الإســــلام والإرهــــاب
============
بعد أن نما غرسه، واشتد عوده، وكثر أنصاره، وذاع صيته، وأصبح حديث المجالس، وأخباره القاسم المشترك لجميع وسائل الإعلام العالمية والمحلية، جاء الإرهاب فاغر الفم، بشع الوجه، رث الثياب، قاطب الجبين، كريه الرائحة، قبيح الهيئة.

ليقول مخاطباً الإسلام بكل وقاحة وجُـرأة:
أنا وأنت وجهان لعملة واحدة.

فلم يرد عليه الإسلام ولم يعره اهتماماً أو يلقِ له بالاً.

فقال الإرهاب:
لِم تحاول التهرب والتنصل مني والترفع عني؟، وكلانا يحمل نفس المبدأ التخريبي، ونطمح لهدف مشترك، وهو قتل الأعداء، والقضاء على مخالفينا وتصفيتهم بأية طريقة كانت.

فألتفت إليه الإسلام وقد ضاق ذرعاً بصمت أتباعه، وضعف أنصاره، وخنوعهم وتقاعسهم عن الدفاع عنه، أكثر من ضيقه بما سمعه من الإرهاب، وما يدّعيه أهله من اتهامات وادعاءات باطلة، تحاول وضعهما في خندقٍ واحد، وتلقي باللائمة عليه، وتتهمه بأنه منبع الإرهاب، مدعين أنهما شيء واحد، فما يقال عن هذا ينطبق على ذاك.

فقال الإسلام:
إنّني دين الله، اختارني لأكون خاتم أديانه السماوية، وأرسل أفضل رُسُلَهُ وصفوة خلقه -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة؛ للتبليغ بي، ونشري في جميع أنحاء المعمورة، وليس كالأديان السَّالفة التي كانت محصورة في أقوامها فقط وليست لجميع الناس.

ثم إني بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- نقضت جميع الأديان التي سبقتني، فَمَنْ سمع بي ولم يعتنقني فقد خسر الدنيا والآخرة، وربي -عزوجل- يقول في محكم تنزيله: "وَمَـنْ يَبْتَـغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْـهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (آل عمران: 85).

ثم إن الله -تعالى- حفظني ومنهجي وأحكامي بكتابٍ تعهد أن يحفظه بنفسه، حيث يقول سبحانه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر: 9).

كما أن اسمي مشتقٌ من معنىً عظيم، ونعمة ينشُدها العالم بأسره، وتسعى إليها البشرية جمعاء، وهي السَّلام، فأنا وإياه صنوان لا نفترق، فَمَنْ اتخذني منهجاً، عليه أن يتمسك بصاحبي أيضاً، ويلزمه ويعمل على نشره في نفسه قبل كل شيء، فيكون مسالماً، منصفاً، عادلاً، محبّاً للخير، ثم يسعى لتعميم كل ذلك ونشره في أسرته وحيه ومجتمعه والعالم أجمع.

فأتباعي يُعرفون باسم المسلمين، ونبيي محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول عنهم: (المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده)، وحين ينصُ الحديث هنا على المسلمين فليسوا هم المقصودين حصراً، بل يندرج في حكمهم المعاهدون الذين يعيشون في بلاد المسلمين.

ثم تدبَّر وتأمَّل مدى أهمية السَّلام في منهجي فقد بدأ رسولي -صلى الله عليه وسلم- باللسان قبل اليد، ثم ثنى بها من باب التأكيد، فالمسلم هو ذلك الإنسان الذي عَلِمَ أركاني الخمسة كاملة، وعَمِلَ بها على الوجه الذي شرعه وأمر به رب العالمين -سبحانه-، ولم يزد ولم ينقص، فمَنْ زاد من دون مَسُوغٍ شرعيٍ فقد ابتدع، ومَنْ نقص شيئاً فقد أخَلَّ، وقد يصل به الأمر إلى الكفر والعياذ بالله.

ثم لا تنس أن السَّلام ونشره وتعميمه جزء من منهجي، لذا وجب على مَنْ قال: إنّي أسلمتُ وجهي لله رب العالمين أن يحرص على سلامة نفسه قبل كل شيء، فَمَنْ يُهلك نفسه ويُزهقها دون الرُّجوع لمستند شرعي حقيقي، فلا يُعَدُّ مسلماً، وإن سمَّـى نفسه شهيداً، فهو ليس كذلك، لأن قتل النَّفس التي حرَّم اللهُ بغير حق عملٌ يُسَمَّى انتحاراً، والمنتحر يقتل نفسه بغير حق، وحكمه أنه مخلّد في نار جهنم -والعياذ بالله-.

ولا تنس أن هناك مَنْ يقتل نفسه في سبيلي، وابتغاءَ مرضاة ربي، فهذا مختلف تماماً، ويصنَّـف على أنه شهيد، ولكن لابد من التحقق من أن عمله هذا موافقاً لشرعي ومنهاجي، وأن يُقَرَّ من قبل علماء ربانيين مدركين لما يحدث مُلمّين بفقه الواقع إلماماً تاماً.

هذا فيما يتعلق بصيانة النفس أو الذَّات التي أودعها الله -تعالى- أمانة لدى كل فرد من بني البشر، حتى يحين استردادها، فلا يحق لأيٍ كان التفريط بها وإزهاقها من غير وجه حق.

أمَّا بالنسبة للمحافظة على أرواح الآخرين، وعدم التعرض لها، فمن باب أولى، فشريعتي تقرّر أن المُعتدِي يجب أن يُجازى على فعلته بمثلها، فالنفس بالنفس والعين بالعين والسنُّ بالسنِّ والجُروح قصاص، إلا أن يعفو المُعتدَى عليه فله ذلك، ومَنْ عاد إلى فعلته مرةً أخرى فجزاؤه وحسابه عند الله -تعالى- الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وهو اللطيف الخبير.

وبالطَّبع فلا يغيب عني صيانة الحقوق الأخرى، من ممتلكات وأعراض وغيرها، فهي محفوظة ومحترمة، ويحرم لدي الاعتداء عليها لأي سبب ليس في منهجي.

أما مَنْ يريد العمل بأركاني ويؤديها من باب الأداء فقط، ولا يعمل بها حقيقةً، ولا بما يندرج تحت مفاهيم كل ركن منها، فهو لا يمثـلني التمثيل الحقيقي، فكل تلك الأركان والواجبات التي يؤديها له، ولكن هناك أمور لابد من التنبه إليها والعمل بها، ومن أهمها التخلّق بخلق حسن ومعاملة الناس بطريقة لبقة جيدة، وقد ورد في الأثر أنَّ الدين المعاملة.

أمَّا أن تقوم بالأركان وتؤديها ثم تُسيء للآخرين بالاعتداء عليهم، وترويعهم، وبثّ الخوف والرَّهبة في نفوسهم، فهذا ليس مني ولست منه، بل هو من أشد وأشنع الأعمال التي أرفضها وأحرّمها وأمنع أتباعي من الوقوع والانزلاق فيها، ومَنْ يفعل ذلك فهو يعلن حرباً على ربي -عزوجل- وعلى نبيي -صلى الله عليه وسلم-، وعقوبته قاسية لا تهاون أو محاباة فيها، وهي من أشدّ العقوبات في كتاب الله -تعالى-، حيث يقول سبحانه: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (المائدة: 33).

فقاطعه الإرهاب قائلاً:
إنك تدَّعي السَّلام ونشره في كل مكان، وتريد أن تتبرَّأ منّي ومن الصلة بي بادّعائك المحافظة على أموال وأعراض وأرواح جميع الناس، حتى غير المسلمين منهم، وأنت تحاول أن تفرض نفسك بالقوة وإراقة الدماء!..

وهذا ما يفعله أتباعك عند الدعوة إليك، وهو نفس الشيء الذي يفعله المؤمنون بي وبمبادئي، فكلانا نفرض أهدافنا ومبادئنا على الآخرين بنفس الطريقة، ونحقق نتائج متقاربة، وسُمْعَتُنَا لدى العالم أصبحت واحدة، فلا تُذكر إلا وأذكر معك، وعندما يتم التطرُّق إليَّ فلابد من الإشارة إليك، ومن هذا المنطلق فنحن قريبان من بعضنا من حيث المبدأ، والطريقة، والأهداف.

فرد عليه الإسلام قائلاً:
في البداية يجب أن يعلم الجميع أني لم انتشر بقوة السيف، حيث كان أتباعي يعرضونني على مَنْ لا يعرفني لاتّبَاعي، فإن وافقوا على ذلك وإلا فعليهم دفع الجزية، والخضوع لمَنْ يحكم بشرعي ومنهجي.

فمَنْ أبَى أجبرناه على ذلك بالقوة؛ لأنه برفضه يحاول منعي من الوصول إلى المستضعفين والمغلوبين على أمرهم من شعبه، ويريد أن يستعبدهم ويذلّهم ويحول بيني وبينهم.

ثم لو نظرت إلى بعض الشعوب التي دخلت بي، وكيف تحولت حياتها وتحسَّنت أوضاعها وذاقت طعم الحرية الحقيقي، بعد أن مكثت قروناً تحت سيطرة الطغاة والاستبداديين الذين عاثوا في تلك البلدان فساداً، يُقتّلون أبناءها ويستحيون نساءها ويستعبدون رجالها.

وإن شئت فخُذ الشعب المصري مثالاً على ذلك، وكيف انتهى آخر عهودهم بالعبودية والذُّل بعد وصولي إلى ديارهم، ودخولي في قلوبهم، وتحكيمهم شرعي، وتطبيقهم مبادئي.

أمَّا مَنْ يقومون بالقتل والتخريب وسفك دماء الأبرياء باسمي وفي سبيلي وابتغاء مرضاة ربي -سبحانه-، فهؤلاء ليسوا مني وأنا منهم بَرَاءٌ، فقتل النفس التي حرَّم اللهُ دون مسوغ شرعي غير مقبول أو مُقَرٌّ في شريعتي إلا إن كان القتل خطأ كما يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً" (النساء: 92).

أمَّا أولئك الذين يقتلُون الأنفس المعصُومة دون وجه حق، فقد تشدَّدت معهم، كما ذكرت لك سَلَفَاً، وأحكامي مفصَّلة في تجريمهم وإنزال أشد العقوبات بهم، فمَنْ يقوم بعمل تخريبي من تفجير أو تدمير ونحوه، فيروح ضحيته مسلم بريء، فالفاعل خالد مخلدٌ في نار جهنم، وعليه غضب الله ولعنته حيث يقول تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" (النساء: 93).

هذا لمَنْ قتل مؤمناً، أمّا مَنْ يقتل الذّمي متعمّداً!.. أتدري ما عقوبته؟!... ارجع لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قتل معاهداً لم يَرُحْ رائحة الجنَّة) فجميع الذّميين الذين يعملون في بلاد الإسلام هم مستأمنون، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين.

وبما أنَّ دم المسلم وعِرضه وماله معصومةٌ، لا يجوز الاعتداء عليها، أو المساس بها، فإن للمُعَاهِدِ نفس الحقوق، فلا يحلُّ لأحدٍ الاعتداء على أي حق من حقوقه، فما بالك بقتله وترويعه.

فقال الإرهاب وقد بدأت حجته تضعف وقواه تخور:
إن أتباعي يدينون بك ويطبقون أركانك ويدعون إليك.

فرد عليه الإسلام قائلاً:
أنا كُلٌ لا أتجزَّأ، فمَنْ أعتنقني وأخذ بي، عليه أن يعمل بأركاني الخمسة، وجميع ما أوجبته وأمرت به، ومَنْ أراد أن يأخذ مني ما يحب ويترك ما يكره فأمره إلى الله، وهو -سبحانه- مَنْ يقرّر إن كان مني أم لا.

عِلْمَاً أن هناك فِئَةً تعمل بي ولكنها تحاول أن تُحَكّمَ عقلها في كل شيء دون الرجوع إلى شرعي، فتقتل وتفسد وتسفك الدماء دون وجه حق، فيبدو لبعض الناس أنّ منطقهم سليم ومنهجهم قويم، مع أنهم في الحقيقة مِمَّنْ قال الله -تعالى- فيهم: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ" (البقرة: 204 - 205 - 206).

ورغم سماحتي ووصفي بدين الرحمة، إلا أنّي متشدِّد جداً مع مَنْ يقتل من باب الترهيب والترويع، ولا أقبل في ذلك وساطة أو شفاعة ولا حتى عفو ولي.

وقد حدث في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن قام يهوديٌ برضِّ رأس جارية بين حجرين.

فقيل لها:
مَنْ فعل بِكِ هذا أفلان أفلان؟ حتى سُمّـي اليهودي، فأومأت برأسها فجيء باليهودي فاعترف فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُـرَضَّ رأسه بين حجرين.

وحيث لم يُرَدُّ الأمر إلى أولياء الدَّم لأخذ موافقتهم على تنفيذ حكم القتل في اليهودي، فهو دليل على معاقبة مَنْ قتل بهذه الطريقة حداً لا قصاصاً، فهو حق من حقوق الله تعالى، وليس من حقوق البشر، فلا يؤخذ لذوي المقتول رأي ولا يقبل منهم مشورة في تنفيذ الحَدَّ.

كما أن شريعتي، وعلى الرغم من وصفها بالسمحاء، لا تتسامح ولا تتهاون مطلقاً مع مَنْ قتل غِيلَةً، حيث ثبت أنَّ عمرَ بن الخطاب قتل خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه غِيلَةً وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.

ثم إن عمر -رضي الله عنه- لم يُرجـع الأمر لأولياء المقتول، بل أقام عليهم الحَدَّ مباشرة نظراً لفَدَاحَةِ ما قاموا به وخطورته على المجتمع.

وبعد أن ذكرت لك بعضاً من أحكامي وتشريعاتي في محاربتك وتشدُّدي في معاقبة مَنْ يدينون ويؤمنون بك، دعني أبيّن للعالم أجمع أنَّ أهدافي ومبادئي سامية وإن اختلفت طرق تنفيذها أو أساء بعض الناس فهمها.

أمَّا أنت أيها الإرهاب فتقوم على مبدأ باطلٍ غير مشروع، لا يُقرّه قانون أو دين سماوي، ومبتغياتك بشعة تهدف إلى ترهيب وترويع الآمنين في شتى بقاع الأرض، بحجج واهيةٍ، ليس لها أصل، ولا تستند على دليل، وطريقك في تحقيق مآربك تعتمد على سفك دماء الأبرياء، وإزهاق أرواحهم، وتدمير مساكنهم وتشريدهم.

فأنت منبوذ من الجميع، ولا تحتاج لمَنْ يتعمَّق فيك ليعرفك، فظاهرُك وباطنُك سواء، وكل واحدٍ أبشع من الآخر.

أمَّا أنا، وإن حاول البعض ربطك بي، فأنا منك بَرَاءٌ، ومَنْ درسني وعرفني حتى دون أن يتعمَّق بي فسيعتنقني ويؤمن بمبادئي أو على أقل تقدير سوف يجلّـني ويحترمني ويتعاطف مع أتباعي.

وشتَّان بيني وبينك، فالتقاء المشرق والمغرب والتصاقهما ببعض على الرغم من البَوْنِ والمسافة الشاسعة بينهما أقرب من التقائنا أو تشابهنا.

ولكنهم أولئك الذين يحاولون صرف الناس وإبعادهم عنّي بتلك الطرق والوسائل، فيصرفون الأموال الطائلة في سبيل ذلك، ولكن الله -تعالى- سوف يذلّهم ويخذلهم ويخزيهم، وستكون أموالهم عليهم حسرةً وسيُغلبون، والله غالبٌ على أمره، ومُتِمُ نُورَهُ ولو كره الكافرون.

وقد قال الله -تعالى- بشأن أولئك المضللين: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال: 36).