من العقوبة الدنيوية.



المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث السابع: النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأزمة
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأســــــــــــرة والــطــفــــــــــــــل :: أحكام فترة ما بين العقد والزفاف-
انتقل الى: