منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة النساء الآيات من 041-045

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 041-045 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النساء الآيات من 041-045   سورة النساء الآيات من 041-045 Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2019, 5:00 am

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا [٤١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وساعة تسمع كلمة "كيف" فاعرف أن هناك شيئاً عجيباً، تقول مثلاً: أنت سببت السلطان فكيف إذا واجهوك ووجدته أمامك ماذا تفعل؟

كأن مواجهة السلطان ذاتها مسألة فوق التصور، فكل شيء يتعجب منه يؤتى فيه بـ "كيف"، ومثال ذلك قوله الحق: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ} [البقرة: 28].

وهذا يعني تعجيباً من مصيبة وكارثة هي الكفر بالله، فقولوا لنا: كيف جاءت هذه؟

إنها مسألة عجيبة، ونقول: فكيف يكون حال هؤلاء الكافرين، كيف يكون حال هؤلاء العُصاة، في يوم العرض الأخير: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41] و "الشهيد" هو: الذي يشهد ليقرر حقيقة، ونحن نعلم أن الحق أخبرنا: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24].

وهذا النذير شهيد على تلك الأمة أنه بلغها المنهج، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهيد على أمته أنه بلغ، فقوله: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ} [النساء: 41] مَنْ هم؟

ننظر قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41] وهو رسولها الذي بلغ عن الله منهجه، وكيف يكون الموقف إذا جاء وقال: أنا أبلغتهم الموقف ولا عذر لهم لأنني أعلمتهم به، "وجئنا بك" يا محمد - صلى الله عليك وسلم "على هؤلاء" فهل المعنى بـ "هؤلاء" هم الشهداء الذين هم الرسل أو على هؤلاء المكذبين لك؟

وتكون أيضاً شهيداً على هؤلاء مثلما أنت شهيد على أمتك؟

إن كلا من الحالين يصح، لماذا؟

لأن الله جاء بكتابه المعجزة وفيه ما يثبت أن الرُّسل قد بلّغوا أممهم، فكأن الرسول حين سُجل في كتابه المعجزة وكتابه المنهج أن الرسل قد بلغوا أممهم فهو سيشهد أيضاً: هم بلغوكم بدليل أن ربنا قال لي في كتاب المعجزة وفي المنهج.

ويكون رسولنا شهيداً على هؤلاء المكذبين الذي أرسل إليهم وهم أمة الدعوة فالمعنى هذا يصلح، وكذلك يصلح المعنى الآخر.

ولا يوجد معنى صحيح يطرد معنى صحيحاً في كتاب الله، وهذه هي عظمة القرآن.

إن عظمة القرآن هي في أنه يعطي إشعاعات كثيرة مثل فص الماس، فالماس غالٍ ونفيس؛ لأنه قاسٍ ويُكسر به وكل ذرة فيه لها شعاع، المعادن الأخرى لها إشعاع واحد، لكن كل ذرة في الماس لها إشعاع؛ ولذلك يقولون إنه يضوي ويتلألأ، فكل ذراته تعطي إشعاعاً.

والحق سبحانه وتعالى يوضح: أن حال هؤلاء سيكون فظيعاً حينما يأتي يوم العرض يوم القيامة، ويقولون: إننا بلغناكم، أو الحق سبحانه وتعالى عرض هذه المسألة بالنسبة للرسل وأممهم، وبالنسبة لسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمته أو للأمم كلها، فنحن أيضاً سنكون شهداء: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143].

وهذه ميزة لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لأن أمة محمد هي الأمة الوحيدة التي أمنها الله على أن يحملوا المنهج إلى أن تقوم الساعة، فلن يأتي أنبياء أبداً بعد رسول الله، فيقول: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143] إذن فنحن بنص هذه الآية أخذنا امتداد الرسالة.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأ عليّ القرآن فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أُنزل؟.

قال: نعم إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً} فقال: حسبك، فإذا عيناه تذرفان الدموع".

فإذا كان الشهيد بكى من وقع الآية فكيف يكون حال المشهود عليه؟

الشهيد الذي سيشهد بكى من الآية، نعم؛ لأنك تعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ملئ قلبه رحمة بأمته؛ ولذلك قلنا: إن حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أمته جعل ربه يعرض عليه أن يتولى أمر أمته، بعد أن علم سبحانه مدى عنايته -صلى الله عليه وسلم- بهذه الأمة: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3].

فأمر أمته -صلى الله عليه وسلم- كان يقلقه جداً على الرغم من أن الحق سبحانه قد أوضح له: أنت عليك البلاغ وليس عليك أن تهدي بالفعل، وهو -صلى الله عليه وسلم- يعرف هذا.

إنما حرصه ورحمته بأمته جعله يحب أن يؤمنوا،، وعليه الصلاة والسلام خاف على أمته من موقف يشهد فيه عليهم ضمن مَنْ سيشهد عليهم يوم الحشر.

فلما رأى الحق سبحانه وتعالى أن رسوله مشغول بأمر أمته قال له: لو شئت جعلت أمر أمتك إليك.

وانظر إلى العظمة المحمدية والفهم عن الله، والفطنة، فقال له: لا يا رب.

أنت أرحم بهم مني.

وكأنه -صلى الله عليه وسلم- يقول للخالق: "أتنقل مسألتهم في يدي وأنا أخوهم، إنما أنت ربي وربهم، فهل أكون أنا أرحم بهم منك؟

لقد كان من المتصور أن يقول رسول الله: نعم أعطني أمر أمتي لكنه -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رب أنت أرحم بهم مني.

فكيف يكون ردّ الرب عليه؟.

قال سبحانه: فلا أخزيك فيهم أبداً، وسبحانه يعلم رحمة سيد البشر محمد -صلى الله عليه وسلم- بأمته.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] وقول عيسى عليه السلام: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} [المائدة: 118].

فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك؟

فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما قال وهو أعلم، فقال الله: "يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك".

{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا} [النساء: 41] أي كيف يكون حال هؤلاء العصاة المكذبين.

{إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41] أنه أدّى وبلغ عن الله مراده من خلقه.

{وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً} [النساء: 41].

ويقول الحق من بعد ذلك: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ...}.



سورة النساء الآيات من 041-045 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 041-045 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 041-045   سورة النساء الآيات من 041-045 Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2019, 5:02 am

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [٤٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وساعة ترى{يَوْمَئِذٍ} [النساء: 42] وتجد فيها هذا التنوين فاعلم أنه عوض عن شيء محذوف والمحذوف هنا أكثر من جملة ويصبح المعنى: يوم إذْ نجيء من كل أمة بشهيد وتكون أنت عليهم شهيداً، في هذا اليوم{يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ} [النساء: 42] لأنهم فوجئوا بعملية كانوا يكذبونها، فلم يكونوا معتقدين أن الحكاية جادة، كانوا يحسبون أن كلام الرسول مجرد كلام ينتهي، فعندما يفاجئهم يوم القيامة ماذا يكون موقفهم؟     

{يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ} [النساء: 42] وما معنى{تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ} [النساء: 42]؟

كما تقول: سأسوِّي بفلان الأرض؛ أي تدوسه بحيث يكون في مستوى الأرض.

{وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً} [النساء: 42].

فكيف لا يكتمون الله حديثاً؟

وهو قد قال في آية أخرى: {قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].

قال الحق ذلك عنهم لأن الأمر له مراحل: فمرة يتكلمون، ويكذبون، فهم يكذبون عندما يقولون: {وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].

وسيقولون عن الأصنام التي عبدوها: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ} [الزمر: 3].

إذن فقوله: {وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً} [النساء: 42] دليل على أن الحديث مندفع ولا يقدر صاحبه أن يكتمه.

فالكتم: أن تعوق شيئاً يخرج بطبيعته من شيء آخر فتكتمه.

والواحد منهم في الآخرة: لا يقدر أن يكتم حديثاً؛ لأن ذاتية النطق ليست في أداة النطق كما كان الأمر في الدنيا فقط، بل سيجدون أنفسهم وقد قدموا إقرارات بخطاياهم، وبألسنتهم وبجوارحهم؛ لأن النطق ليس باللسان فقط، فاللسان سيشهد، والجلود تشهد، واليدان تشهدان، بل كل الجوارح تشهد.

إذن فالمسألة ليست تحت سيطرة أحد، لماذا؟ 

لأن هناك ما نسميه "ولاية الاقتدار"، ومعناها أن: هناك قادراً، وهناك مقدور عليه.

ولكي نقرب الصورة، عندما توجد كتيبة من الجيش وعليها قائد.

وبعد ذلك قامت الكتيبة في مهمة، والقانون العام في هذه المهمة: أن يجعل لهذا القائد قادرية الأوامر وعلى الجنود طاعته؛ وألا يخالفوا الأوامر العسكرية، فإذا أصدر هذا القائد أمراً تسبب في فشل معركة ما، وذهب الجنود للقائد الأعلى منه، ويسمونه الضابط الأعلى من الضابط الصغير، فيكون للجنود معه كلام آخر، إنهم يقدرون أن يقولوا: هو الذي قال لنا ونفذنا أوامره.

أقول ذلك لتقريب المعنى لحظة الوقوف أمام الحق سبحانه وتعالى، فحينما خلق سبحانه الإنسان خلق جوارحه منفعلة لإرادته، وإرادته مكيفة حسب اختياره.

فإرادة الطائع إطاعة أمر واجتناب نهي، وإرادة العاصي على العكس؛ لا يطيع الأمر ولا يتجنب المنهي عنه فواحد أراد أن يشرب الخمر، فرجله مشت، ولسانه نطق لِلرَّجُلِ الذي يعطيه الكأس، ويده امتدت وأخذت الكأس وشرب، والجوارح التي تقوم بهذه العملية هي خاضعة لقادرية إرادته، فقد خلقها ربنا هكذا، وبعد ذلك، حين تذهب إلى من دبر هذا الأمر في الآخرة تقول له: يا رب هو عمل بي كذا وكذا، لماذا؟

لأن قادرية الإرادة امتنعت: {ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ} [غافر: 16].

وليس لي ولا لأحد إرادة في الآخرة، وما دام ليس لي إرادة فاليد تتكلم وتعترف: عمل بي كذا وكذا وكنت يا رب مقهورة لقادرية إرادته التي أعطيتها له فبمجرد ما يريد فأنا أنفذ.

عندما أراد أن أضرب واحداً لم أمتنع.

ويعترف اللسان بسبّه لفلان، أو مدحه لآخر، إذن فكل هذه ولاية القادرية من الإرادة على المقدورات من الجوارح.

لكن إذا ما ذهبت إلى من وهب القادرية للإرادة؛ فلا يوجد أحد له إرادة.

فكأن الجوارح حين تصنع غير مرادات الله بحكم أنها خاضعة للمريد وهو غير طائع تكون كارهة؛ لذلك تفعل أوامر صاحبها وهي كارهة، فإذا ما انحلت إرادته وجدت الفرصة فتقول ما حدث: {وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21]. 

{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ} [النساء: 42]، لأن الكافر سيقول: {يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً} [النبأ: 40].

ويقول الحق بعد ذلك: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ...}.



سورة النساء الآيات من 041-045 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 041-045 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 041-045   سورة النساء الآيات من 041-045 Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2019, 5:03 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [٤٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا ينقلنا الحق من الأوامر، من العبادات وعدم الإشراك بالله،، من التحذير من النفقة رئاء الناس وأنه سبحانه لا يظلم أحداً وأننا كلنا سنجتمع أمامه يوم لا ظل إلا ظله، بعد ذلك أراد أن يصلنا به وصل العِبادية التي تجعلك تعلن ولاءك لله في كل يوم، خمس مرات، وسبحانه يريدك أن تقبل عليه بجماع عقلك وفكرك وروحك بحيث لا يغيب منك شيء.

هو سبحانه يقول: {لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43] ولم يقل: لا تصلوا وأنتم سكارى؟

أي لا تقاربوا الصلاة ولا تقوموا إليها واجتنبوها، وفيه إشارة إلى ترك المسكرات، فما معنى{لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43]؟

معنى ذلك أنهم إذا كانوا لا يقربون الصلاة إذا ما شربوا الخمر، فيكون تحريم المسكرات لم يأت به التشريع بعد، فقد مرّ هذا الأمر على مراحل؛ لأن الدين حينما جاء ليواجه أمة كانت على فترة من الرسل أي بعدت صلتها بالرسل، فيجيء إلى أمر العقائد فيتكلم فيها كلاماً حاسماً باتّاً لا مَرْحليَّة فيه، فالإيمان بإله واحد وعدم الشرك بالله هذه أمور ليس فيها مراحل، ولا هوادة فيها.

لكن المسائل التي تتعلق بإلف العادة، فقد جاءت الأوامر فيها مرحلية.

فلا نقسر ولا نكره العادة على غير معتادها بل نحاول أن نتدرج في المسائل الخاضعة للعادة ما دام هناك شيء يقود إلى التعود.

إن الحق سبحانه وتعالى من رحمته بمن يشرع لهم جعل في مسائل العادة والرتابة مرحليات، فهذه مرحلة من المراحل: {لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43] والصلاة هي: الأقوال والأفعال المعروفة المبدوءة بالتكبير والمنتهية بالتسليم بشرائطها الخاصة، هذه هي الصلاة، اصطلاحياً في الإسلام وإن كانت الصلاة في المعنى اللغوي العام هي: مطلق الدعاء.

و "سُكارى" جمع "سكران" وهو من شرب ما يستر عقله،، وأصل المسألة مأخوذة من السَّكرْ ما سد به النهر؛ فالماء حين ينساب يضعون سداً، هذا السد يمنع تدفق الماء، كذلك الخمر ساعة يشربها تمنع تدفق الفكر والعقل، فأخذ من هذا المعنى،{لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43] المفهوم أن الصلاة تأخذكم خمسة أوقات للقاء الله، والسَّكر والخُمار؛ وهو ما يمكث من أثر المسْكِر في النفس، وما دام لن يقرب الصلاة وهو سكران فيمتنع في الأوقات المتقاربة بالنهار.

إذن فقد حملهم على أن يخرقوا العادة بأوقات يطول فيها أمد الابتعاد عن السَّكَر.

وما داموا قد اعتادوا أن يتركوها طوال النهار وحتى العشاء، فسيصلي الواحد منهم العشاء ثم يشرب وينام.

إذن فقد مكث طوال النهار لم يشرب، هذه مرحلة من المراحل، وأوجد الحق سبحانه وتعالى في هذه المسألة مرحليات تتقبلها النفس البشرية.

فأول ما جاء ليتكلم عن الخمر قال: {وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} [النحل: 67].

ويلاحظ هنا أن "السَّكَر" مقدم، على الرزق الموصوف بالحسن، ففيه سكر وفيه رزق.

كأنهم عندما كانوا يأكلون العنب أو البلح فهذا رزق، ووصف الله الرزق بأنه حسن.

لكنهم كانوا أيضاً يأخذون العنب ويصنعون منه خمراً، فقدم ربنا "السَّكَرَ" لأنهم يفعلون ذلك فيه، ولكنه لم يصفه بالحسن، بل قال: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} [النحل: 67]، لكن كلمة رزق وُصفت بالحسن.

بالله عندما نسمع {سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} [النحل: 67] ألا نفهم أن كونه سكراً يعني غير حسن، لأن مقابل الحسن: قبيح.

وكأنه قال: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً أي شراباً قبيحاً ورزقاً حسناً، ولاهتمامكم أنتم بالسكر، قدمه، وبعد ذلك ماذا حدث؟

عندما يريد الحق سبحانه وتعالى أن يأتي بحكم تكون المقدمة له مثل النصيحة؛ فالنصيحة ليست حكماً شرعياً، والنصيحة أن يبين لك وأنت تختار، يقول الحق: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219].

هو سبحانه شرح القضية فقط وأنت حر في أن تختار فقال: {قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] ولكن الإثم أكبر من النفع، فهل قال لنا ماذا نفعل؟

لا؛ لأنه يريد أن يستأنس العقول لترجح من نفسها الحكم، وأن يصل الإنسان إلى الحكم بنفسه، فسبحانه قال: "وإثمهما أكبر من نفعهما" فما دام الإثم أكبر من النفع فما مرجحات البدائل؟

مرجحات البدائل تظهر لك حين تقارن بين بديلين ثم تعرف أقل البديلين شرّاً وأكثر البديلين خيراً.

فحين يقول الحق: {فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219] إذن فهذه نصيحة، وما دامت نصيحة فالخير أن يتبعها الإنسان ويستأمن الله على نصيحته.

لكن لا حكم هنا، فظل هناك ناس يشربون وناس لا يشربون، وبعد ذلك حدثت قصة من جاء يصلي وقرأ سورة الكافرون، ولأن عقله قد سدّ قال: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون فوصلت المسألة ذروتها وهنا جاء الحكم فنحن لا نتدخل معك سواء سكرت أم لا، لكن سكرك لا يصح أن يؤدي بك أن تكفر في الصلاة، فلا تقرب الصلاة وأنت مخمور.

هذا نهي، وأمر، وتكليف.

{لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43] وما دام لا نقرب الصلاة ونحن سكارى فسنأخذ وقتاً نمتنع فيه، إذن ففيه إلف بالترك، وبعد ذلك حدثت الحكاية التي طلبوا فيها أن يفتي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمر الخمر، فقالوا للنبي: بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزل قوله الحق: {إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90].

إذن فقوله: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ} [النساء: 43]، مرحلة من مراحل التلطف في تحريم الخمر، فحرمها زمناً، هذا الزمن هو الوقت الذي يلقى الإنسان فيه ربه، إنّه أوضح لك: اعملها بعيداً، لكن عندما تأتيني فعليك أن تأتي بجماع فكرك وجماع عقلك،{حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] فكأن هذه أعطتنا حكماً: أن الذي يسكر لا يعرف ماذا يقول، هذه واحدة، وما دام لا يعرف ما يقوله، إن كان في المسائل العادية فليقل ما يقول، إنما في العبادة وفي القرآن فلا يصح أن يصل إلى هذا الحدّ، وعندما تصل إلى هذا الحدّ يتدخل ربنا فيقول: {لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43].

ثم جاء بحكم آخر: {وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ} [النساء: 43] ومعروف ما هي الجنابة: إنها الأثر الناتج عن التقاء الرجل بالمرأة.

ويقال: إنها اللذة التي يغيب فيها الفكر عن خالقه، وهذه لذة يسمونها "جماع اللذات"؛ لأنها تعمل في البدن تلك الرعشة المخصوصة التي تأخذ خلاصات الجسم؛ ولذلك قيل: إنه نور عينيك ومخ ساقيك فأكثر منه أو أقلل يعني أنا أعطيك هذه القدرة وأنت حرّ ونحن نغتسل لنعيد النشاط إلى النفس البشرية، وليس لأحد شأن بهذه المسائل ما دامت تتم في ضوء شريعة الله وشأننا في ذلك أن نأتمر بأمر ربنا ونغتسل من الجنابة سواء فهمنا الحكمة من وراء ذلك أو لم نفهم.

{وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] إذا كان المراد بالصلاة، فلا تقربوا الصلاة، بالسكر أو بالجنابة ولم يقل: "لا تصلوا".

والصلاة مكانها المسجد، فقول: {لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً} [النساء: 43]، أي لا تقربوا الصلاة، والقرب عرضة أن يكون ذهاباً للمسجد، فكأنه يقول: لا تذهب إلا إذا كان المسجد لا طريق للماء إلا منه.

{وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ} [النساء: 43] أي كان عندكم عذر يمنع من الماء.

{أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ} [النساء: 43]، و "الغائط" هو: الأرض الوطيئة، الهابطة قليلاً، وكانوا يقضون فيها حاجاتهم،، وأصبح علماً على قضاء الحاجة، وكل واحد منا يكنى عنها بأشياء كثيرة فيقول واحد: أنا أريد أن أذهب إلى "بيت الماء" ويتساءل آخر أين "دورة المياه؟".

وفي هذا تلطف في الإخبار عن عملية تستقذرها النفس؛ ولذلك نقول في العبارات الشائعة: أنا ذاهب -أعمل زي الناس- يعني أنا لست بدعاً أن أقضي حاجتي، فكل الناس تعمل هذا.

فربنا سبحانه وتعالى يقول: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} [النساء: 43] ومن رحمة الله بأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومن لطف الحق بها أن التشريع جاء ليقبل عليه الإنسان؛ لأنه تشريع فلا تقل لي مثلاً: أنا أتوضأ لكي أنظف نفسي ولكننا نقول لك: هل تتوضأ لتنظف نفسك وعندما تفقد الماء تأتي بتراب لتضعه على وجهك؟   

فلا تقل لي النظافة أو كذا، إنّه استباحة الصلاة بالشيء الذي فرضه الله، فقال لي: توضأ فإن لم تجد ماءً فتيمم، أينقلني من الماء الذي ينظف إلى أن أمسح كَفَّيَّ بالتراب ثم ألمس بهما وجهي؟!

نعم؛ لأن المسألة أمر من الله فُهمت علّته أو لم تُفهم؛ ولذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "أعطيتُ خمساً لم يُعطهن أحَدٌ من الأنبياء قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعب مسيرة شهر وجُعِلَت لي الأرضُ مسجداً طهوراً فأيُّما رجل من أمَّتِي أدركته الصلاة فليُصَل وأحِلَتْ لي الغنائم ولم تُحَلَّ لأحَدٍ قبلي وأعطِيتُ الشَّفاعة وكان كل نَبِيٍ يُبعث إلى قومهِ خاصةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً".

{فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} [النساء: 43]، أي أن تكون واثقاً أنه ليس عليه نجاسة: {فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43]، المسألة فيها "جنب" وفيها كذا وكذا، "وتيمم"، إذن فكلمة: {فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] ليس ذلك معناه أن التيمم خَلَف وبديل عن الوضوء فحسب، ففي الوضوء كنت أتمضمض، وكنت أستنشق، وكنت أغسل الوجه، وكنت أغسل اليدين، وأمسح الرأس والأذنين مثلاً، وأنا أتكلم عن الأركان والسنن، وفي هذه الآية يوضح الحق: ما دامت المسألة بصعيد طيب وتراب فذلك يصح سواء أكانت للحدث الأصغر أم للجنابة، إذن فيكفي أن تمسح بالوجه واليدين.

{فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43]، وتساءل بعضهم: أهي ضربة واحدة نلمس بها الأرض أم ضربتان؟

نقول: سبحانه قال: {فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] وبعض العلماء قال: ضربة واحدة، وبعضهم قال: ضربتان وكلها تيسير.

وهذا التخفيف مناسب لكلمة العفو، فيقول الحق: {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء: 43] ولكن ماذا حدث هنا ليذكر المغفرة؟

لأنه غفر وستر علينا المشقة في ضرورة البحث عن الماء ويسر ورخص لنا في التيمم.

ويقول الحق بعد ذلك: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ}.



سورة النساء الآيات من 041-045 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 041-045 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 041-045   سورة النساء الآيات من 041-045 Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2019, 5:05 am

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ [٤٤]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

حين يريد الحق سبحانه وتعالى أن يؤكد قضية من قضايا الكون ليمهد لقضية من قضايا العقائد التي تحرس نظام الكون فهو يخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ألم تر".

والرؤية عمل العين -وعمل العين متعلق بانكشاف الأحداث التي تتعرض لها العين- والشيء المرئي دليله معه؛ لأن الشيء المسموع دليله يؤخذ من صدق قائله، وصدق قائله أمر مظنون، أيكذب أم يصدق؟

أما المرئي فدليله معه؛ ولذلك قالوا: ليس مع العين أين، أي أنك إذا رأيت شيئاً فلا تقل: أين هو، وليس الخبر كالعيان، فالخبر الذي تسمعه ليس كالمشاهدة، إذن فالمشاهدة دليلها معها، فلا يقال: دلل على أن فلاناً يلبس جلباباً أبيض وأنت تراه.

إذن فحين يريد الحق أن يؤكد قضية يقول: أرأيت.

ولذلك فأنت إذا حدثت إنساناً عن انحراف إنسان آخر.

قد يصدقك وقد لا يصدقك، لكن إذا ما رأيت الإنسان يلعب ميسراً أو يشرب خمراً ثم تقول لمن حدثته من قبل: أرأيت من قلت لك عليه، كأن الرؤية دليل.

والحق سبحانه وتعالى حين يخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "أرأيت" ننظر إلى الأمر، فإذا كان مشهوداً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يراه بذلك تكون "أرأيت" على حقيقتها، كما يقول له: {أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ} [العلق: 9-10].

هو -صلى الله عليه وسلم- قد رآه، فتكون "أرأيت" على حقيقتها أم ليست على حقيقتها؟   
 
ولماذا يأتي بهمزة الاستفهام "أرأيت"؛ على الرغم من أنه -صلى الله عليه وسلم- قد رأى من ينهى إنساناً عن الصلاة ولماذا لم يقل: "رأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى"، لا؛ لأن الحق يريد أن يؤكد الخبر بمراحل.

فمرة يكون الخبر خبراً تسمعه الأذن، ومرة يكون رؤية تراه، ومرة لا يقول له: أنت رأيت، ولكن يستفهم منه بـ "أرأيت" لكي ينتظر منه الجواب.

وبذلك يأتي الجواب من المخاطب نفسه وليس من المتكلم، وهذه آكَد أنواع البيان وآكد ألوان التحقيق، فحين يخاطب الحق سبحانه وتعالى بقوله: "أرأيت" نقول: أكان ذلك مشهداً لرسول الله رآه، فتكون الرؤية على حقيقتها.

فإذا كان الأمر لم يكن معاصراً لرسول الله ثم يخاطب الله رسوله بقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ} [الفيل: 1].

ونعلم أن أصحاب الفيل كانوا عام ميلاده -صلى الله عليه وسلم-، فهو حين يخاطب رسوله لم يكن المشهد أمامه، فـ: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1] هنا بمعنى أعلمت.

ولماذا عدل هنا عن أعلمت إلى قوله: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1]؟.

لأن الحق سبحانه وتعالى حين يخاطب رسوله بأمر منه فهو يوضح له: إن أخبرتك بشيء فاعلم أني أصدق من عينك، فإذا قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1] فهذا يعني أنك علمت من الحق سبحانه وتعالى، وإخبار الحق ليس كإخبار الخلق؛ لأن إخبار الخلق يحتمل الصدق والكذب، لكن إخبار الحق لا يعني إلا الصدق، إذن فرؤية عينك قد تخونك؛ لأنك قد تكون غافلاً فلا ترى كل الحقيقة، لكن إذا أخبرك الحق سبحانه وتعالى فسيخبرك بكل زوايا الحقيقة.

إذن فإخبار الحق أوثق وآكد من رؤية العين وسبحانه عندما قال: {أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ} [العلق: 9-10].

هذه مثلت الأولى، وحين قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ} [الفيل: 1].

كأنك تراهم الآن، فـ: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1] تعني كأن المشهد أمامك.

إذن فوسائل تأكيد الأشياء: خبر من خلق يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.

هذه واحدة، ورؤية مَنْ خلق تحتمل أنها استوعبت كل المرئي أو أحاطت ببعضه، أو خبر من خالق أحاط بكل شيء، فيجب أن يكون الخبر من الخالق أوثق الأخبار في تصديقهم.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44] جاءت هذه الآية ورسول الله يعاصره قوم من اليهود.

ورأى منهم بالفعل أنهم أوتوا نصيباً من الكتاب؛ لأنهم أهل الكتاب، ومع ذلك يشترون الضلالة؛ ولا يقولون الحق، فيكون هذا أمراً مشهدياً بالنسبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وحينما أرسل الله محمداً جعله ختاماً للأنبياء وختم به ركب النبوة، وهذا يعني: أن النبوة كان لها ركب.

وفي كل عصر من العصور يأتي نبي على مقدار اتساع الحياة، وعلى مقدار التقاء الكائنين في الحياة، وعلى مقدار الداءات والأمراض التي تأتي في المجتمع، ولكن الله علم أزلاً أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيأتي في فترة ورسالته ومنهجه ينتظم ويضم كل قضايا الزمن إلى أن تقوم الساعة، وهو زمن يعلم الله أن فوارق المواصلات فيه ستنتهي، وفوارق الحواجز فيه ستنتهي، فيحدث الخبر في أدنى الشرق وأعلاه فتسمعه في أدنى الغرب وأعلاه، والخبر في الغرب تسمعه في الشرق.

والداء يوجد مرة في أمريكا وبعد يوم أو يومين يوجد في أي بلد من البلاد.

إذن فالمسافات انتهت، وجعلت المواصلات العالم كقطعة واحدة، إذن فالداءات في المجتمع القديم لعسر الاتصال كانت تنعزل انعزالاً إقليمياً وكل داء في جماعة قد لا يصل إلى الجماعة الأخرى، فهؤلاء لهم داء لا يصل إلى الجماعة الأخرى؛ لذلك كان الحق يرسل رسولاً لكل جماعة ليعالج داءاتها، لكن إذا التحم العالم هذا الالتحام؛ فلابد أن يأتي رسول واحد جامع للناس جميعاً؛ لأن قضايا الداءات ستكون واحدة.

ونحن نرى الآن كل يوم عجباً، كلما تحدث حادثة هناك نجدها عندنا.

إذن فلا بد أن تتوحد الرسالة.

وحين تتوحد الرسالة فلا يأتي رسول ليستدرك بعد ذلك، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء خاتماً؛ ولذلك أخذ الله العهد على كل رسول أن يبشر قومه بأنه سيأتي رسول خاتم ليكون عند أهل كل ديانة خَلْفية تطمئنهم على أنه إذا جاء رسول، فقد عرفوا خبر مقدمه ويقولون: لقد قالت لنا رسلنا؛ ولذلك قال الحق: {وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81].

ثم قال: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81].

إذن: فرسول الله مشهود له من كل الرسل؛ ولذلك أكد -صلى الله عليه وسلم- ديانات كل الرسل، وجاء دينه بديانات كل الرسل؛ لأنهم معه على منهجه الذي نزل به، والذين يلتحمون بالإيمان بالسماء بواسطة الرسل السابقين؛ إذا ما جاءهم خبر رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد يجعلهم تعصبهم لدينهم ينصرفون عنه، فأعطاهم الحق الخميرة الإيمانية وأوضح لهم: سيأتي رسول خاتم فتنبهوا يا كل الأقوام إذا ما جاء الرسول الخاتم فلا بد أن تؤمنوا به. 

وكان عندهم في كتبهم الدلالات والإخبارات.

إذن: فالله أعطاهم نصيباً من الكتاب.

وانظروا إلى دقة الأداء القرآني: {أَلَمْ تَرَ} [النساء: 44] يا محمد{إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44] جاء هذا القول وهو يحمل لهم عذرهم إن فاتهم شيء من الكتاب؛ لأنه سيقول في آية أخرى: {وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} [المائدة: 13].

وما داموا قد نسوا فهم معذورون، لكن مَنْ عندهم كفاية في العلم من الذين{أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44]، كان المفروض فيهم أن تكون آذانهم مستشرفة إلى صوت داعية الحق الخاتم، وهذا كان معروفاً لهم من قبل؛ لذلك يقول لنا ربنا: {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} [البقرة: 89].

فهم كانوا يقولون لعبدة الأوثان من العرب: نحن في انتظار النبي الخاتم الذي سيرسله الله لنسبقكم إلى الإيمان به، فإذا ما سبقناكم إلى الإيمان به وظللتم على كفركم، سنقتلكم به قتل عاد وإرم.

إذن: فهم معتصمون بالإيمان بالسماء، فقل لي: إذا قالوا هذا القول، وهم معروفون أنهم أهل كتاب فلماذا كفروا بالرسول -صلى الله عليه وسلم-؟

إن كفار قريش لم يقولوا: إننا أهل كتاب، بل كانوا على فترة من الرسل، فكان المفروض أنه إذا ما جاء الرسول تسابق أهل الكتاب إلى الإيمان به لأنه سبق لهم أن توعدوا به العرب.

لقد أعطاهم الله منزلة عالية لكنهم من لؤمهم لم ينتفعوا بها؛ فيقول الحق: {وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ} [الرعد: 43].

لقد جعلكم الحق شهوداً على صدق الدعوة، هو شاهد وأنتم شهود، وهذه منزلة كبيرة، لكنهم لم يلتفتوا إلى تلك المنزلة وركبوا سفينة العناد الغارقة: {فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} [البقرة: 89].

ولكن يجب أن نفطن إلى أن الحق سبحانه وتعالى حينما يرسل قضية عقدية في الكون فيخالفها مخالف يظن أنه يضار الله، نقول له: لا أنت تفعل ذلك لشهوة في نفسك.

لكن الحق سيجعلها لنصرة الدين الخاتم، وتكون أنت مغفلاً في هذا الموقف.

فإياك أن تظن أنك قادر أن تصادر مرادات الله حين كذَّبت بمحمد وجعلك ربنا تقول هذه الكلمة للمشركين من قريش، فانتظر ماذا ستفعل هذه الكلمة؟

ولكي تعرف أنت بإنكارك ماذا قدمت للإيمان.

أنت فهمت أنك صادمت الإيمان.

لا، أنت أيدت ونصرت الإيمان لكن بتغفيل! وعليك وزر.

فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأعلن دعوته من ربه.

قال العرب المشركون الوثنيون: إن هذا النبي هو الذي توعدتنا به اليهود، فهيا نسبق إلى الإيمان به قبل أن يسبقونا.

إذن: أخدموا الإيمان أم لا؟

لقد خدموا الإيمان.

إذن: فلا يظنن عاصٍ إنه يقدر أن يطفىء نور الله؛ لأن الله يتم نوره ولو كره الكافرون.

ومثال لذلك عندما غَيَّر ربنا القبلة ويوضح: يا محمد أنا أعرف أنك مستشرف ومتشوق إلى أن تتوجه إلى الكعبة، وأنا قد وجهتك أولاً لبيت المقدس لمعنى، ولكن أنا سأوجهك للكعبة وعليك أن تلاحظ أنني حين أوجهك إلى الكعبة سيقول السفهاء "وهم اليهود": {مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا} [البقرة: 142].

فهم يتساءلون: ما الذي جعلهم يتركون القبلة التي كانوا عليها؟

فإن كانت قبلة إبراهيم هي الكعبة فلماذا لم يتجه إليها من أول الأمر؟

هم سيقولون هذا الكلام.

ونزل به قرآن يُتلى ويُسجل، ومن تغفيلهم ساعة تغيرت القبلة قالوا ذلك القول أيضاً، ولم يلتفتوا إلى أن الحق قال من قبل: {سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ} [البقرة: 142].

فعلى الرغم من ذكائهم إلا أنهم قالوا هذا الكلام، مما يدل على أن الكفر مظلم والكافر في ظلام فلا يعرف كيف ينصر نفسه.

وجعل الله الكفر وسيلة للإيمان.

فلو أنهم كانوا أذكياء بحق وأصحاب بصيرة لكانوا بمجرد أن قال القرآن: {سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا} [البقرة: 142]، لجمعوا بعضهم وقالوا: القرآن قال: إننا سنقول كذا وكذا، فهيَّا لا نقول كي يكون القرآن غير صادق.

لكنهم لم يقدروا على ذلك.

إذن فالكافر مغفل.

هم يظنون أنهم بكفرهم يطمسون الإيمان بالله.

لا؛ لأن الله جعل الكفر وسيلة للإيمان، والحديث الشريف يقول: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".

فالحق سبحانه وتعالى يبيّن: هؤلاء أوتوا نصيباً من الكتاب، وكان المفروض لمن أوتوا نصيباً من الكتاب أن يكونوا أول مَنْ آمن.

لكنهم لم يؤمنوا، هذه أول مرتبة، وليتهم اقتصروا في الشرّ على هذه، وبذلك تقف المسألة وتظل معلَّقة بهم، ولكنهم يشترون الضلالة، ليس فقط في نفوسهم بل يريدون أن يُضلوا غيرهم، وهذه هي المرحلة الثانية، فهناك مَنْ يَضِل في ذاته وهو حرّ، لكن أن يحاول إضلال غيره فهذا كفر مركب.

أنت ضَلَلْت وانتهيت، فلماذا تريدني أن أضل؟

لأن الضال أو المنحرف أو الذي ليس على طريق مستقيم إنما يعرف الطريق المستقيم جيداً.

ولكن الصعوبة في أنه لا يستطيع أن يحمل نفسه عليه.

فإذا ما وجد إنساناً مؤمناً فهو يستصغر نفسه، "لماذا آمن هو وأنا لم أؤمن"؟

إذن فلا أقلَّ من أن يحاول جذبه في صفه حتى لا يكون هو المنحرف الوحيد، فإذا رأيت مثلاً في بلد من البلاد بعض المنحرفين، ويرون واحداً مستقيماً فهم يتضاءلون أمامه، وينظرون إليه نظرة حقد، ويقولون: لماذا هو مستقيم؟

لابد أن نسحبه للانحراف.

ولذلك يجب على المستقيمين أن ينتبهوا جيداً إلى أن شياطين الإنس لن تتركهم في طاعتهم، بل إنهم سيحاولون أن يستميلوهم؛ لأنه يعزّ عليهم أنهم لا يقدرون على أنفسهم ويحزّ في نفوسهم أكثر أن يجدوا بشراً مثلهم قد قدر على نفسه واستقام.

ولذلك يقولون: هيا نكون كلنا معاً في المعصية حتى لا يرفع أحد رأسه على الآخر.

فلنكن كلنا كذابين حتى لا يوجد فينا واحد صادق يذلنا.

والكذاب كلما رأى الصادق يشعر أن هناك حربة تنغرز في قلبه!!

والخائن ساعة يرى الأمين تكون الرؤية حربة تنزل في قلبه؛ فيريد أن يكون الكل مثله، هذه معنى: {يَشْتَرُونَ ٱلضَّلاَلَةَ} [النساء: 44].

والحق يقول لهم: أنتم أحرار بشرائكم الضلالة وستجدون الجزاء في النار، فلماذا تريدون أن تضلوا الناس؟

إذن فيجب أن ينتبه أهل الطاعة إلى هذا الأمر، وعندما يستهزئ أحد من طاعتهم فعليهم أن يلتفتوا إلى قول الحق سبحانه: {إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ} [المطففين: 29-31].

وهذا ما يحدث إذا رأى بعض المنحرفين واحداً يذهب إلى المسجد أو يصلي، يقولون له: "خذنا على جناحك" ويسخرون منه ويستهزئون، لأنهم ساعة يرونه مقبلاً على الطاعة وهم غير قادرين على أن يكونوا طائعين يتضاءلون أمام أنفسهم؛ لذلك يريدون أن يكون الكل غير طائع، وهذه هي الصورة التي نراها الآن، وعندما يقابل هؤلاء أهاليهم يتضاحكون بسرور من أنهم ضايقوا مؤمناً، ويقولون: قابلنا مؤمناً واستهزأنا به، ويتابع الحق.

{وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 32-33].
فالله سبحانه وتعالى يوضح لنا: أن هؤلاء المستهزئين بالدين يتهمون المتدينين بأنهم على ضلال.

فإياكم أن تيأسوا أمام هؤلاء، إياكم أن تُهزموا أمام هؤلاء لأنني سأنتقم عياناً من هؤلاء، وذلك يأتي يوم الآخرة ويقول الله بعد أن ينزل بهم النكال والعذاب: {هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المطففين: 36].

فالحق يتساءل ليأتي الجواب على ألسنتنا، والسؤال هو: هل قدرنا أن نجازيهم على ما فعلوه فيكم؟

فاسخروا أنتم منهم، واضحكوا عليهم كما سخروا منكم في الدنيا.

وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44] وهم اليهود: {أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44] أي أنهم لم يأخذوا بكل الكتاب بدليل أنهم نسوا حظاً مما ذُكِّروا به،{يَشْتَرُونَ ٱلضَّلاَلَةَ} [النساء: 44]، وساعة تسمع كلمة "يشتري" أعرف أن هناك معاوضة ومبادلة، سلعة وثمناً، فيشترون الضلالة بماذا؟

ماذا سيدفعون؟

الحق يقول في آية أخرى: {ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ} [البقرة: 16].

أي أنهم دفعوا الهدى ثمناً وأخذوا الضلالة سلعة، وعادة ما ندفعه يضيع من يدنا، وما نشتريه نأخذه لنا.

فحين تشتري سلعة بجنيه، فالجنيه يضيع، بعد أن كان معك أولاً، فحين يقول: {ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ} [البقرة: 16] فهل كان معهم هدى وقدموه وأخذوا الضلالة؟!

نعم، كان معهم هدى الفطرة.

فكل واحد عنده هدى الفطرة.

إياك أن تظن أن العقل الواعي ينتظر رسولاً ليدله على الله، إنما هو ينتظر رسولاً ليبلغه مرادات الله منه، ذلك أن الإيمان بالله أمر من أمور الفطرة، فالإنسان عندما يتفتح وعيه يجد أشياء في الكون تخدمه، خدمة مستقيمة رتيبة، ولا تتخلف عن خدمته أبداً، هناك شمس تطلع كل يوم، وهواء يمر، أرض عندما تزرعها تعطيك خيراً كثيراً.

ألك قدرة على شيء من هذا؟

هل ادَّعى إنسان مثلك أن له قدرة عليه؟

كل هذه الكائنات أنت تطرأ عليها، ولم تأت بها.

وعندما يولد الإنسان ويرى كل هذه النعم موجودة.

ألا يؤمن بأنها من عطاء خالق؟

الإنسان فوجيء عندما ولد بوجود النعم.

وأيضاً آدم عندما خلق فوجىء بالنعم موجودة، إذن فهو طرأ عليها، بالله ما دام هو قد طرأ عليها ألا يفكر مَنْ الذي أقام هذه النعم له؟

كان لا بد أن يفكر من الذي صنع له كل هذه النعم، وضربنا من قبل مثلاً بِمَنْ انقطعت به الوسائل وهو في الصحراء ولم يجد ماءً ولم يجد طعاماً، ثم يئس فنام، ثم استيقظ فوجد مائدة عليها أطايب الطعام، بالله قبلما يأكل ألا ينظر ويفكر ويقول في نفسه: من الذي أعدّ وأقام تلك المائدة؟

أنت -إذن- وارد على الكون بخيره كله، ولا أحد قال لك: أنا الذي فعلته، لا أبوك ولا جدك ولا جد جدك قال هذا، فلا بد أن تنتبه إلى أن له خالقاً.

إذن فالذين اشتروا الضلالة بالهدى، أكان معهم هدى فقدموه وأخذوا الضلالة؟!

نعم كان معهم هدى الفطرة، ولذلك حين سُئل الإمام علي -كرَّم الله وجهه-: أعرفتَ ربك بمحمد أم عرفتَ محمداً بربك؟

قال: لو عرفت محمداً بربي ما احتجت إلى رسول، إذن فلا يصلح أيضاً أن يقال لأحد "عرفت ربك بمحمد"؛ لذلك قال علي كرم الله وجهه: ولكني عرفت ربي بربي، وجاء محمد فبلغني مراد ربي مني.

إذن فقوله: {ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ} [البقرة: 16] ماذا فعلوا؟

باعوا هدى الفطرة واشتروا الضلالة.

وهنا يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يَشْتَرُونَ ٱلضَّلاَلَةَ} [النساء: 44].

ولم يأت بـ "الهدى" هنا، وهذا يدل على أن الفطرة انطمست عندهم انطماساً بحيث لم يقدموا ثمناً للضلالة من الهدى.

{وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} [النساء: 44] والإرادة هي: أن يرجح الشخص المختار حكماً على حكم، ومثال ذلك: أنت أمامك جوربان مثلاً، فلك أن تختار واحداً منهما، لكن لو كان أمامك جورب واحد فإرادتك لا ترجح.

إن الإرادة ترجح اختياراً على اختيار، وما معنى "تضلوا"؟

الضلال يُطلق بإطلاقات متعددة، فحواها كلها أن هناك أمراً من الحق ليس على بالك، فهل يحدث ذلك لأنك نسيته أو عرفته وتعمدت أن تتركه؟.

فالذي نسي هذا الأمر معذور.

لكنْ هناك إنسان آخر يعرف هذا الأمر لكنه تعمد أن يتركه، إذن فالضلال يطلق مرة على النسيان كما في قول الحق: {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ} [البقرة: 282].

فالضلال هنا نسيان لكن هناك مَنْ يضل لأنه يفتقد المنهج الحق ويتشوف ويتطلع إليه ليتبعه، كما في قوله: {وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ} [الضحى: 7].

أي أن المسائل متشعبة على الإنسان فيرى هذا وذاك، فأوضح الحق لك: لا تتعب نفسك لأني سأعطيك السبيل المستقيم.

إذن فالضلالة لها معان متعددة، وفحواها جميعاً أنها لا توصلك إلى الغاية، والحق سبحانه وتعالى حينما يعرض قضية إيمانية عقدية معنوية يستعمل فيها الألفاظ التي يستعملها الناس في الكونيات، ولذلك فما هو السبيل؟.

السبيل -عندنا- هو الطريق، وكلنا حتى غير المؤمنين يعرفون أن الطريق يُصنع ليوصل إلى غاية، ولكن لا بد أن نعرف الهدف أولاً وبعد ذلك نرصف الطريق ونعبِّده، ففيه فرق بين السبب الدافع والواقع.

نحن قبلما نرصف الطريق نرى إلى أين يذهب؟

إذن: فالغاية أولاً وبعد ذلك نلتمس أقصر طريق يوصلنا إلى المطلوب، وعندما نكتشف أقصر طريق يوصلنا للمطلوب نمهده ونعبّده لكيلا نتعب الناس، إذن فالسبيل هو: الطريق الموصل إلى الغاية.

ولذلك أوضح لنا الحق أن الطريق إلى الإيمان مستقيم كي لا يأخذ مسافات، فالخط المستقيم هو أقصر الخطوط.

إننا لابد أن نعرف الغاية قبل أن نعرف السبيل إلى الغاية.

وآفة الدنيا وأهلها أنهم يعيشون فيها ولا يعرفون غاياتهم النهائية، إنما يعرفون غاياتهم الجزئية، فالطالب يريد أن يتعلم كي يكون موظفاً، لكي يتزوج ويقيم أسرة، والتاجر يتاجر لكي يعمل كذا، هذه هي الغايات الجزئية، والذكي هو مَنْ لا يذهب للغايات القريبة المنتهية، بل ينظر إلى الغايات الأخيرة، لأن الناس يختلفون في الغايات المنتهية، فواحد يعيش خمسين سنة، وآخر يعيش ستين عاماً، وثالث يعيش لمدة سنة، إذن فلا بد أن تنظر إلى الغاية التي سيذهب لها الكل، وآفة الناس أنها تعمل للدنيا، يعني للغايات القريبة، برغم أن "الدنيا" تعني الأقل والأتفه، ولذلك اسمها "الدنيا"، وما دامت "دنيا" إذن فهناك "عليا".

إن تعب الناس يأتي من أنها يعملون للغايات الدنيا؛ لذلك نقول لكل إنسان: انظر الغاية العليا التي سيكون الكل شركاء فيها، والكل لا بد أن يصل لها.

فإذا ما عرفنا الغاية العليا نجونا من إرهاق قصر النظر والغرق في الغايات المحدودة، مثلاً: أنت تبعث ابنك ليتعلم من سن الحضانة ثم إلى الروضة ثم الابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي ثم التعليم العالي ثم يتخصص في مجال معين في التعليم العالي، وتصل سنوات عمره إلى العشرين سنة ليتخرج ويتوظف ويقدر أن يعيش بكدِّه وعرقه، والأب يعمل لهذه الغاية، وقد لا يصل الابن إلى الوظيفة، وقد يُتعب الابن والده ولا يكمل تعليمه وبذلك تفلت منه الغاية، لكن نحن نريد الغاية التي لا تفلت، فأنت الآن تعيش في أسباب خلقها لك الحق، فاجعل غايتك أن تعيش مع الحق.

إنك في الدنيا تعيش مع الأسباب التي خلقها لك الحق، لكنك في الآخرة ستكون مع الحق نفسه.

أنت في الدنيا تعيش بالأسباب، ولكنك تعيش في الآخرة بالمسبب، ومهما ارتقت أسبابك.

فأنت لن تستطيع أن تصل إلى مستوى رفاهة الآخرة.

صحيح أنه إذا ارتقت حياتك في الدنيا فقد تضغط على زر في الحجرة ويأتيك فنجان قهوة، أو تضغط على زر فيأتيك الأكل، ولكن قل لي: مهما ارتقت الحياة أيوجد ارتقاء بحيث إذا خطر الشيء على بالك يأتيك؟

لا يمكن، وهذا ما سيكون لنا في الآخرة، إذن فهذه هي الغاية الحسنة، ونحن نعيش في الدنيا مع أسباب الله الممدودة لنا، أما في الآخرة فسوف نعيش مع الله ولذلك أوضح سبحانه: سأعطي المؤمن والكافر الأسباب في الدنيا، فالكافر عندما يزرع يجد نتاجاً، وعندما يبحث في الكون وينظر أسراره فالأسرار تتكشف له؛ لأن الأسباب خلقها الله لمن يأخذ بها سواء أكان مؤمناً أم كافراً.

لكن المسبب لا يذهب له إلا مَنْ آمن به، أما الكافر فقد آمن بالأسباب فأخذ الأسباب، ولم يمنعها الله منه: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20].

إذن: فهل غايتك أن تبقى مع الأسباب أو تذهب إلى المسبب؟

انظر إلى غايات الدنيا القريبة، ستجد أنها قد تنتهي قبل أن تصل إليها ويكون تعبك قد ذهب هباء، ولذلك أخفى الله الموت وأسبابه وزمنه كي يختبر الإنسان، فهناك مَنْ يحقق كل ما رغب فيه وفي آخر الأمر تنتهي المسألة بالموت، وهو قد أخذ الهباء لأنه لم يؤمن بالمسبب، هب أنه أخذ الدنيا كلها عنده، نقول له: سيأتيك الموت، يعني إما أن تفارق أنت النعمة وإما أن تفارقك النعمة، ولكن في الحياة الآخرة أنت لا تفارق النعمة ولا النعمة تفارقك فهذه - إذن - هي الغاية الحقة، غاية العقلاء، ومتعتك في دنياك كما قلنا على قدر أسبابك، أما متعتك في الآخرة فهي على قدر المسبب، وسبحانه لا يقادر قدره ولا أحد يماثله في فعله، والعاقل هو مَنْ ينظر إلى الغاية البعيدة.

إذن فالسبيل لا يمكن أن يكون طريقاً إلا إذا علمت الغاية، والذي يجعل الناس تتعب في الدنيا، أنهم لا يعرفون إلا الغايات القريبة، ولذلك سماها "الدنيا" ولا يوجد اسم أدنى من ذلك لها، وكان يجب أن يوحي هذا الاسم بأنها فانية وهناك باقية.

إذن فقبلما ترسم السبيل لا بد أن تحدد الغاية. وبعدما تحدد الغاية تختار السبيل الذي يوصلك للغاية، وهكذا نعرف أن هناك فرقاً بين واقع ودافع، الشيء الدافع هو أن تنصب الغاية أولاً وتحددها، فالتلميذ يجتهد كي ينجح، وينجح لكي يأخذ حظه في الحياة، وهذه الغاية لا بد أن توجد في ذهنه قبلما يتعلم، وعندما يتصور النجاح ولذته في ذهنه فهو يبدأ في المذاكرة، وعندما يذاكر يصل إلى الغاية وهي النجاح، فالغاية نوعان: غاية دافعة، وغاية واقعة، فالغاية الدافعة تسبق الطريق، والغاية الواقعة تتأخر عن الطريق، ومَنْ الذي يحدد الغاية؟

إن الذي يحدد غاية كل شيء هو مَنْ صنعه، وغايتك أنت من الذي يحددها؟

أنت تحدد الغايات الدنيا، أما الغايات العليا فعليك أن تتركها للأعلى ليحددها وهو الله.

وما دام هو سبحانه الذي يحددها لأنك صنعته وخَلقه؛ لذلك تسأله: أنت سبحانك الذي تعلم موقعها فهيِّئ لنا الطريق الذي يوصلنا لها.

لا بُدَّ إذن من الإيمان إذا ما كانت الغاية هي أن تعيش مع الحق، والسبيل هو المنهج: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].

أي أن سبلكم أنتم لا توصلكم إليَّ؛ لأنكم حددتموها بغاياتكم، أمّا أنا فقد حددت السبيل بغايتي فمن أراد أن يصل إليّ فلينظر إلى طريقي.

وكلمة "السبيل"، و "الطريق" كلها أمور حسية، والحق يستعملها لنا ليدلنا على المعاني العقدية والمعاني المعنوية يوضحها -سبحانه- بأمور حسية أمامنا، وعندما توجد في مفترق طرق وتريد أن تصل إلى المنطقة الفلانية.

فانحرافك بمقدار ملليمتر واحد في بداية الطريق، يبعدك عن الهدف، وكلما امتد بك السير اتسع المشوار وتبعد المسافة، فأنت تتوه، ونمثل لهذا بشيء بسيط جداً: كلنا نركب القطارات، والقطارات تسير على قضبان مستقيمة، فإذا أردنا أن نحول القطار فنحن لا نرفعه ونضعه على قضيب آخر، بل نأتي بتحويلة لا تتجاوز اثنين من الملليمتر ونقربها إلى حد الالتصاق في القضيب الأصلي، وهذا ما يفعله "المحولجي"، فينحرف القطار لينتظم الخط وليصل إلى المحطة المطلوبة.

ولفتنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بما رواه سيدنا حذيفة -رضي الله عنه- حينما قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر، حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال -أي أن الإيمان فطري- ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة.

ثم حدثنا رسول الله عن رفع الأمانة قال: "ينام الرجل النومة فتغيض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت -وهو اللسعة التي توجد أثراً على الجلد- ثم ينام الرجل النومة فتغيض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجْل".

(والمجل هو أثر الجمرة التي تظل مدة طويلة على جلد الإنسان فتسبب ورماً فيه مياه -كجمر دحرجته على رجلك فنفط أي انتفخ- فتراه منتبراً وليس به شيء).

فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد يوجد أحد منهم يؤدي الأمانة حتى يقال: "إن في بني فلان رجلاً أميناً"".

ويستمر سيدنا حذيفة قائلاً: ولقد مَرَّ عليَّ زمانٌ وما كنت أبالي أيُّكُمْ بايعت لئن كان مسلماً ليردنه عليّ دينه ولئن كان نصرانياً ليردنه عليّ ساعيه -أي المحتسب- وأما الآن فما كنت أبايع منكم إلا فلاناً وفلاناً.

إن الإيمان فطري.

إنّ قصارى ما يعطيك هذا الإيمان الفطري أن وراء هذا الكون الدقيق قوة عظمى؛ فالكون المنظم، الرتيب، الذي لا يدخل تحت طاقتك ولا تحت قدرتك، هذا الكون يسير على أحسن نظام.

والقوة العظمى القادرة التي وراء ذلك الكون تتصف بالقدرة، وبالعلم، وبالحكمة، وبكل صفات الكمال.

لكن أيعطيك فكرك وعقلك اسم هذه القوة؟

لا يمكن أن يعطي العقل اسم هذه القوة.

أيعطيك فكرك وعقلك مرادات هذه القوة؟

إنك لا تستطيع أن تعرف مرادات هذه القوة إلا برسول ترسله ليبلغ عنها.

والرسول عندما يأتي تقول: إن القوة التي تبحثون عنها، والتي آمنتم بها إيماناً مجملاً اسمها "الله".

فلا بد أن نصدق الرسول.

فالعقل لا يقول لنا اسم القوة الخالقة.

ولكن الذي يقول لنا اسم هذه القوة هو البلاغ، ويعطينا الحق هذا البلاغ من خلال الرسول بكل مراداته من وجودنا.

وهذا هو أقصر طريق للوصول إلى الحق بعيداً عن تعقيدات الفلسفة أو تعقيدات المنطق، وسفسطة الجدل، هذا الطريق الذي يثبت أن مَنْ يعبد أي قوة غير الله لا حق له في مثل هذه العبادة.

فالذي يعبد الشمس مثلاً هل يستطيع أن يقول لنا ما هو منهج الشمس الذي تطلبه من الإنسان؟

وماذا قالت لمَنْ يعبدها جزاءً للفعل الحسن أو عقاباً على الفعل السيئ؟

ماذا تستطيع هذه الشمس أن تفعل لمن لا يعبدها؟.

إنها لا تملك ثواباً ولا عقاباً، ولا منهج لها، وإله بلا منهج لا يصلح أن يكون إلهاً.

فالإله لا بد له من منهج يدل الناس على صواب الفعل وينهى عن سوء الفعل ويملك سلطان الثواب والعقاب، والشمس لا تملك منهجاً تعطيه، وكذلك الحجر أو القمر.

إذن فهذه الأشياء مخلوقة بدورها من قبل خالق ولا تصلح أن تكون آلهة.

ووجود الرسل المبلِّغين عن الله دليل على صدق الدعوة.

فالحق سبحانه وتعالى يعطينا إيماناً بوجوده من خلال المنهج، ونحن قبل البلاغ نعرف أن هناك قوة خالقة لا نعرف اسمها ولا مرادها؛ ولذلك فعندما يأتي الرسول بالبلاغ فهذه رحمة من الله بالخلق.

أما مَنْ يحاول أن يخطط بعقله لحياته بدون الرسول فنقول له: أنت تصيب نفسك وروحك بالتعب ولن تصل إلى شيء.

ونضرب هذا المثل دائماً -ولله المثل الأعلى- هب أننا نجلس في غرفة والباب مغلق ثم طرق الباب طارق.

هنا نتفق نحن الجلوس في الغرفة في أن وراء الباب طارقاً.

ولكن إذا أردنا تحديد هذا الطارق وتعيينه فسنختلف فيقول قائل: إنه رجل، ويقول آخر: لا، إنه امرأة، ويقول ثالث: لا، إنه طفل، ويقول رابع: هذا بشير، ويقول خامس: هذا نذير، ويقول سادس: إنه القادم لنا بالقهوة، ويقول سابع: إنه رجل مكلف بالقبض علينا.

هكذا نتفق على أن طارقاً بالباب ونختلف في تحديد "مَنْ الطارق"، وهكذا الكون، الكون وراءه قوة هائلة وعندما يحاول الإنسان أن يقول اسم هذه القوة بعقله أو مرادات هذه القوة فهذا يسبب الخلاف.

ولكن حينما ترسل القوة عن نفسها رسولاً ليقول: إن القوة الخالقة اسمها الله ومرادات الله كذا، ففي ذلك حسم للخلاف.

إن الذي أرهق الفلاسفة ووصل ببعضهم إلى دهاليز التيه، هو أن بعضهم لم يكتف بتعقل القوة التي خلقت الكون، بل إنهم أرادوا أن يتصوروا القوة وماهياتها ومراداتها.

ونقول: إن نظرة الفلاسفة إلى الخالق لا تصلح؛ لأنهم بتلك النظرة يظلون في التيه، ولكن البلاغ عن طريق رسول هو الذي يحسم هذه المسألة.

والحديث الذي رواه لنا سيدنا حذيفة عن الأمانة يصور لنا مهمة الإيمان، وكيف يتعلم المؤمن من القرآن والسنة، وعندما يهمل هذا العلم، فما الذي يحدث؟

إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمثل لنا مراحل فقدان الأمانة، وينبهنا: احذروا من أن تتسلل الانحرافات بنومة قليلة، ثم إلى أخرى أكبر منها، ثم إلى ثالثة أكبر وأوسع.

وشرحنا ذلك بمثل الانحراف المقصود لقطارات السكك الحديدية.

إن قوله الحق سبحانه: {يَشْتَرُونَ ٱلضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} [النساء: 44] كي لا ينفردوا -وحدهم- بالضلال، والحق سبحانه يعطينا مناعة ضد كلامهم، فهم لهم حظ من علم الكتاب وهذا قد يجعلنا نحسن الظن بأن لهم صلة بالسماء؛ لأنهم أتباع رسل، فسبحانه يوضح لنا: هؤلاء يريدون أن تضلوا السبيل ويتخذوا من نصيب الكتاب الذي عندهم وسيلة كي يضلوكم.

وفي عصرنا نجد أن أعدى أعداء أي عقيدة ليسوا أعداءها الظاهرين وإنما أعداؤها من أنفسهم؛ لأن عدوّي الظاهر الكافر يجابهني وأنا واثق أنه يريد أن يدس لديني ويدلس ويحرف فيه، لكن عندما يكون هناك مسلم مثلي يأتي ليكلمني فربما آخذ كلامه على أنه مسلم؛ ولذلك فخصوم الإسلام يئسوا أن يواجهوا الإسلام مواجهة صريحة؛ ولذلك نجد الغرب قد توقف الآن عن مسألة الاستشراق، وما بقي من الاستشراق فهذا هو القديم.

وكان المستشرق من هؤلاء يؤلف كتاباً؛ ساعة يقرأه المسلم قد يقول: إنه رجل يعمل على خدمة العلم وعلى خدمة الثقافة، وخدمة سُنَّةَ رسول الله، وقد يكتفي هذا المؤلف بأن يَدُسَّ في الكتاب الواحد فكرة واحدة بعد أن يجعل القارئ يثق فيه.

وعندما علموا أننا فطنا لهذا دخلوا علينا بالمستغربين، وهم أناس منا ذهبوا إلى الغرب فأخذوا الداءات من هناك وجاءوا فبثوها في مناهج تعليمنا، وفي برامجنا، وفي وسائل الإعلام، وفي الصحافة، والواحد من هؤلاء المستغربين يفعل ذلك وهو مسلم، فيكون محل ثقة، ووجد الغرب أيسر طريق لهم الآن أن يدخلوا إلينا عن طريق بعض المسلمين الذين أوتوا نصيباً من الكتاب؛ لأن الإنسان سيكون مطمئناً إلى أن هؤلاء مسلمون. 
 

فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يبين لنا: أن خصومك الظاهرين أهون عليك من خصومك المنسوبين إلى دينك؛ لأن هؤلاء يدخلون عليك بالثقة الأولى، ثقة انتسابهم للإسلام؛ ولذلك يوضح لنا ربنا هذا الأمر لأنه قد يتعب ويصيب المؤمنين بالعنت لذلك يقول: {أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [النساء: 44] وهم يعيشون على هذه.


ويقول الحق بعد ذلك: {وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ...}.



سورة النساء الآيات من 041-045 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 041-045 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 041-045   سورة النساء الآيات من 041-045 Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2019, 5:06 am

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا [٤٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فقد يكون عندكم علم بالأعداء فيقال: أنتم عالمون بأعدائكم، لكن الله أعلم بالأعداء جميعاً؛ لأنه قد تكون لك عداوة بينك وبين نفسك، أو عداوة من زوجتك، أو عداوة من أولادك أو كل هذه العداوات جميعها أو بعضها، وهؤلاء في ظاهر الأمر لا يمكن للإنسان أن يتبين عداواتهم جميعاً، لكن الله أعلم بهم وبما يخفون؛ لذلك يقول: {وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} [النساء: 45].

وجاء بها بعد قوله: {وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} [النساء: 44] أي مخافة أن نقول: إن هؤلاء أهل كتاب أو مسلمون مثلنا وكذا وكذا.

وما دام الله هو الأعلم بالأعداء؛ فهو لن يخدعنا ولن يغشنا، فيجب أن ننتبه إلى ما يقوله الحق من أنهم أعداؤنا، ويقول بعدها: {وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً} [النساء: 45] وحين يقول هذا، فالقول يعني أنك لا تريد وليّاً بعد ذلك، كما يقولون: كفاني فلانٌ؛ أي أنك قد تحتاج إلى هذا وهذا ثم تقول: لكنَّ فلاناً عرفته فكفاني عن كل ذلك، أي لا يحوجني إلى أحد سواه؛ لأنني أجد عنده الكفاية التي تكفيني في كل حركة حياتي.

{وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً} [النساء: 45] نعم كفى به وليّاً لأن غيره من البشر إنما يملكون الأسباب، والحق سبحانه وتعالى هو الذي خلق الأسباب، فيملك ما هو فوق الأسباب.

ولذلك يقول مطمئناً لنا: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2].

و "الولي" دائماً هو من يليك مباشرة أي أنه قريب منك.

{وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً} [النساء: 45] إذن فهناك قريب، وهناك أيضاً نصير، فقد يكون هناك من هو قريب منك ولا ينصرك، لكن الله وليّ ونصير، فما دامت المسألة مسألة معركة{وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً} [النساء: 45]، كأن الحق ينبهنا: إياكم أن تقولوا إننا نلتمس النصرة عند أحد، اصنعوا ما في استطاعتكم أن تصنعوه ثم اتركوا ما فوق الاستطاعة إلى الله.

ولذلك فالحق سبحانه وتعالى أوضح لنا: إياكم أن تتخذوا من أعدائكم أولياء، وإياكم أن تقولوا؛ ماذا نفعل ونحن ضعفاء، ونريد أن نكون في حمى أحد، وماذا نفعل في أعدائنا؟

لا تقولوا ذلك؛ لأن الله أعلمنا: أنا أنصركم بالرعب بأن أُلْقِيَ في قلوب أعدائكم الخوف فينهزموا من غير سبب وفيهم قوة وغلبة، فإن لم يكن عندكم أسلحة فسأنصركم بالرعب.

وما دام سينصرنا بالرعب فهذه كافية؛ لأنه ساعة ينصرني بالرعب؛ يلقي عدوي سلاحه وأنا آخذه؛ ولذلك قال: اعملوا ما في استطاعتكم، ولم يقل: أعدوا لخصومكم ما تحققون به النصر، فهو سبحانه قادر على أن ينصرنا بالرعب: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ} [آل عمران: 151].

وما دام ألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فوسائلهم كلها تكون للمؤمنين وتنتهي المسألة.

ويقول الحق بعد ذلك: {مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ...}.



سورة النساء الآيات من 041-045 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النساء الآيات من 041-045
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النساء الآيات من 076-080
» سورة النساء الآيات من 156-160
» سورة النساء الآيات من 081-085
» سورة النساء الآيات من 161-165
» سورة النساء الآيات من 006-010

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: النساء-
انتقل الى: